عوالم الغجر
169
شونة تبن
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
شونة تبن
ينهى صميده عماره الذراو عمله بعدما يفرغ الذراوون من ذرو أغلفة الحبوب والسنابل الجافه بعيدا عن الحبوب .
تمتلىء اجولة الحبوب ويكوم التبن ليضغطه الانفار يعبئونه فى احمال من الحبال الليف تشكل مربعات صغيرة مضغوطه فلايتمكن التبن من السقوط .. لايقوى على حمل الاربعة احمال من التبن الا الفحول القوية التى تنقلها من الجنوب والشمال الى شونة التبن الوسيعه بالصحراء الوسطى والتى تتسع لعشرات الملايين من اطنان التبن.
يسعى ابناء سهول ووديان وبوادى الصحراوات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى الى ابواب شونة تبن الصحراء الوسطى لينال كل منهم حصته من العليق سهل الهضم فيروق للابل والماشية والاغنام والماعز كوجبات خفيفه تخلط أحيانا بالردة اوالفول لتصبح علفا ينتج لحوما حمراء ، وعندما يخلط بالذرة ينتج عليقه السمين الابيض.
ينطلق فحل أولاد خزام المعروف لدى اهل سهل البارى بالرخ .
يرعب الصغار مع كل اصدار لصوته العالى المعروف بالقلة المتقطعة فيلوذ الاطفال بأحضان امهاتهم .
يتمايل الرخ يمينا ويسارا بحمولتين على كل جانب .. تخلى كل الابل الضعيفه الطريق للرخ فيتقدم أول الصفوف فى موسم الحصاد وتشوين التبن لاستخدامه علفا ومادة لبناء بيوت الفلاحين اللبنه فيخلط مع الطين .. يربط بين صفوف الطوب اللبن غير المستوى فى الافران مكتفيا بتجفيفه فى وهج شمس النهار كما يتم به طلاء جدران المنازل تمهيدا لتلوينها ورسم لوحات المحمل ورحلات الحجيج ذهابا وايابا وتصدر عبارة : ياداخل الدار صلى على النبى المختار مدخل كل دار الى جوار اصابع اليد الخمسة لتقى اهل الدار من الحسد .
يصل الرخ الى نقطة النهاية حيث شونة عبد البارى علول أكبر شون التبن الموجوده بسهل البارى اذ تبلغ مساحتها خمسة أفدنه وستة قراريط .. يقيم بها عبد البارى علول على الحد الفاصل بين الصحرء الكبرى والوسطى.
يترقب حنيجره علوان اشهر قاطع طريق بغجر العلاونه بفارغ الصبر وصول حصة تبن شونة عبد البارى علول الالف طن اضافة الى نصف وارد شونة التبن الكبرى بالصحراء الوسطى التى قرر ان يسطو علي خمسمائة الف منها ويحرق الباقي ليمتلك سوق العليق بالصحراوات الثلاث.
تنطلق قافلة سطو حنيجره من اعلى تل غجر العلاونه نزولا الى سهل البارى فيؤجل ساعة سطوه على تبن عبد البارى علول حتى يعود مظفرا من الاغارة على الخمسمائة الف طن نصف المليون الموجود بشونة الصحراء الوسطى.
يأمر حنيجره بتحميل خمسمائة الف طن تبن على ظهور ابله ويشعل النيران فى الخمسمائة الف طن المتبقية على ارض الشونة غير ان النيران لاتمهلهم الفرار فتبتلعهم بعد ان يحرموا آلاف الابل والماشية والاغنام والماعز من وجبات سريعة الهضم محببة الى بطونهم ، ولم ينجو من تبن هذا الموسم سوى تبن عبد البارى علول.
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
عوالم الغجر
175
ضاربة الودع
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
ضاربة الودع
ترعى عنزة أم زوين بين أعشاب الرحبة القليلة فى صحبة عنزاتها الثلاث مع بزوغ اول شعاع لنور الصبح .. تظل العنزة تأكل من طيب الارض حتى تمتلىء معدتها فتدر لبنا كثيرا يشبع اولادها وتحلب ام زوين ماتبقى لتقدمه افطارا للحارث ولد عنبة المغسله زوجها وأبنائها زوين وعتره وصابر ورحيمة البنت آخر العنقود السكر معقود ، كما تكرر بنت الغجر على أسماع كل شباب تل غجر زوين ليعلو مهرها.
ينطلق الاربعة كل الى عمله فتركب ام زوين حمارها مع الرمل والودع والدكر لترى طالع ابناء الحضر ويعلو صوتها كلما اقتربت من أطراف الحضر : اضرب الودع وأوشوش الدكر ، وأبين زين وأشوف.
يرعى زوين وعتره وصابر غنم شيوخ الاحياء الملاصقة لتل الغجر وتظل رحيمه لتغسل الملابس وتنشر الوسائد والاغطية فى شمس الصحراء تطهرها ، وتقدم الدواء لابيها الحارث ولد عنبه
الذى جاوز التسعين على غير سنة ابناء الغجر الذين يرحلون مبكرا ، وعمر ليكون ذاكرة لغجر تل زوين الجد الاكبر لهؤلاء الغجر دائمى الترحال والعودة الى التل يلتقطون الانفاس ليعاودوا الترحال والعودة .
تلف رحيمه لفافات التبغ التى يعشقها الحارث منذ نعومة أظافره كما عشق حسنية بنت الحايس ابرع لصوص الحمير وصباغيها بمختلف الالوان لبيعها فى اسواق التلال المحيطة فيشتريها أصحابها مرات ومرات حتى قتله صبيانه لطمعه الدائم وأكله اجزاءا من أنصبتهم ، وترك حسنية وحيده بلاسند ليقرر كبيرهم نوار عشم زوين شيخ قبيلنهم ان يخطبها له بعد عدوله عن الزواج لأكثر من عشرين عاما، وكان فارق العمر بينه وبين حسنيه ثلاثون عاما ليلة الدخول بها .
انجبت حسنيه للحارث اول مولود له فأسماه زوين ردا لجميل الشيخ عشم وابيه الذى زوجه حسنيه ثم أتبعت حسنيه انجابها لذكرين آخرين فى العشرة سنين الاولى من زواجهما ، وأقلعت عن الانجاب لعشرة سنين تاليه حتى صار سنها اربعين عاما ودخل الحارث السبعين من العمر فلم يراوده لقاء بنت الغجر مكتفيا بتعليم صغاره رعى غنم شيوخ قبائل الاحياء المجاوره لتل الغجر ليقلع عن الرعى بعد ان بشر بحمل حسنيه الاخير وكان فى الخامسة والسبعين فلزم الخيمة ليشرب الشاى الاسود ويدخن لفافات التبغ بديلا عن الدخان القص المعسل الحامى على صدره فى هذه السن المتأخرة من العمر .
برعت رحيمه فى لف لفافات التبغ لأبيها وهى فى العاشرة من عمرها بعد ان ارتعشت أصابع الحارث ولم تقوى على احتواء الدخان بين دفتى ورق البفره فلفتها حسنيه فى سرعة البرق وعلمت رحيمه الصغرى التى تصاحب الشيخ أثناء تجوالها عبر شوارع الحضر تضرب الودع ،كما علمتها قراءة وجوه زبائنها حين يوشوشون الذكر لتقرأ طوالعهم ، وتأخذ منهم لتعطيهم مجرد ثرثرة تريح عقولهم المتعطشة الى الافضل.
يطلب الحارث من رحيمه آخر العنقود شايا اسودا للمرة الخامسة هذا الصباح مع لفافة الدخان الخامسة ليخرج شهقة تسمعها رحيمه وهى تنشر الملابس فى الخارج فتهرول اليه لتثبت عيناه على صورتها ، ويظل فاتحا عينيه ورحيمه حائرة حتى عادت ضاربة الودع من رحلتها لتغمضهما وتجهز لدفنه بعد ان نسيت ان تعلم صغيرتها كيف تغلق عينى ابيها اذا مامات.
قصة قصيرة
ل : محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
البريد الاليكنرونى
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
عوالم الغجر
172
لعاب المدمنين
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
لعاب المدمنين
يترنح مدمنوا الاقراص المطحونة يلعقون حصى الدروب .. فلقد تمكنت فرقة الخفر المحترفين من تحديد اوكارهم ليتمكنوا من القضاء عليهم حبسا او رميا بالبارود. .
يتدلى لعاب المدمنين على جانبى انوفهم وافواههم .. يتمايلون فى قلوب الدروب .. يعترضون المارة .. يزغزغونهم بكل الاسلحة البيضاء الخناجر والسيوف التى فى جيوبهم وحول جذوعهم .. لايجدون فى جيوب المارة درهما واحدا فيكتفون بلعق الدماء التى سالت من اجسادهم. .
يتمكن حنكوره ريحانه الغجرى من التسلل الى خيمة خفت ضوءها ، يزحف على الرمال سحلية حتى يصل الى قلب الخيمة .
تنهار السيدة خوفا من مشهده فدماء المارة مازالت تسيل على جانبى فمه .. طلب منها ماتملك ، وهى لاتملك سوى اربع فتيات صغار مات ابوهم لتربيهن هى .
جن جنون حنكورة فقطعها الى اربعة اجزاء وبناتها نائمات وعاد زاحفا بعد ان اشعل النيران فى جسد المرأة يزف انتصاره الى عصابته الصغيرة.
يلزم غجر تل حريقه خيامهم مع مغيب شمس كل يوم تجنبا لقاء حنكوره أو اى من رجال عصابته الذين لايفرقون ليلا بين اهلهم من غجر تل حريقه والتلال المجاورة فظلام الليل يخدع ابصارهم.
تعقد عصابة حنكوره عزمها على نقل نشاطهم الليلى من تلال الغجر بالصحراء الوسطى الى مجمع تلال الصحراء الكبرى صيفا ، ومجمع تلال الصحراء الصغرى شتاءا.
تنطلق الخيول تتبعها الابل محملة بالزواد فتشم كلاب فرقة الخفر المحترفين رائحة لعاب حنكوره ورجاله قبل ان تشرق الشمس فى طريق المغادرة الى مجمع التلال المنشود.
تنطلق الكلاب ريحا حتى تتعثر اقدام الخيول فتسقط ، وتلزم الابل اماكنها فيلقى القبض عى حنكوره وافراد عصابته ويتم اقتيادهم الى المخفر حتى العثور على ادلة الادانة بالسطو وترويع اهل التلال والشروع فى قتلهم بعد لعق دمائهم.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
عوالم الغجر
176
ليالى الغجر
من شارع الجمهوريه اول فيصل
بين شارعى شريف وسعودى الصناديلى
زمن الكورونا و الالعاب الناريه والمفرقعات
والمخدرات
ليالى الغجر
يتحسس غجر تل روايح طريقهم الى بندر السلطان .. يمتطون ظهور حميرهم .. تترجل النساء الى جوارهم حتى يدقوا ابواب الحضر مع قدوم الليل على استحياء.
تخرج كل غجرية دفها .. يأخذن فى الدق والغناء حتى تستسيغهم آذان ابناء الحضر فيخرج كل غجرى من خرجه أرغوله أوربابته ويبدأون فى العزف ليتحلق حولهم ابناء الحضر يستمتعون بغريب عزفهم والغناء .
تعلو اصوات مزامير السبس فتنفرط حلقة ابناء الحضر المحيطة بغجر تل روايح متجهة الى السبس للرقص على ايقاعاته ومزاميره الساحرة، ومع بدء حنفى البنجاوى وصلته الغنائية ينقسم المتحلقون الى النصفين نصف للبنجاوى حنفى والنصف الآخر للسبس.
يندب ابناء الغجر حظهم العاثر ويلملموا آلاتهم فى احضان الرحبة الباردة بينما تتجه زاهيه وتموم ورايقه اشهر راقصات بنات الغجر الى الكحلاوى حسن الشريف يشكون اليه حالتهن ، وكان الكحلاوى يدأب على اقامة سرادق خاص به يشيع الفرح طوال أيام مولد سيدنا السلطان الخمسة عشر بجوار الذكر والاوراد فى مسجد السلطان وأبى حسيبه ورحبته.
يتخير الكحلاوى مكان سرادقه بين مندرة الاشراف وقصر الثقافة
يستجلب اليه السبس عاما وحنفى البنجاوى عاما آخر ، وبعد ان استمع الى شكوى بنات الغجر عقد العزم هذا العام على تخصيص سرادقه لفرقة غوازى تل غجر روايح فكان الاقبال زحاما لاينقطع.
تكشف زاهيه وتموم ورايقه عن سيقانهن ، عندما يبلغ الغناء مداه فى حناجرهن فتخرج عيون الجموع من محاجرها تتشبث ببياض بشرتهن فتسد الآذان.
تتشابك غابة انغام الربابات والدفوف وأصوات الغجريات فيحلق الحضور بسماء السرادق ليتسلل رجال الغجر يجردونهم من الاموال التى تملأ جيوبهم.
يسرى الخبر الى آذان الكحلاوى فيقرر طرد فرقة غوازى تل غجر روايح فى صباح اليوم السابع من ايام مولد سيدنا السلطان ، ويصرف نظره عن اقامة السرادق مرة ثانية.
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com