السقاء
من شارع الجمهوريه اول فيصل
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
السقاء
يعوض الله .. يعوض الله .. يعلو صوت عوض السقاء لينبه النساء فى قلوب خيمهن فترفعن ابواب الخيام وتتصدر من عليها الدور فى ملىء الازيار الفخار المقدمة .
يأمر عوض جمله بالجلوس على ركبه الاربع فينصاع لأمره .
يزيح السقاء أربطة القرب العشرين المحمولة على جانبى ظهر الجمل ، ويتناول احداها ليرفعها على كتفه ويتجه الى أول خيمة.
ترفع صاحبة الخيمة غطاء الزير فيضع عوض فوهة القربة فى قلب الزير حتى يفرغ قربته الاولى ليأتى بالثانية والثالثة حتى تمتلىء الزيرفيحين دور الخيمة التى تلى.
يعد عوض يوميات خيام قبلى الحى التى تقترب من الخمسين خيمة لاولاد الحلب فيتم المائتى قربه ماء مربوط اليوم بعد ان يفرغ من ملىء ازيرة وآنية الشيوخ وعادة ماتعلو حصة مائهم الى ثلاثة أضعاف اولاد الحلب فيحمل عوض ثلاثة من القرب واحدة على ظهره واثنتان على كتفيه فيصبح اجمالى اليوميه لخيمة شيخ الحى اثنى عشر قربه وكذلك خيمة معاون شيخ الحى وشيخ المخفر والاعيان من اصحاب الصحراء الخالية والخفراء.. يبلغ عدد قرب الصفوة مائة وثمانين قربه ، وما ان ينتهى عوض من وردية الصباح التى تبدأ مع فجر كل يوم وتنتهى مع آذان الظهر ليلتقط انفاسه يلجأ عوض الى الظل ليريح جمله ابوسريع ويضع له الطعام حتى تبدأ بعد ظهر كل يوم وردية الغذاء لدى السقاء التى تنتهى مع غروب الشمس فيسقط من الاعياء مع جمله الذى يتناول وجبة الغذاء ويواصل عمله فى وردية المساء التى تنتهى بعد عشاء كل يوم .
يتوجه عوض الى بئر الماء الوحيده العذبة فى حى العكرىه يملأ قربه ويترك حبل البعير ليغمض هو عينيه جالسا على ظهر ابوسريع الجمل الصبور فينام ويواصل ابوسريع سيره ليستقر امام خيمة عوض السقاء الذى يواصل نومه مستعطفا فى الحلم ابنه الوحيد سيد حتى لايغادر الى بلاد الغربة البعيده ،وحيه اولى به كما يقول عوض.. عمل سيد مع عوض ابيه بعد رحيل زوجته سميه الحوكش الحفار ، لكن سيد زهق من العمل كسقاء على بعير ابيه يتناوب معه ورديات يوميات ماء خيام حى العكريه .
عرض عوض على ابنه الزواج من اى فتاة من فتيات الحى حتى ولو كانت بنت محمدين اقدم خفير فى الحى ليربطه بارضه لكن سيد كان قد حسم امره واتخذ قراره بمغادرة الحى الضيق الى الحواضر الوسيعه ، وسوف يعمل فى كل المهن التى يجيدها وكان يعمل فيها فى حى العكريه كالحداده والنجاره ، وستفتح له الحواضر ازرعتها لبراعته فى هذه المهن.
سافر سيد ولد عوض السقاء منذ سنين ، ولم ياتى عنه اى خبر فلقد انقطعت اخباره حتى أوشك عوض ان يفقد الامل فى عودة ابنه الى الحى فكان يردد دائما : يعوض الله .. يعوض الله ..، وظل صوته يعلو حتى أفاق من نومه ليجد نفسه خلف البعير امام الخيمة فنزل من فوق ظهر بعيره واتجه الاثنان الى النوم ليواصلا فى فجر الغد عملهم .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@gmail.com
==============================================================================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق