الأحد، 18 يوليو 2021

 عوالم الغجر



167


الفئران الصفراء



من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



الفئران الصفراء


يمضغ صابر ولد عوضين الريسينى لحم الارنب بشهية لم يعهدها من قبل .. يبلع الملوخيه  بالملعقة الكبيرة التى طلبها من صاحب مطعم محطة حضر روايح الشهير.

سيسلم صابر عوضين الريسينى  نفسه الى سجن حضر روايح فى تمام التاسعة صباحا عقب تخرجه فى الجامعة الام بالصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى  .. أقام صابر مع ابيه  عوضين الريسينى  بمنطقة شون الجلد  بالحضر المتاخم لتل غجر زبيبه موطن الميلاد منذ ثلاثين عاما بجوار المدابغ لتزوج الاب  من عروسه رسميه الممشش بنت الغجر لضيق ذات اليد ، وعدم رواج عمله الافى الاضاحى حيث تكثر الجلود فيدبغها ويبيعها فى اسواق الحواضر لتجار الاحذية والحقائب ، وحين تخرج الابن فى الجامعة سيطرت عليه روح الشهامة فتصدى لثلاثة شباب من زملائه حاولوا الاعتداء على زميلته هنيه بنت جارهم الاستاذ مصلح زين الذى حبب اليه اللغة الانجليزيه فى مدرسة عائشة درغيم للتعليم المتوسط  ومنذ ذلك الوقت ارتبط بابنته حبا ليزاملها فى الجامعة وتنمو علاقتهما.

اسفر الاشتباك بين صابر عوضين والثلاثة من زملائه الاشقياء على شروع صابر فى قتل الثلاثة لمهارة محامى الشباب الثلاثة وعدم قدرة عوضين الريسينى على توكيل محامى للدفاع عن ابنه فرق قلب القاضى لحاله وحكم عليه بستة اشهر يقضيها فور تخرجه فى الجامعة .

اتجه صابر عوضين الى  تجمع سيارات السجن التابع لها محل الميلاد .

يمتلىء مطعم محطة حضر روايح  الشهير بالوافدين من كل دروب الصحراوات الثلاث انتظارا للسيارات التى ستقلهم الى تنفيذ الاحكام  حسب مكان الميلاد  يتناولون الملوخية بالارانب والاسماك المشوية والمقليه .

مازال صابر عوضين الريسينى يواصل اكله حتى يقترب ميعاد قدوم السيارات .

يتجه صابر الى المقهى المجاور .. يطلب شايا .. يطيل النظر تجاه الغرب حيث تل غجر زبيبه مسقط رأس ابيه وامه رسميه الممشش مزين التل والتى لم يرها صابر مرة واحدة طوال الاثنين والعشرين عاما منذ ولادته غير انه حفظ معالمها عن ظهر قلب من كلام ابيه وامه واقاربه حين يأتون اليهم فى المدابغ بجوار شون الجلود  فى غرفتهم فى الشقة الشرك مع عائلات  اخرى .

سيتوقف صابر عن مساعدة ابيه فى مصروف البيت ليتكفل عوضين الريس بالزوجة والابناء الخمسة طوال الستة شهور ، وسيخلفه فى المساعدة اخوه عيد حين ينهى دراسته الاساسية هذا العام.

عمل صابر مع ابيه فى دباغة الجلود فى سن العاشرة ، وتنقل بين اكثر من مهنة ليلبى احتياجات اسرته وتكفل بالصرف على نفسه حتى تخرج فى الجامعة .

مازال صابر منتظرا قدوم سيارة تنفيذ الاحكام  .. يواصل شربه الشاى حتى أسر له عامل المقهى فى أذنه بعدم الاقتراب من مطعم الاسماك والارانب بالملوخية الشهير لأنه كان يعمل به وفصله صاحب المطعم حين تبين حقيقة الارانب المذبوحة ففى حقيقتها ارانب صفراء يصطادها عماله من رمال تل غجر زبيبه .

يضع صابر سبابته اليمنى فى بلعومه طاردا كل مافى جوفه من طعام وشراب ، ويتناقل زبائن المقهى سبب ماحدث لصابر حتى يصل الى المطعم الذى تمتلىء ارضيته بترجيع الزبائن يرسم لوحات من الاخضر والاحمر والاسود والاصفر الفاتح الذى يعود الى لون فئران تل غجر زبيبه الصفراء ،  والاصفرالقاتم الذى يعود الى لون قشر الباذنجان الابيض المحروق بالزيت.

تواصل سيارات الاسعاف حمل المغمى عليم الى المشفى ويواصل صابر ولد عوضين الريسينى السير الى سيارة تنفيذ الاحكام مقررا الاقلاع عن الطعام والشراب حتى يتم ترحيله ، وعدل عن زيارة تل غجر زبيبه موطن ميلاده مصدر فئران الصحراء الصفراء.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق