ابناء الريح
85
الصخره الصغيره
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
الصخرة الصغيرة
تتآكل قاعدة الصخرة الصغيرة التى تستقر أعلى قمة الجبل الكبير .. تتبادل معاول الحجارين القطع فى آخر كل ليل لتزيد من منطقة التآكل ، وحتى لاتراهم عيون الشيوخ التى تجرّم قطع أحجار جبل الخير
تتسلل أشعة شمس اليوم الخامس والستين بعد الثلاثمائة من السنة الميلادية لتعلن ختام هذه السنة فى التقويم ، ومازال غريب غرباوى ينقب مع رجاله أسفل الجبل ليستخرج المعادن الثمينة ,, حمّل الرجل المتفجرات على مائة من الأبل ، وأعطى الحمالين أجرا مضاعفا حتى لايشى به أحدهم الى دوائر الامن ويتم القبض عليه فيبعد عن حلمه فى العثور على كنوز الملك الحكيم التى دفنت أسفل هذا الجبل منذ آلاف السنين كما تقول مصادره المؤكدة من مخطوطات جده التى عثر عليها وهو ينقب عن الذهب أسفل جبل الخير
قال له جده الغريب القادم من بلاد الشمال البعيد : ان جبل الخير جبل مبارك مرّ عليه الكثير من أولياء الله الصالحين ذهابا وأيابا ، واقامة فى كثير من الأحيان فى بعض الكهوف للعبادة بعيدا عن بطش البشر كما تقول المخطوطات ويؤكد القدامى من سكان المناطق المحيطة بالجبل ، ولذلك ارتبط اسمه بالخبر
أنزل الحمالون حمولة ابلهم ، والتقطها عمال غريب غرباوى وفتحوا الصناديق ليستخرجوا أصابع المتفجرات الطويلة ، وأسرعوا يزرعونها فى كل مكان تصل اليه أيديهم طبقا للخريطة .. ربط العمال الأسلاك ووصلوها بالمصادر التى تشعبت كثيرا وتوحدت حتى صارت واحدة أمسك بها غريب ، وحدد لرجاله ساعة الصفر وقت رحيل المحتفلين برأس السنة على امتداد المسطحات الخضراء المدرجة التى تملأ الجبل فى صباح أول يوم من العام الجديد
غادر غريب المكان عائدا الى خيمته بعد اطمئنانه على قرب موعد وصوله الى الكنوز التى ستجعله يحكم هذا الكون .. واصل العمال الانسحاب الى مخابئهم ليفسحوا الطرقات للقادمين من أهل المناطق المجاورة
ألقت الشمس بثقلها على جبل الخير وكادت أن تلامس قممه .. انطلقت الوفود من المحتفلين الى الجبل تفرد الخيام للاقامة ليلة رأس السنة ، ويجهزون الالعاب النارية التى ستحمل ابتهاجهم وتعبر عن سعادتهم بقدوم العام الجديد
رحلت شمس اليوم الأخير من السنة فخرج رجال غريب من مخابئهم واختلطوا بالمحتفلين .. انطلقت الالعاب النارية تملأ السماء فتشيع البهجة فى القلوب .. أمسك واحد من عمال غريب بلعبة نارية وأطلقها فأصابت سلك التيار الموصل الى المتفجرات المنزرعة حول الصخرة الصغيرة فاشتعل مفجرا اول عبوة لتسقط الصخرة ويتبعها صخوركثيره تتمكن من دفن كل المحتفلين مع رجال غريب غرباوى الذى ابتهج كثيرا لتقديم ساعة الصفر كى يحقق حلمه الذى ظل يراوده منذ نعومة أظافره فى حكايات جده بعد سقوط الصخرة الصغيرة من جبل الخير.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
============================================================
84
الشغيله
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
الشغّيله
تقول المرأة : ان ظفر قدم المهندز بألف من الشغّيلة ، وايش جاب لجاب وهى العين تعلى على الحاجب ؟
تتعلق آذان نساء الشغيلة بصوت كايداهم ابو زيدات الغجرية بنت الشغيله ، وتحلم كل امرأة أن تنجب ولدا يتخرج فى المهند سخانه حتى يصبح مثل الباشا مهندس التنقيب عن المعادن النفيسه والذى باشارة من يده اليمنى يخرج مافى باطن الرمال والجبال، وحين يلّوح بيده اليسرى يصاب البر الغربى بالصحراء الكبرى بالجفاف ويتضور العاملون معه من الشغيلة جوعا. .
تتخير كايداهم أقوى النساء وتضع لهن جدولا لخدمة خيمة الباشمهندس طوال الأسبوع فعشرة منهن ينظفن داخل الخيمة الوسيع بداية من قاعة استقبال الضيوف التى تحيطها عشرة مداخل موزعة على الجانبين وانتهاءا بخلف وامام الحيمة وجوانبها .. يبدأ التنظيف عقب خروج الباشمهندس من باب خيمته صباح كل يوم فى صحبة ابنه الوحيد رامى ليوصله السائق الى مدرسة الحضر المتاخم للبادية..
توجه كايداهم زينهم كبيرة الخدم بالخيمة عشرة أخريات من النساء فى صحبة رضاوى عويسه ساعى مكتب الباشمهندس ليوزعهن على خيام شيخ مشايخ قبائل عميرنه ومساعده وعيون القوم .
يتوجه رضاوى عويسه فى ساعات الصباح الاولى لجمع الراتب اليومى من الخضار والفاكهة والطيور التى ستذبح لتقدم على مائدة الغداء والعشاء فى خيمة سيد باشا طماى مهندس التنقيب مصطحبا عشرة نساء اخريات تحملن الراتب على رؤوسهن.
يعود رضاوى قبل أذان صلاة الظهر فتضع كل امرأة ماعلى رأسها من خير لتسلمه الى كبيرة الخدم التى تقلب فيه النظر لتستبعد الردىء وتدخل السليم الى المطبخ .. يتجمع الثلاثون أمرأة فى المطبخ الكبير يغسلن ويقطعن ويذبحن ويسوين اللحوم .. تتجول كايداهم بين نساء الشغيله فيعلو صراخها لتأتى بأسرار هانم عزيز زوجة الباشمهندس التى تهدىء من روعها وخوفها الشديد من الباشا اذا لم تحسن النساء عملهن وينتهين منه قبل أن يعود والا فستفقد الغجريه كايداهم وظيفتها.
تعطى أسرار هانم لكل امرأة حسنتها بعضا من الخبز وقليلا من الخضار فتعلو أصواتهن بالدعاء لها ويغادرن الخيمة لتستقبلهن بناتهن اللاتى يحملن عنهن الوجبات التى ستقيم أودهن وأود أخواتهن وآبائهن الذين يعودون من مصلحة التنقيب مع غروب كل شمس ، وتحلم كل فتاة بفارسها الذى يشبه الباشا مهندز التنقيب الذى سيغدق خيرا كثيرا على أهلها الشغيله من غجر عميرنه. .
تسرع كايداهم لتلحق بالنساء لتؤكد عليهن ابلاغ جاراتهن ممن عليهن الدور فى الغد لخدمة خيمة الباشمهندس وخيام عيون القبائل وتكرر جملها المشهوره ليقلعن عن الحلم : ان ظفر قدم المهندز بألف من الشغيله ، وايش جاب لجاب ... تترك النساء والفتيات كايداهم تواصل وصاياها ويرجعن الى خيامهن ليقابلهن الزحام الشديد والصراخ والعويل طلبا للنجدة من الغرق فى السيول التى اجتاحت التلال بدون سابق انذار ..
تبوء كل محاولات الرجال بالفشل ويتدفق الماء الغاضب ليزيل كل خيام الشغيله التى تحتضن نساءها ورجالها وشيوخها فلاينجو من الغرق أحد .
تبدأ كايداهم كبيرة خدم خيمة الباشمهندس فى رحلة البحث عن شغيلة جدد ونساء وبنات بنوت يحلمن بسيدهن الباشا ليغدق الخير الكثير على أهلها من الشغيله
.
قصة قصيرة ل: / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
===================================
83
الشحم اللذيذ
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
الشحم اللذيذ
تتدلى الالسنة المحمرة الطويلة حتى توشك ان تلامس الارض من شدة العطش والجوع .. ينتظر الحراس موعد الغذاء بعد ثلاثة أيام من التجويع التام .. تقترب اشعة الشمس المتسلله والمستقرة على الحائط الكبير من الانحسار فتتعلق العيون بها ، وحين تختفى يفتح الحراس الابواب فتنطلق الكلاب المدربة كالمسعورة تفتش فى السراديب الملتوية عن الطعام والشراب .
تنهى الكلاب عملية بحثها الشاق بعد خمسة عشر دقيقة عبر عشرين كيلومترا من السراديب التى يؤدى كل منها الى الآخر فى دوائر لامتناهيه توهم الداخل بقرب نهايتها البعيدة ولاتأتى الابحاسة الشم القوية لدى الكلاب المدربة .
تتزاحم الكلاب حول دائرة اللحوم المستوية المطلية بالشحم ثم تشيح بوجوهها وتتراجع حتى توشك على الانصراف فيمزق الجوع جدران امعائهم ليعاودوا شم الشحم ويلعقونه حتى يكشف عن اللحم اللذيذ الذى يعشقونه .
ينفض جمع الاقوياء بعد الشبع ليحل محلهم الاقل قوة حتى يشبع الجميع ، ومازالت الالسنة الحمراء الطويلة تتدلى فتلامس الارض من شدة العطش .. تهتز الآذان المدربة بمجرد سماعها تساقط نقط الماء فى الحوض فتسرى الدماء فى عروقهم ويستعيدوا قواهم ويبدأون رحلة البحث فى سراديب التيه الملتوية لمدة نصف الساعة حتى يهتدى واحد من المائة الى المكان فيظل ينبح حتى يدل الآخرين الذين يسارعون الى مكانه .
يرتشف الكلب الاخير آخر نقطة ماء بالحوض ويركن الجميع الى الجدران الرطبة ليناموا ويستيقظون قبل منتصف الليل بساعتين فلايجدوا الاكل أو الشرب ، ويمر اليوم الاول والثانى حتى يقترب موعد انحسار اشعة الشمس قبل مغيب شمس اليوم الثالث فتسرى الهمهمات فى السماعات المنتشرة بطول السراديب فتتنبه الاجساد النائمة ، تلاشى الاشعة تنطلق الكلاب الى الشحم اللذيذ الذى أدمنته وتطيل لعقه ليكشف عن اللحم المشوى أوالمسلوق والذى لم يعد يغريها ثم ترتوى بالماء الصافى .
تمر الايام الثلاثة التالية ليأتى الرابع فيفاجىء الكلاب أجساد البشر المدهونة بالشحم اللذيذ فيستغربون المشهد ولايقتربون الامع سياط الحراس التى تلهب اجسادهم ليتعاملوا مع المارقين وقطاع الطريق نزلاء النفق الغربى بالصحراء الكبرى .. تنطلق صرخات النزلاء هلعا من لعق الالسنة الحمراء الطويلة للشحم الذى يغطى كل جزء من اجزاء الجسم العارى .. تتشمم الكلاب اللحوم غير المستوية فتبعد عنها وتكتفى بالشحم اللذيذ والماء الصافى .
ينتظم الحراس فى فتح السماعات ودق جرس انحسار اشعة الشمس كل يوم فتنطلق صرخات النزلاء وتستمتع الكلاب بالشحم اللذيذ ، وذات يوم لم تكتفى الكلاب بالشحم وأطلقت أنيابها لتنهش أجساد النزلاء ليرحل معظمهم بالسكتة القلبية قبل التمزيق ورحل الباقى بالتمزيق .
اصيبت الكلاب بالتخمة ولم تستطع التقاط أنفاسها فماتت بعد خمسة أيام ، وأقلع المارقون وقطاع الطريق عن الاقامة بالنفق الغربى لبعدهم عن الاسباب التى تؤدى الى الشحم اللذيذ الذى ستدمنه الاجيال الجديدة من الكلاب المدربة .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
==============================================================
82
السقاء
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
السقاء
يعوض الله .. يعوض الله .. يعلو صوت عوض السقاء لينبه النساء بدروب غجر تل البليلى فى قلوب خيمهن فترفعن ابواب الخيام وتتصدر من عليها الدور فى ملىء الاوانى الفخار المقدمة .
يأمر عوض فحله بالجلوس على ركبه الاربع فينصاع لأمره .
يزيح السقاء أربطة القرب العشرين المحمولة على جانبى ظهر الجمل ، ويتناول احداها ليرفعها على كتفه ويتجه الى أول خيمة.
ترفع صاحبة الخيمة غطاء الاناء فيضع عوض فوهة القربة فى قلبه حتى يفرغ قربته الاولى ليأتى بالثانية والثالثة حتى يمتلىء فيحين دور الخيمة التى تلى.
يعد عوض يوميات خيام قبلى الحى التى تقترب من الخمسين خيمة لاولاد الحلب الغجر فيتم المائتى قربه ماء مربوط اليوم بعد ان يفرغ من ملىء آنية الشيوخ وعادة ماتعلو حصة مائهم الى ثلاثة أضعاف اولاد الحلب الغجر فيحمل عوض ثلاثة من القرب واحدة على ظهره واثنتان على كتفيه فيصبح اجمالى اليوميه لخيمة شيخ الحى اثنى عشر قربه وكذلك خيمة مساعد شيخ الحى وشيخ المخفر والاعيان من اصحاب الصحراء الخالية والخفراء.. يبلغ عدد قرب الصفوة مائة وثمانين قربه ، وما ان ينتهى عوض من وردية الصباح التى تبدأ مع فجر كل يوم وتنتهى مع آذان الظهر يلتقط انفاسه ويلجأ الى الظل ليريح فحله ابوسريع ويضع له الطعام حتى تبدأ بعد ظهر كل يوم وردية الغذاء لدى السقاء التى تنتهى مع غروب الشمس فيسقط من الاعياء مع فحله الذى يتناول وجبة الغذاء ويواصل عمله فى وردية المساء التى تنتهى بعد عشاء كل يوم .
يتوجه عوض الى بئر الماء الوحيد العذب فى حى تل حلب العكريه الغجر يملأ قربه ويترك حبل الفحل ليغمض هو عينيه جالسا على ظهر ابوسريع الصبور فينام ويواصل ابوسريع سيره ليستقر امام خيمة عوض السقاء الذى يواصل نومه مستعطفا فى الحلم ابنه الوحيد سيد حتى لايغادر الى بلاد الغربة البعيده ،وحيه اولى به كما يقول عوض.. عمل سيد مع عوض ابيه بعد رحيل زوجته سميه الحوكش الحفار ، لكن سيد زهق من العمل كسقاء على فحل ابيه يتناوب معه ورديات يوميات ماء خيام حى العكريه .
عرض عوض على ابنه الزواج من اى فتاة من فتيات الحى حتى ولو كانت بنت محمدين اقدم خفير فى الحى ليربطه بارضه لكن سيد كان قد حسم امره واتخذ قراره بمغادرة الحى الضيق الى الحواضر الوسيعه ، وسوف يعمل فى كل المهن التى يجيدها وكان يعمل فيها فى حى العكريه كالحداده والنجاره ، وستفتح له الحواضر ازرعتها لبراعته فى هذه المهن.
سافر سيد ولد عوض السقاء منذ سنين ، ولم ياتى عنه اى خبر فلقد انقطعت اخباره حتى أوشك عوض ان يفقد الامل فى عودة ابنه الى الحى فكان يردد دائما : يعوض الله .. يعوض الله ..، وظل صوته يعلو حتى أفاق من نومه ليجد نفسه امام الخيمة فنزل من فوق ظهر فحله واتجه الاثنان الى النوم ليواصلا فى فجر الغد عملهم .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@gmail.com
===========================================================================
81
الاسطى بليه الفلنكاح
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
الاسطى بليه الفلنكاح
وقف عامر ولد عبد البر فى مجمع الطرق المؤدية الى كل دروب الصحراء الصغرى باكيا تتدفق دموعه انهارا بعد ان فقد كل اسرته فى الحريق الذى نشب فى القافلة الغريبة حين حطت تلتقط انفاسها من عناء السفر الدائم لهم فهم غجر نايره الرحل ، وحين زادت نايره الجده كبيرة القافلة من نيران موقدها لتسوية طعام الصغار لشدة بكائهم امتدت ألسنتها الى ركاب الابل لتلتهم كل افراد القبيلة ولم ينجو منه سوى خمسة صغار كان عامر من بينهم ولم يزل فى الخامسة من عمره.
رقت قلوب اهل درب تل نحيره فأحاطت الصغير بالعطف والاحسان بالمأكل والمشرب والملبس والمبيت فى خيمة الغرباء ملتحفا الفضاء .
مرت ايام كثيره على عامر، لم يقو على عدها حتى رزقه الله بأم حمو التى ودعت ابنها حمو منذ سنين ليعمل على سفينة عطيه لمو ببحر الملح ولم ترجع السفينة بعد رحيلها منذ عشر سنوات .
فرحت ام حمو بالرزق الذى ارسله لها الله فاحتضنته داخل خيمتها فيوما ما سيكون سندا لها فى الكبر بعد ان تبنته وشهد بذلك كل اهل الحى .
اشتد عود الصغير فعرض على امه ام حمو ان يعمل صبيا لدى جارهم عبده عمرين الحداد .. استحسنت الام الفكرة فلااحد يضمن الموت من الحياة ولن تبقى له ام حمو طيلة عمره فقررت المرور على عبده عمرين وعهدت اليه بالصغير عامر وأوصته كثيرا على المقطوع من شجرة والحيلة الذى خرجت به من الدنيا بعد ابنها حمو فأجابها عبده الى طلبها .
تعلم عامر اصول المهنة على يد عبده عمرين وعرف فى البداية ببليه الصغير حتى اصبح واحدا من الاسطوات الذين يعملون فى الورشة وصار لديه صبى صغير اطلق عليه بليه لكن عامر قرر ان يحتفظ بلقب بليه تيمنا به فلم يفارقه ابدا واضيف له الفلنكاح لأنه قادم من الفلاحين المجاورين للصحراء الصغرى او كما قيل فى بعض الروايات بعدما نسى هو نفسه كواحد من ابناء غجر نايره الرحل .
عشق الاسطى بليه الفلنكاح التجريب فى الحدادة وصهر الحديد وعرف بذلك لدى اهل تلال الصحراء الصغرى والعابرين السبيل بها من الشمال الى الجنوب والعكس حتى ذاع صيته وملأت شهرته الآفاق .
فرحت ام حمو كثيرا بابنها الذى لم يعد صغيرا وسعت بكل قواها ان تخطب له عروسه تستحقه لتفرح هى بأولاده فأعز من الولد ولد الولد .
رأت ام حمو رغبة الاستئثار بالزوج فى عيون كل من قابلت من الفتيات اللاتى رغبت فى خطبتهن لابنها بليه الفلنكاح فلم تستقر على واحدة بعينها حتى تاريخه وواصلت بحثها عن العروسة التى سترضى بالاقامة معها اسفل سقف خيمتها مع ابنها الذى تكفل بتجديدها بليه الفلنكاح بعد ان كانت ممزقة الجوانب والسقف .. لن تفقد ام حمو ابنها الثانى كما فقدت حمو الذى ضاع مع مركب عطيه لمو .
سمعت ام حمو عن ابنة عبده عمرين التى حجبتها هنيه زوجة عبده عن العيون بعد ان اعتزلت الخروج من الخيمة فى الثامنة من عمرها فعقدت العزم على زيارة هنيه التى رحبت بخطبة ام حمو لابنتها هديه لعامر ابنها فعامر رباه عبده عمرين زوجها تربية الاب لابنه الذى لم يرزقه ، وامهلتها هنية فترة لعرض الامر على عبده عمرين فأذا ماوافق فستحدد ميعادا لخطبة عامر وهديه.
انتظر عامر قرار الموافقه فى احر من الجمر بعد ان طار لبه لوصف امه للجميلة هديه ، وبعد ايام زفت هنيه خبر الموافقه الى ام حمو لتملأ الحى بزغاريدها التى لم تنقطع صباح مساء لتعلم كل الاهالى بخطبة ابنها عامر لهديه بنت عبده عمرين اجمل فتيات الصحراء الصغرى والتى ستقيم معها اسفل سقف خيمتها مع ابنها بليه الفلنكاح .
طار عقل عامر من الفرح فركب لى طلمبة مياه غير مطابقه للمواصفات لتسد فوهة المياه المنطلق من البئر الى الموتور مما ادى الى قفش الموتور وحرقه فكنت اول ضحايا فرحة الاسطى بليه الفلنكاح .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
==============================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق