الأحد، 23 أكتوبر 2022

 155

طواحين الهواء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


طواحين الهواء

تلف أحجار الطواحين المستديرة المتحركة فوق الثابتة وتدور لتحوّل حبوب الشعير  والقمح الذهبية اللون الى الأبيض الذى تلفظه فتحات المنتصف فى مقاطف نساء الغجر .. يواصل الهواء ادارة المراوح الضخمة التى تدير السيور الممسكة بأيدى الأحجار الضخمة المتحركة فوق الثابتة فيتم الطحن 

يملأ العمال القواديس بحبوب القمح والذرة الشامى والعويجة والشعير من أعلى الفوهات الصاج الواسعة التى تضيق كلما نزلت العينان الى أسفل حتى يقل المتسرب من الحبوب فتتمكن الأحجار من طحنه ، وتغادر الغجريات  الى الخيام  لتعجن الدقيق وتأتى غيرهن بالحبوب الجديدة كى تأخذ دورها فى المطاحن السبعة 

تتوقف المروحة الأولى التى تدير أكبر المطاحن السبعة فى البر الشرقى بالصحراء الكبرى  ، ولايتمكن الهواء مع قوة اندفاعه فى موسم الخماسين أن يدير المروحة القديمة .. صعد عمال صيانة الى المروحة وأفرغوا عشرة من صفائح الزيت فى جوف المروحة لتكتسب التروس سيولة فى الدوران لنقل الحركة الى الأسفل .. نزل العمال وظلوا ينظرون الى أعلى حيث المروحة العنيدة التى أصرت على عدم الحركة للوهن والتعب الذى أصابها من اللف والدوران عشرات السنين .. لم تقو المروحة على الحركة فقد تمكن الصدأ من احداث جرح غائر فى العمود الذى تلف حوله المروحة 

أغلقت الطاحونة الأولى أبوابها فى وجه الغجريات  اللاتى انصرفن الى الطواحين الستة المتبقية غير أن المروحة الثانية فقدت ثلاثة من ريشها الطويلة ، ولم يتبق سوى اثنتين عجزتا عن تدوير أحجار الطاحونة الثانية لتلحق بأختها الأولى .. عزّ على اربعة أخريات أن يتركن الأثنتين وحيدتين فانضممن اليهن واغلقت أبوابهن 

قرر صاحب الطواحين أن يحمّل خسارته فى توقف الستة طواحين على أجر طحن الحبوب للغجريات القادمات من كل الأنحاء واللاتى فوجئن بالأجر الجديد فضربن على صدورهن وشهقن مما أدى الى شفط كل الهواء المحيط بالمروحة السابعة التى توقفت ليتوقف معها قلب صاحبها القادم من بلاد الشمال البعيد .

 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق