الميراث
حار عبد المنعم عبد الوهاب فيما سيتركه من أرث لبناته الاربع
فهو لايملك مليما واحدا غير قوته وقدرنه على العمل كسمكرى وابور الجاز الذى أوشك
أن ينقرض .. حاول عبد المنعم السمكرى أن يقتطع جزءا ولويسير ليدخره لبناته القصر
كى يتركه كميراث يستندون عليه بعد رحيله لكنه لم يوفق .
استطاع منعم أن يدخل بناته الاربع مدارس متوسطة ،وحصلت اثنتان
منهن على دبلوم التجارة .. لم يعوز منعم بناته الى أى من أقاربه طوال حياته فلقد
كان يعمل ليل نهار ليلبى احتياجلتهن .. تعرّف منعم على موظف بالمجلس البلدى ودأب
على مجاملته بتصليح وابوره فى كل مرة يتعطل فيها بدون مقابل حتى تمكن من أن يطلب
من حامد عبد القدوس الخدمة فى تعيين أولى بناته الاربع فى المجلس البلدى ، وقدم
حامد الطلب الى رئيس المجلس .. ظل الحلم يراود البنات الاربع فى العمل حتى جاءت
البشارة بعد ستة شهور فى بداية السنة المالية الجديدة ، وتم تعيين تسعة عشر من
ابناء العاملين فى المجلس البلدى وكان ترتيب بثينه العشرين فى التعيين بأجر مقابل
عمل وكانت أكثر المعينين حظا فلقد اختارها رئيس المجلس فى مكتبه وذلك لفرط جمالها
.. تمكنت بثينه بدلالها من انتزاع موافقة رئيس المجلس على تعيين ثانى بنات عبد
المنعم عبد الوهاب ، وعملت بنفس الادارة باعتبارها من أخوات العاملات وكان المرتب
ضئيلا .
استطاعت بثينه وبسنت أن يساهموا فى شراء ملابسهما ومكياجهما
واحذيتهما فخفّ الحمل عن منعم ، ومازال قائما على تصليح وابور حامد عبد القدوس
كلما تعطل عرفانا بالجميل الذى سيظل دينا فى رقبته طوال العمر .
حاولت فريده البنت الثالثة من بنات منعم أن تقنع امها زينات
البياع واخواتها البنات بقلب محل السمكرة الى بوتيك وستقف فيه مع والدها فور
تخرجها هذا العام وستلحق بها نوال العام القادم غير أن هذه الفكرة لم تجد صدى لدى
منعم فرفضها ودخل رحلة مرضه القصير بسبب تراكم عوادم بوابير الجاز على جدار رئتيه
.. خشى منعم أن يترك الاربع بنات وأمهم بدون ميراث أوسند فالشقة والمحل بالايجار
وبوفاته سيسقط حقهم فى الايجار بعد وفاة زينات الام ، ولن يقف اخوته الى جوار أى
من البنات أو الزوجة لكثرة اعباء كل منهم .. سأل منعم كثيرا وبحث عن وسيلة تضمن
لاسرته الحق فى تأجير الشقة والمحل فلم يجد .. قرر منعم أن ينفذ مااقترحه عليه
حامد عبد القدوس فدخل المستشفى بكليتين وخرج بواحدة مقابل خمسين ألفا ووزعهم
بالتساوى على بناته الاربع والزوجة .. وضع منعم مبلغ عشرة آلاف باسم كل واحدة من
البنات وكذلك الزوجة فى البنك ليعيشوا من عائد الورث الذى تركه وسقط عليه من
السماء كما قال لهم فلقد ظهرت له قطعة أرض فى البلد وباعها أخوته وهذا هو نصيبه
حسب روايته .. رقد عبد المنعم عبد الوهاب فى سلام بعدما وزع الورث على بناته ، واجتمع
شمل البنات والزوجة ليعلوا الدخل بعلو الفائدة ودعوا لمنعم بالرحمة بعد وفاته لعدم
تركهن يواجهن الحياة بلاميراث .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق