الجمعة، 26 أبريل 2019


الذئب الأسمر
دخل عامل المطعم الى غرفة الرجل الأسمر حاملا طعام العشاء .. وضع لحم الغزال المشوى والسلطات والخبز على المائدة واستدار لينصرف حتى وصل الى الباب فاستدعاه النزيل وسأله عن طعام العشاء فارتسمت علامات الاستغراب على وجه العامل وقال : سيدى لقد أحضرته لك منذ ثوان ، وهاهو أمامك على المنضدة .. لم يتم العامل كلامه لاندهاشه الشديد من عد م وجود حاوية الطعام على المنضدة خالية من لحم الغزال المشوى والسلطات والخبز فضرب كفا بكف .. حاول النزيل الأسمر أن يخفف من اضطراب العامل وقال : لعلك نسيت أن تحضره أو أن الذئب المحب للحم الغزال والذى يقيم فى الصحارى المجاورة  التى يطل عليها الفندق هو الذى التهمه بمجرد أن أدرت وجهك للطعام فلقد سمعت الكثير من النزيل السابق عن هذه الذئاب الكثيرة التى تدمن أكل لحم الغزال وخاصة فى هذه الغرفة القريبة من محال اقاماتهم ، وأحيانا ماتقفز الى الأدوار العليا من خلال النوافذ لتلتهم وجبات لحم الغزال المشوى الذى تعشقه ثم تختفى فى لمح البصر كما جاءت
خاف العامل على نفسه فتقدّم بالأسف الى النزيل وطلب منه ان لايغضب وسيأتى اليه بوجبة العشاء قبل أن يبلغ النزيل مدير المطعم فينقلب عليه ويفصله من العمل .. أغلق العامل الباب خلفه وأسرع الى المطعم ، وظل النزيل الأسمر يقهقه ويقهقه حتى سقط على ظهره من شدة الهواء الذى يخرجه من الفم الواسع
دقّ عامل المطعم على باب حجرة النزيل فسمح له بالدخول حاملا حاوية الطعام التى أمسك بها بكل قوته خوفا من مباغتة الذئاب التى تذوب عشقا فى أكل لحم الغزلان ..تعثرت خطى قدميه حتى أوشك أن يسقط من شدة الاضطراب الى ان وصل الى المنضدة فوضع الحاوية الممتلئة وأخذ الفارغة واستدار لينصرف ثم صدرت منه التفاتة الى وجه النزيل الاسمر ليطلب منه فى أدب جم صامت أن يحافظ على الطعام ويدافع عنه بكل قوة اذا ماجاء اليه الذئب المحب للحم الغزال فأومأ النزيل بالاجابة
شعر العامل بالراحة والطمأنينة غير أنه أحس بتغيير ما فى وجه النزيل الأسمر وكأنه وجه آخر غير الذى رآه فى المرة السابقة ورد ذلك الى الرعب الذى سيطر عليه ، واتجه الى الباب وأمسك بالمقبض ليفتحه فوصل الى آذانه صوت النزيل يستوقفه ويسأله ثانية عن طعام العشاء فالتفت لتقع عيناه على الحاوية الخالية من الأكل فسلّم أمره الى الله ، وطلب من النزيل أن لايغضب ويبلغ مدير الفندق فيتسبب فى فصله
تكرر المشهد عشر مرات مع احساس داخل العامل بتغيير ما يحدث فى وجه النزيل مع كل مرة .. قرر العامل أن يبلغ مدير فندق الدعاية المركزى بما حدث فأدار المدير شريط تسجيل الكاميرات المثبتة فى أماكن غير مرئية بغرفة النزيل الأسمر ، واستطاعت الكاميرا أن تفرق بين وجوه النزلاء العشرة السمر المقيمين بغرفة واحدة تحت اسم نزيل واحد ، وجاء بهم المدير وهدد بابلاغ الشرطة ان لم يسددوا فواتير الطعام والاقامة لعشرة بدلا من واحد ، والعمل فى مطعم الفندق لمدة عام بدون مقابل تحت اشراف عامل المطعم ولوتراخى أحدهم فسيقدمه للنيابة بتهمة النصب وسيلقى به فى السجن ، وطوى مدير الفندق صفحة اسطورة الذئب الاسمر المحب لأكل لحم الغزال التى كادت أن تتسبب فى فصل عامل المطعم
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق