الاثنين، 4 ديسمبر 2017


65 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

ليلة الحضره
يأتى مساء الخميس من كل أسبوع فينطلق البخور من حاصل بيت عليوه الحاج أحمد الزمزمى ايذانا بقدوم سيدنا الخضر ليقيم حضرته الأسبوعية فى ليلة الجمعه .
تغمض الجده هنومه بعد أن تتأكد من تغطية اولادها شحاته ومحمد وهاشم وزاخره ولايشاورها العقل فى أن تبرح مكانها لتتجه ناحية الحاصل الذى تقام فيه الحضره وتترك الجد عليوه يقوم الى صلاة الليل .
يعلو صوت الحضرة فى آذان الصغار النائمين لتكرر ألسنتهم لفظ الجلالة وسائر الأسماء الحسنى .. تقول الجده هنومه : ان سيدنا الخضر اختار بيت عليوه من بين بيوت الأشراف لأن عليوه الحاج احمد قلبه أبيض ولايكره أحدا ، ولما يدخل الخضر بيت تحل فيه البركه .
يغطى دخان بخور الحضرة كل أركان المنزل فلايستطيع واحد من أهل البيت رؤية سيدنا الخضر صاحب الكرامات وتنغلق العيون بمرور الخضر ويزيد مابالحاصل ماينقص .
يضع الجد عليوه فى الحاصل خمس جرار من الفخار القنائى مملوءة بالجبن القديم ، وخمس للعسل الأسود كى يكرم ضيوف السلطان الفرغل الذين يأتون اليه يوميا من كل المدن والقرى القريبة والبعيدة لزيارة الضريح فلاتكاد أطباق العسل الأسود والجبن القديم تفرغ حتى تمتلىء فى اليوم الواحد عشر مرات وتزيد يوم الخميس مع قدوم ليلة الحضرة .
تؤكد الجدة هنومه على الصغار ضرورة أن يلقوا السلام اذا ماجاءت سيرة سيدنا الخضر الذى فضل بيتهم على كل بيوت أولاد الأشراف فيلقى الصغار السلام على صاحب العز والاقبال كما يقول الجد عليوه الحاج أحمد حين يعدد كرامات سيدنا الخضر الذى يسير على الماء ويطير فى الهواء ليساعد الضعيف ويقف الى جانب المظلوم ويكره الظالم فهو بحق قطب الرجال فى كل الزمان .
يحلم الصغير محمد أكبر ابناء عليوه بأن يعينه سيدنا الخضر على أولاد الحلب الأشقياء الذين يضربونه كلما ذهب مع اصدقائه ليلعب قبلى البلد ، كما يحلم شحاته بأن يأتى له سيدنا الخضر بحمار شديد بدلا من الحمار الذى نفق من كثرة أحمال عليوه عليه حين يأتى بأجولة القمح والفول والذره التقاوى من القرى المجاورة ليبدرها فى أرضه فلايقوى الحمار على حمل الصغير ليأتى بالمعسل القص لوالده من يوسف الدخاخنى ، أما هاشم فيخاف أن يحلم بسيدنا الخضر ويضع وجهه فى حضن أمه كلما رأى اللون الأخضر الذى يدل على مجىء سيدنا الخضر ، ولم تزل زاخره فى سن الفطام غير قادرة عل الحلم .
ومع رحيل جدى عليوه الحاج أحمد لم تقو جدتى هنومه على استخراج العسل والجبن القديم من الجرار العشرة فانقطع ضيوف الدار ولم يتبقى فى الحاصل سوى البخور الذى ينطلق مساء كل خميس ليحمى بيت عليوه الحاج أحمد  من كل مكروه وشر  مع مجىء سيدنا الخضر ليقيم حضرته فى ليلة الجمعه .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


64 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور


ليل كفر نور
لملم الصمت همهمات سكان أهل كفر نور تحسبا لما سيحدث من وقائع جديده فى صفحات من تاريخ محجوب رابح .. أوقف فرج الشاطر خصومه .. العمده محجوب وشيخ خفره عبد العاطى ابو الليل وشيخ البلد حامد ابو حسين ، وأحاط رجاله بالثلاثة بعد أن فشلت خطتهم فى الخلاص من فرج الشاطر أعتى مطاريد الجبل الغربى ، وبدأ فرج فى اطلاق نيرانه على عبد العاطى فيرديه قتيلا ، وينتظر الاثنان دورهما .
فقد محجوب رابح كل مايملك فلقد باع كل ما أمامه وماخلفه ليجمع الاربعة عشر جنيها ذهبية  كى يقدمها الى مسؤول المديرية الذى سيمنحه العمودية بعد ان يزيح عمدة كفر نور الشيخ حسن المكى الذى ورث العمودية عن ابيه وجده وجد جده حتى مائة سنة مضت .
تم تعيين محجوب رابح عمدة لكفر نور ، وشرع فى فرض الاتاوات المضاعفة ليحقق اكبر مكسب فى فترة عموديته القصيرة جدا للتغييرات الدائمة للحكومات التى يقوم بها جلالة الملك المعظم ملك البلاد .
فرض محجوب عشرة آلاف قرشا فى الشهر على العشرة آلاف نفس من سكان الكفر وعشرة آلاف أخرى على ابناء العزّب العشرة التابعة للكفر ليتمكن فى اقل من سبعة شهور من جمع الاربعة عشر مليون مليما التى دفعها مجمدة كعشرة جنيهات ذهبية ، ومازالت الاتاوة سارية لصالح الفائدة وكعائد لرجاله الذين ساندوه .
ينظر فرج الشاطر الى شيخ البلد حامد ابوحسين ويطلق من بندقيته الطلقة الثانية التى تستقر فى الرأس فيسقط فى الحال .
تجمع ابناء كفر نور وابناء العزّب المجاورة للكفر وقطعوا الطريق على مولانا ولى النعم جلالة ملك البلاد المعظم وهو فى طريقه الى زيارة جنوب البلاد وقبلّوا اقدامه كى يريحهم من اتاوات العمدة محجوب رابح فأقاله وأعاد تعيين الشيخ حسن المكى  الذى ظل غير قادر على مباشرة أعمال العمودية ولزم منزله .
واصل رجال محجوب رابح الغير نظاميين ورجال شيخ الخفر عبد العاطى ابوالليل ورجال شبخ البلد حامد ابوحسين ورجال فرج الشاطر المطاريد فى جمع الاتاوة المفروضة على ابناء كفر نور يوميا حتى اختلف الاربعة فى توزيع الانصبة فقرر العمدة المخلوع ومساعداه الخلاص من فرج الشاطر ، وحين صل اليه النبأ نزل مع رجاله من اعلى الجبل الغربى واحاط بالثلاثة ورجالهم .
وصلت عينا فرج الى عينى غريمه محجوب رابح  فتوسل اليه الثانى  ان يبقى عليه وسيمنحه مايطلب غير ان رصاصة الشاطر كانت اسرع فى الرد على محجوب لتقتله .
غادر فرج ورجاله الى كفر آخر ليبدأ فى رحلة جديدة فى فرض الاتاوة على اهله .. بدأت همهمات اهل كفر نور تزيد عقب الخلاص من العمدة ومساعديه ورحيل الشاطر عن الكفر فلملم الصمت عباءته ورحل ليبدأ الشيخ حسن المكى فى ممارسة مهام منصبه وظهور اول شعاع لنور صباح جديد  يطل على كفر نور .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


63 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور


لالو لوزه الرقّاق
يشير لالو الى عوض كى يخفف من شدّ لجام ذكيه الحماره العجوز حتى لايسقطه على الارض فينصاع الصغير الى امر ابيه فى أول درس له كحمّار .. اصبح لالو غير قادر على تحريك اليد اليمنى والقدم بعد اصابته بالشلل فى آخر ليلة عرس كان يحييها تحت اسم لوزه الرقاق كاسم مستعار لم يكتشف حقيقته أهل كفر مبيركه الافى اليلة المشؤمة التى اصيب فيها لالو .
كان لالو يتحول الى لوزه كل مساء عندما يرتدى فستانه ويضع اصباغه ليصبح اجمل امرأة بين نساء الكفر لشدة بياض بشرته الناصع فيطمع فيه كل الرجال ، ويبدأ فى الدق على الرق لترقص كل نساء الحى ويغنى بصوت اعذب من صوت ألمظ فيصمت كل رجال العريس فى الخارج كى يتمتعوا بصوت لوزه الجميل داخل الدوار بين النساء .
يبدأ عوض ابن السبع سنوات فى الدق على الدف لترقص على ايقاعاته لوزه فتفتح كل النساء افواهها ويتعلمن فى مدرسة لوزه اصول فن الرقص الشرقى .. يخلع لالو شعره المستعار مع اول ضوء للصبح ويجهز مع عوض ابنه حمارتهم ذكيه كى يحملان الاعيان من مرسى النهر القديم الى الكفر فتتسع عيون نساء القرية تتابع متفرسة جمال لالو الاخاذ وتتوحم كل حامل علي طوله الفارع وعيونه الملونة وشعره الذهبى لان أصوله تركية كما ردد الكثير من عواجيز الكفر .
يعود لالو وعوض الى المنزل مع غروب الشمس ليتناولا غذاءهما وينالا قسطا من الراحة استعدادا لدقة زار زوجة عمدة كفر مبيركه .. تتفنن لوزه فى استخراج الجان الذى يسكن جسد هنيه الموين زوجة غرباوى الغندور العمده وترقص كل نساء الكفر حولها .
تعلو دقات لوزه وصاجات عوض الصغير حتى تتساقط النساء من الاعياء مع دموع عوض حزنا على امه مسعوده التى تركته العام الماضى وفارقت الحياة  بعد مرض شديد فى صحبة لالو زوجها فورث الصغير الصاجات ولون امه الاسمر وتعلّم الدق على الدف من لوزه الرقاق .
يأتى فرح بهيجه بنت شيخ البلد هريدى ابوصوير فيصفو صوت لوزه لينقض عايد ولد هريدى على لوزه وهو ثمل وسط نساء الكفر ويحاول اغتصابها فيضيق نفس لوزه لثقل جسد عايد وتصاب بالاغماء فيتم استدعاء طبيب الوحدة الصحية وتخف النساء من ملابس لوزه فيكتشفن حقيقة التى تهافت عليها الرجال ، ولالو الذى عشقته كل النساء .. يصاب لالو بالشلل فيأسف الجميع على ماأصاب الحمّار الذى كان ينقل ضعيفهم وكبير سنهم على حماره من مكان الى آخر ، ويأسفون على لوزه التى كانت تنعش لياليهم الجميله ، ولزم لالو الفراش بأمر من طبيب الوحدة حتى صرح له بالحركة بعد ستة شهور فأخذ فى نقل خبرته كحمّار الى صغيره عوض الذى تعلم من لوزه الكثير .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


   62 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور
                                                 

كأس من دم أمرأه

    لعنت سالمه ابراهيم عوض كأس دمها الذى عجّل بنهايتها ، وأغرقت دموعها ساحة المحكمه فسقطت خلف القضبان تطلب الرحمة من فضيلة القاضى .
    نظرت سالمه من وراء قضبانها الحديديه الى عيون عطيات واولادها الخمسه امام وحقى وصباح وأسرار وكريمه لترى فرحة الانتصار عليها .. كانت سالمه قد تزوجت من اسماعيل غريب حنفى الموظف بالخاصة الملكية وزوج جارتها عطيات الشحات حميده بعد علاقة دامت فى الخفاء أكثر من ثلاث سنوات قرر اسماعيل بعدها أن يهجر داره وينتقل الى دار سالمه أرملة صديقه حامد عبد الحافظ مبرزك الذى تركها وحيدة بدون سند فأغلقت محله الخالى من البضائع .
    أمسكت الحارسة بكتفّى سالمه لتعينها على الوقوف وتلحق بسيارة الترحيلات فتابعتها عيون امام اسماعيل أكبر ابناء عطيات والذى تسبب فى القبض على سالمه .. أبعدت سالمه عينيها عن العيون الشامتة واستدعت عيون أبيه اسماعيل التى زاغت على مبروكه عطيه عوض ابنة خالتها التى كانت فى زيارتها قادمة من قريتهم البعيده ، وأفضى اسماعيل اليها برغبته فى الارتباط بها  فصارحت ابنة خالتها برغبة زوجها فقررت سالمه أن تتخلص منه ، وأعدت له شربة الكوارع التى يعشقها وأخذت كأسا من دمها وخلطته بالشربة وراقبته حتى فرغ من آخر رشفة وتركته لينام وتابعته طوال الليل حتى تتأكد من تأثير الدم فى جسده لتتركه جثة هامدة فتضمن الثمن من معاشه ولايلقيها كما ألقى زوجته وأولاده من قبل .
خيّب اسماعيل ظن سالمه واستيقظ فى صباح اليوم التالى لكنه لم يقو على الذهاب الى عمله وسقط فى الطريق أمام داره القديم فأسرع أولاده يحملونه الى الداخل ويخبرهم بما كان من شربة الكوارع التى تسببت فى هزاله وعدم قدرته على الوقوف والسير ، ولم تمض ساعات قليلة حتى رحل اسماعيل بين ابنائه وزوجته القديمه .
  أبلغ امام اسماعيل غريب النيابة التى أمرت بتشريح الجثة ، وكشف تقرير الطب الشرعى عن التسمم فتم القبض على سالمه ابراهيم عوض واعترفت بعد أن ضيّقوا عليها الخناق بما فعلته فحكم فضيلة القاضى عليها بالاعدام فى ساحة السوق الكبير لتكون عبرة لغيرها من النساء .
    اختفت عيون القاعه التى كانت تتابع سالمه ودفعتها الحارسه الى سيارة الترحيلات التى ستحملها الى سجن النساء فى انتظار تنفيذ حكم الاعدام بسبب كأس من دمها .
                                                              قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


61 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

عودة المعلمة ويّه
استعادت المعلمه ويه الغازيه ذاكرتها بعد فقدان استمر خمسة عشر عاما تاهت خلالها فى الارض الفضاء .. لاتعرف من هى ومن اى بلد جاءت حتى نامت ذات ليلة وأفاقت لتتعجب من نومتها أسفل شجرة التوت القديمة .
جاء فقدان ذاكرة ويّه الغازيه نتيجة حرق دارها بعد انقلاب شيخ البلد فتوح ابورزق عليها لاجتذابها ابنائه الثلاثة رزق وعبود ونور بأمر من فضل اللول عمدة قرية بنى لمو كى يفقد شيخ البلد عزوته فى الثلاث زيجات التى أقدم عليها حين زوّج رزق من بنت شيخ الخفر عزوز قراده وزوّج عبود من ابنة عباس افندى رئيس فرع الشونة الرئيسى ،  واختار لنور ابنة عبد القادر بيك الخواشتى كبير اقطاعى المديرية بأكملها ، وكان الثلاثة رجال قد حذّروا فتوح ابورزق من تمادى ابنائه فى الاكثار من التردد على دار ويّه حتى لايغرقوا فى بحار الافيون والحشيش والكوكايين التى تفرغها ويه الغازيه لكل روادها من الصغار والكبار ، ولم تفلح محاولات شيخ البلد فى اقناع ابنائه الثلاثة فأدمن الاولاد المخدرات واستعاد الآباء الكبار بناتهم.
أحرق رجال شيخ البلد دار ويه كى يعود اولاده اشباحا ، ولم يجد معهم علاج .. هجر الرواد الدار الدار المحترقة بعدما فقدت أجمل فتياتها .. حملقت ويه الغازيه كثيرا فى السنة النيران التى جاوزت الجبل العالى ليذهب عقلها وتفقد ذاكرتها ، وتسير مجنونة فى شوارع بنى لمو وشوارع القرى المجاورة حتى حملتها قدماها الى الحدود البعيدة بعد اربعة عشر عاما من اللف والدوران .
رأى رجال قبيلة غوازى عويرة الوشم على ظهر يد ويه وتعرفوا على قبيلتها غوازى النوايره التى تقطن فى الشرق من أقصى الشمال فالتقطوها من الضياع وتماسكت لتتماثل للشفاء بعد رؤية المكان الذى يشبه مكان ميلادها ، وفجأة استيقظت ويه الغازيه أسفل شجرة التوت القديمة على الحدود وتعرفت على نفسها وساعدها رجال القبيلة على العودة الى بنى لمو فى صحبة خمسة من أجمل فتيات غوازى عويره ونزلوا ضيوفا على دار فضل اللول العمدة حتى يفرغ من اعادة بناء الدار التى شهدت أجمل لياليه فى صحبة ويه الغازيه .
كان شباب ويه قد توقف عند الاربعين ولم يتجاوزها بيوم واحد فأسقطت من ذاكرتها الخمسة عشر عاما المنسية ، وعادت بكل فتنتها وقوتها مع بناتها الخمس لتحيى ليالى بنى لمو المليئة بالدخان وعنفوان الافيون .
وضعت ويه بناتها الخمسة فى طريق فتوح وابنائه الثلاثة فلم يقو العجوز على مقاومة جمال الصبايا الفتان ، وسقط الاربعة فى بحر المعلمة ويه ، وعاد الزمام الى يد فضل اللول الذى لم يطمئن الامع بيع آخر قيراط طين من الخمسمائة فدان التى ورثها فتوح عن ابيه وجده فى الافيون ليتم فصل فتوح من المشيخة بعد عودة ويه الغازيه سالمة الى ارضها .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


60 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

على باب سموه
اصطف الوراقون بالمئات على باب سمو الامير ابن عبد الملك الاسدى ساكنين بلاأدنى حركة ، وقد غطى البؤس الوجوه .. خرج حاجب الامير الى جموع الوراقين استعدادا لاستقبال سموه ، وأمر الحاجب بازالة هذه المسكنة البادية على الوجوه حتى لايغضب سموه فأزال الوراقون تلك المسحة واستبدلوها بابسامات عريضة لتكون بداية مشجعة لتلبية بعض المطالب وهى بسيطة .
تقدم سهيل الزريقات كواحد من عوام الوراقين بمظلمته الى الحاجب يرجو فيها من عظمة الامير العفو والسماح على ماحدث منه ليلة أول امس حين عرض على عظمته ورقة فيها مايرفض بدون قصد ، والله على مايقول شهيد - كما قال  للحاجب - فلقد الغى عظمته اعمال ملكة التفكير فى كل مايكتب الوراقون ، وجرّم من يقترب منها ، والتزم الوراقون بأمر قراقوش ابن عبد الملك واكتفوا بنقل المشاعر على الورق دون اعمال العقل حتى لايغضب الامير ، وقد اضاف سهيل الزريقات الى ماتقدم أنه صرف ابنائه عن هذه المهنة التى لاتجلب الاالمشاكل ووجع القلب حتى يرضى عنه سموه .. اخذ الحاجب المظلمة وأمر سهيل بالابتسام وحسب حين يشرق سموه حتى لايتكدر مزاج عظمته فينقلب على كل الوراقين .
قال سهيل : اغادر المكان واعود الى المنزل اذا كان هذا سيرضيه .
- لا ياسهيل فعظمته طلب كل الوراقين بمناسبة قدوم العيد الاكبر ، وقد أسرّ عظمته الى نفسه بالصفح عن كل المارقين وشراء بعض كتبهم بأبخس الاثمان حتى يصرفهم عن تلك العادة المرذولة التى ستؤدى بهم الى الهلاك  لامحالة .
صدرت دقات ثلاث من داخل الديوان لتعلن تشريف سموه لكن الحاجب أسرع بالدخول لينظر ماذا يريد سموه .. كان قراقوش سيىء المزاج فخشى الحاجب على الوراقين من السجن وضياع بعض الدراهم التى سيحصدها من من كبار الوراقين لتقريبهم من سموه .
أخذ الحاجب يسرى عن مولاه الامير كثيرا وضحكه حتى استقام مزاجه بعض الشىء فأصدر أوامره الى الحاجب كى يبلغها الى الوراقين وقرر أن لايقابلهم .. خرج الحاجب بعد قليل الى جموع الوراقين يزف اليهم الانباء الطيبة وقال : قرر سموه اضافة كل ماجاء به الوراقون من كتب الى الدفترخانه  وسيشترى الكتاب بدينارين  .. هلل الوراقون ودعوا لسموه بطول العمر والسداد فى رأيه لخدمة مولانا عظمة السلطان الناصر أدام الله عزّه .
تسلّم كل وراق دينارين وانصرف مسرعا ليلحق الجزار فيشترى رطلا من اللحمة ولوازمه حتى يستقبل مع اولاده العيد الاكبر داعيا لسمو الامير قراقوش وباب سموه العالى الذى يمنحهم القدرة على الحياة الهنيئة والعيشة الرغدة .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


59 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور


علاوة استثنائية
يترقب الجميع ببالغ الشوق واللهفة الحصول على العلاوة الاستثنائية ..  يجلس الخمسة موظفين على مكتبين .. تأخذ الملفات دورتها بين المكتبين دون التقاء عيون الموظفين حتى لاتفصح عما بداخلها .
يوزع جابر الرحمانى عامل المكتب أربعة أكواب من الشاى ويصب القهوة فى الفنجان بعناية حتى لايضيع الوجه أمام ابراهيم السلومى رئيس القسم الذى يبدو عليه الكثير من القلق فمازال فى الدرجة الاولى منذ سبع سنوات ولم يتقدم خطوة واحدة حتى الآن .
يمسك السلومى بفنجان القهوة  بيد مرتعشة فهو فى أمس الحاجة الى هذه العلاوة بعدما باع الذى أمامه ووراءه قطعة الارض الستة قراريط التى ورثها عن ابيه ليوالى الصرف على وليد وميرنا ابنيه التوأم اللذين التحقا بالجامعة العام الماضى ، وهيثم الذى سيكلفه مالايطيق من مصاريف لدروس الثانوية هذا العام ، وآخر العنقود السكر المعقود ابنته ولاء - كما تقول عليها دائما زوجته هناء الشماشرجى والتى صرفت هى ايضا كل ماورثته عن ابيها وأمها ، وولاء سستنهى مرحلتها الاعدادية هذا العام .
يواصل السلومى شرب فنجان القهوة ويفرغ عوض عبد الرحمن من شرب الشاى ليقلب نظره فى الوجوه المترقبة ويطمئن ابراهيم السلومى لان الدور سيكون عليه بعد حصول كل الموظفين فى المكتب على العلاوة حتى جابر الرحمانى فيهدأ السلومى ولايأمن مكر السادة المسؤلين فهو أدرى بهم وليس منهم .
يهدىء عوض من روع السلومى ويصرف ذهنه الى سيرته الذاتية فلقد قرر عوض عبد الرحمن أن لايتزوج ليعول والدته وأخواته البنات الاربع بعد وفاة والده عبد الرحمن المناخلى
حتى فاته القطار بعد أن زوّج أخواته وتوفيت أمه  .. ينظر عوض الى العلاوة بامتعاض ولاينتظرها أبدا ومع ذلك جاءته ثلاث مرات .
تدور عينا تاج فراج الذى يقلب الملف بين يديه ويبحث عن المستند الضائع ويسأل كل  من بالمكتب حتى ينبهه جابر الرحمانى الى وجود المستند داخل الملف الذى يقلبه بين يديه فيطلب منه كوبا من الشاى للمرة الخامسة ليضع عينيه وسط رأسه حتى لايضيع ويضيع وراءه ستة أولاد من زوجتيه المتوفيتين وثلاثة من الجديدة التى لم ترحل بعد .
تقفز ابتسامة ماكرة من عينى سلوى عبد الفتاح المتزوجة وتعول لسفر زوجها بعد تعاقده العام الماضى كمحاسب فى الرياض وهى فى غير حاجة الى العلاوة - لكنها بتموت على القرش - كما يقول كل العاملين بالمكتب .
يمنى صابر مخلوف النفس ويتمنى أن لويصيبه الدور حتى يتخلص من نظرة الازدراء التى يشيعه بها والده مخلوف عبد البر ساعى رئيس مجلس الادارة مع كل قرش يعطيه له كأعانة بعد ان يصرف كل راتبه على الملابس كى يبدو فى المظهر اللائق بالمؤسسة ومازال صابر أحدث موظف بالادارة منذ خمس سنوات .
مرت الخمس دقائق السابقة على اعلان نتيجة العلاوة كخمس سنوات على العاملين بالمكتب ، وفجأة دخل صابر الرحمانى وقد ارتسمت على ملامحه كل علامات الفرح وأعلن حصوله على العلاوة للمرة السادسة خلال العشرة سنوات الاخيرة ، ولم يستغرب أحد الجالسين لأنه كان ساعى المدير العام المقرّب قبل أن ينتقل الى القسم العام الماضى .
تغيرّت كل ملامح القلق على وجه ابراهيم السلومى رئيس القسم الى سكون وسقط فجأة على الارض فأسرع الجميع الى نجدته لكن الموت كان أسرع منهم بسبب الازمة القلبية التى تعرض لها السلومى بسبب حصول صابر الرحمانى على العلاوة الاستسنائية .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه



58 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

طبلة المسحراتى
يسقط المسحراتى بيوت العنكبوت المتراكمة على مدخل الصندلة التى تعلو غرفته ويستخرج طبلته ليبدأ الدق عليها فى أولى ليالى الشهر المعظم .. يرتدى البجر المعطف الثقيل الاصفر الكاكى المصنوع من صوف العسكرى ليحميه من لفح البرد الشديد فى الليالى الباردة .
يغلق اسماعيل البجر باب الغرفة خلفه ويبدأ الجولة : مسحراتى وكان ناياتى .. يعزف ليالى وآهآهاتى .. الكل يسمع للى يهاتى ، واصحى يانايم وحد الدايم .. لايفتح سكان الشوارع القديمة نوافذهم لتحية المسحراتى واعطائه حسنته .. يتجه اسماعيل الى الشوارع المجاورة .. يتناقل خمسة من الشباب سيجارة واحدة ينبعث منها دخان كثيف لحرق قطعة الحشيش بداخلها ويبتلع كل منهم قرصا ملونا فلايعجبهم غناء اسماعيل فيمسكون بالطبلة ويحولونها الى قطع صغيرة لاتصلح للغناء فيعود المسحراتى الى غرفته حزينا .
تأتى الليلة الثانية من ليالى الشهر الكريم ويخرج اسماعيل معتمدا على صوته الذى يزهو به وسط جموع المسحراتيه فى البلد الكبير ويبدأ الغناء : اصحى يامحمد ومحمود .. اصحى ياعم عبود .. اصحى يانايم وحد الدايم .
يحسد المسحراتيه اسماعيل على صوته الجميل فيختفى ولايجاوز حلقه لاصابة احباله الصوتية بمرض خبيث فيتم استئصالها فى المستشفى الاميرى ويتم صنع انبوب للتنفس اسفل  وجه البجر المسحراتى فلايقوى على الغناء .
تكتب المستشفى أمر الخروج لاسماعيل فى الليلة الحادية عشرة من الشهر الفضيل .. يكتب اسماعيل اغنياته على لوحة كبيرة ويطوف وسط شوارع المدينة القديمة ليقرأها المارة : اصحى يانايم وحد الدايم .. الفجر قادم مافيش كلام .. صلى لربك واحمد ياعم .. الحق سحورك وبعده نام .
يتعجب المارة من مشهد المسحراتى فهم لايعرفون القراءة أوالكتابة .. يأتى المسحراتى بصفيحة السمن الهولاندى المعونة ويقطعها الى ستة أجزاء ، ويبدأ فى الدق عليها جزء جزء فى الليلة الثانية عشرة فيصاب أهل المدينة بالصمم .
يعود المسحراتى الى نواصى الشوارع القديمة المغلقة النوافذ ويجمع اشلاء طبلته المتناثرة ويحاول أن يعيد اصلاحها كى يجد حسنة لدى واحد من أهل المدينة الكبيرة قد يكون محسنا ويستقبل الليلة الاخيرة من الشهر الكريم عسى أن يوفق حين يسمع هذا المجهول صوت دقات طبلة اسماعيل البجر المسحراتى .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون

العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


55 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور



صوان لحمه
يشد عمال الفراشه قطع الخياميه بين الاعمدة الخشبيه المثبتة بطول خمسمائة مترا على جانب الشارع الطويل ، وتتدلى الخطاطيف الحديديه بين كل متر وآخر لتحمل الكباش المذبوحة والتى تبلغ المائتين والخمسين على كل جانب تقدمها الست صدقيه الرايق كأضحية للعيد الكبير فى كل عام .
يتم تعليق مكبرات الصوت التى تحمل صوت المطرب الشعبى يكرر : ياحاسدين الناس مالكم ومال الناس .. تنكسر سهام الحاسدين مع موجات الهواء قبل ان تصل الى الاضاحى  .. ينتظر الفقراء داخل الصوان الذى تقيمه الست صدقيه أمام برجها السكنى الكبير ، ويطول الانتظار حتى يخرج صغار الجزارين غارقين فى دم الذبائح يحمل كل واحد منهم كبشا ليعلقه فى خطافه الذى سيقف بجانبه حتى يفرغ من تسليمه لآخر لفه لمن تحدده الست صدقيه ومازال المطرب الشعبى يكرر نفس المقطع من الاغنية ، والذى تم تسجيله مكررا أكثر من مائة  مرة حتى لاتصيب سهام الحاسدين الطائشة صدقيه أوأضحياتها أوواحدة من فتياتها المقربات .
يواصل عمال الفراشة تثبيت اللوحات الفوتوغرافيه بالبللور الشفاف الخاصة بالست صدقيه وهى فى صحبة الصفوة من سادة المجتمع لتشارك فى افتتاح العديد من المشروعات الخيريه ، وبين كل لوحة ولوحة توجد لوحة بيضاء تحمل أصوات الجماهير التى تعلو بالهتاف لحياة الست صدقيه فى ظل أغنية المطرب الشعبى ياحاسدين الناس .
يشتد لمعان بدل فتيات الست صدقيه المطرزة بالترتر المتناثر على وجوههن البراقة  مع    خروجهن من البرج السكنى يحملن المباخر التى تعمى عيون الحاسدين فيغطى الدخان سماء الشارع حتى لايرى المارة مواضع أقدامهم لتخرج الست صدقيه ترتدى فستانا فضفاضا أبيضا فى أبيض ويعلو رأسها غطاء حريرى تم استيراده من الشام مساء أمس لتبدو صدقيه عروسا فى ليلة زفافها .. يغطى الصفاء وجهها بدون أصباغها القديمة .. تقلب صدقيه بين أصابعها الناعمة حبات عقد من الاحجار الكريمة على صدرها المنخفض باللون الازرق لتطفىء نيران الحسد المنطلقة من عيون حسادها وتواصل طقوس عادتها التى حرصت عليها منذ تقاعدت وقررت البعد عن الاضواء التى أدمت عينيها .. يكرر الحاسدون : اللهم لااعتراض ولامانع .. يعدون مئات البيوت التى تفتحها الست صدقيه اللولبيه للعاملين معها فى الفرقة قبل قرار الاعتزال وآلاف الفقراء الذين يدأبون على المرور عليها فى أول كل شهر ليتلقوا اعاناتهم ، ويمصمصون الشفاه ولاينظرون الى مقدار المشقة التى أبعدت صدقيه عن فنها الذى تعشقه وأصيبت بعد تركه مباشرة بحالة من الاكتئاب استمرت لشهور عدة لم يخرجها منها الاحب الخير للغير .
أغرق لعاب المارة الشارع الذى يحمل اسم الست صدقيه الرايق فأسرعت الى توزيع النفحات قبل الطوفان وبدأت بعمال النظافة فأعطت كل واحد لفة تزن خمسة كيلوجرامات وغادروا المكان ليتسابق أهل الحى والاحياء المجاورة فى الحصول على أنصبتهم من لحم الكباش ويتخيرون الاجود ليلقى صغار الجزارين بالبقايا والعظام الى قطعان الكلاب التى تزاحمت تنظر بامتنان وحب شديد للست صدقيه التى لاتترك مناسبة الاوتمد يدها للصغير قبل الكبير فلاينقطع الدعاء لها طوال العام .
تدير صدقيه ظهرها للحاسدين وتمضى فتعوى بطونهم حزنا على مافاتهم من عطاياها وتصيب عيونهم الزرقاء الاعمدة الخشبية بعد خلوها من لحم الكباش فتسقط ليغادروا المكان ومازال صوت المطرب الشعبى يكرر من خلال السماعات الملقاة على الارض : ياحاسدين الناس مالكم ومال الناس فى قلب صوان لحمة الست صدقيه الرايق .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


56 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور


سيول الجبل الغربى
ظللت سحابة سوداء كثيفة الكون فأظلمت سماء الجبل الغربى فى منتصف النهار .. ازداد عواء الذئاب ونباح الكلاب ومواء القطط ايذانا بحدوث كارثة هوجاء .. لزم أهل الجبل الغربى منازلهم وسلموا امرهم انتظارا لما سيحدث من كوارث . تفتت السحابة الى اجزاء صغيرة ودخلت سباقا للسرعة وتزاحمت لتحتل كل واحدة منهن المرتبة الاولى .
رعدت السماء فارتجف الصغار فى احضان امهاتهم .. خطف البرق البصر واشعل النيران فى اكوام الحطب والبوص المتراكمة أعلى أسطح منازل الفلاحين ..وصلت رائحة النيران الى الانوف فأسرع الفلاحون الى الطلمبات يحملون الماء ليخمدوا مااشتعل من نيران لكنهم وجدوا الآبار خالية .. أسرعوا الى الترعة يحملون دلائهم ليعبوا منها ماشاءوا ليطفئوا شواشى المنازل ، وكانت السماء رحيمة بابنائها فأرسلت ماءها الغزير ليطفىء المشتعل من الاسطح ، وبعدها التقطت الكارثة انفاسها ليستكين الفلاحون ويلزموا منازلهم فى حذر وترقب ...تعاود الذئاب عواءها والكلاب نباحها والقطط مواءها فينتظر الفلاحون تواصل وقوع حلقات جديدة من مسلسل الكارثه .
تهرول قطع السحب السوداء ويصارع بعضها البعض ليسقط الضعيف مشكلا سيلا قويا مندفعا الى الاسفل فتعانق كل الاسقف الطينيه وتمتزج بالجدران فتعتصر من بداخلها وتجرفهم سيول بحر السماء المتفقة بقوة الى المجرى المائى القديم المتعطش الى الدماء بعدما حرموه من مضاجعة العذارى منذ اقاموا السدود لتحد من طوفانه الذى يحمل الموت بين جنباته .
فرح العجوز الخالع اسنانه فسيضاجع عذاراه ، وظل يقهقه ويقهقه حتى سقط على ظهره من شدة الضحك .. ردد الرعد ضحكات العجوز فأسرع ماتبقى من الرجال يحملون الصغار ليحتموا بالجبل الغربى الذى نال منه السيل وأزال وجهه الاصفر .
تولول النساء ويصرخ الصغار ، ويحمل الشباب ماخف وزنه وغلى ثمنه .. يسرع الجميع الى الكهوف الحصينة لتقيهم غضب سيول الجبل الغربى التى تابعها كل ابناء الكون من خلال الاقمار الصناعية وهم فى غرفهم المحصنة الدافئة يمصمصون الشفاه على مااصاب الصغار والشيوخ حين تصارعت سحب سيول الجبل الغربى .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


55 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور


سيوف وسنج

تملأ السيوف والسنج شارع عبده موسى فى أيدى الصغار والكبار القادمين من كل الشوارع المجاورة .. تتبارز السيوف اللامعة حتى تتمكن من اصطياد المواضع المكشوفة لتفصلها عن بقية الجسد فيقطر السيف دما بعد أن يروى عطشه .
تتسلل المرأة موضع الخلاف بين صفوف المتقاتلين وتتجاوز الشارع لتقلها السيارة الأجرة الى قريتها القريبة ، ويظل المقاتلون يرتطمون بأبواب المنازل التى أغلقت نفسها على السكان حتى لايصيبهم أذى من جراء قتال الشباب الغرباء القادمين من الشوارع الأخرى خلف المرأة لتكون من نصيب الأقوى .
يتابع الصغار صليل السيوف والسنج من النوافذ ومع كل اصابة موفقة يسقط الطفل هلعا فتلقفه أمه قبل أن يصطدم بالأرض وتحتضنه ليسكن ويهدأ ويكف عن البكاء .
يقف ناظرجية الشوارع على النواصى القريبة حتى يتم ابلاغ القادمين من سكان الشارع فيعودون من حيث أتوا الى أن تخلو الساحة من المقاتلين فتفتح الأبواب ويعود الرجال ليوصدوا خلفهم ابوابهم مخافة أن يجىء الغرباء ثانية الى الساحه .. يظل القتال دائرا حتى يفطن رجال الفريقين الى عدم وجود المرأة موضع الخلاف فينطلق رجال الفريقين بحثا عنها فى كل الطرق المتصلة بالشارع حتى يلتقوا ثانية فى الشارع الرئيسى وقد خاب ظنهم بضياع المرأة .
يغمد كل مقاتل السيف والسنجة ويمسح كل منهم دماء صاحبه ويعودون الى ساحة القتال ليحمل كل فريق جرحاه ويمرضهم كى يقووا على الأنضمام الى الفريق بعد الشفاء .
يتدخل أولاد الحلال للاصلاح بين الفريقين فيتم الصلح ويشد كل مقاتل حزامه الجلدى فوق بطنه ليضع السيف فى الجانب الأيسر والسنجة فى الجانب الأيمن انتظارا للقاء قريب مع سيف وسنجة الخصم .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


54 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

رغيف لحمه
يمسك هاشم عبد الرحمن الاسكافى بكتابه ويروح ويجىء بين أعمدة المسجد الزينبى يحفظ قصائد المتنبى فى المدح .. يجلس مستندا على قاعدة عامود رخامى ليستمتع ببرودة اتساع المسجد وكثرة مراوح السقف التى جعلت المسجد جنة فى حر يونيه القائظ .. يغلق هاشم الكتاب ويضعه الى جواره .. تصل الى أذنيه أصوات جلبة قادمة من خارج المسجد .. تتسع حدقتا عينيه فيملأها الزحام .. يندفع كل الجالسين أمام المسجد الى رجل يحمل حقيبة ويبدأ فى فتحها.. يحيط أبناء الست الطاهره بالرجل المحسن الذى يوزع صدقته بعضا من الورق النقدى وأرغفة من اللحمة .. يلتقط البعض الورق النقدى المتساقط ويلوك الآخر أرغفة اللحمة بنهم شديد .. تتكوم الأجساد ليعتلى القوى ظهر الضعيف حتى يفرغ الرجل آخر ما بالحقيبة
لايقوى هاشم على القيام للفوز برغيف يعينه على الحفظ فلقد خرج من غرفنهم ببدروم المنزل المواجه للسيدة زينب قبل أن يفطر لعدم وجود الافطار ومر على عبد الرحمن الاسكافى والده ليأخذ قرشين أوثلاثة يشترى بهم سندوتشا من الفول لكن الاسكافى لم يرزق منذ عدة أيام وكأن الناس قد استغنوا عن الاحذية ومشوا حفاة فى الطرقات
أنفض الجمع من حول الرجل المحسن فعاد الى سيارته التى أوقفها الى جانب مدرسة السنية للبنات بناصية شارع خيرت ... عاد الرجل المحسن بعيدا عن أنظار الجالسين خارج المسجد ودخل من الباب الخلفى المجاور للميضأة حاملا حقيبته الاخرى .. بدأ الرجل فى توزيع الصدقة على الجالسين بجوار الأعمدة وأسقط بين يدى كل جالس رغيفا من اللحمة ليوقظ الأحشاء الهامده فتحمد ربها وصنيع المحسن
وصل الرجل الى آخر الصف ليجد هاشم مشغولا بكتابه مع توقف عينيه ولسانه عن القراءة ... وضع الرجل الرغيف الى جوار هاشم وصلى ركعتين قبل حلول صلاة العصر
اقتطع هاشم خمس الرغيف وأكله لتلمع عيناه ويشتد عوده ويعاود السير بين أعمدة المسجد الزينبى ذهابا وأيابا حتى يتمكن من الفراغ من حفظ القصائد التى سيمتحن فيها فى الغد ..وضع أربعة أخماس الرغيف فى جيب البنطلون ليعطى خمسا لوالده وخمسا لأمه وخمسا لأخته وخمسا لافطاره فى اليوم التالى قبل أن يغادر المسجد فى تمام السابعة سيرا على الاقدام متوجها الى الكلية للامتحان خلف تمثال نهضة مصر بالجيزة ويعود مع الثالثة الى الحرم الزينبى فى انتظار رغيف آخر يوزعه على أسرته
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه


53 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

زجاج المصباح
تبقت دائرة مشرشرة حرابية الأسنة تعلو فوهة زجاجة المصباح بطول ثلاثة سنتيمترات ، تحافظ على شعلة الكيروسين من مداعبة تيار هواء الغرفة لها .
تزايدت ألسنة عادم اللهب الكيروسينى فرسمت بالأسود على سطح الزجاج الداخلى كتابا مفتوحا بين يدىّ شريف زيد الصبى الذى لم يتجاوز الثامنة من عمره وهو يلتهم صفحاته بعينيه الصغيرتين المفتوحتين عن آخرهما لتعينه على فصل حروف الكلمات مع خفوت ضوء الشعلة لتناقص حجم الكيروسين فى قاع المصباح .
علا صوت بكاء فؤاد الرضيع أصغر ابناء زيد الغنامى الثمانية فأغلق شريف الكتاب وتركه على الطبلية الخشبية التى يعلوها المصباح مستقرا فى المنتصف ، وحاول شريف أن يهدىء من صراخ أخيه ليسترضى أمه سعديه الغيوطى التى قررت أن يواصل شريف قراءة دروسه على ضوء الزجاج الذى كسره وهو يلهو مع أخته منيره التى تصغر أخيه سيد الذى يصغره .. حرمته سعديه من الخروج فى هذه الليلة من غرفتهم الوحيدة الى الشارع لينعم مع زملائه كل ابناء الجيران بالمذاكرة أسفل المصباح الكهربائى الكبير الذى يحمله عامود الأنارة لينير الحاره .. رأت سعديه شريف وهو يهدهد أخاه الصغير فؤاد فلم تلق بالا .. عاد شريف الى الكتاب يكمل المذاكرة .
ألقت بهيرة ذات العامين ونوال بنت الثلاث سنوات الحرام الصوف الذى يغطى نصفه السبعة أخوة والنصف الثانى أسفلهم يصافح وجه الأرض ، كان زيد الغنامى قد غزله بمغزله اليدوى من صوف الخراف التى يجزها ولايحتاجها أصحابها الذين يؤجرونه لرعى الأغنام .. أمسك شريف بطرف نصف الحرام الملقى وغطى أخوته ، ومازالت سعديه الغيوطى غير راضية عن ابنها البكرى فيعاود شريف المذاكرة ليداعب النوم عينيه .
استيقظت لمياء الرابعة فى ترتيب ابناء سعديه الثمانية والتى لم تلتحق بعد بالمدرسة لتتقافز حول أخيها شريف وهو يغالب النوم حتى يتمكن من انهاء مذاكرة دروسه التى سيمتحن فيها فى الغد فنهرها عن اللعب حوله وكادت يده أن تأتى على نهاية الثلاثة سنتيمترات الزجاجية المتبقية من العشرين طول زجاجة المصباح التى كسرها فى أول الليل فنظرت اليه سعديه أمه معاتبة على الوقوع فى الخطأ للمرة الثانية فى نفس الليلة ، وأدارت وجهها لتواجه وجه زوجها زيد الغنامى فوق سريرهما الجريدى الملاصق للحرام الصوف فرش الصغار .
صنع شريف قاربا من الورق وأعطاه لأخته فانصرفت عنه الصغيره حتى وضعت رأسها الصغير على الطبلية بجوار المصباح ونامت فحملتها سعديه ووضعتها فى مكانها بين الصغار ، وأحكمت الغطاء الصوف ليلفظ المصباح آخر أنفاسه فتظلم الغرفة وتشفق سعديه على ابنها فتتركه يخرج الى الشارع ليكمل مذاكرته مع ابناء الجيران أسفل المصباح الكهربائى بعد أن قطع وعدا على نفسه أمام أمه بأن لايكسر زجاج المصباح مرة أخرى .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه

52 من شارع ابوشلبى اول فيصل يولاق الدكرور رغيف سحله يقطع مهران عباس زغلول الشلرع جيئة وذهابا تسع مرات طوال اليوم ثلاث فى الصباح وثلاث فى الظهيرة وثلاث فى المساء عسى أن يمنحه أحد قرشا يمكنه من شراء رغيف من الخبز يسد جوعه ، فلايتوقف أحد المارة أوينظر اليه .. تنطلق السيارات مسرعة .. يستعطف مهران رجل التقاطع أن يوقف الاشارة على اللون الاحمر لدقائق اضافية حتى يرق قلب أحد اصحاب أوقائدى السيارات ليده الممتدة طوال اليوم ولم تجد طريقها الى جيبه ليدس قرشا واحدا .. لايلبى رجل التقاطع رجاء مهران .. يعرض مهران على رجل التقاطع أن يمنحه دعوة بطول العمر والرزق الوفير والترقى اذا مااستجاب لطلبه أوينقلب عليه فيدعو عليه فيوقف الرجل الاشارة . ينتقل مهران بين السيارات فيشيح البعض بالوجه ويغلق البعض الآخر زجاج النوافذ حتى تعطلت سيارة فى منتصف الطريق فنزل السائق ليدفعها الى جوار الرصيف فلم يستطع وساعده مهران عباس زغلول فشكره السائق وطلب مهران منه القرش فأخرجه متضررا .. انطلق مهران الى الفرن ليشترى الرغيف فوجده مزدحما عن آخره . تسلل مهران ليتقدم طابور الخمسة بعيدا عن العشرين والثلاثين حتى المائة .. علا صوت مهران يطلب من الرجل الرغيف ليمنحه القرش حتى غطى صوته على أصوات الآخرين فنهره الرجل ولم يصمت مهران حتى أعطاه الرجل الرغيف الوحيد المتبقى من الطاولة المباعة وكان رغيفا سحلة أسودا بلون الليل لم تنضج عجينته من القلب وقل فى وزنه عن نصف الرغيف المعتمد رسميا . رجا مهران البائع أن يغيّر الرغيف فأقسم الرجل أن لايغيّره .. رثت المرأة لحال مهران وطلبت من الرجل تغيير الرغيف من الخبز الذى ستأخذه فلن يضيرها واحد يضاف الى تسعة سحلة من بين عشرين رغيفا ستأخذها . يخرج رجل واقف الى جوار المرأة قرشا ويعطيه للبائع حتى يمنح مهران رغيفا آخر مطابقا للمواصفات فيسب البائع ويلعن آباء مهران عباس وزغلول الذين جاءوا به ليفتحوا عليه ابواب جهنم المغلقة والتى تقف أمامه خامدة ثلاث مرات يوميا على امتداد اربعين عاما هى اربعة اخماس عمره الذى قضاه فى هذا المكان ، ويقسم ثانية أن لولم يغادر مهران الفرن ويذهب الى حال سبيله فسيخرج ويؤكله الرغيف ملونا بتراب الارض بالقوة . لم يجد التهديد فى تحريك قدم مهران فخرج الرجل مندفعا ليأخذ الرغيف من يد مهران ويتربه بأرض الشارع ويضعه فى فم مهران بالقوة ليبر بقسمه ، ويصمت الزحام أمام قوة الرجل وجبروته وسنده بما لايقل عن عشرين عاملا لايعرفون الرحمة ينتظرون الاشارة فى الداخل .. لايجد مهران ريقا يبلع به الرغيف والتراب فتتوقف انفاسه ويسقط لتجىء سيارة تكريم الانسان الخيرية فتحمله الى مدافن الصدقة ليدفن وفى فمه التراب معجونا برغيف سحله . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


52 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

رغيف سحله

يقطع مهران عباس زغلول الشلرع جيئة وذهابا تسع مرات طوال اليوم ثلاث فى الصباح وثلاث فى الظهيرة وثلاث فى المساء عسى أن يمنحه أحد قرشا يمكنه من شراء رغيف من الخبز يسد جوعه ، فلايتوقف أحد المارة أوينظر اليه .. تنطلق السيارات مسرعة  .. يستعطف مهران رجل التقاطع أن يوقف الاشارة على اللون الاحمر لدقائق اضافية حتى يرق قلب أحد اصحاب أوقائدى السيارات ليده الممتدة طوال اليوم ولم تجد طريقها الى جيبه ليدس قرشا واحدا .. لايلبى رجل التقاطع رجاء مهران .. يعرض مهران على رجل التقاطع أن يمنحه دعوة بطول العمر والرزق الوفير والترقى اذا مااستجاب لطلبه  أوينقلب عليه فيدعو عليه فيوقف الرجل الاشارة .
ينتقل مهران بين السيارات فيشيح البعض بالوجه ويغلق البعض الآخر زجاج النوافذ حتى تعطلت سيارة فى منتصف الطريق فنزل السائق ليدفعها الى جوار الرصيف فلم يستطع وساعده مهران عباس زغلول فشكره السائق وطلب مهران منه القرش فأخرجه متضررا .. انطلق مهران الى الفرن ليشترى الرغيف فوجده مزدحما عن آخره .
تسلل مهران ليتقدم طابور الخمسة بعيدا عن العشرين والثلاثين حتى المائة .. علا صوت مهران يطلب من الرجل الرغيف ليمنحه القرش حتى غطى صوته على أصوات الآخرين فنهره الرجل ولم يصمت مهران حتى أعطاه الرجل الرغيف الوحيد المتبقى من الطاولة المباعة وكان رغيفا سحلة أسودا بلون الليل لم تنضج عجينته من القلب وقل فى وزنه عن نصف الرغيف المعتمد رسميا .
رجا مهران البائع أن يغيّر الرغيف فأقسم الرجل أن لايغيّره .. رثت المرأة لحال مهران وطلبت من الرجل تغيير الرغيف من الخبز الذى ستأخذه فلن يضيرها واحد يضاف الى تسعة سحلة من بين عشرين رغيفا ستأخذها .
يخرج رجل واقف الى جوار المرأة قرشا ويعطيه للبائع حتى يمنح مهران رغيفا آخر مطابقا للمواصفات فيسب البائع ويلعن آباء مهران عباس وزغلول الذين جاءوا به ليفتحوا عليه ابواب جهنم المغلقة والتى تقف أمامه خامدة ثلاث مرات يوميا على امتداد اربعين عاما هى اربعة اخماس عمره الذى قضاه فى هذا المكان ، ويقسم ثانية أن لولم يغادر مهران الفرن ويذهب الى حال سبيله فسيخرج ويؤكله الرغيف ملونا بتراب الارض بالقوة .
لم يجد التهديد فى تحريك قدم مهران فخرج الرجل مندفعا ليأخذ الرغيف من يد مهران ويتربه بأرض الشارع ويضعه فى فم مهران بالقوة ليبر بقسمه ، ويصمت الزحام أمام قوة الرجل وجبروته وسنده بما لايقل عن عشرين عاملا لايعرفون الرحمة ينتظرون الاشارة فى الداخل .. لايجد مهران ريقا يبلع به الرغيف والتراب فتتوقف انفاسه ويسقط لتجىء سيارة تكريم الانسان الخيرية فتحمله الى مدافن الصدقة ليدفن وفى فمه التراب معجونا برغيف سحله .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه

52 من شارع ابوشلبى اول فيصل يولاق الدكرور رغيف سحله يقطع مهران عباس زغلول الشلرع جيئة وذهابا تسع مرات طوال اليوم ثلاث فى الصباح وثلاث فى الظهيرة وثلاث فى المساء عسى أن يمنحه أحد قرشا يمكنه من شراء رغيف من الخبز يسد جوعه ، فلايتوقف أحد المارة أوينظر اليه .. تنطلق السيارات مسرعة .. يستعطف مهران رجل التقاطع أن يوقف الاشارة على اللون الاحمر لدقائق اضافية حتى يرق قلب أحد اصحاب أوقائدى السيارات ليده الممتدة طوال اليوم ولم تجد طريقها الى جيبه ليدس قرشا واحدا .. لايلبى رجل التقاطع رجاء مهران .. يعرض مهران على رجل التقاطع أن يمنحه دعوة بطول العمر والرزق الوفير والترقى اذا مااستجاب لطلبه أوينقلب عليه فيدعو عليه فيوقف الرجل الاشارة . ينتقل مهران بين السيارات فيشيح البعض بالوجه ويغلق البعض الآخر زجاج النوافذ حتى تعطلت سيارة فى منتصف الطريق فنزل السائق ليدفعها الى جوار الرصيف فلم يستطع وساعده مهران عباس زغلول فشكره السائق وطلب مهران منه القرش فأخرجه متضررا .. انطلق مهران الى الفرن ليشترى الرغيف فوجده مزدحما عن آخره . تسلل مهران ليتقدم طابور الخمسة بعيدا عن العشرين والثلاثين حتى المائة .. علا صوت مهران يطلب من الرجل الرغيف ليمنحه القرش حتى غطى صوته على أصوات الآخرين فنهره الرجل ولم يصمت مهران حتى أعطاه الرجل الرغيف الوحيد المتبقى من الطاولة المباعة وكان رغيفا سحلة أسودا بلون الليل لم تنضج عجينته من القلب وقل فى وزنه عن نصف الرغيف المعتمد رسميا . رجا مهران البائع أن يغيّر الرغيف فأقسم الرجل أن لايغيّره .. رثت المرأة لحال مهران وطلبت من الرجل تغيير الرغيف من الخبز الذى ستأخذه فلن يضيرها واحد يضاف الى تسعة سحلة من بين عشرين رغيفا ستأخذها . يخرج رجل واقف الى جوار المرأة قرشا ويعطيه للبائع حتى يمنح مهران رغيفا آخر مطابقا للمواصفات فيسب البائع ويلعن آباء مهران عباس وزغلول الذين جاءوا به ليفتحوا عليه ابواب جهنم المغلقة والتى تقف أمامه خامدة ثلاث مرات يوميا على امتداد اربعين عاما هى اربعة اخماس عمره الذى قضاه فى هذا المكان ، ويقسم ثانية أن لولم يغادر مهران الفرن ويذهب الى حال سبيله فسيخرج ويؤكله الرغيف ملونا بتراب الارض بالقوة . لم يجد التهديد فى تحريك قدم مهران فخرج الرجل مندفعا ليأخذ الرغيف من يد مهران ويتربه بأرض الشارع ويضعه فى فم مهران بالقوة ليبر بقسمه ، ويصمت الزحام أمام قوة الرجل وجبروته وسنده بما لايقل عن عشرين عاملا لايعرفون الرحمة ينتظرون الاشارة فى الداخل .. لايجد مهران ريقا يبلع به الرغيف والتراب فتتوقف انفاسه ويسقط لتجىء سيارة تكريم الانسان الخيرية فتحمله الى مدافن الصدقة ليدفن وفى فمه التراب معجونا برغيف سحله . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


52 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

رغيف سحله

يقطع مهران عباس زغلول الشلرع جيئة وذهابا تسع مرات طوال اليوم ثلاث فى الصباح وثلاث فى الظهيرة وثلاث فى المساء عسى أن يمنحه أحد قرشا يمكنه من شراء رغيف من الخبز يسد جوعه ، فلايتوقف أحد المارة أوينظر اليه .. تنطلق السيارات مسرعة  .. يستعطف مهران رجل التقاطع أن يوقف الاشارة على اللون الاحمر لدقائق اضافية حتى يرق قلب أحد اصحاب أوقائدى السيارات ليده الممتدة طوال اليوم ولم تجد طريقها الى جيبه ليدس قرشا واحدا .. لايلبى رجل التقاطع رجاء مهران .. يعرض مهران على رجل التقاطع أن يمنحه دعوة بطول العمر والرزق الوفير والترقى اذا مااستجاب لطلبه  أوينقلب عليه فيدعو عليه فيوقف الرجل الاشارة .
ينتقل مهران بين السيارات فيشيح البعض بالوجه ويغلق البعض الآخر زجاج النوافذ حتى تعطلت سيارة فى منتصف الطريق فنزل السائق ليدفعها الى جوار الرصيف فلم يستطع وساعده مهران عباس زغلول فشكره السائق وطلب مهران منه القرش فأخرجه متضررا .. انطلق مهران الى الفرن ليشترى الرغيف فوجده مزدحما عن آخره .
تسلل مهران ليتقدم طابور الخمسة بعيدا عن العشرين والثلاثين حتى المائة .. علا صوت مهران يطلب من الرجل الرغيف ليمنحه القرش حتى غطى صوته على أصوات الآخرين فنهره الرجل ولم يصمت مهران حتى أعطاه الرجل الرغيف الوحيد المتبقى من الطاولة المباعة وكان رغيفا سحلة أسودا بلون الليل لم تنضج عجينته من القلب وقل فى وزنه عن نصف الرغيف المعتمد رسميا .
رجا مهران البائع أن يغيّر الرغيف فأقسم الرجل أن لايغيّره .. رثت المرأة لحال مهران وطلبت من الرجل تغيير الرغيف من الخبز الذى ستأخذه فلن يضيرها واحد يضاف الى تسعة سحلة من بين عشرين رغيفا ستأخذها .
يخرج رجل واقف الى جوار المرأة قرشا ويعطيه للبائع حتى يمنح مهران رغيفا آخر مطابقا للمواصفات فيسب البائع ويلعن آباء مهران عباس وزغلول الذين جاءوا به ليفتحوا عليه ابواب جهنم المغلقة والتى تقف أمامه خامدة ثلاث مرات يوميا على امتداد اربعين عاما هى اربعة اخماس عمره الذى قضاه فى هذا المكان ، ويقسم ثانية أن لولم يغادر مهران الفرن ويذهب الى حال سبيله فسيخرج ويؤكله الرغيف ملونا بتراب الارض بالقوة .
لم يجد التهديد فى تحريك قدم مهران فخرج الرجل مندفعا ليأخذ الرغيف من يد مهران ويتربه بأرض الشارع ويضعه فى فم مهران بالقوة ليبر بقسمه ، ويصمت الزحام أمام قوة الرجل وجبروته وسنده بما لايقل عن عشرين عاملا لايعرفون الرحمة ينتظرون الاشارة فى الداخل .. لايجد مهران ريقا يبلع به الرغيف والتراب فتتوقف انفاسه ويسقط لتجىء سيارة تكريم الانسان الخيرية فتحمله الى مدافن الصدقة ليدفن وفى فمه التراب معجونا برغيف سحله .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه

51 من شارع ابوشلبى اول فيصل يولاق الدكرور رحيل رئيفه توفيت المعلمه رئيفه عن عمر يناهز الخامسة والتسعين بعدما عاصرت عددا من الحكومات لم تعاصره واحدة من بنات جيلها .. تخرج على يدىّ رئيفه مالايقل عن تسعمائة من اجمل فتيات المدائن ولم يتبق فى منزل رئيفه قبل رحيلها بعام سوى خمس فتيات هن اللائى كن يدرن المنزل القديم العامر بالود والمحبة والذى تابع وشهد اعتلاء اكثر من خديو للبلاد كما حزن رواده على مطاردة شاعر ثورة الفلاحين ورددوا الكثير من حلو اشعاره . كانت فتيات رئيفه تستمد القوة من المعلمة التى برعت فى اجتذاب كبار الباشوات والبكوات وحققت من المكاسب مالم تحققه واحدة من نساء المهنة ذائعات الصيت حتى ان صغار الموظفين كانوا يقصدون بابها لتجد رئيفه الحلول للكثير من المشاكل التى تعرض لهم فى المصالح لدى كبار الموظفين الذين يفدون اليها جماعات طلبا لراحة البال والاستجمام من عناء العمل وكثرة مطالب البيوت . انشقت عن رئيفه الكثيرات من بناتها وتركنها ليفتحن منازلهن المستقلة عقب وفاة المعلمة نبقه ام رئيفه والتى لم يشارك واحد من روادها فى الجنازة التى اقامتها لها ابنتها لانشغال الباشوات والبكوات فى توديع اللورد كرومر . قلّ تأثير بنات المعلمة نبقه ووريثتها رئيفه عندما اخذن قرارا بالاستقلال لتفرق المسؤولين العموميين بين البيوت ، ومازالت رئيفه تستأثر بتصيب الاسد للخبرة التى ورثتها عن امها نبقه وجدتها فجلايه وحرصها الدائم على أن لاتعلمها لاى واحدة من البنات الاغراب حتى لايتسببن فى اغلاق بيت فجلاية الشهير . قررت فتيات رئيفه المنشقات اغلاق منازلهن لعودة الرواد الى بيت رئيفه التى تقدم اشهر الراقصات والمغنيات المعتمدات فى اكبر الملاهى .. عادت فتيات رئيفه الى منزل المعلمة فجلايه وابنتها نبقه وحفيدتها رئيفه وهن منكسات الرؤوس يبدين الاسف الشديد والاعتذار حتى ترضى عنهن المعلمة فبلغ عددهن المائه . جاء يوم الرحيل وتجمعت كل بنات المنزل حول المعلمة يتلقين آخر وصاياها ، وقد انشغل رواد البيت باستقبال اعضاء الوفد العائد من المنفى .. ترحل رئيفه فى هدوء مع ولولات بناتها وعدم التفات اى من الرواد الى الرحيل كما حدث مع امها نبقه وجدتها فجلايه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه




51 من شارع ابوشلبى
اول فيصل يولاق الدكرور

 رحيل رئيفه
توفيت المعلمه رئيفه عن عمر يناهز الخامسة والتسعين بعدما عاصرت عددا من الحكومات لم تعاصره واحدة من بنات جيلها .. تخرج على يدىّ رئيفه مالايقل عن تسعمائة من اجمل فتيات المدائن ولم يتبق فى منزل رئيفه قبل رحيلها بعام سوى خمس فتيات هن اللائى كن يدرن المنزل القديم العامر بالود والمحبة والذى تابع وشهد اعتلاء اكثر من خديو للبلاد كما حزن رواده على مطاردة شاعر ثورة الفلاحين ورددوا الكثير من حلو اشعاره .
كانت فتيات رئيفه تستمد القوة من المعلمة التى برعت فى اجتذاب كبار الباشوات  والبكوات وحققت من المكاسب مالم تحققه واحدة من نساء المهنة ذائعات الصيت حتى ان صغار الموظفين كانوا يقصدون بابها لتجد رئيفه الحلول للكثير من المشاكل التى تعرض لهم فى المصالح لدى كبار الموظفين الذين يفدون اليها جماعات طلبا لراحة البال والاستجمام من عناء العمل وكثرة مطالب البيوت .
انشقت عن رئيفه الكثيرات من بناتها وتركنها ليفتحن منازلهن المستقلة عقب وفاة المعلمة نبقه ام رئيفه والتى لم يشارك واحد من روادها فى الجنازة التى اقامتها لها ابنتها لانشغال الباشوات والبكوات فى توديع اللورد كرومر .
قلّ تأثير بنات المعلمة نبقه ووريثتها رئيفه عندما اخذن قرارا بالاستقلال لتفرق المسؤولين العموميين بين البيوت ، ومازالت رئيفه تستأثر بتصيب الاسد للخبرة التى ورثتها عن امها نبقه وجدتها فجلايه وحرصها الدائم على أن لاتعلمها لاى واحدة من البنات الاغراب حتى لايتسببن فى اغلاق بيت فجلاية الشهير .
قررت فتيات رئيفه المنشقات اغلاق منازلهن لعودة الرواد الى بيت رئيفه التى تقدم اشهر الراقصات والمغنيات المعتمدات فى اكبر الملاهى .. عادت فتيات رئيفه الى منزل المعلمة فجلايه وابنتها نبقه وحفيدتها رئيفه وهن منكسات الرؤوس يبدين الاسف الشديد والاعتذار حتى ترضى عنهن المعلمة فبلغ عددهن المائه .
جاء يوم الرحيل وتجمعت كل بنات المنزل حول المعلمة يتلقين آخر وصاياها ، وقد انشغل رواد البيت باستقبال اعضاء الوفد العائد من المنفى .. ترحل رئيفه فى هدوء مع ولولات بناتها وعدم التفات اى من الرواد الى الرحيل كما حدث مع امها نبقه وجدتها فجلايه .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه

الأحد، 3 ديسمبر 2017

50 من شارع ابوشلبى اول فيصل قلب الشجره يتمزق قلب الشجرة المعمّرة التى تمتد جذورها الى مالايقل عن ألف عام مضت ، ولم تتمكن بلدية من البلديات فى العصور المختلفة مع تعاقب الحكومات تقليم فروعها أوحتى قطعها . تآزرت أظافر الأجيال المختلفة من الصغار ونحتت فى جسم الشجرة حتى تمكنت من صتع تجويف كبير داخل الشجرة المعمّرة ، واحتلها المعلم نادى بشله الذى جعل منها مقهى بوضع اليد ومنذ ذلك التاريخ القديم الذى لايعلمه أحد لمجىء كل سكان الحى بعده فقد سمّى شارع الشجرة المعمّرة باسم بشله وسمى قلب الشجرة العجوز بمقهى المعمرة وذاع صيتها فجذب انتباه كل ابناء المدائن الكبيرة ليشاهدوا عجيبة من عجائب الدنيا ويرتبطون بها بعد شربهم للقهوة التى يخلطها بشله بمقدار ضئيل جدا من زيت الأفيون فتشعرهم بحيوية الأسود التى شهد لها كل نساء الكون طوال الليالى الدافئة التى صادقن فيها شباب مدينة الشجرة العتيقة عبر الشوارع الفسيحة بعد تجوالهم فى مزارع الخشخاش والبانجو التى تشيع البهجة فى قلوب الصغار والكبار فيتعاطونه ليل نهار .. يحلمون بلاشىء وسط الأخضر الذى يهب القوة والمياه المغردة فى سقوطه من الشلالات العاليه . التقط عجوه ابن المعلم نادى بشله قطعة متوسطة الحجم من ثمار زهور الخشخاش ووضعها أسفل لسانه فمنحته قوتها ليهدم الجدار الذى يستند عليه حين شعر أن صدره يضيق ليقتله ، ثم أخرج علبة تبغه وأخرج سيجارة ليفرغ نصفها العلوى من التبغ ويحشوه بنبات البانجو .. أشعل السيجارة .. أطال النظر اليها .. لم يشعر بسقوط عود الثقاب المشتعل من بين أصابعه ..سرت النيران داخل مزرعة البانجو الجاف التى يمتلكها المعلم بشله خلف الشجرة العتيقة بوضع اليد أيضا ، وانتقلت بسرعة ضوء القمر الذى يحادثه عجوه الى حقل الخشخاش المجاور وقلب الشجرة المعمّرة .. سد الدخان الكثيف أنوف أهل شارع بشله فسقطت رؤسهم بين أيديهم ، والتصق زبائن المقهى بالمقاعد حتى تفحموا كما تفحم عجوه وأبوه بشله وأهل الشارع المسمى باسمه فى قلب منازلهم ، وتاهت معالم الشجرة العجوز بعد أن حمل الهواء رمادها الى البعيد لينسى أهل المدائن قلب الشجرة. قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 48 من شارع ابوشلبى اول فيصل قش الأرز يعبىء مغربى حسنى حماد قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم تجىء السيارة النقل الكبيرة ، يعلوها هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع كل مطب بطول الطريق الطويل من المدينة الى القرية يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى حسنى حماد باقتطاع جزء من القش فى كل نقلة حتى يكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الحجرة من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى حجرة الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش تآكلت الحصيرة الحلفا التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الأرض فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر يطمح كل ابناء القرية الى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة السيارة مع وقوفها أمام المحل حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف السيارة وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل القرية وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل القرية بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 47 من شارع ابوشلبى اول فيصل ثمن الماء جفت آبار الماء فى قرية ام حنين القابعة فى احضان الصحراء الواسعة والتى لاتتبع اداريا لأى اقليم من الاقاليم ولايصلها بالعمار الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب المدائن التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا . تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى ام حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش . حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من المدائن الى قرية ام حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه فلكى يأخذ كل فرد من ابناء القرية حصته من الماء عليه ان يدفع ثلث دخله .. قبل ابناء القرية الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى بيوتهن ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال القرية فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين دكانه بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى القريه ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء ام حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر طبيب القرية حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة . اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل القرية بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل القرية من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك . تجمع اهل القرية حول منزل جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه .. زاد رجاء اهل القرية بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من المدائن فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها . بدأ جزان يساومهم على الارض فرفضوا .. ساومهم على البيوت فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد . - لكن الصغار سيموتون . - وماذنبى انا ؟ - الماء لديك . - انا دافع فيه دم قلبى . ثار اهل القرية على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط حزان ميتا حزنا على ثروته .. ورث اهل القرية ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل القرية ، وعادت الابل المائة لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الارض والمنازل ثمن الماء . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 46 منشارع ابوشلبى اول فيصل تراجى توسط سمو الأمير تراجى صدر الجلسة فى مجمع الأمراء الأعلى كى ينظر الى الملح من القضايا التى أفزعته كثيرا حين فرضت نفسها عليه وجعلته يتذمر كثيرا فى جلسته حتى كاد ان يخرج من بدلته الاسموكن الواسعة ويجاوز طربوشه الأحمر الرأس بعد اشتعالها من الغيظ . لقد قررت الخاصة الملكية أن تستغنى عن واحدة من أهم مخدوميه المقربين والتى ربته صغيرا وأحبها وهو كبير كثيرا حتى صارت كأمه البديله .. قال رئيس الديوان :لقد كبرت وأصبحت غير مسؤلة عن تصرفاتها فينبغى الاستغناء عنها . تصدر البغل الكبير مدخل الاصطبل وأثار ضجة احتجاجا على الاهانة المستمرة التى يتعرض لها من السايس الذى لايعنى به فظل يصهل ويضرب بقدميه الأبواب والنوافذ والجدران حتى أخرج سمو الأمير تراجى من غمرة انفعاله ليهدأ ويتجه الى النافذة المطلة على الحديقة الكبيرة و يأخذ نفسا عميقا من الهواء لايشاركه فيه أى من الأمراء المشاركين فى الاجتماع الأعلى الموسع .. وقعت عينا تراجى على دموع عينى البغل الكبير وهو يعلن رفضه فى المدخل بجوار باب الأصطبل فاشتد غيظه لأن هذا البغل هو الذى كان يجر عربته وعربة والدته الأميرة نونه بنت السلطان حسن ، وحين أصابه الكبر تم الاستغناء عنه وأهانه السايس كثيرا فلايقدم له الا المتبقى من طعام خيل الخاصة ولاينظفه أوينظف أسفله فى المكان الذى خصص له فى الأصطبل بعيدا عن خيول الخاصة الصغيرة .. رفع البغل الكبير الرأس الى أعلى باحثا عن سيده الأمير تراجى - حين سمع صوته مجلجلا - حتى ينقذه من قرار رئيس خدم الخاصة الملكية والذى يقضى باعدامه بعد استنفاذ أغراضه ، وحين وقعت عيناه على عينى سيده هدأ البغل لتثور ثائرة الأمير تراجى ويعود الى جلسة مجمع الأمراء ليصب غضبه على رأس الباشا رئيس الديوان ، والذى رد مسرعا بان بوللى بيك سيعرض الأمر على ولى النعم جلالة الملك المعظم ملك مصر والسودان أدام الله عزه فى أوقات صفائه حتى ينتزع موافقته على عدم الاستغناء عن مخدومته سنيه بشنكس للمرة الثامنة على التوالى حتى لايصل الأمر الى سمو الأميرة نونه بنت السلطان حسن ابنة خالة ولى النعم وأم سمو الأمير تراجى ، والتى ستضطر الى التدخل بنفسها وستشتكى الى جلالته مما يتعرض له مخدوميها من ذل ومهانه . فوجىء رئيس الديوان بتغيير سمو الأمير تراجى للموضوع الذى كان يطرحه قائلا : ان بغالنا ليست كبغال الحكومة ، وسوف يعمل على عزل هذا السايس الأحمق الذى يسوى بين بغال الخاصة وبغال الحكومة التى تقدم طعاما للوحوش الضارية فى حدائق الحيوان حين تعدم بعد استنفاذ أغراضها . استرق البغل الكبير السمع الى صوت سيده وابن سيدته سمو الأمير تراجى العالى الذى أسكت جميع أصوات الأمراء فى جلسة المجمع ، وجعل الباشا رئيس الديوان يتلعثم كثيرا حتى استطاع أن ينتزع قرارا بمد خدمة مخدومته سنيه بشنكس فى الخاصة الملكية وقرارا آخر ينص على تسليمه البغل الكبير ونقله الى عزبته بضاحية حلوان . هدأ جسد سمو الأمير تراجى واستقر فى بدلته الأسموكن الواسعة وأشعل سيجاره الطويل وأخذ ينفس دخانه فى وجوه كل الأمراء الجالسين بلااستثناء ، وهو ينظر الى ضوء القمر الذى داعب عينيه من خلال زجاج النافذة ، ولايسمع من غابة أصوات الأمراء المتداخلة حرفا واحدا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 45 من شارع ابوشلبى اول فيصل بولاق الدكرور بوريّه جلست ثريا بوريه الخازندار على كومة من ملابس العروض الترفيهية التى كان يرتديها كبار الارتست فى تياترو الخازندار اشهر تياترهات روض الفرج على الاطلاق فى ذلك الوقت انتظارا للفراغ من المزاد الذى أقيم لبيع الأثاث بعد الحجز على بوريه التى تراكمت الديون عليها ولم تستطع سداد أجور الارتست من العاملين لديها .. يرن جرس المزاد ويكرر الرجل : الاأونا .. الادوا .. الاترى . ورثت ثريا بوريه الخازندار التياترو عن ابيها نوح الخازندار حفيد فرح بيك أول خازندار جاء فى صحبة محمد على باشا الكبير من بلاد البلقان وكان بائعا للدخان كسيده الباشا .. اشتهر تياترو الخازندار من بين تياتروهات روض الفرج ، ولمع اسمه لمساندة الخديوى لحفيد أول خازندار فى تاريخ الأسرة ، وكان يلجأ اليه كبار الأرتست والصييته ليلمعوا فى سمائه ثم ينطلقوا منه الى مختلف التياترهات الأقل حظا فى الشهرة مما دفع ثريا بوريه بنت نوح أن تفرض شروطها على راغبى العمل فى التياترو وتستقطع ثلاثة أرباع أجورهم لنفسها فيبقى الربع لهم مقابل الشهرة على خشبة مسرح نوح الخازندار أقدم وأشهر مكتشف للنجوم فى سوق الفن فى الشرق بأكمله والذى ترك الادارة لزوجته سيزويت الأناضولى حتى لزمت المنزل للمرض ، وأطلقت يد ابنتها بوريه فى التياترو .. يعلو صوت رجل المزاد ينادى : الااونا .. الادوا .. الاترى . كان نوح الخازندار يعشق سمك البورى الأحمر ، وحين رأى ابنته لحظة الميلاد قطعة لحم حمراء تشبه سمك البورى الأحمر قال لأمه نظله : لفى البوريه ، ومنذ ذلك الوقت التصق لقب البوريه بثريا الخازندار ، وعشقت الصغيرة كل ذكور سمك البورى كما كان والدها يعشق الاناث من أجل البطارخ التى كان يتفنن فى تسويتها وبعدة طرق كما كان يعشق الصيد ويرتحل عبر سواحل المياه الأقليميه حاملا غاباته البوص الطويلة وسنانيره وحقيبة الطعم المليئة بالدود ليغيب شهرا أو شهرين ويأتى بعدهما بسمك البورى الأحمر والمخطط وقد أكسبه الصيد الصبر على رعونة سيزويت زوجته وبوريه ابنته حتى رحل فى سلام منذ خمسة أعوام .. يواصل جرس المزاد دقاته : الااونا .. الادوا الاترى . رفع كل العاملين لدى بوريه راية التمرد وقرروا ان يتركوا التياترو فأغلقت لشهر كامل حتى مرت عليهم واحدا واحدا فى المنازل مقابل منحهم ضعف الراتب لتفلس بوريه مع نهاية الشهر الثانى . رفع الارتست فى نهاية الشهر الخامس قضية على بوريه يطالبونها بالسداد لاجورهم فيتم الحجز ، وأقيم المزاد لبيع الأثاث .. الااونا .. الادوا .. الاترى . تم بيع آخر قطعة ملابس كانت تجلس عليها بوريه فسحب المشترى الفستان لتسقط بوريه بعد أن فارقت الحياة ليتم اغلاق تياترو ثريا الخازندار الشهيرة ببوريه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون من شارع ابوشلبى اول فيصل بنات فكيهه تتلون وجوه بنات فكيهه بالأسمر والأشقر والقمحاوى فتحظى فكيهة بمكانة مرموقة وسط ابناء مهنتها حتى حازت على لقب بيك من القصر العالى .. وصل عدد بنات فكيهة الى المائة فتاة قادمة من مختلف الأنحاء مما دفع فكيهه الى تأجير ثلاثة منازل أخرى بجانب البيتين اللذين ورثتهما عن امها المعلمه لولا حتى تتمكن من تسكين كل عشرين فتاة فى منزل . اكتسبن بنات فكيهه من المعلمه صفات تميزهن عن سائر فتيات الشارع فالمعلمه تعطى الكثير لابناء السبيل وتخصص جزءا كبيرا من دخل الخمسة بيوت لمئات الفقراء الذين يمرون عليها ليلا لتحسن اليهم ، ويدعون لها بالستر والرزق الوفير وبعد أولاد الحرام عنها . تقتطع كل بنت من بنات فكيهه مليمات لتمنحها حسنة كى تكسب بها دعاءا يحميها من اولاد الحرام الكثيرين فى المنطقة والمناطق المجاورة .. أعادت فكيهه صياغة تسكين بناتها فى الخمسة بيوت فوضعت الشقراوات فى منزل والسمراوات فى الثانى والقمحاويات فى الثالث ، وملونى العيون فى الرابع أما الخامس فقد ضم البدينات حتى يسهل عليها تجهيز الطلب حين يأتى البكوات والهوانم فى طلب شغالة أوطباخة أومربية أومديرة منزل . سارت فكيهه سيرة أمها فى نظافة بناتها فكن ذوات سمعة طيبة .. زيّن منّو الأشوح للمعلم زقله الكفتجى فتوة الشارع أمر الاستفادة والثراء السريع الذى سيجنيه المعلم من وراء المائة فتاة اذا ماصار المسؤول عنهن بدلا من المعلمة فكيهه .. راقت الفكرة لزقله وجاء بالمعلمه زوزو من كلوت بيك لتتخير مايصلح منهن للعمل لديها .. وقع اختيار المعلمه زوزو على المائة كلهن ووعدت زقلة بحماية فتوات كلوت بيك اذا ماتعرض له أهالى الحى وحاولوا مساعدة بنات فكيهه . جاء زقله بالعربات الكارو وصعد فى صحبة رجاله الى المنازل الخمسة لينزل بالفتيات بالقوة .. علا صراخ الفتيات وغطى المنطقة .. تجمع أهالى الحى والفقراء وابناء السبيل من محبى المعلمة فكيهه ليساعدونها فى رد فتوة الحى زقله وفتوات كلوت بيك فقابلتهم السيوف والسنج والشوم ليتراجعوا ويعودوا من حيث جاءوا وغلّقوا الأبواب . حمل رجال زقله البنات على العربات الكارو وانطلقوا الى كلوت بيك ، ومازالت المعلمه فكيهه بنت البنوت التى لم تتزوج بعد وهى فى سن الستين تبكى بناتها اللتى لم تلدهن وفقدتهن الى الأبد . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون من شارع ابوشلبى اول فيصل برام بساريا تنظف الجدة سيدة بنت شحبيط سمك البساريا الصغير جدا فيلتف حولها بنات بنتها حياة التى طفشت مع عشيقها فؤاد أيوب أبوكامل وتركت زوجها حسنين أبو أحمد مع بناتها الخمسة لترعاهم الجدة سيده . تلقى تحية بنت حياة الكبرى بماء تنظيف البساريا الى جانب الجدار الملاصق لباب الدار فتسرى رائحة ماء الترعة المحمل بالبساريا الى أنوف الجيران الذين يتطلعون الى البنت التى اختفت سريعا مع دخولها الى قلب الدار . تحاول الجدة سيدة أن تنتهى من تجهيز برام البساريا فى وقت قياسى لتلحق سخونة الفرن التى دارت طوال اليوم تخبز للجيران مقابل ملاليم أوبعض من العيش الشمسى الذى لايحلو التهامه الاببرام البساريا المحبب لدى بنات بنتها الخمسه . تغسل تهانى بنت حسنين البرام وتضعه بين يدى الجدة ، وتقطع رئيسة فحلين البصل المخلوط بالملح والفلفل وتقلبهم مع قطعة صغيرة من الزبد فوق الكانون حتى يستوى لتعصر عليه نعمه رطلين الطماطم الكسر بعد أن تستبعد المعطوب ، وتعيده الى مكانه ليغلى مرة أومرتين ثم تجىء به الى الجدة التى تبدأ فى وضع البساريا بطول السنتيمتر ، وأحيانا الأثنين أوالثلاثة حتى يقترب من حافة البرام ، وتحمله مع فوقية صغر ى بنات بنتها الى سطح بلاط الفرن ، وتغلق الفوهتين الصغرى والكبرى كى تنضج البساريا . يحتمى البنات الصغار بجسد الجدة الى جوار دفىء الفرن فى انتظار عودة حسنين أبوأحمد والدهم فتحكى الجدة حكايتها مع جدهم الذى لم يعوزها فى يوم من الايام الى شىء، ودعت لخمستهن بالستر وأن يرزقهم المولى عزّ وجل باولاد الحلال الذين يصونوهم ، وتبعد الجدة عن ذكر أى شىء يتصل بابنتها التى جلبت لها العار بعد هربها مع فؤاد أيوب أبوكامل . يدخل حسنين ليأخذ مكانه فى الدائرة ويعطى للجدة قرطاس الشاى والسكر ويطير رأسه طربا من رائحة البرام والاستمتاع بحكايات الجده التى تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وعين فتحيه بنت عوض الله شويح الحسّاده زوجة أيوب أبوكامل شيخ الخفر وأم اللى مايتسمى فؤاد . تتسع فتحتا أنف فتحيه مع وصول تيار الهواء البارد يحمل رائحة برام البساريا فتحملق عيناها لتنظر الى موضع ماء غسيل البساريا الذى لم يجف بعد أمام الدار . تتأهب تحيه وتهانى لاستخراج البرام ، وتمد تحيه يدها بالبشكور الحديد فتلتقط طرف البرام بحرص شديد وتخرجه من الفتحة وتساعدها أختها تهانى فى حمله ، وفى منتصف الطريق يسقط البرام لتسرع الثلاث بنات الأصغر رئيسه ونعيمه وفوقيه الى اغتراف البساريا من على سطح الأرض وتنقلنه الى برام آخر سليم ، ويأكلنه ثم يشربن الشاى بالرغم من عين فتحيه بنت عوض الله شويح التى حسدت برام البساريا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 42 من شارع ابوشلبى اول فيصل ببغاء هندى يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة . تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه . زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن . فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق المدينة التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت : - ماأجمل فمه ياأماه . - لكنه هندى نحيف ياابنتى . - هذا سيبخس ثمنه . - لديك حق . - أنظرى ياأماه ماأجمل شعره .. ريشه . - عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى. - ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى . - كيف ياابنتى ؟ - سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا . رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى الواحة الكبيرة ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت : - ياابنتى انه لايفهم لغتنا . - سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل . نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة . بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الشرطة فجاءت مسرعة تدق باب السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم تتمكن الشرطة من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 41 من شارع ابوشلبى اول فيصل بانيو بالبطاس يشترى العاشق البطاس والاقراص لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى . يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا المنزل بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الشقة المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج شقته التمليك الذى دفع فيها ثمن القيراطين الطين اللذين ورثهما عن امه فى الريف ليصبح واحدا من اتحاد ملاك هذه العمارة ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الدور الذى يليها . رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب منه اولادا ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم . كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر . حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته على السلم ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها . سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما الى السلطات .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق . استطاع تامر أن يستخرج اذنا من النيابة بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ البانيو بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فى البانيو ، وتضع قرص المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى البانيو ليتحلل الجسد وتحار الاجهزة فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا . تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء . عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى شقتهم التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى البانيو بالبطاس . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


50 من شارع ابوشلبى
اول فيصل

قلب الشجره
يتمزق قلب الشجرة المعمّرة التى تمتد جذورها الى مالايقل عن ألف عام مضت ، ولم تتمكن بلدية من البلديات فى العصور المختلفة مع تعاقب الحكومات تقليم فروعها أوحتى قطعها .
تآزرت أظافر الأجيال المختلفة من الصغار ونحتت فى جسم الشجرة حتى تمكنت من صتع تجويف كبير داخل الشجرة المعمّرة ، واحتلها المعلم نادى بشله الذى جعل منها مقهى بوضع اليد ومنذ ذلك التاريخ القديم الذى لايعلمه أحد لمجىء كل سكان الحى بعده فقد سمّى شارع الشجرة المعمّرة باسم بشله وسمى قلب الشجرة العجوز بمقهى المعمرة وذاع صيتها فجذب انتباه كل ابناء المدائن الكبيرة ليشاهدوا عجيبة من عجائب الدنيا ويرتبطون بها بعد شربهم للقهوة التى يخلطها بشله بمقدار ضئيل جدا من زيت الأفيون فتشعرهم بحيوية الأسود التى شهد لها كل نساء الكون طوال الليالى الدافئة التى صادقن فيها شباب مدينة الشجرة العتيقة عبر الشوارع الفسيحة بعد تجوالهم فى مزارع الخشخاش والبانجو التى تشيع البهجة فى قلوب الصغار والكبار فيتعاطونه ليل نهار .. يحلمون بلاشىء وسط الأخضر الذى يهب القوة والمياه المغردة فى سقوطه من الشلالات العاليه .
التقط عجوه ابن المعلم نادى بشله قطعة متوسطة الحجم من ثمار زهور الخشخاش ووضعها أسفل لسانه فمنحته قوتها ليهدم الجدار الذى يستند عليه حين شعر أن صدره يضيق ليقتله ، ثم أخرج علبة تبغه وأخرج سيجارة ليفرغ نصفها العلوى من التبغ ويحشوه بنبات البانجو .. أشعل السيجارة .. أطال النظر اليها .. لم يشعر بسقوط عود الثقاب المشتعل من بين أصابعه ..سرت النيران داخل مزرعة البانجو الجاف التى يمتلكها المعلم بشله خلف الشجرة العتيقة بوضع اليد أيضا ، وانتقلت بسرعة ضوء القمر الذى يحادثه عجوه الى حقل الخشخاش المجاور وقلب الشجرة المعمّرة .. سد الدخان الكثيف أنوف أهل شارع بشله فسقطت رؤسهم بين أيديهم ، والتصق زبائن المقهى بالمقاعد حتى تفحموا كما تفحم عجوه وأبوه بشله وأهل الشارع المسمى باسمه فى قلب منازلهم ، وتاهت معالم الشجرة العجوز بعد أن حمل الهواء رمادها الى البعيد لينسى أهل المدائن قلب الشجرة.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
48 من شارع ابوشلبى
اول فيصل
قش الأرز
يعبىء مغربى حسنى حماد قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم
تجىء السيارة النقل الكبيرة ، يعلوها هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع كل مطب بطول الطريق الطويل من المدينة الى القرية
يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى حسنى حماد باقتطاع جزء من القش فى كل نقلة حتى يكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل
يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الحجرة من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى حجرة الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش
تآكلت الحصيرة الحلفا التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده
سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الأرض فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر
يطمح كل ابناء القرية الى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة السيارة مع وقوفها أمام المحل حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف السيارة وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل القرية وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل القرية بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم
يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
47 من شارع ابوشلبى
اول فيصل

ثمن الماء
جفت آبار الماء فى قرية ام حنين القابعة فى احضان الصحراء الواسعة والتى لاتتبع اداريا لأى اقليم من الاقاليم ولايصلها بالعمار الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب المدائن التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا .
تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى ام حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش .
حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من المدائن الى قرية ام حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه فلكى يأخذ كل فرد من ابناء القرية حصته من الماء عليه ان يدفع ثلث دخله  .. قبل ابناء القرية الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى بيوتهن ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال القرية فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين دكانه بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى القريه ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء ام حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر طبيب القرية حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة .
اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل القرية بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل  .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل القرية من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك  .
تجمع اهل القرية حول منزل جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه  .. زاد رجاء اهل القرية بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من المدائن فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها .
بدأ جزان يساومهم على الارض فرفضوا .. ساومهم على البيوت فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد  .
- لكن الصغار سيموتون .
- وماذنبى انا ؟
- الماء لديك .
- انا دافع فيه دم قلبى .
ثار اهل القرية على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط حزان ميتا حزنا على ثروته .. ورث اهل القرية ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل القرية  ، وعادت الابل المائة  لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الارض والمنازل ثمن الماء .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
46 منشارع ابوشلبى
اول فيصل
تراجى
توسط سمو الأمير تراجى صدر الجلسة فى مجمع الأمراء الأعلى كى ينظر الى الملح من القضايا التى أفزعته كثيرا حين فرضت نفسها عليه وجعلته يتذمر كثيرا فى جلسته حتى كاد ان يخرج من بدلته الاسموكن الواسعة ويجاوز طربوشه الأحمر الرأس بعد اشتعالها من الغيظ .
لقد قررت الخاصة الملكية أن تستغنى عن واحدة من أهم مخدوميه المقربين والتى ربته صغيرا وأحبها وهو كبير كثيرا حتى صارت كأمه البديله .. قال رئيس الديوان :لقد كبرت وأصبحت غير مسؤلة عن تصرفاتها فينبغى الاستغناء عنها .
تصدر البغل الكبير مدخل الاصطبل وأثار ضجة احتجاجا على الاهانة المستمرة التى يتعرض لها من السايس الذى لايعنى به فظل يصهل ويضرب بقدميه الأبواب والنوافذ والجدران حتى أخرج سمو الأمير تراجى من غمرة انفعاله ليهدأ ويتجه الى النافذة المطلة على الحديقة الكبيرة و يأخذ نفسا عميقا من الهواء لايشاركه فيه أى من الأمراء المشاركين فى الاجتماع الأعلى الموسع .. وقعت عينا تراجى على دموع عينى البغل الكبير وهو يعلن رفضه فى المدخل بجوار باب الأصطبل فاشتد غيظه لأن هذا البغل هو الذى كان يجر عربته وعربة والدته الأميرة نونه بنت السلطان حسن ، وحين أصابه الكبر تم الاستغناء عنه وأهانه السايس كثيرا فلايقدم له الا المتبقى من طعام خيل الخاصة ولاينظفه أوينظف أسفله فى المكان الذى خصص له فى الأصطبل بعيدا عن خيول الخاصة الصغيرة .. رفع البغل الكبير الرأس الى أعلى باحثا عن سيده الأمير تراجى - حين سمع صوته مجلجلا - حتى ينقذه من قرار رئيس خدم الخاصة الملكية والذى يقضى باعدامه بعد استنفاذ أغراضه ، وحين وقعت عيناه على عينى سيده هدأ البغل لتثور ثائرة الأمير تراجى ويعود الى جلسة مجمع الأمراء ليصب غضبه على رأس الباشا رئيس الديوان ، والذى رد مسرعا بان بوللى بيك سيعرض الأمر على ولى النعم جلالة الملك المعظم ملك مصر والسودان أدام الله عزه فى أوقات صفائه حتى ينتزع موافقته على عدم الاستغناء عن مخدومته سنيه بشنكس للمرة الثامنة على التوالى حتى لايصل الأمر الى سمو الأميرة نونه بنت السلطان حسن ابنة خالة ولى النعم وأم سمو الأمير تراجى ، والتى ستضطر الى التدخل بنفسها وستشتكى الى جلالته مما يتعرض له مخدوميها من ذل ومهانه .
فوجىء رئيس الديوان بتغيير سمو الأمير تراجى للموضوع الذى كان يطرحه قائلا : ان بغالنا ليست كبغال الحكومة ، وسوف يعمل على عزل هذا السايس الأحمق الذى يسوى بين بغال الخاصة وبغال الحكومة التى تقدم طعاما للوحوش الضارية فى حدائق الحيوان حين تعدم بعد استنفاذ أغراضها .
استرق البغل الكبير السمع الى صوت سيده وابن سيدته سمو الأمير تراجى العالى الذى أسكت جميع أصوات الأمراء فى جلسة المجمع ، وجعل الباشا رئيس الديوان يتلعثم كثيرا حتى استطاع أن ينتزع قرارا بمد خدمة مخدومته سنيه بشنكس فى الخاصة الملكية وقرارا آخر ينص على تسليمه البغل الكبير ونقله الى عزبته بضاحية حلوان .
هدأ جسد سمو الأمير تراجى واستقر فى بدلته الأسموكن الواسعة وأشعل سيجاره الطويل وأخذ ينفس دخانه فى وجوه كل الأمراء الجالسين بلااستثناء ، وهو ينظر الى ضوء القمر الذى داعب عينيه من خلال زجاج النافذة ، ولايسمع من غابة أصوات الأمراء المتداخلة حرفا واحدا .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
45 من شارع ابوشلبى
اول فيصل بولاق الدكرور

بوريّه
جلست ثريا بوريه الخازندار على كومة من ملابس العروض الترفيهية التى كان يرتديها كبار الارتست فى تياترو الخازندار اشهر تياترهات روض الفرج على الاطلاق فى ذلك الوقت انتظارا للفراغ من المزاد الذى أقيم لبيع الأثاث بعد الحجز على بوريه التى تراكمت الديون عليها ولم تستطع سداد أجور الارتست من العاملين لديها .. يرن جرس المزاد ويكرر الرجل : الاأونا .. الادوا .. الاترى .
ورثت ثريا بوريه الخازندار التياترو عن ابيها نوح الخازندار حفيد فرح بيك أول خازندار جاء فى صحبة محمد على باشا الكبير من بلاد البلقان وكان بائعا للدخان كسيده الباشا .. اشتهر تياترو الخازندار من بين تياتروهات روض الفرج ، ولمع اسمه لمساندة الخديوى لحفيد أول خازندار فى تاريخ الأسرة ، وكان يلجأ اليه كبار الأرتست والصييته ليلمعوا فى سمائه ثم ينطلقوا منه الى مختلف التياترهات الأقل حظا فى الشهرة مما دفع ثريا بوريه بنت نوح أن تفرض شروطها على راغبى العمل فى التياترو وتستقطع ثلاثة أرباع أجورهم لنفسها فيبقى  الربع لهم مقابل الشهرة على خشبة مسرح نوح الخازندار أقدم وأشهر مكتشف للنجوم فى سوق الفن فى الشرق بأكمله والذى ترك الادارة  لزوجته سيزويت الأناضولى حتى لزمت المنزل للمرض ، وأطلقت يد ابنتها بوريه فى التياترو .. يعلو صوت رجل المزاد ينادى : الااونا .. الادوا .. الاترى .
كان نوح الخازندار يعشق سمك البورى الأحمر ، وحين رأى ابنته لحظة الميلاد قطعة لحم حمراء تشبه سمك البورى الأحمر قال لأمه نظله : لفى البوريه ، ومنذ ذلك الوقت التصق لقب البوريه بثريا الخازندار ، وعشقت الصغيرة كل ذكور سمك البورى كما كان والدها يعشق الاناث من أجل البطارخ التى كان يتفنن فى تسويتها وبعدة طرق كما كان يعشق الصيد ويرتحل عبر سواحل المياه الأقليميه حاملا غاباته البوص الطويلة وسنانيره وحقيبة الطعم المليئة بالدود ليغيب شهرا أو شهرين ويأتى بعدهما بسمك البورى الأحمر والمخطط وقد أكسبه الصيد الصبر على رعونة سيزويت زوجته وبوريه ابنته حتى رحل فى سلام منذ خمسة أعوام .. يواصل جرس المزاد دقاته : الااونا .. الادوا الاترى .
رفع كل العاملين لدى بوريه راية التمرد وقرروا ان يتركوا التياترو فأغلقت لشهر كامل حتى مرت عليهم واحدا واحدا فى المنازل مقابل منحهم ضعف الراتب لتفلس بوريه مع نهاية الشهر الثانى .
رفع الارتست فى نهاية الشهر الخامس قضية على بوريه يطالبونها بالسداد لاجورهم فيتم الحجز ، وأقيم المزاد لبيع الأثاث .. الااونا .. الادوا .. الاترى .
تم بيع آخر قطعة ملابس كانت تجلس عليها بوريه فسحب المشترى الفستان لتسقط بوريه بعد أن فارقت الحياة ليتم اغلاق تياترو ثريا الخازندار الشهيرة ببوريه .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
من شارع ابوشلبى
اول فيصل
بنات فكيهه
تتلون وجوه بنات فكيهه بالأسمر والأشقر والقمحاوى فتحظى فكيهة بمكانة مرموقة وسط ابناء مهنتها حتى حازت على لقب بيك من القصر العالى .. وصل عدد بنات فكيهة الى المائة فتاة قادمة من مختلف الأنحاء مما دفع فكيهه الى تأجير ثلاثة منازل أخرى بجانب البيتين اللذين ورثتهما عن امها المعلمه لولا حتى تتمكن من تسكين كل عشرين فتاة فى منزل .
اكتسبن بنات فكيهه من المعلمه صفات تميزهن عن سائر فتيات الشارع فالمعلمه تعطى الكثير لابناء السبيل وتخصص جزءا كبيرا من دخل الخمسة بيوت لمئات الفقراء الذين يمرون عليها ليلا لتحسن اليهم ، ويدعون لها بالستر والرزق الوفير وبعد أولاد الحرام عنها .
تقتطع كل بنت من بنات فكيهه مليمات لتمنحها حسنة كى تكسب بها دعاءا يحميها من اولاد الحرام الكثيرين فى المنطقة والمناطق المجاورة .. أعادت فكيهه صياغة تسكين بناتها فى الخمسة بيوت فوضعت الشقراوات فى منزل والسمراوات فى الثانى والقمحاويات فى الثالث ، وملونى العيون فى الرابع أما الخامس فقد ضم البدينات حتى يسهل عليها تجهيز الطلب حين يأتى البكوات والهوانم فى طلب شغالة أوطباخة أومربية أومديرة منزل .
سارت فكيهه سيرة أمها فى نظافة بناتها فكن ذوات سمعة طيبة .. زيّن منّو الأشوح للمعلم زقله الكفتجى فتوة الشارع أمر الاستفادة والثراء السريع الذى سيجنيه المعلم من وراء المائة فتاة اذا ماصار المسؤول عنهن بدلا من المعلمة فكيهه .. راقت الفكرة لزقله وجاء بالمعلمه زوزو من كلوت بيك لتتخير مايصلح منهن للعمل لديها .. وقع اختيار المعلمه زوزو على المائة كلهن ووعدت زقلة بحماية فتوات كلوت بيك اذا ماتعرض له أهالى الحى وحاولوا مساعدة بنات فكيهه .
جاء زقله بالعربات الكارو وصعد فى صحبة رجاله الى المنازل الخمسة لينزل بالفتيات بالقوة .. علا صراخ الفتيات وغطى المنطقة .. تجمع أهالى الحى والفقراء وابناء السبيل من محبى المعلمة فكيهه ليساعدونها فى رد فتوة الحى زقله وفتوات كلوت بيك فقابلتهم السيوف والسنج والشوم ليتراجعوا ويعودوا من حيث جاءوا وغلّقوا الأبواب .
حمل رجال زقله البنات على العربات الكارو وانطلقوا الى كلوت بيك ، ومازالت المعلمه فكيهه بنت البنوت التى لم تتزوج بعد وهى فى سن الستين تبكى بناتها اللتى لم تلدهن وفقدتهن الى الأبد .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
من شارع ابوشلبى
اول فيصل
برام بساريا
تنظف الجدة سيدة بنت شحبيط سمك البساريا الصغير جدا فيلتف حولها بنات بنتها حياة التى طفشت مع عشيقها فؤاد أيوب أبوكامل وتركت زوجها حسنين أبو أحمد مع بناتها الخمسة لترعاهم الجدة سيده .
تلقى تحية بنت حياة الكبرى بماء تنظيف البساريا الى جانب الجدار الملاصق لباب الدار فتسرى رائحة ماء الترعة المحمل بالبساريا الى أنوف الجيران الذين يتطلعون الى البنت التى اختفت سريعا مع دخولها الى قلب الدار .
تحاول الجدة سيدة أن تنتهى من تجهيز برام البساريا فى وقت قياسى لتلحق سخونة الفرن التى دارت طوال اليوم تخبز للجيران مقابل ملاليم أوبعض من العيش الشمسى الذى لايحلو التهامه الاببرام البساريا المحبب لدى بنات بنتها الخمسه .
تغسل تهانى بنت حسنين البرام وتضعه بين يدى الجدة ، وتقطع رئيسة فحلين البصل المخلوط بالملح والفلفل وتقلبهم مع قطعة صغيرة من الزبد فوق الكانون حتى يستوى لتعصر عليه نعمه رطلين الطماطم الكسر بعد أن تستبعد المعطوب ، وتعيده الى مكانه ليغلى مرة أومرتين ثم تجىء به الى الجدة التى تبدأ فى وضع البساريا بطول السنتيمتر ، وأحيانا الأثنين أوالثلاثة حتى يقترب من حافة البرام ، وتحمله مع فوقية صغر ى بنات بنتها الى سطح بلاط الفرن ، وتغلق الفوهتين الصغرى والكبرى كى تنضج البساريا .
يحتمى البنات الصغار بجسد الجدة الى جوار دفىء الفرن فى انتظار عودة حسنين أبوأحمد والدهم فتحكى الجدة حكايتها مع جدهم الذى لم يعوزها فى يوم من الايام  الى شىء، ودعت لخمستهن بالستر وأن يرزقهم المولى عزّ وجل باولاد الحلال الذين يصونوهم ، وتبعد الجدة عن ذكر أى شىء يتصل بابنتها التى جلبت لها العار بعد هربها مع فؤاد أيوب أبوكامل .
يدخل حسنين ليأخذ مكانه فى الدائرة ويعطى للجدة قرطاس الشاى والسكر ويطير رأسه طربا من رائحة البرام والاستمتاع بحكايات الجده التى تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وعين فتحيه بنت عوض الله شويح الحسّاده زوجة أيوب أبوكامل شيخ الخفر وأم اللى مايتسمى فؤاد .
تتسع فتحتا أنف فتحيه مع وصول تيار الهواء البارد يحمل رائحة برام البساريا فتحملق عيناها لتنظر الى موضع ماء غسيل البساريا الذى لم يجف بعد أمام الدار .
تتأهب تحيه وتهانى لاستخراج البرام ، وتمد تحيه يدها بالبشكور الحديد فتلتقط طرف البرام بحرص شديد وتخرجه من الفتحة وتساعدها أختها تهانى فى حمله ، وفى منتصف الطريق يسقط البرام لتسرع الثلاث بنات الأصغر رئيسه ونعيمه وفوقيه الى اغتراف البساريا من على سطح الأرض وتنقلنه الى برام آخر سليم ، ويأكلنه ثم يشربن الشاى بالرغم من عين فتحيه بنت عوض الله شويح التى حسدت برام البساريا .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
42 من شارع ابوشلبى
اول فيصل
ببغاء هندى
يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة .
تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه .
زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن .
فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق المدينة التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت :
- ماأجمل فمه ياأماه .
- لكنه هندى نحيف ياابنتى .
- هذا سيبخس ثمنه .
- لديك حق .
- أنظرى ياأماه ماأجمل شعره ..  ريشه .
- عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى.
- ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى .
- كيف ياابنتى ؟
- سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا .
رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى الواحة الكبيرة ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت :
- ياابنتى انه لايفهم لغتنا .
- سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل .
نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة .
بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الشرطة فجاءت مسرعة تدق باب السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم تتمكن الشرطة من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
41 من  شارع ابوشلبى
اول فيصل
بانيو بالبطاس
يشترى العاشق البطاس والاقراص لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى .
يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا المنزل بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الشقة المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج شقته التمليك الذى دفع فيها ثمن القيراطين الطين اللذين ورثهما عن امه فى الريف ليصبح واحدا من اتحاد ملاك هذه العمارة ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الدور الذى يليها .
رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب منه اولادا ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم .
كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر .
حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته على السلم ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده  وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب  لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها .
سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما الى السلطات .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق .
استطاع تامر أن يستخرج اذنا من النيابة بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ البانيو بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فى البانيو ، وتضع قرص المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى البانيو ليتحلل الجسد وتحار الاجهزة فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا .
تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء .
عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى شقتهم التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى البانيو بالبطاس .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه









48 من شارع ابوشلبى اول فيصل قش الأرز يعبىء مغربى حسنى حماد قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم تجىء السيارة النقل الكبيرة ، يعلوها هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع كل مطب بطول الطريق الطويل من المدينة الى القرية يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى حسنى حماد باقتطاع جزء من القش فى كل نقلة حتى يكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الحجرة من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى حجرة الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش تآكلت الحصيرة الحلفا التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الأرض فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر يطمح كل ابناء القرية الى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة السيارة مع وقوفها أمام المحل حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف السيارة وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل القرية وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل القرية بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 47 من شارع ابوشلبى اول فيصل ثمن الماء جفت آبار الماء فى قرية ام حنين القابعة فى احضان الصحراء الواسعة والتى لاتتبع اداريا لأى اقليم من الاقاليم ولايصلها بالعمار الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب المدائن التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا . تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى ام حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش . حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من المدائن الى قرية ام حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه فلكى يأخذ كل فرد من ابناء القرية حصته من الماء عليه ان يدفع ثلث دخله .. قبل ابناء القرية الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى بيوتهن ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال القرية فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين دكانه بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى القريه ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء ام حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر طبيب القرية حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة . اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل القرية بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل القرية من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك . تجمع اهل القرية حول منزل جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه .. زاد رجاء اهل القرية بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من المدائن فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها . بدأ جزان يساومهم على الارض فرفضوا .. ساومهم على البيوت فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد . - لكن الصغار سيموتون . - وماذنبى انا ؟ - الماء لديك . - انا دافع فيه دم قلبى . ثار اهل القرية على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط حزان ميتا حزنا على ثروته .. ورث اهل القرية ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل القرية ، وعادت الابل المائة لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الارض والمنازل ثمن الماء . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 46 منشارع ابوشلبى اول فيصل تراجى توسط سمو الأمير تراجى صدر الجلسة فى مجمع الأمراء الأعلى كى ينظر الى الملح من القضايا التى أفزعته كثيرا حين فرضت نفسها عليه وجعلته يتذمر كثيرا فى جلسته حتى كاد ان يخرج من بدلته الاسموكن الواسعة ويجاوز طربوشه الأحمر الرأس بعد اشتعالها من الغيظ . لقد قررت الخاصة الملكية أن تستغنى عن واحدة من أهم مخدوميه المقربين والتى ربته صغيرا وأحبها وهو كبير كثيرا حتى صارت كأمه البديله .. قال رئيس الديوان :لقد كبرت وأصبحت غير مسؤلة عن تصرفاتها فينبغى الاستغناء عنها . تصدر البغل الكبير مدخل الاصطبل وأثار ضجة احتجاجا على الاهانة المستمرة التى يتعرض لها من السايس الذى لايعنى به فظل يصهل ويضرب بقدميه الأبواب والنوافذ والجدران حتى أخرج سمو الأمير تراجى من غمرة انفعاله ليهدأ ويتجه الى النافذة المطلة على الحديقة الكبيرة و يأخذ نفسا عميقا من الهواء لايشاركه فيه أى من الأمراء المشاركين فى الاجتماع الأعلى الموسع .. وقعت عينا تراجى على دموع عينى البغل الكبير وهو يعلن رفضه فى المدخل بجوار باب الأصطبل فاشتد غيظه لأن هذا البغل هو الذى كان يجر عربته وعربة والدته الأميرة نونه بنت السلطان حسن ، وحين أصابه الكبر تم الاستغناء عنه وأهانه السايس كثيرا فلايقدم له الا المتبقى من طعام خيل الخاصة ولاينظفه أوينظف أسفله فى المكان الذى خصص له فى الأصطبل بعيدا عن خيول الخاصة الصغيرة .. رفع البغل الكبير الرأس الى أعلى باحثا عن سيده الأمير تراجى - حين سمع صوته مجلجلا - حتى ينقذه من قرار رئيس خدم الخاصة الملكية والذى يقضى باعدامه بعد استنفاذ أغراضه ، وحين وقعت عيناه على عينى سيده هدأ البغل لتثور ثائرة الأمير تراجى ويعود الى جلسة مجمع الأمراء ليصب غضبه على رأس الباشا رئيس الديوان ، والذى رد مسرعا بان بوللى بيك سيعرض الأمر على ولى النعم جلالة الملك المعظم ملك مصر والسودان أدام الله عزه فى أوقات صفائه حتى ينتزع موافقته على عدم الاستغناء عن مخدومته سنيه بشنكس للمرة الثامنة على التوالى حتى لايصل الأمر الى سمو الأميرة نونه بنت السلطان حسن ابنة خالة ولى النعم وأم سمو الأمير تراجى ، والتى ستضطر الى التدخل بنفسها وستشتكى الى جلالته مما يتعرض له مخدوميها من ذل ومهانه . فوجىء رئيس الديوان بتغيير سمو الأمير تراجى للموضوع الذى كان يطرحه قائلا : ان بغالنا ليست كبغال الحكومة ، وسوف يعمل على عزل هذا السايس الأحمق الذى يسوى بين بغال الخاصة وبغال الحكومة التى تقدم طعاما للوحوش الضارية فى حدائق الحيوان حين تعدم بعد استنفاذ أغراضها . استرق البغل الكبير السمع الى صوت سيده وابن سيدته سمو الأمير تراجى العالى الذى أسكت جميع أصوات الأمراء فى جلسة المجمع ، وجعل الباشا رئيس الديوان يتلعثم كثيرا حتى استطاع أن ينتزع قرارا بمد خدمة مخدومته سنيه بشنكس فى الخاصة الملكية وقرارا آخر ينص على تسليمه البغل الكبير ونقله الى عزبته بضاحية حلوان . هدأ جسد سمو الأمير تراجى واستقر فى بدلته الأسموكن الواسعة وأشعل سيجاره الطويل وأخذ ينفس دخانه فى وجوه كل الأمراء الجالسين بلااستثناء ، وهو ينظر الى ضوء القمر الذى داعب عينيه من خلال زجاج النافذة ، ولايسمع من غابة أصوات الأمراء المتداخلة حرفا واحدا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 45 من شارع ابوشلبى اول فيصل بولاق الدكرور بوريّه جلست ثريا بوريه الخازندار على كومة من ملابس العروض الترفيهية التى كان يرتديها كبار الارتست فى تياترو الخازندار اشهر تياترهات روض الفرج على الاطلاق فى ذلك الوقت انتظارا للفراغ من المزاد الذى أقيم لبيع الأثاث بعد الحجز على بوريه التى تراكمت الديون عليها ولم تستطع سداد أجور الارتست من العاملين لديها .. يرن جرس المزاد ويكرر الرجل : الاأونا .. الادوا .. الاترى . ورثت ثريا بوريه الخازندار التياترو عن ابيها نوح الخازندار حفيد فرح بيك أول خازندار جاء فى صحبة محمد على باشا الكبير من بلاد البلقان وكان بائعا للدخان كسيده الباشا .. اشتهر تياترو الخازندار من بين تياتروهات روض الفرج ، ولمع اسمه لمساندة الخديوى لحفيد أول خازندار فى تاريخ الأسرة ، وكان يلجأ اليه كبار الأرتست والصييته ليلمعوا فى سمائه ثم ينطلقوا منه الى مختلف التياترهات الأقل حظا فى الشهرة مما دفع ثريا بوريه بنت نوح أن تفرض شروطها على راغبى العمل فى التياترو وتستقطع ثلاثة أرباع أجورهم لنفسها فيبقى الربع لهم مقابل الشهرة على خشبة مسرح نوح الخازندار أقدم وأشهر مكتشف للنجوم فى سوق الفن فى الشرق بأكمله والذى ترك الادارة لزوجته سيزويت الأناضولى حتى لزمت المنزل للمرض ، وأطلقت يد ابنتها بوريه فى التياترو .. يعلو صوت رجل المزاد ينادى : الااونا .. الادوا .. الاترى . كان نوح الخازندار يعشق سمك البورى الأحمر ، وحين رأى ابنته لحظة الميلاد قطعة لحم حمراء تشبه سمك البورى الأحمر قال لأمه نظله : لفى البوريه ، ومنذ ذلك الوقت التصق لقب البوريه بثريا الخازندار ، وعشقت الصغيرة كل ذكور سمك البورى كما كان والدها يعشق الاناث من أجل البطارخ التى كان يتفنن فى تسويتها وبعدة طرق كما كان يعشق الصيد ويرتحل عبر سواحل المياه الأقليميه حاملا غاباته البوص الطويلة وسنانيره وحقيبة الطعم المليئة بالدود ليغيب شهرا أو شهرين ويأتى بعدهما بسمك البورى الأحمر والمخطط وقد أكسبه الصيد الصبر على رعونة سيزويت زوجته وبوريه ابنته حتى رحل فى سلام منذ خمسة أعوام .. يواصل جرس المزاد دقاته : الااونا .. الادوا الاترى . رفع كل العاملين لدى بوريه راية التمرد وقرروا ان يتركوا التياترو فأغلقت لشهر كامل حتى مرت عليهم واحدا واحدا فى المنازل مقابل منحهم ضعف الراتب لتفلس بوريه مع نهاية الشهر الثانى . رفع الارتست فى نهاية الشهر الخامس قضية على بوريه يطالبونها بالسداد لاجورهم فيتم الحجز ، وأقيم المزاد لبيع الأثاث .. الااونا .. الادوا .. الاترى . تم بيع آخر قطعة ملابس كانت تجلس عليها بوريه فسحب المشترى الفستان لتسقط بوريه بعد أن فارقت الحياة ليتم اغلاق تياترو ثريا الخازندار الشهيرة ببوريه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون من شارع ابوشلبى اول فيصل بنات فكيهه تتلون وجوه بنات فكيهه بالأسمر والأشقر والقمحاوى فتحظى فكيهة بمكانة مرموقة وسط ابناء مهنتها حتى حازت على لقب بيك من القصر العالى .. وصل عدد بنات فكيهة الى المائة فتاة قادمة من مختلف الأنحاء مما دفع فكيهه الى تأجير ثلاثة منازل أخرى بجانب البيتين اللذين ورثتهما عن امها المعلمه لولا حتى تتمكن من تسكين كل عشرين فتاة فى منزل . اكتسبن بنات فكيهه من المعلمه صفات تميزهن عن سائر فتيات الشارع فالمعلمه تعطى الكثير لابناء السبيل وتخصص جزءا كبيرا من دخل الخمسة بيوت لمئات الفقراء الذين يمرون عليها ليلا لتحسن اليهم ، ويدعون لها بالستر والرزق الوفير وبعد أولاد الحرام عنها . تقتطع كل بنت من بنات فكيهه مليمات لتمنحها حسنة كى تكسب بها دعاءا يحميها من اولاد الحرام الكثيرين فى المنطقة والمناطق المجاورة .. أعادت فكيهه صياغة تسكين بناتها فى الخمسة بيوت فوضعت الشقراوات فى منزل والسمراوات فى الثانى والقمحاويات فى الثالث ، وملونى العيون فى الرابع أما الخامس فقد ضم البدينات حتى يسهل عليها تجهيز الطلب حين يأتى البكوات والهوانم فى طلب شغالة أوطباخة أومربية أومديرة منزل . سارت فكيهه سيرة أمها فى نظافة بناتها فكن ذوات سمعة طيبة .. زيّن منّو الأشوح للمعلم زقله الكفتجى فتوة الشارع أمر الاستفادة والثراء السريع الذى سيجنيه المعلم من وراء المائة فتاة اذا ماصار المسؤول عنهن بدلا من المعلمة فكيهه .. راقت الفكرة لزقله وجاء بالمعلمه زوزو من كلوت بيك لتتخير مايصلح منهن للعمل لديها .. وقع اختيار المعلمه زوزو على المائة كلهن ووعدت زقلة بحماية فتوات كلوت بيك اذا ماتعرض له أهالى الحى وحاولوا مساعدة بنات فكيهه . جاء زقله بالعربات الكارو وصعد فى صحبة رجاله الى المنازل الخمسة لينزل بالفتيات بالقوة .. علا صراخ الفتيات وغطى المنطقة .. تجمع أهالى الحى والفقراء وابناء السبيل من محبى المعلمة فكيهه ليساعدونها فى رد فتوة الحى زقله وفتوات كلوت بيك فقابلتهم السيوف والسنج والشوم ليتراجعوا ويعودوا من حيث جاءوا وغلّقوا الأبواب . حمل رجال زقله البنات على العربات الكارو وانطلقوا الى كلوت بيك ، ومازالت المعلمه فكيهه بنت البنوت التى لم تتزوج بعد وهى فى سن الستين تبكى بناتها اللتى لم تلدهن وفقدتهن الى الأبد . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون من شارع ابوشلبى اول فيصل برام بساريا تنظف الجدة سيدة بنت شحبيط سمك البساريا الصغير جدا فيلتف حولها بنات بنتها حياة التى طفشت مع عشيقها فؤاد أيوب أبوكامل وتركت زوجها حسنين أبو أحمد مع بناتها الخمسة لترعاهم الجدة سيده . تلقى تحية بنت حياة الكبرى بماء تنظيف البساريا الى جانب الجدار الملاصق لباب الدار فتسرى رائحة ماء الترعة المحمل بالبساريا الى أنوف الجيران الذين يتطلعون الى البنت التى اختفت سريعا مع دخولها الى قلب الدار . تحاول الجدة سيدة أن تنتهى من تجهيز برام البساريا فى وقت قياسى لتلحق سخونة الفرن التى دارت طوال اليوم تخبز للجيران مقابل ملاليم أوبعض من العيش الشمسى الذى لايحلو التهامه الاببرام البساريا المحبب لدى بنات بنتها الخمسه . تغسل تهانى بنت حسنين البرام وتضعه بين يدى الجدة ، وتقطع رئيسة فحلين البصل المخلوط بالملح والفلفل وتقلبهم مع قطعة صغيرة من الزبد فوق الكانون حتى يستوى لتعصر عليه نعمه رطلين الطماطم الكسر بعد أن تستبعد المعطوب ، وتعيده الى مكانه ليغلى مرة أومرتين ثم تجىء به الى الجدة التى تبدأ فى وضع البساريا بطول السنتيمتر ، وأحيانا الأثنين أوالثلاثة حتى يقترب من حافة البرام ، وتحمله مع فوقية صغر ى بنات بنتها الى سطح بلاط الفرن ، وتغلق الفوهتين الصغرى والكبرى كى تنضج البساريا . يحتمى البنات الصغار بجسد الجدة الى جوار دفىء الفرن فى انتظار عودة حسنين أبوأحمد والدهم فتحكى الجدة حكايتها مع جدهم الذى لم يعوزها فى يوم من الايام الى شىء، ودعت لخمستهن بالستر وأن يرزقهم المولى عزّ وجل باولاد الحلال الذين يصونوهم ، وتبعد الجدة عن ذكر أى شىء يتصل بابنتها التى جلبت لها العار بعد هربها مع فؤاد أيوب أبوكامل . يدخل حسنين ليأخذ مكانه فى الدائرة ويعطى للجدة قرطاس الشاى والسكر ويطير رأسه طربا من رائحة البرام والاستمتاع بحكايات الجده التى تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وعين فتحيه بنت عوض الله شويح الحسّاده زوجة أيوب أبوكامل شيخ الخفر وأم اللى مايتسمى فؤاد . تتسع فتحتا أنف فتحيه مع وصول تيار الهواء البارد يحمل رائحة برام البساريا فتحملق عيناها لتنظر الى موضع ماء غسيل البساريا الذى لم يجف بعد أمام الدار . تتأهب تحيه وتهانى لاستخراج البرام ، وتمد تحيه يدها بالبشكور الحديد فتلتقط طرف البرام بحرص شديد وتخرجه من الفتحة وتساعدها أختها تهانى فى حمله ، وفى منتصف الطريق يسقط البرام لتسرع الثلاث بنات الأصغر رئيسه ونعيمه وفوقيه الى اغتراف البساريا من على سطح الأرض وتنقلنه الى برام آخر سليم ، ويأكلنه ثم يشربن الشاى بالرغم من عين فتحيه بنت عوض الله شويح التى حسدت برام البساريا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 42 من شارع ابوشلبى اول فيصل ببغاء هندى يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة . تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه . زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن . فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق المدينة التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت : - ماأجمل فمه ياأماه . - لكنه هندى نحيف ياابنتى . - هذا سيبخس ثمنه . - لديك حق . - أنظرى ياأماه ماأجمل شعره .. ريشه . - عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى. - ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى . - كيف ياابنتى ؟ - سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا . رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى الواحة الكبيرة ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت : - ياابنتى انه لايفهم لغتنا . - سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل . نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة . بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الشرطة فجاءت مسرعة تدق باب السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم تتمكن الشرطة من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 41 من شارع ابوشلبى اول فيصل بانيو بالبطاس يشترى العاشق البطاس والاقراص لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى . يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا المنزل بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الشقة المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج شقته التمليك الذى دفع فيها ثمن القيراطين الطين اللذين ورثهما عن امه فى الريف ليصبح واحدا من اتحاد ملاك هذه العمارة ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الدور الذى يليها . رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب منه اولادا ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم . كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر . حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته على السلم ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها . سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما الى السلطات .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق . استطاع تامر أن يستخرج اذنا من النيابة بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ البانيو بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فى البانيو ، وتضع قرص المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى البانيو ليتحلل الجسد وتحار الاجهزة فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا . تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء . عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى شقتهم التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى البانيو بالبطاس . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


48 من شارع ابوشلبى
اول فيصل
قش الأرز
يعبىء مغربى حسنى حماد قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم
تجىء السيارة النقل الكبيرة ، يعلوها هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع كل مطب بطول الطريق الطويل من المدينة الى القرية
يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى حسنى حماد باقتطاع جزء من القش فى كل نقلة حتى يكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل
يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الحجرة من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى حجرة الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش
تآكلت الحصيرة الحلفا التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده
سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الأرض فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر
يطمح كل ابناء القرية الى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة السيارة مع وقوفها أمام المحل حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف السيارة وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل القرية وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل القرية بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم
يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
47 من شارع ابوشلبى
اول فيصل

ثمن الماء
جفت آبار الماء فى قرية ام حنين القابعة فى احضان الصحراء الواسعة والتى لاتتبع اداريا لأى اقليم من الاقاليم ولايصلها بالعمار الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب المدائن التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا .
تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى ام حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش .
حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من المدائن الى قرية ام حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه فلكى يأخذ كل فرد من ابناء القرية حصته من الماء عليه ان يدفع ثلث دخله  .. قبل ابناء القرية الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى بيوتهن ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال القرية فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين دكانه بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى القريه ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء ام حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر طبيب القرية حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة .
اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل القرية بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل  .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل القرية من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك  .
تجمع اهل القرية حول منزل جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه  .. زاد رجاء اهل القرية بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من المدائن فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها .
بدأ جزان يساومهم على الارض فرفضوا .. ساومهم على البيوت فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد  .
- لكن الصغار سيموتون .
- وماذنبى انا ؟
- الماء لديك .
- انا دافع فيه دم قلبى .
ثار اهل القرية على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط حزان ميتا حزنا على ثروته .. ورث اهل القرية ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل القرية  ، وعادت الابل المائة  لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الارض والمنازل ثمن الماء .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
46 منشارع ابوشلبى
اول فيصل
تراجى
توسط سمو الأمير تراجى صدر الجلسة فى مجمع الأمراء الأعلى كى ينظر الى الملح من القضايا التى أفزعته كثيرا حين فرضت نفسها عليه وجعلته يتذمر كثيرا فى جلسته حتى كاد ان يخرج من بدلته الاسموكن الواسعة ويجاوز طربوشه الأحمر الرأس بعد اشتعالها من الغيظ .
لقد قررت الخاصة الملكية أن تستغنى عن واحدة من أهم مخدوميه المقربين والتى ربته صغيرا وأحبها وهو كبير كثيرا حتى صارت كأمه البديله .. قال رئيس الديوان :لقد كبرت وأصبحت غير مسؤلة عن تصرفاتها فينبغى الاستغناء عنها .
تصدر البغل الكبير مدخل الاصطبل وأثار ضجة احتجاجا على الاهانة المستمرة التى يتعرض لها من السايس الذى لايعنى به فظل يصهل ويضرب بقدميه الأبواب والنوافذ والجدران حتى أخرج سمو الأمير تراجى من غمرة انفعاله ليهدأ ويتجه الى النافذة المطلة على الحديقة الكبيرة و يأخذ نفسا عميقا من الهواء لايشاركه فيه أى من الأمراء المشاركين فى الاجتماع الأعلى الموسع .. وقعت عينا تراجى على دموع عينى البغل الكبير وهو يعلن رفضه فى المدخل بجوار باب الأصطبل فاشتد غيظه لأن هذا البغل هو الذى كان يجر عربته وعربة والدته الأميرة نونه بنت السلطان حسن ، وحين أصابه الكبر تم الاستغناء عنه وأهانه السايس كثيرا فلايقدم له الا المتبقى من طعام خيل الخاصة ولاينظفه أوينظف أسفله فى المكان الذى خصص له فى الأصطبل بعيدا عن خيول الخاصة الصغيرة .. رفع البغل الكبير الرأس الى أعلى باحثا عن سيده الأمير تراجى - حين سمع صوته مجلجلا - حتى ينقذه من قرار رئيس خدم الخاصة الملكية والذى يقضى باعدامه بعد استنفاذ أغراضه ، وحين وقعت عيناه على عينى سيده هدأ البغل لتثور ثائرة الأمير تراجى ويعود الى جلسة مجمع الأمراء ليصب غضبه على رأس الباشا رئيس الديوان ، والذى رد مسرعا بان بوللى بيك سيعرض الأمر على ولى النعم جلالة الملك المعظم ملك مصر والسودان أدام الله عزه فى أوقات صفائه حتى ينتزع موافقته على عدم الاستغناء عن مخدومته سنيه بشنكس للمرة الثامنة على التوالى حتى لايصل الأمر الى سمو الأميرة نونه بنت السلطان حسن ابنة خالة ولى النعم وأم سمو الأمير تراجى ، والتى ستضطر الى التدخل بنفسها وستشتكى الى جلالته مما يتعرض له مخدوميها من ذل ومهانه .
فوجىء رئيس الديوان بتغيير سمو الأمير تراجى للموضوع الذى كان يطرحه قائلا : ان بغالنا ليست كبغال الحكومة ، وسوف يعمل على عزل هذا السايس الأحمق الذى يسوى بين بغال الخاصة وبغال الحكومة التى تقدم طعاما للوحوش الضارية فى حدائق الحيوان حين تعدم بعد استنفاذ أغراضها .
استرق البغل الكبير السمع الى صوت سيده وابن سيدته سمو الأمير تراجى العالى الذى أسكت جميع أصوات الأمراء فى جلسة المجمع ، وجعل الباشا رئيس الديوان يتلعثم كثيرا حتى استطاع أن ينتزع قرارا بمد خدمة مخدومته سنيه بشنكس فى الخاصة الملكية وقرارا آخر ينص على تسليمه البغل الكبير ونقله الى عزبته بضاحية حلوان .
هدأ جسد سمو الأمير تراجى واستقر فى بدلته الأسموكن الواسعة وأشعل سيجاره الطويل وأخذ ينفس دخانه فى وجوه كل الأمراء الجالسين بلااستثناء ، وهو ينظر الى ضوء القمر الذى داعب عينيه من خلال زجاج النافذة ، ولايسمع من غابة أصوات الأمراء المتداخلة حرفا واحدا .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
45 من شارع ابوشلبى
اول فيصل بولاق الدكرور

بوريّه
جلست ثريا بوريه الخازندار على كومة من ملابس العروض الترفيهية التى كان يرتديها كبار الارتست فى تياترو الخازندار اشهر تياترهات روض الفرج على الاطلاق فى ذلك الوقت انتظارا للفراغ من المزاد الذى أقيم لبيع الأثاث بعد الحجز على بوريه التى تراكمت الديون عليها ولم تستطع سداد أجور الارتست من العاملين لديها .. يرن جرس المزاد ويكرر الرجل : الاأونا .. الادوا .. الاترى .
ورثت ثريا بوريه الخازندار التياترو عن ابيها نوح الخازندار حفيد فرح بيك أول خازندار جاء فى صحبة محمد على باشا الكبير من بلاد البلقان وكان بائعا للدخان كسيده الباشا .. اشتهر تياترو الخازندار من بين تياتروهات روض الفرج ، ولمع اسمه لمساندة الخديوى لحفيد أول خازندار فى تاريخ الأسرة ، وكان يلجأ اليه كبار الأرتست والصييته ليلمعوا فى سمائه ثم ينطلقوا منه الى مختلف التياترهات الأقل حظا فى الشهرة مما دفع ثريا بوريه بنت نوح أن تفرض شروطها على راغبى العمل فى التياترو وتستقطع ثلاثة أرباع أجورهم لنفسها فيبقى  الربع لهم مقابل الشهرة على خشبة مسرح نوح الخازندار أقدم وأشهر مكتشف للنجوم فى سوق الفن فى الشرق بأكمله والذى ترك الادارة  لزوجته سيزويت الأناضولى حتى لزمت المنزل للمرض ، وأطلقت يد ابنتها بوريه فى التياترو .. يعلو صوت رجل المزاد ينادى : الااونا .. الادوا .. الاترى .
كان نوح الخازندار يعشق سمك البورى الأحمر ، وحين رأى ابنته لحظة الميلاد قطعة لحم حمراء تشبه سمك البورى الأحمر قال لأمه نظله : لفى البوريه ، ومنذ ذلك الوقت التصق لقب البوريه بثريا الخازندار ، وعشقت الصغيرة كل ذكور سمك البورى كما كان والدها يعشق الاناث من أجل البطارخ التى كان يتفنن فى تسويتها وبعدة طرق كما كان يعشق الصيد ويرتحل عبر سواحل المياه الأقليميه حاملا غاباته البوص الطويلة وسنانيره وحقيبة الطعم المليئة بالدود ليغيب شهرا أو شهرين ويأتى بعدهما بسمك البورى الأحمر والمخطط وقد أكسبه الصيد الصبر على رعونة سيزويت زوجته وبوريه ابنته حتى رحل فى سلام منذ خمسة أعوام .. يواصل جرس المزاد دقاته : الااونا .. الادوا الاترى .
رفع كل العاملين لدى بوريه راية التمرد وقرروا ان يتركوا التياترو فأغلقت لشهر كامل حتى مرت عليهم واحدا واحدا فى المنازل مقابل منحهم ضعف الراتب لتفلس بوريه مع نهاية الشهر الثانى .
رفع الارتست فى نهاية الشهر الخامس قضية على بوريه يطالبونها بالسداد لاجورهم فيتم الحجز ، وأقيم المزاد لبيع الأثاث .. الااونا .. الادوا .. الاترى .
تم بيع آخر قطعة ملابس كانت تجلس عليها بوريه فسحب المشترى الفستان لتسقط بوريه بعد أن فارقت الحياة ليتم اغلاق تياترو ثريا الخازندار الشهيرة ببوريه .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
من شارع ابوشلبى
اول فيصل
بنات فكيهه
تتلون وجوه بنات فكيهه بالأسمر والأشقر والقمحاوى فتحظى فكيهة بمكانة مرموقة وسط ابناء مهنتها حتى حازت على لقب بيك من القصر العالى .. وصل عدد بنات فكيهة الى المائة فتاة قادمة من مختلف الأنحاء مما دفع فكيهه الى تأجير ثلاثة منازل أخرى بجانب البيتين اللذين ورثتهما عن امها المعلمه لولا حتى تتمكن من تسكين كل عشرين فتاة فى منزل .
اكتسبن بنات فكيهه من المعلمه صفات تميزهن عن سائر فتيات الشارع فالمعلمه تعطى الكثير لابناء السبيل وتخصص جزءا كبيرا من دخل الخمسة بيوت لمئات الفقراء الذين يمرون عليها ليلا لتحسن اليهم ، ويدعون لها بالستر والرزق الوفير وبعد أولاد الحرام عنها .
تقتطع كل بنت من بنات فكيهه مليمات لتمنحها حسنة كى تكسب بها دعاءا يحميها من اولاد الحرام الكثيرين فى المنطقة والمناطق المجاورة .. أعادت فكيهه صياغة تسكين بناتها فى الخمسة بيوت فوضعت الشقراوات فى منزل والسمراوات فى الثانى والقمحاويات فى الثالث ، وملونى العيون فى الرابع أما الخامس فقد ضم البدينات حتى يسهل عليها تجهيز الطلب حين يأتى البكوات والهوانم فى طلب شغالة أوطباخة أومربية أومديرة منزل .
سارت فكيهه سيرة أمها فى نظافة بناتها فكن ذوات سمعة طيبة .. زيّن منّو الأشوح للمعلم زقله الكفتجى فتوة الشارع أمر الاستفادة والثراء السريع الذى سيجنيه المعلم من وراء المائة فتاة اذا ماصار المسؤول عنهن بدلا من المعلمة فكيهه .. راقت الفكرة لزقله وجاء بالمعلمه زوزو من كلوت بيك لتتخير مايصلح منهن للعمل لديها .. وقع اختيار المعلمه زوزو على المائة كلهن ووعدت زقلة بحماية فتوات كلوت بيك اذا ماتعرض له أهالى الحى وحاولوا مساعدة بنات فكيهه .
جاء زقله بالعربات الكارو وصعد فى صحبة رجاله الى المنازل الخمسة لينزل بالفتيات بالقوة .. علا صراخ الفتيات وغطى المنطقة .. تجمع أهالى الحى والفقراء وابناء السبيل من محبى المعلمة فكيهه ليساعدونها فى رد فتوة الحى زقله وفتوات كلوت بيك فقابلتهم السيوف والسنج والشوم ليتراجعوا ويعودوا من حيث جاءوا وغلّقوا الأبواب .
حمل رجال زقله البنات على العربات الكارو وانطلقوا الى كلوت بيك ، ومازالت المعلمه فكيهه بنت البنوت التى لم تتزوج بعد وهى فى سن الستين تبكى بناتها اللتى لم تلدهن وفقدتهن الى الأبد .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
من شارع ابوشلبى
اول فيصل
برام بساريا
تنظف الجدة سيدة بنت شحبيط سمك البساريا الصغير جدا فيلتف حولها بنات بنتها حياة التى طفشت مع عشيقها فؤاد أيوب أبوكامل وتركت زوجها حسنين أبو أحمد مع بناتها الخمسة لترعاهم الجدة سيده .
تلقى تحية بنت حياة الكبرى بماء تنظيف البساريا الى جانب الجدار الملاصق لباب الدار فتسرى رائحة ماء الترعة المحمل بالبساريا الى أنوف الجيران الذين يتطلعون الى البنت التى اختفت سريعا مع دخولها الى قلب الدار .
تحاول الجدة سيدة أن تنتهى من تجهيز برام البساريا فى وقت قياسى لتلحق سخونة الفرن التى دارت طوال اليوم تخبز للجيران مقابل ملاليم أوبعض من العيش الشمسى الذى لايحلو التهامه الاببرام البساريا المحبب لدى بنات بنتها الخمسه .
تغسل تهانى بنت حسنين البرام وتضعه بين يدى الجدة ، وتقطع رئيسة فحلين البصل المخلوط بالملح والفلفل وتقلبهم مع قطعة صغيرة من الزبد فوق الكانون حتى يستوى لتعصر عليه نعمه رطلين الطماطم الكسر بعد أن تستبعد المعطوب ، وتعيده الى مكانه ليغلى مرة أومرتين ثم تجىء به الى الجدة التى تبدأ فى وضع البساريا بطول السنتيمتر ، وأحيانا الأثنين أوالثلاثة حتى يقترب من حافة البرام ، وتحمله مع فوقية صغر ى بنات بنتها الى سطح بلاط الفرن ، وتغلق الفوهتين الصغرى والكبرى كى تنضج البساريا .
يحتمى البنات الصغار بجسد الجدة الى جوار دفىء الفرن فى انتظار عودة حسنين أبوأحمد والدهم فتحكى الجدة حكايتها مع جدهم الذى لم يعوزها فى يوم من الايام  الى شىء، ودعت لخمستهن بالستر وأن يرزقهم المولى عزّ وجل باولاد الحلال الذين يصونوهم ، وتبعد الجدة عن ذكر أى شىء يتصل بابنتها التى جلبت لها العار بعد هربها مع فؤاد أيوب أبوكامل .
يدخل حسنين ليأخذ مكانه فى الدائرة ويعطى للجدة قرطاس الشاى والسكر ويطير رأسه طربا من رائحة البرام والاستمتاع بحكايات الجده التى تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وعين فتحيه بنت عوض الله شويح الحسّاده زوجة أيوب أبوكامل شيخ الخفر وأم اللى مايتسمى فؤاد .
تتسع فتحتا أنف فتحيه مع وصول تيار الهواء البارد يحمل رائحة برام البساريا فتحملق عيناها لتنظر الى موضع ماء غسيل البساريا الذى لم يجف بعد أمام الدار .
تتأهب تحيه وتهانى لاستخراج البرام ، وتمد تحيه يدها بالبشكور الحديد فتلتقط طرف البرام بحرص شديد وتخرجه من الفتحة وتساعدها أختها تهانى فى حمله ، وفى منتصف الطريق يسقط البرام لتسرع الثلاث بنات الأصغر رئيسه ونعيمه وفوقيه الى اغتراف البساريا من على سطح الأرض وتنقلنه الى برام آخر سليم ، ويأكلنه ثم يشربن الشاى بالرغم من عين فتحيه بنت عوض الله شويح التى حسدت برام البساريا .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
42 من شارع ابوشلبى
اول فيصل
ببغاء هندى
يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة .
تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه .
زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن .
فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق المدينة التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت :
- ماأجمل فمه ياأماه .
- لكنه هندى نحيف ياابنتى .
- هذا سيبخس ثمنه .
- لديك حق .
- أنظرى ياأماه ماأجمل شعره ..  ريشه .
- عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى.
- ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى .
- كيف ياابنتى ؟
- سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا .
رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى الواحة الكبيرة ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت :
- ياابنتى انه لايفهم لغتنا .
- سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل .
نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة .
بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الشرطة فجاءت مسرعة تدق باب السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم تتمكن الشرطة من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
41 من  شارع ابوشلبى
اول فيصل
بانيو بالبطاس
يشترى العاشق البطاس والاقراص لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى .
يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا المنزل بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الشقة المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج شقته التمليك الذى دفع فيها ثمن القيراطين الطين اللذين ورثهما عن امه فى الريف ليصبح واحدا من اتحاد ملاك هذه العمارة ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الدور الذى يليها .
رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب منه اولادا ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم .
كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر .
حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته على السلم ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده  وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب  لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها .
سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما الى السلطات .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق .
استطاع تامر أن يستخرج اذنا من النيابة بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ البانيو بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فى البانيو ، وتضع قرص المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى البانيو ليتحلل الجسد وتحار الاجهزة فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا .
تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء .
عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى شقتهم التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى البانيو بالبطاس .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه








47 من شارع ابوشلبى اول فيصل ثمن الماء جفت آبار الماء فى قرية ام حنين القابعة فى احضان الصحراء الواسعة والتى لاتتبع اداريا لأى اقليم من الاقاليم ولايصلها بالعمار الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب المدائن التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا . تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى ام حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش . حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من المدائن الى قرية ام حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه فلكى يأخذ كل فرد من ابناء القرية حصته من الماء عليه ان يدفع ثلث دخله .. قبل ابناء القرية الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى بيوتهن ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال القرية فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين دكانه بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى القريه ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء ام حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر طبيب القرية حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة . اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل القرية بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل القرية من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك . تجمع اهل القرية حول منزل جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه .. زاد رجاء اهل القرية بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من المدائن فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها . بدأ جزان يساومهم على الارض فرفضوا .. ساومهم على البيوت فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد . - لكن الصغار سيموتون . - وماذنبى انا ؟ - الماء لديك . - انا دافع فيه دم قلبى . ثار اهل القرية على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط حزان ميتا حزنا على ثروته .. ورث اهل القرية ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل القرية ، وعادت الابل المائة لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الارض والمنازل ثمن الماء . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 46 منشارع ابوشلبى اول فيصل تراجى توسط سمو الأمير تراجى صدر الجلسة فى مجمع الأمراء الأعلى كى ينظر الى الملح من القضايا التى أفزعته كثيرا حين فرضت نفسها عليه وجعلته يتذمر كثيرا فى جلسته حتى كاد ان يخرج من بدلته الاسموكن الواسعة ويجاوز طربوشه الأحمر الرأس بعد اشتعالها من الغيظ . لقد قررت الخاصة الملكية أن تستغنى عن واحدة من أهم مخدوميه المقربين والتى ربته صغيرا وأحبها وهو كبير كثيرا حتى صارت كأمه البديله .. قال رئيس الديوان :لقد كبرت وأصبحت غير مسؤلة عن تصرفاتها فينبغى الاستغناء عنها . تصدر البغل الكبير مدخل الاصطبل وأثار ضجة احتجاجا على الاهانة المستمرة التى يتعرض لها من السايس الذى لايعنى به فظل يصهل ويضرب بقدميه الأبواب والنوافذ والجدران حتى أخرج سمو الأمير تراجى من غمرة انفعاله ليهدأ ويتجه الى النافذة المطلة على الحديقة الكبيرة و يأخذ نفسا عميقا من الهواء لايشاركه فيه أى من الأمراء المشاركين فى الاجتماع الأعلى الموسع .. وقعت عينا تراجى على دموع عينى البغل الكبير وهو يعلن رفضه فى المدخل بجوار باب الأصطبل فاشتد غيظه لأن هذا البغل هو الذى كان يجر عربته وعربة والدته الأميرة نونه بنت السلطان حسن ، وحين أصابه الكبر تم الاستغناء عنه وأهانه السايس كثيرا فلايقدم له الا المتبقى من طعام خيل الخاصة ولاينظفه أوينظف أسفله فى المكان الذى خصص له فى الأصطبل بعيدا عن خيول الخاصة الصغيرة .. رفع البغل الكبير الرأس الى أعلى باحثا عن سيده الأمير تراجى - حين سمع صوته مجلجلا - حتى ينقذه من قرار رئيس خدم الخاصة الملكية والذى يقضى باعدامه بعد استنفاذ أغراضه ، وحين وقعت عيناه على عينى سيده هدأ البغل لتثور ثائرة الأمير تراجى ويعود الى جلسة مجمع الأمراء ليصب غضبه على رأس الباشا رئيس الديوان ، والذى رد مسرعا بان بوللى بيك سيعرض الأمر على ولى النعم جلالة الملك المعظم ملك مصر والسودان أدام الله عزه فى أوقات صفائه حتى ينتزع موافقته على عدم الاستغناء عن مخدومته سنيه بشنكس للمرة الثامنة على التوالى حتى لايصل الأمر الى سمو الأميرة نونه بنت السلطان حسن ابنة خالة ولى النعم وأم سمو الأمير تراجى ، والتى ستضطر الى التدخل بنفسها وستشتكى الى جلالته مما يتعرض له مخدوميها من ذل ومهانه . فوجىء رئيس الديوان بتغيير سمو الأمير تراجى للموضوع الذى كان يطرحه قائلا : ان بغالنا ليست كبغال الحكومة ، وسوف يعمل على عزل هذا السايس الأحمق الذى يسوى بين بغال الخاصة وبغال الحكومة التى تقدم طعاما للوحوش الضارية فى حدائق الحيوان حين تعدم بعد استنفاذ أغراضها . استرق البغل الكبير السمع الى صوت سيده وابن سيدته سمو الأمير تراجى العالى الذى أسكت جميع أصوات الأمراء فى جلسة المجمع ، وجعل الباشا رئيس الديوان يتلعثم كثيرا حتى استطاع أن ينتزع قرارا بمد خدمة مخدومته سنيه بشنكس فى الخاصة الملكية وقرارا آخر ينص على تسليمه البغل الكبير ونقله الى عزبته بضاحية حلوان . هدأ جسد سمو الأمير تراجى واستقر فى بدلته الأسموكن الواسعة وأشعل سيجاره الطويل وأخذ ينفس دخانه فى وجوه كل الأمراء الجالسين بلااستثناء ، وهو ينظر الى ضوء القمر الذى داعب عينيه من خلال زجاج النافذة ، ولايسمع من غابة أصوات الأمراء المتداخلة حرفا واحدا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 45 من شارع ابوشلبى اول فيصل بولاق الدكرور بوريّه جلست ثريا بوريه الخازندار على كومة من ملابس العروض الترفيهية التى كان يرتديها كبار الارتست فى تياترو الخازندار اشهر تياترهات روض الفرج على الاطلاق فى ذلك الوقت انتظارا للفراغ من المزاد الذى أقيم لبيع الأثاث بعد الحجز على بوريه التى تراكمت الديون عليها ولم تستطع سداد أجور الارتست من العاملين لديها .. يرن جرس المزاد ويكرر الرجل : الاأونا .. الادوا .. الاترى . ورثت ثريا بوريه الخازندار التياترو عن ابيها نوح الخازندار حفيد فرح بيك أول خازندار جاء فى صحبة محمد على باشا الكبير من بلاد البلقان وكان بائعا للدخان كسيده الباشا .. اشتهر تياترو الخازندار من بين تياتروهات روض الفرج ، ولمع اسمه لمساندة الخديوى لحفيد أول خازندار فى تاريخ الأسرة ، وكان يلجأ اليه كبار الأرتست والصييته ليلمعوا فى سمائه ثم ينطلقوا منه الى مختلف التياترهات الأقل حظا فى الشهرة مما دفع ثريا بوريه بنت نوح أن تفرض شروطها على راغبى العمل فى التياترو وتستقطع ثلاثة أرباع أجورهم لنفسها فيبقى الربع لهم مقابل الشهرة على خشبة مسرح نوح الخازندار أقدم وأشهر مكتشف للنجوم فى سوق الفن فى الشرق بأكمله والذى ترك الادارة لزوجته سيزويت الأناضولى حتى لزمت المنزل للمرض ، وأطلقت يد ابنتها بوريه فى التياترو .. يعلو صوت رجل المزاد ينادى : الااونا .. الادوا .. الاترى . كان نوح الخازندار يعشق سمك البورى الأحمر ، وحين رأى ابنته لحظة الميلاد قطعة لحم حمراء تشبه سمك البورى الأحمر قال لأمه نظله : لفى البوريه ، ومنذ ذلك الوقت التصق لقب البوريه بثريا الخازندار ، وعشقت الصغيرة كل ذكور سمك البورى كما كان والدها يعشق الاناث من أجل البطارخ التى كان يتفنن فى تسويتها وبعدة طرق كما كان يعشق الصيد ويرتحل عبر سواحل المياه الأقليميه حاملا غاباته البوص الطويلة وسنانيره وحقيبة الطعم المليئة بالدود ليغيب شهرا أو شهرين ويأتى بعدهما بسمك البورى الأحمر والمخطط وقد أكسبه الصيد الصبر على رعونة سيزويت زوجته وبوريه ابنته حتى رحل فى سلام منذ خمسة أعوام .. يواصل جرس المزاد دقاته : الااونا .. الادوا الاترى . رفع كل العاملين لدى بوريه راية التمرد وقرروا ان يتركوا التياترو فأغلقت لشهر كامل حتى مرت عليهم واحدا واحدا فى المنازل مقابل منحهم ضعف الراتب لتفلس بوريه مع نهاية الشهر الثانى . رفع الارتست فى نهاية الشهر الخامس قضية على بوريه يطالبونها بالسداد لاجورهم فيتم الحجز ، وأقيم المزاد لبيع الأثاث .. الااونا .. الادوا .. الاترى . تم بيع آخر قطعة ملابس كانت تجلس عليها بوريه فسحب المشترى الفستان لتسقط بوريه بعد أن فارقت الحياة ليتم اغلاق تياترو ثريا الخازندار الشهيرة ببوريه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون من شارع ابوشلبى اول فيصل بنات فكيهه تتلون وجوه بنات فكيهه بالأسمر والأشقر والقمحاوى فتحظى فكيهة بمكانة مرموقة وسط ابناء مهنتها حتى حازت على لقب بيك من القصر العالى .. وصل عدد بنات فكيهة الى المائة فتاة قادمة من مختلف الأنحاء مما دفع فكيهه الى تأجير ثلاثة منازل أخرى بجانب البيتين اللذين ورثتهما عن امها المعلمه لولا حتى تتمكن من تسكين كل عشرين فتاة فى منزل . اكتسبن بنات فكيهه من المعلمه صفات تميزهن عن سائر فتيات الشارع فالمعلمه تعطى الكثير لابناء السبيل وتخصص جزءا كبيرا من دخل الخمسة بيوت لمئات الفقراء الذين يمرون عليها ليلا لتحسن اليهم ، ويدعون لها بالستر والرزق الوفير وبعد أولاد الحرام عنها . تقتطع كل بنت من بنات فكيهه مليمات لتمنحها حسنة كى تكسب بها دعاءا يحميها من اولاد الحرام الكثيرين فى المنطقة والمناطق المجاورة .. أعادت فكيهه صياغة تسكين بناتها فى الخمسة بيوت فوضعت الشقراوات فى منزل والسمراوات فى الثانى والقمحاويات فى الثالث ، وملونى العيون فى الرابع أما الخامس فقد ضم البدينات حتى يسهل عليها تجهيز الطلب حين يأتى البكوات والهوانم فى طلب شغالة أوطباخة أومربية أومديرة منزل . سارت فكيهه سيرة أمها فى نظافة بناتها فكن ذوات سمعة طيبة .. زيّن منّو الأشوح للمعلم زقله الكفتجى فتوة الشارع أمر الاستفادة والثراء السريع الذى سيجنيه المعلم من وراء المائة فتاة اذا ماصار المسؤول عنهن بدلا من المعلمة فكيهه .. راقت الفكرة لزقله وجاء بالمعلمه زوزو من كلوت بيك لتتخير مايصلح منهن للعمل لديها .. وقع اختيار المعلمه زوزو على المائة كلهن ووعدت زقلة بحماية فتوات كلوت بيك اذا ماتعرض له أهالى الحى وحاولوا مساعدة بنات فكيهه . جاء زقله بالعربات الكارو وصعد فى صحبة رجاله الى المنازل الخمسة لينزل بالفتيات بالقوة .. علا صراخ الفتيات وغطى المنطقة .. تجمع أهالى الحى والفقراء وابناء السبيل من محبى المعلمة فكيهه ليساعدونها فى رد فتوة الحى زقله وفتوات كلوت بيك فقابلتهم السيوف والسنج والشوم ليتراجعوا ويعودوا من حيث جاءوا وغلّقوا الأبواب . حمل رجال زقله البنات على العربات الكارو وانطلقوا الى كلوت بيك ، ومازالت المعلمه فكيهه بنت البنوت التى لم تتزوج بعد وهى فى سن الستين تبكى بناتها اللتى لم تلدهن وفقدتهن الى الأبد . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون من شارع ابوشلبى اول فيصل برام بساريا تنظف الجدة سيدة بنت شحبيط سمك البساريا الصغير جدا فيلتف حولها بنات بنتها حياة التى طفشت مع عشيقها فؤاد أيوب أبوكامل وتركت زوجها حسنين أبو أحمد مع بناتها الخمسة لترعاهم الجدة سيده . تلقى تحية بنت حياة الكبرى بماء تنظيف البساريا الى جانب الجدار الملاصق لباب الدار فتسرى رائحة ماء الترعة المحمل بالبساريا الى أنوف الجيران الذين يتطلعون الى البنت التى اختفت سريعا مع دخولها الى قلب الدار . تحاول الجدة سيدة أن تنتهى من تجهيز برام البساريا فى وقت قياسى لتلحق سخونة الفرن التى دارت طوال اليوم تخبز للجيران مقابل ملاليم أوبعض من العيش الشمسى الذى لايحلو التهامه الاببرام البساريا المحبب لدى بنات بنتها الخمسه . تغسل تهانى بنت حسنين البرام وتضعه بين يدى الجدة ، وتقطع رئيسة فحلين البصل المخلوط بالملح والفلفل وتقلبهم مع قطعة صغيرة من الزبد فوق الكانون حتى يستوى لتعصر عليه نعمه رطلين الطماطم الكسر بعد أن تستبعد المعطوب ، وتعيده الى مكانه ليغلى مرة أومرتين ثم تجىء به الى الجدة التى تبدأ فى وضع البساريا بطول السنتيمتر ، وأحيانا الأثنين أوالثلاثة حتى يقترب من حافة البرام ، وتحمله مع فوقية صغر ى بنات بنتها الى سطح بلاط الفرن ، وتغلق الفوهتين الصغرى والكبرى كى تنضج البساريا . يحتمى البنات الصغار بجسد الجدة الى جوار دفىء الفرن فى انتظار عودة حسنين أبوأحمد والدهم فتحكى الجدة حكايتها مع جدهم الذى لم يعوزها فى يوم من الايام الى شىء، ودعت لخمستهن بالستر وأن يرزقهم المولى عزّ وجل باولاد الحلال الذين يصونوهم ، وتبعد الجدة عن ذكر أى شىء يتصل بابنتها التى جلبت لها العار بعد هربها مع فؤاد أيوب أبوكامل . يدخل حسنين ليأخذ مكانه فى الدائرة ويعطى للجدة قرطاس الشاى والسكر ويطير رأسه طربا من رائحة البرام والاستمتاع بحكايات الجده التى تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وعين فتحيه بنت عوض الله شويح الحسّاده زوجة أيوب أبوكامل شيخ الخفر وأم اللى مايتسمى فؤاد . تتسع فتحتا أنف فتحيه مع وصول تيار الهواء البارد يحمل رائحة برام البساريا فتحملق عيناها لتنظر الى موضع ماء غسيل البساريا الذى لم يجف بعد أمام الدار . تتأهب تحيه وتهانى لاستخراج البرام ، وتمد تحيه يدها بالبشكور الحديد فتلتقط طرف البرام بحرص شديد وتخرجه من الفتحة وتساعدها أختها تهانى فى حمله ، وفى منتصف الطريق يسقط البرام لتسرع الثلاث بنات الأصغر رئيسه ونعيمه وفوقيه الى اغتراف البساريا من على سطح الأرض وتنقلنه الى برام آخر سليم ، ويأكلنه ثم يشربن الشاى بالرغم من عين فتحيه بنت عوض الله شويح التى حسدت برام البساريا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 42 من شارع ابوشلبى اول فيصل ببغاء هندى يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة . تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه . زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن . فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق المدينة التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت : - ماأجمل فمه ياأماه . - لكنه هندى نحيف ياابنتى . - هذا سيبخس ثمنه . - لديك حق . - أنظرى ياأماه ماأجمل شعره .. ريشه . - عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى. - ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى . - كيف ياابنتى ؟ - سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا . رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى الواحة الكبيرة ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت : - ياابنتى انه لايفهم لغتنا . - سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل . نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة . بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الشرطة فجاءت مسرعة تدق باب السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم تتمكن الشرطة من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون 41 من شارع ابوشلبى اول فيصل بانيو بالبطاس يشترى العاشق البطاس والاقراص لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى . يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا المنزل بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الشقة المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج شقته التمليك الذى دفع فيها ثمن القيراطين الطين اللذين ورثهما عن امه فى الريف ليصبح واحدا من اتحاد ملاك هذه العمارة ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الدور الذى يليها . رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب منه اولادا ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم . كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر . حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته على السلم ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها . سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما الى السلطات .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق . استطاع تامر أن يستخرج اذنا من النيابة بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ البانيو بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فى البانيو ، وتضع قرص المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى البانيو ليتحلل الجسد وتحار الاجهزة فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا . تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء . عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى شقتهم التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى البانيو بالبطاس . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى باتحاد الاذاعة والتليفزيون العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


47 من شارع ابوشلبى
اول فيصل

ثمن الماء
جفت آبار الماء فى قرية ام حنين القابعة فى احضان الصحراء الواسعة والتى لاتتبع اداريا لأى اقليم من الاقاليم ولايصلها بالعمار الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب المدائن التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا .
تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى ام حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش .
حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من المدائن الى قرية ام حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه فلكى يأخذ كل فرد من ابناء القرية حصته من الماء عليه ان يدفع ثلث دخله  .. قبل ابناء القرية الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى بيوتهن ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال القرية فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين دكانه بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى القريه ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء ام حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر طبيب القرية حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة .
اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل القرية بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل  .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل القرية من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك  .
تجمع اهل القرية حول منزل جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه  .. زاد رجاء اهل القرية بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من المدائن فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها .
بدأ جزان يساومهم على الارض فرفضوا .. ساومهم على البيوت فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد  .
- لكن الصغار سيموتون .
- وماذنبى انا ؟
- الماء لديك .
- انا دافع فيه دم قلبى .
ثار اهل القرية على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط حزان ميتا حزنا على ثروته .. ورث اهل القرية ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل القرية  ، وعادت الابل المائة  لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الارض والمنازل ثمن الماء .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
46 منشارع ابوشلبى
اول فيصل
تراجى
توسط سمو الأمير تراجى صدر الجلسة فى مجمع الأمراء الأعلى كى ينظر الى الملح من القضايا التى أفزعته كثيرا حين فرضت نفسها عليه وجعلته يتذمر كثيرا فى جلسته حتى كاد ان يخرج من بدلته الاسموكن الواسعة ويجاوز طربوشه الأحمر الرأس بعد اشتعالها من الغيظ .
لقد قررت الخاصة الملكية أن تستغنى عن واحدة من أهم مخدوميه المقربين والتى ربته صغيرا وأحبها وهو كبير كثيرا حتى صارت كأمه البديله .. قال رئيس الديوان :لقد كبرت وأصبحت غير مسؤلة عن تصرفاتها فينبغى الاستغناء عنها .
تصدر البغل الكبير مدخل الاصطبل وأثار ضجة احتجاجا على الاهانة المستمرة التى يتعرض لها من السايس الذى لايعنى به فظل يصهل ويضرب بقدميه الأبواب والنوافذ والجدران حتى أخرج سمو الأمير تراجى من غمرة انفعاله ليهدأ ويتجه الى النافذة المطلة على الحديقة الكبيرة و يأخذ نفسا عميقا من الهواء لايشاركه فيه أى من الأمراء المشاركين فى الاجتماع الأعلى الموسع .. وقعت عينا تراجى على دموع عينى البغل الكبير وهو يعلن رفضه فى المدخل بجوار باب الأصطبل فاشتد غيظه لأن هذا البغل هو الذى كان يجر عربته وعربة والدته الأميرة نونه بنت السلطان حسن ، وحين أصابه الكبر تم الاستغناء عنه وأهانه السايس كثيرا فلايقدم له الا المتبقى من طعام خيل الخاصة ولاينظفه أوينظف أسفله فى المكان الذى خصص له فى الأصطبل بعيدا عن خيول الخاصة الصغيرة .. رفع البغل الكبير الرأس الى أعلى باحثا عن سيده الأمير تراجى - حين سمع صوته مجلجلا - حتى ينقذه من قرار رئيس خدم الخاصة الملكية والذى يقضى باعدامه بعد استنفاذ أغراضه ، وحين وقعت عيناه على عينى سيده هدأ البغل لتثور ثائرة الأمير تراجى ويعود الى جلسة مجمع الأمراء ليصب غضبه على رأس الباشا رئيس الديوان ، والذى رد مسرعا بان بوللى بيك سيعرض الأمر على ولى النعم جلالة الملك المعظم ملك مصر والسودان أدام الله عزه فى أوقات صفائه حتى ينتزع موافقته على عدم الاستغناء عن مخدومته سنيه بشنكس للمرة الثامنة على التوالى حتى لايصل الأمر الى سمو الأميرة نونه بنت السلطان حسن ابنة خالة ولى النعم وأم سمو الأمير تراجى ، والتى ستضطر الى التدخل بنفسها وستشتكى الى جلالته مما يتعرض له مخدوميها من ذل ومهانه .
فوجىء رئيس الديوان بتغيير سمو الأمير تراجى للموضوع الذى كان يطرحه قائلا : ان بغالنا ليست كبغال الحكومة ، وسوف يعمل على عزل هذا السايس الأحمق الذى يسوى بين بغال الخاصة وبغال الحكومة التى تقدم طعاما للوحوش الضارية فى حدائق الحيوان حين تعدم بعد استنفاذ أغراضها .
استرق البغل الكبير السمع الى صوت سيده وابن سيدته سمو الأمير تراجى العالى الذى أسكت جميع أصوات الأمراء فى جلسة المجمع ، وجعل الباشا رئيس الديوان يتلعثم كثيرا حتى استطاع أن ينتزع قرارا بمد خدمة مخدومته سنيه بشنكس فى الخاصة الملكية وقرارا آخر ينص على تسليمه البغل الكبير ونقله الى عزبته بضاحية حلوان .
هدأ جسد سمو الأمير تراجى واستقر فى بدلته الأسموكن الواسعة وأشعل سيجاره الطويل وأخذ ينفس دخانه فى وجوه كل الأمراء الجالسين بلااستثناء ، وهو ينظر الى ضوء القمر الذى داعب عينيه من خلال زجاج النافذة ، ولايسمع من غابة أصوات الأمراء المتداخلة حرفا واحدا .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
45 من شارع ابوشلبى
اول فيصل بولاق الدكرور

بوريّه
جلست ثريا بوريه الخازندار على كومة من ملابس العروض الترفيهية التى كان يرتديها كبار الارتست فى تياترو الخازندار اشهر تياترهات روض الفرج على الاطلاق فى ذلك الوقت انتظارا للفراغ من المزاد الذى أقيم لبيع الأثاث بعد الحجز على بوريه التى تراكمت الديون عليها ولم تستطع سداد أجور الارتست من العاملين لديها .. يرن جرس المزاد ويكرر الرجل : الاأونا .. الادوا .. الاترى .
ورثت ثريا بوريه الخازندار التياترو عن ابيها نوح الخازندار حفيد فرح بيك أول خازندار جاء فى صحبة محمد على باشا الكبير من بلاد البلقان وكان بائعا للدخان كسيده الباشا .. اشتهر تياترو الخازندار من بين تياتروهات روض الفرج ، ولمع اسمه لمساندة الخديوى لحفيد أول خازندار فى تاريخ الأسرة ، وكان يلجأ اليه كبار الأرتست والصييته ليلمعوا فى سمائه ثم ينطلقوا منه الى مختلف التياترهات الأقل حظا فى الشهرة مما دفع ثريا بوريه بنت نوح أن تفرض شروطها على راغبى العمل فى التياترو وتستقطع ثلاثة أرباع أجورهم لنفسها فيبقى  الربع لهم مقابل الشهرة على خشبة مسرح نوح الخازندار أقدم وأشهر مكتشف للنجوم فى سوق الفن فى الشرق بأكمله والذى ترك الادارة  لزوجته سيزويت الأناضولى حتى لزمت المنزل للمرض ، وأطلقت يد ابنتها بوريه فى التياترو .. يعلو صوت رجل المزاد ينادى : الااونا .. الادوا .. الاترى .
كان نوح الخازندار يعشق سمك البورى الأحمر ، وحين رأى ابنته لحظة الميلاد قطعة لحم حمراء تشبه سمك البورى الأحمر قال لأمه نظله : لفى البوريه ، ومنذ ذلك الوقت التصق لقب البوريه بثريا الخازندار ، وعشقت الصغيرة كل ذكور سمك البورى كما كان والدها يعشق الاناث من أجل البطارخ التى كان يتفنن فى تسويتها وبعدة طرق كما كان يعشق الصيد ويرتحل عبر سواحل المياه الأقليميه حاملا غاباته البوص الطويلة وسنانيره وحقيبة الطعم المليئة بالدود ليغيب شهرا أو شهرين ويأتى بعدهما بسمك البورى الأحمر والمخطط وقد أكسبه الصيد الصبر على رعونة سيزويت زوجته وبوريه ابنته حتى رحل فى سلام منذ خمسة أعوام .. يواصل جرس المزاد دقاته : الااونا .. الادوا الاترى .
رفع كل العاملين لدى بوريه راية التمرد وقرروا ان يتركوا التياترو فأغلقت لشهر كامل حتى مرت عليهم واحدا واحدا فى المنازل مقابل منحهم ضعف الراتب لتفلس بوريه مع نهاية الشهر الثانى .
رفع الارتست فى نهاية الشهر الخامس قضية على بوريه يطالبونها بالسداد لاجورهم فيتم الحجز ، وأقيم المزاد لبيع الأثاث .. الااونا .. الادوا .. الاترى .
تم بيع آخر قطعة ملابس كانت تجلس عليها بوريه فسحب المشترى الفستان لتسقط بوريه بعد أن فارقت الحياة ليتم اغلاق تياترو ثريا الخازندار الشهيرة ببوريه .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
من شارع ابوشلبى
اول فيصل
بنات فكيهه
تتلون وجوه بنات فكيهه بالأسمر والأشقر والقمحاوى فتحظى فكيهة بمكانة مرموقة وسط ابناء مهنتها حتى حازت على لقب بيك من القصر العالى .. وصل عدد بنات فكيهة الى المائة فتاة قادمة من مختلف الأنحاء مما دفع فكيهه الى تأجير ثلاثة منازل أخرى بجانب البيتين اللذين ورثتهما عن امها المعلمه لولا حتى تتمكن من تسكين كل عشرين فتاة فى منزل .
اكتسبن بنات فكيهه من المعلمه صفات تميزهن عن سائر فتيات الشارع فالمعلمه تعطى الكثير لابناء السبيل وتخصص جزءا كبيرا من دخل الخمسة بيوت لمئات الفقراء الذين يمرون عليها ليلا لتحسن اليهم ، ويدعون لها بالستر والرزق الوفير وبعد أولاد الحرام عنها .
تقتطع كل بنت من بنات فكيهه مليمات لتمنحها حسنة كى تكسب بها دعاءا يحميها من اولاد الحرام الكثيرين فى المنطقة والمناطق المجاورة .. أعادت فكيهه صياغة تسكين بناتها فى الخمسة بيوت فوضعت الشقراوات فى منزل والسمراوات فى الثانى والقمحاويات فى الثالث ، وملونى العيون فى الرابع أما الخامس فقد ضم البدينات حتى يسهل عليها تجهيز الطلب حين يأتى البكوات والهوانم فى طلب شغالة أوطباخة أومربية أومديرة منزل .
سارت فكيهه سيرة أمها فى نظافة بناتها فكن ذوات سمعة طيبة .. زيّن منّو الأشوح للمعلم زقله الكفتجى فتوة الشارع أمر الاستفادة والثراء السريع الذى سيجنيه المعلم من وراء المائة فتاة اذا ماصار المسؤول عنهن بدلا من المعلمة فكيهه .. راقت الفكرة لزقله وجاء بالمعلمه زوزو من كلوت بيك لتتخير مايصلح منهن للعمل لديها .. وقع اختيار المعلمه زوزو على المائة كلهن ووعدت زقلة بحماية فتوات كلوت بيك اذا ماتعرض له أهالى الحى وحاولوا مساعدة بنات فكيهه .
جاء زقله بالعربات الكارو وصعد فى صحبة رجاله الى المنازل الخمسة لينزل بالفتيات بالقوة .. علا صراخ الفتيات وغطى المنطقة .. تجمع أهالى الحى والفقراء وابناء السبيل من محبى المعلمة فكيهه ليساعدونها فى رد فتوة الحى زقله وفتوات كلوت بيك فقابلتهم السيوف والسنج والشوم ليتراجعوا ويعودوا من حيث جاءوا وغلّقوا الأبواب .
حمل رجال زقله البنات على العربات الكارو وانطلقوا الى كلوت بيك ، ومازالت المعلمه فكيهه بنت البنوت التى لم تتزوج بعد وهى فى سن الستين تبكى بناتها اللتى لم تلدهن وفقدتهن الى الأبد .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
من شارع ابوشلبى
اول فيصل
برام بساريا
تنظف الجدة سيدة بنت شحبيط سمك البساريا الصغير جدا فيلتف حولها بنات بنتها حياة التى طفشت مع عشيقها فؤاد أيوب أبوكامل وتركت زوجها حسنين أبو أحمد مع بناتها الخمسة لترعاهم الجدة سيده .
تلقى تحية بنت حياة الكبرى بماء تنظيف البساريا الى جانب الجدار الملاصق لباب الدار فتسرى رائحة ماء الترعة المحمل بالبساريا الى أنوف الجيران الذين يتطلعون الى البنت التى اختفت سريعا مع دخولها الى قلب الدار .
تحاول الجدة سيدة أن تنتهى من تجهيز برام البساريا فى وقت قياسى لتلحق سخونة الفرن التى دارت طوال اليوم تخبز للجيران مقابل ملاليم أوبعض من العيش الشمسى الذى لايحلو التهامه الاببرام البساريا المحبب لدى بنات بنتها الخمسه .
تغسل تهانى بنت حسنين البرام وتضعه بين يدى الجدة ، وتقطع رئيسة فحلين البصل المخلوط بالملح والفلفل وتقلبهم مع قطعة صغيرة من الزبد فوق الكانون حتى يستوى لتعصر عليه نعمه رطلين الطماطم الكسر بعد أن تستبعد المعطوب ، وتعيده الى مكانه ليغلى مرة أومرتين ثم تجىء به الى الجدة التى تبدأ فى وضع البساريا بطول السنتيمتر ، وأحيانا الأثنين أوالثلاثة حتى يقترب من حافة البرام ، وتحمله مع فوقية صغر ى بنات بنتها الى سطح بلاط الفرن ، وتغلق الفوهتين الصغرى والكبرى كى تنضج البساريا .
يحتمى البنات الصغار بجسد الجدة الى جوار دفىء الفرن فى انتظار عودة حسنين أبوأحمد والدهم فتحكى الجدة حكايتها مع جدهم الذى لم يعوزها فى يوم من الايام  الى شىء، ودعت لخمستهن بالستر وأن يرزقهم المولى عزّ وجل باولاد الحلال الذين يصونوهم ، وتبعد الجدة عن ذكر أى شىء يتصل بابنتها التى جلبت لها العار بعد هربها مع فؤاد أيوب أبوكامل .
يدخل حسنين ليأخذ مكانه فى الدائرة ويعطى للجدة قرطاس الشاى والسكر ويطير رأسه طربا من رائحة البرام والاستمتاع بحكايات الجده التى تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وعين فتحيه بنت عوض الله شويح الحسّاده زوجة أيوب أبوكامل شيخ الخفر وأم اللى مايتسمى فؤاد .
تتسع فتحتا أنف فتحيه مع وصول تيار الهواء البارد يحمل رائحة برام البساريا فتحملق عيناها لتنظر الى موضع ماء غسيل البساريا الذى لم يجف بعد أمام الدار .
تتأهب تحيه وتهانى لاستخراج البرام ، وتمد تحيه يدها بالبشكور الحديد فتلتقط طرف البرام بحرص شديد وتخرجه من الفتحة وتساعدها أختها تهانى فى حمله ، وفى منتصف الطريق يسقط البرام لتسرع الثلاث بنات الأصغر رئيسه ونعيمه وفوقيه الى اغتراف البساريا من على سطح الأرض وتنقلنه الى برام آخر سليم ، ويأكلنه ثم يشربن الشاى بالرغم من عين فتحيه بنت عوض الله شويح التى حسدت برام البساريا .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
42 من شارع ابوشلبى
اول فيصل
ببغاء هندى
يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة .
تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه .
زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن .
فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق المدينة التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت :
- ماأجمل فمه ياأماه .
- لكنه هندى نحيف ياابنتى .
- هذا سيبخس ثمنه .
- لديك حق .
- أنظرى ياأماه ماأجمل شعره ..  ريشه .
- عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى.
- ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى .
- كيف ياابنتى ؟
- سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا .
رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى الواحة الكبيرة ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت :
- ياابنتى انه لايفهم لغتنا .
- سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل .
نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة .
بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الشرطة فجاءت مسرعة تدق باب السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم تتمكن الشرطة من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
41 من  شارع ابوشلبى
اول فيصل
بانيو بالبطاس
يشترى العاشق البطاس والاقراص لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى .
يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا المنزل بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الشقة المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج شقته التمليك الذى دفع فيها ثمن القيراطين الطين اللذين ورثهما عن امه فى الريف ليصبح واحدا من اتحاد ملاك هذه العمارة ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الدور الذى يليها .
رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب منه اولادا ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم .
كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر .
حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته على السلم ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده  وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب  لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها .
سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما الى السلطات .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق .
استطاع تامر أن يستخرج اذنا من النيابة بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ البانيو بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فى البانيو ، وتضع قرص المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى البانيو ليتحلل الجسد وتحار الاجهزة فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا .
تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء .
عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى شقتهم التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى البانيو بالبطاس .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
كبير مخرجين مدير عام بقطاع التليفزيون المصرى
باتحاد الاذاعة والتليفزيون
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه