الخميس، 24 سبتمبر 2020

 ام جيدو


من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا والالعاب الناريه والمفرقعات والمخدرات

ام جيدو

يطول بى السهر حتى آذان فجر كل يوم .. اقطع المسافات ذهابا وايابا احفظ الالفية : كلامنا لفظ مفيد كاستقم ، واسم وفعل ثم حرف الكلم ، والمقرر من الشعرلزهير والعبسى وعمرو ابن كلثوم وغيرهم حتى ينال التعب منى فاستلقى على سريرى الجريدى  بعدما اطفىء المصباح تاركا بابى الخيمة  تصنع تيارا هوائيا يهدىء من غليان جسدى لانفعالى بالاشعار.

يتسرب الى مسامعى آهات امرأة تئن وتئن .. تعودت ان اسمع هذه الآهات للمرأة قبيل فجر الخميس الاول من كل شهر ، ربما يبلغ بها الالم مداه فى هذا التوقيت بعد شهر عمل شاق فى شقق وفيلل المدن  الجديده بالحضر الملاصق لواحتنا  الكبرى  فتقوى على اعالة اربع بنات وولد بعد زواج عيد الحرنفش زوجها من اخرى جاء بها من الواحة الصغرى  كما جاء بها منذ خمسة عشرة عاما ، والقاها فى قلب الحضر تعمل كطاهية ومنظفة .

لم يختلف الامر كثيرا مع رقية الزوجة الجديدة الى جانب عمله كبائع للاعشاب  ..فأسكن رقية فى خيمة جديده الى جوار خيمة ام جيدو بجانب  ام حامد التى تعيش وحيدة بعد زواج ابنها الاكبر حامد وبنتها تهانى ليأتى ابنها الثالث ناجى فى اجازاته من عمله فى المناطق النائية اول خميس من كل شهر يقضى مع امه الخميس والجمعة ويعود الى عمله البعيد صباح السبت فيقضى شهر عمله ويعود ليلتقط انفاسه ويرم عظامه كما تقول امه: من اكلاتها التى تساعدها فيها دائما ام جيدو حتى يستعيد ناجى قوته وقدرته العمل .. تكفلت ام حامد بأبنائها الثلاثة بعد رحيل حميد الرايق الموظف الاميرى باحدى مؤسسات الحضر، وكان معاشه قادرا على تلبية مصاريف ابنائه فلم يعوزها حيا اوميتا .

يأخذ عيد الحرنفش يوميا جزءا من دخل زهيرة الالفطاوى ام جيدو ، وجزءا من دخل زوجته الجديدة رقيه حتى يتمكن من تغطية احتياجاته اليومية من المعسل والافيون .

أواصل حفظ الاشعار المقررة على من المذهبات المعلقة ، واعود الى ابن مالك احفظ منظومته : بالجر والتنوين والندا وال ومسند للاسم تمييز حصل.

بتا فعلت واتت ويا اقبلى .. ونون اقبلن فعل ينجلى .. سواهما الحرف كهل ولم وفى .. فعل مضارع يلى لم كيشم .

أشم رائحة مسك فواح ، ومازالت المرأة تئن من الالم الذى يعتصر جسدها فعملها طوال اليوم كشغالة فى منازل الحضر  شاق للغاية .

أطفىء المصباح ثانية .. أعترض الهواء المنطلق من بابى الخيمة الامامى والخلفى ، وألقى بجسدى على السرير الجريدى  فى قلب ظلام الليل فلايتبين احد من الجيران مكانى حتى ام جيدو المواجهة خيمتها لخيمتى.. تخرج ام مجيدو من خيمة  ام حامد متجردة من الثياب بعد ان تطمئن عيونها على ظلام  الليل الذى لف خيام  الجيران واختفت انوار المصابيح فيلحق بها ناجى ابن ام حامد ينظم انفاسه المتلاحقة وتكمل ام مجيدو الكلام توجهه الى حامد بان لا يخاف فالكل نيام .

لاأقوى على حبس سعالى الذى يخرج رغم أنفى .. ينظر الاثنان الى مصدر العطس  فيجدانى مستلقى على السرير مفتوح العينين انظر اليهما وقد شخص بصرى فى قلب الظلام فلاتخجل ام جيدو وتعد ناجى باللقاء فى الشهر القادم ليسقط الرجل من الخجل فيسرع داخلا الى خيمة  امه ، وتعود ام جيدو الى غرفتها غير عابئة بوجودى .

أعود الى وقوفى بعد ان اشعل المصباح مرة أخيرة  أواصل حفظ الاشعار المقرر على امتحانها شفاهة فى الغد.

  

 قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق