سروال حريرى جديد
خرج أبوسماح من ملابسه ولم يبق الاعلى سرواله الحريرى الجديد
الذى اشتراه من سوق العرباوى بالفسحة القبلية بعد أن لعن وسبّ آباء سنيه النباح
زوجته وأمهاتها حتى سابع جد لأنها لاتكف عن الطلبات التى لاتنتهى من احتياجات للصغيرة ولها.
أمسك زعيزع الخوازيقى بالدلو الكبير يملؤه من القناية
الصغيرةالواصلة بين عين الماء ومهبط النخلات الخمس لتمر أمام خيمتهم ،
تتدفق المياه فى القناية الصغيره فيهرول الخوازيقى ليسبقها
ويمسك بالدلو يملؤه ثم يطوحه فى الهواء ليرسم على أرض الدرب خيما يحتمى ببرودة قلوبها السكان من شدة الحر ،
وأغلقوا كل ابوابها ومنافذها بعد أن صارت السنة فصلا واحدا من الصيف فى صحراواتهم
الواسعة .. يصب أبوسماح الماء على وجه الارض المرسوم وجسده العارى ليطفىء لهيبه .
يواصل زعيزع الخوازيقى رسم ملامح المنطقة لابناء الواحة بدلو
مياهه المحدود بعد أن فتحت كل النساء آنية الماءءاستعدادا للقيلولة ان وجد الرجال
أسفل قباء الحمامات الشديدة التهوية بدون فائده .
تفتح روميه السابغ نافذة خيمتها الخلفية المطلة على درب ابو
سماح الذى سمى باسمه لانه اول من سكن به ليتمكن الخوازيقى من القفز الى الداخل ..
أسرع زعيزع الى روميه وترك دلوه يرسم ترعة صغيرة وسط رمال الدرب .
أغلقت روميه النافذة خلف زعيزع مسرعة حتى لايلفت نظر أى عابر
سبيل .. تنادى سنيه النباح على زوجها فلايجيب .. تصرخ سماح الصغيرة من شدة الجوع
بعد أن فرغ لبن الام فأسرعت سنيه بالخروج حتى تأتى بزوجها ليحضر بعضا من لبن
الماعز بعد أن جف لبنها فى الشهر الثالث عقب وضعها لسماح لمقابلتها عفريت من الجن
اثناء زيارتها لقبر امها .
قابل الدلو الملقى على الارض وجه سنيه فاستغربت من اختفاء
زوجها لتنادى عليه بأعلى صوتها ، ولامن مجيب .. لملمت المرأة الدلو والقليل من
الماء المتبقى فى قاعه وحملت صغيرتها الى خيمة النباح عايص ابيها ، وقبلت يديه حتى
يرق قلبه على حفيدته الصغيرة فيمنحها القليل من كثير أمواله التى يجنيها من تجارته
فى الابل .
دق عدلى ريمان باب منزله ليقفز زعيزع الخوازيقى من النافذة
الخلفية عاريا حتى من سرواله الجديد ، ويجرى الى باب خيمته فيجده موصدا ليواصل النداء
.. تفتح كل نساء الدروب نوافذ خيمهن من
علو الصوت ليتقززن من مشهد الخوازيقى عاريا
فتسارعن الى طلب الغوث من أزواجهن قبل ان تعود
زوجته فيوسعوه ضربا ويسلمونه الى المخفر.
يمنح عايص النباح ابنته بعض الدراهم فى ظل امتعاض زوجته
الجديدة ، وتغادر سنيه حاملة ابنتها لتبدأ رحلة بحثها عن الزوج فتخبرها النساء عن
مكانه .. تسرع أم سماح الى المخفر فلايصرح لها الخفراء بالزيارة فتعود من حيث جاءت
، وتهرول الى اخوة زعيزع الخمسة الذين يفشلوا بدورهم فى انتزاعه من مكانه حتى يرى
المجلس القبلى فيه شأنا .
يسأل عدلى ريمان روميه زوجته عن السروال الحريرى الابيض الجديد
الذى يعكس كل حرارة الشمس الحارقة ويشعر الجسم بالبرودة فتخبره بشرائها له من سوق
العرباوى بالفسحة القبلية فيرتديه لاسابيع طويلة حتى تقرر روميه تنظيفه فيخلعه
وتغسله ثم تنشره .
ترى سنيه النباح سروال زوجها حاملا ثلاث نقاط من دم يدها التى
جرحت وهى تدخل الخيط فى عين الابرة فتسرع
الى المنشر وتلتقط السروال ..لتذهب الى حكيم
القبيلة وتحكى له كل القصة فيأمر بعقد اللقاء بين المحتجز وزوجته وابنتهما الصغيرة
ويعودوا بعد ساعة الى خيمتهم .
ترحل روميه وزوجها عدلى ريمان الذى لم ينجب سوى ابن واحد واقلع
بعده عن الانجاب .. قرر زعيزع عدم الخروج الى الدرب ورسم اشكاله المحببة فى فصل
الصيف الطويل والتصق بسرواله الجديد الذى كان السبب الحقيقى فى خروجه من الحجز. .
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق