الأربعاء، 3 أغسطس 2016

من شارع ابوشلبى .. متفرع من اول فيصل 10 كتائب الغزو يخفت اشتعال المواقد الزيتية وسط ظلام الليل وتستقر الدوامات الساكنة فى البحر الغاضب تنبىء بقدوم يوم جميل . يجهز المقاتلون عدد القتال على ضوء النار فما تزال القوات الغازية تعسكر جنوبا بعيدا عن حزام العاصمة الامنى . تم ازالة المخيمات وأقامت القوات مساكنها الحجرية فأسكن المقاتلون أسرهم لتحتضن الغرفة الواحدة عشرة أولاد ورجل وامرأة . يضيق عرض الشوارع فيتسع لرجل وامرأة وطفل رضبع ، وتستطيل بطول السماء البعيدة . تأتى ساعة الصفر قبيل فجر كل يوم فيهيىء المقاتلون عرباتهم ويعلق كل منهم حماره فيعطى القائد اشارة الهجوم لتتحرك الكتائب شمالا وجنوبا تخترق الحزام الامنى بدزن مقاومة تتعثر عربة يقودها صغير تعينه أمه بعد وفاة زوجها متأثرا بجراحه فى المعركة القديمة . تخترق الكتائب كل منازل الاحياء القديمة والجديدة من السلالم الخلفية ، وتسطو على الصناديق المقامة أمام أبواب المطابخ تفرغها فى العربات . تقرأ عيشه أم عوض الفاتحة للمقام الطاهر ، وتدخل الشارع المجاور للقسم فلاتبدى قواته أى مقاومة ويستسلم الكل للنوم فتقف العربة أمام المنزل بجوار الفرن . تصعد عيشه السلم وتنقل غنيمتها الى أسفل فينزل عوض من المنزل المواجه يميل بسنواته السبع الى الامام يحمل خلفه قفة الزبالة بطوله تلامس الارض فيصل وأمه الى العربة يفرغان الحمولة . يتعثر الحمار المدرون يسعل وتسوى الام الزبالة الناعمة فتجلس صغيرتاها نفيسه وزنربه على المؤخرة تتخيران الاطيب من امامهما تأكلانه فتنعشهم رائحة العفن ، ومن الثابت تاريخيا أن عطية الله والدهم سقط على أثر نفس عميق شدّه من وسط الغنيمة التى تعلو عربته وكان الجرح غائرا . يشم الصغار رائحة الصبح فتقفل العربات عائدة الى قواعدها محملة بالغنائم ، وتظل العاصمة نائمة الى طلوع الشمس بعد أن خلصوها من شارات الموت لتكوّم فى مقلب الطيب . تسلم عيشه العربة الغنيمة للمتعهد وينام أولادها لتبدأ نساء واطفال المقلب فى فصل القمامة وتصنيفها مع زحف الشمس على الكون . يأتى التجار يشترون التالف ويصلحونه ليعيدوا بيعه فى الاسواق القديمة بالرخيص فيغنمون . يشترى القادمون من العزب البعيدة والقريبة شرائط الاقراص بقايا المستشفيات ويطحنونها لشم الصغار . يستيقظ عوض قبيل العصر بعد ثلاث سنوات من عمله مع امه .. يصطحبه جابر محمد احمد ابن عم ابيه الى البرنس الكبير فينتزعه المعلم من ارض الطيب الى العزبة القبلية يعمل صيا فى مقهاه يبيع المزاج من الخامسة يوميا وحتى اغلاق المقهى فى ساعات الليل الاخيرة . يأخذ عوض نسبته فى التسويق وجمع البقايا من المقلب ليعود ممتلئا بالشم الى ارض الطيب ، وتصادفه الخيالات تزور المقابر فيتململ الصغير من السير فى ظلام المقابر والمقلب تجهز عيشه عشاءه ليأكل وينام ، وتأخذ الام فى ايقاظ نفيسة وزنوبة لتأخذ الطريق الى رحلتها اليومية . يسقط المقاتلون فى طريق عودة الكتائب ، ويصدّر عوض ولد عطية الله صغارهم الى البرنس فتتسع انوفهم وتتضخم ليمسى الصغار كبارا ، وتنهزم كتائب غزوهم الدائم على المدينة العتيقة ، وتظل تترنح مدرونة . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب العنوان / 11 ش عبده موسى مترع من ش المحطة

من شارع ابوشلبى .. متفرع من اول فيصل
10
كتائب الغزو

يخفت اشتعال المواقد الزيتية وسط ظلام الليل وتستقر الدوامات الساكنة فى البحر الغاضب تنبىء بقدوم يوم جميل .
يجهز المقاتلون عدد القتال على ضوء النار فما تزال القوات الغازية تعسكر جنوبا بعيدا عن حزام العاصمة الامنى .
تم ازالة المخيمات وأقامت القوات مساكنها الحجرية فأسكن المقاتلون أسرهم لتحتضن الغرفة الواحدة عشرة أولاد ورجل وامرأة .
يضيق عرض الشوارع فيتسع لرجل وامرأة وطفل رضبع ، وتستطيل بطول السماء البعيدة .
تأتى ساعة الصفر قبيل فجر كل يوم فيهيىء المقاتلون عرباتهم ويعلق كل منهم حماره فيعطى القائد اشارة الهجوم لتتحرك الكتائب شمالا وجنوبا تخترق الحزام الامنى بدزن مقاومة
تتعثر عربة يقودها صغير تعينه أمه بعد وفاة زوجها متأثرا بجراحه فى المعركة القديمة .
تخترق الكتائب كل منازل الاحياء القديمة والجديدة من السلالم الخلفية ، وتسطو على الصناديق المقامة أمام أبواب المطابخ تفرغها فى العربات .
تقرأ عيشه أم عوض الفاتحة للمقام الطاهر ، وتدخل الشارع المجاور للقسم فلاتبدى قواته أى مقاومة ويستسلم الكل للنوم فتقف العربة أمام المنزل بجوار الفرن .
تصعد عيشه السلم وتنقل غنيمتها الى أسفل فينزل عوض من المنزل المواجه يميل بسنواته السبع الى الامام يحمل خلفه قفة الزبالة بطوله تلامس الارض فيصل وأمه الى العربة يفرغان الحمولة .
يتعثر الحمار المدرون يسعل وتسوى الام الزبالة الناعمة فتجلس صغيرتاها نفيسه وزنربه على المؤخرة تتخيران الاطيب من امامهما تأكلانه فتنعشهم رائحة العفن ، ومن الثابت تاريخيا أن عطية الله والدهم سقط على أثر نفس عميق شدّه من وسط الغنيمة التى تعلو عربته وكان الجرح غائرا .
يشم الصغار رائحة الصبح فتقفل العربات عائدة الى قواعدها محملة بالغنائم ، وتظل العاصمة نائمة الى طلوع الشمس بعد أن خلصوها من شارات الموت لتكوّم فى مقلب الطيب .
تسلم عيشه العربة الغنيمة للمتعهد وينام أولادها لتبدأ نساء واطفال المقلب فى فصل القمامة وتصنيفها مع زحف الشمس على الكون .
يأتى التجار يشترون التالف ويصلحونه ليعيدوا بيعه فى الاسواق القديمة بالرخيص فيغنمون .
يشترى القادمون من العزب البعيدة والقريبة شرائط الاقراص بقايا المستشفيات ويطحنونها لشم الصغار .
يستيقظ عوض قبيل العصر بعد ثلاث سنوات من عمله مع امه  .. يصطحبه جابر محمد احمد ابن عم ابيه الى البرنس الكبير فينتزعه المعلم من ارض الطيب الى العزبة القبلية يعمل صيا فى مقهاه يبيع المزاج من الخامسة يوميا وحتى اغلاق المقهى فى ساعات الليل الاخيرة .
يأخذ عوض نسبته فى التسويق وجمع البقايا من المقلب ليعود ممتلئا بالشم الى ارض الطيب ، وتصادفه الخيالات تزور المقابر فيتململ الصغير من السير فى ظلام المقابر والمقلب
تجهز عيشه عشاءه ليأكل وينام ، وتأخذ الام فى ايقاظ نفيسة وزنوبة لتأخذ الطريق الى رحلتها اليومية .
يسقط المقاتلون فى طريق عودة الكتائب ، ويصدّر عوض ولد عطية الله صغارهم الى البرنس فتتسع انوفهم وتتضخم ليمسى الصغار كبارا ، وتنهزم كتائب غزوهم الدائم على المدينة العتيقة ، وتظل تترنح مدرونة .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
العنوان / 11 ش عبده موسى مترع من ش المحطة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق