الأحد، 31 مارس 2024

 ابناء الريح

163

 

رحيل الشتاء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


رحيل الشتاء

 

عزّ على الشتاء أن يرحل دون أن يلقى بتحيات الوداع الى أبناء عبيد الأسمر أبو الرجال الغجرى  جنوب تل رجيله  ..جاء الشتاء هذا العام على غير عادته محملا بالجليد المهاجر من بلاد الشمال البعيد فاحتمى ابناء غجر العبيديه بالمخابىء  القديمه التى صنعها أجدادهم مكانا للاختباء من الوحوش الضوارى  حتى غطتها الرمال ، وأقام الابناء والاحفاد من الاجيال الاولى  خيامهم  الجديده فوقها ، ولم تتركهم الرطوبة حين يفروا الى المخابىء  القديمة جدا والغير معروف تاريخ انشائها الذى لم يدونه أحد فلم يهتم واحد من المؤرخين القدامى بالوقائع والأحداث التى شهدتها هذه المنطقة قديما من انتصارات لعبيد الأسمر أبو الرجال الغجرى على خصمه العنيد عبادى حنين أبو البنات حتى تم التوفيق بينهم وتصاهرا فزّوج عبيد ابنائه من بنات عبادى ، ونسى التاريخ اسم أبو البنات وحمل الأحفاد لقب ابوالرجال عبيد الأسمر القادم من جنوب الصحراء الصغرى  بعد أن أحرقت اشعة الشمس بشرته ، وكان فى صحبته ابن عمه الشقيق عبادى حنين الذى تزوج بنجيبه الحمايمى وانجبت له ثلاث بنات ، كما انجبت له زوجاته الأربعة بعد ذلك عشر بنات أخريات وفرقت النساء بين عبادى وعبيد الأسمر حتى اشتد الخصام بينهما 

قدّم عبادى بعد الصلح بناته زوجاتا لابناء عبيد ، ومرت السنون لتتوحد العائلتان فتصبح واحدة تحمل لقب ابو الرجال وصارت أصل التل  الذى  جاءه الغرباء كثيرا ثم استقروا بأهلهم فى مساكنهم الجديده التى بنوها من الحجارة والطوب المحروق فى الجهة الشمالية من تل العبيديه وبنوا الأسوار التى تفصل بين الشمال والجنوب خوفا من الأشقياء من اولاد عبيد الأسمر ابوالرجال الذين اشتهروا بقطع الطريق فى هذه المنطقة وتجريدهم للمارة مما يملكون 

بدأ السور يتضاءل وأشرك الغرباء ابناء العبيديه فى تجارتهم فتحولوا عن قطع الطرق وتزوجوا من بنات الغرباء، وبنوا مساكنهم الجديده فى الجهة الشرقية أما الجهة الغربية فمازالت ممتلئة بالمقابر المطلة على الصحراء الكبرى منذ دفن عبيد ابوالرجال الأسمر وابن عمه عبادى وقد بنوها بالأحجار لتقاوم مياه السيول الدائمة التدفق طوال فصل الشتاء كل عام.. تتماسك بيوت العبيدية المبنية بالطوب اللبن فيهدم السيل نصفها ليقضى ابناء العبيدية شهرا كاملا كل سنة فى اعادة البناء منذ تخليهم عن الخيام منازل آبائهم ، غير أن السيول فى هذا العام كانت قاسية عنيده ، ومع رحيل فصل الشتاء بدأت بحور السماء تفتح سدودها وتسوى مائتين من بيوت العبيديه الطينية بالأرض فيفر كبار السن والصغار الى الجهة الشرقية المبنية بالطوب المحروق والحجارة حتى يحمل الشتاء آخر حقائبه ويرحل.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


================================================


164

نخلة عيدو الجايب


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



نخلة عيدو الجايب


يتساقط جريد نخلة عيدو الجايب الغجرى جريدة جريدة..

 ترحل مع كل جريدة  جدة قديمه من جدات درب عيدو بتل غجر المعمرات ، ويولد صغير.

 .يضم درب  عيدو عشرين خيمة ،عشرة على كل جانب ،وتسد الدرب من ناحية تل الريح  خيمة عيدو الجايب اول غجرى اقام خيمة  فى الدرب بعد ان خرجت مساحة الكوم المجاور للتل  من حيز الزراعة الى كردون مبانى الحضر طبقا لما قرره المشترون من عوايده الردين صاحب العشرة فدادين ارض الكوم. .

زرع عيدو الجايب نخلته امام الخيمة ليستظل بظلها مع سكان الدرب وعابرى السبيل  وابنائه  من اربع زوجات الاولى بهيه بنت عباس الخازن ولدت له بنتين فتزوج من حليمه بنت عبيد الفران لتلد له بنتين اخرتين ليتزوج من الثالثه بداره بنت عويس الكلاف التى انجبت له بنتا فلم يمهلها انجاب الثانية وتزوج الرابعة آملا فى ان يرزق الولد الذى سيحمل اسم عائلة الجايب الذى سينقرض بانقراضه اذا لم يأتى الولد.

تنجب له مرزوقه بنت النجار الولد الاول فيقيم الافراح والليالى الملاح لمدة ثلاثين يوما متتاليه ، ويبدأ فى رعاية تخلته  التى اهملها لمدة خمسة اعوام بعمر اول بناته هنيه بنت  بهيه بنت عباس الخازن .

تعلق وحيد بنخلة  ابيه ينموا ن معا يرويها فتطعمه الرطب اخضر واحمر  حتى رزق عيدو الجايب بالولد الثانى فأسماه عبد الرازق  من مرزوقه  التى انجبت له من الاولاد خمسة عبد الصبور وعبد البر وعبد الشكور بعد وحيد وعبد الرازق .

يطول جريد نخلة عيدو الجايب حتى يغطى الخيمة  ويشبع الصغار من اكل التمر الاخضر و الاحمر غير انه فى ربيع هذا العام لم تزهر النخلة  وتساقط جريدها جريدة جريدة ومع سقوط كل جريدة  كانت ترحل جدة قديمه من الجدات المعمرات فى درب عيدو الجايب فانقبض قلب عيدو  حتى تعلق عبد الشكور اصغر ابناء عيدو بجريدة ثقيلة واخذ  فى المرجحة يقهقه وابوه ينهره حتى سقطت الجريدة الثقيلة بالصغير على رأس عيدو الذى لفظ انفاسه الاخيرة بعد ان حمل اسم العائلة خمسة من الذكور وخمسة من الاناث .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

===============================================



165

طعم التبغ


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


طعم التبغ

ينظم صبيان المعلمه لوكا لل الغجرى صفوف الصغار طويلا طويلا لتبدأ من اول درب نصير روح شيخ الغجر وتنتهى اسفل الربوة الكبرى بالصحراء الوسطى  بطول عشرة كيلومترات .

يخرج الصغار السنتهم الطويلة يلعقون مايخرج من مداخن اللف والميكنة  محلى ومستورد بمصانخ الخان بحضر ريشه الملاصق لتل غجر روح .

تتجاوز السنة الصغارمذاق كل صنف من الاصناف حتى تصل الى عشقهم المصطفين من اجله دخان مخلوط بعسل محروق يتم بيعه فى لفافات شهيرة .

ينصرف الصغار متخمين بوجبة الافطار التى عادة ماتبدأ فى تمام السادسة صباحا حتى الثامنة .

يعود الصغار الى نوبة طعامهم  التى تبدأ من الواحدة حتى الثالثة قبيل عصر كل يوم مع نوبتجية الظهيرة.

تخرج عيون الصغار متعلقة بمداخن المصانع الضخمة ينتظرون انطلاق أول سحابة كثيفة من السحب التى يطلقها المصنع فى مداخنه طوال ساعات عمله التى يحفظها الصغار عن ظهر قلب .

يتباطىء العمال فى اطلاق شرارة البداية .. تدلى ألسنة الصغار .. تطول الالسنة لتلتصق الالاف بالمداخن فى انتظار وجبة الغداء .

تنطلق اول سحابة فتتقافز عيون الصغار فرحا  .. تتسابق الالسنة فى اللعق حتى تتوقف الماكينات عن العمل فتتسمر اقدام الصغار فى اماكنهم حتى صباح اليوم التالى ليواصلوا لعقهم فتصحبهم ذات الرئة كما تصحب كل سكان المناطق المحيطة حتى دخولهم منتهى طريق الحياة. 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

 ====================================

166

ولد على بنات


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ولد على بنات


تدلل سلوى فيض الله وحيدها هيثم الشبشيبى الولد على اربعة بنات ..يتخرج هيثم فى جامعة حضر ريان .. توظفه سلوى فيض الله فى  وظيفة هامة بواسطة اخوتها المحتلين مراكز مرموقة .. تزوجه ابنة اختها روضة لينجب منها نعمه فتستقيم حياته .

تقتطع الام أجزاءا من رواتب بناتها الاربعة وجزءا كبيرا من معاشها الكبير ومعاش المرحوم زوجها  وتقدمه مع أول كل شهر لابنها حتى يبعد عن طريق التهريب الذى شرع فيه مع ابناء غجر تل رئيفه جنوب حضر ريان .

تتصدى حسنه الهاربة من وجه فقر اهلها فى تل رئيفه  لهيثم فى قلب الحضر الكبير وهو  فى طريق العودة الى منزله فيزيد اعجابه بها مع اول قرص يتناوله من يدها  تعبيرا عن اعجابها به ، ومع  القرص الثانى يزداد اعجابه فتشترط الحلال كى يحيا معها ويستأجر لها شقة قانون جديد ويكتب عقدا يوقع عليه شاهدان فتصبح عرفا زوجته الثانية ..يأتى لها باحتياجاتها  المعيشية وتزيد حسنه لهيثم جرعات المخدر فى شاى كل صباح فيدمنها .

يتعلل هيثم لزوجته الاولى وامه واخواته الاربعة بعمله الدائم وردية ليل بعد انقطاعه عن العمل اكثر من واحد وعشرين يوم متصل لينفصل ، ويقرر ان لايعود ثانية الى العمل مكتفيا بنصيبه من معاش امه والمرحوم ابيه واخواته البنات  ، وخصص يوما فى الاسبوع لزيارة روضه زوجته الاولى ونعمه ابنته .

تضع حسنه مولودها الاول و الثانى ذكرين  فيقرر هيثم اعلان زواجه بها والنزول على رغبة حسنه فى تطليقه لروضه .

تكتشف سلوى فيض الله حقيقة فصل ابنها من المصلحة وزواجه بالغجرية  واقدامه على طلاق ابنة اختها فتقرر الرحيل  عقب توقف قلبها عن الدق تاركة هيثم بلا معاشها ومعاش ابيه فيلحق بها بعد شهر بالتمام والكمل  اثر شمة ثقيلة من الهيروين سطرته له حسنه بيديها.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

==============================================



177

خمريه

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات

 خمريه

ينهمر لعاب رجال قبائل الغجر كلما رأو خمريه الهلف الدلاله اجمل امرأة بين نساء غجر تل بنى تيسوف .

تضىء خمرية كل خيمة تدخلها فى مضارب  تل بنى تيسوف .. تعرض حريرا هنديا فاقع لونه يأتيها به زوجها لؤلى الحرايرى من ترحاله الدائم بقافلة الحرايرية التى لاتنقطع رحلاتها جنوبا وشمالا واقصى الشرق حتى يلبى احتياجات ابناء الصحراء الكبرى والوسطى والصغرى، ويترك خمريه وحيدة لشهور طويله تتنقل  كل نهار بين خيم الصحراوات  الثلاث ، وفى الليالى القمرية يؤنس وحدتها شيخ من شيوخ قبائل الغجر  ليتخير اجمل مالديها من حرير يقدمه لها هدايا اعرابا عن شكره نهاية كل ليله ، وتتخير هى هداياهم لزوجاتهم حتى لايساور الشك اذهانهن من فرط جمال خمرية التى تشبه  امها زبده  التى غادرت قوافل الاحياء منذ سنين لتصبح ذكرى.

جاءت زبده ام خمرية من بلاد الجليد البعيدة ، واستقرت بخيمتها الشهيره وسط خيام تل غجر بنى تيسوف بواحة الصحراء الكبرى لتعمل دلاله. 

كانت بشرة زبده وقت مجيئها الى واحة الصحراء الكبرى ناصعة البياض كحليب النوق الطازج غير ان شمس الصحراء المتوحشة نالت منها فاكتسبت لونا خمريا ، وحين وضعت مولودتها الوحيده اطلقت عيها اسم خمريه  وورثت الصغيره  لون امها  شديد البياض والذى  تحول بفعل اشعة الشمس الى الخمرى .

ساور الشك عقول نساء الحى فاجمعوا على الكيد لخمرية التى تصادق ازواجهن لستة واربعين اسبوعا .. تشعل نيران التبغ المعسل  مع اقداح القهوة بتحويجة خمريه التى لاتدانيها تحويجه فى الصحراوات الثلاث  فيدمن الشيوخ ليالى خمريه ، وتستقبل زوجها لؤلى الحرايرى ستة اسابيع وقت راحته بين كل رحلة واخرى  لتكتمل عدة اسابيع السنه.

 تجتمع نساء شيوخ قبائل الغجر بعيد اللبينى غلام خمريه الذى يقوم على خدمة الشيوخ فى ليالى خمريه  فخمريه لم تنجب من  لؤى الخرايرى الغجرى ابن خالتها طوال الخمسةعشرة عاما الماضيه ، ويمنحنه صررا من الدنانير ليضع خلطة زيوتهم الكافوريه فى اقداح قهوة خمريه  فيلزم شيوخ الغجر خيامهم الى جوار زوجاتهم غير قادرين على الحراك.

يغادر عيد اللبينى خيمة سيدته خمريه بعدما اصابتها البرودة الى خيمة سيدة جديدة يشعر فى قلبها بالدفىء الذى افتقدته خمريه الهلف دلالة الصحراوات الثلاث طوال اسابيع السنة تامة.


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

========================




 ابناء الريح

157

غبراء تل الاعاصير


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


غبراء تل الاعاصير

تسابق غبراء تل الاعاصير الرياح فلاتتمكن ناقة من اللحاق بها ولافحل .

يجنى الشيخ عصيره هنويه  الغجرى من فوز الغبراء فى سباق الابل الخير الكثير ، ويريد ان يكافئها بالزواج من فحل يستحقها فلايروق لها فحل من الفحول  الذين تم عرضهم عليها حتى الان ، ولن تمكن اى منهم من شم رائحتها الزكية والقفز على ظهرها.

 تظل عينا غبراء تنظر الى الافق البعيد حيث ذاك الفحل الذى فك وثاقه ولم يوقفه احد فى سوق الحضر الكبير حتى وصل اليها واخذ فى التقرب اليها وكان داحس تل بنى مزنه .

يعرض مزينه ابن ميزارى اناثا مختلفة الاشكال والالوان على فحله الفتى داحس كى يدخل بها فلاينظر الى احداهن وتظل معشوقته التى رآها منذ عام مضى متصدرة المشهد بين عينيه وفؤاده فهى غبراء تل الاعاصير التى لم يتمكن سواه من اللحاق بها وتجاوزها فذابا الاثنان عشقا .

يقول المتخصصون فى انساب الابل ان غبراء الاعاصير حفيدة غبراء الجده التى عشقت داحس الجد ومن اجلهما قامت الحرب اربعين عاما ، وهاهو ذا التاريخ يعيد سطوره ، وسوف تصطدم قبائل تل الاعاصير بقبائل تل المزن الدائمى النزاع على مراعى مابين التلين .

يعرض صحيف حزازه حكيم الصحراء الكبرى على قبائل التلين امرا سيقرب بينهما .. يتزوج ليث ابن عصيره هنويه الغجرى من عفراء ابنة مزينه ابن ميزارى الغجرى ، ويزف معهما غبراء تل الاعاصير على داحس تل بنى مزنه مع تقاسم مرعى مابين التلين يوما ويوم بين القبيلتين .

تتحرك الاعاصير فتزحزح المزن ليصطدم بعضه ببعض فيتساقط خيرا ينبت الحياة من قلب الرمال .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

   ==================================


158

غنامى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


غنامى


يلون غنامى حتوته بدريت  الغجرى نعاج تل زعيتره بالالوان القاتمة فى فصل الشتاء والالوان الفاتحة فى فصل الصيف ليزيد الاقبال عليها فى سوق التل .

يتوجه رجال القبيلة الى شيخهم الزعتراوى يشكون اليه عدم اقبال كباشهم على النعاج التى اشتروها بعد سرقة نعاجهم الليالى الماضية .

يشير الشيخ الزعترواى اليهم باصطحاب كباشهم الى سوق النحيرى فى الغد ليتخيروا ماشاءوا من نعاج والسوق ليس ببعيد      فهو على مرمى البصر من تلهم .

تشفق زينه على زوجها الزعتراوى فى سنه المتأخرة فتصرف الرجال وتشير اليه بحلول وقت النوم .

يلملم غنامى حتوته الغجرى  نعاج تل زعيتره التى تمكن من سرقتها ليلا يهش عليها حتى يصل الى خيمته حيث ينام حتوته بدريت اخطر لصوص النعاج فى الصحراء الكبرى فى الماضى القريب مع زوجته هنود كريشى بعدما قرر الشيخ الزعتراوى طرده من التل ، وحين لجأ الى تل نحيرى تم سرقة نعاج التل فطرده الشيخ نحيرى ليخيم مع زوجته بين التلين مع صغيرهما الذى ولدته هنود بين اغنام سيدها الزعيترى فأسماه غنامى .

انهى غنامى تلوين نعاج تل زعيتره وانتظر حتى تجف ليذهب بها صباح الغد الى سوق النحيرى .

تفلت الكباش من قبضات رجال الزعتراوى القوية منطلقة الى النعاج الملونة ، وتأخذ فى لعقها. 

 تتساقط ألوان غنامى ، وينكشف أمره بين رجال التلين فيهشمون عظامه كما هشمت عظام حتوته بدريت ، ويلقون به بين التلين بالقرب من خيمتهم على مشارف الحضر القريب .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


==================================

159

قصور من زجاج


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


قصور من  زجاج


تتحول رمال صحراء وادى الجن المتفرع من التصاق  الصحراء الوسطى بالصغرى الى قصور زجاجية .

يتمكن مسعود  الغجرى ولد سعد سعداوى العواينى من رؤية القصور الزجاجية ويخرج من الوادى دون ان يمسه جان. .

يعود مسعود سعد سعداوى  الى حى العواينه  .. يحكى مارأته عينا رأسه التى مازالت مثبتة اللوحة  حتى تاريخه  .. يتعجب الحاضرون .. يود كل منهم رؤية عجائب وادى الجن الذى لايقربه بشر .. يعتزموا الرحيل فى صباح الغد .

يستيقظ الصباح .. يجتمع الشباب أمام  خيمة مسعود سعد  سعداوى .. ينادى الجمع  عليه حتى يكون دليلهم الى وادى الجن فلايرد النداء .. يلحون فى النداء.. يخرج اليهم فاقدا نطقه مكتفيا بالاشارة و فجأة يعتلى سطح ماء بحر الملح سائرا الى مالانهاية حتى لاتدركه عيون شباب حى العواينه  فتتسمر أقدامهم ولايقوى أحدهم على الحركة..

يفقدون الامل فى رؤية القصور الزجاجية بفقدان الدليل.    


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

===================================

160

كعبش فيه


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


كعبش فيه


يتلبس الجان حمار الصغير سعيد الغجرى  ولد سعديه قناو وسما الزعيفرى اقدم ابناء الغجر بتل المردة..

يمتطى الصغير حماره منطلقا الى الحضر القريب ليأتى باحتياجات سعديه الغجرية. .

يثور الحمار .. يقفز الى السماء حاملا الصغير سعد ولد سعديه على ظهره .. يملأ تل المردة  بالصخب .. يخرج السكان من خيامهم على صوت سعديه تصرخ : كعبش فيه.

يقول عراف التل : ان ابن ملك الجان قد تلبس الحمار ، ولن يسمح لأنسى ان يمتطيه .

تواصل سعديه صراخها محذرة ابنها : كعبش فيه .

يمسك الصغير برقبة الحمار الذى يصر على طرحه ارضا بعيدا عن ظهر ابن ملك الجان .

تكرر سعديه : كعبش فيه ، ومازال سعد يمسك بالرقبة حتى قفز الحمار قفزته الاخيرة من اعلى نقطة بتل المردة  الى المنحدر راسما نهايته مع الصغير سعد ولد سعديه الغجرية  التى مازالت تكرر : كعبش فيه منذ سنوات بعيده.


.قصة قصيرة

ل : محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com 

=================================

161

ماء وملح


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ماء وملح

تضع سعادات بنت دارى البلى  الغجرى رطلين من الملح فى دلو ماء وتقلب حتى تتأكد من ذوبان الملح  ثم تغمس ورقات زيدات كبوسه عراف تل بنى هميس التى جاء بها من الجن السفلى.

تتيقن سعادات من محو المخطوط  بالقلم الحبر الكوبيا على ورقات العراف فى دلو الماء المملح .

تبدأ سعادات فى رش المحلول على الفرش والاغطية والملابس وأرضية الخيمة وأركانها وحولها من الخارج .

 تردد بنت دارى البلى : باخ .. باخ ..باخ .. ايخ .. الجملة التى وصى بها العراف مع كل حفنة سائل من يد سعادات ليتمكن السفلى من حل وثاق زوجها عبدون مرازى تيل الذى لم يتمكن من الدخول بها منذ خمسة أعوام بعد زواجهما .

جلس عبدون مع سعادات على طاولة العشاء الذى كتبه العراف فغلبه النوم فنام ولم ينته من الطعام فحملته على كتفها الى فراشه وتركته وحيدا وانطلقت الى خارج الخيمة تلعن آباء زيدات كبوسه وورقات سفليه والماء والملح ، وحزنت كثيرا على صرة الدراهم مدخر عمرها  التى ضيعها العراف للسفلى.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

 =================================


 152

قرنا ثور


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



قرنا ثور



كأسا قرنى ثور فتيحه الباهونى الغجرى يرويان ظمأ اناث الجاموس..هذا ماأسره الكثير من اصحاب مليلى عوض الحايس الذين يتمنون الحمل لأناثهم من ثورفتيحه القوى

فالثور كان مفرطا فى العضلات المفتولة والعظام العريضة ، وقدوصل طول قرنه الواحد الى المتر والنصف بالتواءاته فسجل القرنان ثلاثة امتار طولا ، وكان رقما قياسيا جديدا اضيف الى الموسوعة العالمية ، وتصدر قرنا ثور فتيحه عناوين صدور الصحف العالمية الكبرى بعد مجىء مندوبيها للتصوير تمهيدا للقاءات المحطات الفضائية التى تكالبت كاميراتها على تصوير هذا الرقم الذى سجله ثور فتيحه فى تل غجر  العواينه جنوب الصحراء الوسطى  مما أدى الى ارتفاع سعر الثور فى التل والتلال المحيطة

حتى اقلع فتيحه الباهونى عن اطلاق ثوره كطلوقة على   اناث الجاموس فى تل غجر العواينه لضآلة عائده ، ووصل ثمن الطلقة لثور فتيحه فى التلال المجاورة  الى ثمن   اغلى انثى  طمعا فى أجنة تشبه ثور فتيحه الذى اذا هاج حطم الاربعة جدران المحيطة به حتى ولو كانت خرسانيه .

كرر اصحاب اناث جاموس تل العواينه على مسامع مليلى عوض الحايس جساس بهايم الكفر:

ان الجن الذى يسكن ثور فتيحه مستقر فى قرنيه الكبيرين  ولو تمكن مليلى من انتزاع هذين القرنين لملك الدنيا ومن عليها ، وحين يضع هذين القرنين ستدين له ممالك الانس والجن  وحيينئذ سيستقر فى قصره الكبير ، ويجعل قرنى الثور كئوسا لأنها كما اسر له اصحاب اناث الجاموس كئوسا لاتفرغ كلما شرب منها ، وأعطوه قرعة البوظة العشرين حتى لم يكد يرى امامه فحمل سكينته الحامية الطويله وراح يترنح عازما على انتزاع قرنى ثور فتيحه الباهونى ووصل الى زريبة فتيحه ومر زاحفا  ليقترب من رقبة العجل الذى ذاب اسفل يدى مليلى عوض الخبيره فأسرع بزرع السكينة فى منتصف الرقبة الطويلة فبلغ هياج الثور مداه وحطم جدرانه الاربعة المصنوعة من جذوع النخل الطويل  ، واستقر بجسده الثقيل الفاقد للحياة    على قلب مليلى الذى لفظ انفاسه الاخيرة مع دخول اهالى الخيمة والخيام المجاورة ليتبينوا سبب هياج الثور. .

اسرع فتيحة الى اتمام مابدأه مليلى انقاذا للحم العجل الذى سيبيعه لكل اناث كفر العواينه الذين بادلوه نظرات الفرحة مقابل نظرة حزنه ولم تقبل احداهن على شراء رطل واحد من اللحم وواروا مليلى عوض الحايس التراب مع حلمه فى ان يملك الممالك بقرنى ثور فتيحه الباهونى الجاموسى .



 قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com

             =============================================


153

قرص جله



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


قرص جله


     تجمع جدتى نائله روث البهائم بعد أن تفتح لهم باب الزريبه الملاصق لباب الخيمة ليتريضوا فى الرحبه الملاصقة لحقل الجد مسعود صباح كل يوم غرب السكه .

تعبىء الجده كل كوم صغير فى المقطف الخوص وتحمله الى الخارج .. تخلط الروث بالتبن والثرى ثم تقطعهم اقراصا يبلغ عددهم خمسة وتسعين خوفا من الحسسد وعيون اولاد الغجر الزرقاء .. تتركهم امام الخيمة  حتى تقضى شمس الشتاء الحانية  على مائهم ، وتبدأ فى تقديم وجبات الافطار للدواجن والاوز والبط والحمام وتقدم افطار الحمار امام الزريبه فالعجل والجاموسه  والناقة وصغيرها والخروف والنعجه وصغارها والجدى والماعز وصغارها ثم تغادر لمتابعة الانفار الذين يقلبون الارض تمهيدا لرمى البذور .. تجهز الجده الحمار فامتطى صهوته وتزودنى بالنقود التى تكفى لشراء الشاى والسكر والمعسل للأنفار ولم اكن قد جاوزت الخامسة من عمرى فلم التحق بمدرسة بعد ، وكنت افضل العيش مع جدتى فى الحقل بعد رحيل جدى وانشغال خالى بعمله الجديد الذى يرتحل من اجله طوال ايام الاسبوع الى الحواضر القؤيبة والبعيدة  ، وكان خالى يعشق الترحال كما الشأن مع والدى فلم يتبق لجدتى غيرى أساعدها طوال كل يوم .. توقظنى مع آذان الفجر .. تحلب  الناقة فالجاموسه ..تسقينى حليبا طازجا  من لبن الناقة كى يشتد عودى كما تقول  فلبن النوق أشد ، واكمل افطارى بالبيض والجبن والزبد لانطلق اسابق الريح على صهوة حمارى الى الحضر .. آتى بكل احتياجات جدتى .

انتصف النهار فلمحت عينا جدتى الثاقبة غياب قرص جله   وحين رأت جارتنا  ام عويس حايس الحيره على وجه جدتى اخبرتها بأن ابن الناعورى الصغير قد اخذ قرص الجله ودخل به الى امه فأمرتنى جدتى بحمل تسعة اقراص من الجله الى بيت الناعورى لتوقد فرنها البلدى فتسوى الخبز للغير .

اسرعت بهيه زوجة الناعورى الغجرى الى جدتى تأسف على مافعله ابنها الصغير عديم الادراك حامد ووعدتها ان لايعود الى فعلته ثانية فحملتها جدتى جبنا وبيضا ولبنا لصغارها فأكثرت بهيه لها الدعاء بعد ان قبلت يدها وغادرت .

هدأ بال جدتى بعد ان اعادت عدد اقراص الجله الى العدد خمسه و ثمانين خوفا من حسد عيون اولاد الغجر الزرقاء وبهيه واحدة منهن .


   قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com

===============================


154

عرب بودره


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



عرب بودره


يسقط عرب السيد مالح من طوله على الارض ممددا بطول المترين طوله وعرض النصف متر نتيجة الشمة الاولى فى حياته للنقى دون خلط .

يبلغ عرب عامه العشرين بعد شهور قليله ، وقد أدمن الهيروين بعد الشمة الاولى التى طرحته ارضا ، وحين أفاق عاد الى حياته الطبيعيه يقطع الطريق على المارة  مع الاشقياء من زملائه .. يجردونهم مما يملكون ليتمكن عرب من شد سطر اوسطرين اثر اضطرابه الشديد وتخبطه بطول الدرب وعرضه ، وتحطيم مايعرض له من اجسام صلبه اولينه حتى ولو كانت اجساد زملائه الاشقياء .

يسارع الجميع الى خيمة  المعلم ريعو الغول مسؤول النقى فى المنطقة .. يعطونه حصة عرب السيد مالح من  ايراد الليلة فيعطيهم الشمة ليفردوها له فى سطور .. يبدأ عرب فى استنشاقها ليسقط على الارض بعد انتهائه من السطر الاخير.

زاد انحناء جسد عرب الطويل .. يتكور مع كل سقطه ليشغل حيز المتر وقليل على الارض فى عرض يتضاءل دائما حتى لم يقو فى المرة الاخيرة على القيام ، وترك مكان قيادة التشكيل العصابى لزميل عمره شقفه الروش  الذى تحمل مسؤليته لمدة عام  حتى اصاب  الضجر كل افراد التشكيل من عرب الذى لافائده منه  ترجى فطرحوا على شقفه تسليمه الى اى مصحة من مصحات الحواطر المتناثرة يعالج فيها فاقتنع  ، وافلح الاطباء فى علاجه وخرج مقلعا عن النقى ، وامعانا فى اذلاله قتل ريعو الغول الذى عرض عليه الشمة الاولى فكانت بداية ادمانه.

حل عرب  السيد مالح مكان ريعو الغول فى خيمته  بعدما تزوج من نرجس ارملة  ريعووصار ابا  لولديها الصغيرين ووارثا لصبيانه الكثيرين  من موزعى النقى .

ملأت شهرة عرب بودره آفاق مناطق التوزيع حتى صار زعيمها بعد سلسلة قصيره من الكبار المسؤلين عن الصنف فى الصحراوات   .. اتسعت تجارة عرب فى الصنف فضم اليه شقفه الروش وكل تشكبله العصابى من قطاع الطرق القدامى  واصبح عرب السيد مالح الرجل الثانى فى المنطقة بأسرها  بعد قتله لثلاثة من كبار الموزعين وزواجه باراملهم ليصبح ابا لكل ابنائهم .

اشتد ظهر عرب وزال انحناؤه ليبلغ طوله المترين بعرض النصف متر  .. حول عرب بودره كل زبائنه القدامى من المقطوع عليهم الطرق الى زبائن النقى ليزيد من مساحات توزيعه  ، وينجب من الاطفال خمسة عشر ينتظر ان يرثوا تجارته الآخذة فى الازدياد .   


  قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com

========================================

155

عبده توسيفان



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



عبده توسيفان


يملأ عبده الرايق جوانب المنطقة سعالا ديكيا غريبا ... يلف ويدور على كل تجار التوسيفان القطاعى والجمله حتى يرق قلب المعلم زورى فيمنحه جرعة من زجاجة القطاعى التى بجانبه مقابل الدراهم الذى بجيبه الايمن فتخف حدة السعال .

يخرج عبده الدرهم  الثانى من الجيب الايسر ويعطيه للمعلم فيصب له ملىء غطاء زجاجة التوسيفان .. يفرغه فى جوفه عن آخره ليشعر الرايق بعودة الريق الى مجراه الطبيعى فيأخذ فى ابتلاعه ليستقيم السعال وينخفض الصوت ومازال السعال مستمرا .

يخرج عبده الدرهم  الثالث- من اجمالى الخمسة دراهم  أجر يومه- من الجيب الخلفى يمينا ويتناول الجرعه الثالثه فيتقطع السعال ليكون فى طريقه الى الصمت .

يتناول الجرعة الرابعة مع اخراج الدرهم الرابع من جيبه الخلفى يسارا ويجلس يلتقط انفاسه .. يخرج سيجارة .. يشعلها .. يزداد احتقان وجهه ، ويعلو ايقاع السعال وصوته حتى ينهى السيجارة فيخرج الدرهم  الخامس ليعطيها المعلم زورى  الجرعة الخامسة والاخيرة فيختفى السعال وينتظم النفس ويصبح طبيعيا فيغادر عبده الرايق المعروف لدى اهل تل غجر ربيحه بعبده توسيفان لادمانه المشروب المخلوط بمخدر يضيفه المعلم زورى وغيره من معلمين الصنف فى المنطقة .

يعود عبده معافى الى زوجته سعديه الجساس يوقظها .. يتناول العشاء .. يقضى ليلته حتى يسقط من الاعياء فيعاوده السعال الشديد الى ان يغالبه النوم .

يستيقظ عبده توسيفان مع شروق الشمس يحمل الفأس والمقطف .. يستأجره أصحاب حدائق  النخيل والفواكه .. يفلح الارض حتى غروب الشمس مقبل الخمسة دراهم التى سيلقيها بين يدى المعلم زورى عند حلول الليل .

يعزق عبده توسيفان الارض كاتما سعاله الشديد حتى لايستبعده صاحب الحديقة من بين الانفار الذين يعملون فى ارضه .

يتعذر على عبده توسيفان كتم انفاسه لمدة كبيرة فيتعلل بفك حصره فى الخلاء لأكثر من مرة لشكواه الدائم من بوادر السكر فيصرح له المالك .. يعدو عبده الى العين  يعب من مائها لجفاف حلقه من الريق ، ويظل يسعل حتى يهدأ صدره وينتظم نفسه ليعاود العمل حتى الظهيرة موعد الغذاء .

يفك عبده ربطة الغذاء الذى تعده له يوميا زوجته سعديه الجساس ، وعادة مايكون خبز جاف وملح وفحل بصل كى يشتد عوده ويعاود العمل فى الارض حتى مغرب الشمس فيتناول الخمسة دراهم  اجر يومه ليسابق الريح الى خيمته بنزل غجر ربيحه جدته القديمه  يلقى الفأس والمقطف .. يرتدى جلبابه النظيف الذى تغسله سعديه كل صباح ليجف قبل غروب الشمس  .. يقصد المعلم زورى  مخلفا بناته الاربع وزوجته التى تعمل طوال اليوم فى خيام كبار القوم  كى توفرلهن الطعام والشراب.

 تتساقط الخمسة دراهم من جيوب عبده توسيفان وهو يوزعها على جيوبه ليرده زورو بدون غطاء واحد فيظل عبده يسعل بشدة حتى ينخلع صدره لافظا أنفاسه الاخيرة.


 قصة قصيره ل : محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@gmail.com 

=======================================

156

طواحين الهواء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


طواحين الهواء

تلف أحجار الطواحين المستديرة المتحركة فوق الثابتة وتدور لتحوّل حبوب الشعير  والقمح الذهبية اللون الى الأبيض الذى تلفظه فتحات المنتصف فى مقاطف نساء الغجر .. يواصل الهواء ادارة المراوح الضخمة التى تدير السيور الممسكة بأيدى الأحجار الضخمة المتحركة فوق الثابتة فيتم الطحن 

يملأ العمال القواديس بحبوب القمح والذرة الشامى والعويجة والشعير من أعلى الفوهات الصاج الواسعة التى تضيق كلما نزلت العينان الى أسفل حتى يقل المتسرب من الحبوب فتتمكن الأحجار من طحنه ، وتغادر الغجريات  الى الخيام  لتعجن الدقيق وتأتى غيرهن بالحبوب الجديدة كى تأخذ دورها فى المطاحن السبعة 

تتوقف المروحة الأولى التى تدير أكبر المطاحن السبعة فى البر الشرقى بالصحراء الكبرى  ، ولايتمكن الهواء مع قوة اندفاعه فى موسم الخماسين أن يدير المروحة القديمة .. صعد عمال صيانة الى المروحة وأفرغوا عشرة من صفائح الزيت فى جوف المروحة لتكتسب التروس سيولة فى الدوران لنقل الحركة الى الأسفل .. نزل العمال وظلوا ينظرون الى أعلى حيث المروحة العنيدة التى أصرت على عدم الحركة للوهن والتعب الذى أصابها من اللف والدوران عشرات السنين .. لم تقو المروحة على الحركة فقد تمكن الصدأ من احداث جرح غائر فى العمود الذى تلف حوله المروحة 

أغلقت الطاحونة الأولى أبوابها فى وجه الغجريات  اللاتى انصرفن الى الطواحين الستة المتبقية غير أن المروحة الثانية فقدت ثلاثة من ريشها الطويلة ، ولم يتبق سوى اثنتين عجزتا عن تدوير أحجار الطاحونة الثانية لتلحق بأختها الأولى .. عزّ على اربعة أخريات أن يتركن الأثنتين وحيدتين فانضممن اليهن واغلقت أبوابهن 

قرر صاحب الطواحين أن يحمّل خسارته فى توقف الستة طواحين على أجر طحن الحبوب للغجريات القادمات من كل الأنحاء واللاتى فوجئن بالأجر الجديد فضربن على صدورهن وشهقن مما أدى الى شفط كل الهواء المحيط بالمروحة السابعة التى توقفت ليتوقف معها قلب صاحبها القادم من بلاد الشمال البعيد .

 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 



السبت، 30 مارس 2024

 ابناء الريح


142

علموش



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



علموش


بنى علموش الصغير حظيرة كبيرة للتربية والتسمين متحسسا خطى ابيه عبده علموش الكبير الذى افنى حياته فى تربية وتسمين الابل والمواشى للغير حتى تمكن من فتح حظيرة صغيرة بجوار خيمتهم فى الخلاء المجاور لتل الطين والذى وضع عليه يده بعد امه نهيره زندو الغجريه ، وبدأ بتسمين عجل صغير استطاع ان يبيعه فى نهاية الموسم ليشترى عجلا وعجلة لبانى لم يبلغا بعد سن الفطام .

اهتمت فهيمه الركباتى ام علموش الصغير بالمواشى الصغيرة وشاركوا وليدها الصغير فى لبن الام حتى توثقت الصلة بينهم وصار الثلاثة اخوة فعزّ على فهيمه أن تفرط فى العجل والعجلة ، ورأى عبده علموش الكبير نار الفراق تطل من عينى ابنه الصغير حين عقد العزم على بيع الماشية فى السوق فأطفأها بقرار ان يستمر العجل كطلوقة يطلقه عبده على اناث ابقار ابناء تل الطين ممن يرغب فى الحمل من عجل علموش القوى الشهير فى الناحية كلها .

ذاعت شهرة بقرة علموش الولود التى تهبه عجلا أو عجلة كل عام فزاد اقبال ابناء التلال على علموش لشرائها  .. زاد انتفاخ بطن بقرة علموش فى حملها الخامس الذى تزامن مع سن علموش الصغير ، ولفت الانتفاخ غير العادى كل عيون ابناء التل والتلال المجاوره وحار فى تشخيص الحالة كل بيطارى الوحدات المتناثرة فى المناطق القريبة والبعيدة ..

بدأت بقرة علموش رحلة آلامها الطويلة  للوضع حتى حانت لحظات الخلاص ، ومازالت فهيمة الركباتى تهدهدها وتمسح عرقها الغزير فى الليل الشديد البرودة بعد أن غطتها بحرامها الكبير فى أول الليل لتحميها من البرد القارس .. وضع عبده علموش يده وطمأن زوجته وابنه بقرب لحظة الميلاد فمازال أمامها اربعة قراريط بحجم الاربعة أصابع بدون ابهام يد عبده ، ويطل عليهم المولود الجديد .

هدأ علموش وذهبت فهيمة الى خيمة  حناو المولد فى أطراف التل  لتأتى به قبل أن تفاجئهم البقرة .. غلب النوم عبده فنام .. جلس علموش الصغير الى جانب بقرته .. لم تطق البقرة الانتظار فأسقطت وليدها على يدى علموش فطار الصغير فرحا وسقط أسفل العجل الوليد ، ومازالت البقرة تصرخ من شدة الآلام فاستيقظ عبده علموش مهرولا لتهدئتها فوجد  ابنه اسفل العجل الوليد ورأس ثانية تطل من بطن البقرة فأزاح العجل الصغير عن ابنه باليد اليمنى وساعد البقرة باليسرى فى انتزاع العجل الثانى حتى تمكن من اخراجه وحمد الله على سلامة البقرة والرزق الوفير الذى دق بابهم ، وانطلق مع ابنه ليبشرا فهيمة الركايبى التى تصل فى نفس الوقت مصطحبة حناو المولد ، ومازالت البقرة تصرخ فيدخل الاربعة ليستقبلوا الرأس الثالثة المطلة من بطن البقرة .. يشمر حناو عن زراعيه الخبيرتين اللذين يريحان البقرة فى دقائق معدودة ، وتمسح الام عرق ابنتها وتطمئنها مع استغراب حناو على استمرار البقرة فى الصراخ من شدة الالم بعد انتهائها من ولادة الثالث ، وتطل الرأس الرابعة من بطن الولود فيطير الخبر فى سماء التلال بعد أن وضعت البقرة العجل الخامس فتزاحمت وفود كل الاقطار المجاورة حول البقرة الولود يصورونها ، وتصارع أصحاب الحظائر فى اقتناء ابناء البقرة الولود .. لم يحتمل عبده علموش الفرحة الكبيرة فسكت قلبه عن الدق ليرث علموش الصغير وامه المنطقة الخالية والحظيرة الصغيرة التى اتسعت لتشمل العشرة فدادين المجاورة بعد ارتفاع ثمن البقرات الصغيرات وطلب ابناء التلال  الدائم على عجل علموش الطلوقة القوى الشهير .

اصبح علموش أكبر تاجرابل و ماشية فى الصحراء الصغرى  بأسرها ولم يزل فى العشرين من عمره ، وأصبحت حظيرته مائتى فدان خصص عشرة منها لعجله الطلوقة وبقرته الولود ، ومازالت فهيمه هانم الركايبى تشرف بنفسها على أكلهما وشربهما وترويحهما ، ويلازمهما علموش الصغير ويكثر من مداعبتهمتا صباح مساء .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


==============================================================

143

على يعوض الله


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



على يعوض الله



جلس على يعوض الله النقاش الى جوار زوجته زيبه الحمداوى فى غرفة الاستقبال التى تتسع لأكثر من مائتين من النساء ومرافقيهم ، ومازال مصرا على أن يكون على سفر كى يحقق حلم عمره كما حققه ابناء عمومته وجاءوا بالاموال الطائلة والبضائع الغزيرة التى لاتعد ولاتحصى بعد ان هاجروا فى ارض الله القريبة والبعيدة البعيدة .

مرّت الساعة الاولى ولم يبد على يعوض الله تأزما أوضيقا من شدة زحام الاجساد المتلاصقة حتى يبدو متكاملا كرجل أمام عينى زوجته وفى عيون الحاضرين ، ومازال طبيب الحضر  مصرا على منح زوجته فرصة جديدة للمرة العاشرة لتنشيط القدرة على الحمل ، ولم يطلب منه فى مرة من المرات العشر اجراء اى من الفحوصات التى تؤكد فحولته من عدمه .

تواصل زيبه الحمداوى حديثها مع جاراتها من النساء اللاتى أوشكن أن يضعن حملهن لعلو بطونهن ووصولها الى المنتهى .. تئن الجارة الاولى وتتوجع من شدة الالم فهذه هى المرة السادسة - كما تقول - ولم يبق على قيد الحياة من الصغار سوى أربع بنات ومازال زوجها يحلم بالولد الذى سيشد من أزره ويسند ظهره حين يعمل معه فى خيمة  الحدادة التى يملكها بتل النور .

يفتح على يعوض الله  عينيه على الحلم ثم يغلقهما على صغيره الذى سيقف الى جواره على عربة الخضروات اليد التى ورثها عن ابيه يعوض الله كانى الخضرى وترك النقاشة ليواصل مسيرة ابيه فى بيع وشراء الخضر فى السوق الكبير كما يحلم الحداد .

التصق لقب سفر بعل يعوض الله  منذ خمس سنوات وأطلقه عليه زملاؤه من النقاشين لحلم على الدائم بالسفر ، ويواصل يعوض الله الاطباق على حلم الجارة الاولى لزوجته فى غرفة الاستقبال بأن يرزقه بأبناء كثيرين حتى ولوكانوا اناثا فكله نعمة من الله وسيحمده عليهن .

علا صوت شخير يعوض الله فحاولت زيبه الحمداوى زوجته أن توقظه حتى لايشمئز الحاضرون فكف يعوض الله عن الشخير وواصل نومه ممسكا بتلابيب حلمه .. قرر على يعوض الله بيع العربة اليد التى يملكها بعدما قرر الطبيب فشل محاولات علاج عقم زيبه فى داخل البلاد .. اخذ يعوض الله ثمن العربة واقترض الفين من عمته نظيرة مقابل تنازله عن ورث ابيه فى بيت جده  الغجرى على اطراف الحضر والذى تقيم فيه نظيره عمته ، وطرق باب مكتب السفريات المجاور لعيادة طبيب الحضر  الذى تتعالج لديه زيبه الحمداوى فى ميدان الامل .

أقنع يعوض الله زوجته وسلم المبلغ المطلوب للمكتب وارتحل عشر سنوات ليرسل القليل لاعاشة زيبه الحمداوى ، ويدخر فى كيس الغربة كل ماتبقى ويعد زوجته فى كل خطاب بقرب امكانية علاجها خارج البلاد حتى يرزقه الله منها الولد الصالح  أوالبنت ، وكله خير ونعمة من الله كما يؤكد يعوض الله دائما .

تآمر الغرباء على كيس يعوض الله الممتلىء بالخمسين الف دينار  ادخار العشر سنوات بدون عطلة ليوم واحد  .. وضع الغرباء قرصا من المنوم فى كوب شاى يعوض الله فى ثلث الليل الاخير قبل أن يغادروا بلاد الغربة عائدين الى بلادهم ، وقاوم يعوض الله النوم كثيرا لكنه لم يفلح فنام ليتمكن الغرباء من فك كيسه وقسموه على خمستهم لينال كل منهم عشرة آلاف وغادروا مستقلين الطائرة قبل طلوع الفجر .

لملم يعوض الله ثمن تذكرة العودة وسقط بين يدى زيبه مغشيا عليه فأوقظه من الكابوس صوت الممرضة الممتلئة الحاد جدا ينادى على رقم زوجته الخمسين فى الفحص فاصطحبها الى داخل حجرة الفحص ليبشره الطبيب بحمل زوجته فيبقى يعوض الله على عربة اليد ميراث ابيه حتى لايصبح على يعوض الله على سفر .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

==============================================================

144

غزال البرارى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


غزال البرارى


ينطلق سرب الغزلان يملأ برارى الصحراء الكبرى يبحث عن عين ماء صافية .. تشتد حرارة يونيو العنيدة فتشع أجساد الغزلان نارا بطول جبال الرخ التى لاتطاولها جبال .. تخرج الغزلان ألسنتها من شدة العطش .. ترتعش أجسادها لترقص رقصة الموت على الرمال الحمراء الدامية .. يتلون جسد الغزلان بلون لحمها شديد الاحمرار حتى لاتتمكن الذئاب السمراء من رؤيتها وافتراسها .

يقرر الغزال الكبير قائد السرب العجوز أن يطفىء نيران الأجساد المشتعلة فى قلب بحر رمال  الدم عسى ان تلامس اجسادهم ذرات ماء مدفونة فى بحر الرمال الحمراء .. يتبعه السرب مستسلما فتغطى  الرمال  كل الأجساد .. تنتشر البقع البيضاء الصغيرة  برؤوس السرب التى تتنفس بصعوبة بالغة .

لايطيق جسد الغزالة الصغيرة درجات حرارة رمال بحر الدم العالية والتى تلتهم الأجساد فتخرج مسرعة الى البرارى  .. تبحث عن ظل يقيها ضراوة شمس يونيه المميته .. تبعد الغزالة الصغيرة عن السرب كثيرا .

يعلو عواء الذئاب السمراء التى تسكن فى الغابة الملاصقة لرمال بحر الدم .. يسكن الرعب قلب قائد سرب الغزلان العجوز وقلوب أفراده فتختفى النقط البيضاء العائمة على وجه الرمال .. تجمد الغزالة الصغيرة مكانها .. لم تتمكن هرمونات تغيير لون جلدها من الأصفر الى الاحمر بلون رمال  بحر الدم .. لم تستطع الغزالة الوحيدة أن تقدم قدما أوتؤخر أخرى .

زحف اللون الأسمر على سطح الرمال ، وشكل أفواها ضخمة جائعة تبحث عن فرائسها .. ازداد احمرار عيون الذئاب السمراء التى ملأ عواؤها سماء رمال بحر الدم .

تقدّم كبير الذئاب الى النقطة الصفراء البعيدة ، وزاد اقترابه حتى سقطت الغزالة الصغيرة مغشيا عليها ، ومازال جسدها يرتعش حتى وصل اليها الذئب الكبير .

بدأ وعى الغزالة يعود غير أنها مازالت تغمض عينيها وكتمت أنفاسها ولم يتركها سرب الذئاب السمراء .. غرس الذئب الكبير أظافره فى لحم الغزال ، وسن قواطعه وبرزت أنيابه الطويلة وأخذ فى التهام الفريسة .

تجمع الذئاب حول قائدهم وانتظروا حتى يفرغ من طعامه الى أن شبع ، ثم جاء دورهم ليتلاشى لحم الغزالة الصفراء الصغيرة ويلتصق خيط رفيع من دمها الجاف ليذكر الذئاب بحلاوة لحم غزال الشاطىء 


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


=============================================================

145


المشاورجيه


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



المشاورجيه


أقبل خمسة من شباب الغجر على الحى القديم فلم يتقبلهم السكان فى أول الأمر .. لجأ الأخوة الى شيخ الحى  يبحثون عن لقمة العيش ويشكون اليه سوء معاملة أهل الحى ، ومجيئهم من الأطراف البعيدة هربا من الجفاف الذى اجتاح المناطق التى كانوا يقطنون بها  .. رقّ قلب شيخ الحى  الى حال الغجر الشباب  وكلّفهم بأعمال العتالة فى خيمة  الشيخ رابح العطار ، وكان الضامن لهم استنادا الى أوراق الهوية التى يحملها كل أخ من الأخوة الخمسة .

فرش كل شقيق خده مداسا لأهل الحى  يسيروا عليه ويتهادوا ، وأسرع كل منهم يحمل عن السكان مايأتون به من الخارج من طعام أوشراب وملبس واحتياجات معيشية أخرى بدون مقابل فى أول الأمر ثم بمقابل زهيد بعد ذلك حتى تركوا الاقامة فى الفضاء خلف خيمة الشيخ رابح الى خيمة قديمة يملكها شيخ الحى ضمن خيامه الكثيرة ، والتصق بهم لقب المشاورجيه ليكتفوا بعملهم الجديد .

يدق أهل الحى باب خيمة الأشقاء الخمسة ليخرج اليهم أحدهم فتصطحبه احدى نساء الحى ليحمل عنها امتعتها فى رحلة العودة من السوق أوينهى لها أوراقا هامة تتعلق بالميلاد أو الوفاة أوتحقيق الهوية بالحضر القريب .

علا نجم الأشقاء الخمسة بعد رحيل رضوان فرج شيخ حى المناخلى فتزوج ريحان الغجرى أكبر الأشقاء الخمسة بأرملة الشيخ وعفا أشقائه الأربعة من دفع ايجار خيمة الشيخ المتهالكة .

برع صفوان الغجرى فى تصدير أجمل فتيات الحى الى مكاتب مخدمين الحضر للعمل كشغالات فى منازل الاعيان ، كما تميز ربعه وحميده ونونو فى استجلاب وترويج المخدرات بين كبار وصغار حى المناخلى والاحياء  المجاورة .

تمكن الاشقاء الخمسة من شراء نصف خيام الحى بعد سنتين من تاريخ الدخول ليلا الى الحى  سرا حتى لايتم الاشتباه فيهم لغرابة الوجوه .. امتلك الغجر  الخمسة بعد ستة أشهر أخرى بقية خيام الحى  ليتحول كل سكان حى المناخلى الى العمل كمشاورجيه فى خيام الأشقاء الخمسة للعطارة والحدادة وطحن الحبوب والبن ، وتم خلع تسعة عشر من أجمل زوجات الحى  ليدخل بهم صفوان وربعه وحميده ونونو ، وصار على ذمة الأخوة الخمسة عشرون زوجة ومن البنين والبنات مائه ثم تم استبدال عشر زوجات بعشر أخريات حتى اجتمع المطلقات الخمسون واتفقن على تقطيع المطلقين الخمسة الى اجزاء صغيره وتذويبهم بالبطاس فى الآنية الفخار الكبيرة  لتطوى  بذلك الصفحة الاخيرة من تاريخ الأشقاء الخمسة الغجر  المعروفين  بالمشاورجيه .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


================================================================

146

مدشة اسكنسن



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



مدشة اسكنسن


ترتجف النساء ، ويعود الصغار الى أرحام امهاتهم خوفا من خطف احد هم لتقديمه قربانا لجنيات مدشة اسكنسن الجديده  حتى تتمكن من الدوران لطحن الحبوب 

كان اسكنسن يحترف التجارة فى العطارة  وعند كسادها تاجر فى الدخان ولما خسر قرر الاتحاد مع اخوته من ابناء الحضر  لانشاء مدشات للحبوب  فى واحات الصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى  وقد وقع اختيارهم على تل التيه القديم ليريح نسائه من السير خمسة كيلومترات سيرا على الاقدام  يحملن فوق رؤوسهن الحبوب ليطحنه فى اقرب مدشه .

خافت الجدة على من القشيرى الذى يرى فى الظلام بعدما كلفه اسكنسن بايجاد الصغير وحيد ابويه حسبما قالت العرافه لتلتهمه المدشة فتبدأ فى الدوران ، وللقشيرى مكافأة مالية كبيره وسيتحمل اسكنسن مصاريف عملياته الجراحيه فى العينين ليكون قادرا على الرؤيه فى النهار كما يرى بالليل ففرح القشيرى كثيرا وراح يعسعس فى الليالى حتى يعثر على ضالته.

تلتقط آذان جدتى فى الظلمة حفيف ورق الشجر بجوار الخيمة  فتغلق جوانبها حتى لاتسول لى نفسى الخروج فيخطفنى القشيرى ويتم افتتاح المدشة  بعد اسبوع من

التهامها الجسد..

يغادر القشيرى الى مناطق اخرى يختفى فيها القمروالنجوم  يواصل بحثه   .

استقر القشيرى على اطراف قبلى الواحة  بعد أن وجد بغيته وحيد ابويه بجوار المقابر  ابن عابد وعابده اولاد الغجر فلقد رزقا صغيرهما عبيد الغجرى  بعد صبر دام عشرين عاما لفت فيها عابده على كل المشايخ الذين تمكنوا من فك كل الاعمال السفليه والعلويه حتى قابلها رجل صالح تمكن من فك آخر الاعمال السحريه  فحملت بعده ورزقت بعد تسعة اشهر بعبيد الحيله  الذى اختطفه القشيرى ومات من السكتة خوفا من منظر القشيرى المخيف ، ومازال ابواه يبحثان عنه فى كل مكان حتى بعد ان افتتح اسكنسن مدشته  الجديده ، واصيب عابدوعابده  بلوثة لفقدان وحيدهما.. يكرران دائما فى الدروب : الله جاب .. الله اخد .. الله عليه العوض. 

 الله جاب الله أخذ..الله عليه العوض.  

.  

 قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

  

========================================================


الخميس، 28 مارس 2024

 ابناء الريح


147


نار الفرن


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



نار الفرن


وقف سعيد سعدينى  الغجرى خلف زجاج شرفة بهو شقته الجديده التى اشتراها مؤخرا بالعاصمة الغربية   يحتمى بتكييفها من موجة الحر التى راح ضحيتها العشرات من كبار السن فى دول الجنوب الاوربى .. يطيل سعيد سعدينى  الشرناوى النظر الى الوجوه المحمرّة المثقلة بقنوات العرق المتدفقة لتغرق الملابس ، وهرولة المارة الى داخل المحلات المكيفة هربا من موجة الحر القاتل .. يستدعى سعيد وقوفه لفترات طويلة أمام نار الفرن البلدى التى كان يعمل بها  فى الحضر الملاصق لواحة الصحراء الوسطى منذ قدومه من واحة سنور الى الحضر القديم لالتحاقه بالجامعة .. اكتفى سعدينى  الشرناوى حسين خضر الموظف بدائرة  المشتريات فى واحة سنور بتعليم ابنه سعيد حتى البكالوريا ليكمل تعليم ستة ابناء اصغر من سعيد وبحث لابنه عن وظيفة فى الدائرة  التى يعمل بها لكن سعيد كان يرغب فى مواصلة التعليم فى الجامعة وانتزع من والده الموافقة بصعوبة بعد أن أكد له عدم تكلفته درهما  فى دراسته بعد اليوم وسينزل على اصدقائه الذين يعملون فى فرن الحضر الملاصق للواحة  حتى يوفر لنفسه فرصة عمل يعيش منها ويكمل تعليمه .

انتقلت مشاعر الحنق على الحر القاتل من ابناء العاصمة الغربية  الى سعيد ابن واحة سنور الذى كان لايشعر بالحر فلقد افقدته نار الفرن التى كان يعمل بها هذا الاحساس منذ زمن .. يفرغ سعيد من دراسة يومه الجامعى فى تمام الثالثة ليتوجه الى الفرن ويتسلم الوردية فى الرابعة .. يتجرد من ملابسه الثقيلة حتى لاتؤذى جسده ويقف أمام نار الفرن المتقدة يرص الخبز على السطح عجينا ليستخرجه بعد قليل ناضجا فتتلقفه أيدى زملائه الذين ساعدوه فى العثور على هذا العمل .. يظل سعيد يغنى مواويل الغجر مع اصدقائه طوال الوردية  لتهون عليهم شدة حر نيران الفرن ، ويغادر مع انتصاف ليل الحضر  .. يسرع الى دروسه فى الغرفة التى تضم واحدا وعشرين فردا من غجر خضر بالصحراء الوسطى  ليتناوبوا النوم سبعة سبعة كما يتناوبون العمل .

تبرّم سعيد من وقفته فجاء بمقعد وجلس يراقب المارة من خلف زجاج شقته بالعاصمة الغربية.. مرّ عامان على عمل سعيد فى الفرن فرضخ لوصية زميله ممدوح عبد الراضى وراقب سلوك زملائه فى الكلية ليقدم تقريرا له كل يوم ، وغادر سعيد الفرن الى غير رجعة لكن مرارة خبزه مازالت تلازمه حتى وهو يتهيىء لدراسته العليا فى العاصمة الغربية  .. تزوج سعيد من بنات العاصمة كى يحصل على الاقامة بعد أن قرر أن يهجر الكتابة التى امتهنها فور تخرجه فى الجامعة والتى كانت السبب الحقيقى وراء سفره خارج القطر .

التحق سعيد بمعهد للحاسب الآلى وحقق فيه تفوقا وواصل فيه دراسته العليا الى جوار عمله فى المعهد .. علا صوت مارجريت زوجة سعيد الثانية تدعوه الى الغداء فأخرجته من بحار الذاكرة وأحرقت السيجارة التى كان يدخنها أصابعه فقرر أن يترك مارجريت التى تركت فى يده علامة أخرى تذكره بالنيران المتقدة التى لازمته لمدة عامين على أن يتزوج بثالثة من بنات المدينة تمنحه الاقامة وتنسيبه نار الفرن .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


==============================================================

148

نخيل ليل

من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


نخيل ليل


يعكس سعب النخيل الكثيف لليل واحة غجر التايه  ضوء القمر ليصل الى عيون محبيه فينطلقون وسط الظلام كى يحتل كل منهم مكانه .. يلتف الشباب حول نخيل الليل .. يتزاحمون .. يتدافعون .. يزحزح كل منهم الآخر ليأخذ مكان صاحبه .. يقتربون من جذوع نخيل  الليل المظلمة المنزرعة بامتداد الدروب الطويلة بواحة غجر التايه  تنتظر عشرات الآلاف من العيون اللامعة المخيفة لحظة ميلاد ثمر نخيل الليل الملقح من ذكر نبات البانجو  .. تثمر النخيل مابين التمر ونبات البانجو  فى الربع الأول من الليل .. تستعد الصفوف الأولى للتسلق .. يحتضن اول كل صف جذع النخلة التى أمامه فلاتتمكن زراعاه من احتوائه .. يستخرج الأول أظافره الطويلة ويغرسها فى لحم النخلة  .. يبدأ نقل أظافر اليد اليمنى مع أظافر القدم اليسرى ثم اليسرى مع اليمنى حتى يصل الى بداية الثمار فيخف وزنه كى يتمكن من جنى ثمار نخيل الليل اللزج .. يبدأ الأول فى الالتقاط  ولايتوقف فيسيل ريق الثانى ويتدفق ريق الثالث فى الصف انتظارا لأدوارهم .

تنسدل عيون الأول الشديدة الجحوظ ، ويكف الخبط عن دماغه فيقل انغراس أظافر الأقدام فى لحم الثمر ويثقل الشاب فيتأرجح الجريد  حتى يسقط الثمل من ارتفاع خمسة أمتار فيرتطم بوجه الأرض ايذانا ببداية رحلة الشاب الثانى فى الصف .

يسرع الثالث ليبعد الجسد الساقط على الأرض بعيدا عن الصف حتى لايعرقل تقدمه خطوة فى المسار .. ينظر الثانى الى السباطة  الأولى فلايجد ثمرة واحدة وتلهث عيناه بحثا عن السباطة  الممتلئة .. يواصل الثانى تسلقه حتى يصل الى الهدف .

يدفع الرابع الثالث الذى أمامه ليزيد التصاقه بالجذع فيتوحد وتقل نسبة خفقان القلب وسرعة تدفق الدماء فى الأوردة .

لايقوى الثانى الممتطى ظهر النخلة على ابتلاع نصف الثمار ويهوى الى الأسفل من ارتفاع سبعة أمتار ليحل محله الثالث فى الأعلى ، ويبعد الرابع الجسد الممدد عن الطريق ويتقدم خطوة فيحتل الأخير مكان السابع والتسعين بدلا من المائه .

يبدأ الربع الثالث من الليل فيكثر ثمار نخيل  الليل وتواصل الصفوف الواقفة أمامها تسلق المائة نخلة  ويزيد المتساقطون من العشرة آلاف شاب .

تقترب لحظة الذروة لأثمار نخل  الليل فى الربع الأخير من الليل ولاتقوى السباط  على حمل ثمارها فتساقطها لتتخلخل الصفوف وينطلق نصف الواقفين ليلتهموا  الثمار المغمور بتراب الأرض .. تثقل عيون الواقفين أسفل النخيل  فتسقط عليهم الأجساد المتسلقة وتتكوم الأجساد حتى نهاية الربع الأخير من الليل الذى يؤذن بخلو نخيل  الليل من ثماره فترسل الشمس أول أشعتها لترفع ستار الظلام ويغطى النوم العشرة آلاف جسد فى منتصف الثلث الأخير من قاع الكرة الأرضية التى لاتتوقف عن الدوران لتأتى بالليل ثانية فيثمر نخيل  الليل ولايكف الشباب عن تسلقه.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


==============================================================

149

واحة أم لالو


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


واحة أم لالو


الزمان : اربعينيات القرن الماضى.

المكان : قلب الصحراء الوسطى حيث توجد واحة ام لالو الشهيرة والمحيطة بعين عمرين .

تتفرس أم لالو بنت الغجر فى وجوه الانفار الذين سيعملون فى الواحة  هذا اليوم .. يصطف الرجال فى طوابير طويلة ، ويبدى كل الواقفين تماسكهم حتى لاتستبعد ضعيفهم  أم لالو كبيرة خدم واحة الاميره فنادى حرم الامير ملقاش .

ترسل الشمس أشعتها الخافتة باردة من خلف الجبل الشرقى لترسم لونا أصفر على وجوه الانفار الذين يسارعون الى اعماقهم خوفا من عدم اختيار أم لالو لأى منهم .. تشمر أم لالو عن ساقيها حتى لاتصيب القاذورات من روث الابل والاغنام والماعز جلبابها المزركش الناصع الالوان فيسترق كل الواقفين النظر الى السيقان الشمعية الشديدة البياض ويمنى النفس بالعمل داخل الخيمة الكبيرة خيمة سمو الاميرة   فى التنظيف أو فى الحديقة المحيطة به كجناينى لمدة يوم يستمتع فيه بالقرب من الانفاس العطرة لاشهر غوازى  عصرها على الاطلاق والتى اعتزلت المهنة بعد زواجها من المتايتى  تابع سمو الاميره سرا  كى لايفقد منصبه كتابع للأميرة فنادى حرم الامير  ملقاش لصلة القرابة التى بين حورية هانم زوجته ام اولاده  وسمو الاميره فنادى .

اكتفى المتاينى بأن يعلن تعيين أم لالو ككبيرة خدم الواحة والتى لاتقربها الهانم زوجته حتى يقضى المتاينى  أيامه السعيدة المعدودة فى أحضان أم لالو .. يحبس الأنفار أنفاسهم كلما اقتربت كبيرة الخدم من أى منهم فيشتد اصفرار الوجه ويزيد خفقان القلب ويوشك الواقف على السقوط فتستبعده أم لالو .

يلعن المستبعد جينات آبائه وأجداده التى حملت اليه خفقان القلب واصفرار الوجه وينتظر عمله فى الزرائب فى هذا اليوم مكتفيا بشم رائحة روث الابل والماشية لكنه يسر كلما اقتربت منه أم الخير بغلة أم لالو .

تواصل أم لالو جولاتها اليومية فى اختيار الانفار وتوزيعهم على الاعمال التى تتناسب معهم فتتخير أنظف وأقوى عشرين رجلا متماسكا ليعملوا بالقرب منها فى الخيمة الكبيرة  والحديقة المحيطة به ، ثم تخصص مائة فى أقرب عشر فدادين المواجهة  للخيمة الكبيرة  ممن ترتاح الى وجوههم ، أما الوجوه التى لاتروق لها فتعمل فى العشرة فدادين التى فى خلف الخيمة  ، وتوزع خمسمائة رجلا على بقية أرض الواحة والزرايب .

تنهى أم لالو عملها الصباحى وتدخل سريرها قريرة العين ليقوم على خدمتها خمسة من اقوى الشباب المقربين الى قلبها فى قلب واحة سمو الاميرة هنادى و التى اشتهرت فى قلب الصحراء الصغرى  بواحة أم لالو .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


===============================================================

150

ياجريد النخل العالى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ياجريد النخل العالى


يثمر نخيل واحة  أم الشواشى العالية بعد فترة طويلة من الانقطاع دامت أربع سنوات فغطى اللون الأخضر القلوب لتطير فرحا وتردد الالسنة : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. داعبت الرياح شواشى النخيل فرقصت على أنغام تلاطم أمواج بحر الملح  الكبير وصفق التمر الرامخ ليتساقط فتلتقطه أيدى الصبية الصغار قبل أن يصل الى الارض .. يلتهمونه  ويطيلون النظر الى أعلى مترقبين المزيد .

تزيد سرعة هبوب الرياح فتنثنى النخيل حتى لاتنكسر وتقبل شواشيها أسطح الخيام ملقية السلام على رمال  واحة أم الشواشى وأهلها من الغجر وتعود الى وضعها واقفة كما العهد بها منذ عشرين عاما وقت مجىء فارس الملاحق الغجرى ابن ليل التل الغربى الذى ملّ البعد عن الواحة وقطع الطريق على المارة من القوافل المتجهة من الجنوب الى الشمال والعكس.

سقطت أحكام عدة من على فارس الملاحق فقرر أن ينزل الى واحة من الواحات الخالية من السكان لينشىء أسرة جديدة لايعرفه فيها أحد ، وقاطع رجاله من قطاع الطرق  وتركهم ذات ليلة وهم نائمون فلما استيقظوا فطنوا الى عدم وجود كبيرهم وطال انتظارهم كثيرا حتى عقدوا العزم على اختيار كبير لهم من بينهم بعد عام من رحيل فارس .

كانت رحلة فارس ملاحق طويلة حتى تعب حصانه من كثرة الجرى  والتعثر فى الحجارة الصغيرة التى اعترضته فى الليل الطويل فأشفق فارس على الحصان ونزل عنه لينزع لجامه ويبعد السرج عن ظهره ويتركه لينام ويتمدد الى جواره أسفل نخلة شابة .

استيقظ فارس وحصانه بعد أيام عدة من شدة الارهاق فاندهش لوجود عين ماء لم يرها من قبل فى هذه المنطقة انبتت حولها ألفا من النخيل الطويل غزير الشواشى فأطلق فارس على المنطقة اسم أم الشواشى وجاء برجال من بنى ملاحق الغجر أهله وتزاوجوا من الصحراوات  المجاورة واقتطع كل منهم أرضا للسكنى يتوسطها مجموعة من النخيل ، فكان نصيب كل منهم عشرين نخلة والأرض التى عليها .

تقسو الرياح على النخيل فتصرخ جذوعها من ضرب سياط الريح لها وتنصاع للأمر فتميل حتى لاتنكسر .. ينخلع قلب فارس ملاحق على وطنه الجديد الذى كان يثمر كلما هبت عليه الرياح حتى أقلع عن الاثمار منذ الأربعة أعوام الماضية حتى جاء عزون ملاحق فى زيارة لابن عمه فارس وعلمه التلقيح حين احتضن اناث النخيل وصعد حتى وصل الى رؤوسها وترك فى بطن كل واحدة منهن حفنة من طلع ذكور النخيل  لتثمر بعد ذلك ويفرح كل ابناء منطقة أم الشواشى بما ينتظرهم من  خير وفير عقب بيعهم لتمر نخيل أم الشواشى الذائع الصيت لشدة حلاوته والذى وجد له أسواقا كثيرة فى كل الحواضر المجاورة من أول مرة حمل فيها فارس ملاحق التمر على ظهر حصانه وباعه فى لمح البصر وعاد محملا بالهدايا لزوجته وأولاده الصغار .

يغنى الصغار والكبار : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. تميل النخيل من شدة الرياح وتلقى السلام فتسقط تمرا أخضرا يلتهمه الصغار فتحذرهم العجائز من الحمى التى تركب كل من تسول له نفسه أكل التمر أخضرا فيترك الصغار التمر حتى يستوى ويتلون بالاحمر والاصفر الذهبى .

تغرورق عيون فارس وتمتلىء بالدموع لألم النخيل التى تقاسيه من شدة هبوب رياح الخماسين فى هذا العام .. لقد كبرت النخيل وضعفت مقاومتها للريح الشديدة فى يومها الثالث محملة بالرمال القادمة من الصحراء المجاورة حتى امتلأت بها الخيام  وعجزت النساء عن ازالتها .

يحتمى الصغار والكبار بالخيام كلما اشتدت الرياح .. يوقد عسال ملاحق نارا ليصنع شايا للضيوف القادمين اليه من الوطن القديم فتعلوا السنة النيران لتلامس شواشى النخيل وتسرى فى الألف نخلة والخيام  التى أسفلها .. يفر كل ابناء أم الشواشى بعيدا ليقفوا على بداية الصحراء الكبيرة وهم عاجزون عن الوصول الى عين الماء التى غطتها الرمال .

تجمع الكل حول كبيرهم فارس ملاحق الذى أخذ يدندن : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .. يكرر الواقفون الدندنه .. يبدأ فارس ملاحق بحثه من جديد عن عين جديده ليزرع حولها  النخيل الذى سيطعم خمسة آلاف  فم تردد كلمات الاغنية القديمة الجديدة : ياجريد النخل العالى ميل وارمى السلام .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

===========================================================

151


ليمون زكيه بنت بهيه 



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات




ليمون زكيه بنت بهيه 



تجلس زكيه بنت بهيه الغجريه مع فجر كل يوم امام كومة  الليمون بجوار خيمة عيظى نوران السنان المتصدرة خيام الحى

 تنتظر اول فوج من النساء يملأن قربهن من عين الواحة الصغرى

 ، .. وفى رحلة العودة الى الخيام  تشترين ليمون ذكيه بنت بهية الغجرية القادم اليها من اشجار ليمون النبع الكبير بالواحة الصغرى  ، وعلى اساسه يبنون وجبات يومهم ،ويتسوقن بعد ذلك  فمنهن من تشترين  اللحم بكميات محدودة  ومنهن من تشترين العظام من الجزارين بعد ان يجردونها من بقايا اللحم العالق بها فيكون يوم الصغار يوم عيد حيث سيشبعون من اكل الثريد الغارق فى دسم نخاع العظام بجوار اى خضار يروق للأم  فيحمدون ربهم ويتجهون الى نومهم ،، ومنهن من لاتملك الاشراء بعض اعواد الملوخيه لتصنع منها البعكيكه  بعد خرط الملوخية الخضراء وخلطها بالتوابل والماء وليمون زكيه دون تسويته على النيران فيكون طبقا شهيا للصغار يمدهم بطاقة منقطعة النظير .

 .. ينطلقون بعدها الى الربوة المجاورة للحى

 .. يلعبون حتى يسقطون من الاعياء فيعودون الى الخيام  للنوم

تواصل زكيه بيعها لليمون .. ينظر عيسى الجزار الى عينيها التى تكاد ان تجاوز وجهها على ذبائحه المعلقة..يملأ كفيه بالعظام حامل بقايا اللحم ويهبه لزكيه مقابل ليمونتين فتخبىء زكية لفة العظام اسفل الليمون بعيدا عن عيون الحاسدين من اولاد الغجر ، وتتجه الى عوضين الخضرى فتأخذ بعض حبات الطماطم والبطاطس مقابل خمس ليمونات لتصنع طاجن بطاطس يشبع بناتها الخمس اللائى فقدن اباهم فى دوامة رمال الخماسين منذ عشرة أعوام. 

وكفلتهن زكيه لتكون الاب والام 

  ..لايراود اى من شباب الحى او شباب الغجر التفكير فى  الارتباط ببنات زكية لضيق ذات يدها وفقرها  الملازم حتى فقدن الامل فى الارتباط ولازمن زكيه وخدمة منازل الشيوخ  ليتجاوزن حد الفقر الذى تركه لهم بلال الغجرى اشهر بائع ليمون فى المنطقة القبليه ، وورثت زكيه مهنته لتعينها على العيش والصرف على البنات.

تعاود زكيه سيرتها اليومية .. تستيقظ فى الربع الاخير من الليل .. تنتظر امام الخيمة حصتها من ليمون شجر النبع ، وتأخذ مكان زوجها القديم ، وتحلم بزواج بناتها حتى من اولاد الغجر لتحمل صغارهن قبل ان تغادر الحياة.

تململت زكيه  امام كومة ليمونها فى يوم ربيعى ، وضاق صدرها لتعجز عن التقاط نفسها الاخير فالتصقت بالرمال مفتوحة العينين

لترحل ويحتل بناتها مكانها امام كومة الليمون .


 .

 ..  قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@gmail.com


==============================================================



الثلاثاء، 26 مارس 2024

 ابناء الريح


137

و...الترصد


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



و...الترصد


عزمت رئيفه بنت سنيه الغجريه على الخلاص من زوجها المريض  بعشرين مرض اويزيد بالاتفاق مع عشيقها الجديد اسيل الهجام والاخير فى تاريخ عشقها الطويل منذ كانت ترى امها سنيه الغجرية  فى احضان عشاقها ليل نهار لتتمكن من تربيتها بعد ان تركها ابوها حماد مسلون الغجرى  وهى لحمة حمراء على صدر امها .. ومنذ هذه الليالى عشقت رئيفه احضان الغرباء حتى بعد ان تمكنت من الزواج من حموده اللفاف  الذى  قابلته صدفة فى سوق الحى الصغير فمنعها من التسول ليتزوجها  وكان يجهل تاريخها وتاريخ امها وحين علم من ابناء الحى قبلها حموده على علاتها هى وسنيه امها ..علم حموده رئيفه حرفة لف الصوف على المغزال فبرعت واصبحت اكثر منه شهرة فى الحى والاحياء المجاوره وزاد طلب تجار الخيوط الصوف على غزل رئيفه فزادت دخولها دخلا مع ميراث سنيه الغجرية  امها عقب رحيلها ودخل حموده اللفاف فاشترت  خيمة كبيرة  لها ولزوجها ولابنتيها مايسه واسما ، وعاش الاربعة فى رغد من العيش وزادت تجارتهم وقل عطاء حموده اللفاف فزادت رئيفه من زيارات عشاقها الليليه بعد ان ينام اللفاف وابنتاه فى الاوراق الرسميه ... ظل الحال على ماهو عليه لمدة عشر سنوات حتى قابلها اسيل الهجام آخر عشاق تاريخ عشقها الطويل فزاد تعلقها به حتى انساها ابنتيها والمريض الملازم الفراش فاستأجرت له الخيمة  المجاوره وفرشته بالاساس الغالى لتقضى الليل الطويل بعيدا عن شخير المريض وضجيج البنتين مرتمية فى احضان اسيل الهجام حتى تغرق فيوقظها فى الصباح لتعود الى خيمتها فتجهز البغل .. تضع الفتاتان البضاعة على الظهر ويعتليه حمود ه اللفاف وخلفه رئيفه ، ويتجه الركب الى سوق الحى  المجاور ، ومن على البعد يركب الهجام على ظهر حماره الذى ابتاعته رئيفه  له الثلاثاء الماضى حتى يخفف من الام الفرقة عنه بعد ان ذابت فيه عشقا وتوحدا .

تترك رئيفه زوجها المريض ينهى صفقات البيع مع تجار الخيوط وتغادر هى لتتجول فى السوق تشترى احتياجات المنزل وتلتقى حبيب قلبها الهجام الذى اقنعها اخيرا بالخلاص من الرجل المريض بوضع السم فى الطعام وستتعدد اسباب الوفاه لاستئثار حموده اللفاف باكثر من عشرين مرض .. تعجب الفكره رئيفه  فتدس فى جيبه نقودا كثيره تلبى احتياجاته ويشرعا فى التنفيذ .

انتقل الهجام الى خيمة  حموده اللفاف بعد رحيل حموده مسموما بيد زوجته رئيفه بنت سنيه الغازيه واسيل الهجام الذى تزوجها ونسب اليه ابنتيها فى الاوراق الرسميه ولف حموده اللفاف نسيج من  النسيان وال... الترصد .


                                                     قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

                                   

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com

================================


138

وشم علي الظهر


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


وشم علي الظهر


يرسم زين الغجر ولد سبع النهيرى سيد الصحراوات الثلاث  بلا منازع خرائط العذاب على ظهر حميده ولد قروش شيخ العزايريه الذى سيطرده زين من دياره  بعد عودته من النفى الذى فرضته عليه القبائل منذ زمن ، وكان عليه عالما جديدا كون منه ثرواته الطائلة بقطع الطرق على القوافل مع عصابته التى عاد بها الى الديار فلم تدانيه قوة شيوخ القبائل مجتمعه . 

 ينزل زين بسياطه على ظهر حميده وكلما راه تذكر سياط ابيه قروش العزايري شيخ قبائل العزايرية  وهو يلهب ظهر زين ويرسم على ظهره وشم النفى الذى قرره زعماء القبائل لتسلله ليلا  الى خباء الكثير من نساء الحى دون علم بعولتهن .

يدعى زين ولد النهيرى على حميده ماادعاه عليه شيخ القبائل من قبل وبسببه تم النفى .

يصمت ابناء القبائل وشيوخهم  فى وجه زين الذى جاء بالواشم ليرسم وشم النفى  على ظهر حميده بأمر من سيد الصحراوات الثلاث بلامنازع زين ولد سبع النهيرى ، وبدأت تغريبة حميده ابن شيخ العسايريه فى منفاه الجديد. 

قصة قصيرة

ل : محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com 


   =================================



139

ونس الليل


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ونس الليل


ياتى الليل حاملا صمته يلف حى غجر نيس فيعلو فحيح الافاعى  فى تل الريح الذى يتوسط السبعة احياء للغجر  .. تتسلل صوفا بنت ست ابوها الى خلف الخيمة .. تنظر الى السماء ترقب بزوغ نور اول نجم لينزاح اول الكوابيس التى تجسم على صدرها مع قدوم كل ليل .

يبدأ انتعاش صوفا مع ملامسة اصابع رقيقه  ليد حنين ولد غريبه الدايه لجلد رأسها بعد ان يخترق غابات شعرها الكثيف فمنذ بلوغهما وهما يلتقيان بعد الغروب  خلف خيمة ست ابوها لتحكى له صوفا عن مغامراتها اليوميه مع رجال قبائل الاحياء  المجاوره وهى ترى الطالع لهم وينفث حنين الدخان فى وجهها لتكمل رسم قصصها التى تمتعه كثيرا ، وتحلم صوفا ان تصبح ذات يوم مثل كحيله الغجريه الراقصة الذائعة الصيت فى الملاهى الليلية الكبيره والبارات التى انعم عليها جلالة الملك بلقب البكويه ومنحها اقطاعية تجرى فيها الخيول فلاتبلغ مداها ، ومنذ ذلك الحين اصبحت كحيله نائبة عن احياء  الغجر السبعه والمسؤوله عن تلقى شكواهم وتوصيلها الى الديوان الملكى ، وصوفا مازالت تحلم بان تحل مكانها فى الاوساط الراقيه .

يمسح حنين ولد غريبه الدايه على شعر صوفا فى آخر الليل لينزاح آخر الكوابيس التى تلازم صوفا . . ويصطحبها فى رحلة النزول الى  اسفل الغطاء بجوار امها ، ويهرول حنين الى خيمتهم مرتميا فى حضن امه يرجوها ان تخطب له صوفا التى يعشقها منذ الصغر وتحمل احلاما يرجو ان يشاركها فيها .

يعلن شيخ حى غجر نيس  فى اليوم التالى عن زواج حنين ولد غريبه الدايه على صوفا  بنت ست ابوها فتقام الافراح والليالى الملاح التى يشارك فيها كل اولاد الغجر ابتهاجا بالعرس ا لجميل .

لايتقدم حنين ولد غريب الدايه خطوة نحو تحقيق احلام بنت ست ابوها صوفا مكتفيا بانتظارها عائدة من الاسواق تحكى له حكاياتها القديمه والجديده ، ليشرب اللى جوارها الشاى الاسود وينفث فى وجهها الدخان .. فقررت ان تتركه الى جوار غريبه الدايه وترحل الى العاصمة لتبدأ وحيدة تحقيق اول خطوة من خطوات حلمها الطويل

 .

 قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com

===================================



140


يمين زين ولد النهيرى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


يمين زين ولد النهيرى


يقرر زين  الغجرى ولد النهيرى سيد الصحراء الكبرى  زواجه  كل خميس اول كل شهر من بنت شيخ قبيلة من شيوخ القبائل المائة والعشرين  حتى يتمكن من مصاهرة كل شيوخ قبائل الصحراوات الثلاث  الكبرى والوسطى والصغرى ، وكلما أقبل على زيجة طلق واحدة من الاربعة اللاتى  على ذمته حنى وصلت زيجاته الى مائة وتسعة عشر مع بقاء أجمل ثلاث زوجات على ذمته .. هذا الى جانب ماملكت يمينه من الاماء اللاتى سباهن فى معاركه الشهيرة  وهن لايحصيهن عد ، وقد بلغ عدد ابنائه كما ورد فى العديد من الروايات اربعمائة وستة وسبعين  ولد وبنت من  اجمالى الزيجات ، وينتظر ان يعترف بأبنائه الذكور من الاماء اذا ماقرر ذلك والاناث بعد حين .

تقام افراح زين ولد النهيرى اثنا عشر مرة فى العام الواحد ، وقد مر على زيجته الاولى تسع سنوات وأحد عشر شهرا ليتهيأ لزيجته المائة والعشرين لكن المرض العضال لم يتح له فرصة الدخول بعزه بنت الشيخ عزيز زيناوى شيخ مشايخ الزيناويه  بالقطاع الغربى بالصحراء الكبرى .

لن يتمكن زين ولد النهيرى من تزعم كل قبائل الصحراوات الثلاث وسيؤول امر الزعامة الى غريمه عمرو ولد زكوان الذى اوشك ان يتم زواجه المائة والعشرين هذا الاسبوع ليصبح زين احد اتباعه.

حار الاطباء فى مرض ولد النهيرى فأذا ماعالجوا داءا  برز غيره حتى فقد الامل فى الزعامة.

تشق اسرار اقدم اماء زين ولد النهيرى الصفوف تحمل ماء الحياة اختراع ابيها شقيف الاحمر ملك مملكة  الاعشاب والذى يعيد الفتوة والحيوية الى شاربه ، وقد احتفظت به منذ عشر سنوات فى خيمتها بعد هزيمة ابيها وسبيها على يد زين ولد النهيرى.

تعرض اسرار الماء لولد النهيرى  مقابل اعترافه بكل ابنائه الذكور والاناث من كل امائه ملك يمينه حتى يتمكن من تزعم  الصحراوات الثلاث .

يعترف زين بابناء الاماء فيسرى فى اوصاله ماء الحياة الذين مكنه من زعامة الصحراوات الثلاث بدخوله بعزه بنت عزيز زيناوى شيخ مشايخ الزيناويه ، واصبح عمرو ولد زكوان احد اتباعه بفضل ماملكت يمين زين ولد النهيرى.     


قصة قصيرة

ل : محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com 



============================


141

يوم قتل البعير


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


يوم قتل البعير


يتربص ابناء روصى عياص  الغجرى بالبعير الهائم على وجهه فى البرية بعد ان تمكن من قتل ابيهم .

كان روصى عياص يوسع بعيره ضربا بالسياط صباح مساء كلما حرن وبالغ فى عناده ولم ينصاع لأمر سيده.

مل البعير معيشته فانقلب على سيده حين اشتد عليه الم الضرب فغرس اسنانه فى رأس روصى عياص ليسقط فيدهسه بالاقدام حتى فارق الحياة وفر البعير الى البراح فى الصحراء الوسيعة .

تابع العشرة ابناء آثار البعير الهارب من دمه ، وتفرقوا فى خمسة دروب ليقطعوا على القاتل كل طرق النجاة حتى يثأروا من قاتل ابيهم .

مر الشهر والشهران ومازال البعير هائما على وجهه فى البرية مخافة سيوف اولاد روصى عياص القاطعة ووأقواسهم التى لاتخطىء فى اطلاق سهامها كى تستقر فى قلب الهدف .

وصلت بشرى مقتفى الآثار  فى مطلع الشهر الثالث تحدد مكان اختباء البعير .

يلتقى العشرة ابناء فى اليوم المشهود امام البعير ملقى على الرمال من شدة الجوع والعطش بعد ان استنفذ مخزونه فوجهوا اليه سيوفهم وسهامهم وقتلوه قتلة رجل واحد وعادوا برأسه بين يدى رويعه المناخيلى الام التى صرحت باقامة العزاء يوم قتل البعير.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

==========================


 ابناءالريح


132

مانيسه


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


مانيسه


ترتدى مانيسه الغجرية  الجلباب الرجالى وتلف العمامة وتضع شاربا أسفل أنفها لتبدأ رحلتها الليلية فى افراح واحة  المتانيه والواحات المجاورة والتى لاتنقطع ابدا .. " عشعوش حملها السيد " .. تبدأ مانيسه بغناء المرحلة الثانية عقب اتمام الزواج فيدعو الجميع للسيد الذى يغمرهم بفيض بركاته .. يجسد فتحى نواعم دور المرأة فى الاغنية التى تغنيها ناميسه حلاوى  الغجرى كل ليلة فيرتدى ثوب زفاف العروس ويضع من الاصباغ ماشاء ليبدو جميلا فى عينى مانيسه وحتى لاتغيّره فهى التى تقوم بدور الزوج فى الاغنية ، ولقد غيرت مانيسه مالايقل عن عشرين من المساعدين الذين لعبوا دور العروس حتى استقر رأيها على فتحى نواعم الذى اشتهر بين نساء الواحة  بأنه أقدر وامهر من دق على طبلة منذ عشرات السنين .

يضع فتحى نواعم الوسائد الصغيرة الواحدة بعد الاخرى أسفل فستان العروس ليتنقل مع شهور الحمل التسعة فتتغنى مانيسه الحلّاوى بفحولة الرجل وخصوبة المرأة التى ستملأ الخيمة بالذرية والغزوة التى سيتباهى بها القوم .

يتبادل فتوح - الشقيق الاصغر لفتحى - الدق على الطبلة حين يتركها فتحى ليتحرك بين نساء الواحة من المدعوّات على الفرح ، ويجسد حالة الارهاق والتعب اثناء الحمل ويعود ليواصل ايقاعه الساحر الذى يستهوى كل النساء .. تضع مانيسه يدها على الشارب فوق الشفاة لتطمئن على وقوف الصقرين عليه وتأمر وتنهى العروس فتطيع العروسة عريسها بنفس راضيه .

تعشق نساء واحة المتانيه صوت مانيسه الرجولى العذب وليونة صوت فتحى نواعم ، ويضحكون على المشاهد التمثيلية التى يقدمانها فى كل فرح ، ويخشى كل رجال الكفر والكفور المجاورة من مجرد الثرثرة أمام أسماع مانيسه التى تنقل كل صغيرة وكبيرة الى آذان عليم حافظ كبير الواحة وزوجته مايسه البلوينى .

تمتد يد مانيسه بالاذى الى كل من تسوّل له نفسه أن يخالفها من رجال ونساء فرق الغجر  المقيمين بواحة المتانيه أو الواحات  المجاوره وتلحق بفرقتها من تشاء منهم ثم تستبدلهم بآخرين بأبخس الاثمان فلايتفوه أحدهم بكلمة حتى لاتطوله يد عليم حافظ وزوجته بنت البلوينى اللذين لايعرفان الرحمة .

 كان عليم حافظ يعتمد على آذانه وآذان زوجته فى استصدار احكامه الظالمه حتى فرّ الكثير من ابناء الواحة مخافة بطشه ، وأوشك المتبقين على الانقلاب عليه وعلى رجاله  .. أسرع عليم الى استرضاء أهل الواحة  فقرر أن يتخلص من مانيسه الحلاوى التى أسرعت وتركت الواحة  حتى لايلحقها أذى من أهل الواحة والواحات  المجاورة الذين آذتهم كثيرا ، وانقطعت أخبار مانيسه الحلاوى عن واحة المتانيه وعن الواحات المجاورة حتى يومنا هذا .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


==========================================================


133

مقلاع عوف


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


مقلاع عوف

يضع عوف ولد عوضين هنادو حجرين صغيرين مدببين  وسط مقلاعه ويمسك بطرفيه .. يلف عوف المقلاع بقوة  فى الهواء راسما  دوائر دوائر  .. تتداخل الى لانهاية حتى يبلغ المدى وحين يبصر قطيع الارانب البريه فى قلب الصحراء الكبرى  يمنح  الهواء طرف المقلاع ويظل ممسكا بالطرف الآخر لتنطق الحجارة سهاما  قاتلة تصيب ارنب المقدمة وارنب المؤخرة من القطيع. .

لم يخطئ عوف ولد عوضين هنادو الاعسر هدفه مرة واحدة طوال عمره القصير فطمع فى المزيد من الارانب وحمل مقلاعه حجرين تاليين وأطلقهما ليصيب حجر أرنبا ثالتا ، ويصيب ثانى الحجارة عين الرمال دوح شيخ مشايخ قبائل غجر الدوح بالصحراء الكبرى ليصبح كريم العين ، ويختفى جسد عوف ولد عوضين هنادو من الصحراء تاركا مقلاعه وصيده من الارانب.

   

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

============================================================



134

مواء

 

من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


مواء 

يعلو مواء القطط الصغيرة بطول دروب واحة الصحراء الكبرى تنادى على القطة الأم بعدما غرس الجوع أنيابه المسنونه فى بطونهم الخالية .. يجتمع صغار دروب الغجر حول القطط الصغيرة .. يلعبون معهم فينسونهم شدة الم الجوع .. تنسى القطط الصغيرة ويتقافز الأطفال حولهم يغنون ويضحكون فتقهقه القطط وينتظر الجميع أمهم الوحيدة 

قامت الصلة بين صغار القطط وصغار دروب الغجر  منذ لحظات ميلاد القطط فلقد قذفت الدروب  بصغارها الى رحم واحة الصحراء الكبرى  فالتقى الصغار بالقطة الأم وقت ولادتها المتعسرة , وظل الصغار يمسحون دموع القطة التى استكانت لأول أيدى بشرية تلامس جسدها .. تلقف الصغار خمسة مواليد .. مزقت الأم البرانس الشفافة التى كانت تغطى كل صغير ليفتح عينيه على فضاء الدرب  الكبير وأسرعت ترضعهم حتى يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم 

شبع الصغار فتركوا ثدى الأم ليتناولها الخمسة أولاد حتى يشبعوا ، وأصبحوا منذ تلك اللحظة أخوة فى الرضاعة  لأم واحدة .. تنطلق القطة الأم بعد خلو ثديها من اللبن بحثا عن غذائها فى بقايا الطعام الملقاة على جانبى الدروب  حتى تشبع لتعود فيفرح ابناؤها العشرة بالعودة فى الصباح والظهيرة والمساء لتناول رضعاتهم المعتادة ثم يعاودون اللعب فيحمل كل ولد شقيقه من الرضاعة  القط الصغير ويواصلون لعبهم حتى يسقطون من التعب فينامون الى جوار أمهم 

يتواصل مواء القطط الصغيرة فيحتضن بعضهم البعض انتظارا لعودة الأم .. يسقط أحد القطط فى قلب نهر الطريق فيسرع اليه الصغير كى يبعده عن طريق ابل القوافل المسرعة ، يتبعه الأربعة صغار والأربعة قطط المتبقية مما يؤدى الى اضطراب الحركة المرورية عبر تقاطع الدروب  التى تصب فى الساحة الكبيرة .. ينزل قواد القوافل  ليزيحوا الصغار وقططهم فيصاب الصغار بالفزع وقت مجىء الأم التى تسارع الى التهام قططها الصغار خوفا عليهم من الزحام الكبير وتهرب ليتبعها الخمسة أولاد الذين توسدوا كومة من رمال درب حنه واصدروا مواءهم العالى حتى تعود الأم اذا ماسمعت أصوات أخوة ابنائها فى الرضاعة ليسكت جوعهم. 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly

==================================



135

نخلة هنومه


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


نخلة هنومه


تزرع هنومه رزقين الغجريه  نخلة ليست كنخلات تل الفريجى  ..تعنى بمائها وطعامها المخلوط بروث الابل والماشية والاغنام يوما بعد يوم  فتشب قصيرة القامة مما يدفع صغار التل الى اعتلاء اكتاف بعضهم البعض ليصلون الى الثمار  عند اول طرح للتمر اخضر رامخ ويقطفونه.

تطلق هنومه رزقين كلبها الكبير فيقفز الصغار أكواما متفرقة تسابق اقدامهم الريح حتى لاينهش لحومهم ، ولايتركهم الابعد ان يدخلهم خيامهم فيرجع ظافرا بالنصر الى خيمة هنومه رزقين بجوار قصيرة القامة يتدلى لسانه فى انتظار الاشقياء الصغار  .

ينتصف النهار فتشكو هنومه الى زوجها فائق عريبه سرقة صغار التل لتمر نخلتها الذى لم ينضج بعد فلاتستقر اقدامه داخل خيمتهم حتى يلف على آباء الصغار واحدا واحدا فيعدونه بعدم عودة صغارهم الى هذا الفعل الشائن مرة اخرى .

يرجع فائق عريبه مزين التل الى خيمته يتناول طعام الغداء مع زوجته هنومه رزقين ليعود الى عمله ثانية.

ترحل شمس النهار فيعلو صراخ الصغار ينطلق من خيامهم حين يشتد ضرب الآباء لهم حتى لايسرقوا تمر نخلة هنومه رزقين ، ويسكت الصراخ بعد ان يقطع كل صغيرا وعدا بان لايعود الى فعل اليوم ثانية وينامون .

تشرق شمس صباح يوم جديد فيتجمع الصغار حول جبور ولد صفيفه الغجرية  أكبرهم سنا يقرر تسلق قصيرة القامة عقابا لشكوى  فائق عريبه الدائمة الى آبائهم وامهاتهم .

تصرخ هنومه رزقين ، وتطلق كلبها الكبير يلاحق الصغار فلايفلح فى الامساك بأى منهم ككل مرة.

يجلس فائق عريبه على طاولة الطعام لتأخذ هنومه فى شكواها من الصغار فيزف اليها رأى عراف التل الذى أشارعليه تغيير مكان اقامة خيمتهم من اعلى التل الى اسفله وسيرزقان بصغير يملأ عليهم الحياة بعد زواج دام اكثر من خمسة عشر عاما فتقتنع بعد جهد ، وينزلقان الى اسفل التل تاركين قصيرة القامة مصطحبين كلبهم الكبير .

تقلع نخلة هنومه رزقين عن الثمار ويذبل جريدها وسعفها فتبرز اشواك جريدها تيجان جان .

يصطف صغار التل امام قصيرة القامة علها تمنحهم بعض الرامخ ولو طلع يسكت جوع بطونهم فلاتستجيب.

اشتد حزن النحلة لفراق صاحبتها هنومه رزقين فاقلعت عن امتصاص الزاد من قلب الرمال  ليقلع الصغار عن العودة اليها ويقرر رجال اعلى التل قطعها للاستفادة من اخشابها وجريدها وسعبها .


 قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

 =================================



136

نزل النوق


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


نزل النوق

يخصص سهيل رشدين عنيوى الغجرى  خمسين ميلا مربعا نزلا للنوق التى اشتراها مؤخرا كصفقة كبيرة من النوق اللبانى ثنائى السنام منذ قيل له ان هذا النوع من النوق يدر ثلاثة أضعاف من اللبن بالقياس لنوق الصحراء الكبرى المحدود القدرة ، ولعل مرد ذلك الى نقاء واتساع مراعى هذه النوق التى ولدت بها  .

يرعى رجال سهيل رشدين عشرين الف ناقة ذات سنامين  ويحل موسم التزاوج فيكتشف الرجال عدم وجود فحل بين العشرين الف ناقة.

يرسل سهيل رشدين الى أقصى الشرق وفدا يأتي بالفحول لكن البائع يؤكد عم وجودها ويقترح تخصيب العشرين الف ناقة من فحول الصحراء  الكبرى ، ولن  تخذله النوق فتحمل وتلد وتدر البانا ثلاثة اضعاف نوق السنم الواحد .

اشترى رشدين الف فحل من اسواق الصحراء الكبرى وأطلقهم ليخصب الفحل عشرين ناقة .

تنظر النوق بتأفف شديد الى فحول الصحراء فيجن جنونهم ويغرقوا فى بحور عيون ذوات السنامين فيوسعهن عضا فى الظهور.

يملأ خوار النوق سماء الصحراوات الثلاثة غير قابلة لهذا التزاوج حتى يسقطن من الاعياء الشديد الذى تسبب فيه الفحول .

يصرخ سهيل رشدين على ضياع كل مايملك بموت هذه النوق الناعمة اللعينة لكنه يعود الى رشده بدبيب النفس فيهن وعودتهن الى الحياة مرة اخرى .

يحبس سهيل الفحول فى فضاء يفصل بينه وبين النوق سور حديدى عالى لايسمح بمرور اى فحل الى نزل النوق .

تتجه النوق الى السور تتدللن فتشم الفحول روائحها المثيرة .. يعلو خوارهم فيزيل السور الحديدى .. تستعذب النوق قسوة وعنف الفحول

تتآزر كل عشرين ناقة على فحل حتى يسقط متوسدا الرمال غير قادر على الحراك.

تحمل النوق وترعى حتى تحين لحظات الميلاد فتلدن ابلا بثلانة سنامات او بدون ، وتبدأ نساء القبائل فى حلب لبن النوق الغزير ثلاثى اضعاف لبن نوق الصحراء الكبرى .

يذبح سهيل رشدين الخمسمائة فحل الغير قادرين على التزاوج مرة اخرى ويبقى على البقية حتى يحين موعدهم المرتقب.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

     

====================================


الأحد، 24 مارس 2024

 ابناء الريح


127


سبيل سمره



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


سبيل سمره


يملأ جنش ناوى القلل الفخار العشرين من ماء سبيل سمره نحينح ويضعهم أسفل المظلة المصنوعه من جريد النخيل  التى صنعها طوال الموسم الماضى لتحميه من حرارة شمس الصيف القوية ويجلس .. يستل جنش ناوى عصاه العوجاء الغليظة التى ورثها عن ابيه ناوى عوكلى  خفير سبيل سمره ليبعد الاشقياء الصغار الذين يدأبون على سرقة القلل الفخار ويبيعونها فى سوق القلل القديمه حتى لاتوبخه الحاجه سمره نحينح وتقتطع جزءا من أجره اليومى عقابا له على تقصيره فى حماية السبيل الذى يروى المارة فى طريقهم الوعر الطويل بطول الصحراء الممتدة بمحاذاة صحراء  النمور لتزيد حسناتها أويبنى لها قصر فى الجنة كما كانت تفعل امها الحاجه عبيده مع ناوى عوكلى والد جنش .

يتوافد السقاؤن على سبيل سمره فيعلق جنش الجمل  ويغمى عينيه حتى لايغمى عليه من كثرة الدوران حول محور ترس الدائرة الكبير الموصولة اسنانه بأسنان دائرة ترس القواديس فتمتلىء القواديس عن آخرها لتخلو من مائها فى نهاية دورة التروس ويعاد تعبئتها لتصب فى الحوض الكبير فيملأ كل سقاء قربه بمقابل زهيد يضعه فى يد جنش ناوى لينتقل بدوره الى يد سمره نحينح التى لاترضى عن آداء الجمل  المغمى الدائر بالتروس ولاجنش ، وتشكو من قلة الدخل  ثم تلوح بخصم جزء من يومية جنش اذا ماتكاسل فيوسع جنش الجمل  ضربا حتى يزيد من دورانه ليزيد الماء فى الحوض .. يزدحم السقاؤون حول الماء فيعيد جنش ناوى ترتيبهم فى صفوف طبقا لأولوية الحضور وأحيانا لأولوية المشاكسين والأكثر قوة حتى لايفقد جنش عمله لدى سمره نحينح اذا ماماطله أحد الأشقياء ولم يدفع ثمن الماء .

يضع جنش عينيه فى وسط رأسه ويبعد الصغار بصوته العالى عن قلل السبيل ويلعن آباءهم وأجدادهم الغجر ثم يعود الى عمله حتى آخر سقاء فيفك قيود الجمل  ويرفع الغمامة عن عينيه ، ويرطب جسده بالماء ثم يقدم له طعام الغذاء .

يسرع جنش ناوى الى المظلة ليلتقط أنفاسه ويعاود الجرى وراء صغار الغجر  ليبعدهم عن سرقة قلل سبيل سمره حتى لايصيبه أذاها .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

===========================================================


128

شهود النفى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


شهود النفى

 

وقف خمسة من الشهود أمام معالى المحلف ، وأقسم كل منهم أن يقول الحق ولايقول غيره بعد ذكر كافة البيانات من اسم وسن  و محل الاقامة .. بدأ الشاهد الأول شهادته وقال لجناب المحلف : اننى متأكد من رؤيته كما ارى عظمتكم الآن وهو جالس على حافة عين الماء  يفكر كيف سيفتعل الخلاف الذى يدب بينه وبين القتيل .. كانت عيناه زائغة .. تمتلك بريقا لامعا وغريبا فجلست على الحجر  المواجه له عن بعد لأتيقن من عقد نيته .. أطلقت عينى داخل بئر عينيه المظلمتين .. وجدت الشر قد توسد القاع ، أسرعت باعادة عينى الى مكانهما وغادرت المكان حتى لايصيبنى مكروه ولم أر شيئا بعد ذلك لأننى لزمت خيمتى بعد ذلك حتى تم القتل 

جاء الشاهد الثانى وأكد للمحلف قيام القاتل من مكانه واتجاهه الى مكان  القتيل الملاصق لعين الماء بينما علا نباح الكلاب  ليغطى على بداية الحوار بين القاتل والقتيل حتى علا صوتهما على صوت النباح  فاتضحت معالم الكلمات ، وقال القاتل : هذا مكانى  المفضل الذى أجلس عليه منذ عشرين عاما فى تمام كل خامسة طوال الأيام التى لاتعد ولاتحصى .. فلماذا تجلس عليه؟ .. وجئنا ياسيدى المحلف واسطة خير وحاولنا التوفيق بين القاتل والقتيل لكن القاتل أصر على موقفه واستطعنا اقناع القاتل بالعودة الى المكان  الجديد فعاد لكن دمه كان مازال يغلى فى عروقه فنزل وشرب من عين الماء  وعاد الى مكانه ، وانصرفت ياسيدى عائدا الى خيمتى .

قال الشاهد الثالث : مرت ساعات على ماحدث وأخذ كل منهما ينظر الى الشمس الغاربة فوق مياه العين  التى لوّنتها الأشعة باللون الأحمر ثم تركا المكان فى وقت واحد .. قال الشاهد الرابع : لقد سرت وراء الأثنين مخافة أن يحدث مكروه بطول الدرب الموازى لمياه العين الواسعة ..تقدم المسيرة القتيل ووراءه القاتل ، وأنا من خلفهما ولم يتمكن أحد منهما من رؤيتى حتى تتسرب الطمأنينة الى قلبيهما كلما أضاء نور نجم من نجوم السماء  الوجوه ولم يحدث مايعكر الصفو فعدت مسرعا حتى لايأخذ أحد مكانى على العين . 

بدا الأضطراب والتلعثم فى أقوال الشاهد الخامس الذى أكد رفع يد القاتل بخنجره المسموم وأرسله فى صدر القتيل ليسقط وفر القاتل بفعلته .. سأل معالى المحلف الشاهد الخامس عن مدى وضوح الرؤيا للحادث فقال الشاهد : كانا فى منطقة الاظلام بعيدا عن بؤر نور النجوم  

رفع القاضى أصابعا أربعة من يده اليمنى وقال للشاهد : كم اصبعا ترى ؟ .. لم يتمكن الشاهد من العد ..

 جاء دور شهود النفى ليؤكد جميعهم بأن القاتل كان فى صحبتهم وقت حدوث الجريمة وعدد كثير من الشهود الآخرين رؤية المتهم فى نفس التوقيت بعيدا عن مسرح الجريمة وأكدوا أن هذه مكيدة من خصوم القاتل والقتيل أرادوا أن يتخلصوا من الأثنين معا فاستثمروا الخلاف بينهما على المكان الاقرب الى العين  وفعلوا فعلتهم .. حكم معالى المحلف ببراءة المتهم استنادا للكثرة من أقوال شهود النفى 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

============================================================


129

ضغط الهواء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


ضغط الهواء


تتأوه سوفيه أبوزوين الغجريه من شدة ضغط الهواء الذى يعلو جسدها بعدما جردتها الممرضة من كل ملابسها الخفيفة والثقيلة لتنهى كل الفحوص التى أمر بها طبيب الحضر  عقب سقوطها بين فتيات مشغلها وهى تعلمهن الصبر على الزبائن من المشترين .

جاءت سيارة الاسعاف من الحضر المجاور للصحراء الوسطى  وصعد الرجلان بالمحفة المطاطية حتى انقطعت انفاسهما بعد انهاء رحلة مائة درجة من السلالم الحجرية  العمودية  المؤدية الى اعلى تل ليله حيث توجد خيمة سوفيه ابوزوين  الغجرية ملاصقة لخيمة مشغلها الكبير .. مازالت الفتيات تلطمن على وجوههن وصدورهن وهن محيطات بسوفيه العزيزه الغاليه التى تعهدتهن منذ نعومة أظافرهن حتى اشتدت أعوادهن وطرق أبوابهن الكثير من اولاد الحلال ومازلن يفكرن .

جفت دموع الفتيات من شدة حر الجو المحيط بالمعلمة سوفيه فوق سريرها الحريرى فى قلب خيمتها  فأسرعت الفتيات الى فتح كل شرفات الخيمة  .

حمل رجلا الاسعاف الجسد الملقى على الارض ووضعاه فوق المحفة لتبدأ رحلة هبوط المائة درجة من السلالم العمودية المؤدية الى اسفل التل حيث تقف سيارة الاسعاف ذات الدفع الرباعى .. تزداد تأوهات سوفيه مع اقتراب جهاز الاشعة على الصدر والبطن وتعود الى صمتها ليسجل الاطباء النتائج التى تخرجها لهم الاجهزة.

تلتقط عينا سوفيه بعض الصور مع كل افاقة لها فترى لهفة فتياتها وخوفهن على مصيرهن اذا مارحلت سوفيه عن الكون وتركتهن بلاسند ، وتعود سوفيه الى الاغماءة لتتأرجح صورة رجلى الاسعاف وهما يحملان المحفة فى رحلة الهبوط حتى اخرج كل منهما لسانه من فرط التعب ثم ارتميا الى جوارها فى السيارة لينطلق السائق بسرعة البرق كى يتم اسعاف السيدة ورجلى الاسعاف اللذين أوشكا على الهلاك .

تبع خمس من فتيات المشغل سيارة الاسعاف وقضين خمسة عشر ساعة فى صحبة سوفيه منذ وصولها الى غرفة الفحص وتنقلا بين غرفة الاقامة وتعليق المحاليل   وغرفة الفحص ليواصل الاطباء تسجيل النتائج التى تسفر عنها الفحوصات .. مازال ضغط الهواء يزيد على جسد سوفيه كل خمسين دقيقة هى ميعاد الفحص الذى يستغرق خمسة عشر دقيقة لتعود بعدها سوفيه الى غرفة الاقامة .

فرغ الاطباء من ثمانى عشر فحصا لم تسفر عن سبب واضح  لسقوط سوفيه فتركها الاطباء بعدما سددت الفتيات ثمن الفحوصات والاقامة فى الغرفة الخاصة    والمحاليل التى مازالت تتدفق الى داخل الجسد الممدد على سريره .

مرت تسع ساعات أخرى لتفتح سوفيه عينيها ويوقفها الفتيات على ماحدث فتقرر سوفيه المغادرة بعد أن أوصاها الاطباء  بالبعد عن الارهاق فى المشغل والاقلاع عن تعليم الفتيات الصبر الذى أدى الى عدم زواجها وكبت اجمالى انفعالاتها على مدى عمرها الطويل مما أدى الى سقوطها المفاجىء .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

============================================================



130

عيون البوم

 

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


عيون البوم

 

تتحول عيون البوم الى كاميرات عالية االحسساسية فتصوّر كل مايعرض لها صغيرا كان أم كبيرا ثم تضعه فى الذاكرة ، وتعاود طيرانها فوق الاحياء والطرقات الضيقة فى دروب الصحراء الوسيعة معتلية تجمعات النخيل الجرداء لتتوحد مع الجريد  الذى تقف عليه، ولاتصدر صوتا حتى لايلتفت اليها أحد ويأخذ حذره 

تقول الجدة حميده بنت الشيخ على : ان البومه نذير شؤم ويجب على من يراها أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر هذه المخلوقات التى يسبطر عليها الشيطان .. نستعيذ بالله العظيم من شر الشيطان الرجيم صغارا كنا أم كبارا وخاصة حين يعلو صوت  نذيرة الشؤم بعد أن تتصيد أخبارها وتسمع مايسره بعضنا أحيانا الى نفسه لتنقله الى عميش فاهيمى الذى دربها على نقل الأخبار لتنال وجبتها المفضلة من الفئران السمينة التى يستأثر هو بها فى مصايده المنتشرة فى كل أنحاء الصحراء الكبرى ، ولاتستطيع بومة غريبة قادمة من الغرب أوالشرق أوالشمال أو الجنوب أن تقترب من فئرانه المحبوسة خلف أسواره المنيعه حتى تقدم فروض الولاء والطاعة لعميش فاهيمى وصيف شيخ قبائل الغجر عليم راجح 

تدير بومة عميش السمراء رأسها فى كل اتجاه تتابع الأخباربآذانها التى تسمع دبيب النمل وحفيف سعب النخيل  المتساقط فى نهاية فصل الخريف وتعود ثانية الى حضن الوصيف الذى يتركها مع أكلها المفضل وينطلق حاملا أخباره الى شيخ القبائل  الذى يبدأ فى التخلص من خصومه الذين عددتهم البومة نذير الشؤم كما تقول الجدة حميده بنت الشيخ على 

يأمر عليم راجح رجاله بالقضاء على شيخ المخفر  طويل اللسان ويحل عميش فاهيمى  محله .. ثم يأمر بالتخلص من مساعد شيخ المخفر يده التى يبطش بها ويعين رجاله بدلا من الخفراء القدامى فيحمل كل رجل شارته الجديده على كتفه 

يجزل عليم راجح العطاء لعميش فاهيمى فيفرح عميش كثيرا ويعود محملا بالعطايا الى حظائر فئرانه التى جلبت له السعد ويزيد من أكل البومة التى تنطلق لتعود محملة بالمزيد من الأخبار فى ثلث الليل الأول ، ولايطيق عميش الانتظار فيسرع الى حضن سيده شيخ القبائل  عليم راجح ليحذره من ابن عمه ذيباوى راجح ، ويسمع رجال ذيباوى التتحذير من خلف الباب فيركب الرجال الخيول التى تسابق الريح قبل أن تصل يد شيخ القبائل الى رقبة ابن عمه فيأمر ذيباوى بقتل عميش فاهيمى. 

تجوع البومة  فتصاب بعدم القدرة على الابصار فتعجز عن نفل الأخبار و تتخبط بين جريد النخيل الكثيف غير قادرة على الاتزان لتسقط ميتة وتتخلص الصحراء الكبرى من البومة نذير الشؤم كما تقول جدتى حميده بنت الشيخ على. 

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


==============================================================



131

فقاقيع


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



فقاقيع

شربت نورين كثيرا من الخمر المعتقة  ودارت رأسها فقطعت وعدا على نفسها بأن لاتجوع أخواتها وأمها ثانية فى واحة معيص ، وستأتى لهن بكل غال من قلب هذه العاصمة الرحيمة بابنائها وقد اصبحت واحدة منهم منذ اربع سنوات مضت .

رفعت الجميلة آخر قطرة من كأسها على الشفتين الورديتين فبادرها الروائى بالتحية وصب لها من زجاجته المليئة كأسا لترد التحية بامالة اهدابها الطويلة لتطبق على بياض مشرب بلون النار و نن عين  ليل عميق ثم تفتحهما على كأسه فتأخذها القطرات المتساقطة الى شجارها الدائم مع زميلاتها فى مدينة المغتربات ومجيئها فى أول يوم دراسى .

كانت الجميلة محط انظار طلاب السنة الاولى .. تطلق شعرها للهواء فيتسابقون للحاق به ، وتود كل صغيرة ان يقتذحم عالمها الجديد بعد سنوات العزلة فى أقاصى الصحراوات  الواسعة .. يشد الروائى آذانه لتلامس شفاه الجميله التى تسترسل : مازلت انتظر الفارس الذى سيخطفنى على حصانه الأبيض وتلحق بى أمى واخواتى الاربع بعيدا عن مضارب الغجر.

لاتترك الفتيات الجميلة حتى للحلم فيفتعلوا الخلافات معها بسبب كشاكيل المحاضرات أو الكتب أوحتى اصبع الروج البنى النادر الوجود فى محلات كثيرة والذى اهدته لها زميلتها هبه الريس عيد فى عيد ميلادها الثامن عشر والذى وافق الشهر الخامس من بداية السنة الدراسية  ، كانت هبه قد اشترته من محل اسفل منزلهم فعنفّها والدها على لونه  لتهديه الى نورين فكان متميزا بين شفاه كل المغتربات ، واستعارته معظمهن  ، وتقاتلن على الاستئثار به .

يفرغ الروائى كأسه الأولى فى جوفه ويصب الثانية لنورين عرفان الزهايرى فتواصل حديثها عن أخواتها الاربع بعد وفاة عرفان الزهايرى  ولد الغجر نجار الواحة الوحيد ودأب زوجته خضره البحيرى على متابعة العمل فى خيمة ورشته الصغيرة لسد احتياجات بناتها الخمس .

تتبقى بعض الفقاعات فى قاع الكأس بعد أن تفرغه نورين فيسب الناقد ويلعن الظروف الصعبة التى ألمت بالحسناء فتتجه اليه عيون نورين .. يملأ الناقد كأس نورين لتواصل : الويل لك ياشعرى كل الويل  .. ان لم تك ردائى  .. ان لم تك سميرى فى الغربة وغربة العذارى الاربع والعجوز المنهكة خضره .

تخرج نورين منديلا ورقيا من حقيبة يدها لتجفف عرق الوجه وتواصل : أتوق الآن الى رؤية سعاد صغرى الأخوات لأصفف شعرها وتتنقل عصفورة مغردة بضحكات شقية لتمسح لون الشقاء من على  سقف وجوانب الخيمة الحزينه .. تجلس سعاد أمام نورين  .. تضفر شعرها .. تستنفذ كل ماحفظت من أغانى طفولية عن خضره الأم  .. تأتى بكتاب الأغانى الذى استعارته من زميلتها ياسمين هنداوى حين دعتها على الغذاء فى منزلهم بحدائق النور كى تلبى شغف سعاد اختها الى الغناء الطفولى .

تطفو الفقاقيع على سطح منتصف الكأس أمام نورين فيواصل الرسام رسم الوجه المنهك ويكمل لها الكأس لتفرغه فى الجوف الملتهب.. يضيف الرسام الى اللوحة وجه اختها ريهام الجميل .. لم تزل فى السنة الثانية من المرحلة الاعدادية بمدرسة الحضر الملاصق لواحة معيص  .. تذوب عشقا فى ابن زين البقال  الذى يصاحبها دوما فى رحلتها اليومية من الواحة  الى الحضر  ذهابا وايابا للدراسة ، وتمل الصغيرة نصائح نورين التى سقطت قبلها فى بحر الحب العميق .

تعددت المستويات فى لوحة الرسام فذاب وجه الجميلة وسط زحام المدينة وتاهت تفاصيل الواحة  ووجه خضره بنت عواد رحوم الغجرى البسيط ، وبناتها الاربع فى قلب ورشة الراحل الغالى عرفان الزهايرى .

تواصل الفقاعات انفجارها فى قاع الكأس فيسخر المحامى من كلمة حق التى يرددها كل من الروائى والناقد والرسام والقاص تعقيبا على رواية نورين ويستعيد ماحدث له اليوم على سبيل الخطأ من ضرب أفضى الى الشرب حين جاء فى اتوبيس الضواحى الى قلب المدينة وكان ينهر بعضا من الشباب الذين ضايقوا سمراء تقف امامهم بين مقاعد الحافلة  فأوسعوه ضربا لولا اعتذاره لهم ماتركته ايديهم الفتية ، وقرر ان يعود فى نفس الاتوبيس الى جحره غير انه فضّل الشرب لينسى .. تلتقى العيون المتلألئه بالدموع فتتحول فقاقيعا فى كأس المحامى والكأس الذى يصبه لنورين .. تحسد نورين اختها رقيه على تماسكها الذى يشبه تماسك المحامى بالنسيان وتماسك ريهام عبد الودود زميلة نورين .. بنت عبد الودود طايل البواب بالمنزل رقم خمسمائة بالشارع الطويل وتظل ريهام على عهدها فى الحصول على التقدير الجيد المرتفع كل عام لتزغرد امها وسط زحام اخوتها السبعة وعبد الودود فى حجرتهم اسفل سلم العقار الذى يعمل به عبد الودود .

تعلو الفقاعات فى قلب كأس القاص المحب للتكثيف والايجاز فيبادر نورين بالكأس تلو الكأس كى يتمكن من اصطياد قصته القصيرة من بين شفاه الجميلة ، وكم عشقت نورين هذا السلوك حتى تتقلص الآمها على صفحة من ورق ليصبح قصيدة تنشرها فى صحيفة وتنتظر المقابل الذى يعينها على الاقامة فى المدينة .

عشقت شاهيناز اختها عباس الرحمانى تاجر المواشى وتوقفت عن الدراسة المتوسطة  كى تنجب له البنين الذين سيساعدونه فى تجارته وتساعد امها خضره واخواتها سعاد وريهام ورقيه .. تزيح نورين صورة شاهيناز لتستدعى آخرا من عشّاق شعرها زميلها مسعود فقيرى الذى ترك الجامعة فى السنة الثالثة ليعمل مع والده فقيرى النن السمسار .

يحار القاص فى عوالم نورين عرفان الزهايرى كما يحار كل الجالسين على مائدة الفقاقيع التى تنتشر فى الفضاء مع كل زجاجة تعانق كأسا ، وينسى الجميع قصة الجميلة بعد المغادرة الى المنازل حتى لو اصطحب أحدهم نورين لتبيت لديه لليلة بعدما أغلق بيت المغتربات بابه فى وجهها فى انتظار العثور على وظيفة تعينها على مساعدة امها واخواتها .

توغل نورين فى ادمان الفقاقيع وتقف حائلا بين اخواتها والفقاقيع فتواصل خضره تربية بقية البنات .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


==============================================================



السبت، 23 مارس 2024

 ابناء الريح

122

الخلاء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


الخلاء


يطارد خفراء  الشيخ خيران نفير أخطر لص خيام  فى الصحراء الكبرى تامة .. قالت امرأة : لقد رأيته خلف هذه الخيمة ، فأسرع الخفر الى قلب الخيمة حتى خروجهم من الناحية الخلفية .. فتشوا عنه فى حظيرة الدواجن .. حظيرة الماعز والخراف .. حظائر الابل والمواشى ولم يجدوا له أثرا .. نظر الخفراء الى موضع المرأة مصدر الخبر ليتأكدوا من رؤيتها للص بام عينيها  فوجدوها قد اختفت لتخرج واحدة أخرى من الخيمة  المجاور وتشير الى الخيمة  المواجهة لعيون الخفر  وتؤكد رؤيتها للص الذى يحمل سيفا طويلا ، وكانت قرينة الخفر  فأسرعوا هرولة ليبدأوا رحلة تفتيش الخيمة المواجهة بعد القاء النظر على مداخل ومخارج الدرب  وتأكدوا ثانية من المرأة التى مازالت تطل من باب الخيمة لينطلقوا يفتشون فى الخيمة الاولى والثانية والثالثة والرابعة  حتى يصلوا الى آخر خيمة بالدرب ، ويضع كل منهم اصبعه على بارودته  فى وجه السيف الكبير الذى يحمله ريكوا  الزناتى الغجرى أعتى لصوص الخيام  والذى قتل أخلص اصدقائه بشله أبو أصبع .

ثبتت الأقدام فى أماكنها ترقبا للحظة القاء القبض .. سمعت الحملة أصوات دقات القلوب وحفيف الورق على رمال الصحراء  وأصوات الأوز والبط الذى لم ينم بعد فى ليل الشتاء الطويل .

تحرك قائد الخفر بسرعة البرق شاهرا بارودته  فى وجه اللص القاتل الذى لم يكن له وجود بالدرب .. تابع الخفر  قائدهم  فى البحث عن اللص الذى لم يدل   شىء على دخوله اى من الخيام ..

أعادت الخفر النظر الى المرأة الثانية دليل الحملة فلم يجدونها لتخرج كل النساء من ابواب خيامهن المقابلة لتؤكد كل واحدة أنها رات ريكوا بسيفه  الشهير يقفز على قمم الخيام فحار الخفر وقائدهم ليرسموا علامات الاستفهام والتعجب على وجوههم . .

خرج ريكوا فجأة من باب أحدى  الخيام  يسابق الريح لتقع عينا قائد الحملة عليه وهو شاهرا سيفه  فى وجه أحد الخفراء الأعزل فى الدرب  ، وقد اختفت كل نساء الخيام  فأطلق خيران نفير قائد الخفر مقذوفات بارودته على ريكوا أشهر لصوص الخيام  وقاتل صديقه ليرديه قتيلا بمقذوف من مكانه بعد ان حدد الهدف اسفل منتصف سن الدبانه فى قلب الخلاء .

 .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


============================================================

123

الصاروخ



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



تغزل جدتى هانم رزق الله فتيل الصاروخ من شريطين قديمين ، تلفهما حول بعضهما البعض بعناية واحكام .. تنهرنى عن اللعب بعيدا عن الخيمة حتى لايخطفنى القشيرى الغجرى عدو الشمس اذا ماارتطم جسده القوى بجسدى الضعيف فيحملنى بعيدا بعيدا .. أتوجس خيفة من رؤية الرجل الذى يفتح عينيه بصعوبة فى وضح النهار ويرى بسهولة فى ظلام الليل .. تتعثر قدماى ولاتقوى على البعد عن حضن جدتى .

تجلسنى الجدة على قدمها ، وتلف الفتيل بأصابع يديها على القدم الأخرى فتقل نسبة الوبر البارزة من الشريطين القديمين .. تمد اليد فتمسك باناء الكيروسين وتسقط الفتيل داخله ممسكة بالطرف كى يسهل مروره فى بلبلة الصاروخ .

أتململ فى جلستى المريحة فتناولنى الجدة قطعة من العسلية لأعود الى استكانتى ، وأتفرس فى وجوه الخارجين والداخلين الى الدرب الطويل من خلال باب الخيمة المفتوح والذى تسده جدتى بجسدها وهى جالسة تعدد : رحت اللحود وقلت ياسدّاد أوعى تتكلنى على الأولاد

رحت اللحود وقلت ياسبعى واوعى تتكلنى على ولدى

تسيل دموع جدتى فأسرع الى مسحها بيدى الصغيرة بعد وفاة جدى وسفر خالى الى الحضر للعمل فيها مع ابن عم أبيه .

تحاول الجدة هانم مد اليد بطولها لتمسك الصاروخ وتضع الفتيل بداخله قبل أن يأتى الليل فلاتستطيع .. أهرول الى الركن وأحضره لها فتربت بيدها على ظهرى وأعود الى مكانى على قدمها حتى لاتغضب منى فتعيدنى الى أمى وأبى وأخوتى العشره .

تضع الجدة الكيروسين فى قلب الصاروخ ، وتبدأ فى ادخال الفتيل فلاتقوى اليد المرتعشه لتواصل عديدها :

ياعمود بيتى والعمود هدوه ياهل ترى فى بيت مين نصبوه ؟

ياعمود بيتى والعمود رخام ياهل ترى فى بيت مين اتقام ؟

تتساقط دموع جدتى مختلطة بالكيروسين الذى يلف فى دوائر أرى من خلالها خالى قادما من بلاد الحضر  البعيده لتكف جدتى عن البكاء على جدى فلايأتى ، وأقبل يدها فتحتضننى مع رحيل الشمس الحمراء تشد وراءها الأسود المخيف .. أدفن رأسى فى صدر جدتى هربا من عيون القشيرى الغجرى التى ترى فى الظلام فتشعل هانم بنت رزق الله الصاروخ .. أفتح العينين حتى تطمئن جدتى الى نومى لتطفىء الصاروخ فلانحترق وتبدأ أحلامى الليليه

 .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com





===========================

----------------------------------------------------------------



124

جليسة خاصة جدا



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات



والمخدرات


أعلن رايب فحلاوى عن حاجته الماسة والشديدة الى جليسة خاصة جدا تؤتمن على أسراره الحياتية عائلية وشخصية ان لزم الأمر .. أعطى رايب مواصفات الفتاة الى غلمانه الكثيرين ، وحملها الغلمان لينطلقوا فى مختلف الشعاب والخيم المنتشرة عبر الصحراوات الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى .. يفتشون عن بغية العجوز الذى أوشك أن يفارق الحياة .

مازال الرجل ملازما خيمته الوسيعة بغرب الجسر الذى يتوسط المسافة بين البادية الكبيرة والحضر الصغير .. يضع فحلاوى صورة فتاته التى جسدها له فى لوحة غلامه الموهوب فى فن الرسم فجاءت كما كان يتخيلها طوال الثمانين عاما الماضية .. عينان سوداوان .. شعر ليلى غزير ولون بشرة بطعم حليب ناقة أمه التى تربى عليها مع اخوته الراحلين والباقين على قيد الحياة حتى سن الفطام ومابعدها .

يقبل الرجل العجوز قدمى فتاته فى نسخ الصورة المكررة  والمعلقة على كل جدران االخيمة .. عاد الغلمان بعد شهر من الترحال على ظهور النوق البيضاء الفتية وقد جاءوا بمائة من الفتيات الشديدى البياض الملون بحمرة الدم المتدفق من الوجنات  .. لوّن الغلمان شعور فتياتهن المائة بلون الليل ، وارتدين العدسات السوداء اللاصقة .

اصطف طابور الفتيات أمام خيمة المسن وخرج مستندا على كتفى أحب غلمانه والمقربين دائما الى قلبه العليل .. فتح الرجل عيونه المغلقة وأرسل نظره الضعيف يتفرس بشرات المائة صغيرة فصدمته حمرة الوجنات ليسقط من بين كتفى غلاميه العاشقين .. يكره العجوز لون الدم الذى أراقه  اولاد غجر الجسر قطاع الطرق وهو ابن الخامسة من عمره دم ابيه وامه بعدما نال منهما غلاظ القلوب من الغجر .

لعن الرجل آباء غلمانه الاشقياء الذين يتسببون فى نكوصه الدائم الى الخلف حتى جعلوه غير قادر على الحركة لاصابته بالشلل المؤقت .. تجمع الغلمان وحملوا سيدهم فوق الاعناق وأدخلوه الى قلب الخيمة .

سالت دموع العجوز بعد اكتشافه زيف ليل شعر الصغيرات لعدم جفاف الصبغة السوداء التى تركت بعضا من الشعر الذهبى الذى يكرهه والذى كان يجرى خلفه الغجر وراء كل القوافل التى تحمله نساؤها مستعارا زينة على صدورهن وآذانهن وأنوفهن ، والذى تسبب فى مقتل امه وابيه وبعض من أخواته البنات الصغيره .

أمر رايب فحلاوى صرف المائة فتاة بعد أن عوّض كل واحدة منهن عن الوقت الذى استغرق الشهر منذ التقطها غلمانه من الاسواق حتى عودتهن الى الاماكن نفسها .. يعود رايب فحلاوى الى حزنه الدائم ووحدته الموحشة .. يحاول غلاماه المقربان والغلام الرسام االتسرية عن سيدهم ومسح دموعه المتدفقة فلايفلحون .. يعيد الرسام الكرّة فيرسم نسرا ضخما يملأ سماء اللوحة وينقض على الملاعين من الغجر الذين يمقتهم العجوز ويلتهمهم النسر الاسطورى والذى يشبه فى ملامح الوجه وجه رايب فحلاوى رمز الفحولة فى البادية الكبيرة والحضر الصغير  .. يعيد الرسام الرجل العجوز الى ماضيه البعيد حيث كان يتفنن فى الايقاع بفتيات الغجر ليقتلهن ثأرا لابيه وأمه وأخواته الصغيرات .

يقتننص الغلامان الفرصة التى أوقعه فيها الرسام ويأخذان فى القاء الفكاهات التى لم تفلح فى اعادة نظرة الرضا عنهما كما تعودا من سيدهما .. أشار رايب فحلاوى الى صغيريه الغلامين المحببين اليه بالكف عن المحاولة وفتح النافذة المجاورة له فى الخيمة فنفذا الامر فى أقل من لحظة ليشخص بصره باحثا عن جليسته الخاصة جدا والتى تشبه الى حد كبير امه الحبيبة .. ثبت نظر رايب على الفضاء العالى حيث التقت روحه بروح احبائه وتوقفت أنفاسه .. أغمض الغلمان عيون عجوزهم الحبيب وأخذوا فى التجهيز لمراسم دفنه فى مقبرة العائلة الخاصة ، ولعنوا سائر الغلمان الذين قصّروا فى تحقيق حلم سيدهم فى ان يعثر على جليسته الخاصة جدا قبل أن يرحل .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


=====================================================


125

رمال القطران


من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


رمال القطران


تتلون بقعة من بقاع جنوب الصحراء الصغرى بالقطران فلاتعيرها الجده هنيه اى اهتمام .. تجلس امام موقدها خلف خيمتها بالرحبة وحولها صغار الحى فى انتظار طاجن ثريد لكل صغير تركته امه منطلقة الى الحضر المجاور بحثا عن الرزق ، كما تركت زوجها نائما فى خيمته سنة اولاد الغجر  واذا مااستيقظوا اشعلوا نيران شرب الدخان المغموس فى العسل الاسود ليعودوا الى النوم ثانية حتى عودة  زوجاتهم من الحضر .

تبرع الجده هنيه فى اصطياد حيوان برى كل يوم يسقط فى واحد من شباكه التى تنصبها مغطاة بحنكة خمسة وسبعين عام بالرمال والعشب .

يسقط عادة فى شباك الجدة ارنب برى ، ثعلب ، ذئب ، فئران صحارى أوحتى نمر فتسرع الجدة الى ذبحه وسلخه وتسويته يساعدها فى عملها اليومى كل صغار الحى ليتناولوا وجبتهم الرئيسية قبل نومهم وعودة امهاتهم .

ينصرف بعض الصغار الى اللعب بعيدا عن نيران موقد الجدة حتى تفرغ من تسوية لحم صيد اليوم فتنزلق اقدامهم فى قلب رمال القطران تحمل رائحة وقود كلوبات الخيام فتطفوا على جلابيبهم .. يوشك الصغار على الاختناق .. تسرع الجدة متوكئة على عصاها .. تصب الماء على رؤوس الصغارقبل ان يلفظوا انفاسهم الاخيرة ، وتعيدهم الى الجلوس حولها بعد ان تنهرهم عن الاقتراب من حافة بقعة رمال القطران والتى قد تبتلعهم  لشدة لزوجتها .

 تزيد الجدة هنيه من اشعال نيران موقدها فيمسك عوف ولد سندس ومهران الرخ عودا من الحطب المشتعل ويلعب مع عباد ولد زين وبهجيه الذى بشهر فى وجهه  بدوره عودا آخر مشتعلا ، ويقتربان اكثر فاكثر من دائرة بقعة رمال القطران ، وحين يسقط من يده عود الحطب المشتعل تضطرم النيران فى بقعة رمال القطران لتمتد ألسنتها تحرق الخيام وتشوى الرجال النائمين داخلها .

تتثاقل اقدام الجده هنية .. تنغرس فى الرمال .. يقتلعها الصغار بعيدا عن النيران التى تأكل كل مايقابلها .. يهرولون حتى منحدر الصحراء عند عين الماء الوحيدة بالمنطقة وقد أتت النيران على وجبتهم الرئيسية التى استغرقت عمل يوم كامل للجدة مع الصغار .

تعود نساء الغجر  من رحلتهن اليومية الى الحضر.. تلملمن ماتبقى من خيامهن والرجال المشوية جلودهم .. الصغار والجده هنيه .. يحملن ماتبقى على ظهور الابل .. يبحثن عن حى جديد مخافة ان يبتلعهم القطران المتدفق بغزارة من البقعة الآخذة فى الاتساع كل لحظة حتى صبغ مساحات كبيرة من الصحراء الصغرى فاختفى حى رحيل الغنمى الغجرى  لتسمى المنطقة بعد بواحة رمال القطران.


   قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@gmail.com


==============================================================


126

زغلولى

من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


زغلولى


يرقص لطيف زغلولى على أنغام فرقته المحدوده مجسدا العديد من الشخصيات التى يألفها الصغار فيضحكون كثيرا حتى يقعون على ظهورهم ، ويرددون من الأعماق زغلولى .. زغلولى ، ليمنحهم المزيد من الحكايات .

تعلم لطيف فن التهريج على يدى مراد فيّاض أشهر مهرج شهدته الصحراوات الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى طوال فترة حكم الغجر وبالتحديد منذ اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى جاء ت الحرب العالمية الثانية ..

يواصل لطيف لصق لوحاته التمثيلية ببعضها البعض ، ويلون صوته بأصوات ممثلينه فيقهقه الصغار .. تمكن لطيف من زحزحة استاذه مراد فياض بعد عودته من رحلته السرية من أعالى الجبال ليأتى بأكياس الكوكايين ويدسها فى صندوق مراد ويبلغ المخفر عنه فيتم القبض عليه .

تسلل لطيف زغلولى الى قلب سلمى شمعولى  زوجة مراد وأصبح رجلها الوحيد الذى يدير لها شئون صندوق خيال الظل الذى تملكه فنسيت سلمى زوجها الذى رحل هادئا فى المحبس  بعد رحلة طويلة مع المرض ، وقويت شوكة لطيف. .

يمسك لطيف بطرطوره الملون ويثبته فوق رأسه ليتركه يرقص بعد ذلك عن طريق خيط ثبته فى ظهره فيقلده الصغار .

يبيع لطيف كل ماترك معلمه مراد دون علم أرملته سلمى شمعولى فتسقط لتلحق بزوجها ويبيع زغلولى الصندوق  لنفسه ، ويتزوج بروز بنت مراد التى تعجب بسلام حماد الفتى الريفى الذى يذكرها بشباب زوجها فتعشقه حين يتقرب من زغلولى ليتعلم منه الكثير حتى يتفوق عليه فتلد روز ابنتها مى .

يرقص لطيف ويغنى ويندس بين الأطفال ليشاركوه اللهو فيزيد الطلب عليه فى كل خيام كبار القبائل ، ويردد الصغار اسم زغلولى بين جنبات الخيام .

تفرغ روز كيس زغلولى على عشق سلام الذى يفرط فى اعطائها جرعات منتظمه من الكوكايين حتى تدمنه .. ترتدى مى بنت روز وزغلولى رداء المهرج الصغير لتساعد أبيها الذى قلّت حركته فيزيد ضحك الصغار وينشرح قلب لطيف بقدرات صغيرته فيحتضنها .

تقبل روز قدمىّ سلاّم كى يمنحها شمة كوكايين من حافظته الممتلئة فيشترط حصوله على توقيع زغلولى على عقد بيع صندوق الخيال  وهو نائم فتقبل .

تتأكد روز من نوم زوجها لطيف وابنتها مى فتتصل بسلام الذى يجىء حاملا عقده وعلبة الكوكايين ثمنا للصندوق  .. تتناول روز يد زوجها وتضع القلم بين أصابعه فيوقع ، ومع الشمة الأولى يعلو صوت عطسها فتستيقظ مى ولطيف ليفاجئآن بسلام ممسكا عقد شراء الصندوق  مقابل قليل من الكوكايين التى تسحب روز منها المزيد حتى تفرغ فتجحظ عيناها مع آخر شمه .

ينهى لطيف عرضه مع ابنته فيغادر خيمة زيدون عمرين شيخ مشايخ الصحراء الوسطى تاركا خمسا من الراقصات اللاتى كن يعملن معه وفضلن البقاء معه بعيدا عن سلام حماد .. يسب لطيف رحلته السرية فى ليلة رأس السنة التى تسببت فى وصوله الى هذه الحاله .

يمسح زغلولى الأصباغ من على وجه ابنته ووجهه مارا بخيمة صندوق خيال  مراد فياض الذى تم تغييرملكيته  الى سلام حماد بعدما حمل اسم لطيف زغلولى لفترة طويله ، ومازال اسمه يردده الصغار حتى الآن. .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

===========================================================