السبت، 25 أبريل 2015

من ش الجمهوريه متفرع من اول المساحه فيصل خلف مدرسة الشهيد البطل احمد عبد العزيز رائحة الخبز انطلقت رائحة الخبز الساخن فى منطقة الحوض البارد من داخل الفرن الوحيد الذى يدار بالوقيد مع حلول ظلام الليل لينشط رجال القلم السياسى والجنود الانجليز فى البحث عن الفتى الذى اغتال الباشا الغالى عليهم جدا . استوقفت الصغبرة والدها امام الفرن واطلقت تنهيدة طويلة وقالت : الله يابابا ده عيش ساخن هات لنا بعشرة فضة .. أبدى الرجل تأزمه من الصغيرة والولدين اللذين امسكا بكلتا يديه ودفعاه الى الامام فقال الرجل : لم يتبق سوى العشرة فضة بعد شراء العشاء وستأخذونها مصاريفا فى الصباح للمدرسة . - الله يابابا مااحنا بناكله حاف .. تقول الصغيرة وهى تقترب من وجهه خطوة . - ياابنتى مازال فى البيت بقية من خبز الامس . - لكنه جاف . يشد سعد بكل قوة يد والده اليمنى : والنبى علشان خاطرى يابابا .. تسقط القطعة الفضية فوق كومة التراب فلاتصدر صوتا فى المنطقة المظلمة أمام الفرن .. يكرر مصطفى الابن الاكبر نفس الطلب من الناحية اليسرى . ينزل كامل اسماعيل المتولى الموظف بالدرجة السابعة على رغبة ابنائه الثلاثة كى يدخل البهجة عليهم بأكلهم الخبز الجاف الحاف ساخنا متوقعا تعنيف زينب البنهوتى زوجته على هذا الفعل المخجل فى الشارع امام المارة . يضع الرجل يده فى جيبه فلايجد العشرة فضة فينقل يده الى الجيب الايسر ليقابله فراغ الجيب .. ينقل اليد الى جيب البنطلون الخلفى والى جيب القميص ويعاود حساباته مع الصغار : احنا جيبنا ايه يااولاد ؟ - نصف رطل لبن .. ترد سهام . - بمليم فول .. يقول سعد . - ومليم طعميه .. يعقب مصطفى . - اذا تبقى العشرة فضة .. اين هى ؟ .. ويعاود البحث ثانية فلايجدها .. يصحب صغاره ويعود الى بائع اللبن سالكا حارات تبعد به عن طريق الجنود الانجليز ورجال القلم السياسى حتى لايهينه احد امام الاولاد الصغار . يزيد همس كامل فى الطريق الى نفسه فيخشى الثلاثة صغار على عقل ابيهم .. يواصل كامل الحديث بصوت مسموع : انا فى انتظار الدرجة السادسة بعد مدة خدمة اكثر من خمسة وعشرين عاما ولم يزل راتبى ثلاثة جنيهات لايتبقى منها مليما واحدا بعد سداد ايجار الشقة وفاتورة المياه والكهرباء .. وفق كامل اسماعيل المتولى اخيرا وبعد الحاح زوجته على اخوتها الى العمل فى محل المنيفاتورة الذى يملكه اخوتها بعد الظهر ليزيد من دخله ، ومع ذلك لايتبقى الا القليل بعد مصاريف المدارس والمواصلات فلايستطيع السداد على الاكل والشرب لخمسة افواه مفتوحه . هدأت حركة رجال القلم السياسى والانجليز بعدما تم القبض على الطالب الذى اغتال الباشا .. وصل كامل الى بائع اللبن وسأله عن العشرة الفضية فأكد الرجل مع شهود عيانه عدم سقوط أى شىء منه أومن غيره . غادر كامل واولاده وساروا فى تفس الطريق الذى ساروا فيه منذ قليل عسى أن تلتقط عين أحدهم مكان القطعة الفضية .. اقتربت رائحة الخبز فاتسعت عيون الثلاثة صغار وتمكن سعد من رؤية القطعة الفضية التى لمعت فى قلب الظلام فوق كومة التراب فالتقطها وفرحوا كثيرا بأكل الخبز الساخن وهم فى طريق العودة الى المنزل فى صحبة ابيهم ، واخذ الثلاثة صغار يكررون ماسمعوه فى المظاهرات التى اجتاحت الشوارع منذ قليل مستمتعين برائحة الخبز النفاذة . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين بالتفزليون.. مدير عام والتانى غرق على وش وكيل وزاره وابقى قابلنى mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

من ش الجمهوريه متفرع من اول  المساحه فيصل
خلف مدرسة الشهيد البطل احمد عبد العزيز


رائحة الخبز
انطلقت رائحة الخبز الساخن فى منطقة الحوض البارد من داخل الفرن الوحيد الذى يدار بالوقيد مع حلول ظلام الليل لينشط رجال القلم السياسى والجنود الانجليز فى البحث عن الفتى الذى اغتال الباشا الغالى عليهم جدا .
استوقفت الصغبرة والدها امام الفرن واطلقت تنهيدة طويلة وقالت : الله يابابا ده عيش ساخن هات لنا بعشرة فضة .. أبدى الرجل تأزمه من الصغيرة والولدين اللذين امسكا بكلتا يديه ودفعاه الى الامام فقال الرجل : لم يتبق سوى العشرة فضة بعد شراء العشاء وستأخذونها مصاريفا فى الصباح للمدرسة .
- الله يابابا مااحنا بناكله حاف  .. تقول الصغيرة وهى تقترب من وجهه خطوة  .
- ياابنتى مازال فى البيت بقية من خبز الامس .
- لكنه جاف .
يشد سعد بكل قوة يد والده اليمنى : والنبى علشان خاطرى يابابا  .. تسقط القطعة الفضية  فوق كومة التراب فلاتصدر صوتا فى المنطقة المظلمة أمام الفرن  .. يكرر مصطفى الابن الاكبر نفس الطلب من الناحية اليسرى .
ينزل كامل اسماعيل المتولى  الموظف بالدرجة السابعة على رغبة ابنائه الثلاثة  كى يدخل البهجة عليهم بأكلهم الخبز الجاف الحاف ساخنا متوقعا تعنيف زينب البنهوتى زوجته على هذا الفعل المخجل فى الشارع امام المارة .
يضع الرجل يده فى جيبه فلايجد العشرة فضة فينقل يده الى الجيب الايسر ليقابله فراغ الجيب .. ينقل اليد الى جيب البنطلون الخلفى والى جيب القميص ويعاود حساباته مع الصغار : احنا جيبنا ايه يااولاد ؟
- نصف رطل لبن .. ترد سهام .
- بمليم فول .. يقول سعد .
- ومليم طعميه .. يعقب مصطفى .
 - اذا تبقى العشرة فضة .. اين هى ؟ .. ويعاود البحث ثانية فلايجدها .. يصحب صغاره ويعود الى بائع اللبن سالكا حارات تبعد به عن طريق الجنود الانجليز ورجال القلم السياسى حتى لايهينه احد امام الاولاد الصغار .
يزيد همس كامل فى الطريق الى نفسه فيخشى الثلاثة صغار على عقل ابيهم .. يواصل كامل الحديث بصوت مسموع : انا فى انتظار الدرجة السادسة بعد مدة خدمة اكثر من خمسة وعشرين عاما ولم يزل راتبى ثلاثة جنيهات لايتبقى منها مليما واحدا بعد سداد ايجار الشقة وفاتورة المياه والكهرباء .. وفق كامل اسماعيل المتولى اخيرا وبعد الحاح زوجته على اخوتها  الى العمل فى محل المنيفاتورة الذى يملكه اخوتها  بعد الظهر ليزيد من دخله ، ومع ذلك  لايتبقى الا القليل بعد مصاريف المدارس والمواصلات فلايستطيع السداد على الاكل والشرب لخمسة افواه مفتوحه .
هدأت حركة رجال القلم السياسى والانجليز بعدما تم القبض على الطالب الذى اغتال الباشا .. وصل كامل الى بائع اللبن وسأله عن العشرة الفضية فأكد الرجل مع شهود عيانه عدم سقوط أى شىء منه أومن غيره .
غادر كامل واولاده وساروا فى تفس الطريق الذى ساروا فيه منذ قليل عسى أن تلتقط عين أحدهم مكان القطعة الفضية .. اقتربت رائحة الخبز فاتسعت عيون الثلاثة صغار وتمكن سعد من رؤية القطعة الفضية التى لمعت فى قلب الظلام فوق كومة التراب فالتقطها وفرحوا كثيرا بأكل الخبز الساخن وهم فى طريق العودة الى المنزل فى صحبة ابيهم ، واخذ الثلاثة صغار يكررون ماسمعوه فى المظاهرات التى اجتاحت الشوارع منذ قليل  مستمتعين برائحة الخبز النفاذة .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين بالتفزليون..  مدير عام والتانى غرق
على وش وكيل وزاره وابقى قابلنى

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق