الثلاثاء، 26 نوفمبر 2019

القطار الأسود يستيقظ الرجل المعصوب العينين فلايرى الا الظلام المحيط به من كل جانب .. يحاول الرجل الوقوف فى مكانه فيصطدم بالاجساد المتخبط بعضها فى بعض .. يخترق الرجل الكتل البشرية المتلاحمة حتى يواجه الجدران الحديدية الصماء .. يضع يديه يتحسس أبعادها فتلسعه نيران أشعة الشمس المختزنة داخل الصندوق الحديدى الكبير فيتراجع الى الخلف ليدفعه الاخرون فيلتصق ثانية بالجدار الحديدى الذى يشوى وجهه .. يتقهقر دافعا بقوته المتبقية الاجساد خلفه .. ينأوه الجميع ولاينطق احدهم بكلمة حتى يتبين المكان والزمان والحدث . المكان . . صندوق اسود كبير لم يتمكن واحد من المعصوبى العيون تحديد طوله أوعرضه أوحتى عمقه بسبب الزحام الشديد .. تبدأ حركة الصندوق .. نرك .. ترك .. ترك .. يخرج من مخزنه .. ترك .. تس .. يقف فى الميدان الكبير الذى يتعرف عليه معصوبوا العيون من خلال آذانهم التى تاهت وسط طوفان الاصوات البشرية المتزاحمة ، وآلات تنبيه السيارات التى لاتصمت . الزمان. . طول الزمان .. ترك .. ترك .. ترك .. تبدأ الرحلة ..تصطدم الاطارات بالقضبان الحديدية لتتحرك الصناديق الحديدية الى الامام والاجساد الى الخلف فى قلبه من شدة الانطلاق .. يعود الرجل الأول من المعصوبى العيون الى اغماءته ليطفو الى ذاكرته سبب سقوطه فى بطن الصندوق الاسود عاشق الترحال الى الجنوب . الحدث .. تمرد الرجل الاول على حاله من حيث السكون الى الحركة ، وحذرته الزوجة من العواقب الوخيمة لهذه الفعلة الشنعاء لكنه لم يستمع وجاوز الحدود المرسومة له فأخذ أول خطوة من خطوات الحركة الى اللاشىء فقرر مسؤولوا السكون نفيه الى واحتهم البعيدة التى لايسمح فيها باصدار أى صوت من أصوات الكائنات الحية . تس .. ترك .. ترك .. ترك .. يواصل الصندوق انطلاقته تجاه الجنوب فيستيقظ الرجل الأول ليتعرف على الرجل الثانى الملتصق كتفه بكتفه ويوقفه على سر وجوده الى جواره فى هذا المكان فيرى نفس سبب وجوده فى العصابة السوداء المحكمة الرباط فوق عينيه . يرتطم القطار الاسود بسيارة نقل تعبر المزلقان فتقشعر أبدان معصوبى العيون وتهتز من شدة الارتطام فيتوقفون عن رسم غابة ثرثرتهم التى ملأت أرجاء المكان ، ويسود الصمت حتى تتم ازالة آثارحطام السيارة من طريق الصناديق السوداء ويعاود القطار سيره . تستعيد أصوات المعصوبى العيون تماسكها فيواصلوا حفلة تعارفهم وتعلو الاصوات لتمتزج بالصوت الاعلى .. ترك .. ترك .. نرك .. تمر الساعات فينال الارهاق من الألسنة التى تعود الى السكون .. ترك .. ترك .. ترك .. تس .. يسير القطار الاسود الف كيلوا حتى يتوقف ليفتح أبوابه فى منتصف الليل فيتم نقل المعصوبى العيون الى صناديق السيارات المحكمة الاغلاق والمدهونة باللون الاسود من الداخل حتى لايشعر معصوبوا العيون بالاغتراب اثناء نقلهم الى واحة المسؤولين الصماء البعيدة . ترك .. ترك .. ترك .. يتجه القطار الاسود بصناديقه الكثيرة الى الشمال ليأتى بنزلاء الواحة الجدد ، ويواصل رحلاته . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ========================================================================= الكركى يداعب الجليد وجه طائر الكركى المزركش بالاحمر فيرقص فى قفزاته العالية ويدقدق بقدميه الطويلتين مرفرفا بجناحيه الناصعة البياض ، وحين يلمهما يأتى بسواد الليل فيعود ساكنا الى مكانه ويتصدر واجهة الفندق المسمى باسمه فيستمتع برؤيته كل رواد مدينة الجبال السبعه . تشرب الخمرية اللون حتى الثمالة وتقول : خمسة طرق تؤدى الى القلب حيث أقيم والكركى .. تتوحد الفتاة والطائر حين تجلس فى المقدمة ويظل خلفها ساكنا برقبته الطويلة وريشه الأملس المتدلى يساقط كرات الجليد الصغيرة حتى تصل الى الأرض فتنفجر متناثرة على وجوه الجالسين حول العيون المتثائبه . جاءت كريمه رعيان من جنوب الصحراء الوسيعة الملونة بالموت الاصفر عند التقاء المحيط بالبحر الملح ، وخلعت رداءها القديم لكنها مازالت تعشق الجنوب أول الطرق المؤدية الى قلبها . رفعت كريمه الكأس ليلامس شفتاها ، واستيقظت عيناها عندما سمعت بمقدمى من قلب جنوب أعلى النهر ، وقالت : لقد خبرت كل أجناس العالم ولم يرق لى سوى جنوبى قلب أعلى النهر .. أطالت الفتاة النظر الى وجهى الذى تاهت فيه معالم الجنوب فصرفت عيناها عنى لينطفىء نور المقدمة وتتلون الوجوه بالاسود الثقيل الظل حين يفقد صغار نجومه فتتوه الوجوه ولايتعرف أحدنا على الآخر . جاءت الأنوار المصنوعة ضئيلة من الخلف ترسم خيالاللكركى وكريمه رعيان التى راحت تعب شراب شمال الشمال ثانى الطرق المؤدية الى قلبها فهو القادر على الانتقال بها الى عالمها الجميل حين تفقد ملامح الخيّم الشعر ووجوه الأب والأم والأخوة المحاصرة ، وتنطلق ترسم منزلا صغيرا مع أحد الجالسين حولها أمام الكركى . جاءت كريمه فى صحبة بنات كثيرات من أقصى الجنوب يبغين المعرفة فى معاهد مدينة الجبال السبعة التى عنيت بالشرق ثالث الطرق المحببة الى قلب الفتاة والذى تمله أحيانا لتتطلع الى الجهة المقابلة رابع الطرق التى يهفو القلب اليها ليزيد انطلاقها وانقطاع أوصال الماضى السحيق الذى يجثم على صدرها .. تتنفس الجميلة بعمق شديد مع انتهاء الكأس العاشره . تبدأ كريمه فى شرب الكأس التالية وتنظر الى أعلى حيث ينظر الطائر ويتساقط المتحلقون حولهما واحدا واحدا ليعودوا الى غرفهم الحاملة أرقامهم بالفندق ، وتظل كريمه رعيان متوحدة والكركى يطيران الى الأعلى آخر معشوقة خمرية اللون فيرتحلان عبر الزمان والمكان وتصبح الجميلة ذكرى لكل نزلاء الفندق مع عودة الكركى كل عام يداعب كرات الجليد بوجهه ، ويرفرف بجناحيه الناصعة البياض ليصل الى آذاننا صوت كر .. كر .. كريمه .. كر .. كر .. كركى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ==================================================================== أنبوبة غزل البنات يدير عنتر ولد فرحانه شليب يد ماكينة غزل البنات ويغنى : غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يتجمع صغار الحى حول الماكينة ليذوب فى أفواههم الغزل فيقولوا هات . تضع جليله كبرى بنات عنتر غزل البنات فى الأكياس الصغيرة وتربطها بالخيط الرفيع وتلقى بها فى الصندوق لتلتقطها يد جميله بنت عنتر الثانية وتعطى كل صغير كيسه فيعلو صوت حمديه بنت حنفى الخولى أم البنات بصوتها الأضخم تردد : غزل البنات سكر نبات قربوا بااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار هات . تعطى فردوس بنت حمديه الثالثة أنفاسا قويه بالكباس النحاسى لوابور الجاز المشتعل أسفل ماكينة الغزل ليديرها عنتر فتلبى طلبات الصغار . تسأل فريال البنت الرابعة لعنتر عن مصير أنبوبة البوتاجاز المسروقة والتى ستريحهم من دخان وابور الجاز المشتعل أمام مدخل البيت الذى يسكنون أسفل سلمه . يجيب عنتر بحسره : مافيش فايده .. كان عنتر يقتطع جنيها من دخل الأسرة كل شهر لتدخل به حمديه الجمعيه مع أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها فى الآخر . ظل عنتر يدفع سهم الجمعية طوال خمس وثمانين شهرا متصله بامتداد سبعة أعوام وشهر ليتمكن من شراء انبوبة البوتاجاز التى ستريحهن من السعال الذى يسببه لهم عادم الكيروسين الذى يطلقه الوابور بغزاره . عاش عنتر ولد فرحانه شليب وزوجته حمديه وبناته الخمس عاما من السعادة المتصلة ليقطعها ذكى ذهنى سليمان لص الأنابيب فى ليلة ممطرة حين أسرعت الأسرة الى نقل ماكينة الغزل الى أسفل السلم ، وحين خرج عنتر ليأتى بالأنبوبة كان ذكى أسرع منه فى حملها . حررت الأسرة محضرا للسرقة وضرب فهيمه صغرى بنات عنتر حين منعت ذكى من حمل الأنبوبه .. ترك ذكى غرفة أسرته بالحى وهرب الى كفر الضراغمه لدى خاله عطا الرومانى عمدة الكفر .. تم القبض على ذهنى سليمان والد ذكى وأخلى سبيله فى سراى النيابه ، وعلا صوت ذكى يردد: غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار فى الكفر هات . يبدأ عنتر ولد فرحانه شليب فى اقتطاع أول جنيه فى أول شهر لتشترك حمديه بنت حنفى الخولى فى الجمعية التى ستجمعها أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها النمرة الأخيرة بعد ثمانى سنوات وشهر لتتمكن الأسرة من شراء انبوبة غزل بنات جديده . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================ أوزى وروقا تحسب أوزى العكر خطواتها كلما سارت أمام روقا المفك أطول شباب بئر الكمون على الاطلاق .. تميل أوزى ناحية اليمين فى الخطوة الثانية حين تلمح بطرف عينها روقا جالسا على المقهى يمسح شعره الناعم الطويل فيغطى عينيه ليبعد عنهما أشعة الشمس الحريصة على زغللتهما .. تلعن أوزى هذه الاشعة التى أبعدت نظر روقا عن ميلها الى الناحية اليسرى لتتوازن خطاها وتبدو كبطة أم سوكا الدايه التى تعترض طريق المارة من ابناء بئر الكمون والاغراب عنها فيلعنون صاحبتها التى تطلقها لتصب قاذوراتها على ذيول الجلابيب .. تخرج أم سوكا مع كل استغاثة لبطتها الممتلئة حين يهشها عابر السبيل أويضربها بقدمه فتسب أم سوكا آباء المتضرر ، ويبحث عن ريقه فى الحلق ليرد عليها فلايجده ويمضى . لاتتمكن أوزى قصيرة القامة من لفت نظر روقا المفك الطويل القامة لتعود الى أمها خائبة فتهدىء فولية المنايسى ابنتها وتمسح دموعها وتقص عليها قصة وقوع أبيها صابر العكر فى غرامها بعد افتعالها للشجار معه بسبب متابعة عينيه الدائمة لها وهو على مقهى الفوال نفس المقهى الذى يجلس عليه روقا المفك ، ووقع صابر العكر فى غرام فوليه المنايسى وقالت له : مامحبه الابعد عداوه وانجبا ابنتهما الوحيدة أوزى البطة البيضاء الممتلئة . اقتنعت أوزى بالفكرة فخرجت على الفور وأطلقت لقدمها العنان فقلبت المنضدة التى يضع عليها روقا المفك شايه وادعت عليه وسط المقهى فى منتصف الشارع بازعاجه الدائم لها وتعقبها بعينيه حتى توشك فى كل مرة أن تسقط .. ينفى روقا كل ماتقول الفتاة فهو لم يرها من قبل ولم يلتفت اليها هى أو غيرها لانشغاله بتصفيف شعره الناعم وتسوية شاربه الشديد السواد . تدخل شيخ الحارة علوانى نوح المتيم بأوزى والتى لم تعطه ريقا حلوا حتى الأن .. دفع علوان الشاب الى قسم الشرطة واحتجزه للاشتباه فأزال حارس عنان فتوة الحجز شارب روقا الذى لم يعجبه فذاب الشاب أسفل يدى حارس وأخرجه علوانى بعد ثلاثة ليالى . تتجه فوليه المنايسى الى أم روقا وهددتها ان لم يصلح ابنها خطأه الذى أدى الى تشويه سمعة البنت فلن يسلم من سنجة أبيها صابر العكر فتوافق الأم على الزواج لكن روقا يطلب عدم اتمام الدخول بعروسه الا بعد خروج صديقه حارس عنان من الحجز . يخرج حارس من الحجز فيتم الدخول ويرزق روقا بولد جميل يشبه الى حد كبير صديقه حارس فأسماه على اسمه وأصبح حارس الصغير بداية ثانية لقصة حب أوزى وروقا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ======================================================================= تصادم ينظر رجل الاشارات من أعلى سلمه الى التقاطع ، وحين تخف الحركة فى اتجاه الشمال للمنطلق من الجنوب يوقد نوره الأحمر اعلانا لوقوف الحركة فيهدىء القواد من سرعة السيارات حتى تتوقف قبل الوصول الى خطوط عبور المشاة البيضاء الطويلة . يغيّر الرجل اللون الى الأصفر استعدادا لبدء تحرك سيارات الشرق المنطلقة الى الغرب والعكس .. تتعلق عيون قواد المركبات بحامل الاشارات حتى يضىء اللون الاخضر فتندفع السيارات تسابق الريح ولم يتبق فى البعيد للاتجاه المتقاطع سوى سبع سيارات على بعد ستمائة مترا فيمسك الرجل بالمقبض ويحركه الى أسفل فينبعث النور الاحمر من حامل الاشارات ويرسل نظرة خاطفة الى التقاطع ليضىء الاصفر ثم الاخضر للسيارات القادمة من الجنوب الى الشمال فتتحرك ويتحرك المشاة فى الخط الموازى لها . مازالت سيارات الشرق تواصل الاندفاع ، لم تتمكن من التوقف فترتعش يدا الرجل الممسك بمفتاح الاشارات ليغير الى اللون الآخر فتستمر السيارات فى الاندفاع منطلقة فى الاتجاهات الاربعة بدون توقف . تعانق سبع سيارات سبعة اجساد وسط زحام المارة فتتناثر اشلاؤهم وترتطم بسيارات الطريق المتقاطع .. يهتز العمود الذى يحمل كشك رجل الاشارات فترقص يداه ويسقط وسط أخشاب الكشك تاركا أنوار الاتجاهات خضراء ليتواصل اندفاع السيارات من كل مكان ، ويتكوّم بعضها فوق بعض تعتلى الاجساد البشرية داخل وخارج السيارات حتى تصنع سدا منيعا يمنع المزيد من ضحابا تصادم التقاطع . أسفر التصادم حتى حينه عن مصرع خمسمائة من المارة وثلاثمائة سيارة بين الأجرة والملاكى والنقل كانت تسير بسرعة مائة كيلومترا فى الساعة ، ومازال رجل الاشارات يحاول أن يلملم عظامه التى تهشمت حتى يتمكن من الصعود ليصل الى مفاتيح الاشارات ليغيّر من اللون الأخضر الدامى الى الأحمر الذى سيؤدى الى وقف تفجر ينابيع الدماء التى تصب فى أوردة التقاطع بسبب التصادم . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ حمارة حندوقه تعرف حمارة حندوقه مكان وقوفها قبل أن تركلها سيدتها بقدميها ويعلو صوتها تأمرها : قفى يازمرده .. تتسع عينا زمرده الصافية وتلتقط الوجوه الجميلة التى تبحث عنها حندوقه .. وجه قمرى بلون سنابل القمح الذهبية وجسد ممتلىء حيوية ونضارة فلم يمر على زواج دنديه بنت عبيد البنا سوى عام ونصف ولدت خلالها ابنتها هنومه وطفش زوجها علام الخن لكثرة الديون التى تراكمت عليه من ايجار محل تصليح الكلوبات التى تضىء ليل نزلة الهيش المظلم ، وايجار المنزل الذى تقيم فيه زوجته . تحمل دنديه هنومه وتسير فى طريق العودة الى منزل ابيها فتدس حندوقه فى يدها ريالا من الفضة وتزّين لها طيب الاقامة معها فى صحبة ابنتها بدلا من الاقامة مع عبيد البنا الذى كبر سنه وكسدت مهنته فكل الفلاحين يبنون بيوتهم من الطين بأيديهم فمالت دنديه الى الحياة الرغدة ووضعت ابنتها خلف حندوقه فوق ظهر زمرده .. واصلت زمردة رحلة بحثها عن الوجوه الجميلة التى يسكن اليها محبوا المعلمة القديمة التى عاصرت كما تقول ثورة ونفى وعودة الباشا سعد . وقعت عينا زمرده على وجه أسمر بلون الطمى جميل يعلو جسد ملفوف يخبىء فتنة أسفل جلباب من التيل مزركش بالاحمر والاصفر والاخضر فأسرعت زمردة اليه .. ربتت حندوقه على ظهر زمرده وأخرجت بعضا من العلف مكافأة لزمردة التى تحسن دائما الاختيار . وقف ركب حندوقه أمام عليّه بنت ابراهيم الحلاّوى بائع الخيزران الذى يستخرجه من النزز بحرى نزلة الهيش .. لم ترزق عليّه بوليد من طليقها فراج الغندور لمرض أصابه وقالت أمه : ان العيب عيب عليّه ، وستزوج ابنها من ست ستها فكان قرار الطلاق ، وعادت عليّه الى نزلة الهيش لتصحبها حندوقه الى دارها . انطلقت زمردة وفوق ظهرها امرأتان ورضيعه ، وخلفها تسير عليّه الحلاوى .. اكتفت حمارة حندوقه بصيد اليوم .. ومع قرب وصول الركب الى باب الدار أخرجت حندوقه قالبا من السكر ووضعته أعلى جوال العلف ليكون مكافأة لزمردة تحلّى به بعد تناولها وجبة العشاء فتنام قريرة العين والبال لتواصل فى الغد عملها الدائم فى البحث عن جميلات حندوقه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== خارجيه تبحث عيون خارجيه عن مكان هادىء تستريح فيه ، ويلتقط سائقها أنفاسه العالية التى أوشكت أن تتوقف من كثرة الجرى وراء الأهداف البعيدة ، فلقد تم تخصيص خارجية للأماكن التىتجاوز العشرين كيلومترا أما الأهداف التى فى نطاق العشرين فيتعامل معها الأنفار بالدراجات البخارية لقربها تتحرك المساحتان يمينا ويسارا لتزيل قطرات الماء المتساقط وتغسل وجه خارجية كى تقوى عيونها على النظر بحثا عن مكان المبيت فى هذه الليلة التى قررت السماء فيها أن تزيد من سيولها .. أغلق عاملوا خارجية الأبواب باحكام حتى لايتسرب الماء الى الداخل فتتوقف عن الدوران بعدما بلغت نسبة ارتفاع الماء الى المتر لتغرق اطارات خارجيه العاليه . تثاقلت عيون السائق فسقطت الجفون العليا لينسدل الظلام ويوقف موتور خارجيه .. يعيد الرجل جفونه الى موضع الرؤيا ، ويدير المحرك ثانية ليعمل التكييف هربا من تجمد اجساد العاملين داخل خارجيه . يسير السائق ببطىء شديد جدا فيشق بطن محيط البرك الواسعة التى صنعتها السيول الغزيرة فتعلوا الأمواج على جانبى خارجيه التى صممت للعمل فى أحلك الظروف الطبيعية . ينظر المهندس الى الشاشة التى أمامه ليحدد مكان البالوعة على جانب الطريق فتتجه خارجيه اليه .. يوقف السائق السيارة .. تفتح الأبواب .. يحمل العمال آلاتهم والعدد التى ستزيل الأتربة والحجارة التى أدت الى سد البالوعة .. يرسل العامل سيخا طويلا فى قلب بؤرة العمل حتى يطمئن الى سيولة مروره فيسحبه ليندفع الماء فى دوائر صغيره ، ويبحث المهندس عن النقطة التالية لتتجه اليها خارجيه ويواصل عمال التسليك عملهم . تنطلق خارجيه الى الشارع المجاور فيرتطم خزان وقودها بحجر لم يتمكن السائق من رؤيته وسط بحيرات الماء التى تغطى شوارع المدينه .. يوقف السائق سيارته وينزل المهندس ليزيل الحجر بعناية بعيدا عن خط سير الناقلة ، وتواصل خارجيه السير .. يتابع المهندس شاشته التى ستحدد محطة الوقوف التالية .. يرفع الرجل عينيه من على شاشته لينظر من خلال زجاج السيارة فى ضوء المصابيح فيطمئن على قرب الوصول الى النقطة التالية حيث كهف البوم القديم الذى يبعد مائة مترا . تتوقف خارجيه عن الحركة لتسرب بعض المياه الى مولد الكهرباء مما أدى الى انطفاء الأنوار .. أسرع المهندس والعمال الى الاحتماء بكهف البوم القديم .. أبعد العشرة عمال والمهندس الصخرة التى تسد باب الكهف ليقابلهم مع الدخول اسراب البوم التى تدمى وجوههم وتكسر زجاج خارجية الأمامى فيندفع الماء الى داخلها . يزداد انحدار السيول فتدفع السيارة الى قلب المحيط الكبير .. يغمض الرجال عيونهم داخل الكهف حتى تعود اسراب البوم قبل ان يأتى الصباح . تستيقظ الشمس فيصحو الرجال بعد أن تنام البوم .. يتحرك الركب تجاه مكان خارجيه التى أخذها التيار فيتعقبون آثارها لتوصلهم الى الشاطىء الكبير .. يستمر البحث عن خارجيه بدون فائدة .. يعود المهندس والعمال الى المركز الذى يبعد عن المكان مائتا كيلومترا ، ويبكون خارجيه التى سيتسبب ضياعها فى فصلهم من المركز الذى يعملون به . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== داير مايدور ينظر عبادى الخير الى منتصف الدائرة الكبيرة يبحث عن قشة صغيرة يتعلق بها فلايجد ويحاول من جديد .. فقد عبادى الخير زفتاوى أوراق هويته فعرضه مسؤلوا دوائر الهوية على علماء الانساب فلم يتعرفوا عليه فقرر المسؤلون اللف بعبادى الخير كعب دائر على كل دوائر الهوية الخمسمائة المتناثرة فى المناطق البعيدة والقريبة بطول آلاف الكيلومترات . قيّد الحارس يدىّ عبادى الخير وسحبه وراءه بالسلسلة الحديدية الطويلة .. ينظر المارة فى الشوارع الى رداء عبادى الخير الذى يحمل رقم الصفر على وجهه دلالة على عدم معرفة هويته فيمطمئن كل منهم على وجود اوراق هويته ويجرى .. تتثاقل اقدام عبادى الخير فيشعر الحارس بالتراخى فيشد السلسلة لتظغط القيود على ايدى عبادى فينصاع للسحب وتستجيب أقدامه لتريح الايدى من شدة الالم . دخل الحارس الدائرة الاولى التى تبعد خمسة كيلومترات عن المركز الرئيسى ليتم عرض عبادى على جملة الحراس العاملين بها ، وحين لايتعرف عليه أحد يقوم عامل الفوتوغرافيا بتصويره ووضع صورته فى المدخل عسى ان يتعرف احد على شخصيته . ينقل عبادى القدم الاولى لتأخذ خطوتها فى الخمسة كيلومترات الثانية حتى يصل الى الدائرة الثانية التى سيعرض عليها ولن يتعرف عليه احد ليترك صورته ومن المقرر ان يسير عبادى والحارس خمسة وعشرين كيلومترا هى اتساع الدائرة التى تحيط بالمركز الرئيسى لدائرة الهوية ، وبعد التأكد من عدم معرفة أحد من ابناء الدائرة على عبادى سيستقل الحارس المركبة لتبدأ رحلة المسافات البعيدة التى لاتقل بحال من الاحوال عن خمسين كيلومترا ، ومع نهاية كل خمسين ينزل الحارس ووراءه عبادى الخير فيعرض على أهل النقطة حيث منتصف الدائرة الصغيرة ثم يستقل الحارس المركبة الاخرى التى ستنقله الى النقطة التالية . يبعد عبادى الخير مسافة ألف كيلو متر فى نهاية اليوم الثانى حتى ينفذ مخزون الخبز فيناما فى النقطة الجديدة حتى الصباح ثم تبدأ رحلة بحث جديدة عن واحد يمكنه التعرف على عبادى الخير ليتم الافراج عنه وتسليمه الى أهله ان وجد . تتوالى الليالى وتمضى الايام والاسابيع والشهور ويقطع الحارس وخلفه عبادى الخير مسافة خمسة وعشرين ألف كيلومترا ولم يتعرف أحد على عبادى الخير ، ورد عبادى ذلك الى تغيير ملامحه التى تغيرت بفعل فقده لأوراق الهوية .. عاد عبادى الخير وراء الحارس فى رحلة العودة الى المركز الرئيسى مارا بكل نقاط الدوائر الصغيرة للتأكد من معرفة أحد المترددين على الصور الفوتوغرافية المعلقة فى المداخل . انتهت رحلة العودة الى المركز الرئيسى لدائرة الهوية لتبدأ من جديد رحلة جديدة لعبادى الخير وراء حارس جديد كعب داير مايدور . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= دجاج لايبيض علا صوت طلبه نظير ليبلغ آخر القاعة الكبيرة : ياسيدنا القاضى سرقوا دجاجاتى التى لاتبيض .. ذهبت الى صاحب الشرطة ، وأدليت بأوصاف السارق والسرقة فكلف رجاله بالبحث منذ عام مضى ، ولم تعد الىّ دجاجاتى .. قالوا اذهب الى مولاك القاضى فجئت أنشد العدل فى ساحتكم البيضاء ، قالوا ستجده فأنصفنى ياسيد المنصفين ومنجد الغارقين . - ماأوصاف السارق ؟ - السارق يده بطول أزرع الأخطبوط . -حدد أكثر فكل أيدى اللصوص بهذا الطول . - عيناه سوداوان بئران بدون ماء . - عيون اللصوص كذلك ، عدنا للحيرة - ياولدى- هل لديك صفة أكثر دقه ؟ - لم تقو عيناى على التقاط أكثر من ذلك فى زحام وسط النهار .. افتعل مساعدوه المشاجرة وأخذوا دجاجاتى مهر زوجتى الذى سأدفعه الى والدها .. أقبل أقدامك ياسيدنا القاضى .. أعد الىّ دجاجاتى حتى تشفى زوجتى مما أصابها . - وماذا أصابها ؟ - مرض عضال حار فيه الاطباء . - أعطنا ياولدى فرصة الى آخر الجلسة ، وسأكلف حاجبنا بتفقد تجار الدجاج فى البلده فقد يساعد هذا فى ايجاد الحل . عاد الرجل الى مكانه فى القاعة بجوار زوجته التى لم يدخل بها وبشرها بعدل القاضى الذى ملأ جنبات الوادى .. حركت المرأة أصبعها .. وعد الرجل حماه بقرب عودة الدجاجات مهر ابنته حتى يتمكن من انقاذ قبيلته فى الواحة من وباء دجاجها .. وهب الشيخ ابنته لطلبه نظير حين تيقن من امتلاكه للدجاجات التى لاتبيض والتى سيزوجها من كل ديوك الواحة حتى تفنى الدجاجات والديوك ، ويتخلص أهل الواحة من وباء فتّاك .. أحبت الفتاة عريسها وطار بها عشقا لجمالها . عاد الحاجب ورجال القاضى بالخبر اليقين .. وضع اللص الدجاجات فى صناديق الوراقين التى سافرت الى المدينة المجاورة .. قال الحاجب : الوراقون سبب كل بلاء . - وكيف سمح الوراقون بهذا الفعل ؟ أيها الحاجب الىّ بشيخ الوراقين الأرعن . يقتل الشوق طلبه نظير الذى يرى عتاب حبيبته فى العينين ، وتوبخه على التهاون فى المهر الذى لم يقدر اللص حق قدره . جاء شيخ الوراقين أمام القاضى وأكد عدم وجود الدجاجات فى قلب الصناديق التى أشرف على فتحها بنفسه ، ولم يكن بها سوى الكتب ، لكنه رأى رجلا يبيع الى جواره دجاجات ونسى وصف البائع والمشترى . قال القاضى لطلبه : عوضك على الله ياولدى .. سنقيد حادث السرقة ضد مجهول . عاد الرجل خائبا فلن يعطى حماه مهر ابنته ، ولن يدخل بامرأته التى ستعود فى صحبة أبيها الى الواحة التى امتلأت بالوباء بعد ما فقد طلبه نظير الدجاجات التى لاتبيض . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== دود القطن يتسلق دود القطن السيقان القصيرة فى صفوف منتظمة حتى يثقل وزنها فتميل السيقان لتسقطها فتتنفس بحريه . يعيد الدود تنظيم صفوفه ويتحرك حتى يصل الى ملتقى الجذور والسيقان موزعا أعداده الهائلة على كل عيدان الحقول فيخف وزنه . تخترق الديدان غابة الأوراق الخضراء المتشابكة لتصل الى الشرانق التى تغلق باحكام على زهور القطن اللين ، وتصوب سهاما الى الجدران فتتآكل لتكشف عن القلب وتسرع الديدان الى التهامه . يبلغ الفلاحون خولى العزبة الذى يبلغ بدوره الباشا مالك العزبه فيسرع بالاتصال بتجار المبيدات فى البندر ويتم تحميل السيارات ويأتى الرشاشون ، يطلقون سحائب الدخان التى تغطى الحقول الواسعة فتنال من الضعيف من جيش الديدان ويأخذ القوى مناعته . يكلف الباشا الخولى بجمع الأنفار لتنقية الدود وحرقه حتى ينقذ ماتبقى من المحصول .. يسرع الخولى الى القرية المجاورة ويتفق مع مقاول الأنفار الذى يأتى بسوليه حسانو أقدم نساء الحلب التى تعمل فى لم الدود فتأتى بأنفار الحلب وأنفار القرى المجاورة لتتمكن من انقاذ عزبة الباشا من خطر الدود الجائع . يقف الخولى ومقاول الأنفار وسوليه حسانو على رأس ثلاثمائة نفر .. ينتظم الرجال فى صفوف تواجه الديدان .. تعطى المرأة مائة طبق من الخوص الصغير لابناء الحلب لجمع الدود فيسرعون الى مكان الحريق خارج الحقول ويتم حرق الديدان . لايجد ابناء القرى المجاورة أطباقا أخرى لوضع الديدان التى يلتقطونها فيربطون جزوعم بأذيال جلابيبهم ليصبح النصف الأعلى حوافظ يلقى كل منهم فيها دوده من فتحة الصدر حتى تمتلىء الحوافظ فيهرولون الى الحريق ليزيدوا من اشعال ناره التى تلتهم المزيد من الديدان . تضع سوليه على رؤوس ابناء الحلب مظلات من الخوص لتجعلهم أكثر صبرا مما يدعو المقاول والخولى والباشا الى تمييزهم فى الأجر فينال كل نفر من المائة الحلب مليمين ليجمع أخبار رجال ونساء الكوليه الأجراء لينقلها الى سوليه التى تنقلها الى المقاول الذى ينقلها الى الخولى الذى ينقلها الى الباشا فيقرر استبعاد غير القادر على جمع الدود ويعطى بقية المائتين من نساء ورجال الكوليه مليما واحدا للنفر . يظل ابناء قرى الكوليه الأجراء يضعون دود القطن فى صدورهم فتتسع أفواه الدود لتتجه الى البطون الضعيفه فتخترقها لتلتهم الأمعاء ويسقط رجال ونساء الكوليه فيفقد الباشا ثلثى ماتبقى من المحصول لينزل بالمليمين الى واحد للنفر من ابناء الحلب وتضيع عمولة سوليه التى تأخذها عن كل نفر وهى مليمان من اسبوع النفر كما يفقد نفس النسبة المقاول والخولى ، ويعوى جسد العالم من شدة برد الشتاء الجليدى لندرة الانسجة القطنية بسبب توحش دود القطن . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


القطار الأسود يستيقظ الرجل المعصوب العينين فلايرى الا الظلام المحيط به من كل جانب .. يحاول الرجل الوقوف فى مكانه فيصطدم بالاجساد المتخبط بعضها فى بعض .. يخترق الرجل الكتل البشرية المتلاحمة حتى يواجه الجدران الحديدية الصماء .. يضع يديه يتحسس أبعادها فتلسعه نيران أشعة الشمس المختزنة داخل الصندوق الحديدى الكبير فيتراجع الى الخلف ليدفعه الاخرون فيلتصق ثانية بالجدار الحديدى الذى يشوى وجهه .. يتقهقر دافعا بقوته المتبقية الاجساد خلفه .. ينأوه الجميع ولاينطق احدهم بكلمة حتى يتبين المكان والزمان والحدث . المكان . . صندوق اسود كبير لم يتمكن واحد من المعصوبى العيون تحديد طوله أوعرضه أوحتى عمقه بسبب الزحام الشديد .. تبدأ حركة الصندوق .. نرك .. ترك .. ترك .. يخرج من مخزنه .. ترك .. تس .. يقف فى الميدان الكبير الذى يتعرف عليه معصوبوا العيون من خلال آذانهم التى تاهت وسط طوفان الاصوات البشرية المتزاحمة ، وآلات تنبيه السيارات التى لاتصمت . الزمان. . طول الزمان .. ترك .. ترك .. ترك .. تبدأ الرحلة ..تصطدم الاطارات بالقضبان الحديدية لتتحرك الصناديق الحديدية الى الامام والاجساد الى الخلف فى قلبه من شدة الانطلاق .. يعود الرجل الأول من المعصوبى العيون الى اغماءته ليطفو الى ذاكرته سبب سقوطه فى بطن الصندوق الاسود عاشق الترحال الى الجنوب . الحدث .. تمرد الرجل الاول على حاله من حيث السكون الى الحركة ، وحذرته الزوجة من العواقب الوخيمة لهذه الفعلة الشنعاء لكنه لم يستمع وجاوز الحدود المرسومة له فأخذ أول خطوة من خطوات الحركة الى اللاشىء فقرر مسؤولوا السكون نفيه الى واحتهم البعيدة التى لايسمح فيها باصدار أى صوت من أصوات الكائنات الحية . تس .. ترك .. ترك .. ترك .. يواصل الصندوق انطلاقته تجاه الجنوب فيستيقظ الرجل الأول ليتعرف على الرجل الثانى الملتصق كتفه بكتفه ويوقفه على سر وجوده الى جواره فى هذا المكان فيرى نفس سبب وجوده فى العصابة السوداء المحكمة الرباط فوق عينيه . يرتطم القطار الاسود بسيارة نقل تعبر المزلقان فتقشعر أبدان معصوبى العيون وتهتز من شدة الارتطام فيتوقفون عن رسم غابة ثرثرتهم التى ملأت أرجاء المكان ، ويسود الصمت حتى تتم ازالة آثارحطام السيارة من طريق الصناديق السوداء ويعاود القطار سيره . تستعيد أصوات المعصوبى العيون تماسكها فيواصلوا حفلة تعارفهم وتعلو الاصوات لتمتزج بالصوت الاعلى .. ترك .. ترك .. نرك .. تمر الساعات فينال الارهاق من الألسنة التى تعود الى السكون .. ترك .. ترك .. ترك .. تس .. يسير القطار الاسود الف كيلوا حتى يتوقف ليفتح أبوابه فى منتصف الليل فيتم نقل المعصوبى العيون الى صناديق السيارات المحكمة الاغلاق والمدهونة باللون الاسود من الداخل حتى لايشعر معصوبوا العيون بالاغتراب اثناء نقلهم الى واحة المسؤولين الصماء البعيدة . ترك .. ترك .. ترك .. يتجه القطار الاسود بصناديقه الكثيرة الى الشمال ليأتى بنزلاء الواحة الجدد ، ويواصل رحلاته . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ========================================================================= الكركى يداعب الجليد وجه طائر الكركى المزركش بالاحمر فيرقص فى قفزاته العالية ويدقدق بقدميه الطويلتين مرفرفا بجناحيه الناصعة البياض ، وحين يلمهما يأتى بسواد الليل فيعود ساكنا الى مكانه ويتصدر واجهة الفندق المسمى باسمه فيستمتع برؤيته كل رواد مدينة الجبال السبعه . تشرب الخمرية اللون حتى الثمالة وتقول : خمسة طرق تؤدى الى القلب حيث أقيم والكركى .. تتوحد الفتاة والطائر حين تجلس فى المقدمة ويظل خلفها ساكنا برقبته الطويلة وريشه الأملس المتدلى يساقط كرات الجليد الصغيرة حتى تصل الى الأرض فتنفجر متناثرة على وجوه الجالسين حول العيون المتثائبه . جاءت كريمه رعيان من جنوب الصحراء الوسيعة الملونة بالموت الاصفر عند التقاء المحيط بالبحر الملح ، وخلعت رداءها القديم لكنها مازالت تعشق الجنوب أول الطرق المؤدية الى قلبها . رفعت كريمه الكأس ليلامس شفتاها ، واستيقظت عيناها عندما سمعت بمقدمى من قلب جنوب أعلى النهر ، وقالت : لقد خبرت كل أجناس العالم ولم يرق لى سوى جنوبى قلب أعلى النهر .. أطالت الفتاة النظر الى وجهى الذى تاهت فيه معالم الجنوب فصرفت عيناها عنى لينطفىء نور المقدمة وتتلون الوجوه بالاسود الثقيل الظل حين يفقد صغار نجومه فتتوه الوجوه ولايتعرف أحدنا على الآخر . جاءت الأنوار المصنوعة ضئيلة من الخلف ترسم خيالاللكركى وكريمه رعيان التى راحت تعب شراب شمال الشمال ثانى الطرق المؤدية الى قلبها فهو القادر على الانتقال بها الى عالمها الجميل حين تفقد ملامح الخيّم الشعر ووجوه الأب والأم والأخوة المحاصرة ، وتنطلق ترسم منزلا صغيرا مع أحد الجالسين حولها أمام الكركى . جاءت كريمه فى صحبة بنات كثيرات من أقصى الجنوب يبغين المعرفة فى معاهد مدينة الجبال السبعة التى عنيت بالشرق ثالث الطرق المحببة الى قلب الفتاة والذى تمله أحيانا لتتطلع الى الجهة المقابلة رابع الطرق التى يهفو القلب اليها ليزيد انطلاقها وانقطاع أوصال الماضى السحيق الذى يجثم على صدرها .. تتنفس الجميلة بعمق شديد مع انتهاء الكأس العاشره . تبدأ كريمه فى شرب الكأس التالية وتنظر الى أعلى حيث ينظر الطائر ويتساقط المتحلقون حولهما واحدا واحدا ليعودوا الى غرفهم الحاملة أرقامهم بالفندق ، وتظل كريمه رعيان متوحدة والكركى يطيران الى الأعلى آخر معشوقة خمرية اللون فيرتحلان عبر الزمان والمكان وتصبح الجميلة ذكرى لكل نزلاء الفندق مع عودة الكركى كل عام يداعب كرات الجليد بوجهه ، ويرفرف بجناحيه الناصعة البياض ليصل الى آذاننا صوت كر .. كر .. كريمه .. كر .. كر .. كركى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ==================================================================== أنبوبة غزل البنات يدير عنتر ولد فرحانه شليب يد ماكينة غزل البنات ويغنى : غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يتجمع صغار الحى حول الماكينة ليذوب فى أفواههم الغزل فيقولوا هات . تضع جليله كبرى بنات عنتر غزل البنات فى الأكياس الصغيرة وتربطها بالخيط الرفيع وتلقى بها فى الصندوق لتلتقطها يد جميله بنت عنتر الثانية وتعطى كل صغير كيسه فيعلو صوت حمديه بنت حنفى الخولى أم البنات بصوتها الأضخم تردد : غزل البنات سكر نبات قربوا بااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار هات . تعطى فردوس بنت حمديه الثالثة أنفاسا قويه بالكباس النحاسى لوابور الجاز المشتعل أسفل ماكينة الغزل ليديرها عنتر فتلبى طلبات الصغار . تسأل فريال البنت الرابعة لعنتر عن مصير أنبوبة البوتاجاز المسروقة والتى ستريحهم من دخان وابور الجاز المشتعل أمام مدخل البيت الذى يسكنون أسفل سلمه . يجيب عنتر بحسره : مافيش فايده .. كان عنتر يقتطع جنيها من دخل الأسرة كل شهر لتدخل به حمديه الجمعيه مع أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها فى الآخر . ظل عنتر يدفع سهم الجمعية طوال خمس وثمانين شهرا متصله بامتداد سبعة أعوام وشهر ليتمكن من شراء انبوبة البوتاجاز التى ستريحهن من السعال الذى يسببه لهم عادم الكيروسين الذى يطلقه الوابور بغزاره . عاش عنتر ولد فرحانه شليب وزوجته حمديه وبناته الخمس عاما من السعادة المتصلة ليقطعها ذكى ذهنى سليمان لص الأنابيب فى ليلة ممطرة حين أسرعت الأسرة الى نقل ماكينة الغزل الى أسفل السلم ، وحين خرج عنتر ليأتى بالأنبوبة كان ذكى أسرع منه فى حملها . حررت الأسرة محضرا للسرقة وضرب فهيمه صغرى بنات عنتر حين منعت ذكى من حمل الأنبوبه .. ترك ذكى غرفة أسرته بالحى وهرب الى كفر الضراغمه لدى خاله عطا الرومانى عمدة الكفر .. تم القبض على ذهنى سليمان والد ذكى وأخلى سبيله فى سراى النيابه ، وعلا صوت ذكى يردد: غزل البنات سكر نبات قربوا يااولاد وقولولى هات .. يقول الصغار فى الكفر هات . يبدأ عنتر ولد فرحانه شليب فى اقتطاع أول جنيه فى أول شهر لتشترك حمديه بنت حنفى الخولى فى الجمعية التى ستجمعها أم سيد الدلاله ونساء الحى لتقبضها النمرة الأخيرة بعد ثمانى سنوات وشهر لتتمكن الأسرة من شراء انبوبة غزل بنات جديده . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================ أوزى وروقا تحسب أوزى العكر خطواتها كلما سارت أمام روقا المفك أطول شباب بئر الكمون على الاطلاق .. تميل أوزى ناحية اليمين فى الخطوة الثانية حين تلمح بطرف عينها روقا جالسا على المقهى يمسح شعره الناعم الطويل فيغطى عينيه ليبعد عنهما أشعة الشمس الحريصة على زغللتهما .. تلعن أوزى هذه الاشعة التى أبعدت نظر روقا عن ميلها الى الناحية اليسرى لتتوازن خطاها وتبدو كبطة أم سوكا الدايه التى تعترض طريق المارة من ابناء بئر الكمون والاغراب عنها فيلعنون صاحبتها التى تطلقها لتصب قاذوراتها على ذيول الجلابيب .. تخرج أم سوكا مع كل استغاثة لبطتها الممتلئة حين يهشها عابر السبيل أويضربها بقدمه فتسب أم سوكا آباء المتضرر ، ويبحث عن ريقه فى الحلق ليرد عليها فلايجده ويمضى . لاتتمكن أوزى قصيرة القامة من لفت نظر روقا المفك الطويل القامة لتعود الى أمها خائبة فتهدىء فولية المنايسى ابنتها وتمسح دموعها وتقص عليها قصة وقوع أبيها صابر العكر فى غرامها بعد افتعالها للشجار معه بسبب متابعة عينيه الدائمة لها وهو على مقهى الفوال نفس المقهى الذى يجلس عليه روقا المفك ، ووقع صابر العكر فى غرام فوليه المنايسى وقالت له : مامحبه الابعد عداوه وانجبا ابنتهما الوحيدة أوزى البطة البيضاء الممتلئة . اقتنعت أوزى بالفكرة فخرجت على الفور وأطلقت لقدمها العنان فقلبت المنضدة التى يضع عليها روقا المفك شايه وادعت عليه وسط المقهى فى منتصف الشارع بازعاجه الدائم لها وتعقبها بعينيه حتى توشك فى كل مرة أن تسقط .. ينفى روقا كل ماتقول الفتاة فهو لم يرها من قبل ولم يلتفت اليها هى أو غيرها لانشغاله بتصفيف شعره الناعم وتسوية شاربه الشديد السواد . تدخل شيخ الحارة علوانى نوح المتيم بأوزى والتى لم تعطه ريقا حلوا حتى الأن .. دفع علوان الشاب الى قسم الشرطة واحتجزه للاشتباه فأزال حارس عنان فتوة الحجز شارب روقا الذى لم يعجبه فذاب الشاب أسفل يدى حارس وأخرجه علوانى بعد ثلاثة ليالى . تتجه فوليه المنايسى الى أم روقا وهددتها ان لم يصلح ابنها خطأه الذى أدى الى تشويه سمعة البنت فلن يسلم من سنجة أبيها صابر العكر فتوافق الأم على الزواج لكن روقا يطلب عدم اتمام الدخول بعروسه الا بعد خروج صديقه حارس عنان من الحجز . يخرج حارس من الحجز فيتم الدخول ويرزق روقا بولد جميل يشبه الى حد كبير صديقه حارس فأسماه على اسمه وأصبح حارس الصغير بداية ثانية لقصة حب أوزى وروقا . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ======================================================================= تصادم ينظر رجل الاشارات من أعلى سلمه الى التقاطع ، وحين تخف الحركة فى اتجاه الشمال للمنطلق من الجنوب يوقد نوره الأحمر اعلانا لوقوف الحركة فيهدىء القواد من سرعة السيارات حتى تتوقف قبل الوصول الى خطوط عبور المشاة البيضاء الطويلة . يغيّر الرجل اللون الى الأصفر استعدادا لبدء تحرك سيارات الشرق المنطلقة الى الغرب والعكس .. تتعلق عيون قواد المركبات بحامل الاشارات حتى يضىء اللون الاخضر فتندفع السيارات تسابق الريح ولم يتبق فى البعيد للاتجاه المتقاطع سوى سبع سيارات على بعد ستمائة مترا فيمسك الرجل بالمقبض ويحركه الى أسفل فينبعث النور الاحمر من حامل الاشارات ويرسل نظرة خاطفة الى التقاطع ليضىء الاصفر ثم الاخضر للسيارات القادمة من الجنوب الى الشمال فتتحرك ويتحرك المشاة فى الخط الموازى لها . مازالت سيارات الشرق تواصل الاندفاع ، لم تتمكن من التوقف فترتعش يدا الرجل الممسك بمفتاح الاشارات ليغير الى اللون الآخر فتستمر السيارات فى الاندفاع منطلقة فى الاتجاهات الاربعة بدون توقف . تعانق سبع سيارات سبعة اجساد وسط زحام المارة فتتناثر اشلاؤهم وترتطم بسيارات الطريق المتقاطع .. يهتز العمود الذى يحمل كشك رجل الاشارات فترقص يداه ويسقط وسط أخشاب الكشك تاركا أنوار الاتجاهات خضراء ليتواصل اندفاع السيارات من كل مكان ، ويتكوّم بعضها فوق بعض تعتلى الاجساد البشرية داخل وخارج السيارات حتى تصنع سدا منيعا يمنع المزيد من ضحابا تصادم التقاطع . أسفر التصادم حتى حينه عن مصرع خمسمائة من المارة وثلاثمائة سيارة بين الأجرة والملاكى والنقل كانت تسير بسرعة مائة كيلومترا فى الساعة ، ومازال رجل الاشارات يحاول أن يلملم عظامه التى تهشمت حتى يتمكن من الصعود ليصل الى مفاتيح الاشارات ليغيّر من اللون الأخضر الدامى الى الأحمر الذى سيؤدى الى وقف تفجر ينابيع الدماء التى تصب فى أوردة التقاطع بسبب التصادم . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ حمارة حندوقه تعرف حمارة حندوقه مكان وقوفها قبل أن تركلها سيدتها بقدميها ويعلو صوتها تأمرها : قفى يازمرده .. تتسع عينا زمرده الصافية وتلتقط الوجوه الجميلة التى تبحث عنها حندوقه .. وجه قمرى بلون سنابل القمح الذهبية وجسد ممتلىء حيوية ونضارة فلم يمر على زواج دنديه بنت عبيد البنا سوى عام ونصف ولدت خلالها ابنتها هنومه وطفش زوجها علام الخن لكثرة الديون التى تراكمت عليه من ايجار محل تصليح الكلوبات التى تضىء ليل نزلة الهيش المظلم ، وايجار المنزل الذى تقيم فيه زوجته . تحمل دنديه هنومه وتسير فى طريق العودة الى منزل ابيها فتدس حندوقه فى يدها ريالا من الفضة وتزّين لها طيب الاقامة معها فى صحبة ابنتها بدلا من الاقامة مع عبيد البنا الذى كبر سنه وكسدت مهنته فكل الفلاحين يبنون بيوتهم من الطين بأيديهم فمالت دنديه الى الحياة الرغدة ووضعت ابنتها خلف حندوقه فوق ظهر زمرده .. واصلت زمردة رحلة بحثها عن الوجوه الجميلة التى يسكن اليها محبوا المعلمة القديمة التى عاصرت كما تقول ثورة ونفى وعودة الباشا سعد . وقعت عينا زمرده على وجه أسمر بلون الطمى جميل يعلو جسد ملفوف يخبىء فتنة أسفل جلباب من التيل مزركش بالاحمر والاصفر والاخضر فأسرعت زمردة اليه .. ربتت حندوقه على ظهر زمرده وأخرجت بعضا من العلف مكافأة لزمردة التى تحسن دائما الاختيار . وقف ركب حندوقه أمام عليّه بنت ابراهيم الحلاّوى بائع الخيزران الذى يستخرجه من النزز بحرى نزلة الهيش .. لم ترزق عليّه بوليد من طليقها فراج الغندور لمرض أصابه وقالت أمه : ان العيب عيب عليّه ، وستزوج ابنها من ست ستها فكان قرار الطلاق ، وعادت عليّه الى نزلة الهيش لتصحبها حندوقه الى دارها . انطلقت زمردة وفوق ظهرها امرأتان ورضيعه ، وخلفها تسير عليّه الحلاوى .. اكتفت حمارة حندوقه بصيد اليوم .. ومع قرب وصول الركب الى باب الدار أخرجت حندوقه قالبا من السكر ووضعته أعلى جوال العلف ليكون مكافأة لزمردة تحلّى به بعد تناولها وجبة العشاء فتنام قريرة العين والبال لتواصل فى الغد عملها الدائم فى البحث عن جميلات حندوقه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== خارجيه تبحث عيون خارجيه عن مكان هادىء تستريح فيه ، ويلتقط سائقها أنفاسه العالية التى أوشكت أن تتوقف من كثرة الجرى وراء الأهداف البعيدة ، فلقد تم تخصيص خارجية للأماكن التىتجاوز العشرين كيلومترا أما الأهداف التى فى نطاق العشرين فيتعامل معها الأنفار بالدراجات البخارية لقربها تتحرك المساحتان يمينا ويسارا لتزيل قطرات الماء المتساقط وتغسل وجه خارجية كى تقوى عيونها على النظر بحثا عن مكان المبيت فى هذه الليلة التى قررت السماء فيها أن تزيد من سيولها .. أغلق عاملوا خارجية الأبواب باحكام حتى لايتسرب الماء الى الداخل فتتوقف عن الدوران بعدما بلغت نسبة ارتفاع الماء الى المتر لتغرق اطارات خارجيه العاليه . تثاقلت عيون السائق فسقطت الجفون العليا لينسدل الظلام ويوقف موتور خارجيه .. يعيد الرجل جفونه الى موضع الرؤيا ، ويدير المحرك ثانية ليعمل التكييف هربا من تجمد اجساد العاملين داخل خارجيه . يسير السائق ببطىء شديد جدا فيشق بطن محيط البرك الواسعة التى صنعتها السيول الغزيرة فتعلوا الأمواج على جانبى خارجيه التى صممت للعمل فى أحلك الظروف الطبيعية . ينظر المهندس الى الشاشة التى أمامه ليحدد مكان البالوعة على جانب الطريق فتتجه خارجيه اليه .. يوقف السائق السيارة .. تفتح الأبواب .. يحمل العمال آلاتهم والعدد التى ستزيل الأتربة والحجارة التى أدت الى سد البالوعة .. يرسل العامل سيخا طويلا فى قلب بؤرة العمل حتى يطمئن الى سيولة مروره فيسحبه ليندفع الماء فى دوائر صغيره ، ويبحث المهندس عن النقطة التالية لتتجه اليها خارجيه ويواصل عمال التسليك عملهم . تنطلق خارجيه الى الشارع المجاور فيرتطم خزان وقودها بحجر لم يتمكن السائق من رؤيته وسط بحيرات الماء التى تغطى شوارع المدينه .. يوقف السائق سيارته وينزل المهندس ليزيل الحجر بعناية بعيدا عن خط سير الناقلة ، وتواصل خارجيه السير .. يتابع المهندس شاشته التى ستحدد محطة الوقوف التالية .. يرفع الرجل عينيه من على شاشته لينظر من خلال زجاج السيارة فى ضوء المصابيح فيطمئن على قرب الوصول الى النقطة التالية حيث كهف البوم القديم الذى يبعد مائة مترا . تتوقف خارجيه عن الحركة لتسرب بعض المياه الى مولد الكهرباء مما أدى الى انطفاء الأنوار .. أسرع المهندس والعمال الى الاحتماء بكهف البوم القديم .. أبعد العشرة عمال والمهندس الصخرة التى تسد باب الكهف ليقابلهم مع الدخول اسراب البوم التى تدمى وجوههم وتكسر زجاج خارجية الأمامى فيندفع الماء الى داخلها . يزداد انحدار السيول فتدفع السيارة الى قلب المحيط الكبير .. يغمض الرجال عيونهم داخل الكهف حتى تعود اسراب البوم قبل ان يأتى الصباح . تستيقظ الشمس فيصحو الرجال بعد أن تنام البوم .. يتحرك الركب تجاه مكان خارجيه التى أخذها التيار فيتعقبون آثارها لتوصلهم الى الشاطىء الكبير .. يستمر البحث عن خارجيه بدون فائدة .. يعود المهندس والعمال الى المركز الذى يبعد عن المكان مائتا كيلومترا ، ويبكون خارجيه التى سيتسبب ضياعها فى فصلهم من المركز الذى يعملون به . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== داير مايدور ينظر عبادى الخير الى منتصف الدائرة الكبيرة يبحث عن قشة صغيرة يتعلق بها فلايجد ويحاول من جديد .. فقد عبادى الخير زفتاوى أوراق هويته فعرضه مسؤلوا دوائر الهوية على علماء الانساب فلم يتعرفوا عليه فقرر المسؤلون اللف بعبادى الخير كعب دائر على كل دوائر الهوية الخمسمائة المتناثرة فى المناطق البعيدة والقريبة بطول آلاف الكيلومترات . قيّد الحارس يدىّ عبادى الخير وسحبه وراءه بالسلسلة الحديدية الطويلة .. ينظر المارة فى الشوارع الى رداء عبادى الخير الذى يحمل رقم الصفر على وجهه دلالة على عدم معرفة هويته فيمطمئن كل منهم على وجود اوراق هويته ويجرى .. تتثاقل اقدام عبادى الخير فيشعر الحارس بالتراخى فيشد السلسلة لتظغط القيود على ايدى عبادى فينصاع للسحب وتستجيب أقدامه لتريح الايدى من شدة الالم . دخل الحارس الدائرة الاولى التى تبعد خمسة كيلومترات عن المركز الرئيسى ليتم عرض عبادى على جملة الحراس العاملين بها ، وحين لايتعرف عليه أحد يقوم عامل الفوتوغرافيا بتصويره ووضع صورته فى المدخل عسى ان يتعرف احد على شخصيته . ينقل عبادى القدم الاولى لتأخذ خطوتها فى الخمسة كيلومترات الثانية حتى يصل الى الدائرة الثانية التى سيعرض عليها ولن يتعرف عليه احد ليترك صورته ومن المقرر ان يسير عبادى والحارس خمسة وعشرين كيلومترا هى اتساع الدائرة التى تحيط بالمركز الرئيسى لدائرة الهوية ، وبعد التأكد من عدم معرفة أحد من ابناء الدائرة على عبادى سيستقل الحارس المركبة لتبدأ رحلة المسافات البعيدة التى لاتقل بحال من الاحوال عن خمسين كيلومترا ، ومع نهاية كل خمسين ينزل الحارس ووراءه عبادى الخير فيعرض على أهل النقطة حيث منتصف الدائرة الصغيرة ثم يستقل الحارس المركبة الاخرى التى ستنقله الى النقطة التالية . يبعد عبادى الخير مسافة ألف كيلو متر فى نهاية اليوم الثانى حتى ينفذ مخزون الخبز فيناما فى النقطة الجديدة حتى الصباح ثم تبدأ رحلة بحث جديدة عن واحد يمكنه التعرف على عبادى الخير ليتم الافراج عنه وتسليمه الى أهله ان وجد . تتوالى الليالى وتمضى الايام والاسابيع والشهور ويقطع الحارس وخلفه عبادى الخير مسافة خمسة وعشرين ألف كيلومترا ولم يتعرف أحد على عبادى الخير ، ورد عبادى ذلك الى تغيير ملامحه التى تغيرت بفعل فقده لأوراق الهوية .. عاد عبادى الخير وراء الحارس فى رحلة العودة الى المركز الرئيسى مارا بكل نقاط الدوائر الصغيرة للتأكد من معرفة أحد المترددين على الصور الفوتوغرافية المعلقة فى المداخل . انتهت رحلة العودة الى المركز الرئيسى لدائرة الهوية لتبدأ من جديد رحلة جديدة لعبادى الخير وراء حارس جديد كعب داير مايدور . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= دجاج لايبيض علا صوت طلبه نظير ليبلغ آخر القاعة الكبيرة : ياسيدنا القاضى سرقوا دجاجاتى التى لاتبيض .. ذهبت الى صاحب الشرطة ، وأدليت بأوصاف السارق والسرقة فكلف رجاله بالبحث منذ عام مضى ، ولم تعد الىّ دجاجاتى .. قالوا اذهب الى مولاك القاضى فجئت أنشد العدل فى ساحتكم البيضاء ، قالوا ستجده فأنصفنى ياسيد المنصفين ومنجد الغارقين . - ماأوصاف السارق ؟ - السارق يده بطول أزرع الأخطبوط . -حدد أكثر فكل أيدى اللصوص بهذا الطول . - عيناه سوداوان بئران بدون ماء . - عيون اللصوص كذلك ، عدنا للحيرة - ياولدى- هل لديك صفة أكثر دقه ؟ - لم تقو عيناى على التقاط أكثر من ذلك فى زحام وسط النهار .. افتعل مساعدوه المشاجرة وأخذوا دجاجاتى مهر زوجتى الذى سأدفعه الى والدها .. أقبل أقدامك ياسيدنا القاضى .. أعد الىّ دجاجاتى حتى تشفى زوجتى مما أصابها . - وماذا أصابها ؟ - مرض عضال حار فيه الاطباء . - أعطنا ياولدى فرصة الى آخر الجلسة ، وسأكلف حاجبنا بتفقد تجار الدجاج فى البلده فقد يساعد هذا فى ايجاد الحل . عاد الرجل الى مكانه فى القاعة بجوار زوجته التى لم يدخل بها وبشرها بعدل القاضى الذى ملأ جنبات الوادى .. حركت المرأة أصبعها .. وعد الرجل حماه بقرب عودة الدجاجات مهر ابنته حتى يتمكن من انقاذ قبيلته فى الواحة من وباء دجاجها .. وهب الشيخ ابنته لطلبه نظير حين تيقن من امتلاكه للدجاجات التى لاتبيض والتى سيزوجها من كل ديوك الواحة حتى تفنى الدجاجات والديوك ، ويتخلص أهل الواحة من وباء فتّاك .. أحبت الفتاة عريسها وطار بها عشقا لجمالها . عاد الحاجب ورجال القاضى بالخبر اليقين .. وضع اللص الدجاجات فى صناديق الوراقين التى سافرت الى المدينة المجاورة .. قال الحاجب : الوراقون سبب كل بلاء . - وكيف سمح الوراقون بهذا الفعل ؟ أيها الحاجب الىّ بشيخ الوراقين الأرعن . يقتل الشوق طلبه نظير الذى يرى عتاب حبيبته فى العينين ، وتوبخه على التهاون فى المهر الذى لم يقدر اللص حق قدره . جاء شيخ الوراقين أمام القاضى وأكد عدم وجود الدجاجات فى قلب الصناديق التى أشرف على فتحها بنفسه ، ولم يكن بها سوى الكتب ، لكنه رأى رجلا يبيع الى جواره دجاجات ونسى وصف البائع والمشترى . قال القاضى لطلبه : عوضك على الله ياولدى .. سنقيد حادث السرقة ضد مجهول . عاد الرجل خائبا فلن يعطى حماه مهر ابنته ، ولن يدخل بامرأته التى ستعود فى صحبة أبيها الى الواحة التى امتلأت بالوباء بعد ما فقد طلبه نظير الدجاجات التى لاتبيض . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== دود القطن يتسلق دود القطن السيقان القصيرة فى صفوف منتظمة حتى يثقل وزنها فتميل السيقان لتسقطها فتتنفس بحريه . يعيد الدود تنظيم صفوفه ويتحرك حتى يصل الى ملتقى الجذور والسيقان موزعا أعداده الهائلة على كل عيدان الحقول فيخف وزنه . تخترق الديدان غابة الأوراق الخضراء المتشابكة لتصل الى الشرانق التى تغلق باحكام على زهور القطن اللين ، وتصوب سهاما الى الجدران فتتآكل لتكشف عن القلب وتسرع الديدان الى التهامه . يبلغ الفلاحون خولى العزبة الذى يبلغ بدوره الباشا مالك العزبه فيسرع بالاتصال بتجار المبيدات فى البندر ويتم تحميل السيارات ويأتى الرشاشون ، يطلقون سحائب الدخان التى تغطى الحقول الواسعة فتنال من الضعيف من جيش الديدان ويأخذ القوى مناعته . يكلف الباشا الخولى بجمع الأنفار لتنقية الدود وحرقه حتى ينقذ ماتبقى من المحصول .. يسرع الخولى الى القرية المجاورة ويتفق مع مقاول الأنفار الذى يأتى بسوليه حسانو أقدم نساء الحلب التى تعمل فى لم الدود فتأتى بأنفار الحلب وأنفار القرى المجاورة لتتمكن من انقاذ عزبة الباشا من خطر الدود الجائع . يقف الخولى ومقاول الأنفار وسوليه حسانو على رأس ثلاثمائة نفر .. ينتظم الرجال فى صفوف تواجه الديدان .. تعطى المرأة مائة طبق من الخوص الصغير لابناء الحلب لجمع الدود فيسرعون الى مكان الحريق خارج الحقول ويتم حرق الديدان . لايجد ابناء القرى المجاورة أطباقا أخرى لوضع الديدان التى يلتقطونها فيربطون جزوعم بأذيال جلابيبهم ليصبح النصف الأعلى حوافظ يلقى كل منهم فيها دوده من فتحة الصدر حتى تمتلىء الحوافظ فيهرولون الى الحريق ليزيدوا من اشعال ناره التى تلتهم المزيد من الديدان . تضع سوليه على رؤوس ابناء الحلب مظلات من الخوص لتجعلهم أكثر صبرا مما يدعو المقاول والخولى والباشا الى تمييزهم فى الأجر فينال كل نفر من المائة الحلب مليمين ليجمع أخبار رجال ونساء الكوليه الأجراء لينقلها الى سوليه التى تنقلها الى المقاول الذى ينقلها الى الخولى الذى ينقلها الى الباشا فيقرر استبعاد غير القادر على جمع الدود ويعطى بقية المائتين من نساء ورجال الكوليه مليما واحدا للنفر . يظل ابناء قرى الكوليه الأجراء يضعون دود القطن فى صدورهم فتتسع أفواه الدود لتتجه الى البطون الضعيفه فتخترقها لتلتهم الأمعاء ويسقط رجال ونساء الكوليه فيفقد الباشا ثلثى ماتبقى من المحصول لينزل بالمليمين الى واحد للنفر من ابناء الحلب وتضيع عمولة سوليه التى تأخذها عن كل نفر وهى مليمان من اسبوع النفر كما يفقد نفس النسبة المقاول والخولى ، ويعوى جسد العالم من شدة برد الشتاء الجليدى لندرة الانسجة القطنية بسبب توحش دود القطن . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه

البركه تفجرت العيون فى قلب الشارع فأسرع الصغار يخلعون ملابسهم كى يسبحوا للعبور من الرصيف الأيمن الى الأيسر بعرض ثلاثة أمتار وعمق المتر ونصف . يحمل كل صغير ملابسه بيده اليسرى ويرفعها فى الهواء ، ويضرب وجه الماء باليمنى والقدمين فيندفع الى الأمام كل حسب قوته . يعود طلاب المدارس فيحملون حقائبهم التيلية الممتلئة بالكتب والكراريس لتمتلىء بالملابس الداخلية والخارجية والأحذية ويبعدونها عن سطح الماء ويواصلون السباحة حتى يصل كل منهم الى السلالم التى لايغطيها الماء فيتعلقون بالظاهر منها حتى يصعدون الى أدوارهم العليا بعد أن هجر كل سكان الادوار الأرضية المنطقة الى المخيمات حتى تبلع عيون أرض الشارع ماءها . لزمت السيدات وبنات البنوت المنازل لعدم المامهن بفن السباحة وفكرن كثيرا فى استخدام العوامات المطاطيه لتعينهم على التنقل من والى الأسواق حتى لايمل الرجال من صراعهم الدائم فى مسابقة السباحة لأربع أوخمس مرات يوميا ذهابا وأيابا من العمل واختراقا للأسواق تلبية لطلبات المنازل . أسرع الشيوخ الى بيوت المسنين واعتزلوا الابناء والاحفاد الذين انقطع بهم الاتصال لتخلل المياه كل شرايين وأوردة كابلات الهواتف الأرضيه وعجز القوارب الصغيرة عن قطع المسافة الكبيرة بين المنطقة وبيوت المسنين . تداخلت مياه الشرب ومياه البقايا ليشرب السكان الماء الجارى ، وجلس هواة الصيد يمسكون بسنانيرهم على الشاطئين ليلتقطوا أسماكهم الصغيره . مرّ شيخان كبيران عابرا سبيل بالشارع فانزلقت أقدامهما الى وسط البركة لتبتلعهما واحدة من الحفر التى لم يسدها عمال حفر نظارة المياه والنور والفضلات والغاز-الغير موجود بالمنطقة - والجسور والهواتف , لم تفلح محاولات ابناء المنطقة فى انتشال جثتى الشيخ عويس الزغباوى الماوردى وزوجته زاهيه ، وابتلعت حفرة ثانية من بين الحفر الست كمال ونبويه ابنى شحاته غزال القهوجى . كلّف ابناء الشيخ عويس محاميا ليرفع قضية لأبيهم وأخرى لأمهم ضد الجهات المعنيه ، وانضم اليهم شحات مطالبا بالتعويض عن صغيريه . بلغ اجمالى القضايا المرفوعه ضد النظارات المعنية أربعا وعشرين قضيه فشكلّت النظارات هيئة للدفاع وخصصت خمسة من المحامين للرد على الخصوم فى كل قضية حتى تمكن المائة والعشرون محاميا من كسب القضايا وطالبوا ابناء الشيخ عويس وشحات بأتعاب المحامين أو الحكم بالحبس فى حالة عدم القدرة على السداد . بحثت أقدام شحات وابناء الشيخ عويس عن الحفر الأربع الأخرى وانزلقوا فى قلبها لتغطيهم المياه المتدفقة من ماسورة مياه الشرب وماسورة مياه الفضلات ، وطمست كل معالمهم مياه البركه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= البغال تقلب سومه بنت دوسه فى البغال التى أمامها حتى يستقر رأيها على العدد الذى ستستبقيه فى الخدمة وتستبعد المتهالك غير القادر على العمل ليأخذ طريقه الى الاعدام رميا برصاص السمّاوى المتخصص فى اصطياد كلاب الشوارع المسعورة والضالة . يتصدر شباب البغال الفتية القائمة أمام مدخل اصطبل سومه بنت دوسه الشهير فينشرح صدرها لتخصص الاقوى والاكثر تماسكا لشد عربات الباشا طحيمر البلكاوى صاحب الاقطاعية وولى نعمة العاملين بها ، وعربات الهوانم زوجته وبناته الخمس اللاتى أوشكن على الزواج . يقع اختيار سومه على أفضل ستة بغال لشد عربات الباشا وستة آخرين احتياطيا لهم فاذا مانال التعب من الاوائل حلّوا مكانهم حتى يستعيدوا قواهم فيعودوا الى العمل .. تنظر سومه باشفاق الى البغل الثالث عشر الذى يحمل تبعة شؤم الرقم وترتعد فرائصه ، ولايقوى على الوقوف فتقف سومه على قلبها وتخطو عليه بعيدا عن دموع البغل العجوز وتعطى الاشارة الى السمّاوى الذى يقود البغل الى الخارج فى الارض الفضاء خلف الاصطبل وتسمع بعد دقائق صوت الطلق النارى يخترق قلب العجوز . تقف بنت دوسه حائرة أمام تسع وتسعين بغل تود أن تستبعد منهم تسعا واربعين وتستبقى الخمسين لتوزعهم على الاعيان ممن يؤجر البغال من اصطبلها .. سيأخذ ناظر الاقطاعية أربعة بغال أساسى واربعة احتياطى لشد عرباته ، وسيأخذ مهندس الرى أربعة وأربعة ، وللعمدة ثلاثة وثلاثة ، ولكل من شيخ البلد وشيخ الخفر اثنان واثنان . تنطلق بين كل دقيقة ودقيقة طلقة من بندقية السمّاوى لتصيب العجائز من البغال فى قلوبها فتشعر سومه بنت دوسه بانتعاشة وراحة بال للتخلص من أعباء أكل هذه البغال غير المفيدة . تواصل سومه توزيع الاثنين والعشرين بغلا المتبقية على كبار الاعيان ، وتطلق الخيول على اناث الحمير فتتزاوج لتنجب بعد ذلك بغالا تحل محل البغال غير القادرة على العمل مع عدم تزاوجها فالبغال لاتنجب . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ======================================================================== الخرزه تبحث سونه النونه عن خرزتها الزرقاء التى وضعتها أمها دوسه الرايق على صدرها فى لحظة ميلادها لتحميها من شر الحاسدين ، ولم تفارقها لحظة حتى خلعتها لتضع القلادة التى أهدتها اليها عميشه خفناهى المسبله لتعيّنها مديرا لادارة الخبز بدلا من غريمتها معزوزه الوردى التى تنازعها فى تبوء كل الادارات والمناصب منذ تم تعيينهما فى يوم واحد بسن واحدة لاتزيد يوما أوتنقص . تقلّب سونه فى كل الاوراق التى أمامها على المكتب ، وتركع عميشه على ركبتيها لتبحث أسفل المكتب عن الخرزه العزيزه على قلب سونه النونه مدير عام المعايش بدائرة التمويل الداخلى فلاتجدها وترسم علامات الحزن على وجهها لتشارك مديرتها المشاعر على الفقيدة الغالية . تضع سونه يدها على صدرها وتتحسس مكان الخرزة الزرقاء المحفور منذ زمن بعيد فتصطدم يدها بالقلادة الذهبية وتنظر الى عينى عميشه الدامعتين فتطمئن الى مشاركتها الوجدانية فتتماسك وتعاود البحث ثانية . تحاول سونه الوقوف والاتجاه الى منتصف الغرفة حيث يوجد اناء الورود الخزفى الذى يتوسط المنضدة القصيرة التى تجلس عليها عميشة بعد كل محاولة للبحث عن الخرزة الزرقاء .. أفرغت سونه كل الورود الصفراء التى تعشقها من الاناء الخزفى وأدخلت يدها تتحسس كل الجوانب الخشنة فى الاناء فلم تجد خرزتها الحبيبة هدية الغالية دوسه الرايق . تعيد عميشه خفناهى المسبلة الورود الى مكانها وتفتش بعينيها فى أركان الغرفة فى محاولة جديدة للبحث عن خرزة سونه فلاتجدها .. تزلزل صرخات معزوزه الوردى باب غرفة سونه المجاور لباب غرفتها فتسرع سونه وعميشه الى نجدتها فتزداد تقلصات بطنها ، ويتم نقلها الى وحدة الرعاية الطبية بالمصلحة التى تقوم باجراء الاسعافات الأولية التى لم تفلح ، وتكشف الاشعة عن استقرار خرزة سونه الزرقاء فى معدة معزوزة بعد شربها لكأس شربات الورد فى مكتب سونه ولم تفلح محتولات الاطباء فى استخراج الخرزة الغالية . حزنت سونه النونه كثيرا على هدية أمها التى كانت تحميها من الحسد وتجلب لها الحظ .. لم تكد سونه تجلس على مكتبها حتى صدر قرار رئيس مجلس ادارة دائرة التمويل بتعيين معزوزه الوردى مديرا عاما للمعايش بدلا من سونه النونه بعد أن جاءها الحظ مسرعا على يد الخرزة الزرقاء المختبئة داخل معدتها . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =========================================================================== الدبة البيضاء خرجت الدبة البيضاء تبحث عن لون آخر غير اللون الذى يحمله أفراد جماعتها منذ زمن بعيد فلقد ملّت الدبة اللون الذى يعكس كل أشعة الشمس ويحرمها من الدفىء الذى تشعر به سائر الدببة الملونين التى تمتص جلودها كل أشعة الشمس لتخرج ألسنتها من شدة حرارة الأجساد . غادرت الدبة البيضاء أرض قومها فاتسعت المسافات وتعددت الطرق أمامها فتحيّرت فى دخول أى من الطرق الوعرة أو الممهدة التى فقدت الأشارات الدالة على وجود جماعات من الدببة الملونة مع نهاية أى طريق منها . صرخت الدبة البيضاء فى الفضاء ليأتيها الصدى ، ولم يأت اليها بصوت آخر .. صمتت الجميلة لتستمتع بترديد نهايات صوتها ثم وصل الى أسماعها همهمات بشرية فدارت بجسدها حول محور ارتكازها وفتشت بعيونها عن مصدر الهمهمة لتجد الصمت فدخلها الخوف من المجهول الذى ينتظرها على أيدى البشر . تقدم الدبة قدما وتؤخر الأخرى تجاه الطرق التى أمامها ، وأخيرا قررت العودة من حيث جاءت واستدارت لتعود وانطلقت بكل ماأوتيت من قوة فرارا من الأيدى المختبئة . حالف الحظ الدبة البيضاء لمسافة مائة مترا ثم ارتفعت فى وجهها الشباك البلاستيكية المتينة لتطرحها أرضا ثم تتكالب عليها سائر الشباك لتنقلها الى أقفاص الصيادين الحديديه .. تم حقن الدبة بمهدىء فشعرت بدوار شديد كاد أن يعصف برأسها واستكانت لحالتها خلف القضبان . جاء الصيادون بدبة بيضاء صناعية فى نفس حجم الدبة البيضاء المتمردة ، وتم تحريكها بالريموت حتى استقرت فى وسط الساحة الفضاء وأصدرت أصوات الاستغاثة المسجلة فى داخلها ليخرج حشد من الدببة الملونة من كل الطرق المؤدية الى مركز الساحة حيث صوت الدبة البيضاء الصناعية . التفت الدببة السمراء حول الدبة البيضاء التى توقف مسجل الصوت داخلها فراحوا يتشممون رائحتها التى لم ترق لهم وكانت غريبة فانصرفوا عنها لكن شباك الصيادين لم تمكنهم من المغادرة والتقطت عددا كبيرا من الدببة التى تم حقنها بالمهدئات ، وتم شحنها على السيارات لتأخذ طريقها الى المطار حتى يتم نقلها الى حدائق المدائن الكبيرة .. فرّ بعض من الدببة الملونة وعادت الى مخابئها .. رأت الدبة البيضاء مايحدث ورفضت أن تكون طعما للملونين من الدببة حتى تمكن الدببة السمراء من تحطيم الدبة الصناعية أمامها فى اليوم الخامس ، ولم يبق أمام الصيادين سوى الدبة البيضاء المتمردة فتم حقنها وتجويعها وزجّ بها الى قلب الساحة ، وأوسعها الصيادون ضربا فأصدرت أصوات الاستغاثة من شدة الضرب فأسرع الصيادون الى الاختباء ، وجاء الدببة الملونون والتفوا حول البيضاء وسال ريقهم لكن سرعان ماأفاقوا الى أنفسهم وأرادوا أن يتأكدوا من حقيقة جنس البيضاء فانهال الجميع ضربا على البيضاء لتزيد من استغاثتها حتى سقطت ميتة بعدما تسببت فى الايقاع بعشرين من الدببة الملونة ، وفقد الصيادون الدبة البيضاء المتمردة . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ========================================================================== الرايه يمد الصغار أيديهم بالملاليم والأرغفة الشمسى والقرص الى بشير فهمى كى يحصل كل منهم على بعض من الراية المملحة الملفوفة فى أحضان ورق جرائد المقطم والمؤيد والوقائع . يقف بشير فهمى صغيرا لم يتجاوز الثامنة فى ملتقى مقابر الأقباط والمسلمين فى صباح يوم عيد الفطر المبارك حيث يعشق الصغار الملوحة بعد صيام دام ثلاثين يوما . يرش بشير قليلا من ماء الملوحة على سمك الراية الصغير الذى أمامه فى قلب الصفيحة الكبيرة حتى تروق لعييون الصغار المتزاحمين حوله يكررون : بمليم رايه .. برغيف رايه .. بقرصه .. بكعكه .. ببرتقاله .. ببعض التمر . يسرع بشير الى لف اللفائف فيفرح الصغار بافطارهم المنفصل بعيدا عن أسرهم الى جوار سور جبانة قبلى البلد ، ويحصد بشير فى يوم العيد مقابل سبع صفائح يضعه فى الجوالين اللذين بجانبه حتى يمتلئان وتفرغ الصفائح ليسد احتياجات فهمى عثمان والده المريض بالربو من كثرة تعاطيه للتبغ المعسل القص الساخن ، وأمه نعمة الله حفظى لمدة شهرين وعشرة أيام الى أن يأتى عيد الأضحى المبارك ليأتى بصفائحه السبعة التى يملكها فهمى عثمان مليئة بسمك الراية المملح ليبيعها فتسد حاجتهم لمدة شهرين آخرين وعشرة أيام ليبدأ بشير فى خروجه الدائم بعد ذلك حاملا صفيحة واحدة أيام الجمع والآحاد حين يطلع الأحياء على موتاهم ترحما ، ولايبيع بشير فى هذه الأيام الا القليل من الراية المملحة حتى أن الصفيحة الواحدة تباع على مدى ثلاثة أسابيع فيقل جهد نعمة الله حفظى فى التمليح وفهمى عثمان فى لحم الصفائح ، ولاينزل بشير الترعة الا ليوم واحد بينما ينزل قبل الاعياد أيام السبت والاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميس ليصطاد سمك الراية ببطن جلباب أمه القديم ، وتسرع نعمة الله الى وضعه طبقات فوق بعضها يفصل بينها الملح الكثير وقليل من بقايا بشير لتعجل من تسويته ، ويقوم فهمى عثمان بتسخين مكواته الحديد على نيران وابور الجاز حتى تتحول الى اللون الاحمر فيضع ماء النار على أطراف غطاء الصفيحة ويحكم اللحام ، وحين يفرغ من صفائح بشير يتجه الى مخزن تجار الملوحة الكبير - ومازال يسعل بقوة - ويبدأ فى لحم الصفائح لتخزن ويتم توزيعها على مختلف المدائن التى تحب السمك المملح . بمليم رايه .. برغيف .. بقرصه .. بكعكه .. ثم تختفى أصوات الصغار ايذانا برحيل النساء والصغار عن المقابر لتحمل نعمة الله حفظى جوالا من خير ربنا ، ويحمل بشير الجوال الثانى ويسبق أمه الى المنزل ليستحم ويرتدى جلبابه الجديد كى يلحق بالمراجيح التى تعلو به فى أجواء الفضاء ثم تهبط به الى الأرض مع اقتراب رحيل الشمس ، وليشاهد خيال الظل والأراجوز ومازالت رائحته تفوح بماء ملوحة سمك الرايه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ الرماديون يستقر الشارع الرمادى فى وسط المدينة الكبيرة ويقسمها الى النصفين النصف البحرى والنصف القبلى .. يتشح النصف البحرى برقة طبع أهله وليونة لهجتهم التى تميل بشدة حتى تصل الى سطح البحر الكبير .. ينزع اهل النصف الآخر الى الشدة فى الطباع وسوء السلوك الذى يميل الى العدوانية كلما اقتربوا من أشعة الشمس الحارقة مما أدى الى عدم اهتمام المسؤولين وانصرافهم عن أهل النصف القبلى الذين يملكون منابع الماء التى تروى كل البلاد بدون مقابل ، ويسيطر الفقر على اهل الجنوب وتسيطر البشرة القاتمة على اجساد ابنائهم . ينعم ابناء الشمال بنسائم البحر الكبير والطمى الذى يحمل الخير الكثير الذى ينتج أكثر من غلة واحدة فى الموسم الواحد من مواسم السنة الاربعة فتبتهج بشرة الفلاحين ، ويلّون أحمر الدم وجنات الفتيات الشديدة البياض .. تمضى فصول ثلاثة من السنة ويأتى الشتاء قاسيا فيغطى المناطق الشمالية بالجليد الذى يصيب كل شيىء بالسكون فتفقد الكائنات حيويتها لمدة ثلاثة شهور ، قد تصل فى بعض السنين الى خمسة حتى يجيىء الربيع فيعيد الجمال الذى تتسم به المناطق لكنه لايقوى على تغيير اى ملمح من ملامح الجنوب العنيد فيفر الكثير من ابنائه الى الشارع الرمادى فى منتصف المدينة الكبيرة ليلتقون بالمنبوذين من ابناء الشمال الذين ملّوا ليونة حياتهم ويسعون الى الخشونة فتجد الفتيات ماتبحثن عنه . ينسجم الرماديون من أهل الشمال والجنوب وتطيب لهم الاقامة بين المنطقتين بالشارع الرمادى الذى يبدأ فى الاتساع ليحتل بعد سنوات قليلة خمسا جديدا من الشمال وخمسا آخر من الجنوب ، وتتوافد اليه فى مواسم الشتاء جماعات الراغبون فى الاكتساء باللون الرمادى غير المحدد والتائه بين الابيض والاسمر . يتزاوج القادمون من الجنوب بالقادمات من الشمال فيصبح لابنائهم أخوالا بلون الثلج وأعماما بلون الليل فيقضون مواسم الصيف لدى أخوالهم ومواسم الشتاء عند أعمامهم ويقيمون فى الربيع والخريف بالشارع الرمادى الذى أذاب الحدود بين النصفين وصبغ طباع اهل الجنوب بالنعومة وكسا ابناء الشمال خشونة ليلتقى الاثنان فى منتصف المدينة الكبيرة ويتلونون باللون الرمادى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================= الشحم اللذيذ تتدلى الالسنة المحمرة الطويلة حتى توشك ان تلامس الارض من شدة العطش والجوع .. ينتظر الحراس ميعاد الغذاء بعد ثلاثة أيام من التجويع التام .. تقترب عقارب ساعة الحائط الكبيرة من الخامسة فتتعلق العيون بها ، وحين تدق الساعة يفتح الحراس الابواب فتنطلق الكلاب المدربة كالمسعورة تفتش فى السراديب الملتوية عن الطعام والشراب . تنهى الكلاب عملية بحثها الشاق بعد خمسة عشر دقيقة عبر عشرين كيلومترا من السراديب التى يؤدى كل منها الى الآخر فى دوائر لامتناهيه توهم الداخل بقرب نهايتها البعيدة ولاتأتى الابحاسة الشم القوية لدى الكلاب المدربة . تتزاحم الكلاب حول دائرة اللحوم المستوية المطلية بالشحم ثم تشيح بوجوهها وتتراجع حتى توشك على الانصراف فيمزق الجوع جدران امعائهم ليعاودوا شم الشحم ويلعقونه حتى يكشف عن اللحم اللذيذ الذى يعشقونه . ينفض جمع الاقوياء بعد الشبع ليحل محلهم الاقل قوة حتى يشبع الجميع ، ومازالت الالسنة الحمراء الطويلة تتدلى فلامست الارض من شدة العطش .. تهتز الآذان المدربة بمجرد سماعها تساقط نقط الماء فى الحوض فتسرى الدماء فى عروقهم ويستعيدوا قواهم ويبدأون رحلة البحث فى سراديب التيه الملتوية لمدة نصف الساعة حتى يهتدى واحد من المائة الى المكان فيظل ينبح حتى يدل الآخرين الذين يسارعون الى مكانه . يرتشف الكلب الاخير آخر نقطة ماء بالحوض ويركن الجميع الى الجدران الرطبة ليناموا ويستيقظوا فى تمام العاشرة فلايجدوا الاكل أو الشرب ، ويمر اليوم الاول والثانى حتى تقترب الخامسة من ظهيرة اليوم الثالث فتسرى الهمهمات فى السماعات المنتشرة بطول السراديب فتتنبه الاجساد النائمة ، ومع دق جرس ساعة الخامسة تنطلق الكلاب الى الشحم اللذيذ الذى أدمنته وتطيل لعقه ليكشف عن اللحم المشوى أوالمسلوق والذى لم يعد يغريها ثم ترتوى بالماء الصافى . تمر الايام الثلاثة التالية ليأتى الرابع فيفاجىء الكلاب أجساد البشر المدهونة بالشحم اللذيذ فيستغربون المشهد ولايقتربون الامع سياط الحراس التى تلهب اجسادهم ليتعاملوا مع المارقين وقطاع الطريق نزلاء النفق الغربى .. تنطلق صرخات النزلاء هلعا من لعق الالسنة الحمراء الطويلة للشحم الذى يغطى كل جزء من اجزاء الجسم العارى .. تتشمم الكلاب اللحوم غير المستوية فتبعد عنها وتكتفى بالشحم اللذيذ والماء الصافى . ينتظم الحراس فى فتح السماعات ودق جرس الخامسة كل يوم فتنطلق صرخات النزلاء وتستمتع الكلاب بالشحم اللذيذ ، وذات يوم لم تكتفى الكلاب بالشحم وأطلقت أنيابها لتنهش أجساد النزلاء ليموت معظمهم بالسكتة القلبية قبل التمزيق ومات الباقى بالتمزيق . اصيبت الكلاب بالتخمة ولم تستطع التقاط أنفاسها فماتت بعد خمسة أيام ، وأقلع المارقون وقطاع الطريق عن الاقامة بالنفق الغربى لبعدهم عن الاسباب التى تؤدى الى الشحم اللذيذ الذى ستدمنه الاجيال الجديدة من الكلاب المدربة . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ الشغّيله تقول المرأة : ان ظفر قدم المهندز بألف من الشغّيلة ، وايش جاب لجاب وهى العين تعلى على الحاجب ؟ تتعلق آذان نساء الشغيلة بصوت كايداهم زين البراويه بنت الشغيله ، وتحلم كل امرأة أن تنجب ولدا يتخرج فى المهندزخانه حتى يصبح مثل الباشا مهندز الرى الذى باشارة من يده اليمنى يرتوى الزرع ، وحين يلّوح بيده اليسرى يصاب بالجفاف ويتضور الفلاحون جوعا . تتخير كايداهم أقوى النساء وتضع لهن جدولا لخدمة قصر الباشا بطول أيام الأسبوع فعشرة منهن ينظفن الدور الأرضى الذى يبدأ بقاعة استقبال الضيوف وتحيطها عشرة غرف موزعة على الجانبين .. تصعد العشرة نساء الأخريات على السلم المؤدى الى الدور الثانى ويبدأ التنظيف عقب خروج الباشا من باب القصر فى تمام السابعة من صباح كل يوم فى صحبة ابنه الوحيد رامى ليوصله السائق الى مدرسة البندر . توجه كايداهم زينهم كبيرة الخدم بالقصر عشرة أخريات من النساء فى صحبة طه رضاوى ساعى مكتب الباشا ليمر على دور العمده وشيخ البلد وشيخ الخفر وكبار الاعيان وزيدان باشا عبده وسلام باشا عنتر ليجمع الراتب اليومى من الخضار والفاكهة والطيور التى ستذبح لتقدم على مائدة الغداء والعشاء فى قصر سيد باشا طماى مهندس الرى . يعود رضاوى قبل أذان صلاة الظهر فتضع كل امرأة ماعلى رأسها من خير لتسلمه الى كبيرة الخدم التى تقلب فيه النظر لتستبعد الردىء وتدخل السليم الى المطبخ .. يتجمع الثلاثون أمرأة فى المطبخ الكبير يغسلن ويقطعن ويذبحن ويسوين اللحوم .. تتجول كايداهم بين نساء الشغيله فيعلو صراخها لتأتى بأسرار هانم عزيز التى تهدىء من روعها وخوفها الشديد من الباشا اذا لم تحسن النساء عملهن وينتهين منه قبل أن يعود فستفقد وظيفتها ويخرب بيتها . تهدأ كايداهم وتعطى أسرار هانم لكل امرأة حسنتها بعضا من الخبز وقليلا من الخضار فتعلو أصواتهن بالدعاء لها ويغادرن القصر لتستقبلهن بناتهن اللاتى يحملن عنهن الوجبات التى ستقيم أودهن وأود أخواتهن وآبائهن الذين يعودون من مصلحة الرى مع غروب الشمس ، وتحلم كل فتاة بفارسها الذى يشبه الباشا مهندز الرى الذى سيغدق خيرا كثيرا على أهلها الشغيله . تسرع كايداهم لتلحق بالنساء لتؤكد عليهن ابلاغ جاراتهن ممن عليهن الدور فى الغد لخدمة قصر الباشا وتكرر جملها المشهوره ليقلعن عن الحلم : ان ظفر قدم المهندز بألف من الشغيله ، وايش جاب لجاب ... تترك النساء والفتيات كايداهم تواصل وصاياها ويعدن الى منازلهن ليقابلهن الزحام الشديد والصراخ والعويل طلبا للنجدة من الغرق لتآكل تروس اغلاق ابواب القناطر . باءت كل محاولات الرجال بالفشل وتدفق الماء الغاضب ليزيل كل الابواب ويغمر بيوت الشغيله التى تحتضن نساءها ورجالها وشيوخها فلاينجو من الغرق أحد . تبدأ كايداهم كبيرة خدم القصر فى رحلة البحث عن شغيلة جدد ونساء وبنات بنوت يحلمن بسيدهن الباشا ليغدق الخير الكثير على أهلها من الشغيله . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== الصخرة الصغيرة تتآكل قاعدة الصخرة الصغيرة التى تستقر أعلى قمة الجبل الكبير .. تتبادل معاول الحجارين القطع فى آخر كل ليل لتزيد من منطقة التآكل ، وحتى لاتراهم الشرطة التى تجرّم قطع أحجار جبل الخير تسللت أشعة شمس اليوم الخامس والستين بعد الثلاثمائة من السنة الميلادية ، ومازال غريب غرباوى ينقب مع رجاله أسفل الجبل ليستخرج المعادن الثمينة ,, حمّل الرجل الديناميت على مائة من الأبل ، وأعطى الجمالين أجرا مضاعفا حتى لايشى به أحدهم الى الشرطة ويتم القبض عليه فيبعد عن حلمه فى العثور على كنوز الملك الحكيم التى دفنت أسفل هذا الجبل منذ آلاف السنين كما تقول مصادره المؤكدة من مخطوطات جده التى عثر عليها وهو ينقب عن الذهب أسفل جبل الخير قال له جده الغريب القادم من بلاد الشمال البعيد : ان جبل الخير جبل مبارك مرّ عليه الكثير من أولياء الله الصالحين ذهابا وأيابا ، واقامة فى كثير من الأحيان فى بعض الكهوف للعبادة بعيدا عن بطش البشر كما تقول المخطوطات ويؤكد القدامة من سكان المناطق المحيطة بالجبل ، ولذلك ارتبط اسمه بالخبر أنزل الجمالون حمولة ابلهم ، والتقطها عمال غريب غرباوى وفتحوا الصناديق ليستخرجوا أصابع الديناميت الطويلة ، وأسرعوا يزرعونها فى كل مكان تصل اليه أيديهم طبقا للخريطة .. ربط العمال الأسلاك ووصلوها بالمصادر التى تشعبت كثيرا وتوحدت حتى صارت واحدة أمسك بها غريب ، وحدد لرجاله ساعة الصفر وقت رحيل المحتفلين برأس السنة على امتداد المسطحات الخضراء المدرجة التى تملأ الجبل فى صباح أول يوم من العام الجديد غادر غريب المكان عائدا الى منزله بعد اطمئنانه على قرب موعد وصوله الى الكنوز التى ستجعله يحكم هذا الكون .. واصل العمال الانسحاب الى مخابئهم ليفسحوا الطرقات للقادمين من أهل المناطق المجاورة ألقت الشمس بثقلها على جبل الخير وكادت أن تلامس قممه .. انطلقت الوفود من المحتفلين الى الجبل تفرد المخيمات للاقامة ليلة رأس السنة ، ويجهزون الالعاب النارية التى ستحمل بسماتهم وتعبر عن سعادتهم بقدوم العام الجديد رحلت شمس اليوم الأخير من السنة فخرج رجال غريب من مخابئهم واختلطوا بالمحتفلين .. انطلقت الالعاب النارية تملأ السماء فتشيع البهجة فى القلوب .. أمسك واحد من عمال غريب بلعبة نارية وأطلقها فأصابت سلك التيار الموصل الى الديناميت المنزرع حول الصخرة الصغيرة فاشتعل لينفجر الديناميت وتسقط الصخرة ليتبعها صخوركثيره تتمكن من دفن كل المحتفلين مع رجال غريب غرباوى الذى ابتهج كثيرا لتقديم ساعة الصفر كى يتحقق حلمه الذى ظل يراوده منذ نعومة أظافره فى حكايات جده بعد سقوط الصخرة الصغيرة من جبل الخير قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== الغوايش تصنع سوداويه جبلا من رغوة صابون الغسيل محدود القيمة .. تمرر ماتبقى من جسد الصابونة على الخمس غوايش الاولى فى معصم يدها اليمنى ، ثم تحاول الامساك بفتافيت الصابونة بيدها لتمررها على الخمس غوايش الثانية فى معصم يدها اليسرى . تغمس سوداويه يديها الاثنين فى الماجور الفخارى الكبير الذى يحمل جبل الفقاعات الكروية التى ماتلبث أن تنفجر حتى تمتلىء وتنفجر ، وتنتظر فترة طويلة من الزمن حتى يتخلل الماء مسام الغوايش فتتسع ليسهل خلعها من يدى سوداويه التى راحت للامتلاء الوراثى عن الام والجدة من فرط حبهم الشديد للشعرية التى تشبه الى حد كبير المكرونة الايطالية الطويلة والصينية أيضا . تحاول سوداويه أن تفرغ من خلع الغوايش النحاسية القديمة التى تلّونت بالصدأ الاخضر الجنزارى لطول عمرها فلقد أهداها لها عناينى البخ زوجها منذ أربعين عاما كشبكة للزواج الذى أسفر عن مولد ولد متزوج من عشرين عاما وبنت لم تتزوج لبدانتها وعدم قدرتها على الحركة . تحاول سوداوية نزع أول غويشة من اليد اليمنى فلاتتمكن وتخشى على الشعرية من فشل ابنتها التى لم تفلح فى تعليمها شيئتا من أمور المنزل .. توجه سوداويه ارشاداتها الى حليمه ابنتها عن بعد وتواصل محاولاتها فى نزع الغويشة الاولى .. تبوء كل المحاولات بالفشل فتنتقل الى اليد اليسرى لتحاول مع الاولى من الخمس غوايش نصف العشرة التى اشتراها عناينى البخ من حر ماله على مدى عشر سنوات كان يقتطع جزءا من أجر عمله كسايس فى دوار العمدة حتى تتمكن سوداويه من العزف بهن فى وجه غوايش الهانم حرم العمدة والهانم حرم شيخ البلد الفضية . تقلع سوداويه عن الاكل طوال اليوم حتى تقل نسبة انتفاخ يديها لتتمكن من نزع هذه النحاسيات التى أدمت معصميها .. يجرى ريق سوداويه على الشعرية التى نجحت ابنتها حليمه ولأول مرة فى طهيها لكنها صرفت النظر وتحولت الى جبل الفقاعات الصابونية حتى تتخلص من الالام المبرحة التى تلازمها ليل نهار بسبب شبكتها النحاسية القديمة . استدعت سوداويه ابنتها حليمة لتعينها على مصيبتها التى أشعلت صراخها فامتد ت السنتها الى آذان كل الجيران الذين تجمعوا حولها وجاءوا بعمرون الحداد الذى تمكن بعد عشر ساعات من انتزاع آخر غويشة من غوايش سوداويه شبكتها النحاسية القديمة الملونة باالصدأ الاخضر الجنزارى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه


البركه تفجرت العيون فى قلب الشارع فأسرع الصغار يخلعون ملابسهم كى يسبحوا للعبور من الرصيف الأيمن الى الأيسر بعرض ثلاثة أمتار وعمق المتر ونصف . يحمل كل صغير ملابسه بيده اليسرى ويرفعها فى الهواء ، ويضرب وجه الماء باليمنى والقدمين فيندفع الى الأمام كل حسب قوته . يعود طلاب المدارس فيحملون حقائبهم التيلية الممتلئة بالكتب والكراريس لتمتلىء بالملابس الداخلية والخارجية والأحذية ويبعدونها عن سطح الماء ويواصلون السباحة حتى يصل كل منهم الى السلالم التى لايغطيها الماء فيتعلقون بالظاهر منها حتى يصعدون الى أدوارهم العليا بعد أن هجر كل سكان الادوار الأرضية المنطقة الى المخيمات حتى تبلع عيون أرض الشارع ماءها . لزمت السيدات وبنات البنوت المنازل لعدم المامهن بفن السباحة وفكرن كثيرا فى استخدام العوامات المطاطيه لتعينهم على التنقل من والى الأسواق حتى لايمل الرجال من صراعهم الدائم فى مسابقة السباحة لأربع أوخمس مرات يوميا ذهابا وأيابا من العمل واختراقا للأسواق تلبية لطلبات المنازل . أسرع الشيوخ الى بيوت المسنين واعتزلوا الابناء والاحفاد الذين انقطع بهم الاتصال لتخلل المياه كل شرايين وأوردة كابلات الهواتف الأرضيه وعجز القوارب الصغيرة عن قطع المسافة الكبيرة بين المنطقة وبيوت المسنين . تداخلت مياه الشرب ومياه البقايا ليشرب السكان الماء الجارى ، وجلس هواة الصيد يمسكون بسنانيرهم على الشاطئين ليلتقطوا أسماكهم الصغيره . مرّ شيخان كبيران عابرا سبيل بالشارع فانزلقت أقدامهما الى وسط البركة لتبتلعهما واحدة من الحفر التى لم يسدها عمال حفر نظارة المياه والنور والفضلات والغاز-الغير موجود بالمنطقة - والجسور والهواتف , لم تفلح محاولات ابناء المنطقة فى انتشال جثتى الشيخ عويس الزغباوى الماوردى وزوجته زاهيه ، وابتلعت حفرة ثانية من بين الحفر الست كمال ونبويه ابنى شحاته غزال القهوجى . كلّف ابناء الشيخ عويس محاميا ليرفع قضية لأبيهم وأخرى لأمهم ضد الجهات المعنيه ، وانضم اليهم شحات مطالبا بالتعويض عن صغيريه . بلغ اجمالى القضايا المرفوعه ضد النظارات المعنية أربعا وعشرين قضيه فشكلّت النظارات هيئة للدفاع وخصصت خمسة من المحامين للرد على الخصوم فى كل قضية حتى تمكن المائة والعشرون محاميا من كسب القضايا وطالبوا ابناء الشيخ عويس وشحات بأتعاب المحامين أو الحكم بالحبس فى حالة عدم القدرة على السداد . بحثت أقدام شحات وابناء الشيخ عويس عن الحفر الأربع الأخرى وانزلقوا فى قلبها لتغطيهم المياه المتدفقة من ماسورة مياه الشرب وماسورة مياه الفضلات ، وطمست كل معالمهم مياه البركه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= البغال تقلب سومه بنت دوسه فى البغال التى أمامها حتى يستقر رأيها على العدد الذى ستستبقيه فى الخدمة وتستبعد المتهالك غير القادر على العمل ليأخذ طريقه الى الاعدام رميا برصاص السمّاوى المتخصص فى اصطياد كلاب الشوارع المسعورة والضالة . يتصدر شباب البغال الفتية القائمة أمام مدخل اصطبل سومه بنت دوسه الشهير فينشرح صدرها لتخصص الاقوى والاكثر تماسكا لشد عربات الباشا طحيمر البلكاوى صاحب الاقطاعية وولى نعمة العاملين بها ، وعربات الهوانم زوجته وبناته الخمس اللاتى أوشكن على الزواج . يقع اختيار سومه على أفضل ستة بغال لشد عربات الباشا وستة آخرين احتياطيا لهم فاذا مانال التعب من الاوائل حلّوا مكانهم حتى يستعيدوا قواهم فيعودوا الى العمل .. تنظر سومه باشفاق الى البغل الثالث عشر الذى يحمل تبعة شؤم الرقم وترتعد فرائصه ، ولايقوى على الوقوف فتقف سومه على قلبها وتخطو عليه بعيدا عن دموع البغل العجوز وتعطى الاشارة الى السمّاوى الذى يقود البغل الى الخارج فى الارض الفضاء خلف الاصطبل وتسمع بعد دقائق صوت الطلق النارى يخترق قلب العجوز . تقف بنت دوسه حائرة أمام تسع وتسعين بغل تود أن تستبعد منهم تسعا واربعين وتستبقى الخمسين لتوزعهم على الاعيان ممن يؤجر البغال من اصطبلها .. سيأخذ ناظر الاقطاعية أربعة بغال أساسى واربعة احتياطى لشد عرباته ، وسيأخذ مهندس الرى أربعة وأربعة ، وللعمدة ثلاثة وثلاثة ، ولكل من شيخ البلد وشيخ الخفر اثنان واثنان . تنطلق بين كل دقيقة ودقيقة طلقة من بندقية السمّاوى لتصيب العجائز من البغال فى قلوبها فتشعر سومه بنت دوسه بانتعاشة وراحة بال للتخلص من أعباء أكل هذه البغال غير المفيدة . تواصل سومه توزيع الاثنين والعشرين بغلا المتبقية على كبار الاعيان ، وتطلق الخيول على اناث الحمير فتتزاوج لتنجب بعد ذلك بغالا تحل محل البغال غير القادرة على العمل مع عدم تزاوجها فالبغال لاتنجب . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ======================================================================== الخرزه تبحث سونه النونه عن خرزتها الزرقاء التى وضعتها أمها دوسه الرايق على صدرها فى لحظة ميلادها لتحميها من شر الحاسدين ، ولم تفارقها لحظة حتى خلعتها لتضع القلادة التى أهدتها اليها عميشه خفناهى المسبله لتعيّنها مديرا لادارة الخبز بدلا من غريمتها معزوزه الوردى التى تنازعها فى تبوء كل الادارات والمناصب منذ تم تعيينهما فى يوم واحد بسن واحدة لاتزيد يوما أوتنقص . تقلّب سونه فى كل الاوراق التى أمامها على المكتب ، وتركع عميشه على ركبتيها لتبحث أسفل المكتب عن الخرزه العزيزه على قلب سونه النونه مدير عام المعايش بدائرة التمويل الداخلى فلاتجدها وترسم علامات الحزن على وجهها لتشارك مديرتها المشاعر على الفقيدة الغالية . تضع سونه يدها على صدرها وتتحسس مكان الخرزة الزرقاء المحفور منذ زمن بعيد فتصطدم يدها بالقلادة الذهبية وتنظر الى عينى عميشه الدامعتين فتطمئن الى مشاركتها الوجدانية فتتماسك وتعاود البحث ثانية . تحاول سونه الوقوف والاتجاه الى منتصف الغرفة حيث يوجد اناء الورود الخزفى الذى يتوسط المنضدة القصيرة التى تجلس عليها عميشة بعد كل محاولة للبحث عن الخرزة الزرقاء .. أفرغت سونه كل الورود الصفراء التى تعشقها من الاناء الخزفى وأدخلت يدها تتحسس كل الجوانب الخشنة فى الاناء فلم تجد خرزتها الحبيبة هدية الغالية دوسه الرايق . تعيد عميشه خفناهى المسبلة الورود الى مكانها وتفتش بعينيها فى أركان الغرفة فى محاولة جديدة للبحث عن خرزة سونه فلاتجدها .. تزلزل صرخات معزوزه الوردى باب غرفة سونه المجاور لباب غرفتها فتسرع سونه وعميشه الى نجدتها فتزداد تقلصات بطنها ، ويتم نقلها الى وحدة الرعاية الطبية بالمصلحة التى تقوم باجراء الاسعافات الأولية التى لم تفلح ، وتكشف الاشعة عن استقرار خرزة سونه الزرقاء فى معدة معزوزة بعد شربها لكأس شربات الورد فى مكتب سونه ولم تفلح محتولات الاطباء فى استخراج الخرزة الغالية . حزنت سونه النونه كثيرا على هدية أمها التى كانت تحميها من الحسد وتجلب لها الحظ .. لم تكد سونه تجلس على مكتبها حتى صدر قرار رئيس مجلس ادارة دائرة التمويل بتعيين معزوزه الوردى مديرا عاما للمعايش بدلا من سونه النونه بعد أن جاءها الحظ مسرعا على يد الخرزة الزرقاء المختبئة داخل معدتها . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =========================================================================== الدبة البيضاء خرجت الدبة البيضاء تبحث عن لون آخر غير اللون الذى يحمله أفراد جماعتها منذ زمن بعيد فلقد ملّت الدبة اللون الذى يعكس كل أشعة الشمس ويحرمها من الدفىء الذى تشعر به سائر الدببة الملونين التى تمتص جلودها كل أشعة الشمس لتخرج ألسنتها من شدة حرارة الأجساد . غادرت الدبة البيضاء أرض قومها فاتسعت المسافات وتعددت الطرق أمامها فتحيّرت فى دخول أى من الطرق الوعرة أو الممهدة التى فقدت الأشارات الدالة على وجود جماعات من الدببة الملونة مع نهاية أى طريق منها . صرخت الدبة البيضاء فى الفضاء ليأتيها الصدى ، ولم يأت اليها بصوت آخر .. صمتت الجميلة لتستمتع بترديد نهايات صوتها ثم وصل الى أسماعها همهمات بشرية فدارت بجسدها حول محور ارتكازها وفتشت بعيونها عن مصدر الهمهمة لتجد الصمت فدخلها الخوف من المجهول الذى ينتظرها على أيدى البشر . تقدم الدبة قدما وتؤخر الأخرى تجاه الطرق التى أمامها ، وأخيرا قررت العودة من حيث جاءت واستدارت لتعود وانطلقت بكل ماأوتيت من قوة فرارا من الأيدى المختبئة . حالف الحظ الدبة البيضاء لمسافة مائة مترا ثم ارتفعت فى وجهها الشباك البلاستيكية المتينة لتطرحها أرضا ثم تتكالب عليها سائر الشباك لتنقلها الى أقفاص الصيادين الحديديه .. تم حقن الدبة بمهدىء فشعرت بدوار شديد كاد أن يعصف برأسها واستكانت لحالتها خلف القضبان . جاء الصيادون بدبة بيضاء صناعية فى نفس حجم الدبة البيضاء المتمردة ، وتم تحريكها بالريموت حتى استقرت فى وسط الساحة الفضاء وأصدرت أصوات الاستغاثة المسجلة فى داخلها ليخرج حشد من الدببة الملونة من كل الطرق المؤدية الى مركز الساحة حيث صوت الدبة البيضاء الصناعية . التفت الدببة السمراء حول الدبة البيضاء التى توقف مسجل الصوت داخلها فراحوا يتشممون رائحتها التى لم ترق لهم وكانت غريبة فانصرفوا عنها لكن شباك الصيادين لم تمكنهم من المغادرة والتقطت عددا كبيرا من الدببة التى تم حقنها بالمهدئات ، وتم شحنها على السيارات لتأخذ طريقها الى المطار حتى يتم نقلها الى حدائق المدائن الكبيرة .. فرّ بعض من الدببة الملونة وعادت الى مخابئها .. رأت الدبة البيضاء مايحدث ورفضت أن تكون طعما للملونين من الدببة حتى تمكن الدببة السمراء من تحطيم الدبة الصناعية أمامها فى اليوم الخامس ، ولم يبق أمام الصيادين سوى الدبة البيضاء المتمردة فتم حقنها وتجويعها وزجّ بها الى قلب الساحة ، وأوسعها الصيادون ضربا فأصدرت أصوات الاستغاثة من شدة الضرب فأسرع الصيادون الى الاختباء ، وجاء الدببة الملونون والتفوا حول البيضاء وسال ريقهم لكن سرعان ماأفاقوا الى أنفسهم وأرادوا أن يتأكدوا من حقيقة جنس البيضاء فانهال الجميع ضربا على البيضاء لتزيد من استغاثتها حتى سقطت ميتة بعدما تسببت فى الايقاع بعشرين من الدببة الملونة ، وفقد الصيادون الدبة البيضاء المتمردة . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ========================================================================== الرايه يمد الصغار أيديهم بالملاليم والأرغفة الشمسى والقرص الى بشير فهمى كى يحصل كل منهم على بعض من الراية المملحة الملفوفة فى أحضان ورق جرائد المقطم والمؤيد والوقائع . يقف بشير فهمى صغيرا لم يتجاوز الثامنة فى ملتقى مقابر الأقباط والمسلمين فى صباح يوم عيد الفطر المبارك حيث يعشق الصغار الملوحة بعد صيام دام ثلاثين يوما . يرش بشير قليلا من ماء الملوحة على سمك الراية الصغير الذى أمامه فى قلب الصفيحة الكبيرة حتى تروق لعييون الصغار المتزاحمين حوله يكررون : بمليم رايه .. برغيف رايه .. بقرصه .. بكعكه .. ببرتقاله .. ببعض التمر . يسرع بشير الى لف اللفائف فيفرح الصغار بافطارهم المنفصل بعيدا عن أسرهم الى جوار سور جبانة قبلى البلد ، ويحصد بشير فى يوم العيد مقابل سبع صفائح يضعه فى الجوالين اللذين بجانبه حتى يمتلئان وتفرغ الصفائح ليسد احتياجات فهمى عثمان والده المريض بالربو من كثرة تعاطيه للتبغ المعسل القص الساخن ، وأمه نعمة الله حفظى لمدة شهرين وعشرة أيام الى أن يأتى عيد الأضحى المبارك ليأتى بصفائحه السبعة التى يملكها فهمى عثمان مليئة بسمك الراية المملح ليبيعها فتسد حاجتهم لمدة شهرين آخرين وعشرة أيام ليبدأ بشير فى خروجه الدائم بعد ذلك حاملا صفيحة واحدة أيام الجمع والآحاد حين يطلع الأحياء على موتاهم ترحما ، ولايبيع بشير فى هذه الأيام الا القليل من الراية المملحة حتى أن الصفيحة الواحدة تباع على مدى ثلاثة أسابيع فيقل جهد نعمة الله حفظى فى التمليح وفهمى عثمان فى لحم الصفائح ، ولاينزل بشير الترعة الا ليوم واحد بينما ينزل قبل الاعياد أيام السبت والاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميس ليصطاد سمك الراية ببطن جلباب أمه القديم ، وتسرع نعمة الله الى وضعه طبقات فوق بعضها يفصل بينها الملح الكثير وقليل من بقايا بشير لتعجل من تسويته ، ويقوم فهمى عثمان بتسخين مكواته الحديد على نيران وابور الجاز حتى تتحول الى اللون الاحمر فيضع ماء النار على أطراف غطاء الصفيحة ويحكم اللحام ، وحين يفرغ من صفائح بشير يتجه الى مخزن تجار الملوحة الكبير - ومازال يسعل بقوة - ويبدأ فى لحم الصفائح لتخزن ويتم توزيعها على مختلف المدائن التى تحب السمك المملح . بمليم رايه .. برغيف .. بقرصه .. بكعكه .. ثم تختفى أصوات الصغار ايذانا برحيل النساء والصغار عن المقابر لتحمل نعمة الله حفظى جوالا من خير ربنا ، ويحمل بشير الجوال الثانى ويسبق أمه الى المنزل ليستحم ويرتدى جلبابه الجديد كى يلحق بالمراجيح التى تعلو به فى أجواء الفضاء ثم تهبط به الى الأرض مع اقتراب رحيل الشمس ، وليشاهد خيال الظل والأراجوز ومازالت رائحته تفوح بماء ملوحة سمك الرايه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ الرماديون يستقر الشارع الرمادى فى وسط المدينة الكبيرة ويقسمها الى النصفين النصف البحرى والنصف القبلى .. يتشح النصف البحرى برقة طبع أهله وليونة لهجتهم التى تميل بشدة حتى تصل الى سطح البحر الكبير .. ينزع اهل النصف الآخر الى الشدة فى الطباع وسوء السلوك الذى يميل الى العدوانية كلما اقتربوا من أشعة الشمس الحارقة مما أدى الى عدم اهتمام المسؤولين وانصرافهم عن أهل النصف القبلى الذين يملكون منابع الماء التى تروى كل البلاد بدون مقابل ، ويسيطر الفقر على اهل الجنوب وتسيطر البشرة القاتمة على اجساد ابنائهم . ينعم ابناء الشمال بنسائم البحر الكبير والطمى الذى يحمل الخير الكثير الذى ينتج أكثر من غلة واحدة فى الموسم الواحد من مواسم السنة الاربعة فتبتهج بشرة الفلاحين ، ويلّون أحمر الدم وجنات الفتيات الشديدة البياض .. تمضى فصول ثلاثة من السنة ويأتى الشتاء قاسيا فيغطى المناطق الشمالية بالجليد الذى يصيب كل شيىء بالسكون فتفقد الكائنات حيويتها لمدة ثلاثة شهور ، قد تصل فى بعض السنين الى خمسة حتى يجيىء الربيع فيعيد الجمال الذى تتسم به المناطق لكنه لايقوى على تغيير اى ملمح من ملامح الجنوب العنيد فيفر الكثير من ابنائه الى الشارع الرمادى فى منتصف المدينة الكبيرة ليلتقون بالمنبوذين من ابناء الشمال الذين ملّوا ليونة حياتهم ويسعون الى الخشونة فتجد الفتيات ماتبحثن عنه . ينسجم الرماديون من أهل الشمال والجنوب وتطيب لهم الاقامة بين المنطقتين بالشارع الرمادى الذى يبدأ فى الاتساع ليحتل بعد سنوات قليلة خمسا جديدا من الشمال وخمسا آخر من الجنوب ، وتتوافد اليه فى مواسم الشتاء جماعات الراغبون فى الاكتساء باللون الرمادى غير المحدد والتائه بين الابيض والاسمر . يتزاوج القادمون من الجنوب بالقادمات من الشمال فيصبح لابنائهم أخوالا بلون الثلج وأعماما بلون الليل فيقضون مواسم الصيف لدى أخوالهم ومواسم الشتاء عند أعمامهم ويقيمون فى الربيع والخريف بالشارع الرمادى الذى أذاب الحدود بين النصفين وصبغ طباع اهل الجنوب بالنعومة وكسا ابناء الشمال خشونة ليلتقى الاثنان فى منتصف المدينة الكبيرة ويتلونون باللون الرمادى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================= الشحم اللذيذ تتدلى الالسنة المحمرة الطويلة حتى توشك ان تلامس الارض من شدة العطش والجوع .. ينتظر الحراس ميعاد الغذاء بعد ثلاثة أيام من التجويع التام .. تقترب عقارب ساعة الحائط الكبيرة من الخامسة فتتعلق العيون بها ، وحين تدق الساعة يفتح الحراس الابواب فتنطلق الكلاب المدربة كالمسعورة تفتش فى السراديب الملتوية عن الطعام والشراب . تنهى الكلاب عملية بحثها الشاق بعد خمسة عشر دقيقة عبر عشرين كيلومترا من السراديب التى يؤدى كل منها الى الآخر فى دوائر لامتناهيه توهم الداخل بقرب نهايتها البعيدة ولاتأتى الابحاسة الشم القوية لدى الكلاب المدربة . تتزاحم الكلاب حول دائرة اللحوم المستوية المطلية بالشحم ثم تشيح بوجوهها وتتراجع حتى توشك على الانصراف فيمزق الجوع جدران امعائهم ليعاودوا شم الشحم ويلعقونه حتى يكشف عن اللحم اللذيذ الذى يعشقونه . ينفض جمع الاقوياء بعد الشبع ليحل محلهم الاقل قوة حتى يشبع الجميع ، ومازالت الالسنة الحمراء الطويلة تتدلى فلامست الارض من شدة العطش .. تهتز الآذان المدربة بمجرد سماعها تساقط نقط الماء فى الحوض فتسرى الدماء فى عروقهم ويستعيدوا قواهم ويبدأون رحلة البحث فى سراديب التيه الملتوية لمدة نصف الساعة حتى يهتدى واحد من المائة الى المكان فيظل ينبح حتى يدل الآخرين الذين يسارعون الى مكانه . يرتشف الكلب الاخير آخر نقطة ماء بالحوض ويركن الجميع الى الجدران الرطبة ليناموا ويستيقظوا فى تمام العاشرة فلايجدوا الاكل أو الشرب ، ويمر اليوم الاول والثانى حتى تقترب الخامسة من ظهيرة اليوم الثالث فتسرى الهمهمات فى السماعات المنتشرة بطول السراديب فتتنبه الاجساد النائمة ، ومع دق جرس ساعة الخامسة تنطلق الكلاب الى الشحم اللذيذ الذى أدمنته وتطيل لعقه ليكشف عن اللحم المشوى أوالمسلوق والذى لم يعد يغريها ثم ترتوى بالماء الصافى . تمر الايام الثلاثة التالية ليأتى الرابع فيفاجىء الكلاب أجساد البشر المدهونة بالشحم اللذيذ فيستغربون المشهد ولايقتربون الامع سياط الحراس التى تلهب اجسادهم ليتعاملوا مع المارقين وقطاع الطريق نزلاء النفق الغربى .. تنطلق صرخات النزلاء هلعا من لعق الالسنة الحمراء الطويلة للشحم الذى يغطى كل جزء من اجزاء الجسم العارى .. تتشمم الكلاب اللحوم غير المستوية فتبعد عنها وتكتفى بالشحم اللذيذ والماء الصافى . ينتظم الحراس فى فتح السماعات ودق جرس الخامسة كل يوم فتنطلق صرخات النزلاء وتستمتع الكلاب بالشحم اللذيذ ، وذات يوم لم تكتفى الكلاب بالشحم وأطلقت أنيابها لتنهش أجساد النزلاء ليموت معظمهم بالسكتة القلبية قبل التمزيق ومات الباقى بالتمزيق . اصيبت الكلاب بالتخمة ولم تستطع التقاط أنفاسها فماتت بعد خمسة أيام ، وأقلع المارقون وقطاع الطريق عن الاقامة بالنفق الغربى لبعدهم عن الاسباب التى تؤدى الى الشحم اللذيذ الذى ستدمنه الاجيال الجديدة من الكلاب المدربة . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================ الشغّيله تقول المرأة : ان ظفر قدم المهندز بألف من الشغّيلة ، وايش جاب لجاب وهى العين تعلى على الحاجب ؟ تتعلق آذان نساء الشغيلة بصوت كايداهم زين البراويه بنت الشغيله ، وتحلم كل امرأة أن تنجب ولدا يتخرج فى المهندزخانه حتى يصبح مثل الباشا مهندز الرى الذى باشارة من يده اليمنى يرتوى الزرع ، وحين يلّوح بيده اليسرى يصاب بالجفاف ويتضور الفلاحون جوعا . تتخير كايداهم أقوى النساء وتضع لهن جدولا لخدمة قصر الباشا بطول أيام الأسبوع فعشرة منهن ينظفن الدور الأرضى الذى يبدأ بقاعة استقبال الضيوف وتحيطها عشرة غرف موزعة على الجانبين .. تصعد العشرة نساء الأخريات على السلم المؤدى الى الدور الثانى ويبدأ التنظيف عقب خروج الباشا من باب القصر فى تمام السابعة من صباح كل يوم فى صحبة ابنه الوحيد رامى ليوصله السائق الى مدرسة البندر . توجه كايداهم زينهم كبيرة الخدم بالقصر عشرة أخريات من النساء فى صحبة طه رضاوى ساعى مكتب الباشا ليمر على دور العمده وشيخ البلد وشيخ الخفر وكبار الاعيان وزيدان باشا عبده وسلام باشا عنتر ليجمع الراتب اليومى من الخضار والفاكهة والطيور التى ستذبح لتقدم على مائدة الغداء والعشاء فى قصر سيد باشا طماى مهندس الرى . يعود رضاوى قبل أذان صلاة الظهر فتضع كل امرأة ماعلى رأسها من خير لتسلمه الى كبيرة الخدم التى تقلب فيه النظر لتستبعد الردىء وتدخل السليم الى المطبخ .. يتجمع الثلاثون أمرأة فى المطبخ الكبير يغسلن ويقطعن ويذبحن ويسوين اللحوم .. تتجول كايداهم بين نساء الشغيله فيعلو صراخها لتأتى بأسرار هانم عزيز التى تهدىء من روعها وخوفها الشديد من الباشا اذا لم تحسن النساء عملهن وينتهين منه قبل أن يعود فستفقد وظيفتها ويخرب بيتها . تهدأ كايداهم وتعطى أسرار هانم لكل امرأة حسنتها بعضا من الخبز وقليلا من الخضار فتعلو أصواتهن بالدعاء لها ويغادرن القصر لتستقبلهن بناتهن اللاتى يحملن عنهن الوجبات التى ستقيم أودهن وأود أخواتهن وآبائهن الذين يعودون من مصلحة الرى مع غروب الشمس ، وتحلم كل فتاة بفارسها الذى يشبه الباشا مهندز الرى الذى سيغدق خيرا كثيرا على أهلها الشغيله . تسرع كايداهم لتلحق بالنساء لتؤكد عليهن ابلاغ جاراتهن ممن عليهن الدور فى الغد لخدمة قصر الباشا وتكرر جملها المشهوره ليقلعن عن الحلم : ان ظفر قدم المهندز بألف من الشغيله ، وايش جاب لجاب ... تترك النساء والفتيات كايداهم تواصل وصاياها ويعدن الى منازلهن ليقابلهن الزحام الشديد والصراخ والعويل طلبا للنجدة من الغرق لتآكل تروس اغلاق ابواب القناطر . باءت كل محاولات الرجال بالفشل وتدفق الماء الغاضب ليزيل كل الابواب ويغمر بيوت الشغيله التى تحتضن نساءها ورجالها وشيوخها فلاينجو من الغرق أحد . تبدأ كايداهم كبيرة خدم القصر فى رحلة البحث عن شغيلة جدد ونساء وبنات بنوت يحلمن بسيدهن الباشا ليغدق الخير الكثير على أهلها من الشغيله . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== الصخرة الصغيرة تتآكل قاعدة الصخرة الصغيرة التى تستقر أعلى قمة الجبل الكبير .. تتبادل معاول الحجارين القطع فى آخر كل ليل لتزيد من منطقة التآكل ، وحتى لاتراهم الشرطة التى تجرّم قطع أحجار جبل الخير تسللت أشعة شمس اليوم الخامس والستين بعد الثلاثمائة من السنة الميلادية ، ومازال غريب غرباوى ينقب مع رجاله أسفل الجبل ليستخرج المعادن الثمينة ,, حمّل الرجل الديناميت على مائة من الأبل ، وأعطى الجمالين أجرا مضاعفا حتى لايشى به أحدهم الى الشرطة ويتم القبض عليه فيبعد عن حلمه فى العثور على كنوز الملك الحكيم التى دفنت أسفل هذا الجبل منذ آلاف السنين كما تقول مصادره المؤكدة من مخطوطات جده التى عثر عليها وهو ينقب عن الذهب أسفل جبل الخير قال له جده الغريب القادم من بلاد الشمال البعيد : ان جبل الخير جبل مبارك مرّ عليه الكثير من أولياء الله الصالحين ذهابا وأيابا ، واقامة فى كثير من الأحيان فى بعض الكهوف للعبادة بعيدا عن بطش البشر كما تقول المخطوطات ويؤكد القدامة من سكان المناطق المحيطة بالجبل ، ولذلك ارتبط اسمه بالخبر أنزل الجمالون حمولة ابلهم ، والتقطها عمال غريب غرباوى وفتحوا الصناديق ليستخرجوا أصابع الديناميت الطويلة ، وأسرعوا يزرعونها فى كل مكان تصل اليه أيديهم طبقا للخريطة .. ربط العمال الأسلاك ووصلوها بالمصادر التى تشعبت كثيرا وتوحدت حتى صارت واحدة أمسك بها غريب ، وحدد لرجاله ساعة الصفر وقت رحيل المحتفلين برأس السنة على امتداد المسطحات الخضراء المدرجة التى تملأ الجبل فى صباح أول يوم من العام الجديد غادر غريب المكان عائدا الى منزله بعد اطمئنانه على قرب موعد وصوله الى الكنوز التى ستجعله يحكم هذا الكون .. واصل العمال الانسحاب الى مخابئهم ليفسحوا الطرقات للقادمين من أهل المناطق المجاورة ألقت الشمس بثقلها على جبل الخير وكادت أن تلامس قممه .. انطلقت الوفود من المحتفلين الى الجبل تفرد المخيمات للاقامة ليلة رأس السنة ، ويجهزون الالعاب النارية التى ستحمل بسماتهم وتعبر عن سعادتهم بقدوم العام الجديد رحلت شمس اليوم الأخير من السنة فخرج رجال غريب من مخابئهم واختلطوا بالمحتفلين .. انطلقت الالعاب النارية تملأ السماء فتشيع البهجة فى القلوب .. أمسك واحد من عمال غريب بلعبة نارية وأطلقها فأصابت سلك التيار الموصل الى الديناميت المنزرع حول الصخرة الصغيرة فاشتعل لينفجر الديناميت وتسقط الصخرة ليتبعها صخوركثيره تتمكن من دفن كل المحتفلين مع رجال غريب غرباوى الذى ابتهج كثيرا لتقديم ساعة الصفر كى يتحقق حلمه الذى ظل يراوده منذ نعومة أظافره فى حكايات جده بعد سقوط الصخرة الصغيرة من جبل الخير قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== الغوايش تصنع سوداويه جبلا من رغوة صابون الغسيل محدود القيمة .. تمرر ماتبقى من جسد الصابونة على الخمس غوايش الاولى فى معصم يدها اليمنى ، ثم تحاول الامساك بفتافيت الصابونة بيدها لتمررها على الخمس غوايش الثانية فى معصم يدها اليسرى . تغمس سوداويه يديها الاثنين فى الماجور الفخارى الكبير الذى يحمل جبل الفقاعات الكروية التى ماتلبث أن تنفجر حتى تمتلىء وتنفجر ، وتنتظر فترة طويلة من الزمن حتى يتخلل الماء مسام الغوايش فتتسع ليسهل خلعها من يدى سوداويه التى راحت للامتلاء الوراثى عن الام والجدة من فرط حبهم الشديد للشعرية التى تشبه الى حد كبير المكرونة الايطالية الطويلة والصينية أيضا . تحاول سوداويه أن تفرغ من خلع الغوايش النحاسية القديمة التى تلّونت بالصدأ الاخضر الجنزارى لطول عمرها فلقد أهداها لها عناينى البخ زوجها منذ أربعين عاما كشبكة للزواج الذى أسفر عن مولد ولد متزوج من عشرين عاما وبنت لم تتزوج لبدانتها وعدم قدرتها على الحركة . تحاول سوداوية نزع أول غويشة من اليد اليمنى فلاتتمكن وتخشى على الشعرية من فشل ابنتها التى لم تفلح فى تعليمها شيئتا من أمور المنزل .. توجه سوداويه ارشاداتها الى حليمه ابنتها عن بعد وتواصل محاولاتها فى نزع الغويشة الاولى .. تبوء كل المحاولات بالفشل فتنتقل الى اليد اليسرى لتحاول مع الاولى من الخمس غوايش نصف العشرة التى اشتراها عناينى البخ من حر ماله على مدى عشر سنوات كان يقتطع جزءا من أجر عمله كسايس فى دوار العمدة حتى تتمكن سوداويه من العزف بهن فى وجه غوايش الهانم حرم العمدة والهانم حرم شيخ البلد الفضية . تقلع سوداويه عن الاكل طوال اليوم حتى تقل نسبة انتفاخ يديها لتتمكن من نزع هذه النحاسيات التى أدمت معصميها .. يجرى ريق سوداويه على الشعرية التى نجحت ابنتها حليمه ولأول مرة فى طهيها لكنها صرفت النظر وتحولت الى جبل الفقاعات الصابونية حتى تتخلص من الالام المبرحة التى تلازمها ليل نهار بسبب شبكتها النحاسية القديمة . استدعت سوداويه ابنتها حليمة لتعينها على مصيبتها التى أشعلت صراخها فامتد ت السنتها الى آذان كل الجيران الذين تجمعوا حولها وجاءوا بعمرون الحداد الذى تمكن بعد عشر ساعات من انتزاع آخر غويشة من غوايش سوداويه شبكتها النحاسية القديمة الملونة باالصدأ الاخضر الجنزارى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه

قش الأرز يعبىء مغربى حسنى حماد قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم تجىء السيارة النقل الكبيرة ، يعلوها هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع كل مطب بطول الطريق الطويل من المدينة الى القرية يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى حسنى حماد باقتطاع جزء من القش فى كل نقلة حتى يكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الحجرة من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى حجرة الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش تآكلت الحصيرة الحلفا التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الأرض فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر يطمح كل ابناء القرية الى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة السيارة مع وقوفها أمام المحل حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف السيارة وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل القرية وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل القرية بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== كأس من دم أمرأه لعنت سالمه ابراهيم عوض كأس دمها الذى عجّل بنهايتها ، وأغرقت دموعها ساحة المحكمه فسقطت خلف القضبان تطلب الرحمة من فضيلة القاضى . نظرت سالمه من وراء قضبانها الحديديه الى عيون عطيات واولادها الخمسه امام وحقى وصباح وأسرار وكريمه لترى فرحة الانتصار عليها .. كانت سالمه قد تزوجت من اسماعيل غريب حنفى الموظف بالخاصة الملكية وزوج جارتها عطيات الشحات حميده بعد علاقة دامت فى الخفاء أكثر من ثلاث سنوات قرر اسماعيل بعدها أن يهجر داره وينتقل الى دار سالمه أرملة صديقه حامد عبد الحافظ مبرزك الذى تركها وحيدة بدون سند فأغلقت محله الخالى من البضائع . أمسكت الحارسة بكتفّى سالمه لتعينها على الوقوف وتلحق بسيارة الترحيلات فتابعتها عيون امام اسماعيل أكبر ابناء عطيات والذى تسبب فى القبض على سالمه .. أبعدت سالمه عينيها عن العيون الشامتة واستدعت عيون أبيه اسماعيل التى زاغت على مبروكه عطيه عوض ابنة خالتها التى كانت فى زيارتها قادمة من قريتهم البعيده ، وأفضى اسماعيل اليها برغبته فى الارتباط بها فصارحت ابنة خالتها برغبة زوجها فقررت سالمه أن تتخلص منه ، وأعدت له شربة الكوارع التى يعشقها وأخذت كأسا من دمها وخلطته بالشربة وراقبته حتى فرغ من آخر رشفة وتركته لينام وتابعته طوال الليل حتى تتأكد من تأثير الدم فى جسده لتتركه جثة هامدة فتضمن الثمن من معاشه ولايلقيها كما ألقى زوجته وأولاده من قبل . خيّب اسماعيل ظن سالمه واستيقظ فى صباح اليوم التالى لكنه لم يقو على الذهاب الى عمله وسقط فى الطريق أمام داره القديم فأسرع أولاده يحملونه الى الداخل ويخبرهم بما كان من شربة الكوارع التى تسببت فى هزاله وعدم قدرته على الوقوف والسير ، ولم تمض ساعات قليلة حتى رحل اسماعيل بين ابنائه وزوجته القديمه . أبلغ امام اسماعيل غريب النيابة التى أمرت بتشريح الجثة ، وكشف تقرير الطب الشرعى عن التسمم فتم القبض على سالمه ابراهيم عوض واعترفت بعد أن ضيّقوا عليها الخناق بما فعلته فحكم فضيلة القاضى عليها بالاعدام فى ساحة السوق الكبير لتكون عبرة لغيرها من النساء . اختفت عيون القاعه التى كانت تتابع سالمه ودفعتها الحارسه الى سيارة الترحيلات التى ستحملها الى سجن النساء فى انتظار تنفيذ حكم الاعدام بسبب كأس من دمها . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== لالو لوزه الرقّاق يشير لالو الى عوض كى يخفف من شدّ لجام ذكيه الحماره العجوز حتى لايسقطه على الارض فينصاع الصغير الى امر ابيه فى أول درس له كحمّار .. اصبح لالو غير قادر على تحريك اليد اليمنى والقدم بعد اصابته بالشلل فى آخر ليلة عرس كان يحييها تحت اسم لوزه الرقاق كاسم مستعار لم يكتشف حقيقته أهل كفر مبيركه الافى اليلة المشؤمة التى اصيب فيها لالو . كان لالو يتحول الى لوزه كل مساء عندما يرتدى فستانه ويضع اصباغه ليصبح اجمل امرأة بين نساء الكفر لشدة بياض بشرته الناصع فيطمع فيه كل الرجال ، ويبدأ فى الدق على الرق لترقص كل نساء الحى ويغنى بصوت اعذب من صوت ألمظ فيصمت كل رجال العريس فى الخارج كى يتمتعوا بصوت لوزه الجميل داخل الدوار بين النساء . يبدأ عوض ابن السبع سنوات فى الدق على الدف لترقص على ايقاعاته لوزه فتفتح كل النساء افواهها ويتعلمن فى مدرسة لوزه اصول فن الرقص الشرقى .. يخلع لالو شعره المستعار مع اول ضوء للصبح ويجهز مع عوض ابنه حمارتهم ذكيه كى يحملان الاعيان من مرسى النهر القديم الى الكفر فتتسع عيون نساء القرية تتابع متفرسة جمال لالو الاخاذ وتتوحم كل حامل علي طوله الفارع وعيونه الملونة وشعره الذهبى لان أصوله تركية كما ردد الكثير من عواجيز الكفر . يعود لالو وعوض الى المنزل مع غروب الشمس ليتناولا غذاءهما وينالا قسطا من الراحة استعدادا لدقة زار زوجة عمدة كفر مبيركه .. تتفنن لوزه فى استخراج الجان الذى يسكن جسد هنيه الموين زوجة غرباوى الغندور العمده وترقص كل نساء الكفر حولها . تعلو دقات لوزه وصاجات عوض الصغير حتى تتساقط النساء من الاعياء مع دموع عوض حزنا على امه مسعوده التى تركته العام الماضى وفارقت الحياة بعد مرض شديد فى صحبة لالو زوجها فورث الصغير الصاجات ولون امه الاسمر وتعلّم الدق على الدف من لوزه الرقاق . يأتى فرح بهيجه بنت شيخ البلد هريدى ابوصوير فيصفو صوت لوزه لينقض عايد ولد هريدى على لوزه وهو ثمل وسط نساء الكفر ويحاول اغتصابها فيضيق نفس لوزه لثقل جسد عايد وتصاب بالاغماء فيتم استدعاء طبيب الوحدة الصحية وتخف النساء من ملابس لوزه فيكتشفن حقيقة التى تهافت عليها الرجال ، ولالو الذى عشقته كل النساء .. يصاب لالو بالشلل فيأسف الجميع على ماأصاب الحمّار الذى كان ينقل ضعيفهم وكبير سنهم على حماره من مكان الى آخر ، ويأسفون على لوزه التى كانت تنعش لياليهم الجميله ، ولزم لالو الفراش بأمر من طبيب الوحدة حتى صرح له بالحركة بعد ستة شهور فأخذ فى نقل خبرته كحمّار الى صغيره عوض الذى تعلم من لوزه الكثير . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== ليلة الحضره يأتى مساء الخميس من كل أسبوع فينطلق البخور من حاصل بيت عليوه الحاج أحمد الزمزمى ايذانا بقدوم سيدنا الخضر ليقيم حضرته الأسبوعية فى ليلة الجمعه . تغمض الجده هنومه بعد أن تتأكد من تغطية اولادها شحاته ومحمد وهاشم وزاخره ولايشاورها العقل فى أن تبرح مكانها لتتجه ناحية الحاصل الذى تقام فيه الحضره وتترك الجد عليوه يقوم الى صلاة الليل . يعلو صوت الحضرة فى آذان الصغار النائمين لتكرر ألسنتهم لفظ الجلالة وسائر الأسماء الحسنى .. تقول الجده هنومه : ان سيدنا الخضر اختار بيت عليوه من بين بيوت الأشراف لأن عليوه الحاج احمد قلبه أبيض ولايكره أحدا ، ولما يدخل الخضر بيت تحل فيه البركه . يغطى دخان بخور الحضرة كل أركان المنزل فلايستطيع واحد من أهل البيت رؤية سيدنا الخضر صاحب الكرامات وتنغلق العيون بمرور الخضر ويزيد مابالحاصل ماينقص . يضع الجد عليوه فى الحاصل خمس جرار من الفخار القنائى مملوءة بالجبن القديم ، وخمس للعسل الأسود كى يكرم ضيوف السلطان الفرغل الذين يأتون اليه يوميا من كل المدن والقرى القريبة والبعيدة لزيارة الضريح فلاتكاد أطباق العسل الأسود والجبن القديم تفرغ حتى تمتلىء فى اليوم الواحد عشر مرات وتزيد يوم الخميس مع قدوم ليلة الحضرة . تؤكد الجدة هنومه على الصغار ضرورة أن يلقوا السلام اذا ماجاءت سيرة سيدنا الخضر الذى فضل بيتهم على كل بيوت أولاد الأشراف فيلقى الصغار السلام على صاحب العز والاقبال كما يقول الجد عليوه الحاج أحمد حين يعدد كرامات سيدنا الخضر الذى يسير على الماء ويطير فى الهواء ليساعد الضعيف ويقف الى جانب المظلوم ويكره الظالم فهو بحق قطب الرجال فى كل الزمان . يحلم الصغير محمد أكبر ابناء عليوه بأن يعينه سيدنا الخضر على أولاد الحلب الأشقياء الذين يضربونه كلما ذهب مع اصدقائه ليلعب قبلى البلد ، كما يحلم شحاته بأن يأتى له سيدنا الخضر بحمار شديد بدلا من الحمار الذى نفق من كثرة أحمال عليوه عليه حين يأتى بأجولة القمح والفول والذره التقاوى من القرى المجاورة ليبدرها فى أرضه فلايقوى الحمار على حمل الصغير ليأتى بالمعسل القص لوالده من يوسف الدخاخنى ، أما هاشم فيخاف أن يحلم بسيدنا الخضر ويضع وجهه فى حضن أمه كلما رأى اللون الأخضر الذى يدل على مجىء سيدنا الخضر ، ولم تزل زاخره فى سن الفطام غير قادرة عل الحلم . ومع رحيل جدى عليوه الحاج أحمد لم تقو جدتى هنومه على استخراج العسل والجبن القديم من الجرار العشرة فانقطع ضيوف الدار ولم يتبقى فى الحاصل سوى البخور الذى ينطلق مساء كل خميس ليحمى بيت عليوه الحاج أحمد من كل مكروه وشر مع مجىء سيدنا الخضر ليقيم حضرته فى ليلة الجمعه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= موائد الرحمن ينتظر عوف عبد المهيمن بأحر من الجمر قدوم شهر رمضان المعظم لأنه سيتمكن من الافطار والسحور الكامل الدسم يوميا على مائدة أحد المحسنين الذين قرروا أن يفطّروا ويسحّروا يوميا مالايقل عن أربعمائة شخص ككفاره . يقف عوف أمام السرادق وهو يقام عمودا عمودا ، ويتم وصلهم بقطع من الخيامية المزركشة بالاقمشة الملونة المخصصة للزفاف والوفيات والطهور احيانا .. يرص عمال محل الفراشة عدد أربعمائة مقعد خشبى متين خشية سقوط أحد الصائمين أوالصائمات لثقل وزنه وخاصة فى الايام الاخيرة من الشهر الكريم . جلس عوف على الرصيف بجوار الخيمة التى احتلت ثلثى الشارع ينتظر الفراغ من نصب السرادق الذى سيستقبل أول سحور فى الشهر المبارك .. هبت رائحة بخار ماء تسوية اللحم لتصل الى جذور أنوف الجالسين فوق الرصيف فيتمايلوا طربا من شدة العشق .. تدخل عشرات الاطباق من العيش المميز الذى لايرى الا على موائد كبار المحسنين فتطير عقول الضعفاء من الجالسين على الرصيف ويزداد تمايلهم على صوت أحمد البغدادى العالى دائما : وحدوه .. فيعقب كل الجالسين : لااله الا الله محمد رسول الله . يسّر عوف الى نفسه : ثلاثون ليلة ستبدأ أولاهن الليلة .. سينتظر المتسحرون حتى يلحق كل منهم مقعده وسيجلس المتبقى خارج الاربعمائة مقعد خارج السرادق على الرصيف ولن يضار أحد طالما سيأكل وجباته الشهية .. تنتظر عشرات الاسر الموائد بفارغ الشوق .. يجهزون أولادهم لرؤية ليلة الرؤيا التى يحتشد فيها ابناء كل المهن المختلفة ومريدوا الطرق الصوفية المختلفة ويجوبون الشوارع احتفالا بقدوم الشهر الكريم .. تفرغ الاسر والاولاد من مشاهدة مظاهر الاحتفال وينتظروا طوال الليل حتى يلحقوا مقاعدهم فى السرادق ليدعوا للمحسنين الذين أتاحوا لهم هذه الفرصة . تخرج عينا عوف عبد المهيمن على المكسرات التى يحملها الرجال لتدخل الى مخزن التكية .. تتبعها رائحة المشمش المنبعث من لفات قمر الدين والتمر النادر الوجود القادم من الواحات الكبيرة .. يسرى ريق عوف عبد المهيمن درويش الطاهر الفاقد للذاكرة منذ زمن لايعرف مداه أحد فلايعرف أحد من أى قرية أو مدينة جاء عوف ، ولايعرف قريب أوبعيد الصلة بابن عبد المهيمن فمنذ عشر سنوات وهو يجلس الى جوار مسجد الطاهر وأصبح من محاسيبه . يفرغ عمال الفراشة من عملهم فينطلق المحاسيب الى الداخل يتزاحمون .. يحاول عوف عبد المهيمن أن يمر بين مئات المتسابقين الى الداخل .. يصده الزحام فيقتلع عامودا خشبيا ويسقط على أم رأس عوف الذى يستعيد ذاكرته ويلفظ أنفاسه الاخيرة على موائد الرحمن . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== نقوش جيريه يرسم شلبايه عبد الله النقاش بالجير على جدران كل منازل المدينة قصة رحلتهم الطويلة من بلاد الحجاز الى بلاد المغرب العديده منذ اكثر من ألف عام مضت . توارث شلبايه هذه القصة مع أولى الكلمات التى تعلمها فى قاموسه اللغوى .. يمسك شلبايه بفرشاة الجير الملون بالازرق ويغمسها فى الدلو المعلق على السلم الخشبى الكبير المزدوج الذى يقف عليه ويطوّح بها فى الفضاء ثم يجعلها تستقر أعلى واجهة المنزل ترسم أول خط فى الرحلة الاولى . تنطلق القبائل من شبه الجزيرة الكبير الى شبه الجزيرة الصغير بمصر المحروسة فتمسك اليد الاخرى بفرشاة الاخضر ويرسم شلبايه أشجار الزيتون الكثيرة ويلّون الازرق الصافى مياه النيل والبحرين الكبيرين ثم يغطى الاصفر مساحة كبيرة من الواجهة .. ينثر بين جنباته خيما كثيرة لرجال القبائل وعرق يتصبب تحت شمس حارقة يرسم شلباية صورة أشعتها بعنايه . يعود اللون الاخضر مطلا برأسه فى اللوحة الجدارية مع وصول شلبايه الى الخضراء تونس لينعم المسافرون بالظل ويتزوج بعض رجال القبائل من فتيات تونس الجميلة وينجبون اولادا كثيرين ، ويرحل الآخرون الى أقصى الغرب . يجلس شلبايه ليلتقط أنفاسه اعلى السلم المزدوج ، ويأتيه سيد أبو أميره القهوجى بخرطوم النارجيله الطويل الذى يصل بين فم شلبايه ويد سيد الواقف على سطح الارض ويبدأ شلبايه فى وصلته الغنائيه الطويلة فيطرب لها سيد .. يغنى شلبايه للابل الصبورة التى استطاعت أن تخترق كل هذه المسافات خلال شهور الصيف الطويله ، كما غنّى للرجال الاشداء الذين تحملوا وحشة الليالى المظلمة فى قلب الصحراء الوسيعة بحثا عن الرزق الوفير . يعاود شلبايه الكرّة ليرسم رحلة عودة البعض الى المشرق مع القليل من الابل فيتخلف عن الركب جزء أسفل مآذن القيروان ، ويواصل المتبقى الرحلة ليقيم فى فسطاط عمرو فيرسم شلبايه مآذن المسجد العتيق والازهر والحسين . يتأرجح السلّم المزدوج الذى يحمل شلبايه عبد الله النقاش بدلائه السبعة الممتلئين بكل الوان الطيف ويسقط .. تتداخل الالوان فيغطى اللون الاسود جسد شلبايه ويسرع عبد الرازق الدكرورى صبيه الى نجدته ويعينه فى تشكيل ألوان الدلاء السبعة التى ينقش بها شلبايه قصة الرحلة الطويلة بنقوش جيريه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== أبو قردان تنطلق أسراب أبوقردان تحلق فى الفضاء اللانهائى تبحث عن بقايا اللون الأخضر الذى رحل مع اندلاع نيران حريق كانون سوتياته بنت حارس نور القرداتى . تدقق عيون السرب الصغير .. تفتش عن الديدان من أعلى فلاتجد الا اللون الأصفر فى الصحراء الممتده بطول آلاف الكيلومترات تحيط بألسنة النيران التى مازالت تلامس أجواء الفضاء العالى منذ خمسة أيام مضت . تصيدت عيون السرب الكبير بعضا من نبات الصبار المتناثرة فى بطن الصحراء الواسعة فأصدر قائد السرب اشارة بالهبوط ليتبعه سائر أفراد السرب ويتوالى هبوط بقية أسراب أبوقردان . تتحلق طيور أبو قردان حول الأزرع الخضراء المتشحة بالأصفر ووجوه الشوك الذى يضن بقطرات مائه لتخلو السماء من سحابة صغيرة فى المنطقة الكبيره . تمتد آلاف المناقير الطويله تنقب فى الدوائر المحيطة بالصبار .. يوفق شباب أبوقردان فى العثور على عشرين دودة بطول ألف من السرب فيقدمونها للصغار وكبار السن قبل أن يلفظون أنفاسهم الأخيرة . تستعيد الأسراب قدرتها على الطيران بعد أن جاءت على نهاية الوليمة مضافا اليها نباتات الصبار فيرحل اللون الأخضر المصفر الى العدم . تواصل أسراب أبوقردان رحلة البحث عن اشجار جديدة سكنا لها بدلا من التى مازالت مشتعلة بسبب سوتياته بنت حارس نور القرداتى التى أشعلت نيران كانونها ليشع الدفىء حتى لايموت حارس نور القرداتى وقرده ميمون من شدة برد طوبه الذى حول الماء الى جليد وتسبب فى وفاة مائتين من كبار السن وثلاثمائة من الأطفال الرضع حتى امتلأت مقابر كفر شويخ فأخذ أهل الكفر فى بناء مقابر جديده لتستقبل سكانها الجدد . تشكل الأسراب دوائر كبيرة حتى تقل سرعة طيران كبار السن والصغار فيتحولون الى مربعات ومستطيلات ومثلثات تتلاشى مع عودتهم الى نقطة البداية فوق ألسنة النيران التى أكلت أعشاش ابوقردان فوق أشجارها العالية وماتحتها . تزيد أجساد الصغار والشيوخ من السرب المتساقطة طول أيدى النيران الممتدة فتتسع بطن النار لتلتهم الكفر وعشرة كفور مجاوره .. يبعد الناجون من السرب الكبير عن النيران ويحط الجميع حول رماد الحقول التى خلفتها الحريق ليستخرجوا غذائهم وتهطل دموعهم على فقدانهم لآلاف الأصدقاء من الفلاحين الذين كانوا يعملون معهم فى تنظيف الأرض لاعادة زراعتها .. شبعت الأسراب ونامت فى مكانها حتى طلوع الفجر لتوقظهم أصوات خوار البقر ومأمأة الماعز والخراف فملأت الفرحة عيون ابوقردان مع عودة بعض الناجين من الفلاحين فى صحبة ماشيتهم ليعيدوا الحياة الى أرض كفر شويح الذى تسبب فى حريقها الكبير القرد ميمون الذى لامسته نيران كانون سوتياته بنت حارس نور القرداتى فقفز لتشتعل النيران بظهره لينقلها الى كل منازل الكفر والكفور المجاورة . قبلت أسراب أبوقردان المتبقى من الفلاحين على قيد الحياة الذين أخذوا ينقلون الماء من آبار الكفر الى القنوات المؤدية الى أرض الحريق لتخمد حتى تتمكن الأسراب من اعادة بناء أعشاشها على الأشجار الجرداء المحترقة حتى تخضّر . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== ميراث البنات حار عبد المنعم عبد الوهاب فيما سيتركه من أرث لبناته الاربع فهو لايملك مليما واحدا غير قوته وقدرنه على العمل كسمكرى وابور الجاز الذى أوشك أن ينقرض .. حاول عبد المنعم السمكرى أن يقتطع جزءا ولويسير ليدخره لبناته القصر كى يتركه كميراث يستندون عليه بعد رحيله لكنه لم يوفق . استطاع منعم أن يدخل بناته الاربع مدارس متوسطة ،وحصلت اثنتان منهن على دبلوم التجارة .. لم يعوز منعم بناته الى أى من أقاربه طوال حياته فلقد كان يعمل ليل نهار ليلبى احتياجلتهن .. تعرّف منعم على موظف بالمجلس البلدى ودأب على مجاملته بتصليح وابوره فى كل مرة يتعطل فيها بدون مقابل حتى تمكن من أن يطلب من حامد عبد القدوس الخدمة فى تعيين أولى بناته الاربع فى المجلس البلدى ، وقدم حامد الطلب الى رئيس المجلس .. ظل الحلم يراود البنات الاربع فى العمل حتى جاءت البشارة بعد ستة شهور فى بداية السنة المالية الجديدة ، وتم تعيين تسعة عشر من ابناء العاملين فى المجلس البلدى وكان ترتيب بثينه العشرين فى التعيين بأجر مقابل عمل وكانت أكثر المعينين حظا فلقد اختارها رئيس المجلس فى مكتبه وذلك لفرط جمالها .. تمكنت بثينه بدلالها من انتزاع موافقة رئيس المجلس على تعيين ثانى بنات عبد المنعم عبد الوهاب ، وعملت بنفس الادارة باعتبارها من أخوات العاملات وكان المرتب ضئيلا . استطاعت بثينه وبسنت أن يساهموا فى شراء ملابسهما ومكياجهما واحذيتهما فخفّ الحمل عن منعم ، ومازال قائما على تصليح وابور حامد عبد القدوس كلما تعطل عرفانا بالجميل الذى سيظل دينا فى رقبته طوال العمر . حاولت فريده البنت الثالثة من بنات منعم أن تقنع امها زينات البياع واخواتها البنات بقلب محل السمكرة الى بوتيك وستقف فيه مع والدها فور تخرجها هذا العام وستلحق بها نوال العام القادم غير أن هذه الفكرة لم تجد صدى لدى منعم فرفضها ودخل رحلة مرضه القصير بسبب تراكم عوادم بوابير الجاز على جدار رئتيه .. خشى منعم أن يترك الاربع بنات وأمهم بدون ميراث أوسند فالشقة والمحل بالايجار وبوفاته سيسقط حقهم فى الايجار بعد وفاة زينات الام ، ولن يقف اخوته الى جوار أى من البنات أو الزوجة لكثرة اعباء كل منهم .. سأل منعم كثيرا وبحث عن وسيلة تضمن لاسرته الحق فى تأجير الشقة والمحل فلم يجد .. قرر منعم أن ينفذ مااقترحه عليه حامد عبد القدوس فدخل المستشفى بكليتين وخرج بواحدة مقابل خمسين ألفا ووزعهم بالتساوى على بناته الاربع والزوجة .. وضع منعم مبلغ عشرة آلاف باسم كل واحدة من البنات وكذلك الزوجة فى البنك ليعيشوا من عائد الورث الذى تركه وسقط عليه من السماء كما قال لهم فلقد ظهرت له قطعة أرض فى البلد وباعها أخوته وهذا هو نصيبه حسب روايته .. رقد عبد المنعم عبد الوهاب فى سلام بعدما وزع الورث على بناته ، واجتمع شمل البنات والزوجة ليعلوا الدخل بعلو الفائدة ودعوا لمنعم بالرحمة بعد وفاته لعدم تركهن يواجهن الحياة بلاميراث . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== اختفاء تختفى الصورة تدريجيا عن أعين المشاهدين لتحل محلها الصورة التالية .. يبقى فى الذاكرة لحظات الميلاد المتعسرة وآهات الأم الدائمة خلال التسعة أشهر الماضية .. تنسج العيون ملامح الصورة الجديدة لطفل تفصل الحكيمة عنه حبله المتصل بالمشيمة فتتساقط من جسده أول قطرات الدم لتسرع الى ايقاف النزيف برباطها المعقم ، وتلقى بالمشيمة فى سلة المهملات .. تسارع الجدة الى احتضانها قبل أن تلتصق بالقاع البلاستيكى . تختفى الصورة لتتابع الجدة رحلتها تجاه النهر القديم حاملة صومعة غذاء حفيدها الوحيد الذى أسمته منذ قليل عطية الله وحمدت ربها . يمسك طبيب الوحدة الصحية الوليد من قدميه ويرفعهما الى أعلى ويضربه على المقعده فيتدفق الدماء الى الدماغ ليعلو صراخ ابن زايناهم بنت محلاهم بائعة الليمون . تزيح صورة الجدة الصورة السابقة حتى تصل الى شاطىء النهر وتجلس على حجر المرسى لتفك العقدتين المحكمتين اللتين ربطتهما لتمنع تسرب الماء على رأسها . تدخل الحكيمة المولود عطية الله فى الجلباب الصغير الذى صنعته زايناهم وهى جالسة الى جوار أمها أمام جوال الليمون وسط سوق القرية طوال النهار . ترجو الجده محلاهم النهر القديم أن يرد لها الحفيد كلما جاء يعانقه ليزيل عرقه ويطفىء نيران جسده المشتعل من شدة الحر حين يفيض النهر بالخير الكثير وتقول : يانهرنا العزيز هذا غذاءنا اللذيذ .. سد جوعك واحفظ وعودك ولاتغرق عطية الله ولد زايناهم بنتى .. يقبل النهر الرجاء ويداعب قدمى العجوز بأمواجه الهادئه ويبتسم . تقرب الحكيمة عطية الله من ثدى أمه حتى لايضيع لبن السرسوب الذى يبنى العظام فتفتح زايناهم عيناها فرحة بالوليد وتزيد من احتضانه حتى يشعر بدفىء امه فيحرك شفتاه وتروح زايناهم فى النوم ليتبعها الوليد . تغسل الجدة وجهها بماء النهر وتحمد ربها على سلامة ابنتها الوحيدة التى جاءها المخاض وهى جالسة الى جوارها فى السوق ، ولم توفق وديده الدايه فى توليدها وأوصت محلاهم بنقل ابنتها الى الوحدة الصحية .. اسرع أولاد الحلال الى الأم وابنتها واحضر عبد اللطيف البنى عربته الكارو وساعده الرجال فى حمل زايناهم ومحلاهم على العربة ، وحرّك البنى حماره بسرعة ليصل الى الوحدة الصحية فى دقائق قليلة حتى لاتضيع بنت محلاهم الوحيدة. ألقت الجدة بالمشيمة الى جوف النهر وودعته لتسرع بالعودة الى الحفيد والابنة بأكلة تشبع النفسه .. تفتح زايناهم عينيها فلاتجد رضيعها .. تصاب الأم الصغيرة بالذعر وتسأل الطبيب والحكيمه والفلاحين والفلاحات فلاتلقى الاجابة .. تمسك زايناهم بجلباب الصغير وتبلله بالدموع حتى تأتى محلاهم فتعيد السؤال ولامن مجيب . أدارت الأم وابنتها مناديا ينادى على أولاد الحلال ويصف لهم أوصاف الغالى عطية الله الرضيع الذى فقد فى القرية التى أصيب كل نسائها بالعقم بعد رحيل الوباء الذى يزور القرية كل عشرين عاما ، ولم يصب بنت محلاهم التى لم تتمكن من تحديد والد المولود فى وسط الزحام . قالت محلاهم لابنتها : انت صغيره وسترزقين بغيره تتسندى عليه فى عجزك ماتزعليش . تختفى الصورة تدريجيا عن أعين المشاهدين ، وتظلم القاعه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= استغاثة من الجراد كتب الصغار استغاثاتهم على أجهزة الكومبيوتر , وأغلق الآباء والأمهات الأبواب والنوافذ مخافة دخول أسراب الجراد المجنونه لتقتل صغارهم .. أظلمت سماء المدينة بعد أن غطتها ملايين الجراد الأصفر الكبير والأحمر الصغير فحالت دون وصول أشعة الشمس الى الأرض خلت الشوارع من المارة وتم اغلاق المحلات فلابيع أوشراء ولاذ التجار بالفرار الى المنازل , كما أغلقت كل المؤسسات والهيئات الحكومية والمدارس والجامعات والمستشفيات عدا دور العبادة التى فتحت أبوابها للفقراء المساكين وابناء السبيل ومن لايملك محلا للاقامة حتى يرحل الجراد أصر الجراد على البقاء فى سماء المدينه واحتل الشوارع والأزقة والحارات والأرصفة وجدران المنازل وأسطحها .. بلغ رعب الصغار مداه مع رؤية الجراد يحاول أن يخترق الحواجز ليصل اليهم .. أسرع الأباء الى توصيل أسلاك التليفونات بأجهزة الكومبيوتر ليحمل الانترنت استغاثة الصغار الى كل مكان فى العالم انخفضت درجة الحرارة الى ماتحت الصفر بكثير نتيجة التقاء موجات الصقيع المنطلقة من المحيطين المتجمدين الشمالى والجنوبى , ومازال الصغار يضعون أطراف أصابعهم على أجهزة الكومبيوتر ليرسلوا استغاثتهم وثبت المنظر العام مر على المنطقة المتجمدة عشرون عاما , ومع انفصال الموجات الباردة الغريبة بدأت الحياة العادية تدب فى أوصال المدينة وتم ارسال استغاثات الصغار الى كل مكان فى العالم عبر الانترنت تم تحديد مكان الاستغاثة فجاءت النجدة من الأقطار المجاورة ليرحل الجراد متوهما مجىء موجة من الصقيع الذى يمقته .. عاد أهل المدينة الى حياتهم الطبيعية بعد مرور عشرين عاما وكان العالم قد انتقل الى عصر جديد قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ==================================================================================


قش الأرز يعبىء مغربى حسنى حماد قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم تجىء السيارة النقل الكبيرة ، يعلوها هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع كل مطب بطول الطريق الطويل من المدينة الى القرية يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى حسنى حماد باقتطاع جزء من القش فى كل نقلة حتى يكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الحجرة من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى حجرة الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش تآكلت الحصيرة الحلفا التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الأرض فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر يطمح كل ابناء القرية الى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة السيارة مع وقوفها أمام المحل حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف السيارة وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل القرية وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل القرية بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== كأس من دم أمرأه لعنت سالمه ابراهيم عوض كأس دمها الذى عجّل بنهايتها ، وأغرقت دموعها ساحة المحكمه فسقطت خلف القضبان تطلب الرحمة من فضيلة القاضى . نظرت سالمه من وراء قضبانها الحديديه الى عيون عطيات واولادها الخمسه امام وحقى وصباح وأسرار وكريمه لترى فرحة الانتصار عليها .. كانت سالمه قد تزوجت من اسماعيل غريب حنفى الموظف بالخاصة الملكية وزوج جارتها عطيات الشحات حميده بعد علاقة دامت فى الخفاء أكثر من ثلاث سنوات قرر اسماعيل بعدها أن يهجر داره وينتقل الى دار سالمه أرملة صديقه حامد عبد الحافظ مبرزك الذى تركها وحيدة بدون سند فأغلقت محله الخالى من البضائع . أمسكت الحارسة بكتفّى سالمه لتعينها على الوقوف وتلحق بسيارة الترحيلات فتابعتها عيون امام اسماعيل أكبر ابناء عطيات والذى تسبب فى القبض على سالمه .. أبعدت سالمه عينيها عن العيون الشامتة واستدعت عيون أبيه اسماعيل التى زاغت على مبروكه عطيه عوض ابنة خالتها التى كانت فى زيارتها قادمة من قريتهم البعيده ، وأفضى اسماعيل اليها برغبته فى الارتباط بها فصارحت ابنة خالتها برغبة زوجها فقررت سالمه أن تتخلص منه ، وأعدت له شربة الكوارع التى يعشقها وأخذت كأسا من دمها وخلطته بالشربة وراقبته حتى فرغ من آخر رشفة وتركته لينام وتابعته طوال الليل حتى تتأكد من تأثير الدم فى جسده لتتركه جثة هامدة فتضمن الثمن من معاشه ولايلقيها كما ألقى زوجته وأولاده من قبل . خيّب اسماعيل ظن سالمه واستيقظ فى صباح اليوم التالى لكنه لم يقو على الذهاب الى عمله وسقط فى الطريق أمام داره القديم فأسرع أولاده يحملونه الى الداخل ويخبرهم بما كان من شربة الكوارع التى تسببت فى هزاله وعدم قدرته على الوقوف والسير ، ولم تمض ساعات قليلة حتى رحل اسماعيل بين ابنائه وزوجته القديمه . أبلغ امام اسماعيل غريب النيابة التى أمرت بتشريح الجثة ، وكشف تقرير الطب الشرعى عن التسمم فتم القبض على سالمه ابراهيم عوض واعترفت بعد أن ضيّقوا عليها الخناق بما فعلته فحكم فضيلة القاضى عليها بالاعدام فى ساحة السوق الكبير لتكون عبرة لغيرها من النساء . اختفت عيون القاعه التى كانت تتابع سالمه ودفعتها الحارسه الى سيارة الترحيلات التى ستحملها الى سجن النساء فى انتظار تنفيذ حكم الاعدام بسبب كأس من دمها . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== لالو لوزه الرقّاق يشير لالو الى عوض كى يخفف من شدّ لجام ذكيه الحماره العجوز حتى لايسقطه على الارض فينصاع الصغير الى امر ابيه فى أول درس له كحمّار .. اصبح لالو غير قادر على تحريك اليد اليمنى والقدم بعد اصابته بالشلل فى آخر ليلة عرس كان يحييها تحت اسم لوزه الرقاق كاسم مستعار لم يكتشف حقيقته أهل كفر مبيركه الافى اليلة المشؤمة التى اصيب فيها لالو . كان لالو يتحول الى لوزه كل مساء عندما يرتدى فستانه ويضع اصباغه ليصبح اجمل امرأة بين نساء الكفر لشدة بياض بشرته الناصع فيطمع فيه كل الرجال ، ويبدأ فى الدق على الرق لترقص كل نساء الحى ويغنى بصوت اعذب من صوت ألمظ فيصمت كل رجال العريس فى الخارج كى يتمتعوا بصوت لوزه الجميل داخل الدوار بين النساء . يبدأ عوض ابن السبع سنوات فى الدق على الدف لترقص على ايقاعاته لوزه فتفتح كل النساء افواهها ويتعلمن فى مدرسة لوزه اصول فن الرقص الشرقى .. يخلع لالو شعره المستعار مع اول ضوء للصبح ويجهز مع عوض ابنه حمارتهم ذكيه كى يحملان الاعيان من مرسى النهر القديم الى الكفر فتتسع عيون نساء القرية تتابع متفرسة جمال لالو الاخاذ وتتوحم كل حامل علي طوله الفارع وعيونه الملونة وشعره الذهبى لان أصوله تركية كما ردد الكثير من عواجيز الكفر . يعود لالو وعوض الى المنزل مع غروب الشمس ليتناولا غذاءهما وينالا قسطا من الراحة استعدادا لدقة زار زوجة عمدة كفر مبيركه .. تتفنن لوزه فى استخراج الجان الذى يسكن جسد هنيه الموين زوجة غرباوى الغندور العمده وترقص كل نساء الكفر حولها . تعلو دقات لوزه وصاجات عوض الصغير حتى تتساقط النساء من الاعياء مع دموع عوض حزنا على امه مسعوده التى تركته العام الماضى وفارقت الحياة بعد مرض شديد فى صحبة لالو زوجها فورث الصغير الصاجات ولون امه الاسمر وتعلّم الدق على الدف من لوزه الرقاق . يأتى فرح بهيجه بنت شيخ البلد هريدى ابوصوير فيصفو صوت لوزه لينقض عايد ولد هريدى على لوزه وهو ثمل وسط نساء الكفر ويحاول اغتصابها فيضيق نفس لوزه لثقل جسد عايد وتصاب بالاغماء فيتم استدعاء طبيب الوحدة الصحية وتخف النساء من ملابس لوزه فيكتشفن حقيقة التى تهافت عليها الرجال ، ولالو الذى عشقته كل النساء .. يصاب لالو بالشلل فيأسف الجميع على ماأصاب الحمّار الذى كان ينقل ضعيفهم وكبير سنهم على حماره من مكان الى آخر ، ويأسفون على لوزه التى كانت تنعش لياليهم الجميله ، ولزم لالو الفراش بأمر من طبيب الوحدة حتى صرح له بالحركة بعد ستة شهور فأخذ فى نقل خبرته كحمّار الى صغيره عوض الذى تعلم من لوزه الكثير . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== ليلة الحضره يأتى مساء الخميس من كل أسبوع فينطلق البخور من حاصل بيت عليوه الحاج أحمد الزمزمى ايذانا بقدوم سيدنا الخضر ليقيم حضرته الأسبوعية فى ليلة الجمعه . تغمض الجده هنومه بعد أن تتأكد من تغطية اولادها شحاته ومحمد وهاشم وزاخره ولايشاورها العقل فى أن تبرح مكانها لتتجه ناحية الحاصل الذى تقام فيه الحضره وتترك الجد عليوه يقوم الى صلاة الليل . يعلو صوت الحضرة فى آذان الصغار النائمين لتكرر ألسنتهم لفظ الجلالة وسائر الأسماء الحسنى .. تقول الجده هنومه : ان سيدنا الخضر اختار بيت عليوه من بين بيوت الأشراف لأن عليوه الحاج احمد قلبه أبيض ولايكره أحدا ، ولما يدخل الخضر بيت تحل فيه البركه . يغطى دخان بخور الحضرة كل أركان المنزل فلايستطيع واحد من أهل البيت رؤية سيدنا الخضر صاحب الكرامات وتنغلق العيون بمرور الخضر ويزيد مابالحاصل ماينقص . يضع الجد عليوه فى الحاصل خمس جرار من الفخار القنائى مملوءة بالجبن القديم ، وخمس للعسل الأسود كى يكرم ضيوف السلطان الفرغل الذين يأتون اليه يوميا من كل المدن والقرى القريبة والبعيدة لزيارة الضريح فلاتكاد أطباق العسل الأسود والجبن القديم تفرغ حتى تمتلىء فى اليوم الواحد عشر مرات وتزيد يوم الخميس مع قدوم ليلة الحضرة . تؤكد الجدة هنومه على الصغار ضرورة أن يلقوا السلام اذا ماجاءت سيرة سيدنا الخضر الذى فضل بيتهم على كل بيوت أولاد الأشراف فيلقى الصغار السلام على صاحب العز والاقبال كما يقول الجد عليوه الحاج أحمد حين يعدد كرامات سيدنا الخضر الذى يسير على الماء ويطير فى الهواء ليساعد الضعيف ويقف الى جانب المظلوم ويكره الظالم فهو بحق قطب الرجال فى كل الزمان . يحلم الصغير محمد أكبر ابناء عليوه بأن يعينه سيدنا الخضر على أولاد الحلب الأشقياء الذين يضربونه كلما ذهب مع اصدقائه ليلعب قبلى البلد ، كما يحلم شحاته بأن يأتى له سيدنا الخضر بحمار شديد بدلا من الحمار الذى نفق من كثرة أحمال عليوه عليه حين يأتى بأجولة القمح والفول والذره التقاوى من القرى المجاورة ليبدرها فى أرضه فلايقوى الحمار على حمل الصغير ليأتى بالمعسل القص لوالده من يوسف الدخاخنى ، أما هاشم فيخاف أن يحلم بسيدنا الخضر ويضع وجهه فى حضن أمه كلما رأى اللون الأخضر الذى يدل على مجىء سيدنا الخضر ، ولم تزل زاخره فى سن الفطام غير قادرة عل الحلم . ومع رحيل جدى عليوه الحاج أحمد لم تقو جدتى هنومه على استخراج العسل والجبن القديم من الجرار العشرة فانقطع ضيوف الدار ولم يتبقى فى الحاصل سوى البخور الذى ينطلق مساء كل خميس ليحمى بيت عليوه الحاج أحمد من كل مكروه وشر مع مجىء سيدنا الخضر ليقيم حضرته فى ليلة الجمعه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= موائد الرحمن ينتظر عوف عبد المهيمن بأحر من الجمر قدوم شهر رمضان المعظم لأنه سيتمكن من الافطار والسحور الكامل الدسم يوميا على مائدة أحد المحسنين الذين قرروا أن يفطّروا ويسحّروا يوميا مالايقل عن أربعمائة شخص ككفاره . يقف عوف أمام السرادق وهو يقام عمودا عمودا ، ويتم وصلهم بقطع من الخيامية المزركشة بالاقمشة الملونة المخصصة للزفاف والوفيات والطهور احيانا .. يرص عمال محل الفراشة عدد أربعمائة مقعد خشبى متين خشية سقوط أحد الصائمين أوالصائمات لثقل وزنه وخاصة فى الايام الاخيرة من الشهر الكريم . جلس عوف على الرصيف بجوار الخيمة التى احتلت ثلثى الشارع ينتظر الفراغ من نصب السرادق الذى سيستقبل أول سحور فى الشهر المبارك .. هبت رائحة بخار ماء تسوية اللحم لتصل الى جذور أنوف الجالسين فوق الرصيف فيتمايلوا طربا من شدة العشق .. تدخل عشرات الاطباق من العيش المميز الذى لايرى الا على موائد كبار المحسنين فتطير عقول الضعفاء من الجالسين على الرصيف ويزداد تمايلهم على صوت أحمد البغدادى العالى دائما : وحدوه .. فيعقب كل الجالسين : لااله الا الله محمد رسول الله . يسّر عوف الى نفسه : ثلاثون ليلة ستبدأ أولاهن الليلة .. سينتظر المتسحرون حتى يلحق كل منهم مقعده وسيجلس المتبقى خارج الاربعمائة مقعد خارج السرادق على الرصيف ولن يضار أحد طالما سيأكل وجباته الشهية .. تنتظر عشرات الاسر الموائد بفارغ الشوق .. يجهزون أولادهم لرؤية ليلة الرؤيا التى يحتشد فيها ابناء كل المهن المختلفة ومريدوا الطرق الصوفية المختلفة ويجوبون الشوارع احتفالا بقدوم الشهر الكريم .. تفرغ الاسر والاولاد من مشاهدة مظاهر الاحتفال وينتظروا طوال الليل حتى يلحقوا مقاعدهم فى السرادق ليدعوا للمحسنين الذين أتاحوا لهم هذه الفرصة . تخرج عينا عوف عبد المهيمن على المكسرات التى يحملها الرجال لتدخل الى مخزن التكية .. تتبعها رائحة المشمش المنبعث من لفات قمر الدين والتمر النادر الوجود القادم من الواحات الكبيرة .. يسرى ريق عوف عبد المهيمن درويش الطاهر الفاقد للذاكرة منذ زمن لايعرف مداه أحد فلايعرف أحد من أى قرية أو مدينة جاء عوف ، ولايعرف قريب أوبعيد الصلة بابن عبد المهيمن فمنذ عشر سنوات وهو يجلس الى جوار مسجد الطاهر وأصبح من محاسيبه . يفرغ عمال الفراشة من عملهم فينطلق المحاسيب الى الداخل يتزاحمون .. يحاول عوف عبد المهيمن أن يمر بين مئات المتسابقين الى الداخل .. يصده الزحام فيقتلع عامودا خشبيا ويسقط على أم رأس عوف الذى يستعيد ذاكرته ويلفظ أنفاسه الاخيرة على موائد الرحمن . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== نقوش جيريه يرسم شلبايه عبد الله النقاش بالجير على جدران كل منازل المدينة قصة رحلتهم الطويلة من بلاد الحجاز الى بلاد المغرب العديده منذ اكثر من ألف عام مضت . توارث شلبايه هذه القصة مع أولى الكلمات التى تعلمها فى قاموسه اللغوى .. يمسك شلبايه بفرشاة الجير الملون بالازرق ويغمسها فى الدلو المعلق على السلم الخشبى الكبير المزدوج الذى يقف عليه ويطوّح بها فى الفضاء ثم يجعلها تستقر أعلى واجهة المنزل ترسم أول خط فى الرحلة الاولى . تنطلق القبائل من شبه الجزيرة الكبير الى شبه الجزيرة الصغير بمصر المحروسة فتمسك اليد الاخرى بفرشاة الاخضر ويرسم شلبايه أشجار الزيتون الكثيرة ويلّون الازرق الصافى مياه النيل والبحرين الكبيرين ثم يغطى الاصفر مساحة كبيرة من الواجهة .. ينثر بين جنباته خيما كثيرة لرجال القبائل وعرق يتصبب تحت شمس حارقة يرسم شلباية صورة أشعتها بعنايه . يعود اللون الاخضر مطلا برأسه فى اللوحة الجدارية مع وصول شلبايه الى الخضراء تونس لينعم المسافرون بالظل ويتزوج بعض رجال القبائل من فتيات تونس الجميلة وينجبون اولادا كثيرين ، ويرحل الآخرون الى أقصى الغرب . يجلس شلبايه ليلتقط أنفاسه اعلى السلم المزدوج ، ويأتيه سيد أبو أميره القهوجى بخرطوم النارجيله الطويل الذى يصل بين فم شلبايه ويد سيد الواقف على سطح الارض ويبدأ شلبايه فى وصلته الغنائيه الطويلة فيطرب لها سيد .. يغنى شلبايه للابل الصبورة التى استطاعت أن تخترق كل هذه المسافات خلال شهور الصيف الطويله ، كما غنّى للرجال الاشداء الذين تحملوا وحشة الليالى المظلمة فى قلب الصحراء الوسيعة بحثا عن الرزق الوفير . يعاود شلبايه الكرّة ليرسم رحلة عودة البعض الى المشرق مع القليل من الابل فيتخلف عن الركب جزء أسفل مآذن القيروان ، ويواصل المتبقى الرحلة ليقيم فى فسطاط عمرو فيرسم شلبايه مآذن المسجد العتيق والازهر والحسين . يتأرجح السلّم المزدوج الذى يحمل شلبايه عبد الله النقاش بدلائه السبعة الممتلئين بكل الوان الطيف ويسقط .. تتداخل الالوان فيغطى اللون الاسود جسد شلبايه ويسرع عبد الرازق الدكرورى صبيه الى نجدته ويعينه فى تشكيل ألوان الدلاء السبعة التى ينقش بها شلبايه قصة الرحلة الطويلة بنقوش جيريه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== أبو قردان تنطلق أسراب أبوقردان تحلق فى الفضاء اللانهائى تبحث عن بقايا اللون الأخضر الذى رحل مع اندلاع نيران حريق كانون سوتياته بنت حارس نور القرداتى . تدقق عيون السرب الصغير .. تفتش عن الديدان من أعلى فلاتجد الا اللون الأصفر فى الصحراء الممتده بطول آلاف الكيلومترات تحيط بألسنة النيران التى مازالت تلامس أجواء الفضاء العالى منذ خمسة أيام مضت . تصيدت عيون السرب الكبير بعضا من نبات الصبار المتناثرة فى بطن الصحراء الواسعة فأصدر قائد السرب اشارة بالهبوط ليتبعه سائر أفراد السرب ويتوالى هبوط بقية أسراب أبوقردان . تتحلق طيور أبو قردان حول الأزرع الخضراء المتشحة بالأصفر ووجوه الشوك الذى يضن بقطرات مائه لتخلو السماء من سحابة صغيرة فى المنطقة الكبيره . تمتد آلاف المناقير الطويله تنقب فى الدوائر المحيطة بالصبار .. يوفق شباب أبوقردان فى العثور على عشرين دودة بطول ألف من السرب فيقدمونها للصغار وكبار السن قبل أن يلفظون أنفاسهم الأخيرة . تستعيد الأسراب قدرتها على الطيران بعد أن جاءت على نهاية الوليمة مضافا اليها نباتات الصبار فيرحل اللون الأخضر المصفر الى العدم . تواصل أسراب أبوقردان رحلة البحث عن اشجار جديدة سكنا لها بدلا من التى مازالت مشتعلة بسبب سوتياته بنت حارس نور القرداتى التى أشعلت نيران كانونها ليشع الدفىء حتى لايموت حارس نور القرداتى وقرده ميمون من شدة برد طوبه الذى حول الماء الى جليد وتسبب فى وفاة مائتين من كبار السن وثلاثمائة من الأطفال الرضع حتى امتلأت مقابر كفر شويخ فأخذ أهل الكفر فى بناء مقابر جديده لتستقبل سكانها الجدد . تشكل الأسراب دوائر كبيرة حتى تقل سرعة طيران كبار السن والصغار فيتحولون الى مربعات ومستطيلات ومثلثات تتلاشى مع عودتهم الى نقطة البداية فوق ألسنة النيران التى أكلت أعشاش ابوقردان فوق أشجارها العالية وماتحتها . تزيد أجساد الصغار والشيوخ من السرب المتساقطة طول أيدى النيران الممتدة فتتسع بطن النار لتلتهم الكفر وعشرة كفور مجاوره .. يبعد الناجون من السرب الكبير عن النيران ويحط الجميع حول رماد الحقول التى خلفتها الحريق ليستخرجوا غذائهم وتهطل دموعهم على فقدانهم لآلاف الأصدقاء من الفلاحين الذين كانوا يعملون معهم فى تنظيف الأرض لاعادة زراعتها .. شبعت الأسراب ونامت فى مكانها حتى طلوع الفجر لتوقظهم أصوات خوار البقر ومأمأة الماعز والخراف فملأت الفرحة عيون ابوقردان مع عودة بعض الناجين من الفلاحين فى صحبة ماشيتهم ليعيدوا الحياة الى أرض كفر شويح الذى تسبب فى حريقها الكبير القرد ميمون الذى لامسته نيران كانون سوتياته بنت حارس نور القرداتى فقفز لتشتعل النيران بظهره لينقلها الى كل منازل الكفر والكفور المجاورة . قبلت أسراب أبوقردان المتبقى من الفلاحين على قيد الحياة الذين أخذوا ينقلون الماء من آبار الكفر الى القنوات المؤدية الى أرض الحريق لتخمد حتى تتمكن الأسراب من اعادة بناء أعشاشها على الأشجار الجرداء المحترقة حتى تخضّر . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================== ميراث البنات حار عبد المنعم عبد الوهاب فيما سيتركه من أرث لبناته الاربع فهو لايملك مليما واحدا غير قوته وقدرنه على العمل كسمكرى وابور الجاز الذى أوشك أن ينقرض .. حاول عبد المنعم السمكرى أن يقتطع جزءا ولويسير ليدخره لبناته القصر كى يتركه كميراث يستندون عليه بعد رحيله لكنه لم يوفق . استطاع منعم أن يدخل بناته الاربع مدارس متوسطة ،وحصلت اثنتان منهن على دبلوم التجارة .. لم يعوز منعم بناته الى أى من أقاربه طوال حياته فلقد كان يعمل ليل نهار ليلبى احتياجلتهن .. تعرّف منعم على موظف بالمجلس البلدى ودأب على مجاملته بتصليح وابوره فى كل مرة يتعطل فيها بدون مقابل حتى تمكن من أن يطلب من حامد عبد القدوس الخدمة فى تعيين أولى بناته الاربع فى المجلس البلدى ، وقدم حامد الطلب الى رئيس المجلس .. ظل الحلم يراود البنات الاربع فى العمل حتى جاءت البشارة بعد ستة شهور فى بداية السنة المالية الجديدة ، وتم تعيين تسعة عشر من ابناء العاملين فى المجلس البلدى وكان ترتيب بثينه العشرين فى التعيين بأجر مقابل عمل وكانت أكثر المعينين حظا فلقد اختارها رئيس المجلس فى مكتبه وذلك لفرط جمالها .. تمكنت بثينه بدلالها من انتزاع موافقة رئيس المجلس على تعيين ثانى بنات عبد المنعم عبد الوهاب ، وعملت بنفس الادارة باعتبارها من أخوات العاملات وكان المرتب ضئيلا . استطاعت بثينه وبسنت أن يساهموا فى شراء ملابسهما ومكياجهما واحذيتهما فخفّ الحمل عن منعم ، ومازال قائما على تصليح وابور حامد عبد القدوس كلما تعطل عرفانا بالجميل الذى سيظل دينا فى رقبته طوال العمر . حاولت فريده البنت الثالثة من بنات منعم أن تقنع امها زينات البياع واخواتها البنات بقلب محل السمكرة الى بوتيك وستقف فيه مع والدها فور تخرجها هذا العام وستلحق بها نوال العام القادم غير أن هذه الفكرة لم تجد صدى لدى منعم فرفضها ودخل رحلة مرضه القصير بسبب تراكم عوادم بوابير الجاز على جدار رئتيه .. خشى منعم أن يترك الاربع بنات وأمهم بدون ميراث أوسند فالشقة والمحل بالايجار وبوفاته سيسقط حقهم فى الايجار بعد وفاة زينات الام ، ولن يقف اخوته الى جوار أى من البنات أو الزوجة لكثرة اعباء كل منهم .. سأل منعم كثيرا وبحث عن وسيلة تضمن لاسرته الحق فى تأجير الشقة والمحل فلم يجد .. قرر منعم أن ينفذ مااقترحه عليه حامد عبد القدوس فدخل المستشفى بكليتين وخرج بواحدة مقابل خمسين ألفا ووزعهم بالتساوى على بناته الاربع والزوجة .. وضع منعم مبلغ عشرة آلاف باسم كل واحدة من البنات وكذلك الزوجة فى البنك ليعيشوا من عائد الورث الذى تركه وسقط عليه من السماء كما قال لهم فلقد ظهرت له قطعة أرض فى البلد وباعها أخوته وهذا هو نصيبه حسب روايته .. رقد عبد المنعم عبد الوهاب فى سلام بعدما وزع الورث على بناته ، واجتمع شمل البنات والزوجة ليعلوا الدخل بعلو الفائدة ودعوا لمنعم بالرحمة بعد وفاته لعدم تركهن يواجهن الحياة بلاميراث . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== اختفاء تختفى الصورة تدريجيا عن أعين المشاهدين لتحل محلها الصورة التالية .. يبقى فى الذاكرة لحظات الميلاد المتعسرة وآهات الأم الدائمة خلال التسعة أشهر الماضية .. تنسج العيون ملامح الصورة الجديدة لطفل تفصل الحكيمة عنه حبله المتصل بالمشيمة فتتساقط من جسده أول قطرات الدم لتسرع الى ايقاف النزيف برباطها المعقم ، وتلقى بالمشيمة فى سلة المهملات .. تسارع الجدة الى احتضانها قبل أن تلتصق بالقاع البلاستيكى . تختفى الصورة لتتابع الجدة رحلتها تجاه النهر القديم حاملة صومعة غذاء حفيدها الوحيد الذى أسمته منذ قليل عطية الله وحمدت ربها . يمسك طبيب الوحدة الصحية الوليد من قدميه ويرفعهما الى أعلى ويضربه على المقعده فيتدفق الدماء الى الدماغ ليعلو صراخ ابن زايناهم بنت محلاهم بائعة الليمون . تزيح صورة الجدة الصورة السابقة حتى تصل الى شاطىء النهر وتجلس على حجر المرسى لتفك العقدتين المحكمتين اللتين ربطتهما لتمنع تسرب الماء على رأسها . تدخل الحكيمة المولود عطية الله فى الجلباب الصغير الذى صنعته زايناهم وهى جالسة الى جوار أمها أمام جوال الليمون وسط سوق القرية طوال النهار . ترجو الجده محلاهم النهر القديم أن يرد لها الحفيد كلما جاء يعانقه ليزيل عرقه ويطفىء نيران جسده المشتعل من شدة الحر حين يفيض النهر بالخير الكثير وتقول : يانهرنا العزيز هذا غذاءنا اللذيذ .. سد جوعك واحفظ وعودك ولاتغرق عطية الله ولد زايناهم بنتى .. يقبل النهر الرجاء ويداعب قدمى العجوز بأمواجه الهادئه ويبتسم . تقرب الحكيمة عطية الله من ثدى أمه حتى لايضيع لبن السرسوب الذى يبنى العظام فتفتح زايناهم عيناها فرحة بالوليد وتزيد من احتضانه حتى يشعر بدفىء امه فيحرك شفتاه وتروح زايناهم فى النوم ليتبعها الوليد . تغسل الجدة وجهها بماء النهر وتحمد ربها على سلامة ابنتها الوحيدة التى جاءها المخاض وهى جالسة الى جوارها فى السوق ، ولم توفق وديده الدايه فى توليدها وأوصت محلاهم بنقل ابنتها الى الوحدة الصحية .. اسرع أولاد الحلال الى الأم وابنتها واحضر عبد اللطيف البنى عربته الكارو وساعده الرجال فى حمل زايناهم ومحلاهم على العربة ، وحرّك البنى حماره بسرعة ليصل الى الوحدة الصحية فى دقائق قليلة حتى لاتضيع بنت محلاهم الوحيدة. ألقت الجدة بالمشيمة الى جوف النهر وودعته لتسرع بالعودة الى الحفيد والابنة بأكلة تشبع النفسه .. تفتح زايناهم عينيها فلاتجد رضيعها .. تصاب الأم الصغيرة بالذعر وتسأل الطبيب والحكيمه والفلاحين والفلاحات فلاتلقى الاجابة .. تمسك زايناهم بجلباب الصغير وتبلله بالدموع حتى تأتى محلاهم فتعيد السؤال ولامن مجيب . أدارت الأم وابنتها مناديا ينادى على أولاد الحلال ويصف لهم أوصاف الغالى عطية الله الرضيع الذى فقد فى القرية التى أصيب كل نسائها بالعقم بعد رحيل الوباء الذى يزور القرية كل عشرين عاما ، ولم يصب بنت محلاهم التى لم تتمكن من تحديد والد المولود فى وسط الزحام . قالت محلاهم لابنتها : انت صغيره وسترزقين بغيره تتسندى عليه فى عجزك ماتزعليش . تختفى الصورة تدريجيا عن أعين المشاهدين ، وتظلم القاعه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= استغاثة من الجراد كتب الصغار استغاثاتهم على أجهزة الكومبيوتر , وأغلق الآباء والأمهات الأبواب والنوافذ مخافة دخول أسراب الجراد المجنونه لتقتل صغارهم .. أظلمت سماء المدينة بعد أن غطتها ملايين الجراد الأصفر الكبير والأحمر الصغير فحالت دون وصول أشعة الشمس الى الأرض خلت الشوارع من المارة وتم اغلاق المحلات فلابيع أوشراء ولاذ التجار بالفرار الى المنازل , كما أغلقت كل المؤسسات والهيئات الحكومية والمدارس والجامعات والمستشفيات عدا دور العبادة التى فتحت أبوابها للفقراء المساكين وابناء السبيل ومن لايملك محلا للاقامة حتى يرحل الجراد أصر الجراد على البقاء فى سماء المدينه واحتل الشوارع والأزقة والحارات والأرصفة وجدران المنازل وأسطحها .. بلغ رعب الصغار مداه مع رؤية الجراد يحاول أن يخترق الحواجز ليصل اليهم .. أسرع الأباء الى توصيل أسلاك التليفونات بأجهزة الكومبيوتر ليحمل الانترنت استغاثة الصغار الى كل مكان فى العالم انخفضت درجة الحرارة الى ماتحت الصفر بكثير نتيجة التقاء موجات الصقيع المنطلقة من المحيطين المتجمدين الشمالى والجنوبى , ومازال الصغار يضعون أطراف أصابعهم على أجهزة الكومبيوتر ليرسلوا استغاثتهم وثبت المنظر العام مر على المنطقة المتجمدة عشرون عاما , ومع انفصال الموجات الباردة الغريبة بدأت الحياة العادية تدب فى أوصال المدينة وتم ارسال استغاثات الصغار الى كل مكان فى العالم عبر الانترنت تم تحديد مكان الاستغاثة فجاءت النجدة من الأقطار المجاورة ليرحل الجراد متوهما مجىء موجة من الصقيع الذى يمقته .. عاد أهل المدينة الى حياتهم الطبيعية بعد مرور عشرين عاما وكان العالم قد انتقل الى عصر جديد قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ==================================================================================

سروال حريرى جديد خرج أبوسماح من ملابسه ولم يبق الاعلى سرواله الحريرى الجديد الذى اشتراه من سوق العرباوى بالفسحة القبلية بعد أن لعن وسبّ آباء سنيه النباح زوجته وأمهاتها حتى سابع جد لأنها لاتكف عن الطلبات التى لاتنتهى من لبن بودره للصغيرة وحفاظات وادوية واطباء ، وغير ذلك من احتياجات المنزل . أمسك زعيزع الخوازيقى بالخرطوم الطويل ووضع بدايته فى فم الصنبور ، وحمل طرف النهاية التى تعلو عشرين لفة من البلاستيك .. يخطو زعيزع خطوتين فتنفك الدائرة الاولى متحولة الى خط مستقيم طوله مترا واحدا لاغير ، وتتواصل الدوائر منفكة حتى يبعد الرجل عن باب المنزل خمسة عشر مترل ثم يعود ثانية الى الصنبور ليفتحه . تتدفق المياه فى الخرطوم الطويل فيهرول الخوازيقى ليسبقها ويمسك بنهاية البلاستيك ليرسم على أرض الشارع منازله التى احتمى ببرودة قلوبها السكان من شدة الحر ، وأغلقوا كل النوافذ بعد أن صارت السنة فصلا واحدا من الصيف فى صحراواتهم الواسعة .. يصب أبوسماح الماء على وجه الارض المرسوم وجسده العارى ليطفىء لهيبه . يواصل زعيزع الخوازيقى رسم ملامح المنطقة السكنية لابناء الواحة بخرطوم مياهه الضعيف بعد أن فتحت كل النساء صنابير منازلهن استعدادا للقيلولة ان وجد الرجال أسفل قباء الحمامات الشديدة التهوية بدون فائده . تفتح روميه السابغ نافذة منزلها الخلفية المطلة على شارع ابو سماح الذى سمى باسمه لانه اول من سكن به ليتمكن الخوازيقى من القفز الى الداخل .. أسرع زعيزع الى روميه وترك خرطومه يرسم ترعة صغيرة وسط رمال الشارع . أغلقت روميه النافذة خلف زعيزع مسرعة حتى لايلفت نظر أى عابر سبيل .. تنادى سنيه النباح على زوجها فلايجيب .. تصرخ سماح الصغيرة من شدة الجوع بعد أن فرغ لبن البودرة فأسرعت سنيه بالخروج حتى تأتى بزوجها ليحضر بعضا من البودرة بعد أن جف لبنها فى الشهر الثالث عقب وضعها لسماح لمقابلتها عفريت من الجن اثناء زيارتها لقبر امها . قابل الخرطوم الملقى على الارض وجه سنيه فاستغربت من اختفاء زوجها لتنادى عليه بأعلى صوتها ، ولامن مجيب .. لملمت المرأة الخرطوم وأغلقت الصنبور وحملت صغيرتها الى بيت النباح عايص ابيها ، وقبلت يديه حتى يرق قلبه على حفيدته الصغيرة فيمنحها القليل من كثير أمواله التى يجنيها من تجارته فى الابل . دق عدلى ريمان باب منزله ليقفز زعيزع الخوازيقى من النافذة الخلفية عاريا حتى من سرواله الجديد ، ويجرى الى باب بيته فيجده موصدا ليواصل الدق .. تفتح كل نساء الشارع نوافهن من شدة الطرق ليتقززن من مشهد الخوازيقى عاريا فتسارعن الى طلب سيارة مستشفى الامراض االنفسية ، وتحمله قبل أن تعود زوجته . يمنح عايص النباح ابنته بعض الدراهم فى ظل امتعاض زوجته الجديدة ، وتغادر سنيه حاملة ابنتها لتبدأ رحلة بحثها عن الزوج فتخبرها النساء عن مكانه .. تسرع أم سماح الى المستشفى فيرفض الاطباء اجراء المقابلة لسوء حالة الزوج فتعود من حيث جاءت ، وتهرول الى اخوة زعيزع الخمسة الذين يفشلوا بدورهم فى انتزاعه من بين الحالات المستعصيه . يسأل عدلى ريمان روميه زوجته عن السروال الحريرى الابيض الجديد الذى يعكس كل حرارة الشمس الحارقة ويشعر الجسم بالبرودة فتخبره بشرائها له من سوق العرباوى بالفسحة القبلية فيرتديه لاسابيع طويلة حتى تقرر روميه تنظيفه فيخلعه وتغسله ثم تنشره . ترى سنيه النباح سروال زوجها حاملا ثلاث نقاط من دم يدها التى جرحت وهى تدخل الخيط فى عين الابرة فتسرع الى المنشر وتلتقط السروال .. تسرع الى كبير الاطباء وتحكى له كل القصة فيأمر بعقد اللقاء بين المريض وزوجته وابنتهما الصغيرة ويعودوا بعد ساعة الى المنزل . ترحل روميه وزوجها عدلى ريمان الذى لم ينجب سوى ابن واحد واقلع بعده عن الانجاب .. قرر زعيزع عدم الخروج الى الشارع ورسم اشكاله المحببة فى فصل الصيف الطويل والتصق بسرواله الجديد الذى كان السبب الحقيقى فى خروجه من المصحه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== جليسة خاصة جدا أعلن رايب فحلاوى عن حاجته الماسة والشديدة الى جليسة خاصة جدا تؤتمن على أسراره الحياتية عائلية وشخصية ان لزم الأمر .. أعطى رايب مواصفات الفتاة الى غلمانه الكثيرين ، وحملها الغلمان لينطلقوا فى مختلف الشعاب والخيم المنتشرة عبر الصحراء الكبيرة .. يفتشون عن بغية العجوز الذى أوشك أن يفارق الحياة . مازال الرجل ملازما خيمته الوسيعة بعرب الجسر الذى يتوسط المسافة بين البادية الكبيرة والحضر الصغير .. يضع فحلاوى صورة فتاته التى جسدها له فى لوحة غلامه الموهوب فى فن الرسم فجاءت كما كان يتخيلها طوال الثمانين عاما الماضية .. عينان سوداوان .. شعر ليلى غزير ولون بشرة بطعم حليب ناقة أمه التى تربى عليها مع اخوته الراحلين والباقين على قيد الحياة حتى سن الفطام ومابعدها . يقبل الرجل العجوز قدمى فتاته فى نسخ الصورة المكررة والمعلقة على كل جدران االخيمة .. عاد الغلمان بعد شهر من الترحال على ظهور النوق البيضاء الفتية وقد جاءوا بمائة من الفتيات الشديدة البياض الملون بحمرة الدم المتدفق من الوجنات .. لوّن الغلمان شعور فتياتهن المائة بلون الليل ، وارتدين العدسات السوداء اللاصقة . اصطف طابور الفتيات أمام خيمة المسن وخرج مستندا على كتفى أحب غلمانه والمقربين دائما الى قلبه العليل .. فتح الرجل عيونه المغلقة وأرسل نظره الضعيف يتفرس بشرات المائة صغيرة فصدمته حمرة الوجنات ليسقط من بين كتفى غلاميه العاشقين .. يكره العجوز لون الدم الذى أراقه قطاع الطرق وهو ابن الخامسة من عمره لدم ابيه وامه بعدما نال منها غلاظ القلوب من الصعاليك . لعن الرجل آباء غلمانه الاشقياء الذين يتسببون فى نكوصه الدائم الى الخلف حتى جعلوه غير قادر على الحركة لاصابته بالشلل المؤقت .. تجمع الغلمان وحملوا سيدهم فوق الاعناق وأدخلوه الى قلب الخيمة . سالت دموع العجوز بعد اكتشافه زيف ليل شعر الصغيرات لعدم جفاف الصبغة السوداء التى تركت بعضا من الشعر الذهبى الذى يكرهه والذى كان يجرى خلفه الصعاليك وراء كل القوافل التى تحمله نساؤها زينة على صدورهن وآذانهن وأنوفهن ، والذى تسبب فى مقتل امه وابيه وبعض من أخواته بنات البنوت الصغيره . أمر رايب فحلاوى صرف المائة فتاة بعد أن عوّض كل واحدة منهن عن الوقت الذى استغرق الشهر منذ التقطها غلمانه من الاسواق حتى عودتهن الى الاماكن نفسها .. يعود رايب فحلاوى الى حزنه الدائم ووحدته الموحشة .. يحاول غلاماه المقربان والغلام الرسام االتسرية عن سيدهم ومسح دموعه المتدفقة فلايفلحون .. يعيد الرسام الكرّة فيرسم نسرا ضخما يملأ سماء اللوحة وينقض على الملاعين من الصعاليك الذين يمقتهم العجوز ويلتهمهم النسر الاسطورى والذى يشبه فى ملامح الوجه وجه رايب فحلاوى رمز الفحولة فى البادية الكبيرة والحضر الصغير .. يعيد الرسام الرجل العجوز الى ماضيه البعيد حيث كان يتفنن فى الايقاع بفتيات الصعاليك ليقتلهن ثأرا لابيه وأمه وأخواته بنات البنوت الصغيرات . يقتننص الغلامان الفرصة التى أوقعه فيها الرسام ويأخذان فى القاء الفكاهات التى لم تفلح فى اعادة نظرة الرضا عنهم كما تعودا من سيدهما .. أشار رايب فحلاوى الى صغيريه الغلامين المحببين اليه بالكف عن المحاولة وفتح النافذة المجاورة له فى الخيمة فنفذا الامر فى أقل من لحظة ليشخص بصره باحثا عن جليسته الخاصة جدا والتى تشبه الى حد كبير امه الحبيبة .. ثبت نظر رايب على الفضاء العالى حيث التقت روحه بروح احبائه وتوقفت أنفاسه .. أغمض الغلمان عيون عجوزهم الحبيب وأخذوا فى التجهيز لمراسم دفنه فى مقبرة العائلة الخاصة ، ولعنوا سائر الغلمان الذين قصّروا فى تحقيق حلم سيدهم فى ان يعثر على جليسته الخاصة جدا قبل أن يرحل . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ========================================================================== الصاروخ تغزل جدتى هانم رزق الله فتيل الصاروخ من شريطين قديمين ، تلفهما حول بعضهما البعض بعناية واحكام .. تنهرنى عن اللعب بعيدا عن المنزل حتى لايخطفنى القشيرى عدو الشمس اذا ماارتطم جسده القوى بجسدى الضعيف فيحملنى بعيدا بعيدا .. أتوجس خيفة من رؤية الرجل الذى يفتح عينيه بصعوبة فى وضح النهار ويرى بسهولة فى ظلام الليل .. تتعثر قدماى ولاتقوى على البعد عن حضن جدتى . تجلسنى الجدة على قدمها ، وتلف الفتيل بأصابع يديها على القدم الأخرى فتقل نسبة الوبر البارزة من الشريطين القديمين .. تمد اليد فتمسك باناء الكيروسين وتسقط الفتيل داخله ممسكة بالطرف كى يسهل مروره فى بلبلة الصاروخ . أتململ فى جلستى المريحة فتناولنى الجدة قطعة من العسلية لأعود الى استكانتى ، وأتفرس فى وجوه الخارجين والداخلين الى الحارة المسدوده من خلال باب الدار المفتوح والذى تسده جدتى بجسدها وهى جالسة تعدد : رحت اللحود وقلت ياسدّاد أوعى تتكلنى على الأولاد رحت اللحود وقلت ياسبعى واوعى تتكلنى على ولدى تسيل دموع جدتى فأسرع الى مسحها بيدى الصغيرة بعد وفاة جدى وسفر خالى الى المدينة للعمل فيها مع ابن عم أبيه . تحاول الجدة هانم مد اليد بطولها لتمسك الصاروخ وتضع الفتيل بداخله قبل أن يأتى الليل فلاتستطيع .. أهرول الى ركن البهو وأحضره لها فتربت بيدها على ظهرى وأعود الى مكانى على قدمها حتى لاتغضب منى فتعيدنى الى أمى وأبى وأخوتى العشره . تضع الجدة الكيروسين فى قلب الصاروخ ، وتبدأ فى ادخال الفتيل فلاتقوى اليد المرتعشه لتواصل عديدها : ياعمود بيتى والعمود هدوه ياهل ترى فى بيت مين نصبوه ؟ ياعمود بيتى والعمود رخام ياهل ترى فى بيت مين اتقام ؟ تتساقط دموع جدتى مختلطة بالكيروسين الذى يلف فى دوائر أرى من خلالها خالى قادما من البلاد البعيده لتكف جدتى عن البكاء على جدى فلايأتى ، وأقبل يدها فتحتضننى مع رحيل الشمس الحمراء تشد وراءها الأسود المخيف .. أدفن رأسى فى صدر جدتى هربا من عيون القشيرى التى ترى فى الظلام فتشعل هانم بنت رزق الله الصاروخ .. أفتح العينين حتى تطمئن جدتى الى نومى لتطفىء الصاروخ فلانحترق وتبدأ أحلامى الليليه . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ======================================================================== الهزه جلس دحروج عزوز النواتى على مقهى بشارع رزق رميل يحرك عينيه يمينا ويسارا ، ويكثر من اهتزاز قدميه لتهز المنضدة التى تحمل كوب الشاى الذى يشربه أمامه فتهتز صورته المتكسرة داخل الكوب . يراقب دحروج مجىء طه المغربى المقاول الذى سيعمل معه فى ترميم بيت وديد العجان الذى أوشك على الانهيار فى صباح الغد ... سلبت الحسناوات عقل وعينى دحروج فراح يلهث ليفصل بينه وبينهم جسد رجل ثقيل الظل فيزيحه بكل قوة كى تحلم عيناه المتسعة وتلملم كل نساء الشارع فى مركز ابصاره . يعاود دحروج مسح عينيه بكلتا يديه ليقوى على النظر من بعد بحثا عن طه المغربى الذى تأخر كثيرا حتى طلب دحروج شايه الخامس ولم يجد مكانا خاليا فى بطنه للسادس ولن يحاسب المعلم عواد زايد صاحب المقهى فى هذه الليلة لان جيوبه خاليه الا اذا جاء طه وصدق فى وعده الذى يخلفه دائما كى يربط كلاما مع دحروج بمنحه الخمسة جنيهات من اجمالى أجر السبعة أيام مقاولة الترميم ليدفع جزءا من ديونه لعواد زايد . يتابع دحروج النظر الى كل الحسان اللاتى تأتين من كل حارات وشوارع المدينة لتشترى المستعمل من شارع رزق لتصلحه وترتديه وتصبح كل بوصه عروسه .. يواصل دحروج هزّ قدميه غير أن هزّة ثقيلة أسقطت حجارة كبيرة من أعلى أسطح المنازل فجعلت كل الجلوس على المقهى وصاحبها والمارة يهرولون الى أماكن شتى عدا دحروج عزوز الذى لزم مكانه فلم تقو قدماه الكثيرة الاهتزاز على الحركة . هشمت الحجارة الثقيلة الكثير من السيارات المستظلة بالمنازل وظلت السيارات المتحركة تتفادى سيل الحجارة المتساقط من أعلى ليتداخل الاتجاهان فى اتجاه واحد وتصطدم السيارات وتعتلى الارصفة لتسوى المارة بالارض . ينشطر المنزل المجاور للمقهى الى نصفين يسقط النصف الاول ويظل الثانى معلقا فى الهواء حاملا نصف سكان المنزل والنصف الآخر تحت الانقاض لتأتى اليه سيارات الانقاذ بعد ساعات حتى تخف توابع الهزة . ينظر دحروج الى سقف المطعم الذى امامه فيجده يرقص ليغادر كل رواد المطعم الى الخارج ويظل دحروج يحرك عينيه ببطىء شديد غير قادر على الحركة .. يسقط منزل وديد العجان فتسيل دموع دحروج ويضيع أمله فى الخمسة جنيهات ربط الكلام كبداية للمقاولة التى كانت ستأخذ سبعة أبام بطول ايام الاسبوع . يتزاحم الصغار على سلم المدرسة بجوار المطعم مما أدى الى انهيار السلم واصابة الكثير من الصغار فحمل الكبار صغارهم فوق ايديهم ولم تأت سيارات الاسعاف حتى هذه اللحظة . تقول جدة دحروج الحاجه خضره أبوغنيم : ان الثور الذى يحمل الكرة الارضية على قرنه قد أصابه التعب فيضطر الى نقلها الى القرن الثانى فتحدث الهزة أ، ولكل هزة ضحاياها ، وكان دحروج بين ضحايا هذه الهزة . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== انهيار السقف استلقى مؤمن عبد البر رديسى على سريره البالى القديم وظل ينظر الى سقف حجرته الخشبى يتابع اتساع الشقوق حول العرق الوحيد الذى يحمله منذ جاء به والده الى هذه الحياة ورحل ليتركه وحيدا بعد وفاة امه وهو فى سن السادسة عشر . كدّس الجيران أكواما من الكراكيب القديمه على سقف حجرته الوحيد المتماسك بين أسقف حجرات السطح فى العقار رقم 15 بحارة النن بالمشهد الزينى والذى كانوا يحسدونه عليه . أخرج أول شرخ لسانه فظل مؤمن مستلقيا على ظهره ولم يعبأ من سخريته وأدار عينيه ليغمضها على رحلته اليوميه التى ارهقته من والى المعهد الذى يدرس فيه متوكئا على معاش ابيه البسيط الذى حار فى سد بعض احتياجاته من مأكل ومشرب وملبس ومواصلات وايجار غرفه حتى أشفق عليه عميد المعهد فصرف له الكتب من رعاية شئون الطلاب بالمجان بعد أن أطال النظر فى عينيه . تساقطت حبات الجير المتبقية من طلاء الغرفة القديم من الشق الثانى فلم يعرها مؤمن أدنى انتباه وجاء بجاكيت بدلة عرس ابيه وأخذ يرتقه ليحميه من برد الشتاء القارس وعاد الى استرخائه اسفل لحاف عبد البر رديسى الذى لم يمنعه من جليد هذا العام الذى حل بالمدينة ليحتمى أهلها بنيران مدافىء الاخشاب . ينتظر مؤمن دقات بسمه بنت فكيهه الشرباتى على باب الغرفة لتدعوه الى العشاء والجلوس معهم حول المدفأة الفخار المليئة بالفحم نزولا على رغبة فكيهة بائعة اللبن آملة فى ارتباط مؤمن ببسمه وسيلبى مؤمن الدعوة وتظل فكيهة تحاصره وتقرّب له كل بعيد مقدمة كل التنازلات عن حقوق ابنتها كعروس حاصلة على دبلوم تجاره ، وستكتفى بالاقامة معه فى غرفة المرحوم عبد البر رديسى وهنومه سراج الغاليين عليها وستكتفى ايضا بتجديد بعض الاثاث لكنه اصبح غير قادر على الزواج ومنذ تيقنت فكيهه من ذلك لم تدعه مرة واحدة على العشاء ومازال مؤمن ينتظر . يمسك مؤمن بفستان امه القديم .. يجفف ماء مطر الامس من الشق الثالث الذى جاوز النصف متر .. يدفع عطا خليل الباب بقدمه ويلقى باللحمة المفرومة تموين الغد الى جانب السرير ويسبق مؤمن فى الاختباء أسفل اللحاف العتيق وهو يلتهم سندوتشا من الاثنين اللذين لم يبعهما وعاد بهما بعدما أغلق عربة السندوتشات التى يقف معه عليها مؤمن الذى سقط بدوره على جسده لينتزع السندوتش المتبقى من بين فكيه . يواصل مؤمن النظر الى السقف تحت ضوء لمبة الجاز نمره خمسه .. قرر مؤمن أن يعالج الشق الرابع الاكثر اتساعا بحشوه بالجبس والاسمنت عندما يقوم من مرضه فى الغد ليلحق أجر يوم من ايام الاسبوع وحتى لايستبدله حنفى سليم صاحب عربة السندوتشات بشخص آخر . علا شخير عطا ابن خليل شلبى فرّاش مدرسة البنات النموذجية الذى ترك غرفة ابيه المزدحمة بالسبعة أخوه والام واقام مع صديقه مؤمن منذ عشر سنوات عقب وفاة عبد البر رديسى ،وعملا معا فور تخرجهما فى العام قبل الماضى ويقوم مؤمن بغسل الملابس وينظف عطا الغرفة وكثيرا ماكان عطا يقسو على مؤمن ويحمله تنظيف الغرفة وطهو الطعام . جاوز شخير عطا مداه فزاد من اتساع الشق الخامس مما أدى الى انهيار السقف الذى كتم انفاس ابن خليل شلبى ، ومازال مؤمن ينظر الى السماء المظلمة الخالية من النجوم ، ويمنى النفس باعادة سقف الغرفة الى ماكان عليه قبل زواج ابيه من امه فى رحاب المشهد الزينى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== بانيو بالبطاس يشترى العاشق البطاس والاقراص لتكون اعرابا عن خالص الحب والمودة كما طلبت المعشوقة .. يتسلل العاشق ليلا خلسة حتى لايراه أحد بعد خروج الزوج الى المصنع للعمل فى ورديته المسائية كل يوم ومنذ خمسة عشر عاما ، وبعد أن ينام ابنا المحبوبة ايمن ومى . يستعيد تامر ابراهيم الكرايمى شريط ذكرياته فى هذا المنزل بعد أن تزوج والده من فريده الرومى الجارة التى تسكن فى الشقة المقابلة عقب اعلان طلاقها من لطفى مشهور الزوج الاول الذى لم يستدل على وجوده حيا أوميتا حتى الآن .. طرد ابراهيم الكرايمى زوجته وابنه الذى لم يتعد العاشرة خارج شقته التمليك الذى دفع فيها ثمن القيراطين الطين اللذين ورثهما عن امه فى الريف ليصبح واحدا من اتحاد ملاك هذه العمارة ، وحتى الآن ايضا لم يتم العثور على ابراهيم الكرايمى حيا أوميتا منذ عشر سنوات مضت لتتزوج فريده من لؤى النوّاتى الذى يصغرها بعشر سنوات وكان يسكن فى الدور الذى يليها . رأت سيده عزوّنى صديقها الصغير تامر وهى فى طريقها الى السوق لتبدأ العلاقة وتتوثق فتصارحه برغبتها الشديده فى الارتباط به والزواج منه كى تنجب منه اولادا ذوى عيون ملونة بالازرق لون عينى تامر حبيبها وشعر ملون بالاصفر كشعره الناعم . كانت سيده صديقة مقربة من فريده وكانت تأتمنها على كل اسرارها ، وقد افضت اليها ذات مرة بقصتها مع ابراهيم الكرايمى ولطفى مشهور من قبله وكيف تمكنت من الخلاص منهما ، وستساعد صديقتها سيده فى الخلاص من زوجها شريف اللوزى اذا أرادت الزواج من صديقها تامر . حاول تامر أن يوقع بين الصديقتين المقربتين فأخبر حبيبته سيده بما كان من امر فريده حين رأته على السلم ووقعت فى غرامه وعرضت عليه نفسها فثارت ثورة سيده وأوقفت تامر على كل اسرار فريده وكيفية تخلصها من زوجيها السابقين واقدامها على الخلاص من الزوج الثالث اذا أقامت علاقتها الجديده مع تامر وسيجىء دوره فى المستقبل القريب لكن سيده لن تتيح لها مثل هذه الفرصة مع حبيب عمرها الذى تعشقه والذى ستموت وراءه اذا نجحت المرأة فى خطفه منها . سأل تامر سيده عن طريقة تخلص فريده من أزواجها السابقين ليتسنى لهما الخلاص من شريف اللوزى زوج سيده ، وسيورطان فريده معهما حتى لاتشى بهما الى السلطات .. وعدت سيده حبيبها بالحصول على الطريقة من فريده بعد أن توبخها على طمعها فى تامر ، وانتظر الحبيب بفارغ الشوق . استطاع تامر أن يستخرج اذنا من النيابة بالتسجيل لسيده عن طريقة قتل فريده لازواجها السابقين وشروع سيده فى قتل زوجها الحالى شريف اللوزى .. قالت سيده لتامر : ان فريده تملأ البانيو بالماء ثم تذيب البطاس بوفرة فى البانيو ، وتضع قرص المنوم فى شاى الزوج حتى ينام فتغرقه فى البانيو ليتحلل الجسد وتحار الاجهزة فى العثور على الازواج احياءا أوامواتا . تم القبض على فريده الرومى ، وتم احالة أوراقها الى فضيلة قاضى القضاه ، غير انه قد تم تعديل الحكم الى السجن مدى الحياة فى مرحلة الاستئناف ، وحوكمت سيده عزونى بتهمة الشروع فى قتل زوجها والتستر على مجرم لتصحب صديقتها المقربة لمدة ثلاث سنوات فى سجن النساء . عادت حسنيه رزق البناموتى وابنها تامر ابراهيم الكرايمى الى شقتهم التى طردوا منها بعد خمسة عشر عاما وبعد أن اثبتوا وفاة ابراهيم الكرايمى مقتولا بيد زوجته الثانية فريده الرومى فى البانيو بالبطاس . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ============================================================================== ببغاء هندى يردد الببغاء الهندى كل ماتنطق السيدتان الصغيرة والكبيرة .. تقول شوشه بدرين التمايمى للببغاء : أحبك .. يكرر الببغاء وراءها فتشعر بالرضا وتحتضنه بقوة . تنظر أمينه السليمى السيدة الكبيرة الى المرآة التى تعكس صورة الببغاء وتقول : لم تر العين أجمل منك .. يردد الببغاء الهندى وراءها لتتدلل السيدة الكبيرة وتكافىء الببغاء بقبلة من خلال المرآة وكومة من الفول السودانى الذى يعشقه . زهدت السيدتان الصغيرة والكبيرة فيما يكرره الببغاء فقررتا أن تقتسماه عمليا بذبحه وأكله .. نصف نصف .. الفم ، الأنف ، الريش والأقدام وهن فى قمة نشوتهن . فكرت شوشه بدرين التمايمى السيدة الصغيرة كثيرا فى هذا القرار قبل أن تقدم عليه ورأت دموعا غزيره فى عينىّ معشوقها الببغاء الذى كسر حاجز وحدتها وسلّى أمها أمينه السليمى كثيرا بعد رحيل زوجها الغالى بدرين التمايمى ، واستعادت أول لقاء لهما مع الببغاء فى سوق المدينة التجارى حين توقفت أمامه طويلا ، وقالت : - ماأجمل فمه ياأماه . - لكنه هندى نحيف ياابنتى . - هذا سيبخس ثمنه . - لديك حق . - أنظرى ياأماه ماأجمل شعره .. ريشه . - عيونه حالكة السواد مخيفة ياابنتى. - ماأجمل طوله ياأماه سنقتسمه النصف لك والنصف لى . - كيف ياابنتى ؟ - سأحدثه مباشرة وتحدثينه فى نفس الوقت من خلال مرآة تعكس صورته وسيستمتع ثلاثتنا . رأى البائع شغف السيدتين الصغيرة والكبيرة المتشحتين بالسواد من خلال العيون اللامعة فرفع سعر الببغاء ليصل الى العشرين بدلا من عشره ، وعدد مزاياه فلقد جاء طائرا من الهند حتى الواحة الكبيرة ولم يتوقف لحظة خلال طيرانه آلاف الكيلومترات وحرص البائع على شرائه لقوته من شيخ الصيادين الذى اصطاده بشبكته العتيقه وغالى فى سعره .. حاولت أمينه السليمى صرف نظر ابنتها شوشه عن الببغاء لغلو ثمنه فقالت : - ياابنتى انه لايفهم لغتنا . - سندربه ياأماه وسيفهم بعد قليل . نزلت أمينه على رغبة ابنتها ودفعت العشرين للبائع واصطحبا الببغاء الى المنزل ليعيش معهن فى سعادة بالغة حتى نهاية السنة الثالثة . بدأت أمينه السليمى فى التهام النصف الخاص بها وتبعتها شوشه بدرين بعدما رأت الوحش يطل من عينىّ أمها غير أن صراخ الببغاء العالى وصل الى آذان الشرطة فجاءت مسرعة تدق باب السيدتين الصغيرة والكبيرة لترى دماء الببغاء تتساقط من فم وعلى صدر السيدتين ، ولم تتمكن الشرطة من انقاذ الببغاء الهندى فتم القبض على شوشه بدرين التمايمى البنت ، وأمينه السليمى الأم بتهمة القتل ومخالفة القانون الذى يحرم أكل الطيور النادره كالببغاء الهندى . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= صوان لحمه يشد عمال الفراشه قطع الخياميه بين الاعمدة الخشبيه المثبتة بطول خمسمائة مترا على جانب الشارع الطويل ، وتتدلى الخطاطيف الحديديه بين كل متر وآخر لتحمل الكباش المذبوحة والتى تبلغ المائتين والخمسين على كل جانب تقدمها الست صدقيه الرايق كأضحية للعيد الكبير فى كل عام . يتم تعليق مكبرات الصوت التى تحمل صوت المطرب الشعبى يكرر : ياحاسدين الناس مالكم ومال الناس .. تنكسر سهام الحاسدين مع موجات الهواء قبل ان تصل الى الاضاحى .. ينتظر الفقراء داخل الصوان الذى تقيمه الست صدقيه أمام برجها السكنى الكبير ، ويطول الانتظار حتى يخرج صغار الجزارين غارقين فى دم الذبائح يحمل كل واحد منهم كبشا ليعلقه فى خطافه الذى سيقف بجانبه حتى يفرغ من تسليمه لآخر لفه لمن تحدده الست صدقيه ومازال المطرب الشعبى يكرر نفس المقطع من الاغنية ، والذى تم تسجيله مكررا أكثر من مائة مرة حتى لاتصيب سهام الحاسدين الطائشة صدقيه أوأضحياتها أوواحدة من فتياتها المقربات . يواصل عمال الفراشة تثبيت اللوحات الفوتوغرافيه بالبللور الشفاف الخاصة بالست صدقيه وهى فى صحبة الصفوة من سادة المجتمع لتشارك فى افتتاح العديد من المشروعات الخيريه ، وبين كل لوحة ولوحة توجد لوحة بيضاء تحمل أصوات الجماهير التى تعلو بالهتاف لحياة الست صدقيه فى ظل أغنية المطرب الشعبى ياحاسدين الناس . يشتد لمعان بدل فتيات الست صدقيه المطرزة بالترتر المتناثر على وجوههن البراقة مع خروجهن من البرج السكنى يحملن المباخر التى تعمى عيون الحاسدين فيغطى الدخان سماء الشارع حتى لايرى المارة مواضع أقدامهم لتخرج الست صدقيه ترتدى فستانا فضفاضا أبيضا فى أبيض ويعلو رأسها غطاء حريرى تم استيراده من الشام مساء أمس لتبدو صدقيه عروسا فى ليلة زفافها .. يغطى الصفاء وجهها بدون أصباغها القديمة .. تقلب صدقيه بين أصابعها الناعمة حبات عقد من الاحجار الكريمة على صدرها المنخفض باللون الازرق لتطفىء نيران الحسد المنطلقة من عيون حسادها وتواصل طقوس عادتها التى حرصت عليها منذ تقاعدت وقررت البعد عن الاضواء التى أدمت عينيها .. يكرر الحاسدون : اللهم لااعتراض ولامانع .. يعدون مئات البيوت التى تفتحها الست صدقيه اللولبيه للعاملين معها فى الفرقة قبل قرار الاعتزال وآلاف الفقراء الذين يدأبون على المرور عليها فى أول كل شهر ليتلقوا اعاناتهم ، ويمصمصون الشفاه ولاينظرون الى مقدار المشقة التى أبعدت صدقيه عن فنها الذى تعشقه وأصيبت بعد تركه مباشرة بحالة من الاكتئاب استمرت لشهور عدة لم يخرجها منها الاحب الخير للغير . أغرق لعاب المارة الشارع الذى يحمل اسم الست صدقيه الرايق فأسرعت الى توزيع النفحات قبل الطوفان وبدأت بعمال النظافة فأعطت كل واحد لفة تزن خمسة كيلوجرامات وغادروا المكان ليتسابق أهل الحى والاحياء المجاورة فى الحصول على أنصبتهم من لحم الكباش ويتخيرون الاجود ليلقى صغار الجزارين بالبقايا والعظام الى قطعان الكلاب التى تزاحمت تنظر بامتنان وحب شديد للست صدقيه التى لاتترك مناسبة الاوتمد يدها للصغير قبل الكبير فلاينقطع الدعاء لها طوال العام . تدير صدقيه ظهرها للحاسدين وتمضى فتعوى بطونهم حزنا على مافاتهم من عطاياها وتصيب عيونهم الزرقاء الاعمدة الخشبية بعد خلوها من لحم الكباش فتسقط ليغادروا المكان ومازال صوت المطرب الشعبى يكرر من خلال السماعات الملقاة على الارض : ياحاسدين الناس مالكم ومال الناس فى قلب صوان لحمة الست صدقيه الرايق . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه =============================================================================== علاوة استثنائية يترقب الجميع ببالغ الشوق واللهفة الحصول على العلاوة الاستثنائية .. يجلس الخمسة موظفين على مكتبين .. تأخذ الملفات دورتها بين المكتبين دون التقاء عيون الموظفين حتى لاتفصح عما بداخلها . يوزع جابر الرحمانى عامل المكتب أربعة أكواب من الشاى ويصب القهوة فى الفنجان بعناية حتى لايضيع الوجه أمام ابراهيم السلومى رئيس القسم الذى يبدو عليه الكثير من القلق فمازال فى الدرجة الاولى منذ سبع سنوات ولم يتقدم خطوة واحدة حتى الآن . يمسك السلومى بفنجان القهوة بيد مرتعشة فهو فى أمس الحاجة الى هذه العلاوة بعدما باع الذى أمامه ووراءه قطعة الارض الستة قراريط التى ورثها عن ابيه ليوالى الصرف على وليد وميرنا ابنيه التوأم اللذين التحقا بالجامعة العام الماضى ، وهيثم الذى سيكلفه مالايطيق من مصاريف لدروس الثانوية هذا العام ، وآخر العنقود السكر المعقود ابنته ولاء - كما تقول عليها دائما زوجته هناء الشماشرجى والتى صرفت هى ايضا كل ماورثته عن ابيها وأمها ، وولاء سستنهى مرحلتها الاعدادية هذا العام . يواصل السلومى شرب فنجان القهوة ويفرغ عوض عبد الرحمن من شرب الشاى ليقلب نظره فى الوجوه المترقبة ويطمئن ابراهيم السلومى لان الدور سيكون عليه بعد حصول كل الموظفين فى المكتب على العلاوة حتى جابر الرحمانى فيهدأ السلومى ولايأمن مكر السادة المسؤلين فهو أدرى بهم وليس منهم . يهدىء عوض من روع السلومى ويصرف ذهنه الى سيرته الذاتية فلقد قرر عوض عبد الرحمن أن لايتزوج ليعول والدته وأخواته البنات الاربع بعد وفاة والده عبد الرحمن المناخلى حتى فاته القطار بعد أن زوّج أخواته وتوفيت أمه .. ينظر عوض الى العلاوة بامتعاض ولاينتظرها أبدا ومع ذلك جاءته ثلاث مرات . تدور عينا تاج فراج الذى يقلب الملف بين يديه ويبحث عن المستند الضائع ويسأل كل من بالمكتب حتى ينبهه جابر الرحمانى الى وجود المستند داخل الملف الذى يقلبه بين يديه فيطلب منه كوبا من الشاى للمرة الخامسة ليضع عينيه وسط رأسه حتى لايضيع ويضيع وراءه ستة أولاد من زوجتيه المتوفيتين وثلاثة من الجديدة التى لم ترحل بعد . تقفز ابتسامة ماكرة من عينى سلوى عبد الفتاح المتزوجة وتعول لسفر زوجها بعد تعاقده العام الماضى كمحاسب فى الرياض وهى فى غير حاجة الى العلاوة - لكنها بتموت على القرش - كما يقول كل العاملين بالمكتب . يمنى صابر مخلوف النفس ويتمنى أن لويصيبه الدور حتى يتخلص من نظرة الازدراء التى يشيعه بها والده مخلوف عبد البر ساعى رئيس مجلس الادارة مع كل قرش يعطيه له كأعانة بعد ان يصرف كل راتبه على الملابس كى يبدو فى المظهر اللائق بالمؤسسة ومازال صابر أحدث موظف بالادارة منذ خمس سنوات . مرت الخمس دقائق السابقة على اعلان نتيجة العلاوة كخمس سنوات على العاملين بالمكتب ، وفجأة دخل صابر الرحمانى وقد ارتسمت على ملامحه كل علامات الفرح وأعلن حصوله على العلاوة للمرة السادسة خلال العشرة سنوات الاخيرة ، ولم يستغرب أحد الجالسين لأنه كان ساعى المدير العام المقرّب قبل أن ينتقل الى القسم العام الماضى . تغيرّت كل ملامح القلق على وجه ابراهيم السلومى رئيس القسم الى سكون وسقط فجأة على الارض فأسرع الجميع الى نجدته لكن الموت كان أسرع منهم بسبب الازمة القلبية التى تعرض لها السلومى بسبب حصول صابر الرحمانى على العلاوة الاستسنائية . قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه ================================================================================= قش الأرز يعبىء مغربى حسنى حماد قش الارز فى أجولة القطن الخيش الكبيرة الموصولة بخيط المنجدين المتين ، ويتطلع الى منحة أخرى من القش يهبها له عباس الزجاج قبل أن يتخلص منها حتى يكمل صناعة المرتبة لأولاده محسن وحسنيه وعزيزه ويوسف وكوثر وسميحه وسالم تجىء السيارة النقل الكبيرة ، يعلوها هرمان من قش الارز يغطيان هرمين من الخشب المدرج يحتضنان أنية الزجاج التى يفصل بينها القش حتى لايصدم بعضها البعض فتنكسر مع كل مطب بطول الطريق الطويل من المدينة الى القرية يخطف أصحاب القمائن قش الارز من عباس الزجاج بسعر زهيد ، ويعتبره الرجل زكاة عن صحته وصحة نجاة مبروك عكاشه وأولاده الثلاثه عاطف وسعد وأيمن ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى حسنى حماد باقتطاع جزء من القش فى كل نقلة حتى يكمل مرتبة الأولاد والوسائد بدون مقابل يساعد محسن ويوسف وسالم والدهم ، وينظفون أرض الحجرة من القش حتى لايتمكن الهواء من حملها الى حجرة الجيران .. تدخل حسنيه الخيط فى عين الأبرة ، وتمسك عزيزه بالقطع الصغير فى قاعدة الجوال الخيش فتتمكن كوثر وسميحه والأم هنيه من خياطة القطع حتى لايتسرب القش تآكلت الحصيرة الحلفا التى تقتنى جيشا من الحشرات الضارة ، ولم يتبق منها سوى اليسير الذى ينام عليه السبعة صغار ، ولم تتمكن هنيه من اقتطاع جزءا من أجر مغربى اليومى لتشترى غيرها ، وحلمت ذات يوم بحصيرة من العيدان الملونة لتفيق على سعرها الذى يقترب من سعر مرتبة القطن نمره خمسه كما يقول زوجها الذى أخذ وعدا من الحاج عباس والحاج كلمته واحده سيشع الدفىء من قش الأرز وتعلو المرتبة بطول عشرة سنتيمترات عن رطوبة الأرض فينام الصغار .. يتربص أصحاب القمائن بالقش الذى سيوزعونه بينهم بالتساوى كى يتحول لون الطوب الأسود الى الأحمر يطمح كل ابناء القرية الى الحصول على نصيب ولو يسير من القش لصناعة المراتب فيخصص أصحاب القمائن رجالا لحراسة السيارة مع وقوفها أمام المحل حتى يحرقوا طوبهم اللبن .. تقف السيارة وسط زحام رجال أصحاب القمائن وأهل القرية وقد خرجت عيونهم لتلاحق سقوط القش على الأرض .. يعبىء مغربى جيوبه الطويلة بالقش وهو ينقل آنية الزجاج .. يرى أصحاب القمائن نظرة عطف فى عينّى الحاج عباس الزجاج فيشيروا الى رجالهم الذين يعيدوا الأعين الى أماكنها فيغادر أهل القرية بدون حلم الحصول على القش ، ويعد الحاج عباس عامله مغربى بجزء من القش الأسبوع القادم يخرج مغربى القش من جيوبه الطويلة ويضعه فى أجولة القطن الموصولة ويحكم ربط عين الجوال الكبير الذى سيصبح يوما ما مرتبة من قش الأرز قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى عضو اتحاد الكتّاب عضو نقابة المهن السينمائيه mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش المساكن خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز بواق الدكرور بالجيزه