الأحد، 6 مارس 2022

 54


كاذب الثريد 


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات


كاذب الثريد 



تلملم سعيده الخباز  بقايا الخبز الجاف  الملقى على أرض سوق غجر كريره  بعد خلوه من زحام كل سبت وتشترى بالدرهم ليمون وملح وفلفل حامى  وقطعة من دهن الابل من اجمالى أجرها الخمسة دراهم  مقابل عملها طوال اليوم من آذان الفجر وحتى غروب الشمس تحمل أقفاص الخضار والفاكهة على رأسها من على ظهور الابل الى خيام  الجملة .

تعود سعيده  وقد ازداد شحوب وجهها وجفت دماء أوردتها فترتمى فى أحضان الحرام القديم الغارق فى بحر رطوبة الرمال  الى جوار جدار الخيمة  .. تفرغ الخمسة بنات قفص بقايا الخبز الجاف  والليمون  والملح والفلفل وقطعة دهن الابل  .. تسحب رئيفه بقايا الخبز الجاف لتنشره على الطبق الخوص فتستبعد كثير عفن الخبز وتبقى على الصالح ، تقسمه الى نصفين نصف للثريد الكاذب والنصف الآخر تدخره للايام الصعبة والتى لاتقوى فيها سعيده على النزول الى الاسواق .

تأخذ رايقه درهما من امها سعادات وتخرج مسرعة لشراء سنة من الخشخاش  لثابت فتح الله ابيها حتى يفيق من نومه العميق ويبدأ عمله الليلى فى غرزة لملم بعدما أضاع كل ماورثه عن ابيه من تجارة رابحة وخيمة خضار كبيرة تتوسط  السوق بسبب أدمانه للخشخاش وورق السعد الذى يشتريه كل ليلة وكله أمل فى أن يكسب الورقة الرابحة  التى ستعيد كل ماضاع .

تحضر سيدة سكينا وتقطع الليمون الى النصف وتجهز توابل الثريد .. تزيد بديعه من اشعال نيران الموقد لتسخين الماء بالملح الذى يريح قدمى سعيده من شقاء يوم طويل .. تعود رايقه من الدروب  المظلمة ممسكة بكل قوتها سنة الخشخاش  وتوقظ ابيها بعد أن تضع سنة الخشخاش فى فمه فيستحلبها ويستيقظ ليخبر سعيده  بما اتفق عليه من تشغيل رئيفه بنت الخمسة عشرة عاما ورايقه التى تصغرها بعام فى خيمة  المعلم لملم ، وسيوالى تشغيل الثلاثة الاصغر حتى يفتح السعد لهم بابه ويستردوا خيمتهم  التى  رهنها مقابل ثلاثين دينارا ضاعوا فى سنن الخشخاش والورق الرابح  .. لاتعقب سعيده  على ماقاله ثابت فى يقظته المؤقتة ، وتضع قدميها فى الماء والملح .

تخلط رئيفه بقايا الخبز الجاف  بالماء والملح والفلفل الحامى ودهن الابل  وتوزع الستة أرغفة لتبدأ رحلة عشاءهم الليلية مع الثريد الكاذب  وينامون فى انتظار المجهول الذى يعده ثابت لهم بعد كل يقظة مساء كل يوم .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

===============================================================


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق