170
سبيرتو
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
سبيرتو
تمتلىء براميل عبده هدايتى الخشبية عن آخرها بالسبيرتو فيحذر عماله من اشعال اى نار حتى ولو ضئيله.
يشعل العمال النيران خارج المخزن ليحتسوا أكواب الشاى وينفخون دخان القص الساخن المعسل بعد تناولهم الغذاء ظهيرة كل يوم ويعودا الى تفريغ السبيرتو لبائعى القطاعى لينتهى التوزيع مع آذان مغرب كل يوم .
يستقر جرار تموين السبيرتو امام المخزن حاملا تانكه الضخم عقب صلاة المغرب فيأخذ رجال عبده هدايتى فى ملىء البراميل الخشبية مساء كل ليلة حتى صلاة العشاء.
يغادر بسطاوى شكيل كبير العمال الى خيمته مصطحبا فى طريقه محروس سيده وفؤاد داروشى ويحيى يارو وزين نواره الى تل غجر الفهايمه حيث يقيم الغجر الدائمى الترحال غبر الصحراوات الثلاث والعودة غانمين الى التل نهاية كل شهر قمرى.
تزوج عمال عبده هدايتى من بنات غجر الفهايمه واقاموا بينهم بالقرب من تل روح حيث ولد عبده هدايتى بعد عام من دخول هدايتى بريمه ابن شيخ غجر تل روح على ساويه بنت بداره اجمل بنات غجر تل الفهايمه ، وقبل ميلاد عبده بثلاثة شهور تم اعلان الزواج ليقيم غجر تل الفهايمه افراحهم لزواج اجمل بناتهم بابن شيخ غجر تل روح ، واستمرت ليالى العرس حتى ولد الصغير عبده هدايتى.
يلتصق عبده بأخواله كلما استقروا من ترحالهم بتل غجر الفهايمه وزوج عماله من بناتهم ، وبعد رحيل هدايتى بريمه شيخ غجر تل نور ورث عبده مخزن السبيرتو وزعامة قبائل تل غجر روح .
يمول عبده هدايتى مائة تل بالسبيرتو الهادىء النيران والتى تتمكن من تسوية القهوة اسرع من مواقد فحم الاشجار ، كما تعدل من صفاء نيران وابور الجاز نمره واحد أونمره اثنين حين يسكب القليل من السبيرتو على رأس ماكينة الوابور فتسخن ليندفع فى عروقها الكيروسين متخلصا من عادمه الاسود.
يجيىء بسطاوى شكيل بشعلان ولد سعيد تايه ليعاون رجاله فى تعتيق تانك السبيرتو والذى يأتى به الجرار يوميا الى مخزن عبده هدايتى ، ويقدمه الى الريس عبده.
يخشى عبده هدايتى من تيه شعلان الذى ورثه عن ابيه سعيد وجده تايه اشهر بائعى البوظه بالقطاع الغرب بالصحراء الكبرى كلها ، لكن بسطاوى شكيل كبير عمال عبده ينفى تأثير البوظه على شعلان فيسمح له بالمبيت امام المخزن لحراسته ليلا مع عمله النهارى .
يتوخى شعلان ولد سعيد تايه الحذر حين يتسلل الى المخزن قبيل اغلاقه مستقرا خلف براميل السبيرتو فارا من موجات الصقيع بالخارج لينام بعد ان انهكه العمل طوال اليوم يتناول مختلف احجام عبوات االسبيرتو من الخمسة رجال الاشداء عمال عبده هدايتى ويسلمها الى تجار التجزئة.
تزكم رائحة السبيرتو النفاذه انف شعلان فتسلمه الى النوم يحلم بالغالى ابيه سعيد تايه الذى يرغب فى تزويجه حتى لايندثر نسله فيؤكد شعلان عدم قدرة قدر البوظة على الصرف على زوجة وابناء فى عصر كساد البوظه فيوسعه الاب سبا ليفر شعلان من امامه وترتطم قدماه ببراميل السبيرتو فيستيقظ من حلمه غارقا فى خمسة من اطنان السبيرتو اجمالى براميل عبده هدايتى.
يتسرب السبيرتو عبر قنوات الرمال الى تل غجر الفهايمه فتقابله النيران تعانقه فيلتهما كل خيام غجر الفهايمه بلاأضرار فى الارواح ، وتصحب النيران السائل المتدفق عائدة الى مصدره فتأتى على نهاية براميل عبده هدايتى .
يفر شعلان ولد سعيد تايه من غضب عبده هدايتى شيخ مشايخ غجر تل روح الى مكان غير معلوم حتى يومنا هذا مخافة ان يقتله عبده مقابل العشرة آلاف دينار ثمن المشتعل من السبيرتو.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
==================================