اولاد دليله
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
اولاد دليله
يتزاحم اولاد دليله دهيبى واحفادها حول جسد الجدة حدادة تل الطمانيه صباح بلوغها الخمسين بعد المائة مسجلة الرقم القياسى بين معمرى الصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى يقلبونها يمينا ويسارا .. يبحثون عن النبض والنفس .
مرت جماعة غجر دهيبه الرحل بتل الطمانيه منذ مائة وثمانية وثلاثين عاما فاستطعموا غجر شبلول المقيمين بالتل وبعد ان شبعوا مضوا الى حال سبيلهم تاركين نفرا من الرجال والنساء والصغار ينصبون خيامهم الى جوار التل وكانت دليلة اجمل بنات غجر دهيبه فى صحبة امها صبيحه دهيبى الغجريه .
اصبحت دليله دهيبى اقدم حداده فى تل الطمانيه والتلال المجاورة بالمنطقة الجنوبية من اقصى جنوب الصحراء الصغرى وورثت المهنة لابنائها العشرين واحفادها المائة حصاد زواجها من رجال كثيرين من ابناء التل اوعابرى سبيل يمرون بالتل يقيمون ليالى ثم يواصلون الطريق الى تلالهم عائدين ، وقد نسيت دليله الكثير من اسماء ازواجها لكنها لم تنسى ابدا ضرغام شبلول اول رجل حولها من فتاة فى سن الثانية عشرة الى امرأة على قارعة الطريق بعد ان راقت فى عينيه فأوسعها ضربا ليشتد غليان جسدها وتلتصق به يعلمها الحدادة ويرحل بعد ستة اعوام من زواجهما تاركا لها خمسة صغار.
عملت دليله دهيبى على توسعة ارض ورشة الحدادة التى كان ضرغام شبلول يضع يده عليها من قيراط الى اربعة وغشرين قيراطا خلال سنوات عمرها الماضية مستوعبة العشرين ولدا والمائة حفيد يكتسبون مهارة الحرفة من الجدة التى استقرت جالسة عند بلوغها السبعين على مقعدها الحديدى المثبت فى مدخل الورشة والمفروش بأريكة ومسند ناعمين تريحان الجدة فى جلستها التى تبدأ فجر كل يوم وتنتهى مع غروب الشمس.
يتناوب خدمة الجدة الجالسة على مقعدها فى مدخل الورشة زوجات ابنائها العشرين وزوجات احفادها .. يقدمن الافطار وطعام الظهيرة والقهوة ودخان القص المغموس بالعسل الاسود.
تباشر الجده دليله عملها اليومى فتنبه الى ضعف النيران فى كور من الاكوار ، وعدم اتزان النفخ الذى لن يقوى على تشكيل السائل الحديدى الى الادوات المطلوب صنعها فتوبخ ابنائها واحفادها على التراخى وتبث فيهم روح القوة واليقظة ليواصلوا عملهم بعيون مفتوحة .
بلغت الجده من العمر مائة وعشرين عاما فاصبحت غير قادرة على الكلام مكتفية بالاشارة حتى بلغت صباح اليوم عامها المائة والخمسين ففاضت روحها لتترك ابنائها واحفادها وقد ملأت شهرة مهارتهم فى الحدادة سماء الصحراوات الثلاث.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق