الجمعة، 4 مارس 2022

 41


آبار تل حنين


من شارع الجمهوريه اول فيصل

بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى

زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات

والمخدرات



آبار تل حنين


جفت آبار الماء فى تل  حنين بين الصحراء الصغرى  والصحراء الوسطى والتى لاتتبع اداريا لأى منهما ولايصلها بالحضر  الارحلات الابل الدائمة من والى اقرب الحواضر التى تبعد عنها حوالى ثلاثمائة كيلومترا .

تأخذ الابل سبعة أيام كاملة للوصول الى تل حنين حاملة قرب ماء الشرب ، وقد انطلقت منذ اثنتى عشر يوما فيتبقى يومان على وصولها .. خشى الكبار على صغارهم من نفاذ الماء فاكتفوا برشفات صغيرة طوال الايام الماضية حتى لايهلك الصغار من العطش .

حوّل جزّان ابوزويله ابله المائة الى نقل الماء من الحواضر  الى تل  حنين ، وترك نقل البضائع لصغار الحمالين ، وبدأ فى فرض شروطه التى تنص على ان يدفع كل فرد من ابناء التل ثلث دخله مقابل حصته من الماء   .

 قبل ابناء التل  الشرط وخصصوا بقية انصبة الدخل لدومه الفرهكلى تاجر الحبوب كى يأخذوا من صوامعه مايحتاجون لتطحنه النساء بالرحى فى خيامهن  ثم يقدمنه حافا بدون غموس أوتأتين بالملح من عبده المالح بقال التل  فى بعض الاحيان ، وقد اغلق سعد عنوّج بائع الكيروسين خيمة كيروسينه  بعدما أقلع سكان القرية عن الشراء واكتفوا بوقود اخشاب الشجر والنخيل الذى ينبت شيطانى فى التل  ، كما رحل نعيم ابوفروة الزبال بعد الاستغناء عن خدماته لعدم وجود البقايا التى كان يدأب على فرزها واعادة تصنيعها لبيعها بالسعر الارخص ، ولم يجد ابناء تل حنين بقية من الدخل ليخصصوه لشراء بعض القماش الذى يستر العورات ، ورحل يوسف النمر حلاق التل حاملا دوائه بعدما انتشرت الاوبئة .

اغلق الكتّاب الوحيد ابوابه واقلع الآباء عن تعليم ابناءهم القراءة والكتابة ولزم اهل التل  بيوتهم فتوقف الحمالون عن العمل  .. جاء اليوم الثالث عشر من رحيل ابل ابو زويله وقد نفد مالدى اهل التل من الماء وبلغ العطش نهايته فأوشك الصغار على الهلاك  .

تجمع اهل التل حول خيمة  جزان ابوزويله الذى مازال لديه مائة قربة من الماء فى مخزنه  .. زاد رجاء اهل التل بعدما لم يتبق شىء من الدخل ليعطوه له بعد الثلث الاول الذى اخذه من قبل ليأتيهم بالماء من الحواضر  فى رحلة الابل الاخيرة والتى تبقى يوم على عودتها .

بدأ جزان يساومهم على الخيام فلم يلق قبولا .. قال : عليكم بانتظار الابل وستأتى بعد الغد  .

- لكن الصغار سيموتون .

- وماذنبى انا ؟

- الماء لديك .

- انا دافع فيه دم قلبى .

ثار اهل التل  على جزان واقتحموا مخزن الماء وحمل كل واحد منهم قربته فسقط جزان ميتا حزنا على ثروته وورث اهل التل  ماترك جزان الوحيد الذى لم يكن له وارث لأنه مقطوع من شجرة كما يقول اهل التل ، وعادت الابل المائة  لتوزع عليهم وتنقذهم من الموت والمرض وضياع الخيام التى تؤيهم.


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق