يمين نعيم
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
يمين نعيم
وقف نعيم ولد هناو العاصى يقسم .. يهدد ويتوعد اهالى تل قفير بعدم تزويدهم ولو بقربة ماء واحدة اذا لم يطيعوا أوامره بتقليل نسب الاستهلاك فى سنين الجفاف التى أطلت برأسها الشعثاء على الصحراوات الثلاثة .. انتشر العمال يحمل كل منهم مجسه الذى يضع طرفه مقبلا الرمال والطرف الاخر يلاصق اذنه ، ويظل يسمع ويسمع ومازال الزن مستمرا حتى باءوا بالفشل فى تحديد موضع بئر ماء قديم غطته الرمال منذ زمن بعيد أو قريب تحت الارض .
نادى الرجل العجوز كبير العمال على سكان المائة تل التى وضعها تحت الاختبار وأمرهم بالاقلال من استهلاك الماء وعدم دخول الحمامات حتى اشعار آخر ..لم يقو الصغار على حبس مافى داخلهم من بقايا فاضطروا الى الدخول ليفرغوا حمولتهم الثقيلة ويكفوا عن البكاء .. يغطى ماء الصغار وبقاياهم أجساد العمال المنتشرين فى بطون الحفر المتناثرة بطول الدروب فيهرولون متسلقين الجدران الرملية التى صنعوها ملاصقة لكل الحفر .. يبحث العمال عن ماء نظافة فى الخيام التى خالفت أمر كبيرهم فيستنفذوا الاحتياطى حتى آخر نقطة .
يقرر كبير السقائيين تنفيذ تهديده لمدة ثلاثة أيام حتى يتمكن من السيطرة على عماله فلايتركون مواقع عملهم .. يعود العمال الى مواصلة تسمع الزّن الناتج عن تسرب الماء اسفل طبقات الصحراوات .. ينطلق الزن الى آذان كل العمال من حاملى المجسات فيصيبها بالتشويش وعدم القدرة على التحديد الدقيق .
يتخلى كل عامل عن مجسه ويضع أذنه ملاصقة لرمال التلال المحددة له .. تأسى المجسات على فقدانها الحساسية التى تتمتع بها آذان عمال الاستماع .. يطلق كبير السقائين فريق القطع الى خارج التلال حيث أقرب حضر .. يتجاوز الفريق كل السواتر الرملية ويصل بصعوبة الى المحابس الرئيسية فيدير كل عامل دائرة محبسه الى الداخل حتى تلاصق نقطة الصفر فلاتمر نقطة ماء عبر أى من الانابيب العملاقة التى تصب فى براميل ضخمه تغذى تلال الصحراوات الثلاث .
تبدأ رحلة عودة فرق القطع الى مواقع الحفر الرئيسية ليسند كبير العمال الى كل واحد منهم مهمة أخرى حتى يعودوا الى ممارسة عملهم فى فتح المحابس اذا ماقرر الشيخ الكبير ذلك .
يصرخ الصغار فى كل الخيام من شدة العطش فيعلو صوت الامهات مهدهدا ثم معنفا ليكف الصغار عن البكاء .. يرسم صراخ الصغار وأصوات الامهات شبكة هلامية معقدة تؤدى الى عدم فاعلية آذان العمال الذين يبدون التأزم والتبرم من شدة الحيرة .. يرصد كبير العمال ردود فعل عماله فيعلو صوته من خلال مكبرات الصوت المنتشرة عبر دروب تلال الاختبار المائة ، ويهدد ثانية باطالة فترة القطع من ثلاثة أيام الى خمسة وسيزيد ان لم تكف النساء وصغارهن عن تعطيل مهام آذان عمال الاستماع .. تتمايل المجسات الملقاة على ارض مناطق عمل الحفر طربا من افلاس آذان العمال وتواصل القهقهة فيصدر كبير العمال العجوز قرارا بدفن المجسات الى جوار الانابيب الصدئة المتآكلة لتصيبها العدوى وتتلاشى حتى لايتجاسر أحد على السخرية من عماله وآذانهم الحساسة .
ينصاع الصغار وأمهاتهم الى أوامر الرجل العجوز فيلوذون بالصمت كى يواصل عمال الاستماع عملهم بدون جدوى .. تزيد قوة دفع الماء فتزيل من أمامها المحابس الدائرية الكبيرة فى خارج التلال بالحضر لتنطلق المياه عبر المواسير العملاقة لتغرق عمال الحفر فى خنادق عملهم ، ويهلل الصغار وأمهاتهم لوصول الماء الى عيون الماء والآبار .
يضيع صوت كبير العمال العجوز وسط تهليل الصغار والامهات ولايجدى تهديده فتتسرب المياه المندفعة من داخل الابار والعيون حتى تغرق التلال مع مواصلة العجوز نعيم ولد هناو العاصى تهديده بالقطع الذى أخذ طريقه الى التلاشى والصمت .
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق