الجمعة، 7 أكتوبر 2022

 الغجر عوالم

124

رمال القطران


من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


رمال القطران


تتلون بقعة من بقاع جنوب الصحراء الصغرى بالقطران فلاتعيرها الجده هنيه اى اهتمام .. تجلس امام موقدها خلف خيمتها بالرحبة وحولها صغار الحى فى انتظار طاجن ثريد لكل صغير تركته امه منطلقة الى الحضر المجاور بحثا عن الرزق ، كما تركت زوجها نائما فى خيمته سنة اولاد الغجر  واذا مااستيقظوا اشعلوا نيران شرب الدخان المغموس فى العسل الاسود ليعودوا الى النوم ثانية حتى عودة  زوجاتهم من الحضر .

تبرع الجده هنيه فى اصطياد حيوان برى كل يوم يسقط فى واحد من شباكه التى تنصبها مغطاة بحنكة خمسة وسبعين عام بالرمال والعشب .

يسقط عادة فى شباك الجدة ارنب برى ، ثعلب ، ذئب ، فئران صحارى أوحتى نمر فتسرع الجدة الى ذبحه وسلخه وتسويته يساعدها فى عملها اليومى كل صغار الحى ليتناولوا وجبتهم الرئيسية قبل نومهم وعودة امهاتهم .

ينصرف بعض الصغار الى اللعب بعيدا عن نيران موقد الجدة حتى تفرغ من تسوية لحم صيد اليوم فتنزلق اقدامهم فى قلب رمال القطران تحمل رائحة وقود كلوبات الخيام فتطفوا على جلابيبهم .. يوشك الصغار على الاختناق .. تسرع الجدة متوكئة على عصاها .. تصب الماء على رؤوس الصغارقبل ان يلفظوا انفاسهم الاخيرة ، وتعيدهم الى الجلوس حولها بعد ان تنهرهم عن الاقتراب من حافة بقعة رمال القطران والتى قد تبتلعهم  لشدة لزوجتها .

 تزيد الجدة هنيه من اشعال نيران موقدها فيمسك عوف ولد سندس ومهران الرخ عودا من الحطب المشتعل ويلعب مع عباد ولد زين وبهجيه الذى بشهر فى وجهه  بدوره عودا آخر مشتعلا ، ويقتربان اكثر فاكثر من دائرة بقعة رمال القطران ، وحين يسقط من يده عود الحطب المشتعل تضطرم النيران فى بقعة رمال القطران لتمتد ألسنتها تحرق الخيام وتشوى الرجال النائمين داخلها .

تتثاقل اقدام الجده هنية .. تنغرس فى الرمال .. يقتلعها الصغار بعيدا عن النيران التى تأكل كل مايقابلها .. يهرولون حتى منحدر الصحراء عند عين الماء الوحيدة بالمنطقة وقد أتت النيران على وجبتهم الرئيسية التى استغرقت عمل يوم كامل للجدة مع الصغار .

تعود نساء الغجر  من رحلتهن اليومية الى الحضر.. تلملمن ماتبقى من خيامهن والرجال المشوية جلودهم .. الصغار والجده هنيه .. يحملن ماتبقى على ظهور الابل .. يبحثن عن حى جديد مخافة ان يبتلعهم القطران المتدفق بغزارة من البقعة الآخذة فى الاتساع كل لحظة حتى صبغ مساحات كبيرة من الصحراء الصغرى فاختفى حى رحيل الغنمى الغجرى  لتسمى المنطقة بعد بواحة رمال القطران.


   قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com


==============================================================


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق