السبت، 29 أغسطس 2020

 


الغوايش

من شارع الجمهوريه اول فيصل

فى زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات ليل نهار


الغوايش

تصنع سوداويه بنت هشيم زليقه جبلا من رغوة صابون الغسيل محدود القيمة .. تمرر ماتبقى من جسد الصابونة على الخمس غوايش الاولى فى معصم يدها اليمنى ، ثم تحاول الامساك بفتافيت الصابونة بيدها لتمررها على الخمس غوايش الثانية فى معصم يدها اليسرى .

تغمس سوداويه يديها الاثنين فى الماجور الفخارى الكبير الذى يحمل جبل الفقاعات الكروية التى ماتلبث أن تنفجر حتى تمتلىء وتنفجر ، وتنتظر فترة طويلة من الزمن حتى يتخلل الماء الدافىء مسام الغوايش فتتسع ليسهل خلعها من يدى سوداويه التى راحت للامتلاء الوراثى عن الام والجدة من فرط حبهم الشديد للمعجنات التى تشبه الى حد كبير المكرونة الايطالية الطويلة والصينية احيانا .

تحاول سوداويه أن تفرغ من خلع الغوايش النحاسية القديمة التى تلّونت بالصدأ الاخضر الجنزارى لطول عمرها فلقد أهداها لها عناينى البخ زوجها منذ أربعين عاما كشبكة للزواج الذى أسفر عن مولد ولد متزوج من عشرين عاما وبنت لم تتزوج لبدانتها وعدم قدرتها على الحركة .

تحاول سوداوية نزع أول غويشة من اليد اليمنى فلاتتمكن وتخشى على ابنتها التى لم تفلح فى تعليمها شيئا من أمور المنزل .. توجه سوداويه ارشاداتها الى حليمه ابنتها عن بعد وتواصل محاولاتها فى نزع الغويشة الاولى .. تبوء كل المحاولات بالفشل فتنتقل الى اليد اليسرى لتحاول مع الاولى من الخمس غوايش نصف العشرة التى اشتراها عناينى البخ من حر ماله على مدى عشر سنوات كان يقتطع جزءا من أجر عمله ككلاف  فى خيمة مواشى شيخ قبيلة المهايتمه حتى تتمكن سوداويه من العزف بهن فى وجه غوايش هند زوجة عمرو سويفين شيخ كبرى قبائل الواحة الوسطى .

تقلع سوداويه عن الاكل طوال اليوم حتى تقل نسبة انتفاخ يديها لتتمكن من نزع هذه النحاسيات التى أدمت معصميها .. يجرى ريق سوداويه على المعجنات  التى نجحت ابنتها حليمه ولأول مرة فى طهيها لكنها صرفت النظر وتحولت الى جبل الفقاعات الصابونية حتى تتخلص من الالام المبرحة التى تلازمها ليل نهار بسبب شبكتها النحاسية القديمة .

استدعت سوداويه ابنتها حليمة لتعينها على مصيبتها التى أشعلت صراخها فامتد ت السنتها الى آذان كل الجيران الذين تجمعوا حولها وجاءوا بعمرون الحداد الذى تمكن بعد عشر ساعات من انتزاع آخر غويشة من غوايش سوداويه شبكتها النحاسية القديمة الملونة بالصدأ الاخضر الجنزارى .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


الصخره الصغيره

من شارع الجمهوريه اول فيصل

فى زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات ليل نهار


الصخرة الصغيرة 

تتآكل قاعدة الصخرة الصغيرة التى تستقر أعلى قمة تل البكريه.. تتبادل معاول الحجارين القطع فى آخر كل ليل لتزيد من منطقة التآكل ، وحتى لاتراهم عيون شيوخ القبائل   الذين يجرمون  قطع أحجار صخرة تل البكريه التى قيل عنها فى روايات كثيرة متواتره  انها سقطت من السماء فكلنت خيرا وبركه على اهل الواحة الوسطى 

تسللت أشعة شمس اليوم الخامس والستين بعد الثلاثمائة من السنة الميلادية لتعلن ختام هذه السنة فى التقويم ، ومازال غريب غرباوى ينقب مع رجاله أسفل صخرة تل البكريه ليستخرج المعادن الثمينة بعدما اخبره جساس ذهب بوجود الكثير من المعادن اسفل هذه الصخرة ,, حمّل الرجل الديناميت على مائة من الأبل ، وأعطى الجمالين أجرا مضاعفا حتى لايشى به أحدهم الى احد مشايخ القبائل فيتم القبض عليه ليبعد عن حلمه فى العثور على كنوز الملك الحكيم التى دفنت أسفل هذه الصخرة  منذ آلاف السنين كما تقول مصادره المؤكدة من مخطوطات جده التى عثر عليها وهو ينقب عن الذهب أسفل صخرة تل البكريه 

قال له جده الغريب القادم من بلاد الشمال البعيد : ان هذه الصخرة مباركة مرّ عليه الكثير من أولياء الله الصالحين ذهابا وأيابا ، واقامة فى كثير من الأحيان فى ظلها للعبادة بعيدا عن بطش البشر كما تقول المخطوطات ويؤكد القدامة من سكان المناطق المحيطة  ، ولذلك ارتبط اسمها  بالمباركة  

أنزل الجمالون حمولة ابلهم ، والتقطها عمال غريب غرباوى وفتحوا الصناديق ليستخرجوا أصابع الديناميت الطويلة ، وأسرعوا يزرعونها فى كل مكان تصل اليه أيديهم طبقا للخريطة .. ربط العمال الأسلاك ووصلوها بالمصادر التى تشعبت كثيرا وتوحدت حتى صارت واحدة أمسك بها غريب ، وحدد لرجاله ساعة الصفر وقت رحيل المحتفلين برأس السنة على امتداد الواحات الثلاث فى صباح أول يوم من العام الجديد 

غادر غريب المكان عائدا الى خيمته  بعد اطمئنانه على قرب موعد وصوله الى الكنوز التى ستجعله يحكم هذ الصحراوات .. واصل العمال الانسحاب الى مخابئهم ليفسحوا الطرقات للقادمين من أهل المناطق المجاورة 

ألقت الشمس بثقلها على قمة الصخرة  ..انطلقت الوفود من المحتفلين الى الصخرة تفرد المخيمات للاقامة ليلة رأس السنة ، ويجهزون الالعاب النارية التى ستحمل بسماتهم وتعبر عن سعادتهم بقدوم العام الجديد 

رحلت شمس اليوم الأخير من السنة فخرج رجال غريب من مخابئهم واختلطوا بالمحتفلين .. انطلقت الالعاب النارية تملأ السماء فتشيع البهجة فى القلوب .. أمسك واحد من عمال غريب بلعبة نارية وأطلقها فأصابت سلك التيار الموصل الى الديناميت المنزرع حول الصخرة الصغيرة فاشتعل لينفجر الديناميت وتسقط الصخرة ليتبعها صخوركثيره تتمكن من دفن كل المحتفلين مع رجال غريب غرباوى الذى ابتهج كثيرا لتقديم ساعة الصفر كى يتحقق حلمه الذى ظل يراوده منذ نعومة أظافره فى حكايات جده بعد سقوط الصخرة المباركة  بتل البكريه .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


الشغيله

من شارع الجمهوريه اول فيصل

فى زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات ليل نهار

الشغيله


تقول المرأة : ان ظفر قدم الباشا  المهندز بألف من الشغّيلة ، وايش جاب لجاب وهى العين تعلى على الحاجب ؟

تتعلق آذان نساء الشغيلة بصوت كايداهم زين البراويه بنت الشغيله ، وتحلم كل امرأة أن تنجب ولدا يتخرج فى المهندزخانه حتى يصبح مثل الباشا مهندز التنقيب   الذى باشارة من يده اليمنى يخرج الزيت ، وحين يلّوح بيده اليسرى يكف عن الخروج  ويتضور اهل الواحة  الوسطى  جوعا .

تتخير كايداهم أقوى النساء وتضع لهن جدولا لخدمة منطقة خيام  الباشا بطول أيام الأسبوع فعشرة منهن ينظفن المدخل ببهو استقبال الضيوف والعشرة خيام الموزعة على الجانبين .. تنطلق  العشرة نساء الأخريات الى الطريق المؤدى الى الخيمة الكبرى المجاورة ويبدأ التنظيف عقب خروج الباشا من باب منطقة خيامه  فى  الصباح الباكر كل يوم  فى صحبة ابنه الوحيد رامى ليوصله السائق الى مدرسة البندر .

توجه كايداهم زينهم كبيرة الخدم عشرة أخريات من النساء فى صحبة طه رضاوى ساعى مكتب الباشا ليمر على خيام شيوخ القبائل  وكبار الاعيان وزيدان باشا عبده وسلام باشا عنتر ليجمع الراتب اليومى من الخضار والفاكهة والطيور التى ستذبح لتقدم على مائدة الغداء والعشاء فى خيام  سيد باشا طموى مهندس التنقيب  .

يعود رضاوى قبل أذان صلاة الظهر فتضع كل امرأة ماعلى رأسها من خير لتسلمه الى كبيرة الخدم التى تقلب فيه النظر لتستبعد الردىء وتدخل السليم الى المطبخ .. يتجمع الثلاثون أمرأة فى المطبخ الكبير يغسلن ويقطعن ويذبحن ويسوين اللحوم .. تتجول كايداهم بين نساء الشغيله فيعلو صراخها لتأتى بأسرار هانم عزيز التى تهدىء من روعها وخوفها الشديد من الباشا اذا لم تحسن النساء عملهن وينتهين منه قبل أن يعود فستفقد وظيفتها ويخرب بيتها .

تعطى أسرار هانم لكل امرأة حسنتها بعضا من الخبز وقليلا من الخضار فتعلو أصواتهن بالدعاء لها ويغادرن منطقة خيم الباشا المهندز  لتستقبلهن بناتهن اللاتى يحملن عنهن الوجبات التى ستقيم أودهن وأود أخواتهن وآبائهن الذين يعودون من مصلحة التنقيب  مع غروب الشمس ، وتحلم كل فتاة بفارسها الذى يشبه الباشا مهندز التنقيب  الذى سيغدق خيرا كثيرا على أهلها الشغيله .

تسرع كايداهم لتلحق بالنساء لتؤكد عليهن ابلاغ جاراتهن ممن عليهن الدور فى الغد لخدمة الباشا وتكرر جملها المشهوره ليقلعن عن الحلم : ان ظفر قدم المهندز بألف من الشغيله ، وايش جاب لجاب ... تترك النساء والفتيات كايداهم تواصل وصاياها ويعدن الى خيمهن  ليقابلهن الزحام الشديد والصراخ والعويل طلبا للنجدة من الغرق فى سيول الواحة التى باغتتها فجأة .

باءت كل محاولات الرجال بالفشل وتدفق الماء الغاضب ليزيل كل مايقابله  ويغمر خيم  الشغيله التى تحتضن نساءها ورجالها وشيوخها فلاينجو من الغرق أحد .

تبدأ كايداهم كبيرة خدم الباشا مهندز التنقيب  فى رحلة البحث عن شغيلة جدد ونساء وبنات بنوت يحلمن بسيدهن الباشا ليغدق الخير الكثير على أهلها من الشغيله

 .

قصة قصيرة ل: / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


الشحم اللذيذ

من شارع الجمهوريه اول فيصل

فى زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات ليل نهار


الشحم اللذيذ

تتدلى الالسنة المحمرة الطويلة حتى توشك ان تلامس الارض من شدة العطش والجوع .. ينتظر الحراس موعد الغذاء بعد ثلاثة أيام من التجويع التام .. تقترب اشعة الشمس المتسلله مستقرة على الحائط الكبير فتتعلق العيون بها ، وحين تختفى يفتح الحراس الابواب  فتنطلق الكلاب المدربة كالمسعورة تفتش فى السراديب الملتوية عن الطعام والشراب .

تنهى الكلاب عملية بحثها الشاق بعد خمسة عشر دقيقة عبر عشرين كيلومترا من السراديب التى يؤدى كل منها الى الآخر فى دوائر لامتناهيه توهم الداخل بقرب نهايتها البعيدة ولاتأتى الابحاسة الشم القوية لدى الكلاب المدربة .

تتزاحم الكلاب حول دائرة اللحوم المستوية المطلية بالشحم  ثم تشيح بوجوهها وتتراجع حتى توشك على الانصراف فيمزق الجوع جدران امعائهم ليعاودوا شم الشحم ويلعقونه حتى يكشف عن اللحم اللذيذ الذى يعشقونه .

ينفض جمع الاقوياء بعد الشبع ليحل محلهم الاقل قوة حتى يشبع الجميع ، ومازالت الالسنة الحمراء الطويلة تتدلى فتلامس الارض من شدة العطش .. تهتز الآذان المدربة بمجرد سماعها تساقط نقط الماء فى الحوض فتسرى الدماء فى عروقهم ويستعيدوا قواهم ويبدأون رحلة البحث فى سراديب التيه الملتوية لمدة نصف الساعة حتى يهتدى واحد من المائة الى المكان فيظل ينبح حتى يدل الآخرين الذين يسارعون الى مكانه .

يرتشف الكلب الاخير آخر نقطة ماء بالحوض ويركن الجميع الى الجدران الرطبة ليناموا ويستيقظون قبل منتصف الليل بساعتين فلايجدوا الاكل أو الشرب ، ويمر اليوم الاول والثانى حتى يقترب موعد انحسار اشعة الشمس قبل مغيب  شمس اليوم الثالث فتسرى الهمهمات فى السماعات المنتشرة بطول السراديب فتتنبه الاجساد النائمة ، تلاشى الاشعة تنطلق الكلاب الى الشحم اللذيذ الذى أدمنته وتطيل لعقه ليكشف عن اللحم المشوى أوالمسلوق والذى لم يعد يغريها ثم ترتوى بالماء الصافى .

تمر الايام الثلاثة التالية ليأتى الرابع فيفاجىء الكلاب أجساد البشر المدهونة بالشحم اللذيذ فيستغربون المشهد ولايقتربون الامع سياط الحراس التى تلهب اجسادهم ليتعاملوا مع المارقين وقطاع الطريق نزلاء الانفاق الغربية فى الواحة الكبرى  .. تنطلق صرخات النزلاء هلعا من لعق الالسنة الحمراء الطويلة للشحم الذى يغطى كل جزء من اجزاء الجسم  العارى .. تتشمم الكلاب اللحوم غير المستوية فتبعد عنها وتكتفى بالشحم اللذيذ والماء الصافى .

ينتظم الحراس فى فتح السماعات ودق جرس انحسار اشعة الشمس  كل يوم فتنطلق صرخات النزلاء وتستمتع الكلاب بالشحم اللذيذ ، وذات يوم لم تكتفى الكلاب بالشحم وأطلقت أنيابها لتنهش أجساد النزلاء ليرحل معظمهم بالسكتة القلبية قبل التمزيق ورحل  الباقى بالتمزيق .

اصيبت الكلاب بالتخمة ولم تستطع التقاط أنفاسها فماتت بعد خمسة أيام ، وأقلع المارقون وقطاع الطريق عن الاقامة بالانفاق الغربية لبعدهم عن الاسباب التى تؤدى الى الشحم اللذيذ الذى ستدمنه الاجيال الجديدة من الكلاب المدربة .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


الرماديون

من شارع الجمهوريه اول فيصل

فى زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات ليل نهار


الرماديون

يستقر الدرب الرمادى فى وسط الواحة  الكبيرة ويقسمها الى النصفين النصف البحرى والنصف القبلى .. يتشح النصف البحرى برقة طبع أهله وليونة لهجتهم التى تميل بشدة حتى تصل الى سطح البحر الكبير ..

ينزع اهل النصف الآخر الى الشدة فى الطباع وسوء السلوك الذى يميل الى العدوانية كلما اقتربوا من أشعة الشمس الحارقة مما أدى الى عدم اهتمام المسؤولين وانصرافهم عن أهل النصف القبلى الذين يملكون عيون الماء التى تروى كل الواحات  بدون مقابل ، ويسيطر الفقر على اهل الجنوب مع البشرة القاتمة على اجساد ابنائهم  .

ينعم ابناء الشمال بنسائم البحر الكبير والطمى الذى يحمل الخير الكثير الذى ينتج أكثر من غلة واحدة فى الموسم الواحد من مواسم السنة الاربعة فتبتهج بشرة المزارعين ، ويلّون أحمر الدم وجنات الفتيات الشديدة البياض .. تمضى فصول ثلاثة من السنة ويأتى الشتاء قاسيا فيغطى المناطق الشمالية بالجليد الذى يصيب كل  شيىء بالسكون فتفقد الكائنات حيويتها لمدة ثلاثة شهور  ، قد تصل فى بعض السنين الى خمسة حتى يجيىء الربيع ليعيد الجمال الذى تتسم به المناطق لكنه لايقوى على تغيير اى ملمح من ملامح الجنوب العنيد فيفر الكثير من ابنائه الى الدرب الرمادى فى منتصف الواحة الكبيرة ليلتقون بالمنبوذين من ابناء الشمال الذين ملّوا ليونة حياتهم ويسعون الى الخشونة فتجد الفتيات ماتبحثن عنه .

ينسجم الرماديون من أهل الشمال والجنوب وتطيب لهم الاقامة بين المنطقتين . يبدأ الدرب الرمادى فى الاتساع ليحتل بعد سنوات قليلة خمسا جديدا من الشمال وخمسا آخر من الجنوب ، وتتوافد اليه فى مواسم الشتاء جماعات الراغبين فى الاكتساء باللون الرمادى غير المحدد والتائه بين الابيض والاسمر .

يتزاوج القادمون من الجنوب بالقادمات من الشمال فيصبح لابنائهم أخوالا بلون الثلج وأعماما بلون الليل فيقضون مواسم الصيف لدى أخوالهم ومواسم الشتاء عند أعمامهم ويقيمون فى الربيع والخريف بالدرب الرمادى الذى أذاب الحدود بين النصفين وصبغ طباع اهل الجنوب بالنعومة وكسا ابناء الشمال خشونة ليلتقى الاثنان فى منتصف الواحة الكبيرة ويتلونون باللون الرمادى .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

 

الخميس، 20 أغسطس 2020

 


انبوبة غزل البنات

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات

انبوبة غزل البنات


يدير عنتر ولد فرحانه شليب يد ماكينة غزل البنات ويغنى : غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يتجمع صغار الحى حول الماكينة ليذوب فى أفواههم الغزل فيقولوا هات .

تضع جليله كبرى بنات عنتر غزل البنات فى الأكياس الصغيرة وتربطها بالخيط الرفيع وتلقى بها فى الصندوق لتلتقطها يد جميله بنت عنتر الثانية وتعطى كل صغير كيسه فيعلو صوت حمديه بنت حنفى الخولى أم البنات بصوتها الضخم  تردد : غزل البنات سكر نبات قربوا بااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار هات .

تعطى فردوس بنت حمديه الثالثة أنفاسا قويه بالكباس النحاسى لوابور الجاز المشتعل أسفل ماكينة الغزل ليديرها عنتر فتلبى طلبات الصغار .

تسأل فريال البنت الرابعة لعنتر عن مصير أنبوبة غاز البوتاجاز الصغيرة الحجم  المسروقة والتى ستريحهم من دخان وابور الجاز المشتعل أمام مدخل الخيمة التى يسكنونها . .

يجيب عنتر بحسره : مافيش فايده .. كان عنتر يقتطع جزءا صغيرا  من دخل الأسرة كل شهر لتدخل به حمديه الجمعيه مع أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها فى الآخر .

ظل عنتر يدفع سهم الجمعية طوال خمس وثمانين شهرا متصله بامتداد سبعة أعوام وشهر ليتمكن من شراء انبوبة  غاز البوتاجاز صغيرة الحجم  التى ستريحهن من السعال الذى يسببه لهم عادم الكيروسين الذى يطلقه الوابور بغزاره .

عاش عنتر ولد فرحانه شليب وزوجته حمديه وبناته الخمس عاما من السعادة المتصلة ليقطعها ذكى ذهنى سليمان لص الأنابيب فى ليلة ممطرة حين أسرعت الأسرة الى نقل ماكينة الغزل الى الخيمة  ، وحين خرج عنتر ليأتى بالأنبوبة كان ذكى أسرع منه فى حملها .

حررت الأسرة محضرا للسرقة  فى المخفر وضرب فهيمه صغرى بنات عنتر حين منعت ذكى من حمل الأنبوبه .. ترك ذكى خيمة  أسرته بالحى وهرب الى كفر الضراغمه لدى خاله عطا الرومانى عمدة الكفر .. تم القبض على ذهنى سليمان والد ذكى وأخلى سبيله فى المخفر ، وعلا صوت ذكى يردد: غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار فى الواحة  هات .

يبدأ عنتر ولد فرحانه شليب فى اقتطاع أول جزء من الدخل  فى أول شهر لتشترك حمديه بنت حنفى الخولى فى الجمعية التى ستجمعها أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها النمرة الأخيرة بعد ثمانى سنوات وشهر لتتمكن الأسرة من شراء انبوبة غزل بنات جديده .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 المسامير


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

حيث الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


المسامير

ينغرس المسمار الاول فى يد حسان عبد الله العبد فيسرع عبد الدايم العطار الى انتزاعه وأغلاق مكانه ببعض بقايايا البن المستقر فى قاع الكوب  الذى شربه منذ قليل ، ويتركه ليواصل استخراج المسامير القديمة من ألواح الخشب ليعيد تركيبها قبل صب خلطة المونه .

ينغرس المسمار الثانى فى اليد اليسرى فيسهل تعامل حسان معه ويتمكن من استخراجه كاتما آهاته حتى لايزعج عبد الدايم الوحيد من زملاء الجامعة الذى تمكن من ايجاد فرصة عمل له بعد فترة طويلة من البطالة دامت أكثر من ست سنوات بعدما انفق عبد الله العبد وزوجته عطيات الاشمونو آخر مليم فى حوزتهم لتعليم ابنهما الوحيد حسان فى الجامعة ليكون أول خريجى الجامعة والوحيد فى الواحة الصغرى غير انهم لم ينعموا برؤية حسد ابناء العزبة لهم على الوليد خريج الجامعة لوفاتهم مبكرا اسفل خيمتهم الايجار وقبل اعلان نتيجة البكالوريوس بشهر واحد .. قرر حسان أن لايعود الى الواحة  ثانية بعدما فقد أعزّ ماله فيها ولن يبكى على الخيمة الايجار من عبّيس الحلاق فلن يتمكن من دفع ايجارها  لضيق ذات اليد .

داعب مسمار ثالث يد حسان اليمنى فخدشها ولم ينغرس فتابع عمله .. طلب حسان من رحمانى ابن قناوى الشيخ ابن شيخ قبيلة التلويه بالواحة الصغرى أن يبقى عليه فى الغرفة الصغيرة أسفل السلم المظلم وكان أبواه يقتطعان أجر الغرفة من اجرهم الذى يتقاضيانه من عملهم فى الارض البحرية للواحة  والتى يملكها قناوى الشيخ ، ومنذ وفاة والديه قبل تخرجه وهو يقوم على خدمة ابناء الشيخ مقابل الزاد والاقامة فى الغرفة المظلمة .

يتسلل مسمار عنيد الى اليد اليسرى فينزعه حسان باليمنى فيزيد سريان الدماء على الارض .. كان حسان العبد دائم البحث عن عمل يخرج به من رتابة خدمة ابناء الشيخ .. ساعده الكثير من زملائه فى البحث حتى وفق عبد الدايم العطار فى توفير فرصة عمل نادرة كصبى نجار مسلح يساعده بعدما أتقن هو هذه المهنة لسنوات أربع ماضية وأقلع عن التفكير فى وظيفة أخرى غيرها لمناسبة الدخل .

جاء محرز البنا رئيس العمال يخبر عبد الدايم العطار بأن صديقه زيادة عن العدد المقرر للمقاولة ولن يستطيع صرف أجر الصبى له حتى لعدم خبرته .. عاد حسان ليمر على زملائه واحدا واحدا عسى ان يوفق فى العثور على فرصة أخرى بعيدا عن عناد وأذى المسامير التى فجرّت نهر دمائه الهارب منذ زمن ، وبعد ساعات أربع من البحث رجع الى حجرته يضمد جراحه وينهى أعمال اولاد الشيخ المنزلية ليغمض عينيه على أمل العثور على فرصة أخرى لاتدمى يداه فيها المسامير .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


الكركى

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات

الكركى


يداعب الجليد وجه طائر الكركى المزركش بالاحمر فيرقص فى قفزاته العالية ويدقدق بقدميه الطويلتين مرفرفا بجناحيه الناصعة البياض ، وحين يلمهما يأتى بسواد الليل فيعود ساكنا الى مكانه ويتصدر واجهة الفندق المسمى باسمه فيستمتع برؤيته كل رواد مدن الجبال السبعه .

تشرب الخمرية اللون حتى الثمالة وتقول : خمسة طرق تؤدى الى القلب حيث أقيم والكركى .. تتوحد الفتاة والطائر حين تجلس فى المقدمة ويظل خلفها ساكنا برقبته الطويلة وريشه الأملس المتدلى يساقط كرات الجليد الصغيرة حتى تصل الى الأرض فتنفجر متناثرة على وجوه الجالسين حول العيون المتثائبه .

جاءت كريمه رعيان من جنوب الصحراء الوسيعة الملونة بالموت الاصفر عند التقاء المحيط بالبحر الملح ، وخلعت رداءها القديم لكنها مازالت تعشق الجنوب أول الطرق المؤدية الى قلبها .

رفعت كريمه الكأس ليلامس شفتاها ، واستيقظت عيناها عندما سمعت بمقدمى من قلب جنوب أعلى النهر ، وقالت : لقد خبرت كل أجناس العالم ولم يرق لى سوى جنوبى قلب أعلى النهر .. أطالت الفتاة النظر الى وجهى الذى تاهت فيه معالم الجنوب فصرفت عيناها عنى لينطفىء نور المقدمة وتتلون الوجوه بالاسود الثقيل الظل حين يفقد صغار نجومه فتتوه الوجوه ولايتعرف أحدنا على الآخر .

جاءت الأنوار المصنوعة ضئيلة من الخلف ترسم خيالاللكركى وكريمه رعيان التى راحت تعب شراب شمال الشمال ثانى الطرق المؤدية الى قلبها فهو القادر على الانتقال بها الى عالمها الجميل حين تفقد ملامح الخيّم الشعر ووجوه الأب والأم والأخوة المحاصرة ، وتنطلق ترسم منزلا صغيرا مع أحد الجالسين حولها أمام الكركى .

جاءت كريمه فى صحبة بنات كثيرات من أقصى الجنوب يبغين المعرفة فى معاهد مدن الجبال السبعة التى عنيت بالشرق ثالث الطرق المحببة الى قلب الفتاة والذى تمله أحيانا لتتطلع الى الجهة المقابلة رابع الطرق التى يهفو القلب اليها ليزيد انطلاقها وانقطاع أوصال الماضى السحيق الذى يجثم على صدرها .. تتنفس الجميلة بعمق شديد مع انتهاء الكأس العاشره .

تبدأ كريمه فى شرب الكأس التالية وتنظر الى أعلى حيث ينظر الطائر ويتساقط المتحلقون حولهما واحدا واحدا ليعودوا الى غرفهم الحاملة أرقامهم بالفندق ، وتظل كريمه رعيان متوحدة والكركى يطيران الى الأعلى آخر معشوقة خمرية اللون فيرتحلان عبر الزمان والمكان وتصبح الجميلة ذكرى لكل نزلاء الفندق مع عودة الكركى كل عام يداعب كرات الجليد بوجهه ، ويرفرف بجناحيه الناصعة البياض ليصل الى آذاننا صوت كر .. كر .. كريمه .. كر .. كر .. كركى .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


القافلة السوداء

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات


القافلة السوداء


يستيقظ الرجل المعصوب العينين فلايرى الا الظلام المحيط به من كل جانب .. يحاول الرجل الوقوف فى مكانه فيصطدم بالاجساد المتخبط بعضها فى بعض .. يخترق الرجل الكتل البشرية المتلاحمة حتى يواجه الجدران الخشبية .. يضع يديه يتحسس أبعادها فتلسعه نيران أشعة الشمس المختزنة داخل الصندوق الخشبى الكبير فيتراجع الى الخلف ليدفعه الاخرون فيلتصق ثانية بالجدار الذى يشوى وجهه .. يتقهقر دافعا بقوته المتبقية الاجساد خلفه .. ينأوه الجميع ولاينطق احدهم بكلمة حتى يتبين المكان والزمان والحدث .

المكان . .  صندوق اسود كبير لم يتمكن واحد من المعصوبى العيون تحديد طوله أوعرضه أوحتى عمقه بسبب الزحام الشديد .. تبدأ حركة الصندوق .. شك .. شك .. شك .. يخرج من نقطته الاولى  .. تشك .. تشك .. يقف فى مجمع الواحات  الكبير الذى يتعرف عليه معصوبوا العيون من خلال آذانهم التى تاهت وسط طوفان الاصوات البشرية المتزاحمة ، وتداخل اصوات الابل التى تشد الصناديق مع سائر قطعان الانعام التى لاتصمت .

الزمان. .  طول الزمان .. تشك .. تشك .. تشك .. تبدأ الرحلة  ..تصطدم الاطارات ببعض الحجارة المنغرسة فى الرمال الناعمه  لتتحرك الصناديق الحديدية الى الامام والاجساد الى الخلف فى قلبه من شدة الانطلاق .. يعود الرجل الأول من المعصوبى العيون الى اغماءته  ليطفو الى ذاكرته سبب سقوطه فى بطن الصندوق الاسود عاشق الترحال الى الجنوب .

الحدث .. تمرد الرجل الاول على حاله من حيث السكون الى الحركة ، وحذرته الزوجة من العواقب الوخيمة لهذه الفعلة الشنعاء لكنه لم يستمع وجاوز الحدود المرسومة له  فأخذ أول خطوة من خطوات الحركة الى اللاشىء فقرر مسؤولوا السكون نفيه الى واحتهم البعيدة التى لايسمح فيها باصدار أى صوت من أصوات الكائنات الحية .

تشك .. تشك ..  يواصل الصندوق انطلاقته تجاه الجنوب فيستيقظ الرجل الأول ليتعرف على الرجل الثانى  الملتصق كتفه بكتفه ويوقفه على سر وجوده الى جواره فى هذا المكان فيرى نفس سبب وجوده فى العصابة السوداء المحكمة الرباط فوق عينيه .

يرتطم  الصندوق  الاسود بعارضة حديدية ضخمه مغروسة فى قلب الرمال تحذر من المفرقعات المدفونه فى بطون الرمال  فتقشعر أبدان معصوبى العيون وتهتز من شدة الارتطام فيتوقفون عن رسم غابة ثرثرتهم التى ملأت أرجاء المكان ، ويسود الصمت حتى يتم تعديل مسار الصناديق التى تجرها الابل المنهكة ..تستعيد أصوات المعصوبى العيون تماسكها فيواصلوا حفلة تعارفهم وتعلو الاصوات لتمتزج بالصوت الاعلى .. تشك .. تشك .. تشك ..  تمر الساعات فينال الارهاق من الألسنة التى تعود الى السكون  ..  تسير الصناديق السوداء الف كيلوا حتى تتوقف لتفتح أبوابها  فى منتصف الليل  فيتم نقل المعصوبى العيون الى صناديق العربات  المحكمة الاغلاق والمدهونة باللون الاسود من الداخل حتى لايشعر معصوبوا العيون بالاغتراب اثناء نقلهم الى واحة المسؤولين الصماء البعيدة .

ترك .. ترك .. ترك ..  يتجه القطار بصناديقه الكثيرة الى الشمال ليأتى بنزلاء الواحة الجدد ، ويواصل رحلاته  الدائمة .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 المشاورجيه


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

حيث الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


المشاورجيه

أقبل خمسة من الأغراب على الحى القديم فلم يتقبلهم السكان فى أول الأمر .. لجأ الأخوة الى كبير الحى يبحثون عن لقمة العيش وشكوا اليه سوء معاملة أهل الحى ، ومجيئهم من الأطراف البعيدة هربا من الجفاف الذى اجتاح المناطق التى كانوا يقطنون بها  .. رقّ قلب شيخ الحى الى حال الأغراب وكلّفهم بأعمال العتالة فى خيمة الشيخ رابح العطار ، وكان الضامن لهم استنادا الى أوراق الهوية التى يحملها كل أخ من الأخوة الخمسة .

فرش كل شقيق خده مداسا لأهل الحى  يسيروا عليه ويتهادوا ، وأسرع كل منهم يحمل عن نساء الحى مايأتون به من الخارج من طعام أوشراب وملبس واحتياجات معيشية أخرى بدون مقابل فى أول الأمر ثم بمقابل زهيد بعد ذلك حتى تركوا الاقامة فى الخرابة التى تتسع لمنامهم خلف خيمة الشيح رابح العطار  الى خيمة ايجار بخيم شيخ القبيلة، والتصق بهم لقب المشاورجيه ليكتفوا بعملهم الجديد .

يقصد أهل الحى باب خيمة الأشقاء الخمسة ليخرج اليهم أحدهم فتصطحبه احدى نساء الحى  ليحمل عنها امتعتها فى رحلة العودة من السوق أوينهى لها أوراقا هامة تتعلق بالميلاد أو الوفاة أوتحقيق الهوية .

علا نجم الأشقاء الخمسة بعد رحيل رضوان فرج شيخ قبيلة المناخلية  فتزوج ريحان الغربى أكبر الأشقاء الخمسة بأرملة الشيخ وعفا أشقائه الأربعة من دفع ايجار الخيمة .

برع صفوان الغربى فى تصدير أجمل فتيات الحى الى مكاتب المخدمين للعمل كشغالات فى منازل الاعيان بالبنادر، كما تميز ربعه وحميده ونونو فى استجلاب وترويج المخدرات بين كبار وصغار حى المناخلية الاحياء المجاورة .

تمكن الاشقاء الخمسة من شراء نصف خيم الحى بعد سنتين من تاريخ الدخول ليلا تحت ابط الظلام حتى لايتم الاشتباه فيهم لغرابة الوجوه .. امتلك الغرابوه الخمسة بعد ستة أشهر أخرى بقية الخيم  ليتحول كل سكان حى المناخلية  الى العمل كمشاورجيه فى خيم الأشقاء الخمسة ، وتم خلع تسعة عشر من أجمل زوجات الحى ليدخل بهم صفوان وربعه وحميده ونونو ، وصار على ذمة الأخوة الخمسة عشرون زوجة ومن البنين والبنات مائه ثم تم استبدال عشر زوجات بعشر أخريات حتى اجتمع المطلقات الخمسون واتفقن على تقطيع المطلقين الخمسة الى اجزاء صغيره وتذويبهم بالبطاس فى الانية الفخارية الكبيرة ، فطويت بذلك الصفحة الاخيرة من تاريخ الأشقاء الخمسة الغرابوه المعروفين  بالمشاورجيه .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 قش الأرز 


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


قش الأرز 

يعبىء مغربى يزيد حميدات قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم 

تجىء قافلة الابل الكبيرة ، يعلوظهر كل منهم  هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع صعود وهبوط التلال عبر الطريق  الطويل من الحضر الى الحى القديم بواحة الصحراء الصغرى  

يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى يزيد  حميدات  باقتطاع جزء من القش فى كل مرة  حتى تكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل 

يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الرحبة  من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى خيم الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش 

تآكلت الحصيرة الخوص  التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده 

سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الرمال  فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر وتحمله الابل الى الحضر لبناء المنازل الاسمنتية  

يطمح كل ابناء الحى فى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة قوافل الابل  مع وقوفها أمام الرحبة حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف القافلة  وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل الحى وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل الحى بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم 

يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز 

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 فخار بالبطاس


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


فخار بالبطاس

يشترى العاشق البطاس والاقراص  من الحضر لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع  المطل على حدود صحراء الواحة للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى .

يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا الحى  بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الخيمة  المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج خيمته الملك الذى دفع فيها ثمن القيراط الطين الذى ورثه عن امه فى أرض الواحة ليصبح واحدا من ملاك خيم الحى ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الخيمة المجاورة لخيمة الكرايمى  .

رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب اولادا منه  ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم .

كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر .

حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته فى الطريق الى سوق الحى ذات مرة  ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده  وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب  لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها .

سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق .

استطاع تامر أن يستخرج اذنا من نيابة الحضر القريبة من الحى  بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ الاوانى الفخرية الكبيرة  بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فيها، وتضع عشب  المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى الفخار ليتحلل الجسد وتحار اجهزة الحضر  فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا .

تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء .

عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى خيمتهم  التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى قعادية الفخار الكبيرة  بالبطاس .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 علاوة استثنائية


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


علاوة استثنائية

يترقب الجميع ببالغ الشوق واللهفة الحصول على العلاوة الاستثنائية ..  يجلس الخمسة موظفين على مكتبين .. تأخذ الملفات دورتها بين المكتبين دون التقاء عيون الموظفين حتى لاتفصح عما بداخلها .

يوزع جابر الرحمانى عامل المكتب أربعة أكواب من الشاى ويصب القهوة فى الفنجان بعناية حتى لايضيع الوجه أمام ابراهيم السلومى رئيس القسم الذى يبدو عليه الكثير من القلق فمازال فى الدرجة الاولى منذ سبع سنوات ولم يتقدم خطوة واحدة حتى الآن .

يمسك السلومى بفنجان القهوة  بيد مرتعشة فهو فى أمس الحاجة الى هذه العلاوة بعدما باع الذى أمامه ووراءه قطعة الارض الستة قراريط التى ورثها عن ابيه فى واحة الصحراء الوسطى  وتركها بلاعودة مع زوجته  ليوالى الصرف على وليد وميرنا ابنيه التوأم اللذين التحقا بالجامعة العام الماضى ، وهيثم الذى سيكلفه مالايطيق من مصاريف لدروس الثانوية هذا العام ، وآخر العنقود السكر المعقود ابنته ولاء - كما تقول عليها دائما زوجته هناء الشماشرجى والتى صرفت هى ايضا كل ماورثته عن ابيها وأمها ، وولاء سستنهى مرحلتها الاعدادية هذا العام .

يواصل السلومى شرب فنجان القهوة ويفرغ عوض عبد الرحمن من شرب الشاى ليقلب نظره فى الوجوه المترقبة ويطمئن ابراهيم السلومى لان الدور سيكون عليه بعد حصول كل الموظفين فى المكتب على العلاوة حتى جابر الرحمانى فيهدأ السلومى ولايأمن مكر السادة المسؤلين فهو أدرى بهم وليس منهم .

يهدىء عوض من روع السلومى ويصرف ذهنه الى سيرته الذاتية فلقد قرر عوض عبد الرحمن أن لايتزوج ليعول والدته وأخواته البنات الاربع بعد وفاة والده عبد الرحمن المناخلى

حتى فاته القطار بعد أن زوّج أخواته وتوفيت أمه  .. ينظر عوض الى العلاوة بامتعاض ولاينتظرها أبدا ومع ذلك جاءته ثلاث مرات .

تدور عينا تاج فراج الذى يقلب الملف بين يديه ويبحث عن المستند الضائع ويسأل كل  من بالمكتب حتى ينبهه جابر الرحمانى الى وجود المستند داخل الملف الذى يقلبه بين يديه فيطلب منه كوبا من الشاى للمرة الخامسة ليضع عينيه وسط رأسه حتى لايضيع ويضيع وراءه ستة أولاد من زوجتيه المتوفيتين وثلاثة من الجديدة التى لم ترحل بعد .

تقفز ابتسامة ماكرة من عينى سلوى عبد الفتاح المتزوجة وتعول لسفر زوجها بعد تعاقده العام الماضى كمحاسب فى الحجاز وهى فى غير حاجة الى العلاوة - لكنها بتموت على القرش - كما يقول كل العاملين بالمكتب .

يمنى صابر مخلوف النفس ويتمنى أن لويصيبه الدور حتى يتخلص من نظرة الازدراء التى يشيعه بها والده مخلوف عبد البر ساعى رئيس مجلس الادارة مع كل قرش يعطيه له كأعانة بعد ان يصرف كل راتبه على الملابس كى يبدو فى المظهر اللائق بالمؤسسة ومازال صابر أحدث موظف بالادارة منذ خمس سنوات .

مرت الخمس دقائق السابقة على اعلان نتيجة العلاوة كخمس سنوات على العاملين بالمكتب ، وفجأة دخل صابر الرحمانى وقد ارتسمت على ملامحه كل علامات الفرح وأعلن حصوله على العلاوة للمرة السادسة خلال العشرة سنوات الاخيرة ، ولم يستغرب أحد الجالسين لأنه كان ساعى المدير المقرّب قبل أن ينتقل الى القسم العام الماضى .

تغيرّت كل ملامح القلق على وجه ابراهيم السلومى رئيس القسم الى سكون وسقط فجأة على الارض فأسرع الجميع الى نجدته لكن الموت كان أسرع منهم بسبب الازمة القلبية التى تعرض لها السلومى بسبب حصول صابر الرحمانى على العلاوة الاستسنائية .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 صوان لحمه


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


صوان لحمه

يشد عمال الفراشه قطع الخياميه بين الاعمدة الخشبيه المثبتة بطول خمسمائة مترا على جانب الدرب الطويل ، وتتدلى الخطاطيف الحديديه بين كل متر وآخر لتحمل الكباش المذبوحة والتى تبلغ المائتين والخمسين على كل جانب تقدمها الست صدقيه الرايق كأضحية للعيد الكبير فى كل عام .

يتم تعليق مكبرات الصوت  الموصولة ببطاريات الطاقة تحمل صوت المطرب الشعبى يكرر : ياحاسدين الناس .. تنكسر سهام الحاسدين مع موجات الهواء قبل ان تصل الى الاضاحى  .. ينتظر الفقراء داخل الصوان الذى تقيمه الست صدقيه أمام خيمتها الكبيرة، ويطول الانتظار حتى يخرج صغار الجزارين غارقين فى دم الذبائح يحمل كل واحد منهم كبشا ليعلقه فى خطافه الذى سيقف بجانبه حتى يفرغ من تسليمه لآخر لفه لمن تحدده الست صدقيه ومازال المطرب الشعبى يكرر نفس المقطع من الاغنية ، والذى تم تسجيله مكررا أكثر من مائة  مرة حتى لاتصيب سهام الحاسدين الطائشة صدقيه أوأضحياتها أوواحدة من فتياتها المقربات .

يواصل عمال الفراشة تثبيت اللوحات الفوتوغرافيه بالبللور الشفاف الخاصة بالست صدقيه وهى فى صحبة الصفوة من سادة مجتمع الحضر  لتشارك فى افتتاح العديد من المشروعات الخيريه ، وبين كل لوحة ولوحة توجد لوحة بيضاء تحمل أصوات الجماهير التى تعلو بالهتاف لحياة الست صدقيه فى ظل أغنية المطرب الشعبى ياحاسدين الناس .

يشتد لمعان بدل فتيات الست صدقيه المطرزة بالترتر المتناثر على وجوههن البراقة  مع    خروجهن من الخيمة الكبيرة يحملن المباخر التى تعمى عيون الحاسدين فيغطى الدخان سماء الدرب حتى لايرى المارة مواضع أقدامهم لتخرج الست صدقيه ترتدى فستانا فضفاضا أبيضا فى أبيض ويعلو رأسها غطاء حريرى تم استيراده من الشام مساء أمس لتبدو صدقيه عروسا فى ليلة زفافها .. يغطى الصفاء وجهها بدون أصباغها القديمة .. تقلب صدقيه بين أصابعها الناعمة حبات عقد من الاحجار الكريمة على صدرها المنخفض باللون الازرق لتطفىء نيران الحسد المنطلقة من عيون حسادها وتواصل طقوس عادتها التى حرصت عليها منذ تقاعدت وقررت البعد عن الاضواء التى أدمت عينيها .. يكرر الحاسدون : اللهم لااعتراض ولامانع .. يعدون مئات الخيم التى تفتحها الست صدقيه اللولبيه للعاملين معها فى الفرقة قبل قرار الاعتزال وآلاف الفقراء الذين يدأبون على المرور عليها فى أول كل شهر ليتلقون اعاناتهم ، ويمصمصون الشفاه ولاينظرون الى مقدار المشقة التى أبعدت صدقيه عن فنها الذى تعشقه وأصيبت بعد تركه مباشرة بحالة من الاكتئاب استمرت لشهور عدة لم يخرجها منها الاحب الخير للغير .

أغرق لعاب المارة الدرب  الذى يحمل اسم الست صدقيه الرايق فأسرعت الى توزيع النفحات قبل الطوفان وبدأت بعمال النظافة فأعطت كل واحد لفة تزن خمسة كيلوجرامات وغادروا المكان ليتسابق أهل الحى والاحياء المجاورة فى الحصول على أنصبتهم من لحم الكباش ويتخيرون الاجود ليلقى صغار الجزارين بالبقايا والعظام الى قطعان الكلاب التى تزاحمت تنظر بامتنان وحب شديد للست صدقيه التى لاتترك مناسبة الاوتمد يدها للصغير قبل الكبير فلاينقطع الدعاء لها طوال العام .

تدير صدقيه ظهرها للحاسدين وتمضى فتعوى بطونهم حزنا على مافاتهم من عطاياها وتصيب عيونهم الزرقاء الاعمدة الخشبية بعد خلوها من لحم الكباش فتسقط ليغادروا المكان ومازال صوت المطرب الشعبى يكرر من خلال السماعات الملقاة على الارض : ياحاسدين الناس فى قلب صوان لحمة الست صدقيه الرايق .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 رؤوس الثوم


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

حيث الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار

رؤوس الثوم


يعلو جبل قشر الثوم يوما بعد يوم ولايغرى جامعى القمامه بالاستفادة منه لنقله الى مقالبهم الكبيرة فيتركونه ليزيد ويزيد ويصبح القشر نكدا على أهل الحى كما تقول الجدات فلاتكاد المشاجرات أن تتوقف بين الأزواج والزوجات والابناء والجيران حتى تبدأ .

يزن البائعون الثوم بالسيقان الجافة فتسرع السيدات الى الخلاص من العروش حتى لاتنتفخ الحقائب ويلقين بها الى جانبى حمير البائعين ليلملمها الصبيان ويحملونها الى المقلب فى نهاية السوق .

يزحف جبل قش الثوم على السوق فيتراجع التجار بحميرهم  الى الخلف للتقليل من حدة النكد الذى قد يأتى مع الرياح المحملة بقشر الثوم ويواصلون بيعهم متوخين الحذر فى التعامل مع الزبائن حتى لاتتحقق نبوءة العجائز .

يعود رمضان عطا مع زميله صيام هريدى كل يوم من مدرسة الحضر  فى منتصف النهار ويمران فى طريقهما الى الخيام  بجبل قشر الثوم ، ويأخذان فى اللهو فيمسك رمضان بربطة قشر الثوم ويضرب رأس صديقه لتنفلت الربطة وتتناثر على الوجه الصغير فتشكل رؤوسا جوفاء كرؤوس الغول أبوعيون حمراء التى حكت له عنها أمه تفيده الغراوى .. يرد ولد هريدى على زميله رمضان ، وحين لايجدان مايبحثان عنه يتوغلان فى قلب الجبل .

يظل الصغيران يتقافزان ويلهوان الى أن ينال التعب منهما فيستريحان ثم يتحرى كل منهما الدقة فى البحث حتى يعانق رؤوس الثوم الصغيرة التى مازالت عالقة فى أكوام القش ليفرح الصغيران .

يسرع كل صغير الى فصل الرؤوس الصغيرة ويضعها فى الحقيبة ويتسابقان حتى تسحب الشمس أشعنها المتكاسلة وراءها مخلفة الظلام فيكتفى الصغيران بحصيلة صيد اليوم  ويتجهان الى خيمة  نحله الدومى بائع الكبده المستوردة ليبيعان  له رؤوس الثوم الصغيرة فيعطى كلا منهما عشرة فضه وسندوتشا من الكبده يأكلانه ويعودان الى المنزل وفى حقيبة كل منهما خمسة رؤوس من الثوم الصغير واحدة للأب والأخرى للأم لزوم علاج الدوسنتاريا الحادة والسعال اللذين يعانيان منهما دائما ، ويأخذ هريدى السمسار العشرة فضه من ابنه ويتوجه الى غرزة الحى  كى يلحق بميعاد زبون بعد العشاء حتى يريه الخيمة  التى يحلم بالسكن فيها ، وتجهز فتحيه زوجته الطشة بالثوم للفتة الكذّابه التى تسد بطون أولادها السبعه وتنظف ملابس صيام من قشر الثوم .

يرسل عطيه خفير المداخل  ابنه رمضان الى منعم البقال ليشترى له باكو التبغ القص المعسل ،ويرصه على أحجار الجوزه مكوما عليه الفحم المشتعل فيثير عاصفة من الدخان أمام الخيمة  الصغيرة التى أعطاها له عليوه الرخ بدون ايجار مقابل عمله كخفير  .. تغرف تفيده طبق الملوخيه للرجل وابنائه الخمس ، وتذكر الست وهيبه حنين بالخير فهى جارتهم التى تسكن الخيمة المجاورة التى أعطتها ورك الأرنب صباح اليوم لتطهو عليه حلة الملوخيه ، وتعنف صغيرها رمضان الذى يصر دائما على استحمامه بالقشر الذى يجلب النكد فى رحلته اليوميه بحثا عن رؤوس الثوم .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


حمارة حندوقه

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات


حمارة حندوقه

تعرف حمارة حندوقه مكان وقوفها قبل أن تركلها سيد تها بقدميها ويعلو صوتها تأمرها : قفى يازمرده .. تتسع عينا زمرده الصافية وتلتقط الوجوه الجميلة التى تبحث عنها حندوقه .. وجه قمرى بلون ذرات الرمال الذهبية وجسد ممتلىء حيوية ونضارة فلم يمر على زواج دنديه بنت عبيد بنوس سوى عام ونصف ولدت خلالها ابنتها هنومه وطفش زوجها علام الخن لكثرة الديون التى تراكمت عليه من ايجار خيمة  تصليح الكلوبات التى تضىء ليل نزلة الهيش المظلم ، وايجار الخيمة  الذى تقيم فيه زوجته .

تحمل دنديه هنومه وتسير فى طريق العودة الى خيمة ابيها فتدس حندوقه فى يدها ريالا من الفضة وتزّين لها طيب الاقامة معها فى صحبة ابنتها بدلا من الاقامة مع عبيد بنوس الذى كبر سنه وكسدت مهنته فكل ابناء الحضر  يبنون بيوتهم من الطين بأيديهم فمالت دنديه الى الحياة الرغدة ووضعت ابنتها خلف حندوقه فوق ظهر زمرده .. واصلت زمردة رحلة بحثها عن الوجوه الجميلة التى يسكن اليها محبوا المعلمة القديمة التى عاصرت كما تقول ثورة الجمال.

وقعت عينا زمرده على وجه ذهبى بلون الغسق المخضب بالندى  جميل يعلو جسد ملفوف يخبىء فتنة أسفل جلباب من التيل مزركش بالاحمر والاصفر والاخضر فأسرعت زمردة اليه .. ربتت حندوقه على ظهر زمرده وأخرجت بعضا من العلف مكافأة لزمردة التى تحسن دائما الاختيار .

وقف ركب حندوقه أمام عليّه بنت ابراهيم الحلاّوى بائع الخيزران الذى يستخرجه من النزز بحرى نزلة الهيش .. لم ترزق عليّه بوليد من طليقها فراج الغندور لمرض أصابه وقالت أمه : ان العيب عيب عليّه ، وستزوج ابنها من ست ستها فكان قرار الطلاق ، وعادت عليّه الى نزلة الهيش لتصحبها حندوقه الى دارها .

انطلقت زمردة وفوق ظهرها امرأتان ورضيعه ، وخلفها تسير عليّه الحلاوى .. اكتفت حمارة حندوقه بصيد اليوم .. ومع قرب وصول الركب الى خيمة حندوقه أخرجت المعلمة  قالبا من السكر ووضعته أعلى جوال العلف ليكون مكافأة لزمردة تحلّى به بعد تناولها وجبة العشاء فتنام قريرة العين والبال لتواصل فى الغد عملها الدائم فى البحث عن جميلات حندوقه .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


تصادم

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات

تصادم


ينظر رجل تقاطع الدروب  من أعلى ربوته  الى التقاطع ، وحين تخف الحركة فى اتجاه الشمال للمنطلق من الجنوب يرفع رايته  الحمراء  اعلانا لوقوف الحركة فيهدىء الدليل  من عدو الابل  حتى تتوقف قبل الوصول الى منطقة المترجلين .

يغيّر الرجل اللون الى الأصفر استعدادا لبدء تحرك قوافل  الشرق المنطلقة الى الغرب والعكس .. تتعلق عيون دليل القوافل  بحامل الاشارات حتى يرفع الراية الخضراء فتندفع الجمال  تسابق الريح ولم يتبق فى البعيد للاتجاه المتقاطع سوى سبع قوافل  على بعد ستمائة مترا فتمسك يمين الرجل براياته ويحركها الى أسفل عدا  الاحمر من حامل الاشارات ويرسل نظرة خاطفة الى التقاطع ليستبدله  بالاصفر ثم الاخضر للقوافل  القادمة من الجنوب الى الشمال فتتحرك ويتحرك المترجلون فى الخط الموازى لها .

مازالت قوافل  الشرق تواصل الاندفاع ، لم تتمكن من التوقف فترتعش يدا الرجل الممسك بالاشارات الثلاث  ليغير الى اللون الآخر فتستمر القوافل فى الاندفاع منطلقة فى الاتجاهات الاربعة بدون توقف .

تعانق سبعة من الابل الاقوياء  سبعة اجساد وسط زحام المارة فتتناثر اشلاؤهم وترتطم بقوافل الطريق المتقاطع .. يهتز العمود الذى يحمل كشك رجل الاشارات فترقص يداه ويسقط وسط أخشاب الكشك تاركا اعلامه الملونه  خضراء ليتواصل اندفاع القوافل من كل مكان ، ويتكوّم بعضها فوق بعض تعتلى الاجساد البشرية داخل وخارج الصناديق التى تحملها الابل حتى تصنع سدا منيعا يمنع المزيد من ضحابا تصادم التقاطع .

أسفر التصادم حتى حينه عن مصرع خمسمائة من المارة وثلاثمائة من الابل القوى كانت تسير بسرعة مذهلة ، ومازال رجل الاشارات يحاول أن يلملم عظامه التى تهشمت حتى يتمكن من الصعود ليصل الى اعلامه الملونه ليغيّر من اللون الأخضر الدامى الى الأحمر الذى سيؤدى الى وقف تفجر ينابيع الدماء التى تصب فى أوردة التقاطع بسبب التصادم .



قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com



 ببغاء هندى


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


ببغاء هندى


يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة .

تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه .

زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن .

فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق الحضر التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت :

- ماأجمل فمه ياأماه .

- لكنه هندى نحيف ياابنتى .

- هذا سيبخس ثمنه .

- لديك حق .

- أنظرى ياأماه ماأجمل شعره ..  ريشه .

- عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى.

- ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى .

- كيف ياابنتى ؟

- سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا .

رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى واحة الصحراء  الكبرى  ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت :

- ياابنتى انه لايفهم لغتنا .

- سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل .

نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة .

بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الخفراء  فجاءوا مسرعين يدقون  باب خيمة السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم يتمكن  الخفراء  من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى .

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


اوزى وروقا

من شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا والالعاب الناريه والمخدرات


أوزى وروقا

تحسب أوزى العكر خطواتها كلما سارت أمام روقا المفك أطول شباب واحة  الكمون على الاطلاق .. تميل أوزى ناحية اليمين فى الخطوة الثانية حين تلمح بطرف عينها روقا جالسا على اول الطريق  يمسح شعره الناعم الطويل فيغطى عينيه ليبعد عنهما أشعة الشمس الحريصة على زغللتهما .. تلعن أوزى هذه الاشعة التى أبعدت نظر روقا عن ميلها الى الناحية اليسرى لتتوازن خطاها وتبدو كبطة أم سوكا الدايه التى تعترض طريق المارة من ابناء واحة  الكمون والاغراب عنها فيلعنون صاحبتها التى تطلقها لتصب قاذوراتها على ذيول الجلابيب .. تخرج أم سوكا مع كل استغاثة لبطتها الممتلئة حين يهشها عابر السبيل أويضربها بقدمه فتسب أم سوكا آباء المتضرر ، ويبحث عن ريقه فى الحلق ليرد عليها فلايجده ويمضى .

لاتتمكن أوزى قصيرة القامة من لفت نظر روقا المفك  الطويل القامة  لتعود الى أمها خائبة فتهدىء فولية المنايسى ابنتها وتمسح دموعها وتقص عليها قصة وقوع أبيها صابر العكر فى غرامها بعد افتعالها للشجار معه بسبب متابعة عينيه الدائمة لها وهو جالس على غرزة حنين الفوال نفس الغرزة  التى  يجلس عليه روقا المفك ، ووقع صابر العكر فى غرام فوليه المنايسى وقالت له : مامحبه الابعد عداوه وانجبا ابنتهما الوحيدة أوزى البطة البيضاء الممتلئة .

اقتنعت أوزى بالفكرة فخرجت على الفور وأطلقت لقدمها العنان فقلبت المنضدة التى يضع عليها روقا المفك شايه وادعت عليه وسط الغرزة  فى منتصف الدرب  بازعاجه الدائم لها وتعقبها بعينيه حتى توشك فى كل مرة أن تسقط .. ينفى روقا كل ماتقول الفتاة فهو لم يرها من قبل ولم يلتفت اليها هى أو غيرها لانشغاله بتصفيف شعره الناعم وتسوية شاربه الشديد السواد .

تدخل شيخ الدرب  علوانى نوح المتيم بأوزى والتى لم تعطه ريقا حلوا حتى الأن .. دفع علوان الشاب الى المخفر  واحتجزه للاشتباه فأزال حارس عنان فتوة الحجز شارب روقا الذى لم يعجبه فذاب الشاب أسفل يدى حارس وأخرجه علوانى بعد ثلاثة ليالى .

تتجه فوليه المنايسى الى أم روقا وهددتها ان لم يصلح ابنها خطأه الذى أدى الى تشويه سمعة البنت فلن يسلم من سنج أبيها صابر العكر فتوافق الأم على الزواج لكن روقا يطلب عدم اتمام الدخول بعروسه الا بعد خروج صديقه حارس عنان من الحجز .

يخرج حارس من الحجز فيتم الدخول ويرزق روقا بولد جميل يشبه الى حد كبير صديقه حارس فأسماه على اسمه وأصبح حارس الصغير بداية ثانية لقصة حب أوزى وروقا .

قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 انهيار السقف


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار



انهيار السقف

استلقى مؤمن عبد البر رديسى على سريره الجريدى القديم وظل ينظر الى سقف خيمته القماش الموصول يتابع اتساع الشقوق حول العرق الوحيد الذى يحمله منذ جاء به والده الى هذه الحياة  ورحل ليتركه وحيدا بعد وفاة امه  وهو فى سن السادسة عشر .

كدّس الجيران أكواما من الكراكيب القديمه  خلف  خيمته الوحيدة المتما سكة  بين خيم الحى والتى  كانوا يحسدونه عليها .

أخرج أول شرخ لسانه فظل مؤمن مستلقيا على ظهره ولم يعبأ من سخريته وأدار عينيه ليغمضها  على رحلته اليوميه التى ارهقته من والى معهد الحضر  الذى يدرس فيه متوكئا على معاش ابيه الساعى  البسيط الذى حار فى سد بعض احتياجاته من مأكل ومشرب وملبس ومواصلات وايجار خيمة حتى أشفق عليه عميد المعهد فصرف له الكتب من رعاية شئون الطلاب بالمجان بعد أن أطال النظر فى عينيه .

تساقطت حبات المطر من الشق الثانى فلم يعرها مؤمن أدنى انتباه وجاء بجاكيت  بدلة عرس ابيه الصفراء التى استلمها من المصلحة بالحضر وأخذ يرتقه ليحميه من برد الشتاء القارس وعاد الى استرخائه اسفل لحاف عبد البر رديسى الذى لم يمنعه من جليد هذا العام الذى حل بالحى  ليحتمى أهله بنيران المدافىء الخشبيه  .

ينتظر مؤمن انفاس بسمه بنت فكيهه الشرباتى تعلو كلما اقتربت من باب خيمته  لتدعوه الى العشاء والجلوس معهم حول المدفأة الفخار المليئة بالفحم نزولا على رغبة فكيهة بائعة اللبن آملة فى ارتباط مؤمن ببسمه وسيلبى مؤمن الدعوة وتظل فكيهة تحاصره وتقرّب له كل بعيد مقدمة كل التنازلات عن حقوق ابنتها كعروس حاصلة على دبلوم تجاره ، وستكتفى بالاقامة معه فى خيمة  المرحوم عبد البر رديسى وهنومه سراج الغاليين عليها وستكتفى ايضا بتجديد بعض الاثاث لكنه اصبح غير قادر على الزواج ومنذ تيقنت فكيهه من ذلك لم تدعه مرة واحدة على العشاء ومازال مؤمن ينتظر .

يمسك مؤمن بفستان امه القديم .. يجفف ماء مطر الامس من الشق الثالث الذى جاوز النصف متر .. يدفع عطا خليل باب الخيمة  بقدمه ويلقى باللحمة المفرومة تموين الغد الى جانب السرير ويسبق مؤمن فى الاختباء أسفل اللحاف العتيق وهو يلتهم سندوتشا من  الاثنين اللذين لم يبعهما وعاد بهما بعدما أغلق عربة سندويتشات   اليد التى يقف معه عليها مؤمن الذى سقط بدوره على جسده لينتزع السندوتش المتبقى من بين فكيه .

يواصل مؤمن النظر الى السقف تحت  ضوء لمبة الجاز نمره خمسه .. قرر مؤمن أن يعالج الشق الرابع الاكثر اتساعا بحشوه عندما يقوم من مرضه فى الغد ليلحق أجر يوم من ايام الاسبوع وحتى لايستبدله حنفى سليم صاحب عربة السندوتشات بشخص آخر .

علا شخير عطا ابن خليل شلبى فرّاش مدرسة البنات النموذجية  بالحضر الذى ترك خيمة  ابيه المزدحمة بالسبعة أخوه والام واقام مع صديقه مؤمن منذ عشر سنوات عقب وفاة عبد البر رديسى ،وعملا معا فور  تخرجهما فى العام قبل الماضى ويقوم مؤمن بغسل الملابس وينظف عطا الخيمة  وكثيرا ماكان عطا يقسو على مؤمن ويحمله تنظيف الخيمة وطهو الطعام .

جاوز شخير عطا مداه فزاد من اتساع الشق الخامس مما أدى الى انهيار السقف الذى كتم انفاس ابن خليل شلبى ، ومازال مؤمن ينظر الى السماء المظلمة الخالية من النجوم ، ويمنى النفس باعادة سقف الخيمة  الى ماكان عليه قبل  زواج ابيه من امه فى رحاب الحى القديم بواحة الصحراء الكبرى.


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الثلاثاء، 18 أغسطس 2020

 علاوة استثنائية


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


علاوة استثنائية

يترقب الجميع ببالغ الشوق واللهفة الحصول على العلاوة الاستثنائية ..  يجلس الخمسة موظفين على مكتبين .. تأخذ الملفات دورتها بين المكتبين دون التقاء عيون الموظفين حتى لاتفصح عما بداخلها .

يوزع جابر الرحمانى عامل المكتب أربعة أكواب من الشاى ويصب القهوة فى الفنجان بعناية حتى لايضيع الوجه أمام ابراهيم السلومى رئيس القسم الذى يبدو عليه الكثير من القلق فمازال فى الدرجة الاولى منذ سبع سنوات ولم يتقدم خطوة واحدة حتى الآن .

يمسك السلومى بفنجان القهوة  بيد مرتعشة فهو فى أمس الحاجة الى هذه العلاوة بعدما باع الذى أمامه ووراءه قطعة الارض الستة قراريط التى ورثها عن ابيه فى واحة الصحراء الوسطى  وتركها بلاعودة مع زوجته  ليوالى الصرف على وليد وميرنا ابنيه التوأم اللذين التحقا بالجامعة العام الماضى ، وهيثم الذى سيكلفه مالايطيق من مصاريف لدروس الثانوية هذا العام ، وآخر العنقود السكر المعقود ابنته ولاء - كما تقول عليها دائما زوجته هناء الشماشرجى والتى صرفت هى ايضا كل ماورثته عن ابيها وأمها ، وولاء سستنهى مرحلتها الاعدادية هذا العام .

يواصل السلومى شرب فنجان القهوة ويفرغ عوض عبد الرحمن من شرب الشاى ليقلب نظره فى الوجوه المترقبة ويطمئن ابراهيم السلومى لان الدور سيكون عليه بعد حصول كل الموظفين فى المكتب على العلاوة حتى جابر الرحمانى فيهدأ السلومى ولايأمن مكر السادة المسؤلين فهو أدرى بهم وليس منهم .

يهدىء عوض من روع السلومى ويصرف ذهنه الى سيرته الذاتية فلقد قرر عوض عبد الرحمن أن لايتزوج ليعول والدته وأخواته البنات الاربع بعد وفاة والده عبد الرحمن المناخلى

حتى فاته القطار بعد أن زوّج أخواته وتوفيت أمه  .. ينظر عوض الى العلاوة بامتعاض ولاينتظرها أبدا ومع ذلك جاءته ثلاث مرات .

تدور عينا تاج فراج الذى يقلب الملف بين يديه ويبحث عن المستند الضائع ويسأل كل  من بالمكتب حتى ينبهه جابر الرحمانى الى وجود المستند داخل الملف الذى يقلبه بين يديه فيطلب منه كوبا من الشاى للمرة الخامسة ليضع عينيه وسط رأسه حتى لايضيع ويضيع وراءه ستة أولاد من زوجتيه المتوفيتين وثلاثة من الجديدة التى لم ترحل بعد .

تقفز ابتسامة ماكرة من عينى سلوى عبد الفتاح المتزوجة وتعول لسفر زوجها بعد تعاقده العام الماضى كمحاسب فى الحجاز وهى فى غير حاجة الى العلاوة - لكنها بتموت على القرش - كما يقول كل العاملين بالمكتب .

يمنى صابر مخلوف النفس ويتمنى أن لويصيبه الدور حتى يتخلص من نظرة الازدراء التى يشيعه بها والده مخلوف عبد البر ساعى رئيس مجلس الادارة مع كل قرش يعطيه له كأعانة بعد ان يصرف كل راتبه على الملابس كى يبدو فى المظهر اللائق بالمؤسسة ومازال صابر أحدث موظف بالادارة منذ خمس سنوات .

مرت الخمس دقائق السابقة على اعلان نتيجة العلاوة كخمس سنوات على العاملين بالمكتب ، وفجأة دخل صابر الرحمانى وقد ارتسمت على ملامحه كل علامات الفرح وأعلن حصوله على العلاوة للمرة السادسة خلال العشرة سنوات الاخيرة ، ولم يستغرب أحد الجالسين لأنه كان ساعى المدير المقرّب قبل أن ينتقل الى القسم العام الماضى .

تغيرّت كل ملامح القلق على وجه ابراهيم السلومى رئيس القسم الى سكون وسقط فجأة على الارض فأسرع الجميع الى نجدته لكن الموت كان أسرع منهم بسبب الازمة القلبية التى تعرض لها السلومى بسبب حصول صابر الرحمانى على العلاوة الاستسنائية .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 فخار بالبطاس


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


فخار بالبطاس

يشترى العاشق البطاس والاقراص  من الحضر لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع  المطل على حدود صحراء الواحة للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى .

يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا الحى  بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الخيمة  المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج خيمته الملك الذى دفع فيها ثمن القيراط الطين الذى ورثه عن امه فى أرض الواحة ليصبح واحدا من ملاك خيم الحى ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الخيمة المجاورة لخيمة الكرايمى  .

رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب اولادا منه  ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم .

كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر .

حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته فى الطريق الى سوق الحى ذات مرة  ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده  وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب  لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها .

سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق .

استطاع تامر أن يستخرج اذنا من نيابة الحضر القريبة من الحى  بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ الاوانى الفخرية الكبيرة  بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فيها، وتضع عشب  المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى الفخار ليتحلل الجسد وتحار اجهزة الحضر  فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا .

تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء .

عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى خيمتهم  التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى قعادية الفخار الكبيرة  بالبطاس .


قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 قش الأرز 


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

و الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


قش الأرز 

يعبىء مغربى يزيد حميدات قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم 

تجىء قافلة الابل الكبيرة ، يعلوظهر كل منهم  هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع صعود وهبوط التلال عبر الطريق  الطويل من الحضر الى الحى القديم بواحة الصحراء الصغرى  

يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى يزيد  حميدات  باقتطاع جزء من القش فى كل مرة  حتى تكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل 

يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الرحبة  من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى خيم الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش 

تآكلت الحصيرة الخوص  التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده 

سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الرمال  فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر وتحمله الابل الى الحضر لبناء المنازل الاسمنتية  

يطمح كل ابناء الحى فى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة قوافل الابل  مع وقوفها أمام الرحبة حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف القافلة  وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل الحى وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل الحى بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم 

يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز 

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 المشاورجيه


شارع الجمهوريه اول فيصل

زمن الكورونا

حيث الالعاب الناريه

والمخدرات  طوال الليل والنهار


المشاورجيه

أقبل خمسة من الأغراب على الحى القديم فلم يتقبلهم السكان فى أول الأمر .. لجأ الأخوة الى كبير الحى يبحثون عن لقمة العيش وشكوا اليه سوء معاملة أهل الحى ، ومجيئهم من الأطراف البعيدة هربا من الجفاف الذى اجتاح المناطق التى كانوا يقطنون بها  .. رقّ قلب شيخ الحى الى حال الأغراب وكلّفهم بأعمال العتالة فى خيمة الشيخ رابح العطار ، وكان الضامن لهم استنادا الى أوراق الهوية التى يحملها كل أخ من الأخوة الخمسة .

فرش كل شقيق خده مداسا لأهل الحى  يسيروا عليه ويتهادوا ، وأسرع كل منهم يحمل عن نساء الحى مايأتون به من الخارج من طعام أوشراب وملبس واحتياجات معيشية أخرى بدون مقابل فى أول الأمر ثم بمقابل زهيد بعد ذلك حتى تركوا الاقامة فى الخرابة التى تتسع لمنامهم خلف خيمة الشيح رابح العطار  الى خيمة ايجار بخيم شيخ القبيلة، والتصق بهم لقب المشاورجيه ليكتفوا بعملهم الجديد .

يقصد أهل الحى باب خيمة الأشقاء الخمسة ليخرج اليهم أحدهم فتصطحبه احدى نساء الحى  ليحمل عنها امتعتها فى رحلة العودة من السوق أوينهى لها أوراقا هامة تتعلق بالميلاد أو الوفاة أوتحقيق الهوية .

علا نجم الأشقاء الخمسة بعد رحيل رضوان فرج شيخ قبيلة المناخلية  فتزوج ريحان الغربى أكبر الأشقاء الخمسة بأرملة الشيخ وعفا أشقائه الأربعة من دفع ايجار الخيمة .

برع صفوان الغربى فى تصدير أجمل فتيات الحى الى مكاتب المخدمين للعمل كشغالات فى منازل الاعيان بالبنادر، كما تميز ربعه وحميده ونونو فى استجلاب وترويج المخدرات بين كبار وصغار حى المناخلية الاحياء المجاورة .

تمكن الاشقاء الخمسة من شراء نصف خيم الحى بعد سنتين من تاريخ الدخول ليلا تحت ابط الظلام حتى لايتم الاشتباه فيهم لغرابة الوجوه .. امتلك الغرابوه الخمسة بعد ستة أشهر أخرى بقية الخيم  ليتحول كل سكان حى المناخلية  الى العمل كمشاورجيه فى خيم الأشقاء الخمسة ، وتم خلع تسعة عشر من أجمل زوجات الحى ليدخل بهم صفوان وربعه وحميده ونونو ، وصار على ذمة الأخوة الخمسة عشرون زوجة ومن البنين والبنات مائه ثم تم استبدال عشر زوجات بعشر أخريات حتى اجتمع المطلقات الخمسون واتفقن على تقطيع المطلقين الخمسة الى اجزاء صغيره وتذويبهم بالبطاس فى الانية الفخارية الكبيرة ، فطويت بذلك الصفحة الاخيرة من تاريخ الأشقاء الخمسة الغرابوه المعروفين  بالمشاورجيه .


قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


الخميس، 13 أغسطس 2020

 تداعيات من زمن فات

============

ركب سيارات السادات فى قصر العينى

امام مجلس الامه

==========

الزمان: 1977

المكان : شارع قصر العينى

الحدث :

اعلان السادات عن  كسر حالة الجمود وطرحه لسفره الى تل ابيب مبادرة منه للسلام الذى ينشده كى يغطى المنطقه .

==========================

شعرت بالجوع الشديد وانا بقاعات الدرس بدار العلوم بالمنيرة فقررت تركها متجها الى ميدان التحرير  سيرا على الاقدام كى اسد الرمق بسندوتش (شاطر ومشطور وبينهما طازج ) يختلف عن اطعمة سندوتشات منيرة السيده زينب  ، وبينما اسير فى فى شارع قصر العينى فوجئت بركب سيارات السادات وقد خلا الشارع من المارة عداى حيث بلغت منتصف الشارع فلامفر من المواصلة ، وأخذنى وجه السادات الاسمر المحمر اللامع يطل من نافذة سيارته يلوح بكلتا يديه فواصلت سيرى وحيدا فى الشارع وواصل تلويحه.

واهى تداعيات من زمن فات.

الاثنين، 10 أغسطس 2020

 جمل الحطب

يحمل لالى يزيد الجمال مائة حزمة من الحطب على جانبى ظهر ريحان جمله القديم ، ويحكم ربطهم مطلقا له العنان ليعود الى دروب الواحات الثلاث .

يقف ريحان عند النقطة الاولى فيسقط لالى خمس حزم من الحطب امام خيمة تهامى النورى  ليشعل نيرانه دالا الغرباء على كرمه وعلو مكانته بين القبائل .

يعيد لالى  حباله الى مكانها فوق ظهر و أسفل بطن ريحان  ويأمره بالانطلاق الى النقطة الثانية ، وريحان يحفظ عن ظهر قلب كل نقاط الدروب بالترتيب منذ بدأ حمالا للحطب ..يواصل لالى غنائه فيطرب له ريحان مائلا الى جهة اليسار ليعوض ثقل الحمل الايمن الخمسين حزمه من الحطب ......

.....................................................................................................................................

.............................................................................................. اقرأ المزيد


قصه قصيره

ل: محمود حسن فرغلى

 درب موسى عبيد 

ووش .. ووش ..ووش .. يتواصل الصوت ليل نهار فى درب موسى  عبيد حتى اعتاده الناس وأصبح علامة مميزة لايستطيع أحد أن يستغنى عنه ، واذا ماتوقف يجن جنون البشر 

زن .. زن ..زن .. صوت منشار السنان الجديد  رقيق يعزف كل أغانى الفلكلور التى ورثتها الأنسانية منذ زمن بعيد يرقص على ايقاعاته كل أفراد فرق الرقص التى تبحث عن جديد 

بيك .. بيك .. بيكيا .. ينادى مشترى القديم من أهل الدرب  ليصلحه وليبيعه فى الأسواق الأسبوعية الكبيرة كسوق الجمعة والسبت والاحد والاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميس  التى يرتادها كل أهالى واحات الصحراوات الثلاث  القريبة والبعيدة لرخص ثمنها 

أنام مفتوح العينين فتحرك سيور منشار السنان صورا كثيرة لاأستطيع أن أجد بينها صلة ولاأحدد ملامح واحدة .. أتناول نفسا عميقا من الهواء الساخن الجاف محاولا تصيد لوحة أفك رموزها فيسعفنى زن المنشار الذى يشيع فى داخلى بهجة الايقاعات السعيدة ليرسم بشظايا الحديد النارية بعضا من جوانب الصورة .. أطمئن بائع البيكيا الذى يلح وسأبيع له بعد قليل اللوحة التى ستفرغ من رسمها النيران المتطايره 

ووش .. ووش .. ووش .. زن .. زن ..زن .. بيك .. بيك .. بيكيا .. يكاد جفنى أن يرسل أشارات نومه العزيز فأبعدها ، وتظل عيناىّ مفتوحة عن آخرها تنظر الى منتصف اللوحة التى تبدو قاتمة لتراكم الأصوات الحادة والغليظة التى لن تعجب بائع البيكيا الذى يفضل الألوان الزاهية المبهجة حتى تجد طريقها الى أيدى زبائنه فى الأحياء التى يرتادها ليبيع بضاعته أوينتظر ليعرضها فى الأسواق الأسبوعية الكبيرة 

يتداخل الأسود سيد الألوان مع الأحمر والأخضر والأصفرفيفرض سطوته لتضاءل كل الألوان التى يمتصها .. يعلو صوت الووش والزن والبيك فلاتقوى عيناى على الرؤية .. تقرر الجفون الأنسدال فتسقط ولاأبيع اللوحة ليواصل بائع البيكيا نداءه بجوار خيمتى فلاتسمعه أذناى التى ذهبت لتستريح على أنغام ورش درب  موسى عبيد. 

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 سوق البسابيس

تحلق رواد السوق حول واحدة من فصيلة مهجنة وسرعان ماأشاحوا بوجوههم مع وصول ناقلة الفصائل النقية والتقطوها من المزاد المرتفع جدا اذ بلغ ثمن الواحد من هذه الفصيلة حوالى العشرة آلاف دينار ولم يبخل المشترون فأسرعوا الى صندوق المزاد يسددون الثمن وماهى الاساعات قليلة حتى يكسب المشترى ألفاأوألفين فور تسلمه الواحد الى محلات الحضر.

سال لعاب ذوى الفصائل النقية على المهجنة فانفلت أقوى عشرة ذكور منهم وطاردوها حتى استقر بهم المقام فى المقبرة الكبرى والتى يقبر فيها كل الاغراب  ..تساقط المشترون واحدا بعد الآخر أمام زحام أفراد الفصائل النقية حول المهجنة التى أبدت تأففها وتبرمها من هذا التكالب عليها .

أمسك كل تاجر سلسلة كلبه وعاد رجب عبد الستار ابن عبد الستار بيكيا الذى لم يبلغ سن العاشرة بالكلبة المهجنة التى التقطها من درب الارواش أمس وهو فى جولته مع والده يشتريان البيكيا .. غيّر التجار من وجهة نظرهم وتحوّل الكل الى شراء الكلبة المهجنة ، وبدأ المزاد ليصل الى خمسة عشر ألفا ومازال الكل يتسابق فى الحصول عليها حتى استقر الثمن على سبعة عشر .

ترك عبد الستار مايعرض من بيكيا للبيع وأسرع الى الزحام ليطمئن على ابنه رجب ففوجىء بباب السعد يفتح زراعيه له ولزوجته ذكيه وأولاده العشرة الذين لبوا نداءه من وسط السوق ليحموا الكنز الذى سقط عليهم من درب الارواش والذى سينقلهم من  خيمتهم بالمقبرة الكبرى الى خيمة اكبر اتساعا فى احد دروب القبائل البعيدة عن خيم الرحل  مقابل خمسة آلاف ، وستخبىء زوجته باقى المبلغ بين الجلد واللحم ليعيشوا منه أيام الكساد . 

تسلمت الاسرة ثمن الكلبة الضالة ، وتم نقل المهجنة الى أكبر محل بالحضر  ليتهافت عليها كل ذكور السلالات النقية .


 

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 الذئب الأسمر 

دخل عامل المطعم الى غرفة الرجل الأسمر حاملا طعام العشاء .. وضع لحم الغزال المشوى والسلطات والخبز على المائدة واستدار لينصرف حتى وصل الى الباب فاستدعاه النزيل وسأله عن طعام العشاء فارتسمت علامات الاستغراب على وجه العامل وقال : سيدى لقد أحضرته لك منذ ثوان ، وهاهو أمامك على المنضدة .. لم يتم العامل كلامه لاندهاشه الشديد من عد م وجود حاوية الطعام على المنضدة خالية من لحم الغزال المشوى والسلطات والخبز فضرب كفا بكف .. حاول النزيل الأسمر أن يخفف من اضطراب العامل وقال : لعلك نسيت أن تحضره أو أن الذئب المحب للحم الغزال والذى يقيم فى الصحارى المجاورة  التى يطل عليها الفندق هو الذى التهمه بمجرد أن أدرت وجهك للطعام فلقد سمعت الكثير من النزيل السابق عن هذه الذئاب الكثيرة التى تدمن أكل لحم الغزال وخاصة فى هذه الغرفة القريبة من محال اقاماتهم ، وأحيانا ماتقفز الى الأدوار العليا من خلال النوافذ لتلتهم وجبات لحم الغزال المشوى الذى تعشقه ثم تختفى فى لمح البصر كما جاءت 

خاف العامل على نفسه فتقدّم بالأسف الى النزيل وطلب منه ان لايغضب وسيأتى اليه بوجبة العشاء قبل أن يبلغ النزيل مدير المطعم فينقلب عليه ويفصله من العمل .. أغلق العامل الباب خلفه وأسرع الى المطعم ، وظل النزيل الأسمر يقهقه ويقهقه حتى سقط على ظهره من شدة الهواء الذى يخرجه من الفم الواسع 

دقّ عامل المطعم على باب حجرة النزيل فسمح له بالدخول حاملا حاوية الطعام التى أمسك بها بكل قوته خوفا من مباغتة الذئاب التى تذوب عشقا فى أكل لحم الغزلان ..تعثرت خطى قدميه حتى أوشك أن يسقط من شدة الاضطراب الى ان وصل الى المنضدة فوضع الحاوية الممتلئة وأخذ الفارغة واستدار لينصرف ثم صدرت منه التفاتة الى وجه النزيل الاسمر ليطلب منه فى أدب جم صامت أن يحافظ على الطعام ويدافع عنه بكل قوة اذا ماجاء اليه الذئب المحب للحم الغزال فأومأ النزيل بالاجابة 

شعر العامل بالراحة والطمأنينة غير أنه أحس بتغيير ما فى وجه النزيل الأسمر وكأنه وجه آخر غير الذى رآه فى المرة السابقة ورد ذلك الى الرعب الذى سيطر عليه ، واتجه الى الباب وأمسك بالمقبض ليفتحه فوصل الى آذانه صوت النزيل يستوقفه ويسأله ثانية عن طعام العشاء فالتفت لتقع عيناه على الحاوية الخالية من الأكل فسلّم أمره الى الله ، وطلب من النزيل أن لايغضب ويبلغ مدير الفندق فيتسبب فى فصله 

تكرر المشهد عشر مرات مع احساس داخل العامل بتغيير ما يحدث فى وجه النزيل مع كل مرة .. قرر العامل أن يبلغ مدير فندق الغزلان المركزى بما حدث فأدار المدير شريط تسجيل الكاميرات المثبتة فى أماكن غير مرئية بغرفة النزيل الأسمر ، واستطاعت الكاميرا أن تفرق بين وجوه النزلاء العشرة السمر المقيمين بغرفة واحدة تحت اسم نزيل واحد ، وجاء بهم المدير وهدد بابلاغ الشرطة ان لم يسددوا فواتير الطعام والاقامة لعشرة بدلا من واحد ، والعمل فى مطعم الفندق لمدة عام بدون مقابل تحت اشراف عامل المطعم ولوتراخى أحدهم فسيقدمه للنيابة بتهمة النصب وسيلقى به فى السجن ، وطوى مدير الفندق صفحة اسطورة الذئب الاسمر المحب لأكل لحم الغزال التى كادت أن تتسبب فى فصل عامل المطعم 

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


عرق الغريق


يتصبب عرق صيام عبده درويش فى النصف الأخير من شهر طوبه فى قلب مياه بئر واحة الصحراء الكبرى العميقه ، وهو يغطس ويطفو ويقذف الماء من الفم والأنف .

تلف انوار النجوم المنكسرة داخل العينين الرأس فتفقد بعدها البؤرى لتكون غير محددة المعالم ، ولايستقر فى ذهنه سوى احتياجات عطيات الشماس الزوجة وعزيزه سلاّم الحماة وعدوى وزغلول وعيد وعفيفى وشحات ورضا آخر العنقود أولاده .

تقول عزيزه سلاّم الحماة : طوبه تخلى الصبيه كركوبه ، ولابد من وجود ملابس ثقيلة للستة أولاد والزوجة .. تتموج صورة الحماة لتحل محلها صورة الزوجة ، ومازال صيام عيد درويش يغطس ويطفو ويطرد الماء من الفم والانف رافعا يديه الى الأعلى مستسلما بعد أن جاوز الليل المنتصف .

تقول الزوجة عطيات الشماس : ان صادق عبد الجواد زوج جارتهم محاسن الريفيلى قد مات كافرا لأنه ألقى بنفسه فى قلب البئر بعدما عجز عن سداد ديونه .

تتداخل أصوات الستة صغار يطلبون من صيام عبده درويش مصاريفهم اليومية  والأكل والشراب .. يعلو صوت عطيات مطالبة بأيجار الخيمه  ليزيد عرق صيام المتدفق فى قلب ماء البئر فى السنة التى جاء فيها طوبة شديد المراس تاركا جليده فوق وجه البئز ليخترقه جسد صيام عبده كلما طفا وغطس وغرغر الماء .

احتال صيام على كبار التجار بشرائه بضاعة  محدوده بالاجل ، وباع هذه البضاعة فور تسلمها ليسد بعضا من ديونه ، وحين عجز عن السداد عاود الكرّة ليشترى بالاجل  ويبيع بأقل من سعر الجملة ، ويسدد بعضا آخر من ديونه ويترك قسطا يسيرا للزوجة والحماة والستة أولاد فيعجز ثانية وثالثة ورابعة وخامسة فيطارد من قبل التجار وتسوقه قدماه الى مياه البئر العميقة ، وحين يتوسط المسافة بين بداية البئز ونهايته يصعد الى أعلى السور ويطير فى الفضاء ليسقط معانقا قاعه ثم يطفو ويغطس ويغرغر الماء من الفم والأنف .

يزيد عرق الغريق حتى يؤدى الى فيضان البئر الذى أغرق الواحة ، ولم يترك أثرا للأرض الجافة فصافح الصحراء لتتوه مياهه فى أوردة الأصفر الذى يصرخ من شدة العطش ، ويظل يروى ظمأه حتى يصير أخضر بلون الطحالب التى يحملها وجهه .. تقف حجارة الجبل العالى فى وجه الماء فلايستطيع التجاوز ليصمت الغريق وتتوقف قنوات عرقه عن التدفق.

 .

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


عرق الغريق


يتصبب عرق صيام عبده درويش فى النصف الأخير من شهر طوبه فى قلب مياه بئر واحة الصحراء الكبرى العميقه ، وهو يغطس ويطفو ويقذف الماء من الفم والأنف .

تلف انوار النجوم المنكسرة داخل العينين الرأس فتفقد بعدها البؤرى لتكون غير محددة المعالم ، ولايستقر فى ذهنه سوى احتياجات عطيات الشماس الزوجة وعزيزه سلاّم الحماة وعدوى وزغلول وعيد وعفيفى وشحات ورضا آخر العنقود أولاده .

تقول عزيزه سلاّم الحماة : طوبه تخلى الصبيه كركوبه ، ولابد من وجود ملابس ثقيلة للستة أولاد والزوجة .. تتموج صورة الحماة لتحل محلها صورة الزوجة ، ومازال صيام عيد درويش يغطس ويطفو ويطرد الماء من الفم والانف رافعا يديه الى الأعلى مستسلما بعد أن جاوز الليل المنتصف .

تقول الزوجة عطيات الشماس : ان صادق عبد الجواد زوج جارتهم محاسن الريفيلى قد مات كافرا لأنه ألقى بنفسه فى قلب البئر بعدما عجز عن سداد ديونه .

تتداخل أصوات الستة صغار يطلبون من صيام عبده درويش مصاريفهم اليومية  والأكل والشراب .. يعلو صوت عطيات مطالبة بأيجار الخيمه  ليزيد عرق صيام المتدفق فى قلب ماء البئر فى السنة التى جاء فيها طوبة شديد المراس تاركا جليده فوق وجه البئز ليخترقه جسد صيام عبده كلما طفا وغطس وغرغر الماء .

احتال صيام على كبار التجار بشرائه بضاعة  محدوده بالاجل ، وباع هذه البضاعة فور تسلمها ليسد بعضا من ديونه ، وحين عجز عن السداد عاود الكرّة ليشترى بالاجل  ويبيع بأقل من سعر الجملة ، ويسدد بعضا آخر من ديونه ويترك قسطا يسيرا للزوجة والحماة والستة أولاد فيعجز ثانية وثالثة ورابعة وخامسة فيطارد من قبل التجار وتسوقه قدماه الى مياه البئر العميقة ، وحين يتوسط المسافة بين بداية البئز ونهايته يصعد الى أعلى السور ويطير فى الفضاء ليسقط معانقا قاعه ثم يطفو ويغطس ويغرغر الماء من الفم والأنف .

يزيد عرق الغريق حتى يؤدى الى فيضان البئر الذى أغرق الواحة ، ولم يترك أثرا للأرض الجافة فصافح الصحراء لتتوه مياهه فى أوردة الأصفر الذى يصرخ من شدة العطش ، ويظل يروى ظمأه حتى يصير أخضر بلون الطحالب التى يحملها وجهه .. تقف حجارة الجبل العالى فى وجه الماء فلايستطيع التجاوز ليصمت الغريق وتتوقف قنوات عرقه عن التدفق.

 .

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 


عرق الغريق


يتصبب عرق صيام عبده درويش فى النصف الأخير من شهر طوبه فى قلب مياه بئر واحة الصحراء الكبرى العميقه ، وهو يغطس ويطفو ويقذف الماء من الفم والأنف .

تلف انوار النجوم المنكسرة داخل العينين الرأس فتفقد بعدها البؤرى لتكون غير محددة المعالم ، ولايستقر فى ذهنه سوى احتياجات عطيات الشماس الزوجة وعزيزه سلاّم الحماة وعدوى وزغلول وعيد وعفيفى وشحات ورضا آخر العنقود أولاده .

تقول عزيزه سلاّم الحماة : طوبه تخلى الصبيه كركوبه ، ولابد من وجود ملابس ثقيلة للستة أولاد والزوجة .. تتموج صورة الحماة لتحل محلها صورة الزوجة ، ومازال صيام عيد درويش يغطس ويطفو ويطرد الماء من الفم والانف رافعا يديه الى الأعلى مستسلما بعد أن جاوز الليل المنتصف .

تقول الزوجة عطيات الشماس : ان صادق عبد الجواد زوج جارتهم محاسن الريفيلى قد مات كافرا لأنه ألقى بنفسه فى قلب البئر بعدما عجز عن سداد ديونه .

تتداخل أصوات الستة صغار يطلبون من صيام عبده درويش مصاريفهم اليومية  والأكل والشراب .. يعلو صوت عطيات مطالبة بأيجار الخيمه  ليزيد عرق صيام المتدفق فى قلب ماء البئر فى السنة التى جاء فيها طوبة شديد المراس تاركا جليده فوق وجه البئز ليخترقه جسد صيام عبده كلما طفا وغطس وغرغر الماء .

احتال صيام على كبار التجار بشرائه بضاعة  محدوده بالاجل ، وباع هذه البضاعة فور تسلمها ليسد بعضا من ديونه ، وحين عجز عن السداد عاود الكرّة ليشترى بالاجل  ويبيع بأقل من سعر الجملة ، ويسدد بعضا آخر من ديونه ويترك قسطا يسيرا للزوجة والحماة والستة أولاد فيعجز ثانية وثالثة ورابعة وخامسة فيطارد من قبل التجار وتسوقه قدماه الى مياه البئر العميقة ، وحين يتوسط المسافة بين بداية البئز ونهايته يصعد الى أعلى السور ويطير فى الفضاء ليسقط معانقا قاعه ثم يطفو ويغطس ويغرغر الماء من الفم والأنف .

يزيد عرق الغريق حتى يؤدى الى فيضان البئر الذى أغرق الواحة ، ولم يترك أثرا للأرض الجافة فصافح الصحراء لتتوه مياهه فى أوردة الأصفر الذى يصرخ من شدة العطش ، ويظل يروى ظمأه حتى يصير أخضر بلون الطحالب التى يحملها وجهه .. تقف حجارة الجبل العالى فى وجه الماء فلايستطيع التجاوز ليصمت الغريق وتتوقف قنوات عرقه عن التدفق.

 .

قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى 

عضو اتحاد الكتّاب

عضو نقابة المهن السينمائيه


mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


 الخروج في ضوء النهار 

========

كتاب دون في عصر بناء الهرم الأكبر، ولا تزال نسخة منه محفوظة في المتحف البريطاني. فيه دعوات للآلهة وأناشيد وصلوات، ثم وصف لما تلاقيه أرواح الموتى في العالم الآخر من الحساب وما يلحقها من عقاب وثواب

وقد وجد علماء الآثار مجموعة من التعاويذ الجنائزية والتى كانت معظمها تعاويذ سحريه كتبت على ورق البردى كان قدماء المصريين يضعونها في مقابرهم مع المتوفى فاطلق علماء الاثار على هذه التعاويذ أسم كتاب الموتى ولكن أسمه الذى أطلقه قدماء المصريين عليه هو " الخروج في ضوء النهار " , والغرض الأساسى الذى كان قدماء المصريين يضعون هذه التعاويذ هى إرشاد روح المتوفى في رحلته في العالم ألاخر .

وهذه التعاويذ والتمائم السحرية كانت تنقش على جدران المقابر العادية والاهرامات أو على التابوت الحجري أو توضع إلى جانب المومياء لتكون دليل الميت في رحلته للعالم الاخر.. حيث كانت هذه التعاويذ بمثابة تعليمات إرشادية تمكن المتوفى من تخطي العقبات التي ستصادفه في أثناء رحلته إلى الحياة الأخرى وتدله أيضا على الوسائل التي يستخدمها ليتمم هذه الرحلة بنجاح من دون أن يتعرض لأي سوء.

وكتاب الموتى الذى جاء مع الدولة الحديثة يقوم على خلفية أسطورية استمر تأثيرها في وعى ووجدان المصريين ثلاثة آلاف عام، وهى أسطورة إيزيس وأوزوريس، ومعروف أن أوزوريس الذى أصبح فيما بعد سيداً للأبدية، قد قتله أخوه ست رمز الشر والظلم ومزقه الى أشلاء فيما ظلت حبيبته وزوجته ايزيس لسنوات تجمع أشلاءه الى أن بعث من جديد، وأصبحت تعاليمه عقيدة جديدة للمصريين، وكتاب الموتى يأخذ شرعيته الروحية والفلسفية من هذه الأسطورة، وتضم نصوص الكتاب تضرعات الى الآلهة على لسان الكاهن الناطق باسم المتوفى، وهدف التضرعات اخراج المتوفى ضمن من سبقوه من الموتى، وتضم النصوص تعاويذ وتمائم وأناشيد وطقوسا ودعوات، كما تضم السيرة الذاتية للمتوفى والرسائل المرسلة إليه من ذويه وكل الهدف أن لا يشعر بالغربة والعزلة وان يجافى الله الأرض عن جنبيه

ويتكون كتاب الموتى من 200 فصل، ويصف الكتاب الأماكن المختلفه التى تعبرها روح المتوفي، وكذلك المواقف والكلام الذى يقال لحرس الأبواب، وصيغ إبطال شر أعداء الضياء والنور، وكان على المتوفى أن يتلو وردا يتخذ فيه شخصية أى إله كحامى له، ليكتسب صفاته، لأنه كان يخاف من الأرواح الشريرة أن تأخذ فمه فلا يستطيع التحدث مع الآلهه، أو أن تسلب منه قلبه، أو أن تقطع رأسه، أو أن تجعله يضل طريقه ، لذلك كان عليه تلاوة هذه الأوراد أو التعاويذ لتساعده في اتقاء شر الأفاعى والذبابات الهائله وكل أنواع المساوئ التى تسعى لاهلاكه في العالم الآخر، وذلك حتى يستطيع أن يصل إلى الأبواب التى ستوصله إلى الحياة مرة أخرى في العالم الآخر.

دعاء يدافع به الميت عن نفسه

============== :

السلام عليك أيها الإله الأعظم إله الحق. لقد جئتك ياإلهي خاضعا لأشهد جلالك، جئتك ياإلهي متحليا بالحق، متخليا عن الباطل، فلم أظلم أحدا ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين ولم تضلني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي ولم تمتد يدي لمال غيري، لم أقل كذبا ولم أكن لك عصيا، ولم أسع في الإيقاع بعبد عند سيده. إني (ياإلهي) لم أوجع ولم أبك أحدا، وماقتلت وماغدرت، بل وماكنت محرضا على قتل، إني لم أسرق من المعابد خبزها ولم أرتكب الفحشاء ولم أدنس شيئا مقدسا، ولم أغتصب مالا حراما ولم أنتهك حرمة الأموات، إني لم أبع قمحا بثمن فاحش ولم أطفف الكيل. أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر. وما دمت بريئا من الأثم، فاجعلني ياإلهي من الفائزين.

كانت فصول هذا الكتاب أو بالأحرى نصوصه، قد ظهرت ابتداء من عصر الدولة الحديثة، حتى سقوط الأسرة السادسة والعشرين 1554 525 ق.م وهذه النصوص جزء هام من الأدب الجنائزى المصرى القديم الذى اشتمل على ترانيم ومدائح وصلوات لمساعدة المتوفى على إكمال مسيرته في العالم الآخر، وكانت العقيدة المصرية القديمة تمزج بين ثلاثة عوالم هى: البشرى، والالهى، والطبيعة، وترى ان الموت ليس سوى عملية انتقال من عالم الى عالم .

وقد اهتموا كثيراً في حياتهم للاعداد لما بعد الموت ولذا فقد شيدوا المعابد الضخمة إلى جانب المقابر التي لا تقل روعة وفخامة.. كما حرصوا على وضع كل الاشياء الخاصة بالمتوفى من طعام وحلي وكل ما كان يحبه في حياته معه في مقبرته.

ويضم كتاب الموتى أو كتاب الخروج في النهار 190 نصاً جنائزياً عن برديات الدولة الحديثة وأهمها البرديات المحفوظة في المتحف البريطانى والبرديات المحفوظة في المتحف المصرى، 

كتاب الموتى، عن بردية آني بالمتحف البريطاني.

ومن أهم البرديات التى سُجل عليها الكتاب، نذكر: بردية "آنى" من الأسرة التاسعة عشرة، وتحمل رقم (10470) بالمتحف البريطانى؛ وبردية "نو"، وبردية "نب سنى" من الأسرة الثامنة عشرة وكلاهما محفوظتان أيضاً بالمتحف البريطانى، وبردية "نفرو وبن ف" من نفس الأسرة محفوظة بمتحف اللوفر (رقم 3092)؛ وبردية "هو نفر" من الأسرة التاسعة عشرة بالمتحف البريطانى رقم (9901)؛ وبردية "نخت آمون" من الأسرة التاسعة عشر بمتحف برلين؛ وبردية "نس با سفى" من الأسرة السادسة والعشرين وتتميز هذه البردية الأخيرة بأنها تحوى عدداً من الفصول لم ترد في أية بردية أخرى

البردية الأولى منقوشة، من اليسار إلى اليمين، بنصوص من "كتاب البوابات"؛ مع مشهد يصور أوزوريس مرتديا كفنا أبيض، وترى من خلفه شقيقتاه المعبودتان إيزيس ونفتيس، وأمامه المتوفى وهو يقدم له قربانا من زهرية بخور. وزينت البرديتان الثانية والثالثة بنصوص جنائزية؛ مع أشكال تمثل المتوفى وآلهة العالم الآخر وبعض المعبودات - من بينها تحوت برأس أبي منجل، وحورس برأس الصقر. وتعد البردية الرابعة الأهم بينها، فهي تعرض مشهدا في بهو الحساب أمام محكمة المعبود أوزوريس. ويصور المشهد أوزوريس جالسا على عرشه، ويتابع عملية وزن قلب المتوفى الذي طهر بالماء قبل دخوله البهو؛ مقابل ريشة إلهة العدل "ماعت"، حيث يعتبر القلب هو مركز الذكاء والشخصية. وصور تحت كفتي الميزان حيوان خرافي يتأهب لأكل قلب المتوفى؛ إذا ظهر أنه محمل بالذنوب، فجاء أثقل من الريشة. وقد سُجلت هذه النصوص بالخط الهيروغليفى المُبسط، وبالخط الهيراطيقي







الأحد، 9 أغسطس 2020

 فى انتظار رصيد الاجازات

والمكافأة بعد خدمة التفزليون 41 عاما

======================

ويأخى رفعت القضيه على التفزليون للحصول على بدل رصيد اجازات والمكافأة وأخدت حكم واجب النفاذ لصرف بدل رصيد الاجازات ولم يتم تنفيذه حتى الان .ز ليه ؟؟؟؟؟؟؟؟ ماتعرفش وادى السنه التالته منذ بلوغى فوق السن ،،،،، ومعاشى ككبير مخرجين مديرعام الف جنيه مصرى فقط لاغير ادفعه ايجارا للشقه ..طب نسأل مين غير القضاء اللى تفضل مشكورا وحكم .. خصيمكم النى حد يقولى نسأل مين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ 

 الصمت الانتخابى والمجالس النيابيه

======

والنبى ياريت ماتفرضه غرامة عدم تصويت للى فوق السن لاننا موش قادرين ننقل رجلينا من بيوتنا لحدا اللجان .. ارحمونا يرحمكم ربنا ... اواعملوه on line علشان نقدر نصوت ، ثم يااخى انا حاصوت لناس مااعرفهمش ازاى ؟