الأربعاء، 3 أغسطس 2016

من شارع ابوشلبى .. متفرع من اول فيصل 8 قلب الجبل تتلألأ الانوار فى بطن الجبل وترسل أجراسها ابتهاجا بالليلة الكبيرة .. يحمل حسن الشريف أولاده وأهل حى السلطان فى السيارة النقل وينطلق الى الغرب فيوقفه القطار القادم من الجنوب . تتناثر المواقد الخافتة من خلف المشروع فتلفت عينى الصغيرين عماد وحمدى ، ويزداد لمعان العيون الصافية مترقبة مرور القطار راصدة جيش الناموس المتعامد مع ضوء السيارة . يدندن جرس المزلقان فى أذن الصغير عماد وينصرف حمدى يعد طابور السيارات الطويل من خلفه .. يصرخ الوابور : توت توت .. يسمع الصغير صوته من البعيد فتتجه العيون الاربع توقد الضوء الاحمر وتطفئه ليوقد وينطفىء . يقترب القطار من السيارة فترقص الارض من تحتها ويحيى الاشباح السمر الذين يعتلون ظهر الوابور ركاب صف السيارات الطويل المنتظر مرورهم . ينفتح المزلقان ويتحرك الشريف لتهتز السيارة فوق شريط السكة الحديديه فيضحك الصغيران .. تجاوز السيارة مستودع الجاز فتعكس البراميل الحديدية الضخمة ضوء القمر الفضى على وجه الصغير الجميل فيغمض عينيه ويداعب الهواء ذهبى شعره فيعتدل فى جلسته ، يفتح عينيه لتضىء ظلام الصغير . تميل اشجار الجانبين تحيى الصغيرين بفروعها الخضراء فتزعجهم انوار السيارات العائدة من قلب الجبل الى حى السلطان لتنقل اولاد الحاج احمد الزمزمى يوفون نذورهم ويشهدون دورة الثوب .. تقترب السيارة من نقطة مرور الغرب فترتفع شعلة المصباح الذى يجلس خلفه رجل النقطة لتضىء وجهه فيأذن بالمرور .. يشير الصغير الى قرية الشيخ ليخبر اخاه بمكان سكن جده وجدته الذى ورثته خالته واولادها ، وحين يلتفت تلتفت عينا ابيهما الى القرية ينطلق ثعلب كبير قاصدا النور فتصدمه السييارة ، وتتوقف الرحلة .. يخرج حسن الشريف مطواته من الجيب الطويل ويبدأ فى فصل الجلد عن الجسد بعد أن يقطع الرأس ..يسأل حسن عن ملح طعام لدى اى من الركاب فلايجد .. يجرى الصغيران الى بيت خالتهما ، ويحضران الملح .. يملأ الوالد كيس الجلد بالملح ويلفه بقش الارز الذى يعلو ارضية السيارة ويهبط الى ماء المشروع ليغسل يديه ويواصل الرحله . تنام عيون الصغار ليجاوز والدهم قرية الدواينيه والزرايبيه حتى يستقر أسفل الجبل العالى .. تنفتح الابواب الجانبية .. ينزل اهل حى السلطان فيستيقظ الصغيران .. يمسحان عيونهم .. يحمل كل بيت ماجاء به من نذور ، ويصعدون الى قلب الدير فيمسك الصغيران بيدى ابيهما .. يمرحان .. يسبقانه ويعودان الى صدره جريا فيرفعهما بكلتا يديه الى اعلى .. يضحكان .. ينزلهما .. يجلس على مقهى فرغلى الهوّ فى مقدمة قلب الجبل . ينظر الصغيران الى اسفل فتدور رؤوسهم ويهرولان الى ابيهما خائفين .. يعلو صوت طائرة قريبة فينطلق صوت فرغلى الهو مرددا ك شهدنالك ياست ياساكنه بطن الجبل .. يردد الصغيران : ياعزيز ياعزيز ضربه توقع الانجليز . يلمع البرق فى كبد السماء فيرتعش الاولاد ويحتمى الزوار بثنيات الجبل .. يزداد البرق لمعانا .. ترسل السماء مائها .. يصطحب حسن الشريف ولديه الى الداخل .. يزداد تدفق ماء السماء فتزغرد نساء القرى بعد سنوات الجفاف الطويلة اسفل الجبل .. تنطفىء المواقد الزيتية فى العشش ويرتعد زوار الست . يصنع السيل أودية فى الاسفل وفى قلب الجبل فيحمل الرجل ولديه على كتفيه ويسير ليلحلق بالاحجار الجافة .. يجلسهما الى جواره حتى يقترب آذان الفجر . تحمل اودية السيل طبقة سميكة من مستودع الجاز الى سرداب القرية فينطفىء لمعان البراميل الحديدية ويختفى القمر .. تعانق نيران القرية الخافتة وجه الماء فتنير السماء ويفر الشياب ليشتعل اجساد النساء والشيوخ وخزين السنين الجرداء ، وتنقطع الطرق المؤدية الى البندر بعد ذوبان اسفلت الطريق فى بحر السيل . يرتدى الصمت المكان .. يسمع حمدى الصغير انفاس اخيه الاصغر تعلو فينام الى جواره حتى صلاة الظهر .. ينقطع تدفق الماء من اعلى فيحمل كل زائر ماتبقى وينزل مشمرا عن ساقيه ، ويعود الشريف بصغيريه الى السيارة . ينزح اهل حى السلطان دموع السيارة ، ويدير الشريف محركها حتى يسخن فى صلاة العصر .. يجفف كل راكب دمعه ، وتعود السيارة مخلفة الرماد تحت الجبل لتخفت الانوار وتدق الاجراس ترسل صلواتها الى السماء تطلب الرحمة لابناء القرى الحزينة اسفل قلب الجبل . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه

من شارع ابوشلبى .. متفرع من اول فيصل

8
قلب الجبل

تتلألأ الانوار فى بطن الجبل وترسل أجراسها ابتهاجا بالليلة الكبيرة .. يحمل حسن الشريف أولاده وأهل حى السلطان فى السيارة النقل وينطلق الى الغرب فيوقفه القطار القادم من الجنوب .
تتناثر المواقد الخافتة من خلف المشروع فتلفت عينى الصغيرين عماد وحمدى ، ويزداد لمعان العيون الصافية مترقبة مرور القطار راصدة جيش الناموس المتعامد مع ضوء السيارة .
يدندن جرس المزلقان فى أذن الصغير عماد وينصرف حمدى يعد طابور السيارات الطويل من خلفه .. يصرخ الوابور : توت توت .. يسمع الصغير صوته من البعيد فتتجه العيون الاربع توقد الضوء الاحمر وتطفئه ليوقد وينطفىء .
يقترب القطار من السيارة فترقص الارض من تحتها ويحيى الاشباح السمر الذين يعتلون ظهر الوابور ركاب صف السيارات الطويل المنتظر مرورهم .
ينفتح المزلقان ويتحرك الشريف لتهتز السيارة فوق شريط السكة الحديديه فيضحك الصغيران .. تجاوز السيارة مستودع الجاز فتعكس البراميل الحديدية الضخمة ضوء القمر الفضى على وجه الصغير الجميل فيغمض عينيه ويداعب الهواء ذهبى شعره فيعتدل فى جلسته ، يفتح عينيه لتضىء ظلام الصغير .
تميل اشجار الجانبين تحيى الصغيرين بفروعها الخضراء فتزعجهم انوار السيارات العائدة من قلب الجبل الى حى السلطان لتنقل اولاد الحاج احمد الزمزمى يوفون نذورهم ويشهدون دورة الثوب .. تقترب السيارة من نقطة مرور الغرب فترتفع شعلة المصباح الذى يجلس خلفه رجل النقطة لتضىء وجهه فيأذن بالمرور .. يشير الصغير الى قرية الشيخ ليخبر اخاه بمكان سكن جده وجدته  الذى ورثته خالته واولادها ، وحين يلتفت تلتفت عينا ابيهما الى القرية ينطلق ثعلب كبير قاصدا النور فتصدمه السييارة ، وتتوقف الرحلة .. يخرج حسن الشريف مطواته من الجيب الطويل ويبدأ فى فصل الجلد عن الجسد بعد أن يقطع الرأس ..يسأل حسن عن ملح طعام لدى اى من الركاب فلايجد .. يجرى الصغيران الى بيت خالتهما ، ويحضران الملح  .. يملأ الوالد كيس الجلد بالملح ويلفه بقش الارز الذى يعلو ارضية السيارة ويهبط الى ماء المشروع ليغسل يديه ويواصل الرحله .
تنام عيون الصغار ليجاوز والدهم قرية الدواينيه والزرايبيه حتى يستقر أسفل الجبل العالى  .. تنفتح الابواب الجانبية .. ينزل اهل حى السلطان فيستيقظ الصغيران  .. يمسحان عيونهم .. يحمل كل بيت ماجاء به من نذور ، ويصعدون الى قلب الدير فيمسك الصغيران بيدى ابيهما .. يمرحان .. يسبقانه ويعودان الى صدره جريا فيرفعهما بكلتا يديه الى اعلى .. يضحكان .. ينزلهما .. يجلس على مقهى فرغلى الهوّ فى مقدمة قلب الجبل .
ينظر الصغيران الى اسفل فتدور رؤوسهم ويهرولان الى ابيهما خائفين .. يعلو صوت طائرة قريبة فينطلق صوت فرغلى الهو مرددا ك شهدنالك ياست ياساكنه بطن الجبل .. يردد الصغيران : ياعزيز ياعزيز ضربه توقع الانجليز .
يلمع البرق فى كبد السماء فيرتعش الاولاد ويحتمى الزوار بثنيات الجبل .. يزداد البرق لمعانا .. ترسل السماء مائها .. يصطحب حسن الشريف ولديه الى الداخل .. يزداد تدفق ماء السماء فتزغرد نساء القرى بعد سنوات الجفاف الطويلة اسفل الجبل .. تنطفىء المواقد الزيتية فى العشش ويرتعد زوار الست .
يصنع السيل أودية فى الاسفل وفى قلب الجبل فيحمل الرجل ولديه على كتفيه ويسير ليلحلق بالاحجار الجافة .. يجلسهما الى جواره حتى يقترب آذان الفجر .
تحمل اودية السيل طبقة سميكة من مستودع الجاز الى سرداب القرية فينطفىء لمعان البراميل الحديدية ويختفى القمر .. تعانق نيران القرية الخافتة وجه الماء فتنير السماء ويفر الشياب ليشتعل اجساد النساء والشيوخ وخزين السنين الجرداء ، وتنقطع الطرق المؤدية الى البندر بعد ذوبان اسفلت الطريق فى بحر السيل .
يرتدى الصمت المكان .. يسمع حمدى الصغير انفاس اخيه الاصغر تعلو فينام الى جواره حتى صلاة الظهر .. ينقطع تدفق الماء من اعلى فيحمل كل زائر ماتبقى وينزل مشمرا عن ساقيه ، ويعود الشريف بصغيريه الى السيارة .
ينزح اهل حى السلطان دموع السيارة ، ويدير الشريف محركها حتى يسخن فى صلاة العصر .. يجفف كل راكب دمعه ، وتعود السيارة مخلفة الرماد تحت الجبل لتخفت الانوار وتدق الاجراس ترسل صلواتها الى السماء تطلب الرحمة لابناء القرى الحزينة اسفل قلب الجبل .

 قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق