الثلاثاء، 26 نوفمبر 2019

القطار الأسود يستيقظ الرجل المعصوب العينين فلايرى الا الظلام المحيط به من كل جانب .. يحاول الرجل الوقوف فى مكانه فيصطدم بالاجساد المتخبط بعضها فى بعض .. يخترق الرجل الكتل البشرية المتلاحمة حتى يواجه الجدران الحديدية الصماء .. يضع يديه يتحسس أبعادها فتلسعه نيران أشعة الشمس المختزنة داخل الصندوق الحديدى الكبير فيتراجع الى الخلف ليدفعه الاخرون فيلتصق ثانية بالجدار الحديدى الذى يشوى وجهه .. يتقهقر دافعا بقوته المتبقية الاجساد خلفه .. ينأوه الجميع ولاينطق احدهم بكلمة حتى يتبين المكان والزمان والحدث . المكان . . صندوق اسود كبير لم يتمكن واحد من المعصوبى العيون تحديد طوله أوعرضه أوحتى عمقه بسبب الزحام الشديد .. تبدأ حركة الصندوق .. نرك .. ترك .. ترك .. يخرج من مخزنه .. ترك .. تس .. يقف فى الميدان الكبير الذى يتعرف عليه معصوبوا العيون من خلال آذانهم التى تاهت وسط طوفان الاصوات البشرية المتزاحمة ، وآلات تنبيه السيارات التى لاتصمت . الزمان. . طول الزمان .. ترك .. ترك .. ترك .. تبدأ الرحلة ..تصطدم الاطارات بالقضبان الحديدية لتتحرك الصناديق الحديدية الى الامام والاجساد الى الخلف فى قلبه من شدة الانطلاق .. يعود الرجل الأول من المعصوبى العيون الى اغماءته ليطفو الى ذاكرته سبب سقوطه فى بطن الصندوق الاسود عاشق الترحال الى الجنوب . الحدث .. تمرد الرجل الاول على حاله من حيث السكون الى الحركة ، وحذرته الزوجة من العواقب الوخيمة لهذه الفعلة الشنعاء لكنه لم يستمع وجاوز الحدود المرسومة له فأخذ أول خطوة من خطوات الحركة الى اللاشىء فقرر مسؤولوا السكون نفيه الى واحتهم البعيدة التى لايسمح فيها باصدار أى صوت من أصوات الكائنات الحية . تس .. ترك .. ترك .. ترك .. يواصل الصندوق انطلاقته تجاه الجنوب فيستيقظ الرجل الأول ليتعرف على الرجل الثانى الملتصق كتفه بكتفه ويوقفه على سر وجوده الى جواره فى هذا المكان فيرى نفس سبب وجوده فى العصابة السوداء المحكمة الرباط فوق عينيه . يرتطم القطار الاسود بسيارة نقل تعبر المزلقان فتقشعر أبدان معصوبى العيون وتهتز من شدة الارتطام فيتوقفون عن رسم غابة ثرثرتهم التى ملأت أرجاء المكان ، ويسود الصمت حتى تتم ازالة آثارحطام السيارة من طريق الصناديق السوداء ويعاود القطار سيره . تستعيد أصوات المعصوبى العيون تماسكها فيواصلوا حفلة تعارفهم وتعلو الاصوات لتمتزج بالصوت الاعلى .. ترك .. ترك .. نرك .. تمر الساعات فينال الارهاق من الألسنة التى تعود الى السكون .. ترك .. ترك .. ترك .. تس .. يسير القطار الاسود الف كيلوا حتى يتوقف ليفتح أبوابه فى منتصف الليل فيتم نقل المعصوبى العيون الى صناديق السيارات المحكمة الاغلاق والمدهونة باللون الاسود من الداخل حتى لايشعر معصوبوا العيون بالاغتراب اثناء نقلهم الى واحة المسؤولين الصماء البعيدة . ترك .. ترك .. ترك .. يتجه القطار الاسود بصناديقه الكثيرة الى الشمال ليأتى بنزلاء الواحة الجدد ، ويواصل رحلاته . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ========================================================================= الكركى يداعب الجليد وجه طائر الكركى المزركش بالاحمر فيرقص فى قفزاته العالية ويدقدق بقدميه الطويلتين مرفرفا بجناحيه الناصعة البياض ، وحين يلمهما يأتى بسواد الليل فيعود ساكنا الى مكانه ويتصدر واجهة الفندق المسمى باسمه فيستمتع برؤيته كل رواد مدينة الجبال السبعه . تشرب الخمرية اللون حتى الثمالة وتقول : خمسة طرق تؤدى الى القلب حيث أقيم والكركى .. تتوحد الفتاة والطائر حين تجلس فى المقدمة ويظل خلفها ساكنا برقبته الطويلة وريشه الأملس المتدلى يساقط كرات الجليد الصغيرة حتى تصل الى الأرض فتنفجر متناثرة على وجوه الجالسين حول العيون المتثائبه . جاءت كريمه رعيان من جنوب الصحراء الوسيعة الملونة بالموت الاصفر عند التقاء المحيط بالبحر الملح ، وخلعت رداءها القديم لكنها مازالت تعشق الجنوب أول الطرق المؤدية الى قلبها . رفعت كريمه الكأس ليلامس شفتاها ، واستيقظت عيناها عندما سمعت بمقدمى من قلب جنوب أعلى النهر ، وقالت : لقد خبرت كل أجناس العالم ولم يرق لى سوى جنوبى قلب أعلى النهر .. أطالت الفتاة النظر الى وجهى الذى تاهت فيه معالم الجنوب فصرفت عيناها عنى لينطفىء نور المقدمة وتتلون الوجوه بالاسود الثقيل الظل حين يفقد صغار نجومه فتتوه الوجوه ولايتعرف أحدنا على الآخر . جاءت الأنوار المصنوعة ضئيلة من الخلف ترسم خيالاللكركى وكريمه رعيان التى راحت تعب شراب شمال الشمال ثانى الطرق المؤدية الى قلبها فهو القادر على الانتقال بها الى عالمها الجميل حين تفقد ملامح الخيّم الشعر ووجوه الأب والأم والأخوة المحاصرة ، وتنطلق ترسم منزلا صغيرا مع أحد الجالسين حولها أمام الكركى . جاءت كريمه فى صحبة بنات كثيرات من أقصى الجنوب يبغين المعرفة فى معاهد مدينة الجبال السبعة التى عنيت بالشرق ثالث الطرق المحببة الى قلب الفتاة والذى تمله أحيانا لتتطلع الى الجهة المقابلة رابع الطرق التى يهفو القلب اليها ليزيد انطلاقها وانقطاع أوصال الماضى السحيق الذى يجثم على صدرها .. تتنفس الجميلة بعمق شديد مع انتهاء الكأس العاشره . تبدأ كريمه فى شرب الكأس التالية وتنظر الى أعلى حيث ينظر الطائر ويتساقط المتحلقون حولهما واحدا واحدا ليعودوا الى غرفهم الحاملة أرقامهم بالفندق ، وتظل كريمه رعيان متوحدة والكركى يطيران الى الأعلى آخر معشوقة خمرية اللون فيرتحلان عبر الزمان والمكان وتصبح الجميلة ذكرى لكل نزلاء الفندق مع عودة الكركى كل عام يداعب كرات الجليد بوجهه ، ويرفرف بجناحيه الناصعة البياض ليصل الى آذاننا صوت كر .. كر .. كريمه .. كر .. كر .. كركى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ==================================================================== أنبوبة غزل البنات يدير عنتر ولد فرحانه شليب يد ماكينة غزل البنات ويغنى : غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يتجمع صغار الحى حول الماكينة ليذوب فى أفواههم الغزل فيقولوا هات . تضع جليله كبرى بنات عنتر غزل البنات فى الأكياس الصغيرة وتربطها بالخيط الرفيع وتلقى بها فى الصندوق لتلتقطها يد جميله بنت عنتر الثانية وتعطى كل صغير كيسه فيعلو صوت حمديه بنت حنفى الخولى أم البنات بصوتها الأضخم تردد : غزل البنات سكر نبات قربوا بااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار هات . تعطى فردوس بنت حمديه الثالثة أنفاسا قويه بالكباس النحاسى لوابور الجاز المشتعل أسفل ماكينة الغزل ليديرها عنتر فتلبى طلبات الصغار . تسأل فريال البنت الرابعة لعنتر عن مصير أنبوبة البوتاجاز المسروقة والتى ستريحهم من دخان وابور الجاز المشتعل أمام مدخل البيت الذى يسكنون أسفل سلمه . يجيب عنتر بحسره : مافيش فايده .. كان عنتر يقتطع جنيها من دخل الأسرة كل شهر لتدخل به حمديه الجمعيه مع أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها فى الآخر . ظل عنتر يدفع سهم الجمعية طوال خمس وثمانين شهرا متصله بامتداد سبعة أعوام وشهر ليتمكن من شراء انبوبة البوتاجاز التى ستريحهن من السعال الذى يسببه لهم عادم الكيروسين الذى يطلقه الوابور بغزاره . عاش عنتر ولد فرحانه شليب وزوجته حمديه وبناته الخمس عاما من السعادة المتصلة ليقطعها ذكى ذهنى سليمان لص الأنابيب فى ليلة ممطرة حين أسرعت الأسرة الى نقل ماكينة الغزل الى أسفل السلم ، وحين خرج عنتر ليأتى بالأنبوبة كان ذكى أسرع منه فى حملها . حررت الأسرة محضرا للسرقة وضرب فهيمه صغرى بنات عنتر حين منعت ذكى من حمل الأنبوبه .. ترك ذكى غرفة أسرته بالحى وهرب الى كفر الضراغمه لدى خاله عطا الرومانى عمدة الكفر .. تم القبض على ذهنى سليمان والد ذكى وأخلى سبيله فى سراى النيابه ، وعلا صوت ذكى يردد: غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار فى الكفر هات . يبدأ عنتر ولد فرحانه شليب فى اقتطاع أول جنيه فى أول شهر لتشترك حمديه بنت حنفى الخولى فى الجمعية التى ستجمعها أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها النمرة الأخيرة بعد ثمانى سنوات وشهر لتتمكن الأسرة من شراء انبوبة غزل بنات جديده . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================ أوزى وروقا تحسب أوزى العكر خطواتها كلما سارت أمام روقا المفك أطول شباب بئر الكمون على الاطلاق .. تميل أوزى ناحية اليمين فى الخطوة الثانية حين تلمح بطرف عينها روقا جالسا على المقهى يمسح شعره الناعم الطويل فيغطى عينيه ليبعد عنهما أشعة الشمس الحريصة على زغللتهما .. تلعن أوزى هذه الاشعة التى أبعدت نظر روقا عن ميلها الى الناحية اليسرى لتتوازن خطاها وتبدو كبطة أم سوكا الدايه التى تعترض طريق المارة من ابناء بئر الكمون والاغراب عنها فيلعنون صاحبتها التى تطلقها لتصب قاذوراتها على ذيول الجلابيب .. تخرج أم سوكا مع كل استغاثة لبطتها الممتلئة حين يهشها عابر السبيل أويضربها بقدمه فتسب أم سوكا آباء المتضرر ، ويبحث عن ريقه فى الحلق ليرد عليها فلايجده ويمضى . لاتتمكن أوزى قصيرة القامة من لفت نظر روقا المفك الطويل القامة لتعود الى أمها خائبة فتهدىء فولية المنايسى ابنتها وتمسح دموعها وتقص عليها قصة وقوع أبيها صابر العكر فى غرامها بعد افتعالها للشجار معه بسبب متابعة عينيه الدائمة لها وهو على مقهى الفوال نفس المقهى الذى يجلس عليه روقا المفك ، ووقع صابر العكر فى غرام فوليه المنايسى وقالت له : مامحبه الابعد عداوه وانجبا ابنتهما الوحيدة أوزى البطة البيضاء الممتلئة . اقتنعت أوزى بالفكرة فخرجت على الفور وأطلقت لقدمها العنان فقلبت المنضدة التى يضع عليها روقا المفك شايه وادعت عليه وسط المقهى فى منتصف الشارع بازعاجه الدائم لها وتعقبها بعينيه حتى توشك فى كل مرة أن تسقط .. ينفى روقا كل ماتقول الفتاة فهو لم يرها من قبل ولم يلتفت اليها هى أو غيرها لانشغاله بتصفيف شعره الناعم وتسوية شاربه الشديد السواد . تدخل شيخ الحارة علوانى نوح المتيم بأوزى والتى لم تعطه ريقا حلوا حتى الأن .. دفع علوان الشاب الى قسم الشرطة واحتجزه للاشتباه فأزال حارس عنان فتوة الحجز شارب روقا الذى لم يعجبه فذاب الشاب أسفل يدى حارس وأخرجه علوانى بعد ثلاثة ليالى . تتجه فوليه المنايسى الى أم روقا وهددتها ان لم يصلح ابنها خطأه الذى أدى الى تشويه سمعة البنت فلن يسلم من سنجة أبيها صابر العكر فتوافق الأم على الزواج لكن روقا يطلب عدم اتمام الدخول بعروسه الا بعد خروج صديقه حارس عنان من الحجز . يخرج حارس من الحجز فيتم الدخول ويرزق روقا بولد جميل يشبه الى حد كبير صديقه حارس فأسماه على اسمه وأصبح حارس الصغير بداية ثانية لقصة حب أوزى وروقا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ======================================================================= تصادم ينظر رجل الاشارات من أعلى سلمه الى التقاطع ، وحين تخف الحركة فى اتجاه الشمال للمنطلق من الجنوب يوقد نوره الأحمر اعلانا لوقوف الحركة فيهدىء القواد من سرعة السيارات حتى تتوقف قبل الوصول الى خطوط عبور المشاة البيضاء الطويلة . يغيّر الرجل اللون الى الأصفر استعدادا لبدء تحرك سيارات الشرق المنطلقة الى الغرب والعكس .. تتعلق عيون قواد المركبات بحامل الاشارات حتى يضىء اللون الاخضر فتندفع السيارات تسابق الريح ولم يتبق فى البعيد للاتجاه المتقاطع سوى سبع سيارات على بعد ستمائة مترا فيمسك الرجل بالمقبض ويحركه الى أسفل فينبعث النور الاحمر من حامل الاشارات ويرسل نظرة خاطفة الى التقاطع ليضىء الاصفر ثم الاخضر للسيارات القادمة من الجنوب الى الشمال فتتحرك ويتحرك المشاة فى الخط الموازى لها . مازالت سيارات الشرق تواصل الاندفاع ، لم تتمكن من التوقف فترتعش يدا الرجل الممسك بمفتاح الاشارات ليغير الى اللون الآخر فتستمر السيارات فى الاندفاع منطلقة فى الاتجاهات الاربعة بدون توقف . تعانق سبع سيارات سبعة اجساد وسط زحام المارة فتتناثر اشلاؤهم وترتطم بسيارات الطريق المتقاطع .. يهتز العمود الذى يحمل كشك رجل الاشارات فترقص يداه ويسقط وسط أخشاب الكشك تاركا أنوار الاتجاهات خضراء ليتواصل اندفاع السيارات من كل مكان ، ويتكوّم بعضها فوق بعض تعتلى الاجساد البشرية داخل وخارج السيارات حتى تصنع سدا منيعا يمنع المزيد من ضحابا تصادم التقاطع . أسفر التصادم حتى حينه عن مصرع خمسمائة من المارة وثلاثمائة سيارة بين الأجرة والملاكى والنقل كانت تسير بسرعة مائة كيلومترا فى الساعة ، ومازال رجل الاشارات يحاول أن يلملم عظامه التى تهشمت حتى يتمكن من الصعود ليصل الى مفاتيح الاشارات ليغيّر من اللون الأخضر الدامى الى الأحمر الذى سيؤدى الى وقف تفجر ينابيع الدماء التى تصب فى أوردة التقاطع بسبب التصادم . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ حمارة حندوقه تعرف حمارة حندوقه مكان وقوفها قبل أن تركلها سيدتها بقدميها ويعلو صوتها تأمرها : قفى يازمرده .. تتسع عينا زمرده الصافية وتلتقط الوجوه الجميلة التى تبحث عنها حندوقه .. وجه قمرى بلون سنابل القمح الذهبية وجسد ممتلىء حيوية ونضارة فلم يمر على زواج دنديه بنت عبيد البنا سوى عام ونصف ولدت خلالها ابنتها هنومه وطفش زوجها علام الخن لكثرة الديون التى تراكمت عليه من ايجار محل تصليح الكلوبات التى تضىء ليل نزلة الهيش المظلم ، وايجار المنزل الذى تقيم فيه زوجته . تحمل دنديه هنومه وتسير فى طريق العودة الى منزل ابيها فتدس حندوقه فى يدها ريالا من الفضة وتزّين لها طيب الاقامة معها فى صحبة ابنتها بدلا من الاقامة مع عبيد البنا الذى كبر سنه وكسدت مهنته فكل الفلاحين يبنون بيوتهم من الطين بأيديهم فمالت دنديه الى الحياة الرغدة ووضعت ابنتها خلف حندوقه فوق ظهر زمرده .. واصلت زمردة رحلة بحثها عن الوجوه الجميلة التى يسكن اليها محبوا المعلمة القديمة التى عاصرت كما تقول ثورة ونفى وعودة الباشا سعد . وقعت عينا زمرده على وجه أسمر بلون الطمى جميل يعلو جسد ملفوف يخبىء فتنة أسفل جلباب من التيل مزركش بالاحمر والاصفر والاخضر فأسرعت زمردة اليه .. ربتت حندوقه على ظهر زمرده وأخرجت بعضا من العلف مكافأة لزمردة التى تحسن دائما الاختيار . وقف ركب حندوقه أمام عليّه بنت ابراهيم الحلاّوى بائع الخيزران الذى يستخرجه من النزز بحرى نزلة الهيش .. لم ترزق عليّه بوليد من طليقها فراج الغندور لمرض أصابه وقالت أمه : ان العيب عيب عليّه ، وستزوج ابنها من ست ستها فكان قرار الطلاق ، وعادت عليّه الى نزلة الهيش لتصحبها حندوقه الى دارها . انطلقت زمردة وفوق ظهرها امرأتان ورضيعه ، وخلفها تسير عليّه الحلاوى .. اكتفت حمارة حندوقه بصيد اليوم .. ومع قرب وصول الركب الى باب الدار أخرجت حندوقه قالبا من السكر ووضعته أعلى جوال العلف ليكون مكافأة لزمردة تحلّى به بعد تناولها وجبة العشاء فتنام قريرة العين والبال لتواصل فى الغد عملها الدائم فى البحث عن جميلات حندوقه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== خارجيه تبحث عيون خارجيه عن مكان هادىء تستريح فيه ، ويلتقط سائقها أنفاسه العالية التى أوشكت أن تتوقف من كثرة الجرى وراء الأهداف البعيدة ، فلقد تم تخصيص خارجية للأماكن التىتجاوز العشرين كيلومترا أما الأهداف التى فى نطاق العشرين فيتعامل معها الأنفار بالدراجات البخارية لقربها تتحرك المساحتان يمينا ويسارا لتزيل قطرات الماء المتساقط وتغسل وجه خارجية كى تقوى عيونها على النظر بحثا عن مكان المبيت فى هذه الليلة التى قررت السماء فيها أن تزيد من سيولها .. أغلق عاملوا خارجية الأبواب باحكام حتى لايتسرب الماء الى الداخل فتتوقف عن الدوران بعدما بلغت نسبة ارتفاع الماء الى المتر لتغرق اطارات خارجيه العاليه . تثاقلت عيون السائق فسقطت الجفون العليا لينسدل الظلام ويوقف موتور خارجيه .. يعيد الرجل جفونه الى موضع الرؤيا ، ويدير المحرك ثانية ليعمل التكييف هربا من تجمد اجساد العاملين داخل خارجيه . يسير السائق ببطىء شديد جدا فيشق بطن محيط البرك الواسعة التى صنعتها السيول الغزيرة فتعلوا الأمواج على جانبى خارجيه التى صممت للعمل فى أحلك الظروف الطبيعية . ينظر المهندس الى الشاشة التى أمامه ليحدد مكان البالوعة على جانب الطريق فتتجه خارجيه اليه .. يوقف السائق السيارة .. تفتح الأبواب .. يحمل العمال آلاتهم والعدد التى ستزيل الأتربة والحجارة التى أدت الى سد البالوعة .. يرسل العامل سيخا طويلا فى قلب بؤرة العمل حتى يطمئن الى سيولة مروره فيسحبه ليندفع الماء فى دوائر صغيره ، ويبحث المهندس عن النقطة التالية لتتجه اليها خارجيه ويواصل عمال التسليك عملهم . تنطلق خارجيه الى الشارع المجاور فيرتطم خزان وقودها بحجر لم يتمكن السائق من رؤيته وسط بحيرات الماء التى تغطى شوارع المدينه .. يوقف السائق سيارته وينزل المهندس ليزيل الحجر بعناية بعيدا عن خط سير الناقلة ، وتواصل خارجيه السير .. يتابع المهندس شاشته التى ستحدد محطة الوقوف التالية .. يرفع الرجل عينيه من على شاشته لينظر من خلال زجاج السيارة فى ضوء المصابيح فيطمئن على قرب الوصول الى النقطة التالية حيث كهف البوم القديم الذى يبعد مائة مترا . تتوقف خارجيه عن الحركة لتسرب بعض المياه الى مولد الكهرباء مما أدى الى انطفاء الأنوار .. أسرع المهندس والعمال الى الاحتماء بكهف البوم القديم .. أبعد العشرة عمال والمهندس الصخرة التى تسد باب الكهف ليقابلهم مع الدخول اسراب البوم التى تدمى وجوههم وتكسر زجاج خارجية الأمامى فيندفع الماء الى داخلها . يزداد انحدار السيول فتدفع السيارة الى قلب المحيط الكبير .. يغمض الرجال عيونهم داخل الكهف حتى تعود اسراب البوم قبل ان يأتى الصباح . تستيقظ الشمس فيصحو الرجال بعد أن تنام البوم .. يتحرك الركب تجاه مكان خارجيه التى أخذها التيار فيتعقبون آثارها لتوصلهم الى الشاطىء الكبير .. يستمر البحث عن خارجيه بدون فائدة .. يعود المهندس والعمال الى المركز الذى يبعد عن المكان مائتا كيلومترا ، ويبكون خارجيه التى سيتسبب ضياعها فى فصلهم من المركز الذى يعملون به . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== داير مايدور ينظر عبادى الخير الى منتصف الدائرة الكبيرة يبحث عن قشة صغيرة يتعلق بها فلايجد ويحاول من جديد .. فقد عبادى الخير زفتاوى أوراق هويته فعرضه مسؤلوا دوائر الهوية على علماء الانساب فلم يتعرفوا عليه فقرر المسؤلون اللف بعبادى الخير كعب دائر على كل دوائر الهوية الخمسمائة المتناثرة فى المناطق البعيدة والقريبة بطول آلاف الكيلومترات . قيّد الحارس يدىّ عبادى الخير وسحبه وراءه بالسلسلة الحديدية الطويلة .. ينظر المارة فى الشوارع الى رداء عبادى الخير الذى يحمل رقم الصفر على وجهه دلالة على عدم معرفة هويته فيمطمئن كل منهم على وجود اوراق هويته ويجرى .. تتثاقل اقدام عبادى الخير فيشعر الحارس بالتراخى فيشد السلسلة لتظغط القيود على ايدى عبادى فينصاع للسحب وتستجيب أقدامه لتريح الايدى من شدة الالم . دخل الحارس الدائرة الاولى التى تبعد خمسة كيلومترات عن المركز الرئيسى ليتم عرض عبادى على جملة الحراس العاملين بها ، وحين لايتعرف عليه أحد يقوم عامل الفوتوغرافيا بتصويره ووضع صورته فى المدخل عسى ان يتعرف احد على شخصيته . ينقل عبادى القدم الاولى لتأخذ خطوتها فى الخمسة كيلومترات الثانية حتى يصل الى الدائرة الثانية التى سيعرض عليها ولن يتعرف عليه احد ليترك صورته ومن المقرر ان يسير عبادى والحارس خمسة وعشرين كيلومترا هى اتساع الدائرة التى تحيط بالمركز الرئيسى لدائرة الهوية ، وبعد التأكد من عدم معرفة أحد من ابناء الدائرة على عبادى سيستقل الحارس المركبة لتبدأ رحلة المسافات البعيدة التى لاتقل بحال من الاحوال عن خمسين كيلومترا ، ومع نهاية كل خمسين ينزل الحارس ووراءه عبادى الخير فيعرض على أهل النقطة حيث منتصف الدائرة الصغيرة ثم يستقل الحارس المركبة الاخرى التى ستنقله الى النقطة التالية . يبعد عبادى الخير مسافة ألف كيلو متر فى نهاية اليوم الثانى حتى ينفذ مخزون الخبز فيناما فى النقطة الجديدة حتى الصباح ثم تبدأ رحلة بحث جديدة عن واحد يمكنه التعرف على عبادى الخير ليتم الافراج عنه وتسليمه الى أهله ان وجد . تتوالى الليالى وتمضى الايام والاسابيع والشهور ويقطع الحارس وخلفه عبادى الخير مسافة خمسة وعشرين ألف كيلومترا ولم يتعرف أحد على عبادى الخير ، ورد عبادى ذلك الى تغيير ملامحه التى تغيرت بفعل فقده لأوراق الهوية .. عاد عبادى الخير وراء الحارس فى رحلة العودة الى المركز الرئيسى مارا بكل نقاط الدوائر الصغيرة للتأكد من معرفة أحد المترددين على الصور الفوتوغرافية المعلقة فى المداخل . انتهت رحلة العودة الى المركز الرئيسى لدائرة الهوية لتبدأ من جديد رحلة جديدة لعبادى الخير وراء حارس جديد كعب داير مايدور . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= دجاج لايبيض علا صوت طلبه نظير ليبلغ آخر القاعة الكبيرة : ياسيدنا القاضى سرقوا دجاجاتى التى لاتبيض .. ذهبت الى صاحب الشرطة ، وأدليت بأوصاف السارق والسرقة فكلف رجاله بالبحث منذ عام مضى ، ولم تعد الىّ دجاجاتى .. قالوا اذهب الى مولاك القاضى فجئت أنشد العدل فى ساحتكم البيضاء ، قالوا ستجده فأنصفنى ياسيد المنصفين ومنجد الغارقين . - ماأوصاف السارق ؟ - السارق يده بطول أزرع الأخطبوط . -حدد أكثر فكل أيدى اللصوص بهذا الطول . - عيناه سوداوان بئران بدون ماء . - عيون اللصوص كذلك ، عدنا للحيرة - ياولدى- هل لديك صفة أكثر دقه ؟ - لم تقو عيناى على التقاط أكثر من ذلك فى زحام وسط النهار .. افتعل مساعدوه المشاجرة وأخذوا دجاجاتى مهر زوجتى الذى سأدفعه الى والدها .. أقبل أقدامك ياسيدنا القاضى .. أعد الىّ دجاجاتى حتى تشفى زوجتى مما أصابها . - وماذا أصابها ؟ - مرض عضال حار فيه الاطباء . - أعطنا ياولدى فرصة الى آخر الجلسة ، وسأكلف حاجبنا بتفقد تجار الدجاج فى البلده فقد يساعد هذا فى ايجاد الحل . عاد الرجل الى مكانه فى القاعة بجوار زوجته التى لم يدخل بها وبشرها بعدل القاضى الذى ملأ جنبات الوادى .. حركت المرأة أصبعها .. وعد الرجل حماه بقرب عودة الدجاجات مهر ابنته حتى يتمكن من انقاذ قبيلته فى الواحة من وباء دجاجها .. وهب الشيخ ابنته لطلبه نظير حين تيقن من امتلاكه للدجاجات التى لاتبيض والتى سيزوجها من كل ديوك الواحة حتى تفنى الدجاجات والديوك ، ويتخلص أهل الواحة من وباء فتّاك .. أحبت الفتاة عريسها وطار بها عشقا لجمالها . عاد الحاجب ورجال القاضى بالخبر اليقين .. وضع اللص الدجاجات فى صناديق الوراقين التى سافرت الى المدينة المجاورة .. قال الحاجب : الوراقون سبب كل بلاء . - وكيف سمح الوراقون بهذا الفعل ؟ أيها الحاجب الىّ بشيخ الوراقين الأرعن . يقتل الشوق طلبه نظير الذى يرى عتاب حبيبته فى العينين ، وتوبخه على التهاون فى المهر الذى لم يقدر اللص حق قدره . جاء شيخ الوراقين أمام القاضى وأكد عدم وجود الدجاجات فى قلب الصناديق التى أشرف على فتحها بنفسه ، ولم يكن بها سوى الكتب ، لكنه رأى رجلا يبيع الى جواره دجاجات ونسى وصف البائع والمشترى . قال القاضى لطلبه : عوضك على الله ياولدى .. سنقيد حادث السرقة ضد مجهول . عاد الرجل خائبا فلن يعطى حماه مهر ابنته ، ولن يدخل بامرأته التى ستعود فى صحبة أبيها الى الواحة التى امتلأت بالوباء بعد ما فقد طلبه نظير الدجاجات التى لاتبيض . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== دود القطن يتسلق دود القطن السيقان القصيرة فى صفوف منتظمة حتى يثقل وزنها فتميل السيقان لتسقطها فتتنفس بحريه . يعيد الدود تنظيم صفوفه ويتحرك حتى يصل الى ملتقى الجذور والسيقان موزعا أعداده الهائلة على كل عيدان الحقول فيخف وزنه . تخترق الديدان غابة الأوراق الخضراء المتشابكة لتصل الى الشرانق التى تغلق باحكام على زهور القطن اللين ، وتصوب سهاما الى الجدران فتتآكل لتكشف عن القلب وتسرع الديدان الى التهامه . يبلغ الفلاحون خولى العزبة الذى يبلغ بدوره الباشا مالك العزبه فيسرع بالاتصال بتجار المبيدات فى البندر ويتم تحميل السيارات ويأتى الرشاشون ، يطلقون سحائب الدخان التى تغطى الحقول الواسعة فتنال من الضعيف من جيش الديدان ويأخذ القوى مناعته . يكلف الباشا الخولى بجمع الأنفار لتنقية الدود وحرقه حتى ينقذ ماتبقى من المحصول .. يسرع الخولى الى القرية المجاورة ويتفق مع مقاول الأنفار الذى يأتى بسوليه حسانو أقدم نساء الحلب التى تعمل فى لم الدود فتأتى بأنفار الحلب وأنفار القرى المجاورة لتتمكن من انقاذ عزبة الباشا من خطر الدود الجائع . يقف الخولى ومقاول الأنفار وسوليه حسانو على رأس ثلاثمائة نفر .. ينتظم الرجال فى صفوف تواجه الديدان .. تعطى المرأة مائة طبق من الخوص الصغير لابناء الحلب لجمع الدود فيسرعون الى مكان الحريق خارج الحقول ويتم حرق الديدان . لايجد ابناء القرى المجاورة أطباقا أخرى لوضع الديدان التى يلتقطونها فيربطون جزوعم بأذيال جلابيبهم ليصبح النصف الأعلى حوافظ يلقى كل منهم فيها دوده من فتحة الصدر حتى تمتلىء الحوافظ فيهرولون الى الحريق ليزيدوا من اشعال ناره التى تلتهم المزيد من الديدان . تضع سوليه على رؤوس ابناء الحلب مظلات من الخوص لتجعلهم أكثر صبرا مما يدعو المقاول والخولى والباشا الى تمييزهم فى الأجر فينال كل نفر من المائة الحلب مليمين ليجمع أخبار رجال ونساء الكوليه الأجراء لينقلها الى سوليه التى تنقلها الى المقاول الذى ينقلها الى الخولى الذى ينقلها الى الباشا فيقرر استبعاد غير القادر على جمع الدود ويعطى بقية المائتين من نساء ورجال الكوليه مليما واحدا للنفر . يظل ابناء قرى الكوليه الأجراء يضعون دود القطن فى صدورهم فتتسع أفواه الدود لتتجه الى البطون الضعيفه فتخترقها لتلتهم الأمعاء ويسقط رجال ونساء الكوليه فيفقد الباشا ثلثى ماتبقى من المحصول لينزل بالمليمين الى واحد للنفر من ابناء الحلب وتضيع عمولة سوليه التى تأخذها عن كل نفر وهى مليمان من اسبوع النفر كما يفقد نفس النسبة المقاول والخولى ، ويعوى جسد العالم من شدة برد الشتاء الجليدى لندرة الانسجة القطنية بسبب توحش دود القطن . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


القطار الأسود يستيقظ الرجل المعصوب العينين فلايرى الا الظلام المحيط به من كل جانب .. يحاول الرجل الوقوف فى مكانه فيصطدم بالاجساد المتخبط بعضها فى بعض .. يخترق الرجل الكتل البشرية المتلاحمة حتى يواجه الجدران الحديدية الصماء .. يضع يديه يتحسس أبعادها فتلسعه نيران أشعة الشمس المختزنة داخل الصندوق الحديدى الكبير فيتراجع الى الخلف ليدفعه الاخرون فيلتصق ثانية بالجدار الحديدى الذى يشوى وجهه .. يتقهقر دافعا بقوته المتبقية الاجساد خلفه .. ينأوه الجميع ولاينطق احدهم بكلمة حتى يتبين المكان والزمان والحدث . المكان . . صندوق اسود كبير لم يتمكن واحد من المعصوبى العيون تحديد طوله أوعرضه أوحتى عمقه بسبب الزحام الشديد .. تبدأ حركة الصندوق .. نرك .. ترك .. ترك .. يخرج من مخزنه .. ترك .. تس .. يقف فى الميدان الكبير الذى يتعرف عليه معصوبوا العيون من خلال آذانهم التى تاهت وسط طوفان الاصوات البشرية المتزاحمة ، وآلات تنبيه السيارات التى لاتصمت . الزمان. . طول الزمان .. ترك .. ترك .. ترك .. تبدأ الرحلة ..تصطدم الاطارات بالقضبان الحديدية لتتحرك الصناديق الحديدية الى الامام والاجساد الى الخلف فى قلبه من شدة الانطلاق .. يعود الرجل الأول من المعصوبى العيون الى اغماءته ليطفو الى ذاكرته سبب سقوطه فى بطن الصندوق الاسود عاشق الترحال الى الجنوب . الحدث .. تمرد الرجل الاول على حاله من حيث السكون الى الحركة ، وحذرته الزوجة من العواقب الوخيمة لهذه الفعلة الشنعاء لكنه لم يستمع وجاوز الحدود المرسومة له فأخذ أول خطوة من خطوات الحركة الى اللاشىء فقرر مسؤولوا السكون نفيه الى واحتهم البعيدة التى لايسمح فيها باصدار أى صوت من أصوات الكائنات الحية . تس .. ترك .. ترك .. ترك .. يواصل الصندوق انطلاقته تجاه الجنوب فيستيقظ الرجل الأول ليتعرف على الرجل الثانى الملتصق كتفه بكتفه ويوقفه على سر وجوده الى جواره فى هذا المكان فيرى نفس سبب وجوده فى العصابة السوداء المحكمة الرباط فوق عينيه . يرتطم القطار الاسود بسيارة نقل تعبر المزلقان فتقشعر أبدان معصوبى العيون وتهتز من شدة الارتطام فيتوقفون عن رسم غابة ثرثرتهم التى ملأت أرجاء المكان ، ويسود الصمت حتى تتم ازالة آثارحطام السيارة من طريق الصناديق السوداء ويعاود القطار سيره . تستعيد أصوات المعصوبى العيون تماسكها فيواصلوا حفلة تعارفهم وتعلو الاصوات لتمتزج بالصوت الاعلى .. ترك .. ترك .. نرك .. تمر الساعات فينال الارهاق من الألسنة التى تعود الى السكون .. ترك .. ترك .. ترك .. تس .. يسير القطار الاسود الف كيلوا حتى يتوقف ليفتح أبوابه فى منتصف الليل فيتم نقل المعصوبى العيون الى صناديق السيارات المحكمة الاغلاق والمدهونة باللون الاسود من الداخل حتى لايشعر معصوبوا العيون بالاغتراب اثناء نقلهم الى واحة المسؤولين الصماء البعيدة . ترك .. ترك .. ترك .. يتجه القطار الاسود بصناديقه الكثيرة الى الشمال ليأتى بنزلاء الواحة الجدد ، ويواصل رحلاته . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ========================================================================= الكركى يداعب الجليد وجه طائر الكركى المزركش بالاحمر فيرقص فى قفزاته العالية ويدقدق بقدميه الطويلتين مرفرفا بجناحيه الناصعة البياض ، وحين يلمهما يأتى بسواد الليل فيعود ساكنا الى مكانه ويتصدر واجهة الفندق المسمى باسمه فيستمتع برؤيته كل رواد مدينة الجبال السبعه . تشرب الخمرية اللون حتى الثمالة وتقول : خمسة طرق تؤدى الى القلب حيث أقيم والكركى .. تتوحد الفتاة والطائر حين تجلس فى المقدمة ويظل خلفها ساكنا برقبته الطويلة وريشه الأملس المتدلى يساقط كرات الجليد الصغيرة حتى تصل الى الأرض فتنفجر متناثرة على وجوه الجالسين حول العيون المتثائبه . جاءت كريمه رعيان من جنوب الصحراء الوسيعة الملونة بالموت الاصفر عند التقاء المحيط بالبحر الملح ، وخلعت رداءها القديم لكنها مازالت تعشق الجنوب أول الطرق المؤدية الى قلبها . رفعت كريمه الكأس ليلامس شفتاها ، واستيقظت عيناها عندما سمعت بمقدمى من قلب جنوب أعلى النهر ، وقالت : لقد خبرت كل أجناس العالم ولم يرق لى سوى جنوبى قلب أعلى النهر .. أطالت الفتاة النظر الى وجهى الذى تاهت فيه معالم الجنوب فصرفت عيناها عنى لينطفىء نور المقدمة وتتلون الوجوه بالاسود الثقيل الظل حين يفقد صغار نجومه فتتوه الوجوه ولايتعرف أحدنا على الآخر . جاءت الأنوار المصنوعة ضئيلة من الخلف ترسم خيالاللكركى وكريمه رعيان التى راحت تعب شراب شمال الشمال ثانى الطرق المؤدية الى قلبها فهو القادر على الانتقال بها الى عالمها الجميل حين تفقد ملامح الخيّم الشعر ووجوه الأب والأم والأخوة المحاصرة ، وتنطلق ترسم منزلا صغيرا مع أحد الجالسين حولها أمام الكركى . جاءت كريمه فى صحبة بنات كثيرات من أقصى الجنوب يبغين المعرفة فى معاهد مدينة الجبال السبعة التى عنيت بالشرق ثالث الطرق المحببة الى قلب الفتاة والذى تمله أحيانا لتتطلع الى الجهة المقابلة رابع الطرق التى يهفو القلب اليها ليزيد انطلاقها وانقطاع أوصال الماضى السحيق الذى يجثم على صدرها .. تتنفس الجميلة بعمق شديد مع انتهاء الكأس العاشره . تبدأ كريمه فى شرب الكأس التالية وتنظر الى أعلى حيث ينظر الطائر ويتساقط المتحلقون حولهما واحدا واحدا ليعودوا الى غرفهم الحاملة أرقامهم بالفندق ، وتظل كريمه رعيان متوحدة والكركى يطيران الى الأعلى آخر معشوقة خمرية اللون فيرتحلان عبر الزمان والمكان وتصبح الجميلة ذكرى لكل نزلاء الفندق مع عودة الكركى كل عام يداعب كرات الجليد بوجهه ، ويرفرف بجناحيه الناصعة البياض ليصل الى آذاننا صوت كر .. كر .. كريمه .. كر .. كر .. كركى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ==================================================================== أنبوبة غزل البنات يدير عنتر ولد فرحانه شليب يد ماكينة غزل البنات ويغنى : غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يتجمع صغار الحى حول الماكينة ليذوب فى أفواههم الغزل فيقولوا هات . تضع جليله كبرى بنات عنتر غزل البنات فى الأكياس الصغيرة وتربطها بالخيط الرفيع وتلقى بها فى الصندوق لتلتقطها يد جميله بنت عنتر الثانية وتعطى كل صغير كيسه فيعلو صوت حمديه بنت حنفى الخولى أم البنات بصوتها الأضخم تردد : غزل البنات سكر نبات قربوا بااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار هات . تعطى فردوس بنت حمديه الثالثة أنفاسا قويه بالكباس النحاسى لوابور الجاز المشتعل أسفل ماكينة الغزل ليديرها عنتر فتلبى طلبات الصغار . تسأل فريال البنت الرابعة لعنتر عن مصير أنبوبة البوتاجاز المسروقة والتى ستريحهم من دخان وابور الجاز المشتعل أمام مدخل البيت الذى يسكنون أسفل سلمه . يجيب عنتر بحسره : مافيش فايده .. كان عنتر يقتطع جنيها من دخل الأسرة كل شهر لتدخل به حمديه الجمعيه مع أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها فى الآخر . ظل عنتر يدفع سهم الجمعية طوال خمس وثمانين شهرا متصله بامتداد سبعة أعوام وشهر ليتمكن من شراء انبوبة البوتاجاز التى ستريحهن من السعال الذى يسببه لهم عادم الكيروسين الذى يطلقه الوابور بغزاره . عاش عنتر ولد فرحانه شليب وزوجته حمديه وبناته الخمس عاما من السعادة المتصلة ليقطعها ذكى ذهنى سليمان لص الأنابيب فى ليلة ممطرة حين أسرعت الأسرة الى نقل ماكينة الغزل الى أسفل السلم ، وحين خرج عنتر ليأتى بالأنبوبة كان ذكى أسرع منه فى حملها . حررت الأسرة محضرا للسرقة وضرب فهيمه صغرى بنات عنتر حين منعت ذكى من حمل الأنبوبه .. ترك ذكى غرفة أسرته بالحى وهرب الى كفر الضراغمه لدى خاله عطا الرومانى عمدة الكفر .. تم القبض على ذهنى سليمان والد ذكى وأخلى سبيله فى سراى النيابه ، وعلا صوت ذكى يردد: غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار فى الكفر هات . يبدأ عنتر ولد فرحانه شليب فى اقتطاع أول جنيه فى أول شهر لتشترك حمديه بنت حنفى الخولى فى الجمعية التى ستجمعها أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها النمرة الأخيرة بعد ثمانى سنوات وشهر لتتمكن الأسرة من شراء انبوبة غزل بنات جديده . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================ أوزى وروقا تحسب أوزى العكر خطواتها كلما سارت أمام روقا المفك أطول شباب بئر الكمون على الاطلاق .. تميل أوزى ناحية اليمين فى الخطوة الثانية حين تلمح بطرف عينها روقا جالسا على المقهى يمسح شعره الناعم الطويل فيغطى عينيه ليبعد عنهما أشعة الشمس الحريصة على زغللتهما .. تلعن أوزى هذه الاشعة التى أبعدت نظر روقا عن ميلها الى الناحية اليسرى لتتوازن خطاها وتبدو كبطة أم سوكا الدايه التى تعترض طريق المارة من ابناء بئر الكمون والاغراب عنها فيلعنون صاحبتها التى تطلقها لتصب قاذوراتها على ذيول الجلابيب .. تخرج أم سوكا مع كل استغاثة لبطتها الممتلئة حين يهشها عابر السبيل أويضربها بقدمه فتسب أم سوكا آباء المتضرر ، ويبحث عن ريقه فى الحلق ليرد عليها فلايجده ويمضى . لاتتمكن أوزى قصيرة القامة من لفت نظر روقا المفك الطويل القامة لتعود الى أمها خائبة فتهدىء فولية المنايسى ابنتها وتمسح دموعها وتقص عليها قصة وقوع أبيها صابر العكر فى غرامها بعد افتعالها للشجار معه بسبب متابعة عينيه الدائمة لها وهو على مقهى الفوال نفس المقهى الذى يجلس عليه روقا المفك ، ووقع صابر العكر فى غرام فوليه المنايسى وقالت له : مامحبه الابعد عداوه وانجبا ابنتهما الوحيدة أوزى البطة البيضاء الممتلئة . اقتنعت أوزى بالفكرة فخرجت على الفور وأطلقت لقدمها العنان فقلبت المنضدة التى يضع عليها روقا المفك شايه وادعت عليه وسط المقهى فى منتصف الشارع بازعاجه الدائم لها وتعقبها بعينيه حتى توشك فى كل مرة أن تسقط .. ينفى روقا كل ماتقول الفتاة فهو لم يرها من قبل ولم يلتفت اليها هى أو غيرها لانشغاله بتصفيف شعره الناعم وتسوية شاربه الشديد السواد . تدخل شيخ الحارة علوانى نوح المتيم بأوزى والتى لم تعطه ريقا حلوا حتى الأن .. دفع علوان الشاب الى قسم الشرطة واحتجزه للاشتباه فأزال حارس عنان فتوة الحجز شارب روقا الذى لم يعجبه فذاب الشاب أسفل يدى حارس وأخرجه علوانى بعد ثلاثة ليالى . تتجه فوليه المنايسى الى أم روقا وهددتها ان لم يصلح ابنها خطأه الذى أدى الى تشويه سمعة البنت فلن يسلم من سنجة أبيها صابر العكر فتوافق الأم على الزواج لكن روقا يطلب عدم اتمام الدخول بعروسه الا بعد خروج صديقه حارس عنان من الحجز . يخرج حارس من الحجز فيتم الدخول ويرزق روقا بولد جميل يشبه الى حد كبير صديقه حارس فأسماه على اسمه وأصبح حارس الصغير بداية ثانية لقصة حب أوزى وروقا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ======================================================================= تصادم ينظر رجل الاشارات من أعلى سلمه الى التقاطع ، وحين تخف الحركة فى اتجاه الشمال للمنطلق من الجنوب يوقد نوره الأحمر اعلانا لوقوف الحركة فيهدىء القواد من سرعة السيارات حتى تتوقف قبل الوصول الى خطوط عبور المشاة البيضاء الطويلة . يغيّر الرجل اللون الى الأصفر استعدادا لبدء تحرك سيارات الشرق المنطلقة الى الغرب والعكس .. تتعلق عيون قواد المركبات بحامل الاشارات حتى يضىء اللون الاخضر فتندفع السيارات تسابق الريح ولم يتبق فى البعيد للاتجاه المتقاطع سوى سبع سيارات على بعد ستمائة مترا فيمسك الرجل بالمقبض ويحركه الى أسفل فينبعث النور الاحمر من حامل الاشارات ويرسل نظرة خاطفة الى التقاطع ليضىء الاصفر ثم الاخضر للسيارات القادمة من الجنوب الى الشمال فتتحرك ويتحرك المشاة فى الخط الموازى لها . مازالت سيارات الشرق تواصل الاندفاع ، لم تتمكن من التوقف فترتعش يدا الرجل الممسك بمفتاح الاشارات ليغير الى اللون الآخر فتستمر السيارات فى الاندفاع منطلقة فى الاتجاهات الاربعة بدون توقف . تعانق سبع سيارات سبعة اجساد وسط زحام المارة فتتناثر اشلاؤهم وترتطم بسيارات الطريق المتقاطع .. يهتز العمود الذى يحمل كشك رجل الاشارات فترقص يداه ويسقط وسط أخشاب الكشك تاركا أنوار الاتجاهات خضراء ليتواصل اندفاع السيارات من كل مكان ، ويتكوّم بعضها فوق بعض تعتلى الاجساد البشرية داخل وخارج السيارات حتى تصنع سدا منيعا يمنع المزيد من ضحابا تصادم التقاطع . أسفر التصادم حتى حينه عن مصرع خمسمائة من المارة وثلاثمائة سيارة بين الأجرة والملاكى والنقل كانت تسير بسرعة مائة كيلومترا فى الساعة ، ومازال رجل الاشارات يحاول أن يلملم عظامه التى تهشمت حتى يتمكن من الصعود ليصل الى مفاتيح الاشارات ليغيّر من اللون الأخضر الدامى الى الأحمر الذى سيؤدى الى وقف تفجر ينابيع الدماء التى تصب فى أوردة التقاطع بسبب التصادم . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ حمارة حندوقه تعرف حمارة حندوقه مكان وقوفها قبل أن تركلها سيدتها بقدميها ويعلو صوتها تأمرها : قفى يازمرده .. تتسع عينا زمرده الصافية وتلتقط الوجوه الجميلة التى تبحث عنها حندوقه .. وجه قمرى بلون سنابل القمح الذهبية وجسد ممتلىء حيوية ونضارة فلم يمر على زواج دنديه بنت عبيد البنا سوى عام ونصف ولدت خلالها ابنتها هنومه وطفش زوجها علام الخن لكثرة الديون التى تراكمت عليه من ايجار محل تصليح الكلوبات التى تضىء ليل نزلة الهيش المظلم ، وايجار المنزل الذى تقيم فيه زوجته . تحمل دنديه هنومه وتسير فى طريق العودة الى منزل ابيها فتدس حندوقه فى يدها ريالا من الفضة وتزّين لها طيب الاقامة معها فى صحبة ابنتها بدلا من الاقامة مع عبيد البنا الذى كبر سنه وكسدت مهنته فكل الفلاحين يبنون بيوتهم من الطين بأيديهم فمالت دنديه الى الحياة الرغدة ووضعت ابنتها خلف حندوقه فوق ظهر زمرده .. واصلت زمردة رحلة بحثها عن الوجوه الجميلة التى يسكن اليها محبوا المعلمة القديمة التى عاصرت كما تقول ثورة ونفى وعودة الباشا سعد . وقعت عينا زمرده على وجه أسمر بلون الطمى جميل يعلو جسد ملفوف يخبىء فتنة أسفل جلباب من التيل مزركش بالاحمر والاصفر والاخضر فأسرعت زمردة اليه .. ربتت حندوقه على ظهر زمرده وأخرجت بعضا من العلف مكافأة لزمردة التى تحسن دائما الاختيار . وقف ركب حندوقه أمام عليّه بنت ابراهيم الحلاّوى بائع الخيزران الذى يستخرجه من النزز بحرى نزلة الهيش .. لم ترزق عليّه بوليد من طليقها فراج الغندور لمرض أصابه وقالت أمه : ان العيب عيب عليّه ، وستزوج ابنها من ست ستها فكان قرار الطلاق ، وعادت عليّه الى نزلة الهيش لتصحبها حندوقه الى دارها . انطلقت زمردة وفوق ظهرها امرأتان ورضيعه ، وخلفها تسير عليّه الحلاوى .. اكتفت حمارة حندوقه بصيد اليوم .. ومع قرب وصول الركب الى باب الدار أخرجت حندوقه قالبا من السكر ووضعته أعلى جوال العلف ليكون مكافأة لزمردة تحلّى به بعد تناولها وجبة العشاء فتنام قريرة العين والبال لتواصل فى الغد عملها الدائم فى البحث عن جميلات حندوقه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== خارجيه تبحث عيون خارجيه عن مكان هادىء تستريح فيه ، ويلتقط سائقها أنفاسه العالية التى أوشكت أن تتوقف من كثرة الجرى وراء الأهداف البعيدة ، فلقد تم تخصيص خارجية للأماكن التىتجاوز العشرين كيلومترا أما الأهداف التى فى نطاق العشرين فيتعامل معها الأنفار بالدراجات البخارية لقربها تتحرك المساحتان يمينا ويسارا لتزيل قطرات الماء المتساقط وتغسل وجه خارجية كى تقوى عيونها على النظر بحثا عن مكان المبيت فى هذه الليلة التى قررت السماء فيها أن تزيد من سيولها .. أغلق عاملوا خارجية الأبواب باحكام حتى لايتسرب الماء الى الداخل فتتوقف عن الدوران بعدما بلغت نسبة ارتفاع الماء الى المتر لتغرق اطارات خارجيه العاليه . تثاقلت عيون السائق فسقطت الجفون العليا لينسدل الظلام ويوقف موتور خارجيه .. يعيد الرجل جفونه الى موضع الرؤيا ، ويدير المحرك ثانية ليعمل التكييف هربا من تجمد اجساد العاملين داخل خارجيه . يسير السائق ببطىء شديد جدا فيشق بطن محيط البرك الواسعة التى صنعتها السيول الغزيرة فتعلوا الأمواج على جانبى خارجيه التى صممت للعمل فى أحلك الظروف الطبيعية . ينظر المهندس الى الشاشة التى أمامه ليحدد مكان البالوعة على جانب الطريق فتتجه خارجيه اليه .. يوقف السائق السيارة .. تفتح الأبواب .. يحمل العمال آلاتهم والعدد التى ستزيل الأتربة والحجارة التى أدت الى سد البالوعة .. يرسل العامل سيخا طويلا فى قلب بؤرة العمل حتى يطمئن الى سيولة مروره فيسحبه ليندفع الماء فى دوائر صغيره ، ويبحث المهندس عن النقطة التالية لتتجه اليها خارجيه ويواصل عمال التسليك عملهم . تنطلق خارجيه الى الشارع المجاور فيرتطم خزان وقودها بحجر لم يتمكن السائق من رؤيته وسط بحيرات الماء التى تغطى شوارع المدينه .. يوقف السائق سيارته وينزل المهندس ليزيل الحجر بعناية بعيدا عن خط سير الناقلة ، وتواصل خارجيه السير .. يتابع المهندس شاشته التى ستحدد محطة الوقوف التالية .. يرفع الرجل عينيه من على شاشته لينظر من خلال زجاج السيارة فى ضوء المصابيح فيطمئن على قرب الوصول الى النقطة التالية حيث كهف البوم القديم الذى يبعد مائة مترا . تتوقف خارجيه عن الحركة لتسرب بعض المياه الى مولد الكهرباء مما أدى الى انطفاء الأنوار .. أسرع المهندس والعمال الى الاحتماء بكهف البوم القديم .. أبعد العشرة عمال والمهندس الصخرة التى تسد باب الكهف ليقابلهم مع الدخول اسراب البوم التى تدمى وجوههم وتكسر زجاج خارجية الأمامى فيندفع الماء الى داخلها . يزداد انحدار السيول فتدفع السيارة الى قلب المحيط الكبير .. يغمض الرجال عيونهم داخل الكهف حتى تعود اسراب البوم قبل ان يأتى الصباح . تستيقظ الشمس فيصحو الرجال بعد أن تنام البوم .. يتحرك الركب تجاه مكان خارجيه التى أخذها التيار فيتعقبون آثارها لتوصلهم الى الشاطىء الكبير .. يستمر البحث عن خارجيه بدون فائدة .. يعود المهندس والعمال الى المركز الذى يبعد عن المكان مائتا كيلومترا ، ويبكون خارجيه التى سيتسبب ضياعها فى فصلهم من المركز الذى يعملون به . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== داير مايدور ينظر عبادى الخير الى منتصف الدائرة الكبيرة يبحث عن قشة صغيرة يتعلق بها فلايجد ويحاول من جديد .. فقد عبادى الخير زفتاوى أوراق هويته فعرضه مسؤلوا دوائر الهوية على علماء الانساب فلم يتعرفوا عليه فقرر المسؤلون اللف بعبادى الخير كعب دائر على كل دوائر الهوية الخمسمائة المتناثرة فى المناطق البعيدة والقريبة بطول آلاف الكيلومترات . قيّد الحارس يدىّ عبادى الخير وسحبه وراءه بالسلسلة الحديدية الطويلة .. ينظر المارة فى الشوارع الى رداء عبادى الخير الذى يحمل رقم الصفر على وجهه دلالة على عدم معرفة هويته فيمطمئن كل منهم على وجود اوراق هويته ويجرى .. تتثاقل اقدام عبادى الخير فيشعر الحارس بالتراخى فيشد السلسلة لتظغط القيود على ايدى عبادى فينصاع للسحب وتستجيب أقدامه لتريح الايدى من شدة الالم . دخل الحارس الدائرة الاولى التى تبعد خمسة كيلومترات عن المركز الرئيسى ليتم عرض عبادى على جملة الحراس العاملين بها ، وحين لايتعرف عليه أحد يقوم عامل الفوتوغرافيا بتصويره ووضع صورته فى المدخل عسى ان يتعرف احد على شخصيته . ينقل عبادى القدم الاولى لتأخذ خطوتها فى الخمسة كيلومترات الثانية حتى يصل الى الدائرة الثانية التى سيعرض عليها ولن يتعرف عليه احد ليترك صورته ومن المقرر ان يسير عبادى والحارس خمسة وعشرين كيلومترا هى اتساع الدائرة التى تحيط بالمركز الرئيسى لدائرة الهوية ، وبعد التأكد من عدم معرفة أحد من ابناء الدائرة على عبادى سيستقل الحارس المركبة لتبدأ رحلة المسافات البعيدة التى لاتقل بحال من الاحوال عن خمسين كيلومترا ، ومع نهاية كل خمسين ينزل الحارس ووراءه عبادى الخير فيعرض على أهل النقطة حيث منتصف الدائرة الصغيرة ثم يستقل الحارس المركبة الاخرى التى ستنقله الى النقطة التالية . يبعد عبادى الخير مسافة ألف كيلو متر فى نهاية اليوم الثانى حتى ينفذ مخزون الخبز فيناما فى النقطة الجديدة حتى الصباح ثم تبدأ رحلة بحث جديدة عن واحد يمكنه التعرف على عبادى الخير ليتم الافراج عنه وتسليمه الى أهله ان وجد . تتوالى الليالى وتمضى الايام والاسابيع والشهور ويقطع الحارس وخلفه عبادى الخير مسافة خمسة وعشرين ألف كيلومترا ولم يتعرف أحد على عبادى الخير ، ورد عبادى ذلك الى تغيير ملامحه التى تغيرت بفعل فقده لأوراق الهوية .. عاد عبادى الخير وراء الحارس فى رحلة العودة الى المركز الرئيسى مارا بكل نقاط الدوائر الصغيرة للتأكد من معرفة أحد المترددين على الصور الفوتوغرافية المعلقة فى المداخل . انتهت رحلة العودة الى المركز الرئيسى لدائرة الهوية لتبدأ من جديد رحلة جديدة لعبادى الخير وراء حارس جديد كعب داير مايدور . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= دجاج لايبيض علا صوت طلبه نظير ليبلغ آخر القاعة الكبيرة : ياسيدنا القاضى سرقوا دجاجاتى التى لاتبيض .. ذهبت الى صاحب الشرطة ، وأدليت بأوصاف السارق والسرقة فكلف رجاله بالبحث منذ عام مضى ، ولم تعد الىّ دجاجاتى .. قالوا اذهب الى مولاك القاضى فجئت أنشد العدل فى ساحتكم البيضاء ، قالوا ستجده فأنصفنى ياسيد المنصفين ومنجد الغارقين . - ماأوصاف السارق ؟ - السارق يده بطول أزرع الأخطبوط . -حدد أكثر فكل أيدى اللصوص بهذا الطول . - عيناه سوداوان بئران بدون ماء . - عيون اللصوص كذلك ، عدنا للحيرة - ياولدى- هل لديك صفة أكثر دقه ؟ - لم تقو عيناى على التقاط أكثر من ذلك فى زحام وسط النهار .. افتعل مساعدوه المشاجرة وأخذوا دجاجاتى مهر زوجتى الذى سأدفعه الى والدها .. أقبل أقدامك ياسيدنا القاضى .. أعد الىّ دجاجاتى حتى تشفى زوجتى مما أصابها . - وماذا أصابها ؟ - مرض عضال حار فيه الاطباء . - أعطنا ياولدى فرصة الى آخر الجلسة ، وسأكلف حاجبنا بتفقد تجار الدجاج فى البلده فقد يساعد هذا فى ايجاد الحل . عاد الرجل الى مكانه فى القاعة بجوار زوجته التى لم يدخل بها وبشرها بعدل القاضى الذى ملأ جنبات الوادى .. حركت المرأة أصبعها .. وعد الرجل حماه بقرب عودة الدجاجات مهر ابنته حتى يتمكن من انقاذ قبيلته فى الواحة من وباء دجاجها .. وهب الشيخ ابنته لطلبه نظير حين تيقن من امتلاكه للدجاجات التى لاتبيض والتى سيزوجها من كل ديوك الواحة حتى تفنى الدجاجات والديوك ، ويتخلص أهل الواحة من وباء فتّاك .. أحبت الفتاة عريسها وطار بها عشقا لجمالها . عاد الحاجب ورجال القاضى بالخبر اليقين .. وضع اللص الدجاجات فى صناديق الوراقين التى سافرت الى المدينة المجاورة .. قال الحاجب : الوراقون سبب كل بلاء . - وكيف سمح الوراقون بهذا الفعل ؟ أيها الحاجب الىّ بشيخ الوراقين الأرعن . يقتل الشوق طلبه نظير الذى يرى عتاب حبيبته فى العينين ، وتوبخه على التهاون فى المهر الذى لم يقدر اللص حق قدره . جاء شيخ الوراقين أمام القاضى وأكد عدم وجود الدجاجات فى قلب الصناديق التى أشرف على فتحها بنفسه ، ولم يكن بها سوى الكتب ، لكنه رأى رجلا يبيع الى جواره دجاجات ونسى وصف البائع والمشترى . قال القاضى لطلبه : عوضك على الله ياولدى .. سنقيد حادث السرقة ضد مجهول . عاد الرجل خائبا فلن يعطى حماه مهر ابنته ، ولن يدخل بامرأته التى ستعود فى صحبة أبيها الى الواحة التى امتلأت بالوباء بعد ما فقد طلبه نظير الدجاجات التى لاتبيض . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== دود القطن يتسلق دود القطن السيقان القصيرة فى صفوف منتظمة حتى يثقل وزنها فتميل السيقان لتسقطها فتتنفس بحريه . يعيد الدود تنظيم صفوفه ويتحرك حتى يصل الى ملتقى الجذور والسيقان موزعا أعداده الهائلة على كل عيدان الحقول فيخف وزنه . تخترق الديدان غابة الأوراق الخضراء المتشابكة لتصل الى الشرانق التى تغلق باحكام على زهور القطن اللين ، وتصوب سهاما الى الجدران فتتآكل لتكشف عن القلب وتسرع الديدان الى التهامه . يبلغ الفلاحون خولى العزبة الذى يبلغ بدوره الباشا مالك العزبه فيسرع بالاتصال بتجار المبيدات فى البندر ويتم تحميل السيارات ويأتى الرشاشون ، يطلقون سحائب الدخان التى تغطى الحقول الواسعة فتنال من الضعيف من جيش الديدان ويأخذ القوى مناعته . يكلف الباشا الخولى بجمع الأنفار لتنقية الدود وحرقه حتى ينقذ ماتبقى من المحصول .. يسرع الخولى الى القرية المجاورة ويتفق مع مقاول الأنفار الذى يأتى بسوليه حسانو أقدم نساء الحلب التى تعمل فى لم الدود فتأتى بأنفار الحلب وأنفار القرى المجاورة لتتمكن من انقاذ عزبة الباشا من خطر الدود الجائع . يقف الخولى ومقاول الأنفار وسوليه حسانو على رأس ثلاثمائة نفر .. ينتظم الرجال فى صفوف تواجه الديدان .. تعطى المرأة مائة طبق من الخوص الصغير لابناء الحلب لجمع الدود فيسرعون الى مكان الحريق خارج الحقول ويتم حرق الديدان . لايجد ابناء القرى المجاورة أطباقا أخرى لوضع الديدان التى يلتقطونها فيربطون جزوعم بأذيال جلابيبهم ليصبح النصف الأعلى حوافظ يلقى كل منهم فيها دوده من فتحة الصدر حتى تمتلىء الحوافظ فيهرولون الى الحريق ليزيدوا من اشعال ناره التى تلتهم المزيد من الديدان . تضع سوليه على رؤوس ابناء الحلب مظلات من الخوص لتجعلهم أكثر صبرا مما يدعو المقاول والخولى والباشا الى تمييزهم فى الأجر فينال كل نفر من المائة الحلب مليمين ليجمع أخبار رجال ونساء الكوليه الأجراء لينقلها الى سوليه التى تنقلها الى المقاول الذى ينقلها الى الخولى الذى ينقلها الى الباشا فيقرر استبعاد غير القادر على جمع الدود ويعطى بقية المائتين من نساء ورجال الكوليه مليما واحدا للنفر . يظل ابناء قرى الكوليه الأجراء يضعون دود القطن فى صدورهم فتتسع أفواه الدود لتتجه الى البطون الضعيفه فتخترقها لتلتهم الأمعاء ويسقط رجال ونساء الكوليه فيفقد الباشا ثلثى ماتبقى من المحصول لينزل بالمليمين الى واحد للنفر من ابناء الحلب وتضيع عمولة سوليه التى تأخذها عن كل نفر وهى مليمان من اسبوع النفر كما يفقد نفس النسبة المقاول والخولى ، ويعوى جسد العالم من شدة برد الشتاء الجليدى لندرة الانسجة القطنية بسبب توحش دود القطن . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق