98
رؤوس الثوم
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
رؤوس الثوم
يعلو جبل قشر الثوم يوما بعد يوم لايغرى جامعى القمامه فيتركونه ليزيد ويزيد ويصبح القشر نكدا على أهل الحى كما تقول الجدات القديمات
لاتكاد المشاجرات أن تتوقف بين الأزواج والزوجات والابناء والجيران حتى تبدأ .
يزن البائعون الثوم بالسيقان الجافة فتسرع السيدات الى الخلاص من العروش حتى لاتنتفخ الحقائب ويلقين بها الى جانب البائعين ليلملمها الصبيان ويحملونها الى المقلب فى نهاية السوق .
يزحف جبل قش الثوم على السوق فيتراجع التجار الى الخلف للتقليل من حدة النكد الذى قد يأتى مع الرياح المحملة بقشر الثوم ويواصلون بيعهم متوخين الحذر فى التعامل مع الزبائن حتى لاتتحقق نبوءة العجائز .
يعود رمضان عطا مع صيام هريدى كل يوم من الزامية حضر اجفينه فى منتصف النهار ويمران فى طريقهما الى خيام غجر التايه بجبل قشر الثوم ، ويأخذان فى اللهو فيمسك رمضان بربطة قشر الثوم ويضرب رأس صديقه لتنفلت الربطة وتتناثر على الوجه الصغير فتشكل رؤوسا جوفاء كرؤوس الغول أبوعيون حمراء التى حكت له عنها أمه تفيده الغراوى .. يرد ولد هريدى على زميله رمضان ، وحين لايجدان مايبحثان عنه يتوغلان فى قلب الجبل .
يظل الصغيران يتقافزان ويلهوان حتى ينال التعب منهما فيستريحان ثم يتحرى كل منهما الدقة فى البحث حتى يعانق رؤوس الثوم الصغيرة التى مازالت عالقة فى أكوام القش ليفرح الصغيران .
يسرع كل صغير الى فصل الرؤوس الصغيرة ويضعها فى الحقيبة ويتسابقان حتى تسحب الشمس أشعنها المتكاسلة وراءها مخلفة الظلام فيكتفى الصغيران بحصيلة صيد اليوم ويتجهان الى نحله الدومى بائع الكبده المستوردة ليبيعان له رؤوس الثوم الصغيرة فيعطى كلا منهما عشرة دراهم ورغيفا من الكبده يأكلانه ويعودان الى الخيام وفى حقيبة كل منهما خمسة رؤوس من الثوم الصغير واحدة للأب والأخرى للأم لزوم علاج الدوسنتاريا الحادة والسعال اللذين يعانيان منهما دائما ، ويأخذ هريدى السمسار العشرة دراهم من ابنه متوجها الى غرزة مفيلح الحلبى كى يلحق بميعاد زبون بعد العشاء ليريه الخيمة التى يحلم بالسكن فيها ، وتجهز فتحيه زوجته الطشة بالثوم للثريد الكاذب التى تسد بطون أولادها السبعه وتنظف ملابس صيام من قشر الثوم .
يرسل عطيه الخياط ابنه رمضان الى منعم البقال ليشترى له القص المعسل ،يفترشه على أحجار الجوزه مكوما عليه الفحم المشتعل فيثير عاصفة من الدخان أمام الخيمة الصغيرة التى أعطاها له عليوه الرخ صاحب العشرة خيام بشرق تل التايه بدون ايجار مقابل عمله كخفير لخيامه العشرة .. تغرف تفيده طبق الملوخيه للرجل وابنائه الخمس ، وتذكر الست وهيبه حنين بالخير فهى الساكنة فى الخيمة الرابعة التى أعطتها ورك الأرنب صباح اليوم لتطهو عليه حلة الملوخيه ، وتعنف صغيرها رمضان الذى يصر دائما على استحمامه بالقشر الذى يجلب النكد فى رحلته اليوميه بحثا عن رؤوس الثوم
.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
==============================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق