من شارع ابوشلبى .. متفرع من اول فيصل
1بولاق الدكرور
18
المحصل
تتداخل الالف ورقة .. تصنع مروحة بين أصابع عبد المولى محمد
صبح .. يمسح عينيه .. يقف أمام الناظر الجالس داخل كشك أم الايتام .. يأخذ ميعاده
وأول رقم لتذكرة يقطعها فى حياته .
تحول عبده الى محصل وسائق فى المينى باص رقم أربعة آلاف .. خط
سير أم الايتام حتى بحر المر والعكس ..
يطبق عبده المانفيستو .. يضعه فى جيبه .. يتجه الى سيارته .. يصعد السلم .. يمسك
بيمناه دفتر التذاكر .. يقطع باليسرى .
يحار عبده بين النظر الى الدفتر ويد ناعمة تحمل دينارا .. وجه
حدده ايشارب أزرق قاتم .. تنظر من خلف زجاج نظارتها الملون بالاسود المكسو بفصوص
ألماظ كاذبة .. يقطع عبد المولى ورقتها بيد مرتعشة .. يتناول الدينار .. الثانى ..
الثالث .. الرابع .. يستوقفه شبه بين محمد
ابنه الذى التحق بالجامعة المجانية وشاب يبحث فى تعسر عن الخمسة والعشرين درهما ..
يتركه عبد المولى ليعود اليه بعد حين .. ينهى ثلاثة صفوف .. تتسع حدقتا عينيه ..
يضم الصف السابع شبيهة ابنته امينه .. تمد يدها بيد مرتعشة .. سيطبق عبده الوردية
الثانية .. ستة عشر ساعة ليست بالكثير على امينه ومحمد وزوجته .. يفرغ عبد المولى
من الصف الاخير .. يرتب المحصول ، ويضعه بين أصابع يده اليسرى مع التذاكر .. ينادى
على من لم يقطع التذاكر حتى لايتعرض لمفتش غاوى أذية .. يبادره الشاب شبيه ابنه
مادا اليه الخمس قطع كل مايملك .. يعطيه عبده الورقة ، ويتجه الى عجلة القيادة ..
يغلق الباب .. يرفع لوحة كامل العدد ، ويضع المحصول والتذاكر فى الصندوق المخصص ..
يدير المحرك .. ينطلق بسيارته .. يرفع يده بالتحية للست أم الايتام .. يقرأ
الفاتحة فى سره .. يجاوزها الى المدرسة المجاورة التى تحول دون رؤية أم محمد
وأمينه ليردا التحية من النافذة الخلفية المطلة على الشارع الضيق .
ينظر عبده فى المرآة التى أمامه .. تنظر الى هيكله العظمى من
اسفل نظارتها السوداء .. يتنسم عبيرها .. يوزع النظر بين الطريق وبينها .. تعمل فى
البناية المستديرة بطول طريق بحر المر .. أصبح السير فيه أهون مما مضى .. يعاود النظر الى المرآة .. يتصبب العرق من
المجاورة لفتاة النظارة المكسوة بالالماظ الكاذب .. تأخرت عن التوقيع بالمبنى
المجاور للمستدير .. صور وورق جرائد ، وكله معرفه ..يعرج عبد المولى على السوق
الصغير .. تستعطفه المرأة علّهل تلحق لقمة عيش من بيعة جرجير أو فجل من السوق
الكبير.. يفتح عبده الباب .. غير مسموح بالوقوف بين الصفوف .. تستجديه .. يلين قلب
عبد المولى .. يأمرها بالركوب من أعلى عجلة القيادة .
يأتى الاصلع مسويا بعض الشعيرات برأسه .. يغلظ من صوته مخاطبا
عبد المولى بعد ركوبه كى يتمكن من اعطاء اشارة البدء .. يشعر عبد المولى بأهميته
.. يجلسه الى جواره .. يبدأ فى الحوار : أحلم بالعمل معكم فى المستدير اللحم .
- كله ميرى ولم يتبق حتى التراب .. اذا كنت مصرا فابحث عن اخت
لك جميلة تعمل فى المستدير ستكون طريقك اليه .
- ليست لدى أخت .
- ثلاثون عاما .. رايح .. جاى .. انقطع نفسى .
يقطر الصوت مرارة .. يواسيه عبده .
- يأتى نصف العاملين بالمستدير ليعملوا على حمل الشيكات الى
النصف الثانى فى منازلهم .. اختفت من المستدير كشوف التوقيع .
يتسمع المطعبجى .. يحلم بالراحة وشيك يصل اللى منزله مع أول كل
شهر .. خمسة وثلاثون عاما .. عثر اخيرا على عمل ليلى سيمكنه من تأجير غرفة وصالة
وعفشة ميه ليتمم الزواج .
يصل عبد الملى الى ميدان الاستقلال .. ينطلقالحمار وسط الشارع
.. يحاول عبد المولى تفاديه .. يرتطم بالرصيف .. يدخل فى شجرة المنتصف .. تمتطيهم
سيارة نقل كاسحة .. تسوى المينى باص بالارض .. ينجو الحمار .. يجرى العربجى الصغير
وراءه ..يمسك به .. ينظران الى الخلف .. تتسع بركة الدماء .. يتقدما عبد المولى
محمد صبح ملتصقا بالارض يحتضنها ، ومازالت يسراه تقبض على محصول الدور الاول له
كمحصل .
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش
المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق