من شارع ابوشلبى متفرع من اول فيصل
سروال جديد
خرج أبوسماح من ملابسه ولم يبق الاعلى سرواله الحريرى الجديد
الذى اشتراه من سوق العرباوى بالفسحة القبلية بعد أن لعن وسبّ آباء سنيه النباح
زوجته وأمهاتها حتى سابع جد لأنها لاتكف عن الطلبات التى لاتنتهى من لبن بودره
للصغيرة وحفاظات وادوية واطباء ، وغير ذلك من احتياجات المنزل .
أمسك زعيزع الخوازيقى بالخرطوم الطويل ووضع بدايته فى فم
الصنبور ، وحمل طرف النهاية التى تعلو عشرين لفة من البلاستيك .. يخطو زعيزع
خطوتين فتنفك الدائرة الاولى متحولة الى خط مستقيم طوله مترا واحدا لاغير ،
وتتواصل الدوائر منفكة حتى يبعد الرجل عن باب المنزل خمسة عشر مترل ثم يعود ثانية
الى الصنبور ليفتحه .
تتدفق المياه فى الخرطوم الطويل فيهرول الخوازيقى ليسبقها
ويمسك بنهاية البلاستيك ليرسم على أرض الشارع منازله التى احتمى ببرودة قلوبها
السكان من شدة الحر ، وأغلقوا كل النوافذ بعد أن صارت السنة فصلا واحدا من الصيف
فى صحراواتهم الواسعة .. يصب أبوسماح الماء على وجه الارض المرسوم وجسده العارى
ليطفىء لهيبه .
يواصل زعيزع الخوازيقى رسم ملامح المنطقة السكنية لابناء الواحة
بخرطوم مياهه الضعيف بعد أن فتحت كل النساء صنابير منازلهن استعدادا للقيلولة ان
وجد الرجال أسفل قباء الحمامات الشديدة التهوية بدون فائده .
تفتح روميه السابغ نافذة منزلها الخلفية المطلة على شارع ابو
سماح الذى سمى باسمه لانه اول من سكن به ليتمكن الخوازيقى من القفز الى الداخل ..
أسرع زعيزع الى روميه وترك خرطومه يرسم ترعة صغيرة وسط رمال الشارع .
أغلقت روميه النافذة خلف زعيزع مسرعة حتى لايلفت نظر أى عابر
سبيل .. تنادى سنيه النباح على زوجها فلايجيب .. تصرخ سماح الصغيرة من شدة الجوع
بعد أن فرغ لبن البودرة فأسرعت سنيه بالخروج حتى تأتى بزوجها ليحضر بعضا من
البودرة بعد أن جف لبنها فى الشهر الثالث عقب وضعها لسماح لمقابلتها عفريت من الجن
اثناء زيارتها لقبر امها .
قابل الخرطوم الملقى على الارض وجه سنيه فاستغربت من اختفاء
زوجها لتنادى عليه بأعلى صوتها ، ولامن مجيب .. لملمت المرأة الخرطوم وأغلقت
الصنبور وحملت صغيرتها الى بيت النباح عايص ابيها ، وقبلت يديه حتى يرق قلبه على
حفيدته الصغيرة فيمنحها القليل من كثير أمواله التى يجنيها من تجارته فى الابل .
دق عدلى ريمان باب منزله ليقفز زعيزع الخوازيقى من النافذة
الخلفية عاريا حتى من سرواله الجديد ، ويجرى الى باب بيته فيجده موصدا ليواصل الدق
.. تفتح كل نساء الشارع نوافهن من شدة الطرق ليتقززن من مشهد الخوازيقى عاريا فتسارعن الى طلب سيارة مستشفى الامراض االنفسية
، وتحمله قبل أن تعود زوجته .
يمنح عايص النباح ابنته بعض الدراهم فى ظل امتعاض زوجته
الجديدة ، وتغادر سنيه حاملة ابنتها لتبدأ رحلة بحثها عن الزوج فتخبرها النساء عن
مكانه .. تسرع أم سماح الى المستشفى فيرفض الاطباء اجراء المقابلة لسوء حالة الزوج
فتعود من حيث جاءت ، وتهرول الى اخوة زعيزع الخمسة الذين يفشلوا بدورهم فى انتزاعه
من بين الحالات المستعصيه .
يسأل عدلى ريمان روميه زوجته عن السروال الحريرى الابيض الجديد
الذى يعكس كل حرارة الشمس الحارقة ويشعر الجسم بالبرودة فتخبره بشرائها له من سوق
العرباوى بالفسحة القبلية فيرتديه لاسابيع طويلة حتى تقرر روميه تنظيفه فيخلعه
وتغسله ثم تنشره .
ترى سنيه النباح سروال زوجها حاملا ثلاث نقاط من دم يدها التى
جرحت وهى تدخل الخيط فى عين الابرة فتسرع
الى المنشر وتلتقط السروال .. تسرع الى كبير الاطباء وتحكى له كل القصة فيأمر بعقد
اللقاء بين المريض وزوجته وابنتهما الصغيرة ويعودوا بعد ساعة الى المنزل .
ترحل روميه وزوجها عدلى ريمان الذى لم ينجب سوى ابن واحد واقلع
بعده عن الانجاب .. قرر زعيزع عدم الخروج الى الشارع ورسم اشكاله المحببة فى فصل
الصيف الطويل والتصق بسرواله الجديد الذى كان السبب الحقيقى فى خروجه من المصحه .
قصه قصيره بقلم
محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق