الأحد، 24 يوليو 2016

دود القطن
يتسلق دود القطن السيقان القصيرة فى صفوف منتظمة حتى يثقل وزنها فتميل السيقان لتسقطها فتتنفس بحريه .
يعيد الدود تنظيم صفوفه ويتحرك حتى يصل الى ملتقى الجذور والسيقان موزعا أعداده الهائلة على كل عيدان الحقول فيخف وزنه .
تخترق الديدان غابة الأوراق الخضراء المتشابكة لتصل الى الشرانق التى تغلق باحكام على زهور القطن اللين ، وتصوب سهاما الى الجدران فتتآكل لتكشف عن القلب وتسرع الديدان الى التهامه .
يبلغ الفلاحون خولى العزبة الذى يبلغ بدوره  الباشا مالك العزبه فيسرع بالاتصال بتجار المبيدات فى البندر ويتم تحميل السيارات ويأتى الرشاشون ، يطلقون سحائب الدخان التى تغطى الحقول الواسعة فتنال من الضعيف من جيش الديدان ويأخذ القوى مناعته .
يكلف الباشا الخولى بجمع الأنفار لتنقية الدود وحرقه حتى ينقذ ماتبقى من المحصول .. يسرع الخولى الى القرية المجاورة ويتفق مع مقاول الأنفار الذى يأتى بسوليه حسانو أقدم نساء الحلب التى تعمل فى لم الدود فتأتى بأنفار الحلب وأنفار القرى المجاورة لتتمكن من انقاذ عزبة الباشا من خطر الدود الجائع .
يقف الخولى ومقاول الأنفار وسوليه حسانو على رأس ثلاثمائة نفر .. ينتظم الرجال فى صفوف تواجه الديدان .. تعطى المرأة مائة طبق من الخوص الصغير لابناء الحلب لجمع الدود فيسرعون الى مكان الحريق خارج الحقول ويتم حرق الديدان .
لايجد ابناء القرى المجاورة أطباقا أخرى لوضع الديدان التى يلتقطونها فيربطون جزوعم بأذيال جلابيبهم ليصبح النصف الأعلى حوافظ يلقى كل منهم فيها دوده من فتحة الصدر حتى تمتلىء الحوافظ فيهرولون الى الحريق ليزيدوا من اشعال ناره التى تلتهم المزيد من الديدان .
تضع سوليه على رؤوس ابناء الحلب مظلات من الخوص لتجعلهم أكثر صبرا مما يدعو المقاول والخولى والباشا الى تمييزهم فى الأجر فينال كل نفر من المائة الحلب مليمين ليجمع أخبار رجال ونساء الكوليه الأجراء لينقلها الى سوليه التى تنقلها الى المقاول الذى ينقلها الى الخولى الذى ينقلها الى الباشا فيقرر استبعاد غير القادر على جمع الدود ويعطى بقية المائتين من نساء ورجال الكوليه مليما واحدا للنفر .
يظل ابناء قرى الكوليه الأجراء يضعون دود القطن فى صدورهم فتتسع أفواه الدود لتتجه الى البطون الضعيفه فتخترقها لتلتهم الأمعاء ويسقط رجال ونساء الكوليه فيفقد الباشا ثلثى ماتبقى من المحصول لينزل بالمليمين الى واحد للنفر من ابناء الحلب وتضيع عمولة سوليه التى تأخذها عن كل نفر وهى مليمان من اسبوع النفر كما يفقد نفس النسبة المقاول والخولى ، ويعوى جسد العالم من شدة برد الشتاء الجليدى لندرة الانسجة القطنية بسبب توحش دود القطن .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق