الأحد، 18 يوليو 2021

 


عوالم الغجر

163

 

رحيل الشتاء


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


رحيل الشتاء

 

عزّ على الشتاء أن يرحل دون أن يلقى بتحيات الوداع الى أبناء عبيد الأسمر أبو الرجال الغجرى  جنوب تل رجيله  ..جاء الشتاء هذا العام على غير عادته محملا بالجليد المهاجر من بلاد الشمال البعيد فاحتمى ابناء غجر العبيديه بالمخابىء  القديمه التى صنعها أجدادهم مكانا للاختباء من الوحوش الضوارى  حتى غطتها الرمال ، وأقام الابناء والاحفاد من الاجيال الاولى  خيامهم  الجديده فوقها ، ولم تتركهم الرطوبة حين يفروا الى المخابىء  القديمة جدا والغير معروف تاريخ انشائها الذى لم يدونه أحد فلم يهتم واحد من المؤرخين القدامى بالوقائع والأحداث التى شهدتها هذه المنطقة قديما من انتصارات لعبيد الأسمر أبو الرجال الغجرى على خصمه العنيد عبادى حنين أبو البنات حتى تم التوفيق بينهم وتصاهرا فزّوج عبيد ابنائه من بنات عبادى ، ونسى التاريخ اسم أبو البنات وحمل الأحفاد لقب ابوالرجال عبيد الأسمر القادم من جنوب الصحراء الصغرى  بعد أن أحرقت اشعة الشمس بشرته ، وكان فى صحبته ابن عمه الشقيق عبادى حنين الذى تزوج بنجيبه الحمايمى وانجبت له ثلاث بنات ، كما انجبت له زوجاته الأربعة بعد ذلك عشر بنات أخريات وفرقت النساء بين عبادى وعبيد الأسمر حتى اشتد الخصام بينهما 

قدّم عبادى بعد الصلح بناته زوجاتا لابناء عبيد ، ومرت السنون لتتوحد العائلتان فتصبح واحدة تحمل لقب ابو الرجال وصارت أصل التل  الذى  جاءه الغرباء كثيرا ثم استقروا بأهلهم فى مساكنهم الجديده التى بنوها من الحجارة والطوب المحروق فى الجهة الشمالية من تل العبيديه وبنوا الأسوار التى تفصل بين الشمال والجنوب خوفا من الأشقياء من اولاد عبيد الأسمر ابوالرجال الذين اشتهروا بقطع الطريق فى هذه المنطقة وتجريدهم للمارة مما يملكون 

بدأ السور يتضاءل وأشرك الغرباء ابناء العبيديه فى تجارتهم فتحولوا عن قطع الطرق وتزوجوا من بنات الغرباء، وبنوا مساكنهم الجديده فى الجهة الشرقية أما الجهة الغربية فمازالت ممتلئة بالمقابر المطلة على الصحراء الكبرى منذ دفن عبيد ابوالرجال الأسمر وابن عمه عبادى وقد بنوها بالأحجار لتقاوم مياه السيول الدائمة التدفق طوال فصل الشتاء كل عام.. تتماسك بيوت العبيدية المبنية بالطوب اللبن فيهدم السيل نصفها ليقضى ابناء العبيدية شهرا كاملا كل سنة فى اعادة البناء منذ تخليهم عن الخيام منازل آبائهم ، غير أن السيول فى هذا العام كانت قاسية عنيده ، ومع رحيل فصل الشتاء بدأت بحور السماء تفتح سدودها وتسوى مائتين من بيوت العبيديه الطينية بالأرض فيفر كبار السن والصغار الى الجهة الشرقية المبنية بالطوب المحروق والحجارة حتى يحمل الشتاء آخر حقائبه ويرحل.


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


================================================


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق