ابناء الريح
(26)
المناخ
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
المناخ
نخ ..خ ..خ..خ..خ ..... نخ .. خ ..خ ..خ..... نخ .. خ .. خ ..... نخ ..خ.
يشد كل رجل من رجال القوافل عقال بعيره الى الاسفل حتى يبرك فى المناخ الذى حدده نويرى سرحيس الغجرى أشهر أدلة دروب الصحراء الطويلة الملتوية و الذى يقود قوافل التجارة القادمة من أقصى الشمال صيف هذا العام فى رحلة العودة الى الديار محملة ببضائع تجار البوادى.
يقرر ظل المثل انحساره من جهة الغرب الى اسفل الابل الباركة والرجال حتى يختفى فتشتد حرارة الشمس .
يفرغ الرجال من اقامة مخيماتهم ليسقطوا داخلها هربا من نيران شمس منتصف النهار المتقدة .
تزحف الابل على ركبها باركة تستظل بشجر الشوك .
يتعجب رجال القوافل من خيوط العناكب التى تغطى شجر الشوك ، وجفاف بقايا الابل المغادرة للمناخ منذ شهور فيتجهون بالسؤال لنويرى سرحيس الذى ضربته شمس البارحة فتداخلت الصور فى عينيه مستقرا على الاقامة بهذا المناخ.
رفض الدليل نظرات اتهامه بالجهل فى صميم عمله الذى قضى فيه أكثر من نصف قرن من الزمان مستنكرا تعجبهم وغط فى نومه محموما بخيمة المقدمة .
ستنال القوافل قسطا من الراحة وقد تبيت عندما تتيقن من سلامة وأمان المناخ بعد مشقة ايام متتالية من السير ليل نهار صعودا الى مناطق الربوات تجنبا لسهل وادى الافاعى وسهل وادى العقارب وسهل وادى السباع والوحوش الضوارى .
اكد دليل القوافل بين اليقظة والمنام بعد المناخ المختاراميال كثيرة عن سهول وديان الردى فاطمأن الجمع.
تتبرم الابل الباركة تبرما غير عادى بعد طعامها وقضاء حوائجها لشعورها بزواحف تقترب من المناخ .
تنقض بعض الافاعى والعقارب على الابل الباركة تبثها السموم .. يصيب الذعر والهلع الابل المسمومه فتنطلق الى البرية لتتساقط الواحدة تلو الاخرى بالقرب من المناخ الذى توحد رجاله فى مواجهة القلة من الزواحف وقتلها .
يزيد الرجال من صب قرب الماء على ام رأس نويرى سرحيس الذى أفاق معدلا من خط سير القوافل بعيدا عن المناخ المهجور والذى كاد ان يأتى على نهاية قوافل تجارة الصيف القادمة من الشمال تاركين عشرة من الابل فريسة للافاعى والعقارب، ومازال بحثه متواصلا للمبيت فى مناخ آمن.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
==================================
(27)
الواح اردواز
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
الواح اردواز
يفتتح ابو الشوف نظران الغجرى معلم القراءة والكتابة خيمته فى تل بنى سفروته .
يتوافد الصغار من كل الدروب حتى يمتلىء الداخل فيجلس المتأخرون فى صفوف منتظمة أمام الخيمة يسمعون صوت المعلم منخفضا .
يمسك كل صغير لوحه الاردوازى .. يقلد معلمه فى رسم حروف الابجدية مكررين خلفه أصوات الحروف المكونة للكلمات .
المعلم : ألف منها ابل
الصغار : الف .. ابل
المعلم : باء منها بئر
الصغار : باء .. بئر
المعلم: تاء منها تمر
الصغار تاء ..تمر
المعلم: ثاء منها ثياب
الصغار : ثاء ..ثياب
المعلم : جيم منها جمل
الصغار: جيم .. جمل
المعلم:حاء منها حمار وحصان
الصغار :حاء .. حمار حصان
توقف المعلم كثيرا عند حمار حصان منعا لتداخل الصور لدى الصغار فالحصان لاينجب حمارا ولو اجتمع مع انثى الحمار فسينجب بغلا ، ولم يرد ذكره فى درس اليوم .
كتب المعلم الكلمتين على لوحى اردواز حمار ثم حصان فاختلف الصغار فى تحيد شكل الكلمتين .
ضاق المعلم ذرعا بالصغار فأمسك بالواحهم الاردوازية وهشمها على رؤوسهم ففروا مذعورين وقد لطخت الدماء وجوههم وثيابهم .
افاق المعلم من غضبه واستظل بنخلة التل العتيقة بعد ان قرر ان لايعود الى تعليم صغار تل سفروته القراءة والكتابة مرة أخرى.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
==================================
(28)
وآه يازين
أخذها ونزل العين
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
وآه يازين
أخذها ونزل العين
آه يازين .. آه يازين ..آه يازين . .يتأوه برهومه هنيدو المنادى من فرط الشوق على فقيده الغالى زين ولد برهومه زينة شباب غجر التل الاخضر قلب الصحراء الوسطى .
تكرر الببغاوات المهاجرة الى الصحراء فى فصل الشتاء آهات برهومه لتتحول الآهات فى مناقيرهم الى تساؤل: آه يازين؟
يلتف اشقاء الحى الصغار حول برهومه والببغاوات المهاجرة يجيبون عن التساؤل : أخذها ونزل العين .
يتسلل برهومه الى داخله لائذا بالصمت فتصمت الببغاوات وينصرف الصغار طوال ساعات الصباح تاركين برهومه امام خيمته .
تتصدر الشمس وجه السماء فتختفى ظلال الاشياء تحتها .. يواصل برهومه هنيدو تأوهاته : واه يازين .. واه يازين .. واه يازين .
تكرر الببغاوات المهاجرة : واه يازين ..حتى تتحول الاهات الى تساؤل فيجيب الاشقياء صغار الحى : أخذها ونزل العين .
يحكى الصغار قصص زين ولد برهومه هنيدو ومعشوقته دعديه أجمل حسناوات غجر التل الاخضر بالصحراء الوسطى :
طفل 1: فى البدء جذبت عضلات زين ولد برهومه المفتوله انتباه حسناء بنى حكيم دعديه وهو يرعى غنم سيد قومه حكيم زناوى شيخ مشايخ الزناويه فسقط غطاء وجهها ارضا .
طفل 2 : سقط قلب زين مع سقوط غطاء الوجه حين سلب عقله جمال دعديه الذى لايقاومه احد.
طفل 3 : هدأت الحسناء من اضطراب الفتى المفتول العضلات ووعدت باللقاء .
طفل 4 : جاء وقت اللقاء تحت جنح الظلام فاختفى ولد برهومه هنيدو ، وعادت الحسناء الى خيام ابيها لتذبل حتى تصبح هيكلا عظميا .
تعلو تأوهات برهومه هنيدو مواصلا بحثه عن وحيده : آه يازين .. آه يازين.
يصمت الصغار والببغاوات المهاجرة تاركين برهومه يتأوه فى منتصف الطريق بين خيمته وعين ماء الزناويه .
يحل الليل فيستيقظ برهومه من اغفاءته قاصدا عين الماء ينادى متأوها : واه يازين .. واه يازين .. واه يازين .
تكرر الببغاوات المهاجره الاهات حت تصبح تساؤلا فيجيب صغار الحى الاشقياء:أخذها ونزل العين .
يقول الاشقياء من صغار التل : ان بنات الجان أشفقن على ابن برهومه شديد الفتوة والحيوية حين احاط به رجال حكيم ليقتلوه فتجسدت احداهن فى صورة دعديه واختطفته لتنزل به فى ماء العين وتزوجته ليصبح من ابناء جنسها لكنه لم يقو على نسيان برهومه ابيه فيصعد اليه كل ليلة على حافة العين ليمسح دموعه ويواسى وحدته.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
================================
(29)
بشير ربيعه
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
بشير ربيعه
يظل بشير ربيعه يرقص وحيدا بعدما نبذه اهالى غجر تل عواينى من اقصى جنوب الصحراء الصغرى لانه كان يجيد التسلل الى قلوب الخيام ليل نهار .
يسطو بشير ربيعه على مايتاح له ليلا ، ويقضى حاجات النساء اللاتى يغيب عنهن أزواجهن نهارا .
تسوء السيرة الذاتية لبشير ربيعه ، وتمتلىء بأبشع الاوصاف فيقرر أهالى التل طرده فى وضح النهار مكبلا بالحبال عاريا بسروال وقد لطخ بالرماد على ظهر حمار يواجه الطريق بظهره مطاطىء الرأس تتوجه عيناه الى الخلف .
يعرف حمار الطرد طريقه الى أسفل التل بعيدا ، ولايتوقف الا عند النقطة التى عوده عليها صاحبه عثمان لؤلؤ أسفل قمة الجبل الغربى حيث المنبوذين لاتعرف قلوبهم الرحمة.
سيفر بشير ربيعه هاربا من موت محقق اذا ماقابله احد قطاع الطريق منطلقا من مخبئه بالجبل الغربى .
يسقط حمار عثمان لؤلؤ بشير ربيعه فى رحم الصحراء ، ويعود الى التل سالما.
يستعيد بشير ربيعه وعيه الذى افتقده من شدة لطم اهالى التل على خديه وبصقهم على وجهه وضربه بالعصى والسياط بطول جسده وعرضه وهو على ظهر الحمار خلف خلاف يدور فى دروب التل حتى غادرها.
يتمكن بشير ربيعه من قضم الحبال الموثق بها ويأخذ فى رقصة النجاة من الموت حتى يجد نفسه محاطا بقطاع طرق الجبل الغربى على ظهور خيولهم تلمع سيوفهم وينطلق الشرر من عيونهم الحمراء فيسقط على الارض مودعا حياة التسلل الى قلوب الخيام ليلا وقضاء حاجات النساء نهارا .
يرحل قطاع طرق الجبل الغربى تاركين جثة الراقص للنجاة للسباع والطيور الجارحة.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
=============================================
(30)
بغل سموه
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
بغل سموه
تعوّد سموه أن يتجول بمفرده على ظهر بغله المقرب الى قلبه بين أنحاء امارته فى جوف الصحراء الكبرى .. يسابق سموه الرياح ليرى بعينبه الرعب الذى يركب الانفار فى حدائقه الواسعة المترامية الاطراف خشية أن يدهسهم فيهرولوا بكل ماأوتو من قوة بعيدا عن نهر الطريق .. يستمتع سموه بكل مايرى من خوف فى العيون وطاعة عمياء .. يواصل سموه جولته الصباحية التفقدية بين جنبات خيامه الكبيرة .
يضع كبيسه سعدون مسؤول دائرة التنظيم يده على قلبه صباح كل يوم مخافة أن تصدر منه التفاتة غير مهذبة أثناء مرور سموه فيضيع مستقبله ويطرد خارج نعيم الحدائق الاميرية بعد أن تعوّد عليه منذ المجىء به فى عهد سمو الامير الاب واستمر فى الخدمة بأمر من سمو الامير الابن أدام الله نعمه كما يقول كبيسه سعدون دائما حتى تسمعه آذان سموه المستطيلة والمنتشرة فى كل ارجاء الصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى .
كلف كبيسه سعدون بالحفر لادخال الغاز الطبيعى فى خيمة بحر الملح اكبر خيام سموه على الاطلاق لتكون اولى خيام سموه التى يدخلها الغاز فى قطاع الصحراء الشمالى .. جاء كبيسه سعدون بخمسمائة عامل ليتم انجاز العمل فى يوم واحد أو على الاكثر فى يومين حتى لايتم ازعاج سموه اثناء رحلته التفقدية الصباحية ببغله القوى الحبيب الى قلبه.
بدأت أعمال الحفر مع ظهور اول اشعة لشمس اليوم ووضع كبيسه على رأس كل خمسة وعشرين نفرا من ابناء الغجر ملاحظا يتابع سير العمل ولايتيح الفرصة لانشغال أى عامل من الخمسمائة ولو للحظة واحدة ، ونبه على العشرين ملاحظ بأخفاء العمال فى تمام الساعة التاسعة وأعادة العمال الى مواقعهم فى تمام العاشرة والربع عقب دخول سموه الديوان .
استيقظ سموه صباح اليوم مبكرا فتناول افطاره واستقل بغله على غير العادة فى تمام الساعة الثامنة .. انطلق البغل صاروخا عبر ممرات حديقة بحر الملح .. أسرع الجميع الى الاختفاء من أمام وجه سموه حتى لاتصيبهم شظايا الحصى المتطاير من شدة وقع اقدام بغل سموه المنطلق يسابق سرعة ضوء النهار .. لم يتنبه كبيسه سعدون الى الطامة الكبرى التى ستقع على أم رأسه .. وصل البغل حاملا سموه الى أول أعمال الحفر مثيرا عاصفة ترابية أعمت الخمسمائة عامل والعشرين ملاحظ ومسؤول دائرة التنظيم كبيسه سعدون .. أسرع العامل سعيد سعاده الى سب آباء راكب البغل، وقال : ماتفتح ياأعمى ، وكان سموه كريم العين .. عاد سموه بظهره الى الخلف بنفس سرعة الانطلاق ليتبين مصدر السب .. انطلق صوت ضخم من فوق ظهر البغل يستدعى كبيسه سعدون فارتعدت فرائصه مع سماعه الصوت الذى لايخطئه ابدا لكنه استبعد أن يكون هو فمازال باقيا على موعد الجولة الصباحية التفقدية لسموه الكثير .. وصل كبيسه الى مصدر الصوت وحين رفع رأسه سقط مغشيا عبيه .. أيقظ رجال الحاشية كبيسه المغمى عليه .. وسأل سموه عن العامل الذى سب ابائه فقال كبيسه وهو مطأطىء الرأس : عامل غلبان من رعايا سموكم حفظكم الله اسمه سعيد سعاده .. أمر سموه بصرف مكافأة من الفضة تعادل شهرا من أجره سعيد اليومى ومنحه قطعة ذهبية من صناديق سبائك الذهب تقدر بدنانير كثيرة .. مضى سموه الى الديوان ، وأبلغ كبيسه العامل سعيد سعاده بمكافأة سموه فسقط الرجل على الارض قبل ان يكمل كبيسه تفاصيل المكافأة وتم نقله الى المشفى معتقدا أن المكافأة ستكون جزاءا ، وحين أفاق سعيد سعاده من اغماءته ظل يدعو لسموه بطول العمر ولبغله المحبب الى قلبه بدوام الانطلاق .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
======================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق