ميراث البنات
من شارع الجمهوريه اول فيصل
فى
زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات ليل نهار
ميراث البنات
حار نعنوعى العطوطى فيما سيتركه من أرث لبناته الاربع فهو لايملك درهما واحدا غير قوته وقدرنه على العمل كسنان للسكاكين والمقصات والسيوف والسهام الذى أوشك أن ينقرض .. حاول نعنوعى السنان أن يقتطع جزءا ولويسير ليدخره لبناته القصر كى يتركه ميراثا يستندون عليه بعد رحيله لكنه لم يوفق .
استطاع نعنوعى أن يدخل بناته الاربع مدارس متوسطة بالحضر ،وحصلت اثنتان منهن على دبلوم التجارة .. لم يعوز نعنوعى بناته الى أى من أقاربه طوال حياته فلقد كان يعمل ليل نهار ليلبى احتياجاتهن .. تعرّف نعنوعى على موظف بمجلس الحضر البلدى ودأب على مجاملته بسن كل مالديه من سكاكين ومقصات وسيوف وسهام بدون مقابل حتى تمكن من أن يطلب من حامد عبد القدوس الخدمة فى تعيين أولى بناته الاربع فى المجلس البلدى ، وقدم حامد الطلب الى رئيس المجلس .. ظل الحلم يراود البنات الاربع فى العمل حتى جاءت البشارة بعد ستة شهور فى بداية السنة المالية الجديدة ، وتم تعيين تسعة عشر من ابناء العاملين فى المجلس البلدى وكان ترتيب بثينه العشرين فى التعيين بأجر مقابل عمل وكانت أكثر المعينين حظا فلقد اختارها رئيس المجلس فى مكتبه وذلك لفرط جمالها .. تمكنت بثينه بدلالها من انتزاع موافقة رئيس المجلس على تعيين ثانى بنات نعنوعى العطوطى ، وعملت بنفس الادارة باعتبارها من أخوات العاملات وكان المرتب ضئيلا .
استطاعت بثينه وبسنت أن يساهموا فى شراء ملابسهما ومكياجهما واحذيتهما فخفّ الحمل عن منعم ، ومازال قائما على سن سكاكين ومقصات وسيوف وسهام حامد عبد القدوس كلما نال منها الصدأ عرفانا بالجميل الذى سيظل دينا فى رقبته طوال العمر .
حاولت فريده البنت الثالثة من بنات نعنوعى أن تقنع امها زينات البياع واخواتها البنات بقلب خيمة السنان الى خيمة للبضائع المستوردة وستقف فيها مع والدها فور تخرجها هذا العام وستلحق بها نوال العام القادم غير أن هذه الفكرة لم تجد صدى لدى نعنوعى فرفضها ودخل رحلة مرضه القصير بسبب تراكم الصدأ وتراب حجر السن على جدار رئتيه .. خشى نعنوعى أن يترك الاربع بنات وأمهم بدون ميراث أوسند فخيمة المعيشة وخيمة العمل بالايجار وبوفاته سيسقط حقهم فى الايجار بعد وفاة زينات الام ، ولن يقف أحد من اخوته الى جوار أى من البنات أو الزوجة لكثرة اعباء كل منهم .. سأل نعنوعى كثيرا وبحث عن وسيلة تضمن لاسرته الحق فى تأجير الخيمتين فلم يجد فقرر أن ينفذ مااقترحه عليه حامد عبد القدوس ودخل مستشفى الحضر بكليتين ليخرج بواحدة مقابل خمسين ألفا ووزعهم بالتساوى على بناته الاربع والزوجة .. وضع نعنوعى مبلغ عشرة آلاف باسم كل واحدة من البنات وكذلك الزوجة فى بنك الحضر ليعيشوا من عائد الورث الذى تركه وسقط عليه من السماء كما قال لهم فلقد ظهرت له قطعة أرض فى واحته البعيدة البعيدة والتى شهدت ميلاده وباعها أخوته وهذا هو نصيبه حسب روايته .. رقد نعنوعى العطوطى فى سلام بعدما وزع الورث على بناته ، واجتمع شمل البنات والزوجة ليعلوا الدخل بعلو الفائدة ودعوا لنعنوعى بالرحمة بعد وفاته لعدم تركهن يواجهن الحياة بلاميراث .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق