الخروج في ضوء النهار
========
كتاب دون في عصر بناء الهرم الأكبر، ولا تزال نسخة منه محفوظة في المتحف البريطاني. فيه دعوات للآلهة وأناشيد وصلوات، ثم وصف لما تلاقيه أرواح الموتى في العالم الآخر من الحساب وما يلحقها من عقاب وثواب
وقد وجد علماء الآثار مجموعة من التعاويذ الجنائزية والتى كانت معظمها تعاويذ سحريه كتبت على ورق البردى كان قدماء المصريين يضعونها في مقابرهم مع المتوفى فاطلق علماء الاثار على هذه التعاويذ أسم كتاب الموتى ولكن أسمه الذى أطلقه قدماء المصريين عليه هو " الخروج في ضوء النهار " , والغرض الأساسى الذى كان قدماء المصريين يضعون هذه التعاويذ هى إرشاد روح المتوفى في رحلته في العالم ألاخر .
وهذه التعاويذ والتمائم السحرية كانت تنقش على جدران المقابر العادية والاهرامات أو على التابوت الحجري أو توضع إلى جانب المومياء لتكون دليل الميت في رحلته للعالم الاخر.. حيث كانت هذه التعاويذ بمثابة تعليمات إرشادية تمكن المتوفى من تخطي العقبات التي ستصادفه في أثناء رحلته إلى الحياة الأخرى وتدله أيضا على الوسائل التي يستخدمها ليتمم هذه الرحلة بنجاح من دون أن يتعرض لأي سوء.
وكتاب الموتى الذى جاء مع الدولة الحديثة يقوم على خلفية أسطورية استمر تأثيرها في وعى ووجدان المصريين ثلاثة آلاف عام، وهى أسطورة إيزيس وأوزوريس، ومعروف أن أوزوريس الذى أصبح فيما بعد سيداً للأبدية، قد قتله أخوه ست رمز الشر والظلم ومزقه الى أشلاء فيما ظلت حبيبته وزوجته ايزيس لسنوات تجمع أشلاءه الى أن بعث من جديد، وأصبحت تعاليمه عقيدة جديدة للمصريين، وكتاب الموتى يأخذ شرعيته الروحية والفلسفية من هذه الأسطورة، وتضم نصوص الكتاب تضرعات الى الآلهة على لسان الكاهن الناطق باسم المتوفى، وهدف التضرعات اخراج المتوفى ضمن من سبقوه من الموتى، وتضم النصوص تعاويذ وتمائم وأناشيد وطقوسا ودعوات، كما تضم السيرة الذاتية للمتوفى والرسائل المرسلة إليه من ذويه وكل الهدف أن لا يشعر بالغربة والعزلة وان يجافى الله الأرض عن جنبيه
ويتكون كتاب الموتى من 200 فصل، ويصف الكتاب الأماكن المختلفه التى تعبرها روح المتوفي، وكذلك المواقف والكلام الذى يقال لحرس الأبواب، وصيغ إبطال شر أعداء الضياء والنور، وكان على المتوفى أن يتلو وردا يتخذ فيه شخصية أى إله كحامى له، ليكتسب صفاته، لأنه كان يخاف من الأرواح الشريرة أن تأخذ فمه فلا يستطيع التحدث مع الآلهه، أو أن تسلب منه قلبه، أو أن تقطع رأسه، أو أن تجعله يضل طريقه ، لذلك كان عليه تلاوة هذه الأوراد أو التعاويذ لتساعده في اتقاء شر الأفاعى والذبابات الهائله وكل أنواع المساوئ التى تسعى لاهلاكه في العالم الآخر، وذلك حتى يستطيع أن يصل إلى الأبواب التى ستوصله إلى الحياة مرة أخرى في العالم الآخر.
دعاء يدافع به الميت عن نفسه
============== :
السلام عليك أيها الإله الأعظم إله الحق. لقد جئتك ياإلهي خاضعا لأشهد جلالك، جئتك ياإلهي متحليا بالحق، متخليا عن الباطل، فلم أظلم أحدا ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين ولم تضلني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي ولم تمتد يدي لمال غيري، لم أقل كذبا ولم أكن لك عصيا، ولم أسع في الإيقاع بعبد عند سيده. إني (ياإلهي) لم أوجع ولم أبك أحدا، وماقتلت وماغدرت، بل وماكنت محرضا على قتل، إني لم أسرق من المعابد خبزها ولم أرتكب الفحشاء ولم أدنس شيئا مقدسا، ولم أغتصب مالا حراما ولم أنتهك حرمة الأموات، إني لم أبع قمحا بثمن فاحش ولم أطفف الكيل. أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر. وما دمت بريئا من الأثم، فاجعلني ياإلهي من الفائزين.
كانت فصول هذا الكتاب أو بالأحرى نصوصه، قد ظهرت ابتداء من عصر الدولة الحديثة، حتى سقوط الأسرة السادسة والعشرين 1554 525 ق.م وهذه النصوص جزء هام من الأدب الجنائزى المصرى القديم الذى اشتمل على ترانيم ومدائح وصلوات لمساعدة المتوفى على إكمال مسيرته في العالم الآخر، وكانت العقيدة المصرية القديمة تمزج بين ثلاثة عوالم هى: البشرى، والالهى، والطبيعة، وترى ان الموت ليس سوى عملية انتقال من عالم الى عالم .
وقد اهتموا كثيراً في حياتهم للاعداد لما بعد الموت ولذا فقد شيدوا المعابد الضخمة إلى جانب المقابر التي لا تقل روعة وفخامة.. كما حرصوا على وضع كل الاشياء الخاصة بالمتوفى من طعام وحلي وكل ما كان يحبه في حياته معه في مقبرته.
ويضم كتاب الموتى أو كتاب الخروج في النهار 190 نصاً جنائزياً عن برديات الدولة الحديثة وأهمها البرديات المحفوظة في المتحف البريطانى والبرديات المحفوظة في المتحف المصرى،
كتاب الموتى، عن بردية آني بالمتحف البريطاني.
ومن أهم البرديات التى سُجل عليها الكتاب، نذكر: بردية "آنى" من الأسرة التاسعة عشرة، وتحمل رقم (10470) بالمتحف البريطانى؛ وبردية "نو"، وبردية "نب سنى" من الأسرة الثامنة عشرة وكلاهما محفوظتان أيضاً بالمتحف البريطانى، وبردية "نفرو وبن ف" من نفس الأسرة محفوظة بمتحف اللوفر (رقم 3092)؛ وبردية "هو نفر" من الأسرة التاسعة عشرة بالمتحف البريطانى رقم (9901)؛ وبردية "نخت آمون" من الأسرة التاسعة عشر بمتحف برلين؛ وبردية "نس با سفى" من الأسرة السادسة والعشرين وتتميز هذه البردية الأخيرة بأنها تحوى عدداً من الفصول لم ترد في أية بردية أخرى
البردية الأولى منقوشة، من اليسار إلى اليمين، بنصوص من "كتاب البوابات"؛ مع مشهد يصور أوزوريس مرتديا كفنا أبيض، وترى من خلفه شقيقتاه المعبودتان إيزيس ونفتيس، وأمامه المتوفى وهو يقدم له قربانا من زهرية بخور. وزينت البرديتان الثانية والثالثة بنصوص جنائزية؛ مع أشكال تمثل المتوفى وآلهة العالم الآخر وبعض المعبودات - من بينها تحوت برأس أبي منجل، وحورس برأس الصقر. وتعد البردية الرابعة الأهم بينها، فهي تعرض مشهدا في بهو الحساب أمام محكمة المعبود أوزوريس. ويصور المشهد أوزوريس جالسا على عرشه، ويتابع عملية وزن قلب المتوفى الذي طهر بالماء قبل دخوله البهو؛ مقابل ريشة إلهة العدل "ماعت"، حيث يعتبر القلب هو مركز الذكاء والشخصية. وصور تحت كفتي الميزان حيوان خرافي يتأهب لأكل قلب المتوفى؛ إذا ظهر أنه محمل بالذنوب، فجاء أثقل من الريشة. وقد سُجلت هذه النصوص بالخط الهيروغليفى المُبسط، وبالخط الهيراطيقي