الجمعة، 27 نوفمبر 2020

 كاذب الثريد 


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


كاذب الثريد 



تلملم سعيده الخباز  بقايا الخبز الجاف  الملقى على أرض السوق بعد خلوه من زحام كل سبت وتشترى بالدرهم ليمون وملح وفلفل حامى  وقطعة من دهن الابل من اجمالى أجرها الخمسة دراهم  مقابل عملها طوال اليوم من آذان الفجر وحتى غروب الشمس تحمل أقفاص الخضار والفاكهة على رأسها من على ظهور الابل الى خيام  الجملة .

تعود سعيده  وقد ازداد شحوب وجهها وجفت دماء أوردتها فترتمى فى أحضان الحرام القديم الغارق فى بحر رطوبة الرمال  الى جوار جدار الخيمة  .. تفرغ الخمسة بنات قفص بقايا الخبز الجاف  والليمون  والملح والفلفل وقطعة الدهن الجملى  .. تسحب رئيفه بقايا الخبز الجاف لتنشره على الطبق الخوص فتستبعد كثير عفن الخبز وتبقى على الصالح ، تقسمه الى نصفين نصف للثريد الكاذب والنصف الآخر تدخره للايام الصعبة والتى لاتقوى فيها سعيده على النزول الى الاسواق .

تأخذ رايقه درهما من امها سعادات وتخرج مسرعة لشراء سنة من الخشخاش  لثابت فتح الله ابيها حتى يفيق من نومه العميق ويبدأ عمله الليلى فى غرزة الشيخ  لملم بعدما أضاع كل ماورثه عن ابيه من تجارة رابحة وخيمة خضار كبيرة تتوسط  السوق بسبب أدمانه للخشخاش وورق السعد الذى يشتريه كل ليلة وكله أمل فى أن يكسب الورقة الرابحة  التى ستعيد كل ماضاع .

تحضر سيدة سكينا وتقطع الليمون الى النصف وتجهز توابل الثريد .. تزيد بديعه من اشعال نيران الموقد لتسخين الماء بالملح الذى يريح قدمى سعيده من شقاء يوم طويل .. تعود رايقه من الشوارع المظلمة وقد أمسكت بكل قوتها سنة الخشخاش  وتوقظ ابيها بعد أن تضع سنة الخشخاش فى فمه فيستحلبها ويستيقظ ليخبر سعيده  بما اتفق عليه من تشغيل رئيفه بنت الخمسة عشرة عاما ورايقه التى تصغرها بعام فى خيمة  المعلم لملم ، وسيوالى تشغيل الثلاثة الاصغر حتى يفتح السعد لهم بابه ويستردوا خيمتهم  التى  رهنها مقابل ثلاثة دنانير ضاعوا فى سنن الخشخاش والورق الرابح  .. لاتعقب سعيده  على ماقاله ثابت فى يقظته المؤقتة ، وتضع قدميها فى الماء والملح .

تخلط رئيفه بقايا الخبز الجاف  بالماء والملح والفلفل الحامى ودهن الجمل  وتوزع الستة أرغفة لتبدأ رحلة عشاءهم الليلية مع الثريد الكاذب  وينامون فى انتظار المجهول الذى يعده ثابت لهم بعد كل يقظة مساء كل يوم .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الخميس، 26 نوفمبر 2020

شارع الجمهوريه ..بجوار مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز ليلا

 آبار تل حنين


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



آبار تل حنين


جفت آبار الماء فى تل  حنين بين الصحراء الصغرى  والصحراء الوسطى والتى لاتتبع اداريا لأى منهما ولايصلها بالحضر  الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب الحواضر التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا .

تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى تل حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش .

حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من الحواضر  الى تل  حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه فلكى يأخذ كل فرد من ابناء التل  حصته من الماء عليه ان يدفع ثلث دخله  .. قبل ابناء التل  الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى خيامهن  ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال التل  فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين خيمة كيروسينه  بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى التل  ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء تل حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر حلاق التل حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة .

اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل التل  بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل  .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل التل من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك  .

تجمع اهل التل حول خيمة  جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه  .. زاد رجاء اهل التل بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من الحواضر  فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها .

بدأ جزان يساومهم على الخيام فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد  .

- لكن الصغار سيموتون .

- وماذنبى انا ؟

- الماء لديك .

- انا دافع فيه دم قلبى .

ثار اهل التل  على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط جزان ميتا حزنا على ثروته .. ورث اهل التل  ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل التل   ، وعادت الابل المائة  لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الخيام التى تؤيهم.


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الأربعاء، 25 نوفمبر 2020

 فاتونة تل الكرايمي



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات




فاتونة تل الكرايمي


تسهر عيون ابناء تل الكرايمي للاستمتاع بصوت الاسطى فاتونه الغجريه مساء كل خميس من كل اسبوع ، وتنتظر بفارغ الصبر ظهور مريانه راقصة الفرقة التى اختارتها فاتونه بعناية من بين نساء التلال  السبع .

يلّون نور الكلوبات جسد مريانه بالابيض فتخرج على الجالسين بوجه نصف قمرى يطل من أعلى المصطبة الواسعة التى تصطف عليها الفرقة ..  تعلو دقات حاكم عبد السيد تحية لدخول مريانه الجميلة ، ويصفق كل الحضور بحرارة حتى يخفت صوت الايقاع لتواصل الاسطى الغناء .

تصف فاتونه حرارة عشق الولد للفتاة وقرارالاب القاسى بحرمان ابنه من شرب كؤوس الحب وتزويجه من بنت من بنات التل  لتتوه الغجرية .. تتلوى مريانة الغجرية من شدة الالم وترقص على ايقاعات حاكم الذى تعهدها بتوصية من فاتونه وجاء بها من تل الفراوليه ليعينها على سد احتاجات ابنتها المصابة منذ زمن بمرض عقلى حار الاطباء فى علاجه .

ينزل شيخ تل الفراولية على  رغبة فاتونه فى تشغيل زوج مريانه فى تل  البجواى كما الحق مريانه بالعمل صباحا فى خيمة الشيخ الكبيره  لتتفرغ الجميلة فى المساء للمعلمة ولياليها التى لاتتوقف ، وتوزعها بالتبادل بين التلال السبع.

يطلب ابناء تل الكرايمي من  المعلمة اعادة الاغنية ليزيد استمتاعهم برقص الجميلة فيزداد علو ايقاع حاكم المنفرد متواصلا مع مريانه وتبدأ فاتونه فى الغناء للمرة الرابعة لأغنية واحدة حتى توشك الجميلة على السقوط .

أخذت مريانه قرار التوقف عن الرقص مع زوجها خلف المزايكى الذى اصبح الخفير الخاص للشيخ البجواى واصبحت مريانه مديرة اعمال  الخيمة الكبيرة  وعلت مكانتها حتى صارت كل أمور الخيمة  بين ايديهما من تعيين للعاملين أوفصلهم من واحة التل التى يملكها الشيخ  .

رأت فاتونه الحيرة فى عينى مريانه فرفعت يدها مشيرة بالاستمرار حتى لاينقلب عليهم ابناء تل  الكرايمي وتفقد جمهورها الحبيب .. اسقطت فاتونه غطاء رأسها المصبوغ بالحناء والذى تحول الى الأحمر ليلون وجه مريانه بشدة الارهاق وكثرة العرق وتفجر الدماء بكل قوة من اوردة الوجه الجميل .

ستصارح مريانه فى هذه الليلة الاسطى فاتونه وتوقفها على القرار فلم تعد قادرة على العمل طوال اليوم صباحا فى الخيمة الكبيرة  ومساءا مع الفرقة التى تنهى عملها بعد منتصف كل ليلة فلايتبقى وقت للنوم أورعاية الصغيرة ابنتها التى يتبادل معها الزوج فى تقديم العلاج لها .

رأى حاكم اعتصار الالم لوجه مريانه فزاد من ايقاعاته لتنهى الرقصة لكنها كانت اسرع فى السقوط وصارحت الاسطى بقرارها لتبدأ فاتونه رحلة البحث الطويل عن راقصة جديدة للفرقة .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


نابت حجازى الرخ



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



نابت حجازى الرخ


ينبت الأخضر عند التقاء الأسود بالبنى فى حبات الفول النابت كل صباح .. تغرق كشيره البقاق يديها النحيلتين لتتصيد ماتبقى من الفول النابت فى قاع نصف برميل المازوت الممتلىء بالماء لتراكمه فى النصف الخالى .. تخلط كشيره الملح والكمون وقرون الفلفل الحمراء مع رأس من الثوم ، وتمسك بيد الهون لتبدأ فى الدق حتى يتم الطحن.

يضع ممدوح الصغير ولد زبيده المعدده خشبا بطىء الاحتراق فى قلب الموقد ، ويرص احجارا تكمل الضلع الثالث ليشعل النيران فيعمى الدخان عيون الزبائن الجالسين حول موائد حجازى الرخ  الجريدية الخمسه التى كانت تستخدم فى تغسيل الموتى وقام بتقصيرها بعد سرقتها من زاوية  سيدى امام البنداوى لتقترب من أفواه الزبائن الجالسين على رمال الدرب خلف الضريح .

يهشم بلاص ابن حجازى الصلب من الخبز الى قطع صغيرة ويستخرجها من الأجولة التى يعبئها بعد جولته فى دروب  تل زعيتره  عصر كل يوم ليشترى الخبز الجاف المتبقى من الخيام  ويضعها فى طواجن والده الذى يصب عليها ماء النابت المغلى فتصبح قطعا من الملبن يسهل التهامها .

يمسك حجازى نصف برميل المازوت الثالث وتساعده كشيره وبلاص وممدوح فى وضعه على الموقد  المشتعل .. يزيد حجازى الماء الى ثلاثة أرباع نصف البرميل ، ويضع الفول النابت حتى يغلى الماء فيضع الخلطة مضافا اليها قطعة صغيرة من دهن الجمل  المذبوح فتختلط رائحة النابت برائحة اللحم ، ويجرى لعاب الزبائن ليطفىء نيران كانون حجازى الرخ الذى يصب الماء فى الطواجن ، ويوزعها بلاص وممدوح على الموائد التى تتسع لمائتى زبون مع الليمون والبصل الأخضر.

يهتز جسد ولد زبيده المعدده من كثرة الذهاب والأياب فتصطدم قدمه بضلع الموقد الثالث الضعيف من الخلف ليتأرجح نصف البرميل ولايحفظ توازنه فيصب مائه المغلى المخلوط بالملح والكمون وقرون الفلفل الحمراء ورأس الثوم ودهن الجمل  المذبوح على رمال الدرب فتشوى مقاعد الزبائن التى تجرى مذعورة قبل أن تدفع ثمن مالتهمت .. يطير عقل حجازى الرخ ، ويوسع الصغير ضربا ، ولايهدأ حتى يمسكه من كتفيه ويسقطه فى نصف البرميل المائل على الأرض ليشوى جسده بالفول المغلى حزنا على ايراد اليوم لأحلى نابت .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


آذان نعمه بنت زيد البو


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


آذان نعمه بنت زيد البو


تتسع أذنا نعمه  بنت زيد البّو بطول وعرض الدروب  لتلتقط كل صغيرة وكبيرة فى تل البراويّه والتلال المجاورة  فتنقلها الى شيخ قبيلة الضراغمه  ضرغام الحنش لتقوى قبضته على أهالى التلال  بما فيهم الشيخ عمران حافظ شيخ  تل اولاد الحلب  الذى احبه الاهالى كثيرا لقربه الدائم منهم واحسانه اليهم مع زوجته رسميه الشيخ .

كانت عنديّه العتّه زوجة ضرغام الحنش تكره رسميه التى ذاع صيتها مع زوجها فى تل اولاد الحلب  والتلال المجاوره وتمنت كثيرا أن تحل محلها ويضم  ضرغام تل اولاد الحلب الى حوزته.

بذل ضرغام قصارى جهده لتحقيق حلم عنديه فاسترضى خفرائه الشيخ عمران  واجزل لهم العطاء من عائد أتاواته على الاهالى دون علم الشيخ عمران لكن الخفراء كانوا اكثر ميلا الى الشيخ الصالح .

وقع اختيار عنديه العته على نعمه بنت زيد البو  الدلالة البيضاء بلون القطن الثلجى المحببة الى كل اهالى التلال  نساءا ورجالا فسويه تدخل كل الخيام  لتعرض بضاعتها التى تأتى بها من الحواضر على الاهالى لتبيعها بالتقسيط ، فزادت عنديه من بضاعة نعمه  لتضمن استدانة كل اهل التلال  لها حين تعلن أن سويه تعمل من خلالها بأموال الشيخ ضرغام الحنش وأموال عنديه اللذين يعشقان الخير لاهل التلال  ، ويقدمان كل مايملكان من مال فى سبيل سعادتهم ، وأصبحت نعنه  منذ ذلك الحين آذان  ضرغام التى تنقل اليه دبّة النملة فى التلال .

تخيرت نعمه عشرين من اجمل فتيات الحلب نزولا على رغبة ضرغام ليساعدنها فى توزيع البضاعة حتى يلاحقن على اهالى التلال ، وكن حاملات للمرض الملعون الذى يصيب الرجال بعد النوم معهن بالعقم  وتأكدت نعمه  من ذلك بعدما اخبرها يوسف السميعنى زوجها بانتشار المرض فى تل اولاد  الحلب كما قال له طبيب وحدة الحضر  التى يعمل بها يوسف تومرجيا فقررت نعمه  ابعاد ابناءها وزوجها الى اهلها فى الخضر  .

راقت فكرة السيطرة بالمرض لضرغام فأمر نعمه  بادخال بعض فتياتها الجميلات الى بيوت الشيخ  عمران والشيخ دهب ابورابح وسائر المشايخ. 

 لزم مشايخ التلال فراش المرض بعد ايام قليلة ، وخلت التلال لضرغام الحنش  .

أمسك ضرغام ورقة مالية كبيرة ليكافىء نعمه  التى مهدت له كل الطرق الى السيطرة على التلال كلها وكانت قادرة على استدراج الصغير قبل الكبير للحصول منهم على ماتريد  لتنقله الى ضرغام .

مدّ ضرغام يده اليمنى بالورقة المالية الكبيرة جدا وهو يستند بيده اليسرى على زناد بارودته  التى أطلقت رصاصة طائشة استقرت بجوار أذن نعمه  فأدمتها وأفقدتها السمع وأصيبت بالصمم .. ألقى ضرغام بالورقة بين ايديها واستبدلها بعشرين اذن من آذان بنات الحلب الجميلة لتظل آذان  ضرغام طويلة طويلة تسمع كل صغيرة أوكبيرة تحدث فى التلال بدون آذان  نعمه  بنت حسان البو أذنه القديمه .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 سبيرتو زياده


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



سبيرتو زياده



ينظر زياده الشبيهى الشهير بسبيرتو زياده الى الشدد  التى تمسك البيوت الشقف  التى توشك على الانهيار بعد الهزّة الارضية الشديدة التى اجتاحت الصحراوات  فرقصت على أنغامها البيوت  نصف العمر وسقطت القديمة لتكون قبورا لساكنيها فى واحة ام رحمه بالصحراء الكبرى وبالتحديد عند مجمع حدائق النخيل المعمرة.  .

يعد زياده  العروق الخشبية الطويلة التى تتكون منها الشدّد وتروق له فسيصبح بعد أيام قليلة مقاولا كبيرا .. يدخل خفير  الدورية الدرب  فيراه زياده  الذى يقف وحيدا فى درب خميره ليتشاغل عنه بشرب كمية من زجاجة الكحول التى فى يديه ثم يسرع الى تخبئتها فى جيبه قبل أن يقترب .

تفوح رائحة الكحول من فم زياده  لتلامس وجه الرجل فيسأله عن سبب وقوفه فى هذا المكان بعد انتصاف الليل فيتلعثم زياده  من شدة أثر الكحول ويجيب : أشم بعضا من الهواء .

- فى هذا البرد القارس ؟

- كان قلبى مقبوض .

- طب ادخل من البرد .

انصاع زيدان لأمر خفير  الدورية حتى لايعرض نفسه لتحرير محضر سكر والقبض عليه للاشتباه فسارع بالدخول الى خيمته الملاصقة للبيوت الشقف  ، وواصل الرجل تفقده لبيوت الدرب المحكمة الاغلاق ثم يغادر الى الدروب المجاورة.  .

يوارب زياده  باب خيمته  ويقف خلفه ليطمئن على خلو الدرب من المارة ،  ويخرج لتقلب عيناه  الأعمدة المتقاطعة والتى تمنع البيوت من السقوط ، وتمتزج فى العينين الصغيرتين لتصبح عدّة كبيرة له كمقاول ينشد رضاه كل العمال .. سيتجاوز زياده  صفوف الأنفار بمجرد حصوله على الأعمدة الخشبيه الخمسمائة وسينتقل الى مصاف الأثرياء .

أصدر زياده  صفيرا متقطعا لينزل الشباب من أماكن اختبائهم والذين جاءوا بناءا على طلبه من نزلة تل اولاد الحلب لفك الأخشاب من واجهة البيوت  ، وبدأ العمل لينتهى قبل خروج السكان الى صلاة الفجر .

حمّل زياده  الخشب المسروق على ظهر الجرار الذى  انطلق مسرعا الى نزلة التل  .. بدأ خروج المصلين ليصحبهم سقوط واجهة البيوت التى  فقدت  شدّاتها .. فتعانقت بمن فيها من السكان وقبلت وجه الرمال ليصبح زياده  سبيرتو واحدا من المقاولين بعد سرقته للشدد.

 .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020

 اطارات ياسر الخلعاتى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


اطارات ياسر الخلعاتى


ترسم الاطارات دوائر لامتناهية بالروضة المخملية .. ينفخ ياسر الخلعاتى فى أبواق الاطارات ليشكل الهواء دوائر كثيرة قبل أن تشرق شمس يوم جديد كى تحلو الاطارات فى عيون قائدى سيارات الدفع الرباعى والتى تغزو الصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى .

 تبدو اطارات ياسر الخلعاتى من بعيد حبات عنب ملون  بالاسود بعد أن حرقته أشعة الشمس .. تبدأ الاطارات فى التضخم مع اقتراب السيارات من مركز الخلعاتى الشهير .

يسمع السا ئقون صوت انفجار الاطارات فتهتز السيارات بقوة أسفل أقدامهن لتتوقف قبل أن تنقلب من أعالى التلال المجاورة .. تقهقه الخوازيق الى زرعها صغار عمال مركز الخلعاتى فى محيط دائرة قطرها خمسة آلاف متر تحيط بالمركز .

ينزل كل قائدى السيارات رافعين أيديهم استسلاما وشهادة على قدرة الخوازيق التى تستقر فى قلب الدوائر المنطلقة بسرعة لاتقل عن مائة كيلومترا فى الساعة فتشكل رعدا قادما من صف السيارات الطويل مما يؤدى الى صمم يصيب آذان كل السائقين الذين ينطلقون فى سباق محموم كى يلحق كل منهم اطاراته الاربعة البد يلة التى سيقوم بتركيبها عمال مركز ياسر الخلعاتى بعد أن يغالوا فى سعر الاطارات الخلع التى تتسم بالمتانة والجدة لخلعها من السيارات الجديدة المسروقة بطول الطرق الصحراوية الممتدة لألاف الكيلومترات ، وتعلق بين الازرق والاصفر على حجارة عالية أوتلتصق بالرمال الصفراء أحيانا .

يعلو صوت عزوز مغاور المنادى عبر دروب الصحراوات القديمة يعدد محاسن الاطارات الخلع التى لاتماثلها اطارات لانها لم تقطع الالف الاولى على الطرق الصحراوية السريعة  ومازالت بروزها كما هى لم تنل الرمال منها مع ضراوته وخشونة وجهه وكثرة منحدراته التى تدمى الاطارات .

تشتد حرارة وجه قرص الشمس فيغلى الوقود داخل الخزانا ت المحكمة الاغلاق مما يؤدى الى انفجارها واندلاع ألسنة النيران من أجساد السيارات المتواصلة فتملأ سماء الطريق الطويل حتى تصافح اطارات ياسر الخلعاتى التى تتوهج فتبتلع ياسر والمنادى الذى مازال ينادى معددا محاسن الاطارات حتى يختفى صوته وتختفى الاطارات الخلع مخلفة رمادها الذى تذروه الريح فى كل الاتجاهات .


 قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 الخلاء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


الخلاء


يطارد خفر الشيخ خيران نفير أخطر لص خيام  فى الصحراء الكبرى تامة .. قالت امرأة : لقد رأيته خلف هذه الخيمة ، فأسرع الخفر الى قلب الخيمة حتى خروجهم من الناحية الخلفية .. فتشوا عنه فى حظيرة الدواجن .. حظيرة الماعز والخراف .. حظائر الابل والمواشى ولم يجدوا له أثرا .. نظر الخفراء الى موضع المرأة مصدر الخبر ليتأكدوا من رؤيتها للص بام عينيها  فوجدوها قد اختفت لتخرج واحدة أخرى من الخيمة  المجاور وتشير الى الخيمة  المواجه لعيون الخفر  وتؤكد رؤيتها للص الذى يحمل سيفا طويلا ، وكانت قرينة الخفر  فأسرعوا هرولة ليبدأوا رحلة تفتيش الخيمة المواجهة بعد القاء النظر على مداخل ومخارج الدرب  وتأكدوا ثانية من المرأة التى مازالت تطل من باب الخيمة لينطلقوا يفتشون فى الخيمة الولى والثانية والثالثة والرابعة  حتى يصلوا الى آخر خيمة بالدرب ، ويضع كل منهم اصبعه على بارودته  فى وجه السيف الكبير الذى يحمله ريكوا  الزناتى أعتى لصوص الخيام  والذى قتل أخلص اصدقائه بشله أبو أصبع .

ثبتت الأقدام فى أماكنها ترقبا للحظة القاء القبض .. سمعت الحملة أصوات دقات القلوب وحفيف الورق على رمال الصحراء  وأصوات الأوز والبط الذى لم ينم بعد فى ليل الشتاء الطويل .

تحرك قائد الخفر بسرعة البرق شاهرا بارودته  فى وجه اللص القاتل الذى لم يكن له وجود بالدرب .. تابع الخفر  قائدهم  فى البحث عن اللص الذى لم يدل   شىء على دخوله اى من الخيام ..

أعادت الخفر النظر الى المرأة الثانية دليل الحملة فلم يجدونها لتخرج كل النساء من ابواب خيامهن المقابلة لتؤكد كل واحدة أنها رات ريكوا بسيفه  الشهير يقفز على قمم الخيام فحار الخفر وقائدهم ليرسموا علامات الاستفهام والتعجب على وجوههم . .

خرج ريكوا فجأة من باب أحدى  الخيام  يسابق الريح لتقع عينا قائد الحملةعليه وهو شاهرا سيفه  فى وجه أحد الخفراء الأعزل فى الدرب  ، وقد اختفت كل نساء الخيام  فأطلق خيران نفير قائد الخفر مقذوفات بارودته على ريكوا أشهر لصوص الخيام  وقاتل صديقه ليرديه قتيلا بمقذوف من مكانه بعد ان حدد الهدف اسفل منتصف سن الدبانه فى قلب الخلاء . .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الاثنين، 23 نوفمبر 2020

 سبابة بيلى هارون


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



سبابة بيلى هارون



يرفع بيلى هارون المركبة السلطانية ويدير العجلة الخشبية بقوة على سبابته اليسرى ليرى مدى اتزانها فتلمح عيناه اعوجاجا ضئيلا فتثور ثائرته ويستدعى أسطى الورشة قبل أن يأتى الشماشرجى الذى سيبلغ بدوره السلطان حين يفتح له باب المركبة ويغمض السلطان عيينيه على النتيجة التى ستودى بحياته مع انطلاق الجياد  التى تسابق الرياح لتحل بركاته على جنبات واحة السلطان نورين نوف.. سيعترض حجر ضئيل عجلات المركبة الخشبية ويتسبب فى انقلاب المركبة فتهلك الجياد وتتناثر أشلاء المركبة وتختفى البركة .

أسرع جابر عطيه النجار  الى الانحناء يقبل يدى بيلى هارون كى لايبلغ الشماشرجى والاستكون النهاية فسيتم سلخ جلده اذا ماساور السلطان أدنى شك ويلفه النسيان ليترك زوجته أرملة ترعى بناته الخمس وأولاده الاربعة .. لقد أصابه الكبر فاهتزت يداه حين راح يثبت واحدة من القوائم الثمانية بين دائرتى العجلة الداخلية والخارجية ، ولم يضعها على ميزان الماء كى يتأكد من استوائها .

رأى بيلى هارون فى عينى جابر عطيه لحظة كبره واهتزاز سبابته القوية التى تزن كل عجلات المراكب السلطانية دون الرجوع الى ميزان الماء ورأى زوجته التى ستصبح أرملة اذا ماأخطأ كما رأى ابنائه الذين سيحرمون من العمل فى الورشة السلطانية التى تدر عليهم الخير الكثير .

عاود بيلى لف العجلة اليمنى فدارت سريعة فوق سبابته وتابع جابر عطيه عيون بيلى التى حددت القائم المعوّج فانحشر عقله داخل دائرة العجلة ليتابع مجىء الشماشرجى الذى يرفع صوته بكل قوة ليلهب جسده ويتركه بعد أن يسيل دمه ليسلمه الى رجال الخفر السلطانى حين يقرر ذلك مولاه فيجردونه من ملابسه التى مزقها السوط ليصبح عاريا ويسجن لينظر فى أمره ويقرر السلطان شنقه أوصلبه بتهمة الخيانة العظمى التى كادت أن تودى بحياته .

يوقف بيلى العجلة وينزلها من على سبابته فتنزل عينى جابر دموعها ليوبخه بيلى ثانية ويعطيه العجلة ليصلح من اعوجاجها قبل أن تلمحه عين الشماشرجى فيضيع الاثنان اذا ماأخطأ بيلى وقام بتركيبها  فسيكون الخطأ خطأ العجلاتى بيلى قبل النجار .. أمطر جابر وجه بيلى وسبابته التى انجته من الهلاك  بالقبلات ودخل الورشة مسرعا حتى لايتعرض بيلى لسخرية الشماشرجى حين يرى المركبة ماتزال مرفوعة دون ان يركب العجلاتى اطار المركبة الجديد بدلا من القديم .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الأحد، 22 نوفمبر 2020


على يعوض الله

من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات


على يعوض الله


جلس على يعوض الله النقاش الى جوار زوجته زيبه الحمداوى فى غرفة الاستقبال التى تتسع لأكثر من مائتين من النساء ومرافقيهم ، ومازال مصرا على أن يكون على سفر كى يحقق حلم عمره كما حققه ابناء عمومته وجاءوا بالاموال الطائلة والبضائع الغزيرة التى لاتعد ولاتحصى من بلاد الله البعيدة .
مرّت الساعة الاولى ولم يبد على يعوض الله تأزما أوضيقا من شدة زحام الاجساد المتلاصقة حتى يبدو متكاملا كرجل أمام عينى زوجته وفى عيون الحاضرين ، ومازال الطبيب مصرا على منح زوجته فرصة جديدة للمرة العاشرة لتنشيط القدرة على الحمل ، ولم يطلب منه فى مرة من المرات العشر اجراء اى من الفحوصات التى تؤكد فحولته من عدمه .
تواصل زيبه الحمداوى حديثها مع جاراتها من النساء اللاتى أوشكن أن يضعن حملهن لعلو بطونهن ووصولها الى المنتهى .. تئن الجارة الاولى وتتوجع من شدة الالم فهذه هى المرة السادسة - كما تقول - ولم يبق على قيد الحياة من الصغار سوى أربع بنات ومازال زوجها يحلم بالولد الذى سيشد من أزره ويسند ظهره حين يعمل معه فى دكانة الحدادة التى يملكها بتل النور .
يفتح على يعوض الله على الحلم ثم يغلقهما على صغيره الذى سيقف الى جواره على عربة الخضروات اليد التى ورثها عن ابيه يعوض الله كانى الخضرى وترك النقاشة ليواصل مسيرة ابيه فى بيع وشراء الخضر فى السوق الكبير كما يحلم الحداد .
التصق لقب سفر بعل يعوض الله  منذ خمس سنوات وأطلقه عليه زملاؤه من النقاشين لحلم على الدائم بالسفر ، ويواصل يعوض الله الاطباق على حلم الجارة الاولى لزوجته فى غرفة الاستقبال بأن يرزقه بأبناء كثيرين حتى ولوكانوا اناثا فكله نعمة من الله وسيحمده عليهن .
علا صوت شخير يعوض الله فحاولت زيبه الحمداوى زوجته أن توقظه حتى لايشمئز الحاضرون فكف يعوض الله عن الشخير وواصل نومه ممسكا بتلابيب حلمه .. قرر على يعوض الله بيع العربة اليد التى يملكها بعدما قرر الطبيب فشل محاولات علاج عقم زيبه فى داخل البلاد .. اخذ يعوض الله ثمن العربة واقترض الفين من عمته نظيرة مقابل تنازله عن ورث ابيه فى بيت جده الذى تقيم فيه نظيره عمته بالتل  ، وطرق باب مكتب السفريات المجاور لعيادة الطبيب الذى تتعالج لديه زيبه الحمداوى فى ميدان الامل بالحضر .
أقنع يعوض الله زوجته وسلم المبلغ المطلوب للمكتب وارتحل عشر سنوات ليرسل القليل لاعاشة زيبه الحمداوى ، ويدخر فى كيس الغربة كل ماتبقى ويعد زوجته فى كل خطاب بقرب امكانية علاجها خارج البلاد حتى يرزقه الله منها الولد الصالح  أوالبنت ، وكله خير ونعمة من الله كما يؤكد يعوض الله دائما .
تآمر الغرباء على كيس يعوض الله الممتلىء بالخمسين الف دينار  ادخار العشر سنوات بدون عطلة ليوم واحد  .. وضع الغرباء قرصا من المنوم فى كوب شاى يعوض الله فى ثلث الليل الاخير قبل أن يغادروا بلاد الغربة عائدين الى بلادهم ، وقاوم يعوض الله النوم كثيرا لكنه لم يفلح فنام ليتمكن الغرباء من فك كيسه وقسموه على خمستهم لينال كل منهم عشرة آلاف وغادروا مستقلين الطائرة قبل طلوع الفجر .
لملم يعوض الله ثمن تذكرة العودة وسقط بين يدى زيبه مغشيا عليه فأوقظه من الكابوس صوت الممرضة الممتلئة الحاد جدا ينادى على رقم زوجته الخمسين فى الفحص فاصطحبها الى داخل حجرة الفحص ليبشره الطبيب بحمل زوجته فيبقى يعوض الله على عربة اليد ميراث ابيه حتى لايصبح على يعوض الله على سفر .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

السبت، 21 نوفمبر 2020

 يمين نعيم


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



يمين نعيم



وقف نعيم ولد هناو العاصى  يقسم .. يهدد ويتوعد اهالى تل قفير  بعدم تزويدهم ولو بقربة ماء واحدة  اذا لم يطيعوا أوامره بتقليل نسب الاستهلاك فى سنين الجفاف التى أطلت برأسها الشعثاء على الصحراوات الثلاثة  .. انتشر العمال يحمل كل منهم  مجسه الذى يضع طرفه مقبلا الرمال  والطرف الاخر يلاصق اذنه ، ويظل يسمع ويسمع ومازال الزن مستمرا حتى باءوا بالفشل فى تحديد موضع بئر ماء قديم غطته الرمال منذ زمن  بعيد أو قريب تحت الارض .

نادى الرجل العجوز كبير العمال على سكان المائة تل التى وضعها تحت الاختبار وأمرهم بالاقلال من استهلاك الماء وعدم دخول الحمامات حتى اشعار آخر ..لم يقو الصغار على حبس مافى داخلهم من بقايا فاضطروا الى الدخول ليفرغوا حمولتهم الثقيلة ويكفوا عن البكاء .. يغطى ماء الصغار وبقاياهم أجساد العمال المنتشرين فى بطون الحفر المتناثرة بطول الدروب  فيهرولون متسلقين الجدران الرملية  التى صنعوها ملاصقة لكل الحفر .. يبحث العمال عن ماء نظافة فى الخيام  التى خالفت أمر كبيرهم فيستنفذوا الاحتياطى حتى آخر نقطة .

يقرر كبير السقائيين  تنفيذ تهديده لمدة ثلاثة أيام حتى يتمكن من السيطرة على عماله فلايتركون مواقع عملهم .. يعود العمال الى مواصلة تسمع الزّن الناتج عن تسرب الماء اسفل طبقات الصحراوات .. ينطلق الزن الى آذان كل العمال من حاملى المجسات فيصيبها بالتشويش وعدم القدرة على التحديد الدقيق .

يتخلى كل عامل عن مجسه ويضع أذنه ملاصقة لرمال التلال  المحددة له .. تأسى المجسات على فقدانها الحساسية التى تتمتع بها آذان عمال الاستماع .. يطلق كبير السقائين  فريق القطع الى خارج التلال حيث أقرب حضر .. يتجاوز الفريق كل السواتر الرملية ويصل بصعوبة الى المحابس الرئيسية فيدير كل عامل دائرة محبسه الى الداخل حتى تلاصق نقطة الصفر فلاتمر نقطة ماء عبر أى من الانابيب العملاقة التى تصب فى براميل ضخمه  تغذى تلال الصحراوات الثلاث .

تبدأ رحلة عودة فرق القطع الى مواقع الحفر الرئيسية ليسند كبير العمال الى كل واحد منهم مهمة أخرى حتى يعودوا الى ممارسة عملهم فى فتح المحابس اذا ماقرر الشيخ الكبير ذلك .

يصرخ الصغار فى كل الخيام  من شدة العطش فيعلو صوت الامهات مهدهدا ثم معنفا ليكف الصغار عن البكاء .. يرسم صراخ الصغار وأصوات الامهات شبكة هلامية معقدة تؤدى الى عدم فاعلية آذان العمال الذين يبدون التأزم والتبرم من شدة الحيرة  .. يرصد كبير العمال ردود فعل عماله  فيعلو صوته من خلال مكبرات الصوت المنتشرة عبر دروب تلال  الاختبار المائة ، ويهدد ثانية باطالة فترة القطع من ثلاثة أيام الى خمسة وسيزيد ان لم تكف النساء وصغارهن عن تعطيل مهام آذان عمال الاستماع .. تتمايل المجسات الملقاة على ارض مناطق عمل الحفر طربا من افلاس آذان العمال وتواصل القهقهة فيصدر كبير العمال العجوز قرارا بدفن المجسات الى جوار الانابيب الصدئة المتآكلة لتصيبها العدوى وتتلاشى حتى لايتجاسر أحد على السخرية من عماله وآذانهم الحساسة .

ينصاع الصغار وأمهاتهم الى أوامر الرجل العجوز فيلوذون بالصمت كى يواصل عمال الاستماع عملهم بدون جدوى .. تزيد قوة دفع الماء فتزيل من أمامها المحابس الدائرية الكبيرة فى خارج التلال بالحضر  لتنطلق المياه عبر المواسير العملاقة لتغرق عمال الحفر فى خنادق عملهم ، ويهلل الصغار وأمهاتهم لوصول الماء الى عيون الماء والآبار .

يضيع صوت كبير العمال العجوز وسط تهليل الصغار والامهات ولايجدى تهديده فتتسرب المياه المندفعة من داخل الابار والعيون  حتى تغرق التلال  مع مواصلة العجوز نعيم ولد هناو العاصى  تهديده بالقطع الذى أخذ طريقه الى التلاشى والصمت .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 شهريار الملك ينصب حاكمه


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات




شهريار الملك ينصب حاكمه

 


أجمع شهريار الملك وحكماؤه وعلماؤه وعمال مملكته على تنصيب كبير رعيان وادى البراح حاكما للوادى والمسؤول عن ادارة شئون الرعية الصغيرة قبل الكبيرة  فى القطاع الشرقى من الصحراء الكبرى ، وأصبح جليوطه الصقر بعد الاجماع حاكما بأمر شهريار الملك  .. فتح الحاكم بأمر شهريار  أبوابه ليل نهار لمقابلة أبنائه من افراد الرعية حتى يقف على المشاكل الكثيرة التى تعرض لهم من جراء تعرضهم للهواء الملوث فى حالة تعذر حصول أحدهم على انبوبته اليومية المضغوطة والنقية من الهواء .

باءت كل محاولات الحاكم فى تنقية الجو من التلوث بالفشل .. يدخل الرجل معمله طوال الليل الى أن توصل الى ابتكار ميكروب يلتهم الميكروب الذى يسيطر على أجواء مملكته والذى أرسله علماء الامبراطورية المجاورة حتى يتخلصوا من سكانها فتكون مزرعة كبيرة لخيولهم وماشيتهم التى لاتعد ولاتحصى ، ومقبرة لنفايات البكتريا التى يدأبون على تطويرها بشكل دائم .

أفلست كل محاولات علماء مملكة جليوطه الصقر وحاكمهم فى مجاراة التطور اللاهث الذى يتوصل االيه علماء الامبراطورية المجاورة   فاستسلموا لقدرهم المحتوم والقادم لامحالة .

ازدحمت مائدة الامراء المستديرة بالوجوه الحزينة على ماستفقده من صلاحيات كبيرة وأمر ونهى ومنح وعطايا كان الامراء ينعمون بها على الفقراء من ابناء الرعية فيقابلون بالحمد والشكر والثناء الدائم الذى كان يبهج قلوبهم .

أعمل حكماء وفلاسفة مملكة جليوطه الصقر  عقولهم وخرجوا على الحاكم بما توصلوا اليه من قرارات تنص على اقامة جدار عال بطول الحدود المشتركة بين المملكة والامبراطورية الممعنة فى صناعة الشرور  حتى يطمئنوا على سلامة التربة لديهم ولاتتمكن الامبراطوريات المجاورة من دس اى مواد مسممة فى مصادر المياه بعد أن لوثوا السماء .. كما أوصى مجلس الحكماء والفلاسفة على صناعة غلافا جويا يكون بدايته الجدار العالى فى نقطة الالتقاء مع الخصوم وتكون نهايته عند عند نقطة الالتقاء مع الاصدقاء  .. استبعد الحاكم الحلول المعقدة التى جاء بها الفلاسفة والحكماء لعدم توفر الامكانيات المادية للمملكة التى استنزفت معظم اقتصادها فى محاربة كل جديد ترسله امبراطورية الشرور من ميكروبات حديثة ، ومازال علماء المملكة غارقين فى معاملهم بحثا عن حلول أكثر ايجابية وأكثر سرعة .

تتوالى ورديات عمال مملكة جليوط الاربع بلاانقطاع حتى يتمكنوا من تسليم ابناء المملكة حصصهم من انابيب الهواء المضغوطة النقية حتى لايختنقوا مع وصول مستوى الهواء فى انابيبهم الى درجة الصفر .

ثمل عصمون القوادر رئيس وردية العمال الرابعة حتى خرج بفكرة فى تمام الثانية عشرة الاربعا مساءا قبل نهاية ورديته بربع الساعة وشرع فى تنفيذها قبل عرضها على رؤسائه الذين سيعرضونها بدورهم على الفلاسفة والحكماء حتى يصلوا الى الحاكم  .. أكثر عصمون القوادر من شراب صديقته الصغيرة شنشات التى لم تتجاوز العشرين من عمرها حتى سقطت فأضرم فى جسدها النار وتمكن من خلع غطائه الواقى الذى يرتديه فى مساحة المائة متر مربع ، وأعاده ثانية لينطلق مهللا حاملا البشرى الى الحاكم نفسه بعد أن تيقن من النتيجة .

قرر الحاكم بعد التيقن من صلاحية القرار لدى مجلس الامراء والعلماء والحكماء والفلاسفة بحرق جثث الفتيات اللائى فى سن شنشات ، وتمكن الجميع من خلع الاغطية الواقية فعمت الفرحة المملكة التى أصيبت بعد فترة قصيرة من الزمن بعدم القدرة على الانجاب لحرقهم كل جثث النساء بعد البنات البنوت ، وأقلع الخصوم عن ارسال البكتريا الضارة بعد تعاونهم الوثيق مع عصمون القوادر رئيس عمال الوردية الرابعة الذى أصبح بعد ذلك حاكما لاقليم جليوط الصقر التابع لامبراطورية الشرور .. وهنا ادرك شهريار الصباح مظلما بعد اعدام حاكمه على القطاع الشرقى من الصحراء الكبرى جليوط الصقر .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الجمعة، 20 نوفمبر 2020

 خروج الرائى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


خروج الرائى


جاء الامر العالى من الباب الخلفى بتحريك باب الخيمة طوال الليل  والاستماع الى دقات القلب العالية  للقابع فى خيمته حتى يمل الساكن  الاقتراب من باب خيمته خروجا  فتغلق دونه كل الابواب .. وقف ابراهيم زعانف  وصديقه عمرون الخولانى  يتبادلان الصوت همسا  و العبث  بباب الخيمة كما أمرت دعيده حسانى الرمه  حتى ينجحا فى مأموريتهما اغراق الساكن فى قلب الخيمة فى بحر الخوف ، وسب  الاثنين لأبى مؤنس الرائى وامه التى ولدته وتسببت فى تعكير صفو ملكة الليالى الجميلة فى وادى الرعيان  بما اشاعه من أن دعيده قد نالت حديقة  يجرى فيه الخيل مقابل ليلة دافئة استجمع فيها زعيم قبيلة الرعيان كل قواه ليتواصل مع دعيده فى رقصها الذى ادمى كل جزء من جسده المعطر ، وشاع الخبر بين اميرات وجوارى مملكة الليل فطاردن الزعيم رغبة فى نيل حتى ولو القليل فى الليالى الباردة .

قرر زعيم قبيلة الرعيان بالوادى الاصفر مغادرة مملكة الليل لعدم قدرته على المواصلة واصابته بالهزال وعدم القدرة على السير مما ادى الى حمله الى قلب واديه كى يتم علاجه على ايدى امهر اطباء باديته البعيدة .

تناقلت اميرات مملكة الليل وجواريها السبب الحقيقى الذى ادى الى تأزم زعيم قبيلة الرعيان  فلقد سمعت كبيرة الاميرات مؤمن الرائى عازف الناى جميل الصوت يسر الى احد اصدقائه ماكان من امر دعيده حسانى الرمه واستدراجها لزعيم قبيلة الرعيان اسفل تل الحنان  حتى وقع فى غرام عينيها التى لاتقاوم ومنحها المقابل .

وصل الخبر الى آذان ملكة الليالى الجميلة خادمة امبراطورة الحسان فاستشارت سيدتها التى أشارت عليها بمطاردة غلمانها للرائى حتى يغلق باب خيمته دونهم فلايطلبه محبوا نايه وصوته الجميل فيضمر ويتلاشى لتتخلصن من طولة لسانه .

أغلق الرائى باب خيمته  أمام مطاردة الغلمان ومكث لايام طويله حتى فاجأه عبثهم بباب الخيمة والذى لم ينقطع منذ عشرة أيام على التوالى  وسب الغلمان لأبى مؤمن وامه سر وجوده واللذين  تسببا فى برودة اجسادهم بعد رحيل زعيم قبيلة الرعيان الذى لملم الدفىء اسفل ابطه ولم يخلف سوى الثلج والصقيع .

تساقط الغلمان الواحد تلو الآخر الى جوار  خيمة الرائى ولم يتبق منهم سوى ابراهيم زعانف وعمرو الخولانى اللذين اصرا على تنفيذ امر سيدتهما دعيده حسانى الرمه حتى يضمر صوت الرائى الجميل ويتلاشى لتتخلص دعيده وسيدتها من لسانه الطويل وصوته الجميل الذى يتجمع حوله الكثير.

اشتد الصقيع فى مملكة الليل وغطى الجليد اجساد الاميرات والجوارى والغلمان الذين توسدوا الرمال  الفسيحة والتصق ابراهيم زعانف وعمرو الخولانى  برمال الجليد امام خيمة الرائى .

 زادت  السماء من تدفق جليدها لتحتضن فى قلبها ابراهيم زعانف وعمرو الخولانى وكل الغلمان الملتصقة اقدامهم بأقدام الاثنين الواقفين .. سقطت مملكة الليل ورحلت الملكة وسيدتها والاميرات والجوارى مع اول ضوء للصباح فخرج مؤمن الرائى يتنفس الهواء البارد الجميل ليخلف نظرة ازدراء على جثث الخلاء التى غطت الرمال المحيطة بخيمته .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الخميس، 19 نوفمبر 2020

 فاعل  مجهول



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



فاعل  مجهول


حاول شيمو شابى أن يبعد صديقه نور علام عن مرمى طلق نارى لبارودة معروفه  لكنه لم يتمكن ونال منه .. تجمع المارة حول الجسد الملون بالدم الملقى على الرمال  يبكى الى جواره شيمو شابى.. صاح شيمو طالبا النجدة فمازال قلب نور يدق ونفسه يدخل ويخرج .. حال الزحام دون وصول الصوت الى الآذان فظل شيمو يلطم الوجه حتى يلفت النظر الى طلب الاستغاثة .. تكالب الزحام وضيّق الخناق على شيمو وصديقه المصاب .. زحف شيمو من بين الاقدام حتى تمكن من الاختراق وزرع نفسه أمام بغال أحد المارة فأوقفه وقبّل يده كى يساعده فى نقل صديقه الى أقرب مشفى بالحضر المجاور لتل الدم بالصحراء الصغرى  .. رقّ قلب الرجل لحال شامى وساعده فى نقل الجسد الهامد الى الخلف منه على ظهر البغل  وانطلق الرجل الى المشفى . 

سار شيموالى جوار البغل وصديقه يمسح الدم السائل على وجه نور ويحرك بسرعة كلتا يديه على الصدر ليعين القلب على ضخ الدماء حتى تحركت عيناه فسرت السكينة فى أوصال شيمو واطمأن صاحب البغل  على عدم المساءلة .

" مالنا احنا ومال تل الدم واصحابه  مايعملوا اللى هم عايزينه .. يتم تأجيرهم للقتل .. يزرعوا الخشخاش وكل صنوف المخدرات  " يؤنب شيمو  صديقه نور سليط اللسان فيفتح نور العينين ويغلقهما رفضا لما يقوله شامى .. " أحذف لأ من قاموسك " .. يحرك نور الرأس الى الجهة الاخرى .

وصل البغل  أخيرا الى المشفى واستطاع الطبيب  اجراء خمس عمليات عاجلة فى الرأس والجذع والاطراف ، وتم استدعاء المخفر الذى  قيّد الحادث ضد مجهول فلم يتمكن شامى أوأحد من الواقفين من التقاط أى علامة من علامات الطلق النارى تدل على صاحبها .  

حمد شيمو الله على سلامة صديقه وكرربالحاح أن لايعود ثانية الى سلاطة لسانه حتى لاتقيد الحادثة القادمة ضد مجهول .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 علموش



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



علموش


بنى علموش الصغير حظيرة كبيرة للتربية والتسمين بعد أن تحسس فى هذا الطريق خطى ابيه عبده علموش الكبير الذى افنى حياته فى تربية وتسمين الابل والمواشى للغير حتى تمكن من فتح حظيرة صغيرة بجوار خيمتهم فى الخلاء المجاور لتل الطين والذى وضع عليه يده بعد امه نهيره زندو ، وبدأ بتسمين عجل صغير استطاع ان يبيعه فى نهاية الموسم ليشترى عجلا وعجلة لبانى لم يبلغا بعد سن الفطام .

اهتمت فهيمه الركباتى ام علموش الصغير بالمواشى الصغيرة وشاركوا وليدها الصغير فى لبن الام حتى توثقت الصلة بينهم وصار الثلاثة اخوة فعزّ على فهيمه أن تفرط فى العجل والعجلة ، ورأى عبده علموش الكبير نار الفراق تطل من عينى ابنه الصغير حين عزم على بيع الماشية فى السوق فأطفأها بقرار ان يستمر العجل كطلوقة يطلقه عبده على اناث ابقار ابناء تل الطين ممن يرغب فى الحمل من عجل علموش القوى الشهير فى الناحية كلها .

ذاعت شهرة بقرة علموش الولود التى تهبه عجلا أو عجلة كل عام فزاد اقبال ابناء التلال على علموش لشرائها  .. زاد انتفاخ بطن بقرة علموش فى حملها الخامس الذى تزامن مع سن علموش الصغير ، ولفت الانتفاخ غير العادى كل عيون ابناء التل والتلال المجاوره وحار فى تشخيص الحالة كل بيطارى الوحدات المتناثرة فى المناطق القريبة والبعيدة ..

بدأت بقرة علموش رحلة آلامها الطويلة  للوضع حتى حانت لحظات الخلاص ، ومازالت فهيمة الركباتى تهدهدها وتمسح عرقها الغزير فى الليل الشديد البرودة بعد أن غطتها بحرامها الكبير فى أول الليل لتحميها من البرد القارس .. وضع عبده علموش يده وطمأن زوجته وابنه بقرب لحظة الميلاد فمازال أمامها اربعة قراريط بحجم الاربعة أصابع بدون ابهام يد عبده ، ويطل عليهم المولود الجديد .

هدأ علموش وذهبت فهيمة الى خيمة  حناو المولد فى أطراف التل  لتأتى به قبل أن تفاجئهم البقرة .. غلب النوم عبده فنام .. جلس علموش الصغير الى جانب بقرته .. لم تطق البقرة الانتظار فأسقطت وليدها على يدى علموش فطار الصغير فرحا وسقط أسفل العجل الوليد ، ومازالت البقرة تصرخ من شدة الآلام فاستيقظ عبده علموش مهرولا لتهدئتها فوجد  ابنه اسفل العجل الوليد ورأس ثانية تطل من بطن البقرة فأزاح العجل الصغير عن ابنه باليد اليمنى وساعد البقرة باليسرى فى انتزاع العجل الثانى حتى تمكن من اخراجه وحمد الله على سلامة البقرة والرزق الوفير الذى دق بابهم ، وانطلق مع ابنه ليبشرا فهيمة الركايبى التى تصل فى نفس الوقت مصطحبة حناو المولد ، ومازالت البقرة تصرخ فيدخل الاربعة ليستقبلوا الرأس الثالثة المطلة من بطن البقرة .. يشمر حناو عن زراعيه الخبيرتين اللذين يريحان البقرة فى دقائق معدودة ، وتمسح الام عرق ابنتها وتطمئنها مع استغراب حناو على استمرار البقرة فى الصراخ من شدة الالم بعد انتهائها من ولادة الثالث ، وتطل الرأس الرابعة من بطن الولود فيطير الخبر فى سماء التلال بعد أن وضعت البقرة العجل الخامس فتزاحمت وفود كل الاقطار المجاورة حول البقرة الولود يصورونها ، وتصارع أصحاب الحظائر فى اقتناء ابناء البقرة الولود .. لم يحتمل عبده علموش الفرحة الكبيرة فسكت قلبه عن الدق ليرث علموش الصغير وامه المنطقة الخالية والحظيرة الصغيرة التى اتسعت لتشمل العشرة فدادين المجاورة بعد ارتفاع ثمن البقرات الصغيرات وطلب ابناء التلال  الدائم على عجل علموش الطلوقة القوى الشهير .

اصبح علموش أكبر تاجرابل و ماشية فى الصحراء الصغرى  بأسرها ولم يزل فى العشرين من عمره ، وأصبحت حظيرته مائتى فدان خصص عشرة منها لعجله الطلوقة وبقرته الولود ، ومازالت فهيمه هانم الركايبى تشرف بنفسها على أكلهما وشربهما وترويحهما ، ويلازمهما علموش الصغير ويكثر من مداعبتهمتا صباح مساء .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الثلاثاء، 17 نوفمبر 2020

سقوط صخرة جبل لازور

بحثا عن كنوز الملك الحكيم


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


سقوط صخرة جبل لازور

بحثا عن كنوز الملك الحكيم

 

بدأت رحلة ميل الصخرة  منذ عام مضى وقت ان شرع عميش زحلاوى الحفر اسفلها قاعدتها بالجبل بحثا عن كنوز الملك الحكيم .

تقول النبوءة : ان اسفل هذا المكان حيث استقرت الصخرة فوق جبل لازور منذ آلاف السنين من نحر الرياح توجد واحدة من من اعظم خزائن الملك الحكيم المليئة بالحلى والجواهر النفيسة ، ولن تفتح هذه الخزينة الا على دماء صغير يراق على بابها ، ويشترط أن يكون الصغير وحيدا لأمه التى لن تنجبب بعد لاقترابها من سن اليأس .

طال بحث عميش زحلاوى وصبيانه عن الصغير لدى كل الامهات فى المنطقة بأسرها والتى تتكون من ثلاثمائة تل متسع الدروب عن امهات فوق سن الاربعين والخامسة والاربعين ، وحين وجدوا وحيد أمه بدأ صبيان عميش فى الحفر بعمق العشرين مترا وقطر الحمسة أمتار كى يتمكنوا من زحزحة الاحجار الضخمة متاريس خزانة الملك الحكيم المليئة بكنوز لاتعد ولاتحصى .

مر الشهر الاول من الحفر فمالت الصخرة سبعين درجة ليوقف عميش رجاله عن الحفر حتى لايسأل قانونيا عن مصرع سكان تل  لملوم  الملاصق لجبل لازور وبالتحديد اسفله  اذا ماسقطت الصخرة .

راود الامل عميش فى امتلاك محتويات خزانة الملك الحكيم  التى ستبعده الى الابد عن عمله كحانوتى شهير يقوم على تغسيل وتكفيين ودفن الموتى وبيع أعضائهم بعد ذلك .. فأرسل صبيانه فى الشهر الثالث ليواصلوا حفرهم ، وكان نتيجتة ميل الصخرة  الى درجة الخمسين .

شكا سكان تل لملوم عميش الحفار الى شهليش شيخ مشايخ تلال جبل لازور الذى أمر رجاله  بتنكيس عنق الصخرة وترميم المتصدع من قاعدتها المتصلة بجسم الجبل  على نفقة السكان فصرفوا النظر عن الشكوى وتنازلوا عنها قى حافظة الشكاوى بخيمة شهليش شيخ مشايخ تلال جبل لازور  .

انتظر عميش شهرا آخر حتى تهدأ الامور وواصل حفره فى الشهر الخامس لتصل درجة الميل الى الثلاثين فقرر سكان خيام تل لملوم البعد امتاراعن مرمى الصخرة اذا ماسقطت .

اقترب صبيان عميش زحلاوى من المكان المحد د فى النبوءة لتصل درجة ميل الصخرة  الى العشرين فابتعد سكان الخيام امتارا اخرى ، وحدد عميش موعد انتهاء العملية مع نهاية هذا العام ، وفى منتصف ليلة رأس السنة وصل صبيان عميش الى واحدة من بوابات خزائن الملك الحكيم  فملأوا الدنيا تهليلا لتسكتهم طلقات بندقية عميش حتى لاينفضح أمره ، وخرج من الجب  ليأتى برجال قبيلته المقربين فيقتسم معهم كنز الحكيم  النصف لهم والنصف له مع مسوق الكنز الى خارج حدود الصحراء الكبرى  .

جاءت القنوات الفضائية ترصد واحدة من عجائب الدنيا صخرة تميل الى درجة العشرين ولاتسقط ، كما سجلوا لردود أفعال سكان خيام هذه المنطقة .

أدخل عميش زحلاوى افراد قبيلته مع الصغير الذى سينفتح باب الكنز  على دمه ، ومع دخول آخر الافراد أحدث الجبل  دويا هائلا اثر سقوط الصخرة على آل عميش زحلاوى وخزانة الملك الحكيم  العظيمة  ونجاة عميش زحلاوى ليواصل بحثه الدائم عن كنوز الملك الحكيم  .

قصة قصيرة ل/ محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


           

===============================================================================

حج 

الاثنين، 16 نوفمبر 2020

انين الغريب


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



انين الغريب

 

يئن الملقى على الأرض .. يحاول أن يستند على حجر كبير كى يتمكن من العودة الى خيمته .. لايستطيع .. تصطدم رأسه بالحجر فيغمى عليه ليسقط خلفه  مما أدى الى حجبه عن عيون المارة بتل نعايمى الدون  اوحتى خفر شيخ القبايل شعلون عنيده شيخ مشايخ قبايل تل نعايمى الدون  فلن ينقذه احد .

أصاب الصمت عيون كل سكان التل الذين فتحوا عيونهم على نهر الدماء المتدفق من جانب الغريب ومن رأسه .. تجلس النساء على قارعة الدروب  يثرثرن فيما فعلن مساء الامس فلقد كن يتحسسن المواقع فى خيامهن المظلمة لعدم مرور بائع الجاز  البارحة فنام الرجال مخلفين  النساء يقظات حتى ظهور نور صباح اليوم التالى ، وواصلن أعمالهن بلاانقطاع    حتى يلتقين بالرحبة التى تتوسط خيام التل .

مازال الغريب  الملقى على الأرض يئن ويتمنى أن لويراه الخفر فيتم انقاذه .. تتمنى كل امرأة أن لاتحرم من الجاز  ليضى الكلوب خيمتها الليلة القادمة حتى يراها الرجل وقد دهنت الوجه بالزيت النفاذ الرائحة كالقطران .

يواصل بائع البيكيا عمله فى خيمته التى يحتل جانبا من درب شخيلعه فيضع الشحم فى تروس العجلات القديمة بعرض الدرب  حتى يتمكن من اصلاحها وبيعها بالرخيص .. يزن منشار النجار بجواره ليغطى صوته على أى صوت آخر وصوت الغريب ويتابع الحداد نفخ كوره ليصهر الحديد ويشكله حسبما شاء ، ومازال الغريب يئن وينزف .

                                                                                                                                                           تغطى البنات أقدامهن وهن يجلسن على مداخل الخيام ينتظرن هاتف آخر الليل يأتين بحلم مجىء أبى الفوارس من سيخطفهن فوق ظهر بغله الاشهب الى حيث يشاء .. ينتصف الليل ويبقى الوضع على ماهو عليه ، ومع آذان الفجر تغلق ابواب الخيام  لتقابل النساء ليلة جديدة ينقطع فيها نور الكلوبات  ، ولاينقطع تيار الدم المتدفق من رأس وجانب الغريب النازف دمه .

تراكم السيدات كبيرات السن أكواما من الزبالة حتى يتنفسن رائحة عفنها  التى تربطهن برمال تل نعايمى الدون  فيتعرفن عليها بسهولة عقب جولاتهن فى الدروب  المجاورة ولايضللن  الطريق أبدا .. تزاحم الدواجن والأوز والبط والكتاكيت الصغيرة السيدات وبنات البنوت فى أماكن الجلوس بعدما يأخذن حماماتهن فى الاحواض الصغيرة بقية امطار الليلة الماضية  ليطفئن ظمأ الحر القاتل .

تسير المرأة الغريبة فى درب شخيلعه فترى الغريب وتصدر صرختها العالية تتبعها صرخات كل نساء الخيام المغلقة التى تفتح لتطل على الحادث ، ويستدعى الخفر بغل الانقاذ  الذى يتمكن فى اللحظة المناسبة  من انقاذ الغريب قبل أن يلفظ أنفاسه الاخيرة  .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الأحد، 15 نوفمبر 2020

 حفر راقوش شوشى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


حفر راقوش شوشى



توصل الامير راقوش شوشى الى حل يخلصه من جموع الورّاقين المارقين .. أمر بحفر حفر  فى قلب الدروب  التى يقطنونها وتم تغطيتها بالجريد وعسب النخيل حتى اذا ماخرج الورّاق الى دكانه يسقط ولايستطيع الخروج حتى تأتى اليه النجدة من اى مكان  اذا ماسمع صوته  .

خرج سهيل الزريقات حاملا كومة الكتب التى سيعرضها فى سوق الورّاقين ، وخطا خطواته الواثقة كالمعتاد فهو يعشق الصحراء  ويرتبط بها كثيرا ولايحب ان يجاوزها حتى يثبت القدم ليرفع الاخرى فيصل الى حافة حفر راقوش  شوشى العميقة وتنزلق قدم سهيل لتتهشم عظامه ويروح فى اغماءة طويلة امتد ت من الصباح الباكر حتى آذان صلاة الظهر ، ولم يعر أحد من المارة اهتماما الى الساقط فى قلب الحفرة  العميقة وهم قليل بعدما غادر معظم السكان الدرب  الذى  يسكن فيها سهيل الزريقات الى خيام  أخرى بعيدة حتى لايصيبهم أذى راقوش الذى يتفنن رجاله فى أذى سهيل لتطاوله الدائم على اصحاب المقامات الرفيعة واعمال فكره فيما يكتب ، وهذا يغضب راقوش كثيرا لانه يخشى على عقول ابنائه من الرعية من فكر سهيل .

استيقظ سهيل من رقدته غير قادر على الحركة فأصدر عدة استغاثات بأعلى صوته الذى ضعف جدا حتى لم يكد يصل الى آذان أحد من المارة  .. خرج عدنان ابن سهيل الزريقات ليلحق بوالده  فيساعده فى السوق ... وقعت عينا عدنان على أوراق والده المتناثرة حول حافة الحفرة الكبيرة فأطال النظر ودقق ليجد المزيد ملقى بطول عمق الحفرة  فأخذ يجمع ماتستطيع يداه الامساك به أمام الرياح التى تهب وتتوقف ثم تعود لتهب ثانية .. وصلت استغاثة سهيل ضعيفة متهالكة الى آذان ابنه فرد عليه عدنان ملبيا وطلب منه الانتظار قليلا حتى يأتى بالمساعدة .. جرى عدنان تجاه المنزل وأحضر امه واخوته الخمسة ومدّ حبلا سميكا طويلا ليمسك الخمسة أولاد والام بالطرف الاول ويلقى عدنان الى ابيه الطرف الثانى .. لم تقو يد سهيل على الامساك بالحبل فأسرع عدنان بالنزول الى الحفرة  وحمل اباه على كتفه وأمسك بالحبل وبدأ التسلق حتى تمكن من الوصول الى حافة الحفرة  ليأخذ اخوته بيده ويحملون اباهم ، وتوبخ زمرده الزوجة سهيل على اصراره على تعكير صفو مزاج ولى النعم الذى أوشك أن يأتى على نهايته فى حفره  القاتلة .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


السبت، 14 نوفمبر 2020

 ديدان التمور


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ديدان التمور


تتسلق جيوش ديدان التمور  السوداء جذوع النخيل وقت حصاد التمر فى صفوف منتظمة حتى يثقل وزنها فتميل الجذوع لتسقطها فتتنفس بحريه .

يعيد الدود تنظيم صفوفه ويتحرك حتى يصل الى ملتقى الجذوع بجريد النخيل الحامل للتمور  موزعا أعداده الهائلة على كل جريد نخيل واحات الصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى  فيخف وزنه ولايسقط . .

تخترق الديدان غابة الأوراق الخضراء المتشابكة لتصل الى التمر، وتصوب سهاما الى الجدران فتكشف عن القلب ليتساقط ويبقى لحم التمرة فتلتهمه الدودة  السوداء فى ثوان معدوده . .

يبلغ طالعوا النخيل اصحابه فى كل واحة   فيسارعون بعقد اجتماعات طارئة ليسفر عن اتصالهم  بتجار المبيدات فى الحضر المجاور لكل واحة  ويتم تحميل البراميل  ويأتى الرشاشون ، يطلقون سحائب الدخان التى تغطى حدائق النخيل  الواسعة فتنال من الضعيف من جيش الديدان ويأخذ القوى مناعته .

يكلف صاحب كل حديقة نخيل اتباعه بجمع الأنفار لتنقية الدود وحرقه حتى ينقذ ماتبقى من المحصول .. يسرع الاتباع  الى التلال  المجاورة ويتفق مع مقاول الأنفار الذى يأتى بسوليه حسانو أقدم نساء الحلب التى تعمل فى لم الدود فتأتى بأنفار الحلب لتتمكن من انقاذ الواحات من خطر الديدان السوداء الجائعه .

يقف اتباع شيخ قبيائل الفرايطه ومقاول الأنفار وسوليه حسانو على رأس ثلاثمائة نفر .. ينتظم الرجال فى صفوف تواجه الديدان .. تعطى المرأة مائة طبق من الخوص الصغير لابناء الحلب لجمع الدود فيسارعون الى مكان الحريق خارج الحدائق  ويتم حرق الديدان .

لايجد ابناء الحلب أطباقا أخرى لوضع الديدان التى يلتقطونها فيربطون جزوعم بأذيال جلابيبهم ليصبح النصف الأعلى حوافظ يلقى كل منهم فيها دوده من فتحة الصدر حتى تمتلىء الحوافظ فيهرولون الى الحريق ليزيدوا من اشعال ناره التى تلتهم المزيد من الديدان .

تضع سوليه على رؤوس ابناء الحلب مظلات من الخوص لتجعلهم أكثر صبرا مما يدعو مقاول الانفار الى تمييزهم فى الأجر فينال كل نفر من المائة الحلب درهمين  ليجمع أخبار رجال ونساء تل  الكوليه الأجراء من غير اولاد الحلب  لينقلها الى سوليه التى تنقلها الى شيخ القبائل فيقرر استبعاد غير القادرين  على جمع الدود ويعطى بقية المائتين من نساء ورجال الكوليه درهما  واحدا للنفر .

يظل ابناء تل الكوليه الأجراء يضعون الدود الاسود فى صدورهم فتتسع أفواه الدود لتتجه الى البطون الضعيفه فتخترقها لتلتهم الأمعاء ويسقط رجال ونساء الكوليه فيفقد شيخ القبائل  ثلثى ماتبقى من المحصول لينزل بالدرهمين  الى واحد للنفر من ابناء الحلب وتضيع عمولة سوليه التى تأخذها عن كل نفر درهمين  من اسبوع عمل  النفر كما يفقد نفس النسبة مقاول الانفار ، وتعوى بطون فقراء الصحراوات من احسان شيخ القبائل عليهم  خمس محصول التمر من كل عام والذى كان ينوى تقديمه صدقات كما يفعل كل عام لكن الديدان السوداء التهمت ثلثى المحصول  فخيبت كل الظنون هذا العام فى بر واحسان شيخ مشايخ القبائل كما التهمت بطون ابناء الحلب .    .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 دجاج لايبيض


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


دجاج لايبيض


علا صوت طلبه نظير ليبلغ آخر الخيمة  الكبيرة : ياسيدنا القاضى سرقوا دجاجاتى التى لاتبيض .. ذهبت الى صاحب الشرطة ، وأدليت بأوصاف السارق والسرقة فكلف خفرائه  بالبحث منذ عام مضى ، ولم تعد الىّ دجاجاتى .. قالوا اذهب الى مولاك القاضى فجئت أنشد العدل فى ساحتكم البيضاء ، قالوا ستجده فأنصفنى ياسيد المنصفين ومنجد الغارقين .

- ماأوصاف السارق ؟

- السارق يده بطول أزرع الأخطبوط .

-حدد أكثر فكل أيدى اللصوص بهذا الطول .

- عيناه سوداوان بئران بدون ماء .

- عيون اللصوص كذلك ، عدنا للحيرة - ياولدى- هل لديك صفة أكثر دقه ؟

- لم تقو عيناى على التقاط أكثر من ذلك فى زحام وسط النهار .. افتعل مساعدوه المشاجرة وأخذوا دجاجاتى مهر زوجتى الذى سأدفعه الى والدها .. أقبل أقدامك ياسيدنا القاضى .. أعد الىّ دجاجاتى حتى تشفى زوجتى مما أصابها .

- وماذا أصابها ؟

- مرض عضال حار فيه الاطباء .

- أعطنا ياولدى فرصة الى آخر الجلسة ، وسأكلف حاجبنا بتفقد تجار الدجاج فى البلده فقد يساعد هذا فى ايجاد الحل .

عاد الرجل الى مكانه فى القاعة بجوار زوجته التى لم يدخل بها وبشرها بعدل القاضى الذى ملأ جنبات  الصحراوات  .. حركت المرأة أصبعها .. وعد الرجل حماه بقرب عودة الدجاجات مهر ابنته حتى يتمكن من انقاذ قبيلته فى الواحة من وباء دجاجها .. وهب الشيخ ابنته لطلبه نظير حين تيقن من امتلاكه للدجاجات التى لاتبيض والتى سيزوجها من كل ديوك الواحة حتى تفنى الدجاجات والديوك ، ويتخلص أهل الواحة من وباء فتّاك .. أحبت الفتاة عريسها وطار بها عشقا لجمالها .

عاد الحاجب ورجال القاضى بالخبر اليقين .. وضع اللص الدجاجات فى صناديق الوراقين التى سافرت الى الحضر المجاور .. قال الحاجب : الوراقون سبب كل بلاء .

- وكيف سمح الوراقون بهذا الفعل ؟ أيها الحاجب الىّ بشيخ الوراقين الأرعن .

يقتل الشوق طلبه نظير الذى يرى عتاب حبيبته فى العينين ، وتوبخه على التهاون فى المهر الذى لم يقدر اللص حق قدره .

جاء شيخ الوراقين أمام القاضى وأكد عدم وجود الدجاجات فى قلب الصناديق التى أشرف على فتحها بنفسه ، ولم يكن بها سوى اوراق كتاب الصحراوات  ، لكنه رأى رجلا يبيع الى جواره دجاجات ونسى وصف البائع والمشترى .

قال القاضى لطلبه : عوضك على الله ياولدى .. سنقيد حادث السرقة ضد مجهول .

عاد الرجل خائبا فلن يعطى حماه مهر ابنته ، ولن يدخل بامرأته التى ستعود فى صحبة أبيها الى الواحة التى امتلأت بالوباء بعد ما فقد طلبه نظير الدجاجات التى لاتبيض .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الجمعة، 13 نوفمبر 2020

 داير مايدور


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



داير مايدور


ينظر عبادى الخير الى منتصف الدائرة الكبيرة يبحث عن قشة صغيرة يتعلق بها فلايجد ويحاول من جديد .. فقد عبادى الخير زفتاوى أوراق هويته فعرضه مسؤلوا دوائر الهوية على علماء الانساب فلم يتعرفوا عليه فقرر المسؤلون اللف بعبادى الخير كعب دائر على كل دوائر الهوية الخمسمائة المتناثرة فى المناطق البعيدة والقريبة بطول آلاف الكيلومترات .

قيّد الخفير  يدىّ عبادى الخير وسحبه وراءه بالسلسلة الحديدية الطويلة .. ينظر المارة فى دروب الصحراء البعيده  الى قميص عبادى الخير الذى يحمل رقم الصفر على وجهه دلالة على عدم معرفة هويته فيتحسس كل منهم اوراق هويته ويجرى .. تتثاقل اقدام عبادى الخير فيشعر الخفير  بالتراخى فيشد السلسلة لتظغط القيود على ايدى عبادى فينصاع للسحب وتستجيب أقدامه لتريح الايدى من شدة الالم .

دخل الخفير  الدائرة الاولى التى تبعد خمسة كيلومترات عن المركز الرئيسى ليتم عرض عبادى على جملة الخفر العاملين بها ، وحين لايتعرف عليه أحد يسجل آخر ملامحه على سطح ورقة بيضاء يعلقها فى مدخل خيمة المخفر حاملة اسمه وتاريخ ميلاده وجهة الميلاد حتى اذا ماتعرف عليه احد من اهل المنطقة ارسلوا الحمام الزاجل فى أثره ليعود الى هذه النقطة فيطلق سراحه .

ينقل عبادى القدم الاولى لتأخذ خطوتها فى الخمسة كيلومترات الثانية حتى يصل الى الدائرة الثانية التى سيعرض عليها ولن يتعرف عليه احد ليترك  ملامحه معلققة فى مدخل خيمة المخفر  ومن المقرر ان يسير عبادى والحارس خمسة وعشرين كيلومترا هى اتساع الدائرة التى تحيط بالمركز الرئيسى لدائرة الهوية ، وبعد التأكد من عدم معرفة أحد من ابناء الدائرة على عبادى سيستقل الخفير يصحبه عبادى احد ابل قوافل التجارة المتجهة من الجنوب الى الشمال او العكس  لتبدأ رحلة المسافات البعيدة التى لاتقل بحال من الاحوال عن خمسين كيلومترا ، ومع نهاية كل خمسين ينزل الخفير ووراءه عبادى الخير فيعرض على أهل النقطة حيث منتصف الدائرة الصغيرة ثم يستقل الخفير  ناقة أخرى ستنقله الى النقطة التالية .

يبعد عبادى الخير مسافة ألف كيلو متر  خلال اسابيع حتى ينفذ مخزون الخبز فيناما فى النقطة الجديدة حتى الصباح ثم تبدأ رحلة بحث جديدة عن واحد يمكنه التعرف على عبادى الخير  ليتم الافراج عنه وتسليمه الى أهله ان وجد .

تتوالى الشهور  وتمضى الايام والاسابيع ويقطع الخفير وخلفه عبادى الخير مسافة خمسة وعشرين ألف كيلومترا ولم يتعرف أحد على عبادى ، ورد عبادى ذلك الى تغيير ملامحه التى تغيرت بفعل فقده لأوراق الهوية .. عاد عبادى الخير وراء الحارس فى رحلة العودة الى المركز الرئيسى مارا بكل نقاط الدوائر الصغيرة للتأكد من معرفة  أحد المترددين على صفحات وصفه المعلقة فى مداخل خيام المخافر  .

انتهت رحلة العودة الى المركز الرئيسى لدائرة الهوية لتبدأ من جديد رحلة جديدة لعبادى الخير وراء خفير  جديد  كعب داير مايدور .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الخميس، 12 نوفمبر 2020

 غزال البرارى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


غزال البرارى


ينطلق سرب الغزلان يملأ برارى الصحراء الكبرى يبحث عن عين ماء صافية .. تشتد حرارة يونيو العنيدة فتشع أجساد الغزلان نارا بطول جبال الرخ التى لاتطاولها جبال .. تخرج الغزلان ألسنتها من شدة العطش .. ترتعش أجسادها لترقص رقصة الموت على الرمال الحمراء الدامية .. يتلون جسد الغزلان بلون لحمها شديد الاحمرار حتى لاتتمكن الذئاب السمراء من رؤيتها وافتراسها .

يقرر الغزال الكبير قائد السرب العجوز أن يطفىء نيران الأجساد المشتعلة فى قلب بحر رمال  الدم عسى ان تلامس اجسادهم ذرات ماء مدفونة فى بحر الرمال الحمراء .. يتبعه السرب مستسلما فتغطى  الرمال  كل الأجساد .. تنتشر البقع البيضاء الصغيرة  برؤوس السرب التى تتنفس بصعوبة بالغة .

لايطيق جسد الغزالة الصغيرة درجات حرارة رمال بحر الدم العالية والتى تلتهم الأجساد فتخرج مسرعة الى البرارى  .. تبحث عن ظل يقيها ضراوة شمس يونيه المميته .. تبعد الغزالة الصغيرة عن السرب كثيرا .

يعلو عواء الذئاب السمراء التى تسكن فى الغابة الملاصقة لرمال بحر الدم .. يسكن الرعب قلب قائد سرب الغزلان العجوز وقلوب أفراده فتختفى النقط البيضاء العائمة على وجه الرمال .. تجمد الغزالة الصغيرة مكانها .. لم تتمكن هرمونات تغيير لون جلدها من الأصفر الى الاحمر بلون رمال  بحر الدم .. لم تستطع الغزالة الوحيدة أن تقدم قدما أوتؤخر أخرى .

زحف اللون الأسمر على سطح الرمال ، وشكل أفواها ضخمة جائعة تبحث عن فرائسها .. ازداد احمرار عيون الذئاب السمراء التى ملأ عواؤها سماء رمال بحر الدم .

تقدّم كبير الذئاب الى النقطة الصفراء البعيدة ، وزاد اقترابه حتى سقطت الغزالة الصغيرة مغشيا عليها ، ومازال جسدها يرتعش حتى وصل اليها الذئب الكبير .

بدأ وعى الغزالة يعود غير أنها مازالت تغمض عينيها وكتمت أنفاسها ولم يتركها سرب الذئاب السمراء .. غرس الذئب الكبير أظافره فى لحم الغزال ، وسن قواطعه وبرزت أنيابه الطويلة وأخذ فى التهام الفريسة .

تجمع الذئاب حول قائدهم وانتظروا حتى يفرغ من طعامه الى أن شبع ، ثم جاء دورهم ليتلاشى لحم الغزالة الصفراء الصغيرة ويلتصق خيط رفيع من دمها الجاف ليذكر الذئاب بحلاوة لحم غزال الشاطىء 


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020

 ضغط الهواء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ضغط الهواء


تتأوه سوفيه أبوزوين من شدة ضغط الهواء الذى يعلو جسدها بعدما جردتها الممرضة من كل ملابسها الخفيفة والثقيلة لتنهى كل الفحوص التى أمر بها الطبيب عقب سقوطها بين فتيات مشغلها وهى تعلمهن الصبر على الزبائن من المشترين .

جاءت سيارة الاسعاف من الحضر المجاور للصحراء الوسطى  وصعد الرجلان بالمحفة المطاطية حتى انقطعت انفاسهما بعد انهاء رحلة مائة درجة من السلالم الحجرية  العمودية  الؤدية الى اعلى تل ليله حيث توجد خيمة سوفيه ابوزوين ملاصقة لخيمة مشغلها الكبير .. مازالت الفتيات تلطمن على وجوههن وصدورهن وهن محيطات بسوفيه العزيزه الغاليه التى تعهدتهن منذ نعومة أظافرهن حتى اشتدت أعوادهن وطرق أبوابهن الكثير من اولاد الحلال ومازلن يفكرن .

جفت دموع الفتيات من شدة حر الجو المحيط بالمعلمة سوفيه فوق سريرها الحريرى فى قلب خيمتها  فأسرعت الفتيات الى فتح كل شرفات الخيمة  .

حمل رجلا الاسعاف الجسد الملقى على الارض ووضعاه فوق المحفة لتبدأ رحلة هبوط المائة درجة من السلالم العمودية المؤدية الى اسفل التل حيث تقف سيارة الاسعاف .. تزداد تأوهات سوفيه مع اقتراب جهاز الاشعة على الصدر والبطن وتعود الى صمتها ليسجل الاطباء النتائج التى يخرجها لهم جهاز الكومبيتر .

تلتقط عينا سوفيه بعض الصور مع كل افاقة لها فترى لهفة فتياتها وخوفهن على مصيرهن اذا مارحلت سوفيه عن الكون وتركتهن بلاسند ، وتعود سوفيه الى الاغماءة لتتأرجح صورة رجلى الاسعاف وهما يحملان المحفة فى رحلة الهبوط حتى اخرج كل منهما لسانه من فرط التعب ثم ارتميا الى جوارها فى السيارة لينطلق السائق بسرعة البرق كى يتم اسعاف السيدة ورجلى الاسعاف اللذين أوشكا على الهلاك .

تبع خمس من فتيات المشغل سيارة الاسعاف وقضين خمسة عشر ساعة فى صحبة سوفيه منذ وصولها الى غرفة الفحص وتنقلا بين غرفة الاقامة وتعليق المحاليل   وغرفة الفحص ليواصل الاطباء تسجيل النتائج التى تسفر عنها الفحوصات .. مازال ضغط الهواء يزيد على جسد سوفيه كل خمسين دقيقة هى ميعاد الفحص الذى يستغرق خمسة عشر دقيقة لتعود بعدها سوفيه الى غرفة الاقامة .

فرغ الاطباء من ثمانى عشر فحصا لم تسفر عن سبب واضح  لسقوط سوفيه فتركها الاطباء بعدما سددت الفتيات ثمن الفحوصات والاقامة فى الغرفة الخاصة    والمحاليل التى مازالت تتدفق الى داخل الجسد الممدد على سريره .

مرت تسع ساعات أخرى لتفتح سوفيه عينيها ويوقفها الفتيات على ماحدث فتقرر سوفيه المغادرة بعد أن أوصاها الاطباء  بالبعد عن الارهاق فى المشغل والاقلاع عن تعليم الفتيات الصبر الذى أدى الى عدم زواجها وكبت اجمالى انفعالاتها على مدى عمرها الطويل مما أدى الى سقوطها المفاجىء .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الاثنين، 9 نوفمبر 2020

 طواحين الهواء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


طواحين الهواء


تلف أحجار الطواحين المستديرة المتحركة فوق الثابتة وتدور لتحوّل الحبوب الى اللون  الأبيض الذى تلفظه فتحات المنتصف فى مقاطف نساء  الحلب  .. يواصل الهواء ادارة المراوح الضخمة التى تدير السيور الممسكة بأيدى الأحجار الضخمة المتحركة فوق الثابتة فيتم الطحن 

يملأ العمال القواديس بالحبوب من أعلى الفوهات الصاج الواسعة التى تضيق كلما نزلت العينان الى أسفل حتى يقل المتسرب من الحبوب فتتمكن الأحجار من طحنه ، وتغادر نساء الحلب  الى خيامهن  لتعجن الدقيق وتأتى أخريات  بالحبوب الجديدة كى تأخذن دورهن فى المطاحن السبعة 

تتوقف المروحة الأولى التى تدير أكبر المطاحن السبعة فى الصحراء الكبرى  ، ولايتمكن الهواء مع قوة اندفاعه فى موسم الخماسين أن يدير المروحة القديمة .. صعد عمال صيانة الى المروحة وأفرغوا عشرة من صفائح الزيت فى جوفها  لتكتسب التروس سيولة فى الدوران لنقل الحركة الى الأسفل .. نزل العمال وظلوا ينظرون الى أعلى حيث المروحة العنيدة التى أصرت على عدم الحركة للوهن والتعب الذى أصابها من اللف والدوران عشرات السنين .. لم تقو المروحة على الحركة فقد تمكن الصدأ من احداث جرح غائر فى العمود الذى تلف حوله المروحة 

أغلقت الطاحونة الأولى أبوابها فى وجه نساء الحلب  اللاتى انصرفن الى الطواحين الستة المتبقية غير أن المروحة الثانية فقدت ثلاثة من ريشها الطويلة ، ولم يتبق سوى اثنتين عجزتا عن تدوير أحجار الطاحونة الثانية لتلحق بأختها الأولى .. عزّ على اربعة أخريات أن يتركن الأثنتين وحيدتين فانضممن اليهن واغلقت أبوابهن 

قرر صاحب الطواحين أن يحمّل خسارته فى توقف الستة طواحين على أجر طحن الحبوب للنساء القادمات من كل الأنحاء واللاتى فوجئن بالأجر الجديد فضربن على صدورهن وشهقن مما أدى الى شفط كل الهواء المحيط بالمروحة السابعة التى توقفت ليتوقف معها قلب صاحبها 

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


السبت، 7 نوفمبر 2020

شهود النفى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


شهود النفى

 

وقف خمسة من الشهود أمام معالى المحلف ، وأقسم كل منهم أن يقول الحق ولايقول غيره بعد ذكر كافة البيانات من اسم وسن  و محل الاقامة .. بدأ الشاهد الأول شهادته وقال لجناب المحلف : اننى متأكد من رؤيته كما ارى عظمتكم الآن وهو جالس على حافة عين الماء  يفكر كيف سبفتعل الخلاف الذى يدب بينه وبين القتيل .. كانت عيناه زائغة .. تمتلك بريقا لامعا وغريبا فجلست على الحجر  المواجه له عن بعد لأتيقن من عقد نيته .. أطلقت عينى داخل بئر عينيه المظلمتين .. وجدت الشر قد توسد القاع ، أسرعت باعادة عينى الى مكانهما وغادرت المكان حتى لايصيبنى مكروه ولم أر شيئا بعد ذلك لأننى لزمت خيمتى بعد ذلك حتى تم القتل 

جاء الشاهد الثانى وأكد للمحلف قيام القاتل من مكانه واتجاهه الى مكان  القتيل الملاصق لعين الماء بينما علا نباح الكلاب  ليغطى على بداية الحوار بين القاتل والقتيل حتى علا صوتهما على صوت النباح  فاتضحت معالم الكلمات ، وقال القاتل : هذا مكانى  المفضل الذى أجلس عليه منذ عشرين عاما فى تمام كل خامسة طوال الأيام التى لاتعد ولاتحصى .. فلماذا تجلس عليه؟ .. وجئنا ياسيدى المحلف واسطة خير وحاولنا التوفيق بين القاتل والقتيل لكن القاتل أصر على موقفه واستطعنا اقناع القاتل بالعودة الى المكان  الجديد فعاد لكن دمه كان مازال يغلى فى عروقه فنزل وشرب من عين الماء  وعاد الى مكانه ، وانصرفت ياسيدى عائدا الى خيمتى .

قال الشاهد الثالث : مرت ساعات على ماحدث وأخذ كل منهما ينظر الى الشمس الغاربة فوق مياه العين  التى لوّنتها الأشعة باللون الأحمر ثم تركا المكان فى وقت واحد .. قال الشاهد الرابع : لقد سرت وراء الأثنين مخافة أن يحدث مكروه بطول الدرب الموازى لمياه العين الواسعة ..تقدم المسيرة القتيل ووراءه القاتل ، وأنا من خلفهما ولم يتمكن أحد منهما من رؤيتى حتى تتسرب الطمأنينة الى قلبيهما كلما أضاء نور نجم من نجوم السماء  الوجوه ولم يحدث مايعكر الصفو فعدت مسرعا حتى لايأخذ أحد مكانى على العين . 

بدا الأضطراب والتلعثم فى أقوال الشاهد الخامس الذى أكد رفع يد القاتل بخنجره المسموم وأرسله فى صدر القتيل ليسقط وفر القاتل بفعلته .. سأل معالى المحلف الشاهد الخامس عن مدى وضوح الرؤيا للحادث فقال الشاهد : كانا فى منطقة الاظلام بعيدا عن بؤر نور النجوم  

رفع القاضى أصابعا أربعة من يده اليمنى وقال للشاهد : كم اصبعا ترى ؟ .. لم يتمكن الشاهد من العد .. جاء دور شهود النفى ليؤكد جميعهم بأن القاتل كان فى صحبتهم وقت حدوث الجريمة وعدد كثير من الشهود الآخرين رؤية المتهم فى نفس التوقيت بعيدا عن مسرح الجريمة وأكدوا أن هذه مكيدة من خصوم القاتل والقتيل أرادوا أن يتخلصوا من الأثنين معا فاستثمروا الخلاف بينهما على المكان الاقرب الى العين  وفعلوا فعلتهم .. حكم معالى المحلف ببراءة المتهم استنادا للكثرة من أقوال شهود النفى 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الجمعة، 6 نوفمبر 2020

 نخيل ليل

من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


نخيل ليل


يعكس سعب نخيل الليل الكثيف ضوء القمر ليصل الى عيون محبيه فينطلقون وسط الظلام كى يحتل كل منهم مكانه .. يلتف الشباب حول نخيل الليل .. يتزاحمون .. يتدافعون .. بزحزحزح كل منهم الآخر ليأخذ مكان صاحبه .. يقتربون من جذوع نخيل  الليل المظلمة المنزرعة بامتداد الدروب الطويلة . تنتظر عشرات الآلاف من العيون اللامعة المخيفة لحظة ميلاد سعب نخيل الليل الدقيقة الملقح طلعها من فحل نبات البانجو  .. تثمر النخيل مابين التمر ونبات البانجو  فى الربع الأول من الليل .. تستعد الصفوف الأولى للتسلق .. يحتضن اول كل صف جذع النخلة التى أمامه فلاتتمكن زراعاه من احتوائه .. يستخرج الأول أظافره الطويلة ويغرسها فى لحم النخلة  .. يبدأ نقل أظافر اليد اليمنى مع أظافر القدم اليسرى ثم اليسرى مع اليمنى حتى يصل الى بداية الجريد المثمر فيخف وزنه كى يتمكن من جنى ثمار نخل الليل اللزج .. يبدأ الأول فى التقاط الثمار ولايتوقف فيسيل ريق الثانى ويتدفق ريق الثالث فى الصف انتظارا لأدوارهم .

تنسدل عيون الأول الشديدة الجحوظ ، ويكف الخبط عن دماغه فيقل انغراس أظافر الأقدام فى لحم الجريدة  المثمره  ويثقل الشاب فيتأرجح الجريد  حتى يسقط الثمل من ارتفاع خمسة أمتار فيرتطم بوجه الأرض ايذانا ببداية رحلة الشاب الثانى فى الصف .

يسرع الثالث ليبعد الجسد الساقط على الأرض بعيدا عن الصف حتى لايعرقل تقدمه خطوة فى المسار .. ينظر الثانى الى الجريدة  الأولى فلايجد ثمرة واحدة وتلهث عيناه بحثا عن الجريدة  الممتلئة .. يواصل الثانى تسلقه حتى يصل الى الهدف .

يدفع الرابع الثالث الذى أمامه ليزيد التصاقه بالجذع فيتوحد وتقل نسبة خفقان القلب وسرعة تدفق الدماء فى الأوردة .

لايقوى الثانى الممتطى جريدة النخلة على ابتلاع نصف الثمار ويهوى الى الأسفل من ارتفاع سبعة أمتار ليحل محله الثالث فى الأعلى ، ويبعد الرابع الجسد الممدد عن الطريق ويتقدم خطوة فيحتل الأخير مكان السابع والتسعين بدلا من المائه .

يبدأ الربع الثالث من الليل فيكثر ثمار نخيل  الليل وتواصل الصفوف الواقفة أمامها تسلق المائة نخلة  ويزيد المتساقطون من العشرة آلاف شاب .

تقترب لحظة الذروة لأثمار نخل  الليل فى الربع الأخير من الليل ولاتقوى الجريد  على حمل ثمارها فتساقطها لتتخلخل الصفوف وينطلق نصف الواقفين ليلتهم الثمار المغمور بتراب الأرض .. تثقل عيون الواقفين أسفل النخيل  فتسقط عليهم الأجساد المتسلقة وتتكوم الأجساد حتى نهاية الربع الأخير من الليل الذى يؤذن بخلو نخيل  الليل من ثماره فترسل الشمس أول أشعتها لترفع ستار الظلام ويغطى النوم العشرة آلاف جسد فى منتصف الثلث الأخير من قاع الكرة الأرضية التى لاتتوقف عن الدوران لتأتى بالليل ثانية فيثمر نخيل  الليل ولايكف الشباب عن تسلقه.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الخميس، 5 نوفمبر 2020

 سبيل سمره



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


سبيل سمره


يملأ جنش ناوى القلل الفخار العشرين من ماء سبيل سمره نحينح ويضعهم أسفل المظلة المصنوعه من جريد النخيل  التى صنعها طوال الموسم الماضى لتحميه من حرارة شمس الصيف القوية ويجلس .. يستل جنش ناوى عصاه العوجاء الغليظة التى ورثها عن ابيه ناوى عوكل  خفير سبيل سمره ليبعد الاشقياء الصغار الذين يدأبون على سرقة القلل الفخار ويبيعونها فى سوق القلل القديمه حتى لاتوبخه الحاجه سمره نحينح وتقتطع جزءا من أجره اليومى عقابا له على تقصيره فى حماية السبيل الذى يروى المارة فى طريقهم الوعر الطويل بطول الصحراء الممتدة بمحاذاة صحراء  النمور لتزيد حسناتها أويبنى لها قصر فى الجنة كما كانت تفعل امها الحاجه عبيده مع ناوى عوكل والد جنش .

يتوافد السقاؤن على سبيل سمره فيعلق جنش الجمل  ويغمى عينيه حتى لايغمى عليه من كثرة الدوران حول محور ترس الدائرة الكبير الموصولة اسنانه بأسنان دائرة ترس القواديس فتمتلىء القواديس عن آخرها لتخلو من مائها فى نهاية دورة التروس ويعاد تعبئتها لتصب فى الحوض الكبير فيملأ كل سقاء قربه بمقابل زهيد يضعه فى يد جنش ناوى لينتقل بدوره الى يد سمره نحينح التى لاترضى عن آداء الجمل  المغمى الدائر بالتروس ولاجنش ، وتشكو من قلة الدخل  ثم تلوح بخصم جزء من يومية جنش اذا ماتكاسل فيوسع جنش الجمل  ضربا حتى يزيد من دورانه ليزيد الماء فى الحوض .. يزدحم السقاؤون حول الماء فيعيد جنش ناوى ترتيبهم فى صفوف طبقا لأولوية الحضور وأحيانا لأولوية المشاكسين والأكثر قوة حتى لايفقد جنش عمله لدى سمره نحينح اذا ماماطله أحد الأشقياء ولم يدفع ثمن الماء .

يضع جنش عينيه فى وسط رأسه ويبعد الصغار بصوته العالى عن قلل السبيل ويلعن آباءهم وأجدادهم ثم يعود الى عمله حتى آخر سقاء فيفك قيود الجمل  ويرفع الغمامة عن عينيه ، ويرطب جسده بالماء ثم يقدم له طعام الغذاء .

يسرع جنش ناوى الى المظلة ليلتقط أنفاسه ويعاود الجرى وراء الصغار ليبعدهم عن سرقة قلل سبيل سمره حتى لايصيبه أذاها .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


زغلولى

من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


زغلولى


يرقص لطيف زغلولى على أنغام فرقته المحدوده مجسدا العديد من الشخصيات التى يألفها الصغار فيضحكون كثيرا حتى يقعون على ظهورهم ، ويرددون من الأعماق زغلولى .. زغلولى ، ليمنحهم المزيد من الحكايات .

تعلم لطيف فن التهريج على يدى مراد فيّاض أشهر مهرج شهدته الصحراوات طوال فترة حكم الغجر وبالتحديد منذ اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى جاء ت الحرب العالمية الثانية ..

يواصل لطيف لصق لوحاته التمثيلية ببعضها البعض ، ويلون صوته بأصوات ممثلينه فيقهقه الصغار .. تمكن لطيف من زحزحة استاذه مراد فياض بعد عودته من رحلته السرية من أعالى الجبال ليأتى بأكياس الكوكايين ويدسها فى صندوق مراد ويبلغ المخفر عنه فيتم القبض عليه .

تسلل لطيف زغلولى الى قلب سلمى شمعو زوجة مراد وأصبح رجلها الوحيد الذى يدير لها شئون صندوق خيال الظل الذى تملكه فنسيت سلمى زوجها الذى رحل هادئا فى السجن بعد رحلة طويلة مع المرض ، وقويت شوكة لطيف. .

يمسك لطيف بطرطوره الملون ويثبته فوق رأسه ليتركه يرقص بعد ذلك عن طريق خيط ثبته فى ظهره فيقلده الصغار .

يبيع لطيف كل ماترك معلمه مراد دون علم أرملته سلمى فتسقط لتلحق بزوجها ويبيع زغلولى الصندوق  لنفسه ، ويتزوج بروز بنت مراد التى تعجب بسلام حماد الفتى الريفى الذى يذكرها بشباب زوجها فتعشقه حين يتقرب من زغلولى ليتعلم منه الكثير حتى يتفوق عليه فتلد روز ابنتها مى .

يرقص لطيف ويغنى ويندس بين الأطفال ليشاركوه اللهو فيزيد الطلب عليه فى كل خيام كبار القبائل ، ويردد الصغار اسم زغلولى بين جنبات الخيام .

تفرغ روز كيس زغلولى على عشق سلام الذى يفرط فى اعطائها جرعات منتظمه من الكوكايين حتى تدمنه .. ترتدى مى بنت روز وزغلولى رداء المهرج الصغير لتساعد أبيها الذى قلّت حركته فيزيد ضحك الصغار وينشرح قلب لطيف بقدرات صغيرته فيحتضنها .

تقبل روز قدمىّ سلاّم كى يمنحها شمة كوكايين من حافظته الممتلئة فيشترط حصوله على توقيع زغلولى على عقد بيع صندوق الخيال  وهو نائم فتقبل .

تتأكد روز من نوم زوجها لطيف وابنتها مى فتتصل بسلام الذى يجىء حاملا عقده وعلبة الكوكايين ثمنا للصندوق  .. تتناول روز يد زوجها وتضع القلم بين أصابعه فيوقع ، ومع الشمة الأولى يعلو صوت عطسها فتستيقظ مى ولطيف ليفاجئآن بسلام ممسكا عقد شراء الصندوق  مقابل قليل من الكوكايين التى تسحب روز منها المزيد حتى تفرغ فتجحظ عيناها مع آخر شمه .

ينهى لطيف عرضه مع ابنته فيغادر خيمة زيدون عمرين شيخ مشايخ الصحراء الوسطى تاركا خمسا من الراقصات اللاتى كن يعملن معه وفضلن البقاء معه بعيدا عن سلام حماد .. يسب لطيف رحلته السرية فى ليلة رأس السنة التى تسببت فى وصوله الى هذه الحاله .

يمسح زغلولى الأصباغ من على وجه ابنته ووجهه مارا بخيمة صندوق خيال  مراد فياض الذى تم تغييرملكيته  الى سلام حماد بعدما حمل اسم لطيف زغلولى لفترة طويله ، ومازال اسمه يردده الصغار حتى الآن .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 رحيل الشتاء

 

من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


رحيل الشتاء 

عزّ على الشتاء أن يرحل دون أن يلقى بتحيات الوداع الى أبناء عبيد الأسمر أبو الرجال قبلى واحة العبيديه بالصحراء الصغرى  ..جاء الشتاء هذا العام على غير عادته محملا بالجليد المهاجر من بلاد الشمال البعيد فاحتمى ابناء العبيديه بالخنادق القديمه التى صنعها أجدادهم مكانا للسكنى حتى غطتها الرمال ، وأقام الأحفاد فوقها خيامهم الجديده ، ولم تغادرهم الرطوبة حتى فى الخنادق القديمة جدا التى صمدت فى وجه الرمال العاتيه  والغير معروف تاريخ انشائها الذى لم يدونه أحد فلم يهتم واحد من المؤرخين القدامى بالوقائع والأحداث التى شهدتها هذه المنطقة قديما من انتصارات لعبيد الأسمر أبو الرجال على خصمه العنيد عبادى حنين أبو البنات حتى تم التوفيق بينهم وتصاهرا فزّوج عبيد ابنائه من بنات عبادى ، ونسى التاريخ اسم أبو البنات وحمل الأحفاد لقب ابوالرجال عبيد الأسمر القادم من جنوب الجنوب بعد أن أحرقت اشعة الشمس بشرته ، وكان فى صحبته ابن عمه الشقيق عبادى حنين الذى تزوج بنجيبه الحمايمى وانجبت له ثلاث بنات ، كما انجبت له زوجاته الأربعة بعد ذلك عشر بنات أخريات وفرقت النساء بين عبادى وعبيد الأسمر حتى اشتد الخصام بينهما 

قدّم عبادى بعد الصلح بناته زوجات لابناء عبيد ، ومرت السنون لتتوحد العائلتان فتصبح واحدة تحمل لقب ابو الرجال وصارت أصل الواحة  التى جاءها الغرباء كثيرا ثم استقروا بأهلهم فى خيامهم  الجديده فى الجهة الشمالية من واحة  العبيديه وزرعوا صفوفا طويلة من النخيل التى تفصل بين الشمال والجنوب خوفا من الأشقياء من اولاد عبيد الأسمر ابوالرجال الذين اشتهروا بقطع الطريق فى هذه المنطقة وتجريدهم للمارة مما يملكون 

هرمت النخيل وتساقطت الواحدة تلو الاخرى وأشرك الغرباء ابناء العبيديه فى تجارتهم فتحولوا عن قطع الطرق وتزوجوا من بنات الغرباء، واقاموا مخيماتهم الجديده فى الجهة الشرقية أما الجهة الغربية فمازالت ممتلئة بالمقابر المطلة على الصحراء الكبيره منذ دفن عبيد ابوالرجال الأسمر وابن عمه عبادى وقد بنوها بالأحجار لتقاوم مياه السيول الدائمة التدفق طوال فصل الشتاء كل عام.. تتماسك تتماسك خيام العبيديه فيهدم السيل نصفها ليقضى ابناء العبيدية شهرا كاملا كل سنة فى اقامة مخيماتهم الجديده ، غير أن السيول فى هذا العام كانت قاسية عنيده ، ومع رحيل فصل الشتاء بدأت بحور السماء تفتح سدودها وتسوى مائتين من مخيمات  العبيديه بالرمال  فيفر كبار السن والصغار الى الجهة الشرقية اعلى الواحة حتى يحمل الشتاء آخر حقائبه ويرحل

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الثلاثاء، 3 نوفمبر 2020

 مواء

 

من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


مواء 

يعلو مواء القطط الصغيرة بطول دروب واحة الصحراء الكبرى تنادى على القطة الأم بعدما غرس الجوع أنيابه المسنونه فى بطونهم الخالية .. يجتمع صغار الدروب حول القطط الصغيرة .. يلعبون معهم فينسونهم شدة الم الجوع .. تنسى القطط الصغيرة ويتقافز الأطفال حولهم يغنون ويضحكون فتقهقه القطط وينتظر الجميع أمهم الوحيدة 

قامت الصلة بين صغار القطط وصغار الدروب  منذ لحظات ميلاد القطط فلقد قذفت الدروب  بصغارها الى رحم واحة الصحراء الكبرى  فالتقى الصغار بالقطة الأم وقت ولادتها المتعسرة , وظل الصغار يمسحون دموع القطة التى استكانت لأول أيدى بشرية تلامس جسدها .. تلقف الصغار خمسة مواليد .. مزقت الأم البرانس الشفافة التى كانت تغطى كل صغير ليفتح عينيه على فضاء الدرب  الكبير وأسرعت ترضعهم حتى يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم 

شبع الصغار فتركوا ثدى الأم ليتناولها الخمسة أولاد حتى يشبعوا ، وأصبحوا منذ تلك اللحظة أخوة فى الرضاعة  لأم واحدة .. تنطلق القطة الأم بعد خلو ثديها من اللبن بحثا عن غذائها فى بقايا الطعام الملقاة على جانبى الدروب  حتى تشبع لتعود فيفرح ابناؤها العشرة بالعودة فى الصباح والظهيرة والمساء لتناول رضعاتهم المعتادة ثم يعاودون اللعب فيحمل كل ولد شقيقه من الرضاعة  القط الصغير ويواصلون لعبهم حتى يسقطون من التعب فينامون الى جوار أمهم 

يتواصل مواء القطط الصغيرة فيحتضن بعضهم البعض انتظارا لعودة الأم .. يسقط أحد القطط فى قلب نهر الطريق فيسرع اليه الصغير كى يبعده عن طريق ابل القوافل المسرعة ، يتبعه الأربعة صغار والأربعة قطط المتبقية مما يؤدى الى اضطراب الحركة المرورية عبر تقاطع الدروب  التى تصب فى الساحة الكبيرة .. ينزل قواد القوافل  ليزيحوا الصغار وقططهم فيصاب الصغار بالفزع وقت مجىء الأم التى تسارع الى التهام قططها الصغار خوفا عليهم من الزحام الكبير وتهرب ليتبعها الخمسة أولاد الذين توسدوا كومة من رمال درب حنه واصدروا مواءهم العالى حتى تعود الأم اذا ماسمعت أصوات أخوة ابنائها فى الرضاعة ليسكت جوعهم. 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly

الاثنين، 2 نوفمبر 2020

 مانيسه


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


مانيسه


ترتدى مانيسه الجلباب البلدى وتلف العمامة وتضع شاربا أسفل أنفها لتبدأ رحلتها الليلية فى افراح واحة  المتانيه والواحات المجاورة والتى لاتنقطع ابدا .. " عشعوش حملها السيد " .. تبدأ مانيسه بغناء المرحلة الثانية عقب اتمام الزواج فيدعو الجميع للسيد الذى يغمرهم بفيض بركاته .. يجسد فتحى نواعم دور المرأة فى الاغنية التى تغنيها ناميسه حلاوى كل ليلة فيرتدى ثوب زفاف العروس ويضع من الاصباغ ماشاء ليبدو جميلا فى عينى مانيسه وحتى لاتغيّره فهى التى تقوم بدور الزوج فى الاغنية ، ولقد غيرت مانيسه مالايقل عن عشرين من المساعدين الذين لعبوا دور العروس حتى استقر رأيها على فتحى نواعم الذى اشتهر بين نساء الواحة  بأنه أقدر وامهر من دق على طبلة منذ عشرات السنين .

يضع فتحى نواعم الوسائد الصغيرة الواحدة بعد الاخرى أسفل فستان العروس ليتنقل مع شهور الحمل التسعة فتتغنى مانيسه الحلّاوى بفحولة الرجل وخصوبة المرأة التى ستملأ الخيمة بالذرية والغزوة التى سيقوم عليها القوم .

يتبادل فتوح - الشقيق الاصغر لفتحى - الدق على الطبلة حين يتركها فتحى ليتحرك بين نساء الواحة من المدعوّات على الفرح ، ويجسد حالة الارهاق والتعب اثناء الحمل ويعود ليواصل ايقاعه الساحر الذى يستهوى كل النساء .. تضع مانيسه يدها على الشارب فوق الشفاة لتطمئن على وقوف الصقرين عليه وتأمر وتنهى العروس فتطيع العروسة عريسها بنفس راضيه .

تعشق نساء واحة المتانيه صوت مانيسه الرجولى العذب وليونة صوت فتحى نواعم ، ويضحكون على المشاهد التمثيلية التى يقدمانها فى كل فرح ، ويخشى كل رجال الكفر والكفور المجاورة من مجرد الثرثرة أمام أسماع مانيسه التى تنقل كل صغيرة وكبيرة الى آذان عليم حافظ كبير الواحة وزوجته مايسه البلوينى .

تمتد يد مانيسه بالاذى الى كل من تسوّل له نفسه أن يخالفها من رجال ونساء فرق الغوازى المقيمين بواحة المتانيه أو الواحات  المجاوره وتلحق بفرقتها من تشاء منهم ثم تستبدلهم بآخرين بأبخس الاثمان فلايتفوه أحدهم بكلمة حتى لاتطوله يد عليم حافظ وزوجته بنت البلوينى اللذين لايعرفان الرحمة .

 كان عليم حافظ يعتمد على آذانه وآذان زوجته فى استصدار احكامه الظالمه حتى فرّ الكثير من ابناء الواحة مخافة بطشه ، وأوشك المتبقين على الانقلاب عليه وعلى رجاله  .. أسرع عليم الى استرضاء أهل الواحة  فقرر أن يتخلص من مانيسه الحلاوى التى أسرعت وتركت الواحة  حتى لايلحقها أذى من أهل الواحة والواحات  المجاورة الذين آذتهم كثيرا ، وانقطعت أخبار مانيسه الحلاوى عن واحة المتانيه وعن الواحات المجاورة حتى يومنا هذا .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الأحد، 1 نوفمبر 2020

 ليمون هند سعاده


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ليمون هند سعاده


يقطف الصغار الثمار من ليمون هند سعاده  فتدمى الأشواك أيديهم ويطاردهم عوّاد شلبى خفير شجر الليمون بواحة هند سعاده  حتى يبعدهم ويظل يلعن آبآءهم كى ترضى عنه الست هند سعاده  صاحبة الواحة والتى ورثتها مع خمسمائة شجرة ليمون فلاتطرده كما فعلت مع عشرة خفراء قبله .

تنظر هند  من باب خيمتها الى الفروع المتكسرة من شجرة الليمون بأسى وتأمر عواد بقطعها حتى لاتذكرها بأول مرة تعلقت فيها بفرع شجرة الليمون الطويلة وكانت فى سن الثانية عشر وأوسعها الخفراء ضربا لتخلفها عن الهرب مع أشقياء الحى الصغار ، ولم يخلصها من أيديهم غير حفظى هديتى صاحب الواحة وشجر الليمون  الذى قرر أن يتزوجها بعد عامين من تلك الحادثه فطار عقل عبده الحداد والدها من الفرح وأوشك أن يجن مع امها سعاده المناديحى . .

كادت رياح الخماسين أن تقتلع شجر الليمون من جذوره فأحكمت هند اغلاق مداخل خيمتها  فى وجه الرياح ليرحل حفظى هديتى فى هدوء وسكينة مودعا هند سعاده موصيا لها بتركته ووصية على  أخواته الثلاث حياة ورشديه وتحيه القليلات الحيلة كما ورد فى وصيته  .

عشقت الثلاث أخوات الصغيرة الجميلة التى لم تزل بنت بنوت فلم يقو حفظى على الدخول بها .. تقاوم شجرة الليمون الرياح فتتمايل يمينا ويسارا ، ولم تستطع تحيه أصغر أخوات حفظى أن تقاوم الفقر بعد اهمال هند سعاده لها ولاختيها  فباعت  آخر قطعة ذهبية كانت فى حوزتها ، ورحلت لتلحق بأختيها وأخيها .

قررت هند أن تحوّل خمس الواحة الى بحيرة صناعية تستمد مائها من الخمسة آبار ورثها من هديتى  بعد وفاة أمها وأبيها فتحلقن حولها كل نساء الحى والاحياء المجاورة  يعددن محاسنها فجاءت هند بعشرات الصغيرات من تل الحلب  الذى ولدت  به  لتقدمهن لمضيفاتها اللاتى طرن من الفرح وانصرفن عن هند لتنال قسطا من الراحه .

تمصمص هند شفتيها وهى تنظر الى شجر الليمون الذى يتوسط مدخل الواحة فيسد طريق الداخلين لينعطفن يمينا أويسارا الى خيمة هند سعاده بواحة  حفظى هديتى  حيث تستقبل ضيوفها .. أخذت النساء صغيرات هند بنت البنوت الى خيمهن واحتفظت كل سيدة بواحدة وأقلعن عن الحضور الى هند التى ذبل جمالها وغطت التجاعيد وجهها .

تجزل هند العطاء للخفير عواد شلبى ليأتيها بصغلر  بنات الحلب  فلايفلح فتلهب ظهره بلعناتها التى لاتنقطع ليل نهار .. تتقطع آهات شجر الليمون القديمة ثم تصمت مع نجاح رياح الخماسين فى اقتلاعها فتنهمر دموع هند سعاده  الغزيرة وتسقط بنت البنوت خلف باب خيمة حفظى هديتى  كما سقطت اشجار الليمون التى عرفت بين ابناء الواحة  بليمون هند سعاده.  . 

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com