السبت، 17 سبتمبر 2022

 56


مزركشة عايد الروانى


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



مزركشة عايد الروانى



يقف عايد الروانى على الحد الفاصل بين الشمال والجنوب يلوم نفسه على تطاوله على المفتش العام الذى قرر نقله الى هذا المكان النائى على الحدود وبالتحديد فى المحطة المواجهة لنقطة تفتيش العبور من الجنوب الى الشمال وبالعكس .

أوصى المفتش العام مدير المحطة بعدم اعفاء عايد من أى من الورديات المسائية التى تم تثبيته عليها ولمدة شهرين متواصلين منذ قدومه الى هذه النقطة من نقاط دوائر الطاقة الشمسية .

ينام عايد الروانى طوال النهار فى غرفة الغرباء من العاملين الذين يفدون دائما الى هذه المحطة كعقاب لهم على سوء سلوكهم أوتطاولهم على رؤسائهم المفوضين من مجلس ادارة الدوائر بتوقيع العقاب الذى يرونه مناسبا للمارقين الخارجين على قانون العمل بدوائر الطاقة  .

أقسم عايد بأغلظ القسم لزميلى وردية المساء بعدم معرفته لسيادة المفتش العام غراب شنشق والا لوقف كسائر زملائه فى المقر العام حين دخل الرجل الطويل الاسمر المفتول الشوارب ، وحين أمره الرجل بالوقوف تكاسل عايد من شدة الاستغراب للغريب الذى يأمره فى حضرة مدير الدائرة  .. اعتبر غراب شنشق تكاسل عايد تطاولا من موظف صغير بالشئون الادارية على معاليه فأخرج قرار نقله بعد دقيقتين من بداية وقوف عايد  ، وسافر الموظف الصغير الى محطة الحدود فى اليوم التالى حتى لايتم فصله اذا ماتباطأ  فى تسليم نفسه الى مدير المحطة كما أكد على ذلك سيادة المفتش العام .

تغمض عيون بلال راضى وسالم أرنب ليتركا عايد وحيدا فى وردية المراقبة المسائية فيستخرج عايد نايه من جيبه ويبدأ فى العزف لتطل المزركشة بعينيها من قلب مخبئها الخوص الذى صنعته لها  صاحبتها صبيرة بنت لايف الغجرية بسهل ملتقى الصحراوين وتأخذ فى التمايل يمينا وشمالا .. خاف عايد من المزركشة فى أول الامر غير انه وبعد ان تسلل الى قلب صبيره الغجرية تعوّد عليها بعد فترة من الزمن .

صارت صداقة حميمة بين المزركشة بعيدا عن صاحبتها وبين عايد .. يخرج اليها بعد منتصف كل ليلة ليعزف على نايه الشجى وترسم المزركشة أبهى الاستعراضات متقافزة على كتفيه حتى شك الجيران فى أن عايد الروانى يخاوى الجان وماالحية المزركشة الاجنية من الجنيات الشديدة المراس التى ستفتك بأى شخص يحاول ايذاء عايد فخافه الجميع وبعدوا عنه لتتوثق صلته بالمزركشة وتصبح الصديقة الثانية له مع صبيره.

خاف مدير المحطة من ايذاء جنية عايد االروانى فانصاع لرغبة عماله من زملاء وردية عايد ، وأسرع بكتابة تقريره السرى وأرسله مع مخصوص مستعجل الى الفرع الرئيسى .. ضحك المفتش العام من سذاجة موظفى محطة الحدود وقرر المغامرة فاستقل بغلته وفاجأ العاملين بالمحطة ليتعرف على كل صغيرة وكبيرة جاءت فى التقرير بنفسه.

دأب عايد على تقديم وجبة فئران لذيذة الى صديقته المزركشة مكافأة لها على تسليتها له كل ليلة بعد أن يتمكن من صيده عن طريق الفخ الحديدى الذى ينصبه فى المنطقة الخلفية من المحطة حيث تكثر الفئران .. تطير المزركشة من الفرح وتتقافز على كتفيه وتطير فى الهواء لتحط أحيانا على النخيل المواجه ثم تعود اليه لتواصل رقصها على عزفه الجميل .

رأى المفتش العام من خلف زجاج مكتب مدير المحطة ماكان من أمر المزركشة وعايد فقرر توجيه اللوم اليه لاخافة العاملين بالمحطة وخرج ليبلغه بالقرار فأبدى عايد تبرمه من القرارات التى تلاحقه حتى فى نقطة الحدود البعيدة ولم ينطق بحرف واحد .. رأت المزركشة نظرات كره عايد للرجل فقفزت فى الهواء والتفت حول رقبة غراب شنشق ولم تتركه الاجثة هامدة ، وتنفس عايد بارتياح معربا عن شكره لصديقته المزركشة وصاحبتها صبريه بتقديم وجبة فئران اضافية فى ليلة واحدة على الحد الفاصل .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


=================================================================


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق