الثلاثاء، 28 أبريل 2020

شارع الجمهوريه اول فيصل
زمن الكورونا
و الالعاب الناريه
والمخدرات  طوال الليل والنهار


جليسة خاصة جدا
أعلن رايب فحلاوى عن حاجته الماسة والشديدة الى جليسة خاصة جدا تؤتمن على أسراره الحياتية عائلية وشخصية ان لزم الأمر .. أعطى رايب مواصفات الفتاة الى غلمانه الكثيرين ، وحملها الغلمان لينطلقوا فى مختلف الشعاب والخيم المنتشرة عبر الصحراء الكبيرة .. يفتشون عن بغية العجوز الذى أوشك أن يفارق الحياة .
مازال الرجل ملازما خيمته الوسيعة بعرب الحسر الذى يتوسط المسافة بين البادية الكبيرة والحضر الصغير .. يضع فحلاوى صورة فتاته التى جسدها له فى لوحة غلامه الموهوب فى فن الرسم فجاءت كما كان يتخيلها طوال الثمانين عاما الماضية .. عينان سوداوان .. شعر ليلى غزير ولون بشرة بطعم حليب ناقة أمه التى تربى عليها مع اخوته الراحلين والباقين على قيد الحياة حتى سن الفطام ومابعدها .
يقبل الرجل العجوز قدمى فتاته فى نسخ الصورة المكررة  والمعلقة على كل جدران االخيمة .. عاد الغلمان بعد شهر من الترحال على ظهور النوق البيضاء الفتية وقد جاءوا بمائة من الفتيات الشديدة البياض الملون بحمرة الدم المتدفق من الوجنات  .. لوّن الغلمان شعور فتياتهن المائة بلون الليل ، وارتدين العدسات السوداء اللاصقة .
اصطف طابور الفتيات أمام خيمة المسن وخرج مستندا على كتفى أحب غلمانه والمقربين دائما الى قلبه العليل .. فتح الرجل عيونه المغلقة وأرسل نظره الضعيف يتفرس بشرات المائة صغيرة فصدمته حمرة الوجنات ليسقط من بين كتفى غلاميه العاشقين .. يكره العجوز لون الدم الذى أراقه قطاع الطرق وهو ابن الخامسة من عمره لدم ابيه وامه بعدما نال منها غلاظ القلوب من الصعاليك .
لعن الرجل آباء غلمانه الاشقياء الذين يتسببون فى نكوصه الدائم الى الخلف حتى جعلوه غير قادر على الحركة لاصابته بالشلل المؤقت .. تجمع الغلمان وحملوا سيدهم فوق الاعناق وأدخلوه الى قلب الخيمة .
سالت دموع العجوز بعد اكتشافه زيف ليل شعر الصغيرات لعدم جفاف الصبغة السوداء التى تركت بعضا من الشعر الذهبى الذى يكرهه والذى كان يجرى خلفه الصعاليك وراء كل القوافل التى تحمله نساؤها زينة على صدورهن وآذانهن وأنوفهن ، والذى تسبب فى مقتل امه وابيه وبعض من أخواته البنات الصغيره .
أمر رايب فحلاوى صرف المائة فتاة بعد أن عوّض كل واحدة منهن عن الوقت الذى استغرق الشهر منذ التقطها غلمانه من الاسواق حتى عودتهن الى الاماكن نفسها .. يعود رايب فحلاوى الى حزنه الدائم ووحدته الموحشة .. يحاول غلاماه المقربان والغلام الرسام االتسرية عن سيدهم ومسح دموعه المتدفقة فلايفلحون .. يعيد الرسام الكرّة فيرسم نسرا ضخما يملأ سماء اللوحة وينقض على الملاعين من الصعاليك الذين يمقتهم العجوز ويلتهمهم النسر الاسطورى والذى يشبه فى ملامح الوجه وجه رايب فحلاوى رمز الفحولة فى البادية الكبيرة والحضر الصغير  .. يعيد الرسام الرجل العجوز الى ماضيه البعيد حيث كان يتفنن فى الايقاع بفتيات الصعاليك ليقتلهن ثأرا لابيه وأمه وأخواته الصغيرات .
يقتننص الغلامان الفرصة التى أوقعه فيها الرسام ويأخذان فى القاء الفكاهات التى لم تفلح فى اعادة نظرة الرضا عنهم كما تعودا من سيدهما .. أشار رايب فحلاوى الى صغيريه الغلامين المحببين اليه بالكف عن المحاولة وفتح النافذة المجاورة له فى الخيمة فنفذا الامر فى أقل من لحظة ليشخص بصره باحثا عن جليسته الخاصة جدا والتى تشبه الى حد كبير امه الحبيبة .. ثبت نظر رايب على الفضاء العالى حيث التقت روحه بروح احبائه وتوقفت أنفاسه .. أغمض الغلمان عيون عجوزهم الحبيب وأخذوا فى التجهيز لمراسم دفنه فى مقبرة العائلة الخاصة ، ولعنوا سائر الغلمان الذين قصّروا فى تحقيق حلم سيدهم فى ان يعثر على جليسته الخاصة جدا قبل أن يرحل .
قصة قصيرة ل / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه

mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق