الاثنين، 23 نوفمبر 2020

 سبابة بيلى هارون


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



سبابة بيلى هارون



يرفع بيلى هارون المركبة السلطانية ويدير العجلة الخشبية بقوة على سبابته اليسرى ليرى مدى اتزانها فتلمح عيناه اعوجاجا ضئيلا فتثور ثائرته ويستدعى أسطى الورشة قبل أن يأتى الشماشرجى الذى سيبلغ بدوره السلطان حين يفتح له باب المركبة ويغمض السلطان عيينيه على النتيجة التى ستودى بحياته مع انطلاق الجياد  التى تسابق الرياح لتحل بركاته على جنبات واحة السلطان نورين نوف.. سيعترض حجر ضئيل عجلات المركبة الخشبية ويتسبب فى انقلاب المركبة فتهلك الجياد وتتناثر أشلاء المركبة وتختفى البركة .

أسرع جابر عطيه النجار  الى الانحناء يقبل يدى بيلى هارون كى لايبلغ الشماشرجى والاستكون النهاية فسيتم سلخ جلده اذا ماساور السلطان أدنى شك ويلفه النسيان ليترك زوجته أرملة ترعى بناته الخمس وأولاده الاربعة .. لقد أصابه الكبر فاهتزت يداه حين راح يثبت واحدة من القوائم الثمانية بين دائرتى العجلة الداخلية والخارجية ، ولم يضعها على ميزان الماء كى يتأكد من استوائها .

رأى بيلى هارون فى عينى جابر عطيه لحظة كبره واهتزاز سبابته القوية التى تزن كل عجلات المراكب السلطانية دون الرجوع الى ميزان الماء ورأى زوجته التى ستصبح أرملة اذا ماأخطأ كما رأى ابنائه الذين سيحرمون من العمل فى الورشة السلطانية التى تدر عليهم الخير الكثير .

عاود بيلى لف العجلة اليمنى فدارت سريعة فوق سبابته وتابع جابر عطيه عيون بيلى التى حددت القائم المعوّج فانحشر عقله داخل دائرة العجلة ليتابع مجىء الشماشرجى الذى يرفع صوته بكل قوة ليلهب جسده ويتركه بعد أن يسيل دمه ليسلمه الى رجال الخفر السلطانى حين يقرر ذلك مولاه فيجردونه من ملابسه التى مزقها السوط ليصبح عاريا ويسجن لينظر فى أمره ويقرر السلطان شنقه أوصلبه بتهمة الخيانة العظمى التى كادت أن تودى بحياته .

يوقف بيلى العجلة وينزلها من على سبابته فتنزل عينى جابر دموعها ليوبخه بيلى ثانية ويعطيه العجلة ليصلح من اعوجاجها قبل أن تلمحه عين الشماشرجى فيضيع الاثنان اذا ماأخطأ بيلى وقام بتركيبها  فسيكون الخطأ خطأ العجلاتى بيلى قبل النجار .. أمطر جابر وجه بيلى وسبابته التى انجته من الهلاك  بالقبلات ودخل الورشة مسرعا حتى لايتعرض بيلى لسخرية الشماشرجى حين يرى المركبة ماتزال مرفوعة دون ان يركب العجلاتى اطار المركبة الجديد بدلا من القديم .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق