عطفة عابد عبده موسى
يستيقظ عابد عرفه من نومه كل يوم قبل آذان الفجر بساعة واحدة .. يوقد المصباح ويرتدى قبقابه الذى يأخذ فى تزايد وعلو ايقاعه كلما اقترب من الحمام .. يخاصم النوم عينى عبده حنين لملاصقة غرفة نومه لحمام عابد عرفه .. يفرك عينيه ويحاول العودة الى النوم فلايفلح .. يجلس على كنبته الملاصقة لكنبة زوجته وسرير اولاده الجريدى الخمسة فى بيته .. المندرة الكبيرة بمنافعها والمدخل الكبير والذى بناه منذ ثلاثين عاما على الثمانين مترا التى اشتراها حنين يونان منذ أكثر من خمسين عاما اثناء تقسيم العطفة فى الارض الفضاء قبلى البلد .. يواصل اولاده الخمسة رحلة الاستيقاظ اليومية مع امهم التى تحمل الجرة وتبدأ فى ملئها من الترعة المجاورة ، وتضعها الى جوار حوض الاربعة عجول بقرى وجاموسى المجاور لجدار منزلهم وتأخذ فى نزح ماء البارحة، وتصب ماء الجرة الجديد فتسرى ماء الحياة فى عيون العجول الاربعة ، ويتناوب الاولاد الخمسة تنظيف حوض العليق وازالة الروث من تحت ارجل العجول فيكتمل انتصاب اجساد العجول امام حوضى مشربهم ومأكلهم .. يضع اثنان من الاولاد العليق الجديد ،ويعبىء الثلاثة الروث فى الانية الصاج المتسعة تهيئة لنقلها الى المكان المخصص على الترعة المواجهة لمنزلهم حتى تتمكن امهم من صنع أقراص الجلة التى تبيعها وقودا للأفران المجاور ة .
يواصل عابد عرفه سيره الى الحمام مزيدا من طرقعة قبقابه فى مزله الدور واحد على أربعمائة متر ورث ابيه عرفه جميل الناياتى صاحب اشهر فرقة مزمار عرفها كفر الربايع والكفور المجاورة .. اصبح عابد وحيدا منذ سقط منة فوق ظهر حماره فى الطريق الى السوق ليبيع جوالين من القمح ، واصيب فى ظهره ،
وهربت زوجته فى صحبة ابنتيها الصغيرتين واختفاء عوضين على جساس بهايم الكفر منذ تاريخه الذى يعود الى عشرين سنة لتأكدها من عجزه ، ولم يأت عنها او عن ابنتيها اى خبر منذ ذلك اليوم ، وقد اقلع عابد بعدها عن الزراعة مكتفيا بتأجير الخمسة فدادين لصابر طبلاوى ليصرف من الايجارة طوال العام .
يلعن موسى شحيد ابا عبده حنين وخوار عجوله الذى يصم آذانه طوال الليل حتى يوقظه قبيل آذان فجر كل يوم عقب عودته من بوظته ، وتوصيل زبائنه كل الى بيته لعدم قدرتهم على السير .. تهدىء رئيل من ثورة موسى خوفا من تكتل عبده واولاده الخمسة وزوجته عليهما واوساعهما ضربا حتى يفض عابد عرفه الاشتباك ، ويصلح بينهم يوما بعد يوم .. تتمكن رحيل من رد موسى عن مواصلة سبه وتهدهده فيبدأ فى نومه الذى يخرجه منه على فترات متقطعة قبقاب عابد عرفه فى طريقه الى الحمام للوضوء .
ينتظر عتريس ولد دهبيه الدايه لحظة خروج عبده يونان الى محل احذيته وانشغال اولاده بعليق العجول والام بملىء الجره من ماء الترعة ، وسكون موسى وزوجته رئيل فى بيتهما الثمانين مترا المجاور لجدار منزل عابد الايسر .
يظل عتريس يرقب الموقف عن بعد حتى يتم اختفاء خيال عابد فى المنعطف اثناء رحلته اليومية الى المسجد لصلاة الفحر ونوم كل سكان بيوت العطفة الآخرين .
يسرع عتريس الى فك وثاق العجل الجاموسى الكبير من بين الاربعة فيرتطم جسده بجسد العجل الذى يرتطم بدوره بأجساد العجول الاخرى فيعلو وار الاربعة ليعيد عابد عرفه من المنعطف .. يتبين مايحدث ، وتخرج رئيل يتبعها موسى الذى يستيقظ للمرة الخامسة فى أقل من نصف الساعة يسب آباء عبده يونان الى آخر جد فتتوجس رئيل خيفة من آلام ركلات ابناء عبده الخمسة وامهم وابوهم الى جسديهما النحيلين .
يتصدر عبده مدخل الباب فيزيحه ابناؤه الخمسة ، وتنزل الام الجرة مهرولة الى عجولها التى ستأخذ طريقها الى السوق بعد الاسبوع السادس والعشرين من العلافة .
يحاصر الجميع جسد عتريس ولد دهبيه الدايه المرتطم بجسد العجل الجاموسى الكبير .. يستيقظ كل من بالعطفة وينطلقون للمشاركة فى ضرب عتريس الذى يقسم بأغلظ الايمان ان لايعود الى فعلته هذه مرة ثانية حتى ينجو من ايدى خفراء نقطة الكفر فيعف الجميع عنه بعد ضرب مبرح ويعود كل الى مكانه فى عطفة عابد عبده موسى التى سميت باسم اول ثلاثة سكنوها من ثلاثين عاما .
قصة قصيره
بقلم محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين بالتفزليون المصرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق