الاثنين، 16 ديسمبر 2019

التوكسافينى
يستدرج عزت عزيزالتوكسافينى أمين مخزن المبيدات بالشونه الى الخارج مفتعلا مشاجرة مع خفير المخزن فيخرج عرفان عوف مسرعا ليخلص الخفير مخيمر من بين يدى عزت الذى سيوسعه ضربا مدعيا ان الخفير ألقى عليه كناسة المخزن فاتسخ جلبابه الوحيد الذى يملكه ... قصة لايمل عزت عزيز من تكرارها يوميا ، وينسى كل يوم ضربه لمخيمر الخن أمس واول امس وكل امس .
يتسلل غراب حموده من خلف امين المخزن .. يحمل كرتونة التوكسافين ، ويخرج بحيث لايراه سوى شريكه عزت عزيز ، وحين يطمئن على خروجه ينهى الشجار مع مخيمر قابلا اعتذار عرفان عوف ، ويمضى فى طريقه ليلتقى بغراب فى مخزن الشونة القديم المهجور، الملاصق لزاوية قرية الحميدان المطله على الفرع الابراهيمى من النهر .
يبدأ عزت فى خلط المحلول وتخفيفه  الى الحد الذى يراه مناسبا كى يتم استخدامه كمبيد للبق والحشرات الزاحفة والطائرة التى انتشرت على ربوع اسرة القرية الجريد ، ولن يغادرها الابالمحلول الذى يحضره عزت عزيز من نسبة تخفيف المحلول وخلطه بالماء والجاز وبقايا زيوت مواتير المياه  حتى يتمكن الصغار بالقرية من شمه ليذهب بهم الى خيال الخيال .
يشم عيد الاشرم الشمة الاولى يتبعه خليفه القشيرى ثم عبد المنعم الرعاش فعشرة وعشرين وثلاثين حتى يبلغ العدد مائة فى ليل قرية حميدان .
يتصاعد النفاذ من أنوف الصغار الى الادمغة وتغلى الاجسدة فى الشتاء القارس ... ينعدم احساسهم بالبرودة .. يلقون بأنفسهم فى قلب الفرع الابراهيمى ليخفف النهر من غليان اجسادهم .
يدغدغ النهر اجساد الصغار فيمرحون حتى الساعات الاولى من صباح اليوم التالى .
تستقطب دوامات النهر الغاضب خمسة وعشرين صغيرا .. يظل الصغار يلفون فى دوائر الدوامات حتى لايستطيعون المقاومة فيستسلمون للماء يخترق اجوافهم حتى تمتلئ ويكف النفس عن الدخول والخروج .
يخرج من النهر خمسة وسبعون صغيرا يعودون الى منازلهم، ويظل اهالى الخمسة والعشرين الاخرين يبحثون عنهم فى كل مكان حتى يعثروا عليهم جثثا طافية على وجه الفرع الابراهيمى بعد ايام.
يوال عزت عزيز مروره على مخزن مبيدات شونة التسليف ويتشاجر مع الخفير مخيمر الخن ، ويفض عرفان عوف الاشتباك اليومى ويعتذر ، ويقبل عزت الاعتذار ، ويمضى بعد ان يحمل غراب حموده حصة التوكسافين المسروقة ويمضيان الى مخزن الشونة القديم المهجور الملاصق لزاوية قرية الحميدان ليبيع مبيد البق والحشرات الزاحفة والطائرة ويهب الصغار شم خيال الخيال كى يسبحوا فى الفرع الابراهيمى ، ويعانق النهر خمسة وعشرين صغيرا تطفوا جثثهم على وجهه بعد ايام.

قصة قصيره ل : محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق