داير مايدور
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
داير مايدور
ينظر عبادى الخير الى منتصف الدائرة الكبيرة يبحث عن قشة صغيرة يتعلق بها فلايجد ويحاول من جديد .. فقد عبادى الخير زفتاوى أوراق هويته فعرضه مسؤلوا دوائر الهوية على علماء الانساب فلم يتعرفوا عليه فقرر المسؤلون اللف بعبادى الخير كعب دائر على كل دوائر الهوية الخمسمائة المتناثرة فى المناطق البعيدة والقريبة بطول آلاف الكيلومترات .
قيّد الخفير يدىّ عبادى الخير وسحبه وراءه بالسلسلة الحديدية الطويلة .. ينظر المارة فى دروب الصحراء البعيده الى قميص عبادى الخير الذى يحمل رقم الصفر على وجهه دلالة على عدم معرفة هويته فيتحسس كل منهم اوراق هويته ويجرى .. تتثاقل اقدام عبادى الخير فيشعر الخفير بالتراخى فيشد السلسلة لتظغط القيود على ايدى عبادى فينصاع للسحب وتستجيب أقدامه لتريح الايدى من شدة الالم .
دخل الخفير الدائرة الاولى التى تبعد خمسة كيلومترات عن المركز الرئيسى ليتم عرض عبادى على جملة الخفر العاملين بها ، وحين لايتعرف عليه أحد يسجل آخر ملامحه على سطح ورقة بيضاء يعلقها فى مدخل خيمة المخفر حاملة اسمه وتاريخ ميلاده وجهة الميلاد حتى اذا ماتعرف عليه احد من اهل المنطقة ارسلوا الحمام الزاجل فى أثره ليعود الى هذه النقطة فيطلق سراحه .
ينقل عبادى القدم الاولى لتأخذ خطوتها فى الخمسة كيلومترات الثانية حتى يصل الى الدائرة الثانية التى سيعرض عليها ولن يتعرف عليه احد ليترك ملامحه معلققة فى مدخل خيمة المخفر ومن المقرر ان يسير عبادى والحارس خمسة وعشرين كيلومترا هى اتساع الدائرة التى تحيط بالمركز الرئيسى لدائرة الهوية ، وبعد التأكد من عدم معرفة أحد من ابناء الدائرة على عبادى سيستقل الخفير يصحبه عبادى احد ابل قوافل التجارة المتجهة من الجنوب الى الشمال او العكس لتبدأ رحلة المسافات البعيدة التى لاتقل بحال من الاحوال عن خمسين كيلومترا ، ومع نهاية كل خمسين ينزل الخفير ووراءه عبادى الخير فيعرض على أهل النقطة حيث منتصف الدائرة الصغيرة ثم يستقل الخفير ناقة أخرى ستنقله الى النقطة التالية .
يبعد عبادى الخير مسافة ألف كيلو متر خلال اسابيع حتى ينفذ مخزون الخبز فيناما فى النقطة الجديدة حتى الصباح ثم تبدأ رحلة بحث جديدة عن واحد يمكنه التعرف على عبادى الخير ليتم الافراج عنه وتسليمه الى أهله ان وجد .
تتوالى الشهور وتمضى الايام والاسابيع ويقطع الخفير وخلفه عبادى الخير مسافة خمسة وعشرين ألف كيلومترا ولم يتعرف أحد على عبادى ، ورد عبادى ذلك الى تغيير ملامحه التى تغيرت بفعل فقده لأوراق الهوية .. عاد عبادى الخير وراء الحارس فى رحلة العودة الى المركز الرئيسى مارا بكل نقاط الدوائر الصغيرة للتأكد من معرفة أحد المترددين على صفحات وصفه المعلقة فى مداخل خيام المخافر .
انتهت رحلة العودة الى المركز الرئيسى لدائرة الهوية لتبدأ من جديد رحلة جديدة لعبادى الخير وراء خفير جديد كعب داير مايدور .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق