آخر تاسع عيده وعنيده
عوالم الغجر
301
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
آخر تاسع عيده وعنيده
تجر عيده حمارها الذى يحمل الجده تفيده متثائبة ليسقط الرأس الضعيف على الصدر المتلاشى من غلبة النوم .
تنادى عيده فى شوارع حضر رغفان الملاصق لتل غجر ريدو مسقط رأس الجده تفيده ام غجر التل واول قاطنيه : أضرب الرمل .. أوشوش الدكر .. أشوف الطالع وابين زين.
تفتح الجده تفيده عينيها منتظرة اللحظة الاخيرة من مسيرة احدى حفيداتها المقربات الى قلبها المتسع لكل ابناء غجر ريدو زوجها الراحل عن عالم الاحياء من خمسة وسبعين عاما.
تردد الجده بصوت مهموس ماقاله عراف التل لملق قليله :مكتوب على الجبين ، ولازم تشوفه العين تتوفى اناث توأم الغجر اذا ماواصلت حملها فى آخر تاسع الحمل الخامس.
تتثاقل خطوات عيده ، ومازالت تنادى على راغبى معرفة الطالع من ابناء الحضر حتى تسقط من شدة الاعياء فيحملها ابناء الحضر الى أقرب مبره.
تحمل ليالى يمينه قابلة تل غجر ريدو اناء الماء المغلى الى داخل خيمة عنيده شقيقة عيده التوأم لتساعدها على وضع توأمها الخامس والاخير كما تقول رؤية العراف ، ومازالت عنيده تصرخ من شدة آلام الوضع.
يجهز اطباء مبرة الحضر غرفة العمليات للفتح القيصرى لانقاذ الاجنة التوأم والام عيده قارئة الطالع.
تستيقظ الجدة تفيده على رحيل الحفيدة التوأم عيده فتحمل الغالية على ظهر الحمار وتحتضن ابنتيها التوأم عائدة الى أعلى تل غجر ريدو لتتمكن من دفن حفيدتيها عيده وعنيده قبل ان يحل المساء.
ترسل الجدة التوأم الاناث والذكور الى مراضع التل حتى تشتد أعوادهم ، وتواصل اصطحاب اناث توائم الغجر فى آخر تاسع الحمل الخامس لتوديعهن واحدة تلو الاخرى لاعنة رؤية لملق قليله التى تتحقق كل عام تاركة الحزن لها رفيق.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
وجوه الريح
302
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
وجوه الريح
يشتد دوران الارض حول ذاتها فترسل ريحهاعابسة الوجه تقتلع أوتاد خيام غجر تل رويح .. تذروها فى الفضاء .
تتراقص اجساد النساء يمينا ويسارا ضاحكة من غضب الريح الام التى لاتهدأ مع الربيع .
تلملم الغجريات المتبقى من اساس الخيام القليل مستسلمات للأم متقلبة المزاج حتى تهدأ فتقمن الخيام فى الوطن الجديد على تل من تلال قلب الصحراء الكبرى.
ترتسم علامات الهدو ء على وجه الريح الكثير التجاعيد بعدما هالت الرمال على جذوع النخل التى قاومتها فتكسرت تاركة الجذوع فى قلوب الرمال .
تحل ابتسامات الرضا على وجه الريح القديمة فتحتضن ابنائها غجر تل رويح .. تدغدغ مشاعرهم بنسمات صيف رقيقه داخل الخيام ليعتلى كل غجرى ظهر فرسه فتسابق الريح .
تبدى الرياح تبرمها من غطرسة ابنائها فتتغير الوان وجهها من العابسة الى الراضية الى المقهقهة فتطرح الخيول عن ظهورها كل ابناء غجر تل رويح لتنال رصاء الام فتنعم بالاستقرار فى موطنها الجديد.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
=================================
عوالم الغجر
167
الفئران الصفراء
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
الفئران الصفراء
يمضغ صابر ولد عوضين الريسينى لحم الارنب بشهية لم يعهدها من قبل .. يبلع الملوخيه بالملعقة الكبيرة التى طلبها من صاحب مطعم محطة حضر روايح الشهير.
سيسلم صابر عوضين الريسينى نفسه الى سجن حضر روايح فى تمام التاسعة صباحا عقب تخرجه فى الجامعة الام بالصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى .. أقام صابر مع ابيه عوضين الريسينى بمنطقة شون الجلد بالحضر المتاخم لتل غجر زبيبه موطن الميلاد منذ ثلاثين عاما بجوار المدابغ لتزوج الاب من عروسه رسميه الممشش بنت الغجر لضيق ذات اليد ، وعدم رواج عمله الافى الاضاحى حيث تكثر الجلود فيدبغها ويبيعها فى اسواق الحواضر لتجار الاحذية والحقائب ، وحين تخرج الابن فى الجامعة سيطرت عليه روح الشهامة فتصدى لثلاثة شباب من زملائه حاولوا الاعتداء على زميلته هنيه بنت جارهم الاستاذ مصلح زين الذى حبب اليه اللغة الانجليزيه فى مدرسة عائشة درغيم للتعليم المتوسط ومنذ ذلك الوقت ارتبط بابنته حبا ليزاملها فى الجامعة وتنمو علاقتهما.
اسفر الاشتباك بين صابر عوضين والثلاثة من زملائه الاشقياء على شروع صابر فى قتل الثلاثة لمهارة محامى الشباب الثلاثة وعدم قدرة عوضين الريسينى على توكيل محامى للدفاع عن ابنه فرق قلب القاضى لحاله وحكم عليه بستة اشهر يقضيها فور تخرجه فى الجامعة .
اتجه صابر عوضين الى تجمع سيارات السجن التابع لها محل الميلاد .
يمتلىء مطعم محطة حضر روايح الشهير بالوافدين من كل دروب الصحراوات الثلاث انتظارا للسيارات التى ستقلهم الى تنفيذ الاحكام حسب مكان الميلاد يتناولون الملوخية بالارانب والاسماك المشوية والمقليه .
مازال صابر عوضين الريسينى يواصل اكله حتى يقترب ميعاد قدوم السيارات .
يتجه صابر الى المقهى المجاور .. يطلب شايا .. يطيل النظر تجاه الغرب حيث تل غجر زبيبه مسقط رأس ابيه وامه رسميه الممشش مزين التل والتى لم يرها صابر مرة واحدة طوال الاثنين والعشرين عاما منذ ولادته غير انه حفظ معالمها عن ظهر قلب من كلام ابيه وامه واقاربه حين يأتون اليهم فى المدابغ بجوار شون الجلود فى غرفتهم فى الشقة الشرك مع عائلات اخرى .
سيتوقف صابر عن مساعدة ابيه فى مصروف البيت ليتكفل عوضين الريس بالزوجة والابناء الخمسة طوال الستة شهور ، وسيخلفه فى المساعدة اخوه عيد حين ينهى دراسته الاساسية هذا العام.
عمل صابر مع ابيه فى دباغة الجلود فى سن العاشرة ، وتنقل بين اكثر من مهنة ليلبى احتياجات اسرته وتكفل بالصرف على نفسه حتى تخرج فى الجامعة .
مازال صابر منتظرا قدوم سيارة تنفيذ الاحكام .. يواصل شربه الشاى حتى أسر له عامل المقهى فى أذنه بعدم الاقتراب من مطعم الاسماك والارانب بالملوخية الشهير لأنه كان يعمل به وفصله صاحب المطعم حين تبين حقيقة الارانب المذبوحة ففى حقيقتها ارانب صفراء يصطادها عماله من رمال تل غجر زبيبه .
يضع صابر سبابته اليمنى فى بلعومه طاردا كل مافى جوفه من طعام وشراب ، ويتناقل زبائن المقهى سبب ماحدث لصابر حتى يصل الى المطعم الذى تمتلىء ارضيته بترجيع الزبائن يرسم لوحات من الاخضر والاحمر والاسود والاصفر الفاتح الذى يعود الى لون فئران تل غجر زبيبه الصفراء ، والاصفرالقاتم الذى يعود الى لون قشر الباذنجان الابيض المحروق بالزيت.
تواصل سيارات الاسعاف حمل المغمى عليم الى المشفى ويواصل صابر ولد عوضين الريسينى السير الى سيارة تنفيذ الاحكام مقررا الاقلاع عن الطعام والشراب حتى يتم ترحيله ، وعدل عن زيارة تل غجر زبيبه موطن ميلاده مصدر فئران الصحراء الصفراء.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
عوالم الغجر
173
جاز الراس
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
جاز الراس
تمتص حشرات القمل دماء الرأس فيفرغها من الوظائف .. تحار سعيده العثمانلى من الحالة التى آلت اليها ابنتها روحيه من هرش دائم لفروة الرأس ودوار يعقبه سقوط فتبدأ الام رحلة لطم الخدود حتى تنتبه الصغيرة الى ماتفعله الام فتأخذ فى الافاقة ثانية .
تستيقظ الجدة سرايا اللودى من اغفاءاتها الدائمة ، وتعود الى موروثها القديم .. تتذكر ماكانت تفعله امها معها ، وماتفعله هى مع ابنتها اذا ماهاجم القمل فروة الرأس .
تأمر الجدة باحضار لتر من الجاز من اعلى البرميل خلف الخيمة لتقل شوائبه ، وتبدأ فى تدليك فروة الرأس ، وهى تقول :الجاز يقتل القمل ويطيل الشعر ويزيد من سواده ، يصبح ليل العاشق اذا ماوقعت عيناه على بنت البنوت فتبدأ حياتها ، مظللة بشعرها الطويل على الزوج القادم من بطن الغيب. . .
تحفظ روحيه فى الذاكرة ماتلقنه الجدة كما حفظت الام من قبل .. تنام الصغيرة نوما عميقا بعد دغدغة اصابع الجدة لفروة الرأس ، وهى توصى وتغنى وتعدد لتتداخل الصور الكلامية داخل عقل الصغيرة التى تروح فى سبات عميق ، تنسج احلاما خالية من الآم هرش الدماغ .. يأتى اليها موسى ولد نوح الرخيخ متسللا بين النخيل المتجاور بقدر زراع .. يطيل النظر الى صفاء بشرتها العارية من ثيابها تستحم فى ماء العين بجوار الزاوية امام خيمتهم .. يتشمم رائحة العرق المخلوط ببخور الجدة فى ملابسها على الصخرة المجاورة للعين .. يطير لبه .. يهتز جسده .. ينقض على النحيلة شديدة البياض بنت سعيده العثمانلى فتملأ الدنيا صراخا لتوقظ الام والجده اللتين كانتا توقظانها من احلامها .
تحكى روحيه ماكان من ولد نوح الرخيخ فتقول الجدة : موسى راجل مثل ابيه يعينه فى زراعة وحصاد تمور النخيل الورث ، وانت اقتربت من الاثنتى عشر سنه ، وعنده الان ستة عشر فياريت يكون من نصيبك. .
تعود روحيه الى الهرش الدائم لفروة رأسها ، ويزداد سقوطها فتحار الجدة والام وتسرع سعيده الى خميس جنيده مزين الغجر ليهبها بعض الوصفات المشهور بها فى علاجه للكثير من حالات مرضى الغجر .
يدخل خميس جنيده الخيمة فيأخذ بيد الصغيرة يعينها على النهوض وتلمح عيناه بقعة من الدماء أسفلها فيوصى بالمزيد من الطعام والزغاريد لدخول الصغيرة عالم النساء.
تملأ سعيده العثمانلى سماء تل غجر منينه بالزغاريد ، تزف فرحتها بابنتها الى شباب الغجر ، وتتوقف عن التدليك بغاز الرأس.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
عوالم الغجر
168
خشبات توحيد
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
خشبات توحيد
تمتلىء خشبات توحيد القط الغجرى التى ورثها عنها ابيه القط ولد كريمه مغسلة الغجر بجثامين الموتى طوال اليوم تنقل من الخيام الى المقار الاخيرة ، ويظل توحيد يعد حتى نهاية اليوم ليخرج بأجر دفن عشرات الموتى كل يوم من ايام القتال الدائر بين قبائل الغجر المتناحرة على المراعى . .
ينام المغسلون والمكفنون واللحادون مع انتصاف اليل ليتوسط توحيد القط رجال الوردية الثانيه الذين يعيدون فتح ابواب القبور ثانية ليخرجوا الجثامين الواحد تلو الآخر حتى ينتهوا من رصها على ابواب القبور فتأتى السيارات تقلها الى الثلاجات الكبيره بمشفيات الحواضر بعد غمرها بالمواد الحافظه انتظارا لمجىء زبائنها فى المواعيد التى حددها لهم توحيد القط بدقة .
يعيد رجال الوردية الثانية سد افواه القبور ثانية حتى يطمئن اصحابها اذا مارأو جريد النخيل والسعف والورود التى تركوها مازالت كما هى فى نفس المكان ذابله فيضعوا الجديد ليخفف من عذاب القبر فى كل زيارة .
تدق الساعة الثالثة فيجىء طلبة التشريح ، ويبدأ توحيد المزاد ، وحين يصل الى اعلى سعر يسلم الجثة الى صاحب نصيبها الذى يستعين بزملائه المساهمين فى الشراء .. يمسكون مشارطهم ويبدأون فى تلقى دروس التشريح .
ينهى توحيد مزاده مع شروق الشمس بعد ان امتلات خزائنه فيذهب للنوم مع رجال الوردية الثانية الى مابعد انتصاف النهار .
يستيقظ المغسلون والمكفنون واللحادون مع شروق الشمس ليواصلون العمل حتى انتصاف الليل وقت بداية الوردية الثانية .
تتسع عيون شمخر زين كبير قطاع طرق المقابر للدخول العالية التى يحققها توحيد القط ورجاله بينما يتضور جوعا مع رجاله الخمسين مكتفين بحصيلة تجريد العائين من دفن موتاهم ، وعادة مايكون القليل فقرر ان يخترق مملكة القط مغيبا خمسين من رجاله بعد احتجازهم لديه فى المقابر المخصصة لسكناه مع رجاله واستبدلهم بخمسين رجلا اندسوا بينرجال توحيد الاربعمائة فى الورديتين حتى اتقنوا المهنة فغادروا عائدين الى شمخر الذى قرر ان يحل محل القط فى شئون عمله عقب قتله مع رجاله ووضعهم فى ثلاجات الحضر ليقيم المزاد الاول فى سيرته الذاتية .
تزوج شمخرقاطع طريق الغجر بزوجات توحيد بعد انقضاء العدة، ولم تنجب احداهن من توحيد حتى تاريخه ، وولدن لشمخر اربعة ذكور فى نهاية العام الاول من زواجه لهن ليقلع عن المبيت لديهن لعدم قدرته على التوفيق بين اقامة مزاده الليلى وحاجات زوجاته الملحة فقررن التخلص منه بضربة قاضية من فارس ولد ليله معددة الغجر الذى ارسله الى الثلاجة فى انتظار المزاد وحل محله فى خيام زوجاته الاربع على مشارف القبور .
تفرق فارس بين عمله لحاد وبين زوجاته ارامل توحيد القط ولم ينقضى سوى عام فقرر ان يرسلهن الى الثلاجات واستبدلهن باربع اخريات حتى لاتغيبنه كماغيب توحيد.
تقوى شوكات الزوجات الاربع فيطحن بفارس ليحل محله اقوى رجاله ومازالت خشبات توحيد القط تواصل عملها بدون توقف.
.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق