الثلاثاء، 1 سبتمبر 2020

 


البركه

من شارع الجمهوريه اول فيصل

فى زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات ليل نهار

البركه


تفجرت العيون فى قلب الدروب فتجرد الصغار من ملابسهم كى يسبحون للعبور من الجانب الأيمن الى الأيسر بعرض ثلاثة أمتار وعمق المتر ونصف .

يحمل كل صغير ملابسه بيده اليسرى ويرفعها فى الهواء ، ويضرب وجه الماء باليمنى والقدمين فيندفع الى الأمام كل حسب قوته .

يعود طلاب كتاتيب جزره  فيحملون حقائبهم التيلية الممتلئة بالكتب والكراريس لتمتلىء بالملابس الداخلية والخارجية والأحذية ويبعدونها عن سطح الماء ويواصلون السباحة باليد اليمنى فهى الاقوى دائما  حتى يصل كل منهم الى السلالم  الحصوية المرملة التى لايغطيها الماء فيتعلقون بالظاهر منها حتى يصعدون الى وجه الارض التى هجرها كل السكان  الى المخيمات حتى تبلع عيون أرض الدروب ماءها .

لزمت السيدات وبنات البنوت المخيمات لعدم المامهن بفن السباحة وفكرن كثيرا فى استخدام الطوافات المصنوعة من جلود الابل لتعينهم على التنقل من والى الأسواق حتى لايمل الرجال من صراعهم الدائم فى مسابقة السباحة لأربع أوخمس مرات يوميا ذهابا وأيابا من العمل واختراقا للأسواق تلبية للطلبات .

أسرع الشيوخ الى خيم المسنين واعتزلوا الابناء والاحفاد الذين انقطع بهم الاتصال لتخلل المياه كل شرايين وأوردة المناطق وعجزت القوارب الصغيرة عن قطع المسافة الكبيرة بين المنطقة وخيم المسنين .

تداخلت مياه الشرب ومياه البقايا ليشرب السكان الماء الجارى ، وجلس هواة الصيد يمسكون بسنانيرهم على الشاطئين ليلتقطوا أسماكهم الصغيره التى لاتأتى مطلقا . .

مرّ شيخان كبيران عابرا سبيل بالدرب الطويل فانزلقت أقدامهما الى وسط البركة لتبتلعهما واحدة من الحفر التى لم يسدها عمال الحفر ,

لم تفلح محاولات ابناء الواحة فى انتشال جثتى الشيخ عويس الزغباوى الماوردى وزوجته زاهيه ، وابتلعت حفرة ثانية من بين الحفر كمال ونبويه ابنى شحاته غزال القهوجى .

كلّف ابناء الشيخ عويس افوكاتو ليرفع قضية لأبيهم وأخرى لأمهم ضد الجهات المعنيه ، وانضم اليهم شحاته مطالبا بالتعويض عن صغيريه .

بلغ اجمالى القضايا المرفوعه ضد الدوائر المعنية أربعا وعشرين قضيه فشكلّت الدوائر هيئة للدفاع وخصصت خمسة من المحامين للرد على الخصوم فى كل قضية حتى تمكن المائة والعشرون محاميا من كسب القضايا وطالبوا ابناء الشيخ عويس وشحاته بأتعاب المحامين أو الحكم بالحبس فى حالة عدم القدرة على السداد .

بحثت أقدام شحات وابناء الشيخ عويس عن الحفر الأربع الأخرى وانزلقوا فى قلبها لتغطيهم المياه المتدفقة من عين مياه الشرب ومجرى مياه الفضلات ، وطمست كل معالمهم مياه البركه .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق