الهزه
جلس دحروج عزوز النواتى على مقهى
بشارع رزق رميل يحرك عينيه يمينا ويسارا ، ويكثر من اهتزاز قدميه لتهز المنضدة
التى تحمل كوب الشاى الذى يشربه أمامه فتهتز صورته المتكسرة داخل الكوب .
يراقب دحروج مجىء طه المغربى المقاول الذى
سيعمل معه فى ترميم بيت وديد العجان الذى أوشك على الانهيار فى صباح الغد ... سلبت
الحسناوات عقل وعينى دحروج فراح يلهث ليفصل بينه وبينهم جسد رجل ثقيل الظل فيزيحه
بكل قوة كى تحلم عيناه المتسعة وتلملم كل نساء الشارع فى مركز ابصاره .
يعاود دحروج مسح عينيه بكلتا يديه
ليقوى على النظر من بعد بحثا عن طه المغربى الذى تأخر كثيرا حتى طلب دحروج شايه
الخامس ولم يجد مكانا خاليا فى بطنه للسادس ولن يحاسب المعلم عواد زايد صاحب
المقهى فى هذه الليلة لان جيوبه خاليه الا اذا جاء طه وصدق فى وعده الذى يخلفه
دائما كى يربط كلاما مع دحروج بمنحه الخمسة جنيهات من اجمالى أجر السبعة أيام
مقاولة الترميم ليدفع جزءا من ديونه لعواد زايد .
يتابع دحروج النظر الى كل الحسان
اللاتى تأتين من كل حارات وشوارع المدينة لتشترى المستعمل من شارع رزق لتصلحه
وترتديه وتصبح كل بوصه عروسه .. يواصل دحروج هزّ قدميه غير أن هزّة ثقيلة أسقطت
حجارة كبيرة من أعلى أسطح المنازل فجعلت كل الجلوس على المقهى وصاحبها والمارة
يهرولون الى أماكن شتى عدا دحروج عزوز الذى لزم مكانه فلم تقو قدماه الكثيرة
الاهتزاز على الحركة .
هشمت الحجارة الثقيلة الكثير من السيارات المستظلة
بالمنازل وظلت السيارات المتحركة تتفادى سيل الحجارة المتساقط من أعلى ليتداخل
الاتجاهان فى اتجاه واحد وتصطدم السيارات وتعتلى الارصفة لتسوى المارة بالارض .
ينشطر المنزل المجاور للمقهى الى
نصفين يسقط النصف الاول ويظل الثانى معلقا فى الهواء حاملا نصف سكان المنزل والنصف
الآخر تحت الانقاض لتأتى اليه سيارات الانقاذ بعد ساعات حتى تخف توابع الهزة .
ينظر دحروج الى سقف المطعم الذى امامه
فيجده يرقص ليغادر كل رواد المطعم الى الخارج ويظل دحروج يحرك عينيه ببطىء شديد
غير قادر على الحركة .. يسقط منزل وديد العجان فتسيل دموع دحروج ويضيع أمله فى
الخمسة جنيهات ربط الكلام كبداية للمقاولة التى كانت ستأخذ سبعة أبام بطول ايام
الاسبوع .
يتزاحم الصغار على سلم المدرسة بجوار
المطعم مما أدى الى انهيار السلم واصابة الكثير من الصغار فحمل الكبار صغارهم فوق
ايديهم ولم تأت سيارات الاسعاف حتى هذه اللحظة .
تقول جدة دحروج الحاجه خضره أبوغنيم :
ان الثور الذى يحمل الكرة الارضية على قرنه قد أصابه التعب فيضطر الى نقلها الى
القرن الثانى فتحدث الهزة أ، ولكل هزة ضحاياها ، وكان دحروج بين ضحايا هذه الهزة .
قصة قصيرة بقلم / محمود حسن فرغلى
عضو اتحاد الكتّاب
عضو نقابة المهن السينمائيه
mahmoudhassanfarghaly@yahoo.com
العنوان / 18 ش الجمهوريه متفرع من ش
المساكن
خلف مدرسة الشهيد احمد عبد العزيز
بواق الدكرور بالجيزه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق