الخميس، 4 أغسطس 2016

من شارع ابوشلبى .. متفرع من اول فيصل 1بولاق الدكرور 28 سمراء الميدان بلغت الشمس المنتصف .ز تدفق عرقه .. غطى قميصه .. صار وجهه عرف ديك .. أوشك الدم أن يقفز منه . لم تفلح محاولاته فى الافلات من هذا الجو . سار الى جوار العمارات مستظلا بلاظل .. كل شىء ظله أسفله ، واقتطعت كل اشجار الميدان .. لجأ الى محطة الترام .. الارض مشتعلة .ز اتجه ناحية مركبة ضخمة .. تشع اللهيب أيضا .. غادر المكان .. عبر شريط الترام .ز انتقل الى الجانب الآخر .. أغلقت كل المحلات .. يود اخماد بعض النيران المتأججة داخله .. فقد الامل .. عاوده مرة أخرى .. أسرع اليه .. الشارع خال من المارة .. تنطلق السيارات مذعورة لاجئة الى السراب .. عرقه يندفع .. أفرغ كل مناديل جيبه الورقية .. يكاد رأسه أن ينفجر .. يجرى .. يصل الى المحل الوحيد . سأل عن مياه غازية .. فتح الرجل الثلاجة .. وجدها خالية حتى من الماء .. عاد خائب المسعى .. جرجر أقدامه مستسلما .. أنهكت قواه .. وصل الى مظلة المحطة فى زمن طويل : ماألعنها أيام يونيه .. حرها قاتل .. ترقب قدوم الترام .. طالع واجهات المنازل .. النوافذ مغلقة .. من المستحيل أن يمكث فى غرفته .. أغرقتها شمس النهار بأشعتها النارية .. غادرها ، ولم تتركه . لعن يوم الاجازة .. مروحة الارشيف تخفف من حدة هذا الصيف .. يدير المفتاح .. لاتعمل .. يعاون ريشتها بيديه .. تعمل .. تقف .. يصلحها .. تعمل .. يعرق .. تقف .. يحاول معها ثلنية .. تتحرك الهوينى .. يقف أمامها .. تجفف عرقه .. يعاود عمله . يحسب ثوانى هذا اليوم .ز أماكن قضاء نهاية الاسبوع محدودة ومزدحمة .. يكره النظرات .. لايبقى على صداقات .. لم يبق لديه سوى ابن خاله فى الضاحية الملجأ الاخير .. لديه شقة بحرى .. يفتح الباب والنوافذ .. يتشكل تيارا .. يهدىء من غليان أجسادهم . طال انتظار الترام .. مرت النصف ساعة دهرا .. كاد أن يفقد عقله .. مازال منتظرا .. لاح فى البعد خياله .. دقق النظر .. قطّر العرق ملحه .. أوشكت عيناه أن تفارقه .. وقف الخيال .. انتظر .. طال انتظاره .. لن يعود من الضاحية هذا المساء .. يبمكث الجمعة ويعود فى صباح السبت الى عمله ..تنفس بعمق وارتياح .. نسى لحظات الحر القاتل .. يسير السائق السلحفاة .. حمد الله على الوصول ، وكلها دقائق ويقله الترام الى غايته . حملته قدماه مستنجدا بالقادم المتدلل .. يسير والترام ، وبعد جهد التقيا .ز أوقف الرجل محركاته .. صعد ظانا نجاته .. قابلته عاصفة هوجاء نارية ، والمقاعد خالية .. بعض كبار السن جلوس .. وقف فى الطريق بين المقاعد .. توقف الترام كثيرا ، والعرق ينز .. ينظر الى الجالسين بلارد فعل . سار الترام الهوينى .. سار العرق غزيرا .. علا صوت المحرك .. خلت الطريق أمامه .. ازدادت سرعة الترام .. جن جنونه .. انطلق .. تدفق العرق .. اشتعلت نيران القضبان المعتركة باطارات المركبة .. اتوبيس الوورد ريح برقية مقهقه التمثال .. أوشك أن يجاوز والترام مصر .. ظل يلهث والآخر يلاحقه . تمسك السيدة السلة على بعد أمتار تحاول العبور .ز لم يتمكن السائق من تهدئة السرعة .. جاوزته .ز قابلها الاتوبيس ، وفجأة أوقف كل مركبته بنواح لطم الاطارات الارض ، والمرأة بلازراع أسفل الاتوبيس . تحلق القليل فى ميدان الجيوش .. عقد الموقف ألسنتهم.. ينظرون .. يشيحون .. يتفرس وجهها .. اسمر مستدير .. شاهدها عن بعد .. غاص داخله .. نقب عن تماسك فى أعماقه .. استيقظ .. عبر . - السيدة حتموت .. اتصرفوا يااخوانا .. مافيش حد عنده رحمه . ماأسوأ اليوم .. لاوسيلة لانقاذ السيدة السمراء الجميلة وتبرق السيارات بجانبنا .. خلت قلوبها .. لم يرق أحد للمشهد .. اعترض المتحلقون طريق سيارة .. أوقفوها .. ألزموا السائق النزول .. يرتجف الرجل .. يصيح فى وجوههم : حرام عليكم .. عندى أولاد .. دى مسؤوليه .. سأكون المتهم الوحيد الذى أمامهم . - سنكون كلنا شهود نفى . ماطلهم وماطلوه .. تمكن الحشد من شحن السمراء الى المستشفى وبعض الشهود .. دقت الواحدة .. دخلت حجرة العمليات .. بحث الاطباء عن فصيلة دمها القليلة النادرة .. هو من نفس الفصيلة .. اتجه الى غرفة العمليات .. دخل .. مرّ الوقت ثقيلا .. ينظر الى الخرطوم .ينساب الدم من خلاله قطرة قطرة .. أخذ فى النوم فنام .. فى الثامنة بتر زراع آخر .. فى العاشرة سرى ماء الحياة ..حركت السمراء عيونها .. فقدت وعيها ، والسائق فى ورطة ، والشهود فى انتظار التحقيق . زحف الوقت ثقيلا .. ثقيلا .. جاء التحقيق : - مااسمك ؟ - لاادرى . محل اقامتك ؟ أقاربك ؟ - لااعرف .. لااعلم . استجوب الرجل الشهود .ز علم المذنب .. باتت السيدة السمراء تبحث عمن يوارى زراعيها . قام المنساب منه الدم متخبطا .. لم تعوضه السوائل المفقود .ز سار يمينا وشمالا .. اتجه الى الضاحية ليقضى ليله عند ابن خاله بجوار المصحة . mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه

من شارع ابوشلبى .. متفرع من اول فيصل
1بولاق الدكرور

28
سمراء الميدان

بلغت الشمس المنتصف .ز تدفق عرقه .. غطى قميصه .. صار وجهه عرف ديك .. أوشك الدم أن يقفز منه . لم تفلح محاولاته فى الافلات من هذا الجو .
سار الى جوار العمارات مستظلا بلاظل .. كل شىء ظله أسفله ، واقتطعت كل اشجار الميدان .. لجأ الى محطة الترام .. الارض مشتعلة .ز اتجه ناحية مركبة ضخمة .. تشع اللهيب أيضا .. غادر المكان .. عبر شريط الترام .ز انتقل الى الجانب الآخر .. أغلقت كل المحلات .. يود اخماد بعض النيران المتأججة داخله ..  فقد الامل .. عاوده مرة أخرى .. أسرع اليه .. الشارع خال من المارة .. تنطلق السيارات مذعورة لاجئة الى السراب .. عرقه يندفع .. أفرغ كل مناديل جيبه الورقية .. يكاد رأسه أن ينفجر .. يجرى .. يصل الى المحل الوحيد .
سأل عن مياه غازية .. فتح الرجل الثلاجة .. وجدها خالية حتى من الماء .. عاد خائب المسعى .. جرجر أقدامه مستسلما .. أنهكت قواه .. وصل الى مظلة المحطة فى زمن طويل : ماألعنها أيام يونيه .. حرها قاتل .. ترقب قدوم الترام .. طالع واجهات المنازل .. النوافذ مغلقة .. من المستحيل أن يمكث فى غرفته .. أغرقتها شمس النهار بأشعتها النارية .. غادرها ، ولم تتركه .
لعن يوم الاجازة .. مروحة الارشيف تخفف من حدة هذا الصيف .. يدير المفتاح .. لاتعمل .. يعاون ريشتها بيديه .. تعمل .. تقف .. يصلحها .. تعمل .. يعرق .. تقف .. يحاول معها ثلنية .. تتحرك الهوينى .. يقف أمامها .. تجفف عرقه .. يعاود عمله .
يحسب ثوانى هذا اليوم .ز أماكن قضاء نهاية الاسبوع محدودة ومزدحمة .. يكره النظرات .. لايبقى على صداقات .. لم يبق لديه سوى ابن خاله فى الضاحية الملجأ الاخير .. لديه شقة بحرى .. يفتح الباب والنوافذ .. يتشكل تيارا .. يهدىء من غليان أجسادهم .
طال انتظار الترام .. مرت النصف ساعة دهرا .. كاد أن يفقد عقله .. مازال منتظرا .. لاح فى البعد خياله .. دقق النظر .. قطّر العرق ملحه .. أوشكت عيناه أن تفارقه .. وقف الخيال .. انتظر .. طال انتظاره .. لن يعود من الضاحية هذا المساء .. يبمكث الجمعة ويعود فى صباح السبت الى عمله ..تنفس بعمق وارتياح .. نسى لحظات الحر القاتل .. يسير السائق السلحفاة .. حمد الله على الوصول ، وكلها دقائق ويقله الترام الى غايته .
حملته قدماه مستنجدا بالقادم المتدلل .. يسير والترام ، وبعد جهد التقيا .ز أوقف الرجل محركاته .. صعد ظانا نجاته .. قابلته عاصفة هوجاء نارية ، والمقاعد خالية .. بعض      كبار السن جلوس .. وقف فى الطريق بين المقاعد .. توقف الترام كثيرا ، والعرق ينز .. ينظر الى الجالسين بلارد فعل .
سار الترام الهوينى .. سار العرق غزيرا .. علا صوت المحرك .. خلت الطريق أمامه .. ازدادت سرعة الترام .. جن جنونه .. انطلق .. تدفق العرق .. اشتعلت نيران القضبان المعتركة باطارات المركبة .. اتوبيس الوورد ريح برقية مقهقه التمثال .. أوشك أن يجاوز والترام مصر .. ظل يلهث والآخر يلاحقه .
تمسك السيدة السلة على بعد أمتار تحاول العبور .ز لم يتمكن السائق من تهدئة السرعة .. جاوزته .ز قابلها الاتوبيس ، وفجأة أوقف كل مركبته بنواح لطم الاطارات الارض ، والمرأة بلازراع أسفل الاتوبيس .
تحلق القليل فى ميدان الجيوش .. عقد الموقف ألسنتهم.. ينظرون .. يشيحون .. يتفرس وجهها .. اسمر مستدير .. شاهدها عن بعد .. غاص داخله .. نقب عن تماسك فى أعماقه .. استيقظ .. عبر .
- السيدة حتموت .. اتصرفوا يااخوانا .. مافيش حد عنده رحمه .
ماأسوأ اليوم .. لاوسيلة لانقاذ السيدة السمراء الجميلة وتبرق السيارات بجانبنا .. خلت قلوبها .. لم يرق أحد للمشهد .. اعترض المتحلقون طريق سيارة .. أوقفوها .. ألزموا السائق النزول .. يرتجف الرجل .. يصيح فى وجوههم : حرام عليكم .. عندى أولاد .. دى مسؤوليه .. سأكون المتهم الوحيد الذى أمامهم .
- سنكون كلنا شهود نفى .
ماطلهم وماطلوه .. تمكن الحشد من شحن السمراء الى المستشفى وبعض الشهود .. دقت الواحدة .. دخلت حجرة العمليات .. بحث الاطباء عن فصيلة دمها القليلة النادرة .. هو من نفس الفصيلة .. اتجه الى غرفة العمليات .. دخل .. مرّ الوقت ثقيلا .. ينظر الى الخرطوم .ينساب الدم من خلاله قطرة قطرة .. أخذ فى النوم فنام .. فى الثامنة بتر زراع آخر .. فى العاشرة سرى ماء الحياة ..حركت السمراء عيونها .. فقدت وعيها ، والسائق فى ورطة ، والشهود فى انتظار التحقيق .
زحف الوقت ثقيلا .. ثقيلا .. جاء التحقيق :
- مااسمك ؟
- لاادرى .
محل اقامتك ؟ أقاربك ؟
- لااعرف .. لااعلم .
استجوب الرجل الشهود .ز علم المذنب .. باتت السيدة السمراء تبحث عمن يوارى زراعيها .
قام المنساب منه الدم متخبطا .. لم تعوضه السوائل المفقود .ز سار يمينا وشمالا .. اتجه الى الضاحية ليقضى ليله عند ابن خاله بجوار المصحة .


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق