الأربعاء، 27 يوليو 2016

ليمونة سونه يقطف الصغار الثمار من ليمونة سونه فتدمى الأشواك أيديهم ويطاردهم عوّاد شلبى خفير القصر حتى يبعدهم ويظل يلعن آبآءهم كى ترضى عنه الست سونه صاحبة القصر وشجرة الليمون فلاتطرده كما فعلت مع عشرة خفراء قبله . تنظر سونه من نافذة القصر الى الفروع المتكسرة من شجرة الليمون بأسى وتأمر عواد بقطعها حتى لاتذكرها بأول مرة تعلقت فيها بفرع شجرة الليمون الطويلة وكانت فى سن الثانية عشر وأوسعها الخفراء ضربا لتخلفها عن الهرب مع أشقياء الشارع الصغار ، ولم يخلصها من أيديهم غير حفظى باشا صاحب القصر الذى قرر أن يتزوجها بعد عامين من تلك الحادثه فطار عبده الحداد والدها من الفرح وأوشك أن يجن . كادت رياح الخماسين أن تقتلع شجرة الليمون من جذورها فأغلقت سونه زجاج النافذة فى وجه الرياح ليرحل حفظى باشا مع تولى محمد سعيد باشا الوزارة بعد ثورة سعد باشا ، وخسر حفظى كل أمواله فيماعدا القصر الذى تركه لسونه فى أحضان أخواته الثلاث حياة ورشديه وتحيه . عشقت الثلاث أخوات الصغيرة الجميلة التى لم تزل بنت بنوت فلم يقو حفظى باشا على تحويلها الى سيده .. تقاوم شجرة الليمون الرياح فتتمايل يمينا ويسارا ، ولم تستطع تحيه أصغر أخوات حفظى أن تقاوم الفقر بعد بيعها لآخر قطعة ذهبية كانت فى حوزتها ، ورحلت لتلحق بأختيها وأخيها . قررت سونه أن تحوّل قصرها الى ملهى بعد وفاة أمها وأبيها فتحلقن حولها كل نساء القصور المحيطة يعددن محاسنها فجاءت سونه بعشرات الصغيرات من العزبة التى تربت فيها لتقدمهن لمضيفاتها اللاتى طرن من الفرح وانصرفن عن سونه لتنال قسطا من الراحه . تمصمص سونه شفتيها وهى تنظر الى شجرة الليمون التى تتوسط حديقة القصر فتسد طريق الداخلين من الباب الرئيسى لينعطفن يمينا أويسارا الى السلمين المؤديان الى الدور الأول بقصر حفظى حيث تستقبل سونه ضيوفها .. أخذت نساء القصور صغيرات سونه بنت البنوت الى قصورهن واحتفظت كل سيدة بواحدة وأقلعن عن الحضور الى سونه التى ذبل جمالها وغطت التجاعيد وجهها . تجزل سونه العطاء للخفير عواد شلبى ليأتيها بنساء العزبة فلايفلح فتلهب ظهره بلعناتها التى لاتنقطع ليل نهار .. تتقطع آهات شجرة الليمون القديمة ثم تصمت مع نجاح رياح الخماسين فى اقتلاعها فتنهمر دموع سونه الغزيرة وتسقط بنت البنوت خلف زجاج نافذة حفظى باشا كما سقطت شجرة الليمون التى عرفت بين ابناء العزبة بليمونة سونه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون

ليمونة سونه
يقطف الصغار الثمار من ليمونة سونه فتدمى الأشواك أيديهم ويطاردهم عوّاد شلبى خفير القصر حتى يبعدهم ويظل يلعن آبآءهم كى ترضى عنه الست سونه صاحبة القصر وشجرة الليمون فلاتطرده كما فعلت مع عشرة خفراء قبله .
تنظر سونه من نافذة القصر الى الفروع المتكسرة من شجرة الليمون بأسى وتأمر عواد بقطعها حتى لاتذكرها بأول مرة تعلقت فيها بفرع شجرة الليمون الطويلة وكانت فى سن الثانية عشر وأوسعها الخفراء ضربا لتخلفها عن الهرب مع أشقياء الشارع الصغار ، ولم يخلصها من أيديهم غير حفظى باشا صاحب القصر الذى قرر أن يتزوجها بعد عامين من تلك الحادثه فطار عبده الحداد والدها من الفرح وأوشك أن يجن .
كادت رياح الخماسين أن تقتلع شجرة الليمون من جذورها فأغلقت سونه زجاج النافذة فى وجه الرياح ليرحل حفظى باشا مع تولى محمد سعيد باشا الوزارة بعد ثورة سعد باشا ، وخسر حفظى كل أمواله فيماعدا القصر الذى تركه لسونه فى أحضان أخواته الثلاث حياة ورشديه وتحيه .
عشقت الثلاث أخوات الصغيرة الجميلة التى لم تزل بنت بنوت فلم يقو حفظى باشا على تحويلها الى سيده .. تقاوم شجرة الليمون الرياح فتتمايل يمينا ويسارا ، ولم تستطع تحيه أصغر أخوات حفظى أن تقاوم الفقر بعد بيعها لآخر قطعة ذهبية كانت فى حوزتها ، ورحلت لتلحق بأختيها وأخيها .
قررت سونه أن تحوّل قصرها الى ملهى بعد وفاة أمها وأبيها فتحلقن حولها كل نساء القصور المحيطة يعددن محاسنها فجاءت سونه بعشرات الصغيرات من العزبة التى تربت فيها لتقدمهن لمضيفاتها اللاتى طرن من الفرح وانصرفن عن سونه لتنال قسطا من الراحه .
تمصمص سونه شفتيها وهى تنظر الى شجرة الليمون التى تتوسط حديقة القصر فتسد طريق الداخلين من الباب الرئيسى لينعطفن يمينا أويسارا الى السلمين المؤديان الى الدور الأول بقصر حفظى حيث تستقبل سونه ضيوفها .. أخذت نساء القصور صغيرات سونه بنت البنوت الى قصورهن واحتفظت كل سيدة بواحدة وأقلعن عن الحضور الى سونه التى ذبل جمالها وغطت التجاعيد وجهها .
تجزل سونه العطاء للخفير عواد شلبى ليأتيها بنساء العزبة فلايفلح فتلهب ظهره بلعناتها التى لاتنقطع ليل نهار .. تتقطع آهات شجرة الليمون القديمة ثم تصمت مع نجاح رياح الخماسين فى اقتلاعها فتنهمر دموع سونه الغزيرة وتسقط بنت البنوت خلف زجاج نافذة حفظى باشا كما سقطت شجرة الليمون التى عرفت بين ابناء العزبة بليمونة سونه .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


مانيسه ترتدى مانيسه الجلباب البلدى وتلف العمامة وتضع شاربا أسفل أنفها لتبدأ رحلتها الليلية فى افراح كفر المتانيه والكفور المجاورة والتى لاتنقطع ابدا .. " عشعوش حبلها السيد " .. تبدأ مانيسه بغناء المرحلة الثانية عقب اتمام الزواج فيدعو الجميع للسيد البدوى الذى يغمرهم بفيض بركاته .. يجسد فتحى نواعم دور المرأة فى الاغنية التى تغنيها ناميسه حلاوى كل ليلة فيرتدى ثوب زفاف العروس ويضع من الاصباغ ماشاء ليبدو جميلا فى عيتى مانيسه وحتى لاتغيّره فهى التى تقوم بدور الزوج فى الاغنية ، ولقد غيرت مانيسه مالايقل عن عشرين من المساعدين الذين لعبوا دور العروس حتى استقر رأيها على فتحى نواعم الذى اشتهر بين نساء الكفر بأنه أقدر وامهر من دق على طبلة منذ عشرات السنين . يضع فتحى نواعم الوسائد الصغيرة الواحدة بعد الاخرى أسفل فستان العروس ليتنقل مع شهور الحمل التسعة فتتغنى مانيسه الحلّاوى بفحولة الرجل وخصوبة المرأة التى ستملأ الدار بالذرية والغزوة التى سيقوم عليها البيت . يتبادل فتوح - الشقيق الاصغر لفتحى - الدق على الطبلة حين يتركها فتحى ليتحرك بين نساء الكفر من المدعوّات على الفرح ، ويجسد حالة الارهاق والتعب اثناء الحمل ويعود ليواصل ايقاعه الساحر الذى يستهوى كل النساء .. تضع مانيسه يدها على الشارب فوق الشفاة لتطمئن على وقوف الصقرين عليه وتأمر وتنهى العروس فتطيع العروسة عريسها بنفس راضيه . تعشق نساء كفر المتانيه صوت مانيسه الرجولى العذب وليونة صوت فتحى نواعم ، ويضحكون على المشاهد التمثيلية التى يقدمانها فى كل فرح ، ويخشى كل رجال الكفر والكفور المجاورة من مجرد الثرثرة أمام أسماع مانيسه التى تنقل كل صغيرة وكبيرة الى آذان عليم حافظ العمدة وزوجته مايسه البلوينى . تمتد يد مانيسه بالاذى الى كل من تسوّل له نفسه أن يخالفها من رجال ونساء فرق الغوازى المقيمين بكفر المتانيه أو المناطق المجاوره وتلحق بفرقتها من تشاء منهم ثم تستبدلهم بآخرين بأبخس الاثمان فلايتفوه أحدهم بكلمة حتى لاتطوله يد عليم حافظ وزوجته بنت البلوينى اللذين لايعرفان الرحمة . كان عليم حافظ يعتمد على آذانه وآذان زوجته فى استصدار احكامه الظالمه حتى فرّ الكثير من ابناء الكفر مخافة بطشه ، وأوشك المتبقين على الانقلاب عليه وعلى رجاله .. أسرع عليم الى استرضاء أهل الكفر فقرر أن يتخلص من مانيسه الحلاوى التى أسرعت وتركت الكفر حتى لايلحقها أذى من أهل الكفر والكفور المجاورة الذين آذتهم كثيرا ، وانقطعت أخبار مانيسه الحلاوى عن كفر المتانيه وعن المناطق المجاورة حتى يومنا هذا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون

مانيسه
ترتدى مانيسه الجلباب البلدى وتلف العمامة وتضع شاربا أسفل أنفها لتبدأ رحلتها الليلية فى افراح كفر المتانيه والكفور المجاورة والتى لاتنقطع ابدا .. " عشعوش حبلها السيد " .. تبدأ مانيسه بغناء المرحلة الثانية عقب اتمام الزواج فيدعو الجميع للسيد البدوى الذى يغمرهم بفيض بركاته .. يجسد فتحى نواعم دور المرأة فى الاغنية التى تغنيها ناميسه حلاوى كل ليلة فيرتدى ثوب زفاف العروس ويضع من الاصباغ ماشاء ليبدو جميلا فى عيتى مانيسه وحتى لاتغيّره فهى التى تقوم بدور الزوج فى الاغنية ، ولقد غيرت مانيسه مالايقل عن عشرين من المساعدين الذين لعبوا دور العروس حتى استقر رأيها على فتحى نواعم الذى اشتهر بين نساء الكفر بأنه أقدر وامهر من دق على طبلة منذ عشرات السنين .
يضع فتحى نواعم الوسائد الصغيرة الواحدة بعد الاخرى أسفل فستان العروس ليتنقل مع شهور الحمل التسعة فتتغنى مانيسه الحلّاوى بفحولة الرجل وخصوبة المرأة التى ستملأ الدار بالذرية والغزوة التى سيقوم عليها البيت .
يتبادل فتوح - الشقيق الاصغر لفتحى - الدق على الطبلة حين يتركها فتحى ليتحرك بين نساء الكفر من المدعوّات على الفرح ، ويجسد حالة الارهاق والتعب اثناء الحمل ويعود ليواصل ايقاعه الساحر الذى يستهوى كل النساء .. تضع مانيسه يدها على الشارب فوق الشفاة لتطمئن على وقوف الصقرين عليه وتأمر وتنهى العروس فتطيع العروسة عريسها بنفس راضيه .
تعشق نساء كفر المتانيه صوت مانيسه الرجولى العذب وليونة صوت فتحى نواعم ، ويضحكون على المشاهد التمثيلية التى يقدمانها فى كل فرح ، ويخشى كل رجال الكفر والكفور المجاورة من مجرد الثرثرة أمام أسماع مانيسه التى تنقل كل صغيرة وكبيرة الى آذان عليم حافظ العمدة وزوجته مايسه البلوينى .
تمتد يد مانيسه بالاذى الى كل من تسوّل له نفسه أن يخالفها من رجال ونساء فرق الغوازى المقيمين بكفر المتانيه أو المناطق المجاوره وتلحق بفرقتها من تشاء منهم ثم تستبدلهم بآخرين بأبخس الاثمان فلايتفوه أحدهم بكلمة حتى لاتطوله يد عليم حافظ وزوجته بنت البلوينى اللذين لايعرفان الرحمة .
 كان عليم حافظ يعتمد على آذانه وآذان زوجته فى استصدار احكامه الظالمه حتى فرّ الكثير من ابناء الكفر مخافة بطشه ، وأوشك المتبقين على الانقلاب عليه وعلى رجاله  .. أسرع عليم الى استرضاء أهل الكفر فقرر أن يتخلص من مانيسه الحلاوى التى أسرعت وتركت الكفر حتى لايلحقها أذى من أهل الكفر والكفور المجاورة الذين آذتهم كثيرا ، وانقطعت أخبار مانيسه الحلاوى عن كفر المتانيه وعن المناطق المجاورة حتى يومنا هذا .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


مواء يعلو مواء القطط الصغيرة بطول رصيف الشارع الكبير تنادى على القطة الأم بعدما غرس الجوع أنيابه المسنونه فى بطونهم الخالية .. يجتمع صغار الشوارع حول القطط الصغيرة .. يلعبون معهم فينسونهم شدة الم الجوع .. تنسى القطط الصغيرة ويتقافز الأطفال حولهم يغنون ويضحكون فتقهقه القطط وينتظر الجميع أمهم الوحيدة قامت الصلة بين صغار القطط وصغار الشوارع منذ لحظات ميلاد القطط فلقد قذفت الحارات بصغارها الى رحم الشوارع الكبيرة فالتقى الصغار بالقطة الأم وقت ولادتها المتعسرة , وظل الصغار يمسحون دموع القطة التى استكانت لأول أيدى بشرية تلامس جسدها .. تلقف الصغار خمسة مواليد .. مزقت الأم البرانس الشفافة التى كانت تغطى كل صغير ليفتح عينيه على فضاء الشارع الكبير وأسرعت ترضعهم حتى يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم شبع الصغار فتركوا ثدى الأم ليتناولها الخمسة أولاد حتى يشبعوا ، وأصبحوا منذ تلك اللحظة أخوة لأم واحدة .. تنطلق القطة الأم بعد خلو ثديها من اللبن بحثا عن غذائها فى بقايا المطاعم الكبيرة المتناثرة أمامها بامتداد رصيف الشارع الكبير حتى تشبع لتعود فيفرح ابناؤها العشرة بالعودة فى الصباح والظهيرة والمساء لتناول رضعاتهم المعتادة ثم يعاودون اللعب فيحمل كل ولد شقيقه القط الصغير ويواصلون لعبهم حتى يسقطون من التعب فينامون الى جوار أمهم يتواصل مواء القطط الصغيرة فيحتضن بعضهم البعض انتظارا لعودة الأم .. يسقط أحد القطط أسفل الرصيف فيسرع اليه الصغير كى يبعده عن طريق السيارات المسرعة ، يتبعه الأربعة صغار والأربعة قطط المتبقية مما يؤدى الى اضطراب الحركة المرورية عبر تقاطع الشوارع التى تصب فى الشارع الكبير .. ينزل قواد السيارات ليزيحوا الصغار وقططهم فيصاب الصغار بالفزع وقت مجىء الأم التى تسارع الى التهام قططها الصغار خوفا عليهم من الزحام الكبير وتهرب ليتبعها الخمسة أولاد الذين توسدوا الرصيف واصدروا مواءهم العالى حتى تعود الأم اذا ماسمعت أصوات أخوة ابنائها فى الرضاعة ليسكت جوعهم قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون

مواء
يعلو مواء القطط الصغيرة بطول رصيف الشارع الكبير تنادى على القطة الأم بعدما غرس الجوع أنيابه المسنونه فى بطونهم الخالية .. يجتمع صغار الشوارع حول القطط الصغيرة .. يلعبون معهم فينسونهم شدة الم الجوع .. تنسى القطط الصغيرة ويتقافز الأطفال حولهم يغنون ويضحكون فتقهقه القطط وينتظر الجميع أمهم الوحيدة
قامت الصلة بين صغار القطط وصغار الشوارع منذ لحظات ميلاد القطط فلقد قذفت الحارات بصغارها الى رحم الشوارع الكبيرة فالتقى الصغار بالقطة الأم وقت ولادتها المتعسرة , وظل الصغار يمسحون دموع القطة التى استكانت لأول أيدى بشرية تلامس جسدها .. تلقف الصغار خمسة مواليد .. مزقت الأم البرانس الشفافة التى كانت تغطى كل صغير ليفتح عينيه على فضاء الشارع الكبير وأسرعت ترضعهم حتى يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم
شبع الصغار فتركوا ثدى الأم ليتناولها الخمسة أولاد حتى يشبعوا ، وأصبحوا منذ تلك اللحظة أخوة لأم واحدة .. تنطلق القطة الأم بعد خلو ثديها من اللبن بحثا عن غذائها فى بقايا المطاعم الكبيرة المتناثرة أمامها بامتداد رصيف الشارع الكبير حتى تشبع لتعود فيفرح ابناؤها العشرة بالعودة فى الصباح والظهيرة والمساء لتناول رضعاتهم المعتادة ثم يعاودون اللعب فيحمل كل ولد شقيقه القط الصغير ويواصلون لعبهم حتى يسقطون من التعب فينامون الى جوار أمهم
يتواصل مواء القطط الصغيرة فيحتضن بعضهم البعض انتظارا لعودة الأم .. يسقط أحد القطط أسفل الرصيف فيسرع اليه الصغير كى يبعده عن طريق السيارات المسرعة ، يتبعه الأربعة صغار والأربعة قطط المتبقية مما يؤدى الى اضطراب الحركة المرورية عبر تقاطع الشوارع التى تصب فى الشارع الكبير .. ينزل قواد السيارات ليزيحوا الصغار وقططهم فيصاب الصغار بالفزع وقت مجىء الأم التى تسارع الى التهام قططها الصغار خوفا عليهم من الزحام الكبير وتهرب ليتبعها الخمسة أولاد الذين توسدوا الرصيف واصدروا مواءهم العالى حتى تعود الأم اذا ماسمعت أصوات أخوة ابنائها فى الرضاعة ليسكت جوعهم
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون

ce:none;direction: ltr;unicode-bidi:embed'> 

نار الفرن وقف سعيد خلف زجاج شرفة غرفة شقته الجديده التى اشتراها مؤخرا بلندن يحتمى بتكييفها من موجة الحر التى راح ضحيتها العشرات من كبار السن فى دول الجنوب الاوربى .. يطيل سعيد الشرناوى النظر الى الوجوه المحمرّة المثقلة بقنوات العرق المتدفقة لتغرق الملابس ، وهرولة المارة الى داخل المحلات المكيفة هربا من موجة الحر القاتل .. يستدعى سعيد وقوفه لفترات طويلة أمام نار الفرن البلدى التى كان يعمل بها منذ قدومه من سنور الى المدينة القديمة لالتحاقه بالجامعة .. اكتفى الشرناوى حسين خضر الموظف بادارة المشتريات فى سنور بتعليم ابنه سعيد حتى الثانوية العامة ليكمل تعليم ستة ابناء اصغر من سعيد وبحث لابنه عن وظيفة فى الادارة التى يعمل بها لكن سعيد كان يرغب فى مواصلة التعليم فى الجامعة وانتزع من والده الموافقة بصعوبة بعد أن أكد له عدم تكلفته قرشا واحدا فى دراسته بعد اليوم وسينزل على اصدقائه الذين يعملون فى فرن المدينة البلدى حتى يوفر لنفسه فرصة عمل يعيش منها ويكمل تعليمه . انتقلت مشاعر الحنق على الحر القاتل من ابناء لندن الى سعيد ابن سنور الذى كان لايشعر بالحر فلقد افقدته نار الفرن التى كان يعمل بها هذا الاحساس منذ زمن .. يفرغ سعيد من دراسة يومه الجامعى فى تمام الثالثة ليتوجه الى الفرن ويتسلم الوردية فى الرابعة .. يتجرد من ملابسه الثقيلة حتى لاتؤذى جسده ويقف أمام نار الفرن المتقدة يرص الخبز على السطح عجينا ليستخرجه بعد قليل ناضجا فتتلقفه أيادى زملائه الذين ساعدوه فى العثور على هذا العمل .. يظل سعيد يغنى مع اصدقائه طوال الوردية : الحلوه دى قامت تعجن .. ليسلوا انفسهم وتهون عليهم شدة حر نيران الفرن ، ويغادر مع انتصاف ليل المدينة .. يسرع الى دروسه فى الغرفة التى تضم واحدا وعشرين فردا من القادمين من الصحراء الغربية بجوار البحيرة ليتناوبوا النوم سبعة سبعة كما يتناوبون العمل . تبرّم سعيد من وقفته فجاء بمقعد وجلس يراقب المارة من خلف زجاج شقته بلندن .. مرّ عامان على عمل سعيد فى الفرن فرضخ لوصية زميله ممدوح عبد الراضى وراقب سلوك زملائه فى الكلية ليقدم تقريرا له كل يوم ، وغادر سعيد الفرن الى غير رجعة لكن مرارة خبزه مازالت تلازمه حتى وهو يتهيىء لدراسته العليا فى لندن .. تزوج سعيد من بنات المدينة كى يحصل على الاقامة بعد أن قرر أن يهجر الكتابة التى امتهنها فور تخرجه فى الجامعة والتى كانت السبب الحقيقى وراء سفره خارج القطر . التحق سعيد بمعهد الحاسب الآلى وحقق فيه تفوقا وواصل فيه دراسته العليا الى جوار عمله فى المعهد .. علا صوت مارجريت زوجة سعيد الثانية تدعوه الى الغداء فأخرجته من بحار الذاكرة وأحرقت السيجارة التى كان يدخنها أصابعه فقرر أن يترك مارجريت التى تركت فى يده علامة أخرى تذكره بالنيران المتقدة التى لازمته لمدة عامين على أن يتزوج بثالثة من بنات المدينة تمنحه الاقامة وتنسيبه نار الفرن . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون

نار الفرن
وقف سعيد خلف زجاج شرفة غرفة شقته الجديده التى اشتراها مؤخرا بلندن يحتمى بتكييفها من موجة الحر التى راح ضحيتها العشرات من كبار السن فى دول الجنوب الاوربى .. يطيل سعيد الشرناوى النظر الى الوجوه المحمرّة المثقلة بقنوات العرق المتدفقة لتغرق الملابس ، وهرولة المارة الى داخل المحلات المكيفة هربا من موجة الحر القاتل .. يستدعى سعيد وقوفه لفترات طويلة أمام نار الفرن البلدى التى كان يعمل بها منذ قدومه من سنور الى المدينة القديمة لالتحاقه بالجامعة .. اكتفى الشرناوى حسين خضر الموظف بادارة المشتريات فى سنور بتعليم ابنه سعيد حتى الثانوية العامة ليكمل تعليم ستة ابناء اصغر من سعيد وبحث لابنه عن وظيفة فى الادارة التى يعمل بها لكن سعيد كان يرغب فى مواصلة التعليم فى الجامعة وانتزع من والده الموافقة بصعوبة بعد أن أكد له عدم تكلفته قرشا واحدا فى دراسته بعد اليوم وسينزل على اصدقائه الذين يعملون فى فرن المدينة البلدى حتى يوفر لنفسه فرصة عمل يعيش منها ويكمل تعليمه .
انتقلت مشاعر الحنق على الحر القاتل من ابناء لندن الى سعيد ابن سنور الذى كان لايشعر بالحر فلقد افقدته نار الفرن التى كان يعمل بها هذا الاحساس منذ زمن .. يفرغ سعيد من دراسة يومه الجامعى فى تمام الثالثة ليتوجه الى الفرن ويتسلم الوردية فى الرابعة .. يتجرد من ملابسه الثقيلة حتى لاتؤذى جسده ويقف أمام نار الفرن المتقدة يرص الخبز على السطح عجينا ليستخرجه بعد قليل ناضجا فتتلقفه أيادى زملائه الذين ساعدوه فى العثور على هذا العمل .. يظل سعيد يغنى مع اصدقائه طوال الوردية : الحلوه دى قامت تعجن .. ليسلوا انفسهم وتهون عليهم شدة حر نيران الفرن ، ويغادر مع انتصاف ليل المدينة .. يسرع الى دروسه فى الغرفة التى تضم واحدا وعشرين فردا من القادمين من الصحراء الغربية بجوار البحيرة ليتناوبوا النوم سبعة سبعة كما يتناوبون العمل .
تبرّم سعيد من وقفته فجاء بمقعد وجلس يراقب المارة من خلف زجاج شقته بلندن .. مرّ عامان على عمل سعيد فى الفرن فرضخ لوصية زميله ممدوح عبد الراضى وراقب سلوك زملائه فى الكلية ليقدم تقريرا له كل يوم ، وغادر سعيد الفرن الى غير رجعة لكن مرارة خبزه مازالت تلازمه حتى وهو يتهيىء لدراسته العليا فى لندن .. تزوج سعيد من بنات المدينة كى يحصل على الاقامة بعد أن قرر أن يهجر الكتابة التى امتهنها فور تخرجه فى الجامعة والتى كانت السبب الحقيقى وراء سفره خارج القطر .
التحق سعيد بمعهد الحاسب الآلى وحقق فيه تفوقا وواصل فيه دراسته العليا الى جوار عمله فى المعهد .. علا صوت مارجريت زوجة سعيد الثانية تدعوه الى الغداء فأخرجته من بحار الذاكرة وأحرقت السيجارة التى كان يدخنها أصابعه فقرر أن يترك مارجريت التى تركت فى يده علامة أخرى تذكره بالنيران المتقدة التى لازمته لمدة عامين على أن يتزوج بثالثة من بنات المدينة تمنحه الاقامة وتنسيبه نار الفرن .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


ناظر المعارف قرر معالى الباشا ناظر المعارف العموميه منح عدد من أولياء الامور تأشيرته الصحيحة والتى تنص على تخطى ابناءهم لابناء أكثر من خمسة ملايين ولى أمر بالقطر كله والانتقال من السنة الاولى حضانة الى السنة الاولى نظامى وعدم المرور على السنة الثانية حضانه ، وبذلك تم اعفاء الخمسة عشر ولى أمر من مصاريف السنة الممحية من ذاكرة الصغار . وقرر معاليه ايضا أن يحتل الخمسة عشر صغيرا الصفوف الاولى فى الفصل الدراسى بمدرسة الهول المشتركة ، وأوصى معاليه اولياء الامور الصفوة الخمسة عشرة بالتأكيد على صغارهم بأن يخرجوا السنتهم لكل الصغار المنقولين من السنة الثانية حضانه طوال العام ، كما قررت ادارة المدرسة بذر تقاوى نبات الهالوك فى الحديقة بمدخل المدرسة حتى يبتلع كل ولى امر لسانه ممن لم يتمكنوا من الحصول على التأشيرة الصحيحة لمعالى الباشا ناظر المعارف العموميه والذى يتمتع بقدرة عجيبة على التأشيرات بشكل مختلف بأقلامه الملونة والتى تحمل دلالاتها المختلفة لكل لون من أقلامه الكثيرة والتى تخطت كل ألوان الطيف ، ولم تنسى ادارة المدرسة توجيه كل طاقاتها الى الخمسة عشرة صغيرا حتى يتسنى لهم الوصول الى المناهج المقررة على الصغار من النظاميين ويتفوقوا عليهم بأيقاف النظاميين عن الدراسة والتحصيل لتكرار دراسة منهج السنة الثانية حضانة وحتى يتم استيعاب الاصغر نبات للمنهج النظامى . استخرجت ادارة المدرسة تأشيرات معالى الباشا ناظر المعارف العموميه الصحيحة الملونة باللون الاخضر لون نبات الهالوك العجيب ووضعتها على ظهور الصغار الخمسة عشرة حتى لايضيعوا وسط ابناء الرعاع . أظلمت السماء وتدافعت السحب يصدم بعضها البعض بكل قوة حتى رعدت السماء وبرقت وأرسلت سيلها العنيد الذى أصر على ازالة اللون الاخضر من فوق ظهور الخمسة عشرة صغيرا وأغرقت تقاوى نبات الهالوك بعد أن لفظت انفاسها الاخيرة لتتوه معالم التأشيرات الصحيحة لمعالى الباشا ناظر المعارف العمومية . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون

ناظر المعارف
قرر معالى الباشا ناظر المعارف العموميه منح عدد من أولياء الامور تأشيرته الصحيحة والتى تنص على تخطى ابناءهم لابناء أكثر من خمسة ملايين ولى أمر بالقطر كله والانتقال من السنة الاولى حضانة الى السنة الاولى نظامى وعدم المرور على السنة الثانية حضانه ، وبذلك تم اعفاء الخمسة عشر ولى أمر من مصاريف السنة الممحية من ذاكرة الصغار .
وقرر معاليه ايضا أن يحتل الخمسة عشر صغيرا الصفوف الاولى فى الفصل الدراسى بمدرسة  الهول المشتركة ، وأوصى معاليه اولياء الامور الصفوة الخمسة عشرة بالتأكيد على صغارهم بأن يخرجوا السنتهم لكل الصغار المنقولين من السنة الثانية حضانه طوال العام ، كما قررت ادارة المدرسة بذر تقاوى نبات الهالوك فى الحديقة بمدخل المدرسة حتى يبتلع كل ولى امر لسانه ممن لم يتمكنوا من الحصول على التأشيرة الصحيحة لمعالى الباشا ناظر المعارف العموميه والذى يتمتع بقدرة عجيبة على التأشيرات بشكل مختلف بأقلامه الملونة والتى تحمل دلالاتها المختلفة لكل لون من أقلامه الكثيرة والتى تخطت كل ألوان الطيف  ، ولم تنسى ادارة المدرسة توجيه كل طاقاتها الى الخمسة عشرة صغيرا حتى يتسنى لهم الوصول الى المناهج المقررة على الصغار من النظاميين ويتفوقوا عليهم بأيقاف النظاميين عن الدراسة والتحصيل لتكرار دراسة منهج السنة الثانية حضانة وحتى يتم استيعاب الاصغر نبات  للمنهج النظامى .
استخرجت ادارة المدرسة تأشيرات معالى الباشا ناظر المعارف العموميه الصحيحة الملونة باللون الاخضر لون نبات الهالوك العجيب ووضعتها على ظهور الصغار الخمسة عشرة حتى لايضيعوا وسط ابناء الرعاع .
أظلمت السماء وتدافعت السحب يصدم بعضها البعض بكل قوة حتى رعدت السماء وبرقت وأرسلت سيلها العنيد الذى أصر على ازالة اللون الاخضر من فوق ظهور الخمسة عشرة صغيرا وأغرقت تقاوى نبات الهالوك بعد أن لفظت انفاسها الاخيرة لتتوه معالم التأشيرات الصحيحة لمعالى الباشا ناظر المعارف العمومية .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


ياجريد النخل العالى يثمر نخيل منطقة أم الشواشى العالية بعد فترة طويلة من الانقطاع دامت لأربع سنوات فغطى اللون الأخضر القلوب لتطير فرحا وتردد الالسنة : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. داعبت الرياح شواشى النخيل فرقصت على أنغام تلاطم أمواج البحر الكبير وصفق التمر الرامخ ليتساقط فتلتقطه أيدى الصبية الصغار قبل أن يصل الى الارض .. يلتهمونه ويطيلون النظر الى أعلى مترقبين المزيد . تزيد سرعة هبوب الرياح فتنثنى النخيل حتى لاتنكسر وتقبل شواشيها أسطح المنازل ملقية السلام على أرض أم الشواشى وأهلها وتعود الى وضعها واقفة كما العهد بها منذ عشرين عاما وقت مجىء فارس الملاحق ابن ليل الجبل الغربى الذى ملّ من الاقامة فى الكهوف وقطع الطريق على المارة من المسافرين الى الشمال والجنوب . سقطت أحكام عدة من على فارس الملاحق فقرر أن ينزل الى واحة من الواحات الخالية من السكان لينشىء أسرة جديدة لايعرفه فيها أحد ، وقاطع رجاله من المطاريد وتركهم ذات ليلة وهم نائمون فلما استيقظوا فطنوا الى عدم وجود كبيرهم وطال انتظارهم كثيرا حتى عقدوا العزم على اختيار كبير لهم من بينهم بعد عام من رحيل فارس . كانت رحلة فارس ملاحق طويلة حتى تعب حصانه من كثرة الجرى والتعثر فى الحجارة الصغيرة التى اعترضته فى الليل الطويل فأشفق فارس على الحصان ونزل عنه لينزع لجامه ويبعد السرج عن ظهره ويتركه لينام ويتمدد الى جواره أسفل نخلة شابة . استيقظ فارس وحصانه بعد أيام عدة من شدة الارهاق فاندهش لوجود عين ماء لم يرها من قبل فى هذه المنطقة وانبتت حولها ألفا من النخيل الطويل غزير الشواشى فأطلق فارس على المنطقة اسم أم الشواشى وجاء برجال من بنى ملاحق أهله وتزاو جوا من المناطق المجاورة واقتطع كل منهم أرضا للسكنى يتوسطها مجموعة من النخيل ، فكان نصيب كل منهم عشرين نخلة والأرض التى عليها . تقسو الرياح على النخيل فتصرخ جذوعها من ضرب سياط الريح لها وتنصاع للأمر فتميل حتى لاتنكسر .. ينخلع قلب فارس ملاحق على وطنه الجديد الذى كان يثمر كلما هبت عليه الرياح حتى أقلع عن الاثمار منذ الأربعة أعوام الماضية حتى جاء عزون ملاحق فى زيارة لابن عمه فارس وعلمه التلقيح حين احتضن اناث النخيل وصعد حتى وصل الى رؤوسها وترك فى بطن كل واحدة منهن حفنة لتثمر بعد ذلك ويفرح كل ابناء منطقة أم الشواشى بما ينتظرهم من خير وفير عقب بيعهم لتمر نخيل أم الشواشى الذائع الصيت لشدة حلاوته والذى وجد له أسواقا كثيرة فى كل المدائن المجاورة من أول مرة حمل فيها فارس ملاحق التمر على ظهر حصانه وباعه فى لمح البصر وعاد محملا بالهدايا لزوجته وأولاده الصغار . يغنى الصغار والكبار : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. تميل النخيل من شدة الرياح وتلقى السلام فتسقط تمرا أخضرا يلتهمه الصغار فتحذرهم العجائز من الحمى التى تركب كل من تسول له نفسه أكل التمر أخضرا فيترك الصغار التمر حتى يستوى ويتلون بالاحمر والاصفر الذهبى . تغرورق عيون فارس وتمتلىء بالدموع لألم النخيل التى تقاسيه من شدة هبوب رياح الخماسين فى هذا العام .. لقد كبرت النخيل وضعفت مقاومتها للريح الشديدة فى يومها الثالث محملة بالرمال القادمة من الصحراء المجاورة حتى امتلأت بها المنازل وعجزت النساء عن ازالتها . يحتمى الصغار والكبار بالمنازل الطينية كلما اشتدت الرياح .. يوقد عسال ملاحق نارا ليصنع شايا للضوف القادمين اليه من الوطن القديم فتعلوا السنة نيران الكانون لتلامس شواشى النخيل وتسرى فى الألف نخلة والمنازل التى أسفلها .. يفر كل ابناء أم الشواشى بعيدا ليقفوا على بداية الصحراء الكبيرة وهم عاجزون عن الوصول الى عين الماء التى سدتها جدران المنازل المنهارة . تجمع الكل حول كبيرهم فارس ملاحق الذى أخذ يدندن : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. يكرر الواقفون الدندنه .. يبدأ فارس ملاحق بحثه من جديد عن عين جديده ليزرع حولها النخيل الذى سيطعم خمسة آلاف فم تردد كلمات الاغنية القديمة الجديدة : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون

ياجريد النخل العالى
يثمر نخيل منطقة أم الشواشى العالية بعد فترة طويلة من الانقطاع دامت لأربع سنوات فغطى اللون الأخضر القلوب لتطير فرحا وتردد الالسنة : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. داعبت الرياح شواشى النخيل فرقصت على أنغام تلاطم أمواج البحر الكبير وصفق التمر الرامخ ليتساقط فتلتقطه أيدى الصبية الصغار قبل أن يصل الى الارض .. يلتهمونه  ويطيلون النظر الى أعلى مترقبين المزيد .
تزيد سرعة هبوب الرياح فتنثنى النخيل حتى لاتنكسر وتقبل شواشيها أسطح المنازل ملقية السلام على أرض أم الشواشى وأهلها وتعود الى وضعها واقفة كما العهد بها منذ عشرين عاما وقت مجىء فارس الملاحق ابن ليل الجبل الغربى الذى ملّ من الاقامة فى الكهوف وقطع الطريق على المارة من المسافرين الى الشمال والجنوب .
سقطت أحكام عدة من على فارس الملاحق فقرر أن ينزل الى واحة من الواحات الخالية من السكان لينشىء أسرة جديدة لايعرفه فيها أحد ، وقاطع رجاله من المطاريد وتركهم ذات ليلة وهم نائمون فلما استيقظوا فطنوا الى عدم وجود كبيرهم وطال انتظارهم كثيرا حتى عقدوا العزم على اختيار كبير لهم من بينهم بعد عام من رحيل فارس .
كانت رحلة فارس ملاحق طويلة حتى تعب حصانه من كثرة الجرى  والتعثر فى الحجارة الصغيرة التى اعترضته فى الليل الطويل فأشفق فارس على الحصان ونزل عنه لينزع لجامه ويبعد السرج عن ظهره ويتركه لينام ويتمدد الى جواره أسفل نخلة شابة .
استيقظ فارس وحصانه بعد أيام عدة من شدة الارهاق فاندهش لوجود عين ماء لم يرها من قبل فى هذه المنطقة وانبتت حولها ألفا من النخيل الطويل غزير الشواشى فأطلق فارس على المنطقة اسم أم الشواشى وجاء برجال من بنى ملاحق أهله وتزاو جوا من المناطق المجاورة واقتطع كل منهم أرضا للسكنى يتوسطها مجموعة من النخيل ، فكان نصيب كل منهم عشرين نخلة والأرض التى عليها .
تقسو الرياح على النخيل فتصرخ جذوعها من ضرب سياط الريح لها وتنصاع للأمر فتميل حتى لاتنكسر .. ينخلع قلب فارس ملاحق على وطنه الجديد الذى كان يثمر كلما هبت عليه الرياح حتى أقلع عن الاثمار منذ الأربعة أعوام الماضية حتى جاء عزون ملاحق فى زيارة لابن عمه فارس وعلمه التلقيح حين احتضن اناث النخيل وصعد حتى وصل الى رؤوسها وترك فى بطن كل واحدة منهن حفنة لتثمر بعد ذلك ويفرح كل ابناء منطقة أم الشواشى بما ينتظرهم من  خير وفير عقب بيعهم لتمر نخيل أم الشواشى الذائع الصيت لشدة حلاوته والذى وجد له أسواقا كثيرة فى كل المدائن  المجاورة من أول مرة حمل فيها فارس ملاحق التمر على ظهر حصانه وباعه فى لمح البصر وعاد محملا بالهدايا لزوجته وأولاده الصغار .
يغنى الصغار والكبار : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. تميل النخيل من شدة الرياح وتلقى السلام فتسقط تمرا أخضرا يلتهمه الصغار فتحذرهم العجائز من الحمى التى تركب كل من تسول له نفسه أكل التمر أخضرا فيترك الصغار التمر حتى يستوى ويتلون بالاحمر والاصفر الذهبى .
تغرورق عيون فارس وتمتلىء بالدموع لألم النخيل التى تقاسيه من شدة هبوب رياح الخماسين فى هذا العام .. لقد كبرت النخيل وضعفت مقاومتها للريح الشديدة فى يومها الثالث محملة بالرمال القادمة من الصحراء المجاورة حتى امتلأت بها المنازل وعجزت النساء عن ازالتها .
يحتمى الصغار والكبار بالمنازل الطينية كلما اشتدت الرياح .. يوقد عسال ملاحق نارا ليصنع شايا للضوف القادمين اليه من الوطن القديم فتعلوا السنة نيران الكانون لتلامس شواشى النخيل وتسرى فى الألف نخلة والمنازل التى أسفلها .. يفر كل ابناء أم الشواشى بعيدا ليقفوا على بداية الصحراء الكبيرة وهم عاجزون عن الوصول الى عين الماء التى سدتها جدران المنازل المنهارة .
تجمع الكل حول كبيرهم فارس ملاحق الذى أخذ يدندن : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. يكرر الواقفون الدندنه .. يبدأ فارس ملاحق بحثه من جديد عن عين جديده ليزرع حولها  النخيل الذى سيطعم خمسة آلاف  فم تردد كلمات الاغنية القديمة الجديدة : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


الأحد، 24 يوليو 2016

لجان
تتفرع لجان كثيرة وتتشعب لتستوعب مئات الآلاف من العاملين فيها من أسفل قاعدة الشكل الهرمى حتى قمته ، وتتجمع مقاليد الأمور فى أيدى عشرين وكيلا أولا للجان ، يأتى على رأسهم وكيل أول لجنة الهواء ووكيل أول لجنة الماء
تشكلت أمس الأول لجنة خاصة جدا بتوزيع أنابيب الهواء فى المنطقة التى فرّ منها الهواء هاربا الى الكوكب المجاور بسبب الزحام الشديد وزيادة الكثافة السكانية التى بلغت الذروة فتقاتل البشر على ماتبقى من كميات محدودة للهواء لم تتمكن من الفرار
خرج وكيل أول لجنة الهواء مساء أمس يخطب فى الجماهير وسط الميدان الفسيح ووقع اختياره على عشرة آلاف فرد من الجمهور وأعطى لهم اشارة الدخول للعمل فى مصنع تصنيع أنابيب الهواء ، وانطلقت الشرارة ليتم انتاج مئات الملايين من الأنابيب ، كما افتتح معاليه مائة مصنع لملىء الأنابيب ، وتشكلت لجنة لتوصيلها الى المنازل بدلا من التجمعات التى ستؤدى الى كارثة
تدلت ألسنة المحتشدين حتى وصلت الى الأرض تعانقها من شدة العطش فخرج وكيل أول لجنة المياه ودفع برجاله الى ازاحة أغطية آبار الماء المالحة التى تم تحليتها مؤخرا بعد جفاف القنوات والترع المتفرعة من الأنهار المختفية .. تدافع الصغار والكبار على عيون الآبارليأخذ كل منهم من مسؤول البئر جرعة ماء مخلى من الملح ، ومازالت الألسن بطول الأجساد ملتصقة بالأرض من شدة العطش
أغلقت لجان الطعام أبوابها بعدما سلمت آخر ما فى مخازنها من خبز للصفوف الممتدة أمامها بطول البلاد وعرضها ، وأضربت الأرض عن الانبات لتشقق تربتها بسبب اصابتها بهزّات الصيف الماضى المدمرة التى أدت الى خلخلة نسيجها وصعود الطبقات الصخرية الى السطح واختفاء الطبقات الطينية .. أطبقت الأيدى على ماتبقى من بقايا خبز واتجهوا الى لجنة الكساء التى أوصدت أبوابها بعد أن خلت من النسيج فتوقفت الالات
قرر وكيل أول لجنة الميلاد تجريم الحمل وأصدر قانونا بحبس الحوامل للتخلص من الأجنة قبل أن تتكوّن ، وتوسعت لجنة الوفيات فى انشاء المقابر الجديدة كى تستوعب الزوار الجدد لانتشار الوباء الذى حل بالبلاد مع اختفاء لجنة الصحة وسائر اللجان التى أخذت فى التلاشى التدريجى مع الكل
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون

yle='font-size:20.0pt;font-family:Arial'> 
قطع غيار صغيرة جدا
تتناثر قطع الغيار الصغيرة جدا داخل الأجهزة بعد علو شدة التيار الواصل اليها والذى أدى الى تصاعد الأدخنة الكثيفة .. تتأوه القطع من شدة الاحتراق والألم فلقد كانت الصدمة شديدة جدا عقب تلف المحول الذى يؤدى الى انخفاض شدة التيار الى الأقل
كان المحوّل قد أصدر عدة اشارات تحذيرية ، ولم يلق الرجل المسؤل عن المتابعة أى اهتمام مما أدى الى تلف المحول الذى تسبب فى قرب نهاية قطع الغيار الصغيرة جدا والتى تتآزر مجتمعة فى تشغيل الأجهزه
وقف رجل المتابعة أمام اللجنة ليجيب عن بعض الأسئلة ويعطى اجازة يومان بالاضافة الى عطلة نهاية الأسبوع حتى يستعيد قدرته على متابعة الأجهزة التى سيتم تغييرمحولاتها وقطع غياراتها الصغيرة جدا
تتشكل لجان كثيرة الأولى لفتح الأجخزة والثانية لتحديد نسبة التالف من القطع ، والثالثة للتكهين والرابعة لفتح مظاريف القطع البديلة والخامسة للاستعداد للسفر خارج المناطق لاستيراد القطع الاحتياطى والسادسة لاستلام شيكات الثمن والصرف على اقامة واستمتاع اللجنة المسؤلة عن شراء الاحتياطى وراحة الوسطاء ثم العودة سالمين غانمين محملين بالقطع البديلة لتسليمها الى المخازن
تحاول القطع المحترقة النهوض حتى لايتم اعدامها فى المراجل الكبيرة التى ستحولها الى سبائك للاستخدام فى أغراض أخرى .. تعجز القطع وتبوء كل محاولاتها بالفشل فتستسلم انتظارا لمصيرها المشؤوم بعد عودة رجل المتابعة وقد استعاد كل قواه البدنية والذهنية .. ينظر الرجل باشمزاز الى المحول والقطع القديمة ، ويعطى الاشارة للجنة بفتح الأجهزة وتتابع سائر اللجان أدوارها حتى يتم نزع كل قطع الغيار التالفة وتلقى فى المراجل شديدة الغليان لتتحول من الصلب الى السائل مصدرة كل الاستغاثات والصراخ والعويل ولم تلقى استجابة واجدة من جموع الواقفين
وقف رجل المتابعة مستمتعا وهو يرى نهاية قطع الغيار الصغيرة جدا وأصدر ابتسامة صفراء باهته
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


فقاقيع
شربت نوران كثيرا ودارت رأسها فقطعت وعدا على نفسها بأن لاتجوع أخواتها وأمها ثانية فى قرية معيص ، وستأتى لهن بكل غال من قلب هذه العاصمة الرحيمة بابنائها وقد اصبحت واحدة منهم منذ اربع سنوات مضت .
رفعت الجميلة آخر قطرة من كأسها على الشفتين الورديتين فبادرها الروائى بالتحية وصب لها من زجاجته المليئة كأسا لترد التحية بامالة اهدابها الطويلة لتطبق على بياض مشرب بلون النار وليل نن عين عميق ثم تفتحهما على كأسه فتأخذها القطرات المتساقطة الى شجارها الدائم مع زميلاتها فى مدينة المغتربات ومجيئها فى أول يوم دراسى .
كانت الجميلة محط انظار طلاب السنة الاولى .. تطلق شعرها للهواء فيجتذب الكثير ، وتود كل صغيرة ان يقتذحم عالمها الجديد بعد سنوات العزلة فى أقاصى البلاد .. يشد الروائى آذانه لتلامس شفاه الجميله التى تسترسل : مازلت انتظر الفارس الذى سيخطفنى على حصانه الأبيض وتلحق بى أمى واخواتى الاربع .
لاتترك الفتيات الجميلة حتى للحلم فيفتعلوا الخلافات معها بسبب كشاكيل المحاضرات أو الكتب أوحتى اصبع الروج البنى النادر الوجود فى محلات كثيرة والذى اهدته لها زميلتها هبه محمد الريس فى عيد ميلادها الثامن عشر والذى وافق الشهر الخامس من بداية السنة الدراسية  ، كانت هبه قد اشترته من محل اسفل منزلهم فعنفّها والدها على لونه  لتهديه الى نوران فكان متميزا بين شفاه كل المغتربات ، واستعارته معظمهن  ، وتقاتلن على الاستئثار به .
يفرغ الروائى كأسه الأولى فى جوفه ويصب الثانية لنوران عرفان الزهايرى فتواصل حديثها عن أخواتها الاربع بعد وفاة عرفان الزهايرى نجار القرية الوحيد ودأب زوجته خضره البحيرى على متابعة العمل فى ورشته الصغيرة لسد احتياجات بناتها الخمس .
تتبقى بعض الفقاعات فى قاع الكأس بعد أن تفرغه نوران فيسب الناقد ويلعن الظروف الصعبة التى ألمت بالحسناء فتتجه اليه عيون نوران .. يملأ الناقد كأس نوران لتواصل : الويل لك ياشعرى كل الويل  .. ان لم تك ردائى  .. ان لم تك سميرى فى الغربة وغربة العذارى الاربع والعجوز المنهكة خضره .
تخرج نوران منديلا ورقيا من حقيبة يدها لتجفف عرق الوجه وتواصل : أتوق الآن الى رؤية سعاد صغرى الأخوات لأصفف شعرها وتتنقل عصفورة مغردة بضحكات شقية لتمسح لون الشقاء من على جدران المنزل الحزين .. تجلس سعاد أمام نوران  .. تضفر شعرها .. تستنفذ كل ماحفظت من أغانى طفولية عن خضره الأم  .. تأتى بكتاب الأغانى الذى استعارته من زميلتها ياسمين هنداوى حين دعتها على الغذاء فى منزلهم بحدائق النور كى تلبى شغف سعاد اختها الى الغناء الطفولى .
تطفو الفقاقيع على سطح منتصف الكأس أمام نوران فيواصل الرسام رسم الوجه المنهك ويكمل لها الكأس لتفرغه فى الجوف الملتهب.. يضيف الرسام الى اللوحة وجه اختها ريهام الجميل .. لم تزل فى السنة الثانية من المرحلة الاعدادية .. تذوب عشقا فى ابن زين البقال  الذى يصاحبها دوما فى رحلتها اليومية من القرية الى المدينة ذهابا وايابا للدراسة ، وتمل الصغيرة نصائح نوران التى سقطت قبلها فى بحر الحب العميق .
تعددت المستويات فى لوحة الرسام فذاب وجه الجميلة وسط زحام المدينة وتاهت تفاصيل القرية ووجه خضره بنت عواد رحوم الاجرى البسيط ، وبناتها الاربع فى قلب ورشة الراحل الغالى عرفان الزهايرى .
تواصل الفقاعات انفجارها فى قاع الكأس فيسخر المحامى من كلمة حق التى يرددها كل من الروائى والناقد والرسام والقاص تعقيبا على رواية نوران ويستعيد ماحدث له اليوم على سبيل الخطأ من ضرب أفضى الى الشرب حين جاء فى اتوبيس الضواحى الى قلب المدينة وكان ينهر بعضا من الشباب الذين ضايقوا السمراء التى تقف امامهم فى طرقة الاتوبيس بين المقاعد  فأوسعوه ضربا لولا اعتذاره لهم ماتركته ايديهم الفتية ، وقرر ان يعود فى نفس الاتوبيس الى جحره غير انه فضّل الشرب لينسى .. تلتقى العيون المتلألئه بالدموع فتتحول فقاقيعا فى كأس المحامى والكأس الذى يصبه لنوران .. تحسد نوران اختها رقيه على تماسكها الذى يشبه تماسك المحامى بالنسيان وتماسك ريهام عبد الودود زميلة نوران .. بنت عبد الودود طايل البواب بالمنزل رقم خمسمائة بالشارع الطويل وتظل ريهام على عهدها فى الحصول على التقدير الجيد المرتفع كل عام لتزغرد امها وسط زحام اخوتها السبعة وعبد الودود فى حجرتهم اسفل سلم العقار الذى يعمل به عبد الودود .
تعلو الفقاعات فى قلب كأس القاص المحب للتكثيف والايجاز فيبادر نوران بالكأس تلو الكأس كى يتمكن من اصطياد قصته القصيرة من بين شفاه الجميلة ، وكم عشقت نوران هذا السلوك حتى تتقلص الآمها على صفحة من ورق ليصبح قصيدة تنشرها فى صحيفة وتنتظر المقابل الذى يعينها على الاقامة فى المدينة .
عشقت شاهيناز اختها عباس الرحمانى تاجر المواشى وتوقفت عن الدراسة الثانوية كى تنجب له البنين الذين سيساعدونه فى تجارته وتساعد امها خضره واخواتها سعاد وريهام ورقيه .. تزيح نوران صورة شاهيناز لتستدعى آخرا من عشّاق شعرها زميلها مسعود سعداوى الذى ترك الجامعة فى السنة الثالثة ليعمل مع والده سعداوى النن السمسار .
يحار القاص فى عوالم نوران عرفان الزهايرى كما يحار كل الجالسين على مائدة الفقاقيع التى تنتشر فى الفضاء مع كل زجاجة تعانق كأسا ، وينسى الجميع قصة الجميلة بعد المغادرة الى المنازل حتى لو اصطحب أحدهم نوران لتبيت لديه لليلة بعدما أغلق بيت المغتربات بابه فى وجهها فى انتظار العثور على وظيفة تعينها على مساعدة امها واخواتها .
توغل نوران فى ادمان الفقاقيع وتقف حائلا بين اخواتها والفقاقيع فتواصل خضره تربية بقية البنات .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


غزال الشاطىء
ينطلق سرب الغزلان يملأ شواطىء بحر الدم يبحث عن عين ماء صافية .. تشتد حرارة يونيو العنيدة فتشع أجساد الغزلان نارا بطول جبال الرخ التى لاتطاولها جبال .. تخرج الغزلان ألسنتها من شدة العطش .. ترتعش أجسادها لترقص رقصة الموت على الشواطىء البيضاء .. يتلون جسد الغزلان بلون لبنها الناصع البياض حتى لاتتمكن الذئاب السمراء من رؤيتها وافتراسها .
يقرر الغزال الكبير قائد السرب العجوز أن يطفىء نيران الأجساد المشتعلة فى قلب بحر الدم .. يتبعه السرب مستسلما ويغطى البحر كل الأجساد .. تنتشر البقع البيضاء تحمل رؤوس السرب التى تتنفس بصعوبة بالغة .
لايطيق جسد الغزالة الصغيرة نسبة ملوحة بحر الدم العالية والتى تلتهم الأجساد فتخرج مسرعة الى الشاطىء .. تبحث عن ظل يقيها من ضراوة شمس يونيه المميته .. تبعد الغزالة الصغيرة عن السرب كثيرا .
يعلو عواء الذئاب السمراء التى تسكن فى الغابة الملاصقة لشاطىء بحر الدم .. يسكن الرعب قلب قائد سرب الغزلان العجوز وقلوب أفراده فتختفى النقط البيضاء العائمة على وجه البحر .. تجمد الغزالة الصغيرة مكانها .. لم تتمكن هرمونات تغيير لون جلدها من الأصفر الى الأبيض بلون رمال شاطىء بحر الدم .. لم تستطع الغزالة الوحيدة أن تقدم قدما أوتؤخر أخرى .
زحف اللون الأسمر على سطح الرمال البيضاء ، وشكل أفواها ضخمة جائعة تبحث عن فرائسها .. ازداد احمرار عيون الذئاب السمراء التى ملأ عواؤها سماء بحر الدم .
تقدّم كبير الذئاب الى النقطة الصفراء البعيدة ، وزاد اقترابه حتى سقطت الغزالة الصغيرة مغشيا عليها ، ومازال جسدها يرتعش حتى وصل اليها الذئب الكبير .
بدأ وعى الغزالة يعود غير أنها مازالت تغمض عينيها وكتمت أنفاسها ولم يتركها سرب الذئاب السمراء .. غرس الذئب الكبير أظافره فى لحم الغزال ، وسن قواطعه وبرزت أنيابه الطويلة وأخذ فى التهام الفريسة .
تجمع الذئاب حول قائدهم وانتظروا حتى يفرغ من طعامه الى أن شبع ، ثم جاء دورهم ليتلاشى لحم الغزالة الصفراء الصغيرة ويلتصق خيط رفيع من دمها الجاف ليذكر الذئاب بحلاوة لحم غزال الشاطىء
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


عيون البومه
تتحول عيون البومة الى كاميرات عالية االحسساسية فتصوّر كل مايعرض لها صغيرا كان أم كبيرا ثم تضعه فى الذاكرة ، وتعاود طيرانها فوق الحارات والأزقة الضيقة معتلية الأشجار الجرداء لتتوحد مع الفرع الذى تقف عليه، ولاتنعق حتى لايلتفت اليها أحد ويأخذ حذره
تقول الجدة حميده بنت الشيخ على : ان البومه نذير شؤم ويجب على من يراها أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر هذه المخلوقات التى يسبطر عليها الشيطان .. نستعيذ بالله العظيم من شر الشيطان الرجيم صغارا كنا أم كبارا وخاصة حين تنعق نذيرة الشؤم بعد أن تتصيد أخبارها وتسمع مايسره بعضنا أحيانا الى نفسه لتنقله الى عميش فاهم الذى دربها على نقل الأخبار لتنال وجبتها المفضلة من الفئران السمينة التى يستأثر هو بها فى مصايده المنتشرة فى كل أنحاء المنطقة ، ولاتستطيع بومة غريبة قادمة من الغرب أوالشرق أوالشمال أو الجنوب أن تقترب من فئرانه المحبوسة خلف أسواره الحديدية المنيعه حتى تقدم فروض الولاء والطاعة لعميش فاهم خولى شيخ البلدعليم راجح
تدير بومة عميش السمراء رأسها فى كل اتجاه تتابع الأخباربآذانها التى تسمع دبيب النمل وحفيف ورق الشجر المتساقط فى نهاية فصل الخريف وتعود ثانية الى حضن الخولى الذى يتركها مع أكلها المفضل وينطلق حاملا أخباره الى شيخ البلد الذى يبدأ فى التخلص من خصومه الذين عددتهم البومة نذير الشؤم كما تقول الجدة حميده بنت الشيخ على
يأمر عليم راجح رجاله بالقضاء على العمدة طويل اللسان ويحل هو محله .. ثم يأمر بالتخلص من شيخ الخفر يد العمدة التى يبطش بها ويعين رجاله بدلا من الخفراء القدامة فيحمل كل رجل شارته الميرى الجديده على كتفه
يجزل عليم راجح العطاء لعميش فاهم فيفرح عميش كثيرا ويعود محملا بالعطايا الى حظائر فئرانه التى جلبت له السعد ويزيد من أكل البومة التى تنطلق لتعود محملة بالمزيد من الأخبار فى ثلث الليل الأول ، ولايطيق الخولى الانتظار فيسرع الى حضن العمدة عليم راجح ليحذره من ابن عمه ذيباوى راجح ، ويسمع رجال ذيباوى التتحذير من خلف الباب فيركب الرجال الخيول التى تسابق الريح قبل أن تصل يد العمدة الى رقبة ابن عمه فيأمر ذيباوى بقتل الخولى
تجوع البومة وتكف عن نفل الأخبار فتتخبط بين فروع الأشجار الكثيفة غير قادرة على الرؤيا لتسقط مبتة وتتخلص القرية من البومة نذير الشؤم كما تقول جدتى حميده بنت الشيخ على
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


عزبة أم لالو
تتفرس أم لالو فى وجوه الانفار الذين سيعملون فى العزبة هذا اليوم .. يصطف الرجال فى طوابير طويلة ، ويبدى كل الواقفين تماسكهم حتى لاتستبعدهم أم لالو ناظرة عزبة المتينى باشا تابع سمو الاميرة فنادى حرم الخديو ملقاش .
ترسل الشمس أشعتها الباردة من خلف الجبل الشرقى لترسم لونا أصفر على وجوه الانفار الذين يسرعون الى اعماقهم خوفا من عدم اختيار أم لالو لأى منهم .. تشمر أم لالو عن ساقيها حتى لاتصيب القاذورات من روث الماشية جلبابها المزركش الناصع الالوان فيسترق كل الواقفين النظر الى السيقان الشمعية الشديدة البياض ويمنى النفس بالعمل داخل القصر فى التنظيف أو فى الحديقة المحيطة به كجناينى لمدة يوم يستمتع فيه بالقرب من الانفاس العطرة لاشهر عوالم عصرها على الاطلاق والتى اعتزلت المهنة بعد زواجها من الباشا المتيتى سرا  كى لايفقد الباشا منصبه كتابع لسمو الاميرة فنادى حرم الخديو ملقاش لصلة القرابة التى بين حورية هانم زوجة الباشا وسمو الاميره فنادى .
اكتفى معالى الباشا بأن يعلن تعيين أم لالو كناظرة لعزبته البعيدة والتى لاتقربها الهانم زوجته حتى يقضى الباشا أيامه السعيدة المعدودة فى أحضان أم لالو .. يحبس الأنفار أنفاسهم كلما اقتربت ناظرة العزبة من أى منهم فيشتد اصفرار الوجه ويزيد خفقان القلب ويوشك الواقف على السقوط فتستبعده أم لالو .
يلعن المستبعد جينات آبائه وأجداده التى حملت اليه خفقان القلب واصفرار الوجه وينتظر عمله فى الزرائب فى هذا اليوم مكتفيا بشم رائحة روث الماشية لكنه يسر كلما اقتربت منه أم الخير بغلة أم لالو .
تواصل أم لالو جولاتها اليومية فى اختيار الانفار وتوزيعهم على الاعمال التى تتناسب معهم فتتخير أنظف وأقوى عشرين رجلا متماسكا ليعملوا بالقرب منها فى القصر والحديقة المحيطة به ، ثم تخصص مائة فى أقرب عشر فدادين لوجه القصر ممن ترتاح الى وجوههم ، أما الوجوه التى لاتروق لها فتعمل فى العشرة فدادين التى فى خلف القصر ، وتوزع خمسمائة رجلا على بقية أرض العزبة والزرايب .
تنهى أم لالو عملها الصباحى وتدخل سريرها قريرة العين ليقوم على خدمتها خمسة من اقوى الشباب المقربين الى قلبها فى قلب عزبتها التى تعرف بعزبة أم لالو .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


طواحين الهواء
تلف أحجار الطواحين المستديرة المتحركة فوق الثابتة وتدور لتحوّل حبوب القمح الذهبية اللون الى الأبيض الذى تلفظه فتحات المنتصف فى مقاطف الفلاحات .. يواصل الهواء ادارة المراوح الضخمة التى تدير السيور الممسكة بأيدى الأحجار الضخمة المتحركة فوق الثابتة فيتم الطحن
يملأ العمال القواديس بحبوب القمح والذرة الشامى والعويجة من أعلى الفوهات الصاج الواسعة التى تضيق كلما نزلت العينان الى أسفل حتى يقل المتسرب من الحبوب فتتمكن الأحجار من طحنه ، وتغادر الفلاحات الى المنازل لتعجن الدقيق لتأتى غيرهن بالحبوب الجديدة كى تأخذ دورها فى المطاحن السبعة
تتوقف المروحة الأولى التى تدير أكبر المطاحن السبعة فى بر الشرق ، ولايتمكن الهواء مع قوة اندفاعه فى موسم الخماسين أن يدير المروحة القديمة .. صعد عمال صيانة الى المروحة وأفرغوا عشرة من صفائح الزيت فى جوف المروحة لتكتسب التروس سيولة فى الدوران لنقل الحركة الى الأسفل .. نزل العمال وظلوا ينظرون الى أعلى حيث المروحة العنيدة التى أصرت على عدم الحركة للوهن والتعب الذى أصابها من اللف والدوران عشرات السنين .. لم تقو المروحة على الحركة فقد تمكن الصدأ من احداث جرح غائر فى العمود الذى تلف حوله المروحة
أغلقت الطاحونة الأولى أبوابها فى وجه الفلاحات اللاتى انصرفن الى الطواحين الستة المتبقية غير أن المروحة الثانية فقدت ثلاثة من ريشها الطويلة ، ولم يتبق سوى اثنتين عجزتا عن تدوير أحجار الطاحونة الثانية لتلحق بأختها الأولى .. عزّ على اربعة أخريات أن يتركن الأثنتين وحيدتين فانضممن اليهن واغلقت أبوابهن
قرر صاحب الطواحين أن يحمّل خسارته فى توقف الستة طواحين على أجر طحن الحبوب للفلاحات القادمات من كل الأنحاء واللاتى فوجئن بالأجر الجديد فضربن على صدورهن وشهقن مما أدى الى شفط كل الهواء المحيط بالمروحة السابعة التى توقفت ليتوقف معها قلب صاحبها
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


ضغط الهواء
تتأوه سوفيه أبوزوين من شدة ضغط الهواء الذى يعلو جسدها بعدما جردتها الممرضة من كل ملابسها الخفيفة والثقيلة لتنهى كل الفحوص التى أمر بها الطبيب عقب سقوطها بين فتيات مشغلها وهى تعلمهن الصبر على الزبائن من المشترين .
جاءت سيارة الاسعاف وصعد الرجلان بالمحفة المطاطية حتى انقطعت انفاسهما بعد انهاء رحلة مائة درجة من السلالم العمودية لتوقف المصعد الدائم فى هذه العمارة .. مازالت الفتيات تضربن خدودهن وصدورهن وهن محيطات بسوفيه العزيزه الغاليه التى تعهدتهن منذ نعومة أظافرهن حتى اشتدت أعوادهن وطرق أبوابهن الكثير من اولاد الحلال ومازلن يفكرن .
جفت دموع الفتيات من شدة حر الجو المحيط بالمعلمة سوفيه لانقطاع التيار الذى أوقف حركة المشغل واطفأ جهاز التكييف الوحيد الموجود بغرفة سوفيه والمراوح المنتشرة فى المشغل فأسرعت الفتيات الى فتح كل النوافذ .
حمل رجلا الاسعاف الجسد الملقى على الارض ووضعاه فوق المحفة لتبدأ رحلة هبوط المائة درجة من السلالم العمودية المحيطة بالمصعد .. تزداد تأوهات سوفيه مع اقتراب جهاز الاشعة على الصدر والبطن وتعود الى صمتها ليسجل الاطباء النتائج التى يخرجها لهم جهاز الكومبيتر .
تلتقط عينا سوفيه بعض الصور مع كل افاقة لها فترى لهفة فتياتها وخوفهن على مصيرهن اذا مارحلت سوفيه عن الكون وتركتهن بلاسند ، وتعود سوفيه الى الاغماءة لتتأرجح صورة رجلى الاسعاف وهما يحملان المحفة فى رحلة الهبوط حتى اخرج كل منهما لسانه من فرط التعب ثم ارتميا الى جوارها فى السيارة لينطلق السائق بسرعة البرق كى يتم اسعاف السيدة ورجلى الاسعاف اللذين أوشكا على الهلاك .
تبع خمس من فتيات المشغل سيارة الاسعاف وقضين خمسة عشر ساعة فى صحبة سوفيه منذ وصولها الى غرفة الفحص وتنقلا بين غرفة الاقامة وتعليق المحاليل   وغرفة الفحص ليواصل الاطباء تسجيل النتائج التى تسفر عنها الفحوصات .. مازال ضغط الهواء يزيد على جسد سوفيه كل خمسين دقيقة هى ميعاد الفحص الذى يستغرق خمسة عشر دقيقة لتعود بعدها سوفيه الى غرفة الاقامة .
فرغ الاطباء من ثمانى عشر فحصا لم تسفر عن سبب واضح  لسقوط سوفيه فتركها الاطباء بعدما سددت الفتيات ثمن الفحوصات والاقامة فى الغرفة الخاصة    والمحاليل التى مازالت تتدفق الى داخل الجسد الممدد على سريره .
مرت تسع ساعات أخرى لتفتح سوفيه عينيها ويوقفها الفتيات على ماحدث فتقرر سوفيه المغادرة بعد أن أوصاها الاطباء  بالبعد عن الارهاق فى المشغل والاقلاع عن تعليم الفتيات الصبر الذى أدى الى عدم زواجها وكبت اجمالى انفعالاتها على مدى عمرها الطويل مما أدى الى سقوطها المفاجىء .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون


صالة الوصول
تزدحم صالة الوصول عادة فى المواسم والاعياد فتمتلىء بالعائدين عن آخرها .. تتوه الملامح وتتداخل الصور فى عيون مراقبى الحركة ومفتشى الحقائب للتأكد من خلوها من الممنوعات .. تزيد لمياء المناديلى من رحلاتها فى هذه المواسم حتى لاتلفت الانظار الى ماتحمل من ثمين غال خبأته فى أكثر من موقع فاذا ماتم ضبط موقع نجا الآخر ، وستعوّض مافقدته فى المرات القادمة وهى عديدة لقدرتها الغير عادية على المرور .
استقبلت لمياء استقبال الفاتحين فى صالة الكبار فلقد اصبحت شخصية معروفة لدى العاملين بالصالة منذ شوهدت أكثر من مرة تصافح العديد من الشخصيات العامة فى الهيئات والمؤسسات الدولية .
بدأت لمياء هذه الرحلة منذ شهر مضى واصطحبت معها زوجها وأولادها لقضاء الصيف فى الجنوب الاسبانى .. خبأت لمياء خمس ورقات من فئة المليون الملون بالاخضر ومستنداتها فى جيب خفى بحقيبة يدها .. تجولت الاسرة فى مختلف انحاء اوروبا وفى قلب جزيرة فى وسط البحر الابيض  .. تمكنت لمياء من تغيير الاوراق الخمس وحولتهم الى رصيدها ليصبح اجمالى التغيير خمسة وثلاثين مليونا .. سيسترد التجار الكبار خمسة من كل ورقة ويتركوا لها اثنين ليصبح لديها عشرة ملايين حصيلة رحلة الذهاب بعدما أخذوا منها شيكات بالمبالغ سيتم تمزيقها بعد الاستلام .
تمكنت لمياء من شراء شقة فى لندن بمليونين لتضاف الى قائمة ممتلكاتها المتناثرة فى باريس وبرلين وفيينا ونيويورك والتى تقوم على تأجيرها مفروشة للدارسين العرب المقيمين هناك أثناء دراستهم .. ستعود هذه المرة ايضا بحصيلة ايجار ستة شهور .
اطمأنت لمياء على سلامة مرورها عبر صالة المغادرة للألفة التى صارت بينها وبين الموظفين فأقدمت على شراء صفقة من الالماظ بمليونين ، وجاء ممولوها بفستان زفاف وبدلة عريس ووضعوا الشحنة فى بطانة البدلة والفستان بدقة متناهية مما سيجعل من الصعب اكتشاف وجودها لتغطية كل قطعة بعازل بلاستيكى شفاف يمنع البوابة الاليكترونية من اصدار انذاراتها فتمر بسلام .. تم شحن قطع الغيار فى الطرود الضخمة لتملأ محلاتها الكثيرة والمتناثرة فى انحاء المدينة الكبيرة .. لم يخبر الممولون لمياء بوجود شحنة  الهيروين فى بعض قطع الغيار المؤمنة جيدا وكعبى حذائها الجديد الذى ترتديه استثمارا لسلامة مرورها الدائم .
انطلقت لمياء تصافح الشخصيات الهامة وسط زحام العائدين ، وهى لاتعرف منهم أحدا وتحيى بايماءات من عينيها الموظفين حتى تمكنت من العبور بفستان وبدلة يحملان شحنة الالماظ وسارت على نصف مليون آخر كان فى كعبى الحذاء ، وبمجرد أن خرجت أخبرها الممولون عن الشحنة الضخمة التى فى حوزتها فأوشكت أن تسقط لكنها تماسكت استعدادا لرحلتها القادمة .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون