173
جاز الراس
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
جاز الراس
تمتص حشرات القمل دماء الرأس فيفرغها من الوظائف .. تحار سعيده العثمانلى من الحالة التى آلت اليها ابنتها روحيه من هرش دائم لفروة الرأس ودوار يعقبه سقوط فتبدأ الام رحلة لطم الخدود حتى تنتبه الصغيرة الى ماتفعله الام فتأخذ فى الافاقة ثانية .
تستيقظ الجدة سرايا اللودى من اغفاءاتها الدائمة ، وتعود الى موروثها القديم .. تتذكر ماكانت تفعله امها معها ، وماتفعله هى مع ابنتها اذا ماهاجم القمل فروة الرأس .
تأمر الجدة باحضار لتر من الجاز من اعلى البرميل خلف الخيمة لتقل شوائبه ، وتبدأ فى تدليك فروة الرأس ، وهى تقول :الجاز يقتل القمل ويطيل الشعر ويزيد من سواده ، يصبح ليل العاشق اذا ماوقعت عيناه على بنت البنوت فتبدأ حياتها ، مظللة بشعرها الطويل على الزوج القادم من بطن الغيب. . .
تحفظ روحيه فى الذاكرة ماتلقنه الجدة كما حفظت الام من قبل .. تنام الصغيرة نوما عميقا بعد دغدغة اصابع الجدة لفروة الرأس ، وهى توصى وتغنى وتعدد لتتداخل الصور الكلامية داخل عقل الصغيرة التى تروح فى سبات عميق ، تنسج احلاما خالية من الآم هرش الدماغ .. يأتى اليها موسى ولد نوح الرخيخ متسللا بين النخيل المتجاور بقدر زراع .. يطيل النظر الى صفاء بشرتها العارية من ثيابها تستحم فى ماء العين بجوار الزاوية امام خيمتهم .. يتشمم رائحة العرق المخلوط ببخور الجدة فى ملابسها على الصخرة المجاورة للعين .. يطير لبه .. يهتز جسده .. ينقض على النحيلة شديدة البياض بنت سعيده العثمانلى فتملأ الدنيا صراخا لتوقظ الام والجده اللتين كانتا توقظانها من احلامها .
تحكى روحيه ماكان من ولد نوح الرخيخ فتقول الجدة : موسى راجل مثل ابيه يعينه فى زراعة وحصاد تمور النخيل الورث ، وانت اقتربت من الاثنتى عشر سنه ، وعنده الان ستة عشر فياريت يكون من نصيبك. .
تعود روحيه الى الهرش الدائم لفروة رأسها ، ويزداد سقوطها فتحار الجدة والام وتسرع سعيده الى خميس جنيده مزين الغجر ليهبها بعض الوصفات المشهور بها فى علاجه للكثير من حالات مرضى الغجر .
يدخل خميس جنيده الخيمة فيأخذ بيد الصغيرة يعينها على النهوض وتلمح عيناه بقعة من الدماء أسفلها فيوصى بالمزيد من الطعام والزغاريد لدخول الصغيرة عالم النساء.
تملأ سعيده العثمانلى سماء تل غجر منينه بالزغاريد ، تزف فرحتها بابنتها الى شباب الغجر ، وتتوقف عن التدليك بغاز الرأس.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
==============================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق