ابناء الريخ
75
علاوة استثنائية
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
علاوة استثنائية
يترقب الجميع ببالغ الشوق واللهفة الحصول على العلاوة الاستثنائية .. يجلس الخمسة موظفين على مكتبين .. تأخذ الملفات دورتها بين المكتبين دون التقاء عيون الموظفين حتى لاتفصح عما بداخلها .
يوزع جابر الرحمانى عامل المكتب أربعة أكواب من الشاى ويصب القهوة فى الفنجان بعناية حتى لايضيع الوجه أمام ابراهيم السلومى رئيس القسم الذى يبدو عليه الكثير من القلق فمازال فى الدرجة الاولى منذ سبع سنوات ولم يتقدم خطوة واحدة حتى الآن .
يمسك السلومى بفنجان القهوة بيد مرتعشة فهو فى أمس الحاجة الى هذه العلاوة بعدما باع الذى أمامه ووراءه قطعة الارض الستة قراريط التى ورثها عن ابيه فى واحة الغجر بالصحراء الوسطى وتركها بلاعودة مع زوجته ليوالى الصرف على وليد وميرنا ابنيه التوأم اللذين التحقا بالجامعة العام الماضى ، وهيثم الذى سيكلفه مالايطيق من مصاريف لدروس المرحلة الوسطى هذا العام ، وآخر العنقود السكر المعقود ابنته ولاء - كما تقول عليها دائما زوجته هناء الشماشرجى والتى صرفت هى ايضا كل ماورثته عن ابيها وأمها ، وولاء سستنهى مرحلتها الالزامية هذا العام .
يواصل السلومى شرب فنجان القهوة ويفرغ عوض عبد الرحمن من شرب الشاى ليقلب نظره فى الوجوه المترقبة ويطمئن ابراهيم السلومى لان الدور سيكون عليه بعد حصول كل الموظفين فى المكتب على العلاوة حتى جابر الرحمانى فيهدأ السلومى ولايأمن مكر السادة المسؤلين فهو أدرى بهم وليس منهم .
يهدىء عوض من روع السلومى ويصرف ذهنه الى سيرته الذاتية فلقد قرر عوض عبد الرحمن أن لايتزوج ليعول والدته وأخواته البنات الاربع بعد وفاة والده عبد الرحمن المناخلى
حتى فاته القطار بعد أن زوّج أخواته وتوفيت أمه .. ينظر عوض الى العلاوة بامتعاض ولاينتظرها أبدا ومع ذلك جاءته ثلاث مرات .
تدور عينا تاج فراج الذى يقلب الملف بين يديه ويبحث عن المستند الضائع ويسأل كل من بالمكتب حتى ينبهه جابر الرحمانى الى وجود المستند داخل الملف الذى يقلبه بين يديه فيطلب منه كوبا من الشاى للمرة الخامسة ليضع عينيه وسط رأسه حتى لايضيع ويضيع وراءه ستة أولاد من زوجتيه المتوفيتين وثلاثة من الجديدة التى لم ترحل بعد .
تقفز ابتسامة ماكرة من عينى سلوى عبد الفتاح المتزوجة وتعول لسفر زوجها بعد تعاقده العام الماضى كمحاسب فى الحجاز وهى فى غير حاجة الى العلاوة - لكنها بتموت على القرش - كما يقول كل العاملين بالمكتب .
يمنى صابر مخلوف النفس ويتمنى أن لويصيبه الدور حتى يتخلص من نظرة الازدراء التى يشيعه بها والده مخلوف عبد البر ساعى رئيس مجلس الادارة مع كل قرش يعطيه له كأعانة بعد ان يصرف كل راتبه على الملابس كى يبدو فى المظهر اللائق بالمؤسسة ومازال صابر أحدث موظف بالادارة منذ خمس سنوات .
مرت الخمس دقائق السابقة على اعلان نتيجة العلاوة كخمس سنوات على العاملين بالمكتب ، وفجأة دخل صابر الرحمانى وقد ارتسمت على ملامحه كل علامات الفرح وأعلن حصوله على العلاوة للمرة السادسة خلال العشرة سنوات الاخيرة ، ولم يستغرب أحد الجالسين لأنه كان ساعى المدير المقرّب قبل أن ينتقل الى القسم العام الماضى .
تغيرّت كل ملامح القلق على وجه ابراهيم السلومى رئيس القسم الى سكون وسقط فجأة على الارض فأسرع الجميع الى نجدته لكن الموت كان أسرع منهم بسبب الازمة القلبية التى تعرض لها السلومى بسبب حصول صابر الرحمانى على العلاوة الاستسنائية .
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
===============================================================
74
عريش فحل
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
عريش فحل
تنزع ريم الجبلاوى العريش من على جانبى فحلها القديم بعدما قرر ان لايخطو خطوة اخرى من ثقل صناديق الفاكهة التى حملتها ريم لتلحق قدوم ابناء القبائل لشراء معظم احتياجاتهم من سوق السبت بواحة الصحراء الوسطى .
يسقط فحل ريم من الاعياء فيخيل للناظرين فقدانه للحياة فيرثى المارة لحاله ويلعنون آباء ريم القدامى والمحدثين فلاتعيرهم انتباه لتواصل رفع العريش من على جانبى الفحل العنيد ، وتصر على ركله فيزداد لعن آبائها ، ويعلن مائة من ابناء القبائل تضامنهم مع الفحل وسيشكون ريم فى مقر جمعية الرفق بالحيوان القريبة من الحضر ، وعلى بعد الخمسمائة متر من مكان حادث مقتل الفحل المسكين. .
تنهر ريم ابنتها سلوى عن الاقتراب من الفحل حتى يعود الى وضع الوقوف.
تخشى سلوى على امها من عقاب الجمعية الذى يصل حبسه الى سنوات وسنوات لاتعد.
تأمر ريم سلوى بالمساعدة فى رفع العريش الثقيل وتبعدانه عن ظهر الفحل ، ويأخذان فى تحريك العربية الخشبية عربة ابيها عبده غرابوى القادم من اعماق واحة منتصف الصحراء الصغرى هربا من ثأر ابيه وملاحقة غجر جيفينه له، بعد اصرار امه على ان يأخذه هو دون اخوته الصغار ففر هو ومعشوقته ريم بنت رفاعى الجبلاوى شيخ قبيلته ، واستقرا فى قلب واحة الصحراء الوسطى ليبيع الفاكهة على عربته الكارو، وأدمن عبده عرباوى استحلاب فصوص الافيون الصغيرة حتى صار عظاما دون لحم لايرى منه سوى جحوظ عينيه الثابتتين النظر الى عمق الواحة الصغرى وطنه الام ، بعدها قررت ريم ان تتحمل الصرف عليه وعلى كيفه وبناتها الخمس سلوى ومى ونورا ومنى وفريده .
تصرخ سلوى فى أخواتها الاربعة ليهرولن اليها ، ويبدأ الستة فى تحريك الكارو الثقيل الى الخلف حتى يبعدن بها عن جثة الفحل الفاقد للحياة حسب أقوال كل شهود حادث قتله واصرارهم على اتهام ريم الجبلاوى أمام لجنة جمعية الرفق بالحيوان والتى ستشكل خلال الاربع ساعات القادمه وتأتى للقبض على ريم الجانية وازاحة الجثة من طريق المارة تمهيدا لنقلها فى سيارة تكريم الحيوان الحمراء التى سترسلها الجمعية .
تستقر ريم بكارو عبده عرباوى أمام باب خيمة شيخ السوق وتبدأ فى بيع التفاح الاصفر والاخضر والاحمر كل حسب سعره وحسب شريحة المشترى وغناه من عدمه ، وهى كعبده غرابوه تحفظهم عن ظهر قلب واحدا واحدة .
يواصل بنات عبده غرابوه الخمسه تكييس الاوزان ، واستبعاد المعطوب من التفاح والقائه امام فم الفحل العنيد الذى يصر على عدم الحركة .
يقترب موعد انصراف رواد السوق فيمتلىء كيس ريم بالنقود .
يظهر من على البعد موكب سيارات جمعية الرفق بالحيوان ، وتظهر من خلال نوافذه رؤوس الموظفين المتقدمين بالشكوى ضد ريم الجبلاوى فتقشعر ابدان بناتها خوفا على امهم من سنوات الحبس التى تنتظرها بعد النظر فى قضية مقتل الفحل. .
تتقدم ريم الى اسفل عريش الكارو وتخرج من الحافظة القماش حزمة من البرسيم وتمسح بها عرقها ، وتتجه بها الى أنف الفحل العنيد فيطيل تشمم رائحة العرق لتعود اليه كامل طاقته فينهض واقفا على الاربع
.. يخرج لسانه ليلتقط اعواد البرسيم مارا على يد ريم ليلعق عرقها المحبب الى نفسه .
تبدأ رؤوس الموظفين المطلة من نوافذ سيارات موكب جمعية الرفق بالحيوات فى العودة الى الداخل ، وتسقط ايديهم الى جوارهم
.. يستقر الركب ويتم توجيه تهمة البلاغ الكاذب للمائة من المتقدمين بالشكوى ضد ريم الجبلاوى ، وتوجيه الشكر الى ريم المحبة للحيوان والعاشقة له التى تدأب على اطعامه بنفسها حين تخلو به دون بناتها حين يعلو شخير عبده غرابوه. .
تنصرف اللجنة لتزغرد البنات الخمس وتعدن العريش مع ريم الجبلاوى الى جانبى ظهر الفحل الذى دبت فيه الحياة مع تشممه لرائحة البرسيم المندى بعرق ريم الجبلاوى الذى يحبه .
يبدأ ركب ريم فى رحلة العودة الى عبده غرابوه المستقر بخيمته فى انتظار رأس دبوس الافيون الصغير الذى ستأتى به ريم من أقرب بائع مخدرات فى طريقها ، وتدسه فى الحافظة القماش ليستحلبه عبده فتعود اليه الحياة كما تعود الى فحله كل يوم لساعات ثم يعود الى حالته بجوار عريش العربة الخشبية. .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@gmail.com
==========================
73
عرق الغريق
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
عرق الغريق
يتصبب عرق صيام عبده درويش فى النصف الأخير من شهر طوبه فى قلب مياه بئر واحة الصحراء الكبرى العميقه ، وهو يغطس ويطفو ويقذف الماء من الفم والأنف .
تلف انوار النجوم المنكسرة داخل العينين الرأس فتفقد بعدها البؤرى لتكون غير محددة المعالم ، ولايستقر فى ذهنه سوى احتياجات عطيات الشماس الزوجة وعزيزه سلاّم الحماة وعدوى وزغلول وعيد وعفيفى وشحات ورضا آخر العنقود أولاده .
تقول عزيزه سلاّم الحماة : طوبه تخلى الصبيه كركوبه ، ولابد من وجود ملابس ثقيلة للستة أولاد والزوجة .. تتموج صورة الحماة لتحل محلها صورة الزوجة ، ومازال صيام عيد درويش يغطس ويطفو ويطرد الماء من الفم والانف رافعا يديه الى الأعلى مستسلما بعد أن جاوز الليل المنتصف .
تقول الزوجة عطيات الشماس : ان صادق عبد الجواد زوج جارتهم محاسن الريفيلى قد مات كافرا لأنه ألقى بنفسه فى قلب البئر بعدما عجز عن سداد ديونه .
تتداخل أصوات الستة صغار يطلبون من صيام عبده درويش مصاريفهم اليومية والأكل والشراب .. يعلو صوت عطيات مطالبة بأيجار الخيمه ليزيد عرق صيام المتدفق فى قلب ماء البئر فى السنة التى جاء فيها طوبة شديد المراس تاركا جليده فوق وجه البئز ليخترقه جسد صيام عبده كلما طفا وغطس وغرغر الماء .
احتال صيام على كبار التجار بشرائه بضاعة محدوده بالاجل ، وباع هذه البضاعة فور تسلمها ليسد بعضا من ديونه ، وحين عجز عن السداد عاود الكرّة ليشترى بالاجل ويبيع بأقل من سعر الجملة ، ويسدد بعضا آخر من ديونه ويترك قسطا يسيرا للزوجة والحماة والستة أولاد فيعجز ثانية وثالثة ورابعة وخامسة فيطارد من قبل التجار وتسوقه قدماه الى مياه البئر العميقة ، وحين يتوسط المسافة بين بداية البئز ونهايته يصعد الى أعلى السور ويطير فى الفضاء ليسقط معانقا قاعه ثم يطفو ويغطس ويغرغر الماء من الفم والأنف .
يزيد عرق الغريق حتى يؤدى الى فيضان البئر الذى أغرق واحة تل غجر هنوده بالصحراء الكبرى ، ولم يترك أثرا للأرض الجافة فصافح الصحراء لتتوه مياهه فى أوردة الأصفر الذى يصرخ من شدة العطش ، ويظل يروى ظمأه حتى يصير أخضر بلون الطحالب التى يحملها وجهه .. تقف حجارة الجبل العالى فى وجه الماء فلايستطيع التجاوز ليصمت الغريق وتتوقف قنوات عرقه عن التدفق .
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
=========================================
72
سوق البسابيس
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
سوق البسابيس
تحلق رواد السوق حول واحدة من فصيلة مهجنة وسرعان ماأشاحوا بوجوههم مع وصول ناقلة الفصائل النقية والتقطوها من المزاد المرتفع جدا اذ بلغ ثمن الواحد من هذه الفصيلة حوالى العشرة آلاف دينار ولم يبخل المشترون فأسرعوا الى صندوق المزاد يسددون الثمن وماهى الاساعات قليلة حتى يكسب المشترى ألفاأوألفين فور تسلمه الواحد الى محلات الحضر.
سال لعاب ذوى الفصائل النقية على المهجنة فانفلت أقوى عشرة ذكور منهم وطاردوها حتى استقر بهم المقام فى مقبرة غجر بسيسه الكبرى بالصحراء الصغرى والتى يقبر فيها شيوخ الغجر المعمرون ..تساقط المشترون واحدا بعد الآخر أمام زحام أفراد الفصائل النقية حول المهجنة التى أبدت تأففها وتبرمها من هذا التكالب عليها .
أمسك كل تاجر سلسلة كلبه وعاد رجب عبد الستار ابن عبد الستار بيكيا الذى لم يبلغ سن العاشرة بالكلبة المهجنة التى التقطها من درب الارواش أمس وهو فى جولته مع والده يشتريان البيكيا .. غيّر التجار من وجهة نظرهم وتحوّل الكل الى شراء الكلبة المهجنة ، وبدأ المزاد ليصل الى خمسة عشر ألفا درهم ومازال الكل يتسابق فى الحصول عليها حتى استقر الثمن على سبعة عشر .
ترك عبد الستار مايعرض من بيكيا للبيع وأسرع الى الزحام ليطمئن على ابنه رجب ففوجىء بباب السعد يفتح زراعيه له ولزوجته ذكيه وأولاده العشرة الذين لبوا نداءه من وسط السوق ليحموا الكنز الذى سقط عليهم من درب الارواش والذى سينقلهم من خيمتهم بالمقبرة الكبرى الى خيمة اكبر اتساعا فى احد دروب القبائل البعيدة عن خيام الغجر الرحل مقابل خمسة آلاف ، وستخبىء زوجته باقى المبلغ بين الجلد واللحم ليعيشوا منه أيام الكساد .
تسلمت الاسرة ثمن الكلبة الضالة ، وتم نقل المهجنة الى أكبر محل بالحضر ليتهافت عليها كل ذكور السلالات النقية .
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
=========================
71
سروال حريرى جديد
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
سروال حريرى جديد
خرج أبوسماح من ملابسه ولم يبق الاعلى سرواله الحريرى الجديد الذى اشتراه من سوق الغرابوه بالفسحة القبلية بعد أن لعن وسبّ آباء سنيه النباح زوجته وأمهاتها حتى سابع جد لأنها لاتكف عن الطلبات التى لاتنتهى من احتياجات للصغيرة ولها.
أمسك زعيزع الخوازيقى بالدلو الكبير يملؤه من القناية الصغيرة التى تصل مابين عين الماء ومهبط النخلات الخمس لتمر أمام خيمتهم ،
تتدفق المياه فى القناية الصغيره فيهرول الخوازيقى ليسبقها ويمسك بالدلو يملؤه ثم يطوحه فى الهواء يرسم على أرض الدرب خيما يحتمى ببرودة قلوبها غجر تل الجميره من شدة الحر ، ويغلقوا كل ابوابها ومنافذها بعد أن صارت السنة فصلا واحدا من الصيف فى الصحراء الكبرى المترامية الاطراف .. يصب أبوسماح الماء على وجه الارض المرسوم وجسده العارى ليطفىء لهيبه .
يواصل زعيزع الخوازيقى رسم ملامح المنطقة لابناء الواحة بدلو مياهه المحدود بعد أن فتحت كل النساء آنية الماءءاستعدادا للقيلولة ان وجد الرجال أسفل قباء الحمامات الشديدة التهوية بدون فائده .
تفتح روميه السابغ نافذة خيمتها الخلفية المطلة على درب ابو سماح الذى سمى باسمه لانه اول من سكن به ليتمكن الخوازيقى من القفز الى الداخل .. أسرع زعيزع الى روميه وترك دلوه يرسم ترعة صغيرة وسط رمال الدرب .
أغلقت روميه النافذة خلف زعيزع مسرعة حتى لايلفت نظر أى عابر سبيل .. تنادى سنيه النباح على زوجها فلايجيب .. تصرخ سماح الصغيرة من شدة الجوع بعد أن فرغ لبن الام فأسرعت سنيه بالخروج حتى تأتى بزوجها ليحضر بعضا من لبن الماعز بعد جفاف لبنها فى الشهر الثالث عقب وضعها مولودها لمقابلتها عفريت من الجن اثناء زيارتها لقبر امها .
قابل الدلو الملقى على الارض وجه سنيه فاستغربت من اختفاء زوجها لتنادى عليه بأعلى صوتها ، ولامن مجيب .. لملمت المرأة الدلو والقليل من الماء المتبقى فى قاعه وحملت صغيرتها الى خيمة النباح عايص ابيها ، وقبلت يديه حتى يرق قلبه على حفيدته الصغيرة فيمنحها القليل من كثير أمواله التى يجنيها من تجارته فى الابل .
دق عدلى ريمان باب منزله ليقفز زعيزع الخوازيقى من النافذة الخلفية عاريا حتى من سرواله الجديد ، ويجرى الى باب خيمته فيجده موصدا ليواصل النداء .. تفتح كل نساء الدروب نوافذ خيمهن من علو الصوت ليتقززن من مشهد الخوازيقى عاريا فتسارعن الى طلب الغوث من أزواجهن قبل ان تعود زوجته فيوسعوه ضربا ويسلمونه الى المخفر.
يمنح عايص النباح ابنته بعض الدراهم فى ظل امتعاض زوجته الجديدة ، وتغادر سنيه حاملة ابنتها لتبدأ رحلة بحثها عن الزوج فتخبرها النساء عن مكانه .. تسرع أم سماح الى المخفر فلايصرح لها الخفراء بالزيارة فتعود من حيث جاءت ، وتهرول الى اخوة زعيزع الخمسة الذين يفشلوا بدورهم فى انتزاعه من مكانه حتى يرى مجلس العشيرة فيه شأنا .
يسأل عدلى ريمان روميه زوجته عن السروال الحريرى الابيض الجديد الذى يعكس كل حرارة الشمس الحارقة ويشعر الجسم بالبرودة فتخبره بشرائها له من سوق الغرابوه بالفسحة القبلية فيرتديه لاسابيع طويلة حتى تقرر روميه تنظيفه فيخلعه وتغسله ثم تنشره .
ترى سنيه النباح سروال زوجها حاملا ثلاث نقاط من دم يدها التى جرحت وهى تدخل الخيط فى عين الابرة فتسرع الى المنشر وتلتقط السروال ..لتذهب الى حكيم القبيلة وتحكى له كل القصة فيأمر بعقد اللقاء بين المحتجز وزوجته وابنتهما الصغيرة ويعودوا بعد ساعة الى خيمتهم .
ترحل روميه وزوجها عدلى ريمان الذى لم ينجب سوى ابن واحد واقلع بعده عن الانجاب .. قرر زعيزع عدم الخروج الى الدرب ورسم اشكاله المحببة فى فصل الصيف الطويل والتصق بسرواله الجديد الذى كان السبب الحقيقى فى خروجه من الحجز. .
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
====================================================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق